إنهم يريدون اسقاط أردوغان
الانتخابات التركية أهم انتخابات ستجري في العالم هذا العام، حيث ستشكل نتائجها الحسابات الاقتصادية والجيوسياسية في واشنطن وموسكو، وعواصم أوربا والشرق الأوسط ووسط آسيا وأفريقيا.
بذلك يستشرف الصحفي بوبي غوش المستقبل في مقاله الذي نشرته بلومبرغ يوم 9 يناير/ كانون الثاني 2023، حيث يرى أن إنجازات أردوغان أدت إلى زيادة تأثير أنقرة في الشؤون العالمية؛ ولذلك سيكون زعماء الدول الغربية سعداء برحيل أردوغان.
طموح أردوغان وتأثير تركيا في العالم
يضيف بوبي غوش: أن العلاقات بين أمريكا وتركيا بلغت ذروتها، حيث يتهم المسؤولون الأتراك الولايات المتحدة بمساندة الانقلاب ضد أردوغان، وبمساعدة الجماعات الإرهابية.. لذلك ستكون الولايات المتحدة وأوربا أفضل بدون تأثير أردوغان في الشؤون العالمية، خاصة إذا تزايدت المواجهة مع بوتين، الذي نجح أردوغان في عقد اتفاق معه، لضمان تدفق الحبوب وزيت الطعام من أوكرانيا في الصيف الماضي.
ويرى غوش أن رؤية أردوغان العالمية أكثر راديكالية مما يعتقد معظم الغربيين، فطموحه لتركيا هو أن يكون لها تأثير عالمي يواجه التأثير الأمريكي، ويحل مكانه. لكن حتى إذا رحل أردوغان، فإن سياسات تركيا لن تتحول بشكل كبير، حيث ظل أردوغان لمدة عشرين عاما يغرس بذور رؤيته الراديكالية في المؤسسات التركية، وفي الحكومة والجيش والجامعات والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام.
خلافات أيديولوجية حول الطاولة السداسية
بالرغم من أن المعارضة شكلت تحالفا يطلق عليه “الطاولة السداسية”، فإن هناك الكثير من الخلافات الأيديولوجية بينها، كما أنها لم تستطع أن تبني استراتيجية لإصلاح الاقتصاد التركي، واقتصرت بياناتها على بعض الوعود باستثمارات كبيرة.
ويقول غوش: إن أردوغان ما زال قويا، ويمكن أن تزداد قوته إذا ظهرت مؤشرات على تعافي الاقتصاد التركي خلال هذا الربيع، حيث نجح أردوغان في جذب استثمارات وودائع من دول عربية.
كما أن وعود بوتين بأن تصبح تركيا مركزا لتوزيع الغاز يساهم في زيادة قوة أردوغان الذي يتحدث أيضا عن اكتشافات تركية لحقول غاز جديدة في البحر الأسود؛ مما يؤدي إلى زيادة دخل تركيا من الغاز. وقام أردوغان أيضا بزيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 55%، فازدادت مرتبات الموظفين ومعاشاتهم.
كما نجح أردوغان في مواجهة الإرهاب، وهذا الإنجاز أدى إلى زيادة قوته، ويمكن أن يساعده على كسب هذه الانتخابات كما حدث في الانتخابات الماضية.
التفكير بالتمني في إسقاط أردوغان
كان سبب اهتمامي بمقال غوش هو أنني أتابع تغطية وسائل الإعلام الغربية للأحداث في تركيا خاصة الانتخابات، لذلك وجدت أن مقال غوش يتميز بأنه يكشف مجموعة من الحقائق حول موقف الدول الغربية من الانتخابات التركية، ويختلف عن أسلوب وسائل الإعلام الغربية في التركيز على اجتماعات المعارضة وبياناتها، والعمل على بناء صورة سلبية لأردوغان.
ومعظم ما تقدمه وسائل الإعلام الغربية يقوم على التفكير بالتمنيات، فهي لا تقوم بتغطية الأحداث الإيجابية في تركيا، بل تحول أمنياتها بسقوط أردوغان إلى واقع، وكأنها حسمت الانتخابات لصالح المعارضة، في حين تتجاهل الكثير من الحقائق في الواقع التركي.
قوة المنظومة الصحية
من أهم تلك الحقائق أن تركيا من أهم دول العالم التي نجحت في مواجهة أزمة كورونا، حيث كانت منظومتها الصحية أكثر قدرة على تقديم خدماتها لكل المواطنين، كما تمكن أردوغان من توفير التأمين الصحي لكل مواطن تركي، ولأن الإنسان يكون في أشد حالات ضعفه في مواجهة المرض، فإن المواطن يدرك أهمية هذا الإنجاز الذي يحفظ كرامته وحقوقه، فهو يجد العون من الدولة، وهذا يزيد قوته النفسية، وولاءه لدولته التي تقدم له إمكانيات العلاج في أرقى المستشفيات.
ومن الواضح أن أردوغان ينطلق من منظور حضاري، ورؤية طويلة المدى في المحافظة على كرامة المواطن، لذلك ركز على إنشاء مجموعة كبيرة من المستشفيات المتقدمة في كل مناطق تركيا، وشجع الأطباء الأتراك لتحقيق التقدم في مجال الطب.
ازدهار السياحة العلاجية
وقد أدى ذلك إلى ازدهار السياحة العلاجية، فأصبح هناك الكثير من السياح الذين يذهبون إلى تركيا بهدف العلاج، وهؤلاء السياح ينفقون أموالا أكثر من الباحثين عن الرفاهية. بذلك قدمت تركيا نموذجا عالميا متقدما لأنواع متميزة من السياحة التي تتكامل مع الكثير من الأنشطة الاقتصادية، مثل إنتاج الأدوية، كما تستفيد من التقدم العلمي، وتحفز العلماء على الابتكار.
ويلاحظ أن التقدم الطبي من أهم السمات التي استخدمتها الدول الغربية لبناء صورتها الذهنية، وهذا يوضح أهمية هذا الإنجاز التركي، ودوره في بناء قوة تركيا الناعمة، وصورتها الذهنية الإيجابية. لذلك كانت تركيا تتميز بالكرم مع كل دول العالم خلال أزمة كورونا، حيث قامت بإمداد الكثير من الدول بالمواد اللازمة لمواجهة الجائحة، وأدى ذلك إلى زيادة الإعجاب بتركيا، وتطلع الكثير من الدول إلى تبني نموذجها، خاصة أن اقتصادها صمد أمام تحديات الأزمة.
كل يوم ينتظر الشعب التركي الأخبار السعيدة
من الواضح أن أردوغان يدير حملته الانتخابية بذكاء، وبأساليب علمية جديدة، حيث أصبح الشعب التركي ينتظر ظهور أردوغان الذي يقدم له الأخبار السعيدة، ومن أهمها اكتشافات الغاز والنفط، فهذه الاكتشافات تزيد قوة تركيا الاقتصادية القائمة على الإنتاج، وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
بالرغم من عنف الحملة الإعلامية ضد أردوغان في وسائل الإعلام الغربية، فإن الشعب التركي يفرح بظهوره، حيث أصبح يتوقع أن يقدم له أخبارا جديدة تساهم في زيادة قوة تركيا وقدرة المواطن على مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية مثل زيادة المرتبات والمعاشات، وتوفير فرص العمل. لذلك لم يقلّ مستوى معيشة المواطن التركي بالرغم من زيادة التضخم وارتفاع سعر الدولار.
مؤشرات زيادة القوة الاقتصادية
إن النظرة الموضوعية توضح أن هناك إمكانيات كبيرة لزيادة قوة الاقتصاد التركي خلال الربيع القادم، حيث تعمل الحكومة لاكتشاف ثروات تركيا الطبيعية وإدارتها بأساليب علمية. وأردوغان يدرك التحديات، لكنه يبرهن على قوته القيادية بالنجاح في مواجهتها، وتحويلها إلى مصادر للقوة، وهو يعمل لتحقيق التقدم العلمي، وتقديم إنجازات حضارية.
والانتخابات التركية يمكن أن تشكل فرصة لإثبات أهمية الإدارة العلمية للحملات الانتخابية التي تقوم على رؤية القيادة لبناء المستقبل، لذلك يجب أن تكف وسائل الإعلام الغربية عن التفكير بالأمنيات، وتقدم لجماهيرها تغطية عادلة، وقراءة صحيحة للواقع التركي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق