الطريق إلى الله
خباب مروان الحمد
باحث في مركز آيات
ليس شرطا أن يكون دخولك لباب تسلك من خلاله الطريق إلى الله، على ما تخططه وترغبه لنفسك؛ فإن الله يقلبك في تدابير قدره لتشهد بها قوة إرادته ونفاذ حكمه، ومن سلم أمره لله؛ سلمه الله.
وللسلوك إلى الله فقه؛ يلزم أن يعرفه المرء، وأن يفهم كيفية الطرق والأسباب التي يدخل بها من خلالها على الله.
فمثلا: قد يقصد سلوك طريق طلب العلم مدة؛ وابتغاء نشره وتعليمه؛ فيتهيأ له من ذلك ما ييسره الله له، ثم يقبض عنه ذلك أو بعضه؛ تارة لمرض أصابه، أو هم لزمه، أو والد انشغل به؛ أو حبس ظالم وقع عليه،
وقد يجد المرء في ذلك حزنا شديدا، إذ يجدها عوائق أثرت عليه منهجه الذي خطط له؛ لكنه قد يغفل أن تصريف أمور الكون ليس له بل لله الخالق،
وأن خطط العبد تنتهي عند لحظة يقدر الله فيها له ما لم يخطر على باله ولا يكون في حسبانه.
وهنا تصقل النفس، وتظهر كمائنها، هل أذعنت محتسبة صابرة حين ألم بها ذلك الصارف؟!
اختبار حقيقة الإيمان
وبهذه الأقضية يختبر المرء حقيقة إيمانه بالقدر، وما للنفس من تدابير وما لله من تقادير، وأن موازين الامتحانات الإلهية لا تأتي في الحسبان،
بل قد تخالف مخططات النفس ولو قصدت باب خير؛
فيغلق الله بابا في وجهه مؤقتا أو للأبد، ويفتح له بابا مشرعا للدخول منه؛
ليرى يقظة قلبه من غفلته، وهل يحسن الانتباه لسلوك هذا الباب أو تضييعه؟!
وما الذي يدريه فلعل الله صرفه عن سلوك دربه للوصول إلى باب الرضا الإلهي،
وأذن له بدخول باب يرتضيه الله له؛ فيكون علامة محبة من الله له؛ ليدخله من أبواب عديدة من صنوف الخير.
وقد يصرفه عن دخول باب؛ لأنه يجلب له مرض النفوس، أو اختلافا في النوايا، فيربيه الله تعالى بمطارق القدر،
ويعصمه من فتنة قد تعصف به وهو لا يشعر، ثم يقدر له سلوك درب آخر يلتمس به الوصول إلى الله.
إن لله في أحواله سننا تبتغي من العبد فقها دقيقا؛ ومن أظهر ما يحصل في ذلك سنة تبدل الأحوال؛ وتقلب الأمور؛
فمن يتطلع لفقه سنة رسول الله؛ خليق به أن يتفهم سنة الله؛
ومن عرفها وجد أن كل أحوال الحياة لا غرابة فيها بل على غرز الإبر تمضي،
وبه تشرق النفس وهي ترى بعين بصيرتها صنع الله في نفسه وفي مخلوقاته،
وكيف يسوق عباده أطرا من طور إلى طور، فسبحان من قال :{وكان أمر الله قدرا مقدورا}.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق