تحرير مُصطلح «ابن الله» للنصارى!!
استكمالا للمقال السابق، فقد تَمَّ شرح معنى «قدوس» التي أُطلقت على المسيح، أضيف هنا ما ورد في لوقا 22.2 «ولما تمت ايام تطهيرها(مريم) حسب شريعة موسى صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب 23 كما هو مكتوب في ناموس الرب: إن كل ذكر فاتح رحم يُدعى قدوسا للرب.»!! لاحظ هنا أنه تبعا لشريعة موسى كما في سفر اللاويين الإصحاح الأول،أن مَنْ تلد ذكر تكون نجسة لمدة سبعة أيام ثم يتم ختانه في اليوم الثامن! ثم تستمر في نجاستها ثلاثة وثلاثين يوما أي بإجمالي أربعين يوما لا تَمَسْ أي شئ مقدس!!!
باختصار شديد أن أم المسيح بحسب الشريعة لم تكن طاهرة لمدة أربعين يوما وأي شئ تمسه يكون «نجسا» هكذا يقول كتابهم! والسيدة مريم كانت تحمل طفلها وترضعه كما في لوقا 27.11. فكيف يكون قدوسا ونجسا في نفس الوقت؟! كما قرأنا أن كل ذكر فاتح رحم أي «الطفل البِكْرِي» يكون قدوسا للرب! وهنا يشترك مع المسيح في لفظ «قدوس» آلاف من الذكور الذين وُلِدُوا كأول مولود لأمهاتم!! كما أشترك معه هارون عليه السلام وكذلك أبناء هارون والمذبح وخيمة الاجتماع وأهل تسالونيكي!! فهل يعتبرهم النصارى آلهة أيضا أو أقانيم للإله متعدد الشخصيات؟!
والآن نشرح كلمة «ابن الله» التي يخدع القساوسة خرافهم الضالة ويبنون شِركهم بالله على دعوى فارغة أن المسيحَ عليه السلام «ابن الله» لأن ليس له أب!! الغريب أن في العهد الجديد وتحديدا في سلسلة نسب المسيح، ينتهي نسبه إلى آدم عليه السلام كما في لوقا 3.38 «… بْنِ أَنُوشَ، بْنِ شِيتِ، بْنِ آدَمَ، ٱبْنِ ٱللهِ»!! ورغم ذلك يعترف النصارى أن مصطلح «ابن الله» بالنسبة لآدم عليه السلام هو تعبير مجازي أما بالنسبة للمسيح فهو حقيقي برغم أن المسيح في كتبهم كان معروفا بين الناس ب “إبن يوسف النجار” بل وكانت مهنة المسيح هي النجارة أيضا كما في مرقص 3.6 “أليس هذا هو النجار ابن مريم واخا يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان؟ أوليست أخواته ههنا عندنا؟”!!
وكذلك أطلق عليه «ابن داوود» وهو أطلق على نفسه «ابن الإنسان»!! والحق أن كتب اليهود والنصارى مليئة بمصطلح «ابن الله» و«أبناء الله» ولم يقل أحد أنهم آلهة! فمثلا في سفر التكوين 6.2 مذكور أن أبناء الله هم الملائكة!!
وكذلك في سفر الخروج 4.22 «..هَكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ٱبْنِي ٱلْبِكْرُ. ٢٣ فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ٱبْنِي لِيَعْبُدَنِي، فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ٱبْنَكَ ٱلْبِكْرَ»! والمقصود هنا سيدنا يعقوب ونسله أي بني إسرائيل!!
وكذلك في يوشع 11.1 «لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلَامًا أَحْبَبْتُهُ، وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ٱبْنِي»!!
و”أبناء الله” تطلق على القاضي والحاكم في العهد القديم أيضا!! فتأمل.
بل هناك أخطر وأعظم من هذا المصطلح كما هو مذكور في سفر المزامير 82.6 «أَنَا قُلْتُ: إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو ٱلْعَلِيِّ كُلُّكُمْ. ٧ لَكِنْ مِثْلَ ٱلنَّاسِ تَمُوتُونَ وَكَأَحَدِ ٱلرُّؤَسَاءِ تَسْقُطُونَ».!! أي أن الله تعالى يُسمي بني إسرائيل آلهة!! وهو مصطلح أعظم وأخطر كثيرا من مصطلح «ابن الله» فتأمل.
وكذلك في سفر الخروج 7.1 «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «ٱنْظُرْ! أَنَا جَعَلْتُكَ إِلَهًا لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أَخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ.»!! تخيل لو كان هذا الكلام كان قد قيل عن سيدنا عيسى؟!! ورغم ذلك لا يعبد النصارى سيدنا موسى ولا يقولون إنه إله! لأنهم يفهمون أن هكذا هي لغة العهد القديم والمعنى مجازي وليس حقيقيا!
واليهود قالوا عن أنفسهم أنهم «أبناء الله» وكذلك فعل النصارى من بعدهم كما في 1 يوحنا 3.1 يقول الكاتب للنصارى «أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، ٱلْآنَ نَحْنُ أَوْلَادُ ٱللهِ»!!!
ومعنى أبناء الله يوضحه متى 5.9 من قول المسيح نفسه «طُوبَى لِصَانِعِي ٱلسَّلَامِ، لِأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ ٱللهِ يُدْعَوْنَ.» إذن التعبير مجازي كما ذكره المسيح عليه السلام، بل حينما عَلَّمَ تلاميذه (الحواريين) كيف يُصّلُّون لله قال لهم في متى 6.9 «فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ ٱسْمُكَ.» أي كل من هب ودب يدعو الله تعالى «أبي وأبانا»! وحتى يظهر المعنى أكثر أنه مجازي، هو قول المسيح لليهود المعاندين له في يوحنا 8.44 «أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا» فهل يفهم النصارى النص حرفيا أم أنه مجاز؟!!
وكذلك الرجل الأعمى الذي رد له المسيح بصره بإذن الله، قال عنه «أنه نبي» ونقرأ في ترجمة «فاندايك» ولما سأله المسيح هل تؤمن أني «ابن الله»؟! أما في الترجمة اليسوعية فقد سأله يسوع أتؤمن أني ابن الإنسان؟»!!! أرأيتم كيف يحرفون الكلم؟ فإن قال المسيح «ابن الإنسان» فلماذا في تراجم أخرى «ابن الله»؟! الطريف هو جرأة القساوسة الذين يقولون ليس هناك تحريف في كتبهم!! المهم حتى لو أخذنا بالترجمة التي تريحهم! فالرجل الذي كان أعمى قد قالها سابقا لليهود بأن يسوع نبي! وهو كرجل من بني إسرائيل يعلم تماما المعنى المقصود بمصطلح «ابن الله» الذي يستخدمه يوميا كل يهودي ويهودية! ونفس الرجل قد سبق أن قال للفريسيين بأن مَنْ يفتح عيني الأعمى هو مَنْ يتقي الله ويفعل مشيئته ولهذا يسمع الله له كما في يوحنا 9.31. فأين تذهبون؟!
المثير للسخرية والشفقة في آن واحد هو إدعاء القساوسة بأن أقوى دليل على ألوهية المسيح هو شهادة سمعان بطرس للمسيح أنه «ابن الله الحي» فقال له المسيحُ «طوبى لك يا سمعان» كما في متى 16.16، فيرد عليهم سمعان بطرس نفسه، بعد رفع المسيح وهو يخطب في جمع من بني اسرائيل فيقول في أعمال الرسل 2.22 «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ ٱسْمَعُوا هَذِهِ ٱلْأَقْوَالَ: يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا ٱللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ.»! أي أن بطرس يعترف أن المسيح رسول الله وأن الله أعطاه «قوات وعجائب» أي معجزات ليبرهن للناس أنه رسوله وأن الفاعل على الحقيقة هو الله تعالى ويختتم بقوله كما أنتم تعلمون أي أنه لا يقول شيئا غريبا أو جديدا عليهم بل معلوم لهم جميعا! فتأمل، فإذا كان الرجل الأعمى الذي رَدَّ له المسيحُ بَصرَه بإذن الله يشهد أنه نبي وكذلك أفضل التلاميذ يشهد بأن المسيح نبي الله! والناس الذين شاهدوا معجزات أجراها الله تعالى على يد عبده ورسوله المسيح قد شهدوا أمام المسيح بأنه نبي عظيم وكذلك شهادة التلميذين بأن المسيح إنسانا نبيا مقتدرا أمام الله وأمام الناس!! ولم يعترض المسيح أو يصحح لهم أو يغضب من قولهم، فلماذا الكفر بالله؟ فالحياة الدنيا مهما طالت قصيرة وبعدها إما إلى جنة أبدا أو نار أبدا فلماذا العناد؟!
نشهد أنه لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن عيسى المسيح عبد الله ورسوله.
نستكمل الرد على إدعاءات وألاعيب القساوسة بإذن الله تعالى.
ودمتم.
موعظة الجبل.. نظرة تحليلية (الأولى)
موعظة الجبل! نظرة تحليلية (الثانية)!
موعظة الجبل! نظرة تحليلية ( الثالثة).
موعظة الجبل! نظرة تحليلية (الرابعة)!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق