الأخونة والأسلمة واللاوطنية.. خرافات قيلت عن مرسي لتبرير الانقلاب الدموي عليه
في الثالث من يوليو/تموز لعام 2013، كانت جموع المتظاهرين المصريين تهلل فرحا بسماع خبر موافقة الجيش على إقالة الرئيس المنتخب محمد مرسي من منصبه، ولم يكن مرسي، العضو في جماعة الإخوان المسلمين آنذاك، قد أتم سوى عام واحد في منصبه بعد. جادل مناهضو مرسي بأنه كان يدمر الأمة [المصرية]، مما يستدعي اتخاذ إجراء استثنائي غير ديمقراطي، لكن رغم العديد من أخطاء مرسي، فإن الكثير من مبررات الانقلاب العسكري في مصر تستند إلى خرافات غير حقيقية أكثر من كونها حقيقة.
هل كان مرسي ديكتاتورا؟
كانت إحدى الخرافات التي انتشرت على نطاق واسع مع اقتراب الانقلاب في مصر أن مرسي تحوّل إلى ديكتاتور لا يختلف عن سلفه حسني مبارك، الذي ترأس مصر مدة 30 عاما قبل إزاحته في ثورة شعبية عام 2011. وكدليل على ديكتاتورية مرسي، عادة ما استند المنتقدون إلى القرار المثير للجدل الذي أصدره مرسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 والذي وضع مرسي مؤقتا فوق الإشراف القضائي، وكذلك القول إن مصر كانت "تتأخون" تحت حكمه.
إن الادعاءات أن قرار مرسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 يجعله ديكتاتورا غير مقنعة لعدة أسباب؛ أولا، قرار مرسي كان مؤقتا؛ حيث كانت مدة فعاليته ثلاثة أسابيع فقط وأُلغي قبل سبعة أشهر من الانقلاب. ثانيا، من منظور العلوم السياسية البحتة، لم تكن سياسات مرسي تتطابق مع سياسات حاكم أوتوقراطي بتاتا، وقد كرس كلٌّ من شادي حامد ومريديث ويلر دراسة أكاديمية كاملة عن هذا الموضوع، خلص فيها تحليلهم الكمي إلى أن مرسي كان أكثر ديمقراطية من معظم قادة الدول في خضم "التحول الاجتماعي". ثالثا، القرار جاء لكي يدفع التحوّل الديمقراطي في مصر حيث كان مرسي يرغب في إجراء انتخابات برلمانية وإجراء استفتاء على الدستور الجديد.
ولكي نفهم قرار مرسي لا بد من النظر إلى السياق آنذاك؛ فيجب الأخذ في الاعتبار أن القضاء المصري مسيّس بشكل كبير وكان يعرقل الحركة الديمقراطية خلال الفترة الانتقالية في مصر. في عام 2012، حل القضاء أول جمعية دستورية في مصر وأول برلمان منتخب ديمقراطيا على الإطلاق، والأهم من ذلك أن القضاة الذين كان قد عيّنهم مبارك توعّدوا بحل الجمعية الدستورية الثانية في مصر، وإلغاء قرار سابق أصدره مرسي كان يمنع الجيش من لعب دور مهيمن في السياسة، وهذا قبل أن يُصدر مرسي قراره.
كان إلغاء القرار حينها سيعرّض مشروع الدستور، الذي شارف على الانتهاء حينها، للخطر، ويؤدي إلى منع الانتخابات البرلمانية، والأهم من ذلك أنه ربما قد يُعيد مصر إلى حكم شبه عسكري، لا يكون فيه الرئيس أكثر من مجرد دُمية في يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة. دافع نواه فيلدمان أستاذ القانون بجامعة هارفارد، وكذلك محمد فاضل أستاذ القانون بجامعة تورنتو، وغيرهم، عن القرار باعتباره ديمقراطيا في جوهره، وقد تم التعامل مع قرار مرسي بشكل خاطئ، لكنه لم يؤهّله ليصبح دكتاتورا.
ككل القادة المنتخبين، كان لمرسي الحق في تعيين أعضاء الحزب وغيرهم ممن يُمكنهم مساعدته في تنفيذ برنامجه السياسي، غير أن الكثيرين من معارضيه في مصر عارضوا تعيينات مرسي لأعضاء جماعة الإخوان، بدعوى أن التعيينات كانت دليلا على "أخونة" الأمة. وسرعان ما تحكمت حجة "الأخونة" في سير الأمور، فكانت مزاعم "الأخونة" في غير محلها ومضخّمة كذلك؛ حيث كان 11 من أصل 35 من أعضاء الحكومة المصرية، و10 من 27 محافظا، ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين. وهذه ليست بالأرقام غير المعقولة، لا سيما مع هيمنة الإخوان على الانتخابات، وبالنظر إلى أن مرسي كان يواجه تهديدات منتظمة بالإطاحة (التي بلغت ذروتها في النهاية بإطاحة فعلية).
والجدير بالذكر أنه منذ بداية ولاية مرسي، رفض السياسيون غير الإسلاميين بشكل منهجي المشاركة في حكومته. وشملت القائمة الطويلة لهؤلاء الذين رفضوا المناصب السياسي الناصري والمرشح الرئاسي لعام 2012 حمدين صباحي، الذي رفض عرض مرسي لمنصب نائب الرئيس، ومؤسس حركة 6 أبريل أحمد ماهر الذي رفض منصب مستشار رئاسي. ولم يحدث أن تمت "أخونة" أيٍّ من مؤسسات الدولة الرئيسية في مصر، سواء كان في الجيش أو الشرطة أو القضاء أو وسائل الإعلام، ولو كان الأمر كذلك لما وقع الانقلاب العسكري بهذه السهولة.
في ديسمبر/كانون الأول 2012، أجرت مصر استفتاء على مشروع دستور جديد، كتبته هيئة تم تكوينها ديمقراطيا خلال النصف الأخير من العام نفسه، وافق ما يقرب من 64% من الناخبين على الدستور وتم التوقيع عليه ليصبح قانونا في 26 ديسمبر/كانون الأول 2012. وقد أُطلقت حينذاك سلسلة من الخرافات حول مشروع الدستور نفسه والعملية التي تمت من خلالها كتابته، وتتعلق إحدى الخرافات الرئيسية بأن الكثير من المعارضة في مصر اعتقدوا أن جماعة الإخوان المسلمين انفردت بكتابة الدستور.
واقع الأمر، كثيرا ما كانت تشير وسائل الإعلام المصرية المستقلة إليه باسم "دستور الإخوان"، بالطبع كانت عملية بناء الدستور تحمل أوجه قصور، ولكنها لم تكن بالقدر الذي صوّرته وسائل الإعلام المعادية لجماعة الإخوان المسلمين. وصحيح أن الجمعية الدستورية كانت تضم أعضاء إسلاميين أكثر من غير الإسلاميين، وأن بعض غير الإسلاميين انسحبوا من المجلس، لكن عمليات الانسحاب جاءت متأخرة، بعد أن كانت كتابة الدستور على وشك الانتهاء.
ويمكن القول إن عمليات الانسحاب كانت سياسية الدافع، وجزءا من مساعٍ أكبر لتعليق الإجراءات الديمقراطية الرسمية. لقد تذرّع أولئك الذين انسحبوا من الجمعية بتوليفة الجمعية، لكن الطيف السياسي المصري في عام 2012، وقد تألف آنذاك من 22 حزبا سياسيا مصريا، وقّع موافقا على التشكيل الأساسي للجمعية، التي ضمّت عددا من الإسلاميين يربو بقليل على عدد غير الإسلاميين، وذلك تماشيا مع نتائج العديد من الانتخابات.
ووفقا لأحد الأعضاء الليبراليين في الجمعية، محمد محيي الدين، فإن شكاوى غير الإسلاميين وانسحاباتهم كانت محمّلة بدوافع سياسية، ولم تكن مخاوف جوهرية بشأن تشكيل الجمعية أو محتوى الدستور الوليد. من حيث المحتوى، كانت المسودة التي خرجت في نهاية المطاف من خلال عملية بناء الدستور لعام 2012 بعيدة عن الكمال، ولكنها كذلك كانت بعيدة البُعد نفسه عن كونها بيانا إسلاميا. وطالب الدستور بإجراء انتخابات رئاسية منتظمة، ووضع حدود للمدة الرئاسية، وطالب الشمول السياسي لجميع المصريين، وأضاف مادة المساءلة، وأكّد توازن القوى من بين أمور أخرى.
لقد كانت المخاوف من امتداد النفوذ الإسلامي تفتقر إلى أسباب حقيقية، فالمخاوف بشأن المادة الثانية، والتي تقضي بأن تكون الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع في البلاد، لا أساس لها في الغالب؛ حيث كانت هذه المادة بالفعل جزءا من الدستور المصري منذ عام 1971، وأيّد معظم المصريين إدراجها، كما أن الدستور الجديد الذي أُقر بعد مرسي في مصر يشمل أيضا مادة أحكام الشريعة الإسلامية. وتذمر الليبراليون أيضا بشأن المادة الرابعة من دستور عام 2012، والتي أعطت علماء جامعة الأزهر الإشراف على بعض مسائل التشريع المصري.
ويُذكر أن هذه المادة لم تكن باقتراح عضو إسلامي، بل إن من اقترحها عضو ليبرالي في الجمعية كوسيلة لحماية مصر من التطبيق المتطرف للشريعة الإسلامية، واكتفى الإسلاميون بالموافقة على تضمين المادة فقط. وكذلك بناء على طلب أعضاء الجمعية المسيحية المصرية الأربعة، تم تضمين مادة تُعفي المسيحيين وغيرهم من غير المسلمين من الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية، وأشار محيي الدين إلى أن هذه المادة قبلتها الجمعية كما هي حرفيا، ولم يقترح أيٌّ من أعضاء الجمعية إزالتها حتى بعد انسحاب جميع أعضاء الجمعية المسيحية الأربعة.
تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر في العشرينيات، وحارب أعضاؤها إلى جانب المصريين الآخرين ضد الاحتلال البريطاني وفي عدة حروب ضد إسرائيل. وعلى الرغم من أنه واضح إلى حدٍّ ما أنهم مصريّون، فإن الكثير من المصريين أعلنوا في عامي 2012 و2013 أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة عميلة وخائنة للوطن. في الواقع، ادّعى أحد الكُتّاب المعروفين أن انتخاب الإخوان يُشكّل "احتلالا أجنبيا" لمصر.
انتشرت التكهّنات حول عدم ولاء الإخوان لمصر خلال رئاسة مرسي، وكرست المقالات والصحف الإخبارية والبرامج التلفزيونية اهتماما كبيرا لعلاقات مرسي المزعومة بإسرائيل وحزب الله وحماس وقطر وإيران، والأهم من ذلك أن العديد من المصريين ينظرون إلى هذه الكيانات السياسية المتنوعة بصفتهم أعداء لمصر. ما يدعو للتعجب أنه كان من الممكن أن تُفسَّر تصرفات مرسي باعتبارها علاقات دبلوماسية طبيعية لرئيس دولة في أي ديمقراطية راسخة، ولكنّ المصريين المناهضين لمرسي طاب لهم تفسيرها باعتبارها أعمال خيانة، بالنظر إلى المدى الذي استغرقته المناقشات حول علاقات مرسي المزعومة، فليس من المستغرب أن تتم محاكمته بتهمة التخابر.
وبجانب ذلك أُنتجت قصص إخبارية خرافية عن خطط مرسي لبيع أهرامات الجيزة وقناة السويس والتخلي عن شبه جزيرة سيناء للفلسطينيين. وللتدليل على طبيعة مرسي الخائنة، أشار المصريون إلى خطابات مرسي، التي قالوا إنها توفر أدلة مهمة حول ميوله، على وجه الخصوص، انتقدت وسائل الإعلام والشخصيات السياسية البارزة استخدام مرسي عبارة "أهلي وعشيرتي"، التي جادلوا بأنها إشارة خفية إلى جماعة الإخوان المسلمين ودلالة على أن مرسي كان يعتزم استبعاد المصريين من غير الإخوان من برنامجه السياسي.
ولكنّ فحصا لخطابات مرسي الرئاسية يكشف أن مرسي لم يستخدم عبارة "أهلي وعشيرتي" كمرجع حصري لجماعة الإخوان المسلمين ولو لمرة واحدة، لكنّ خُطبه كانت تُمنتج وتقص وتقسم على برامج الأخبار التلفزيونية لجعلها تظهر كما لو كانت تحمل هذا المعنى. واتخذت وسائل الإعلام المناهضة للإخوان أول خطاب رسمي لمرسي باعتباره أحد أبرز الأمثلة على نيّات مرسي الإقصائية المزعومة، فمثلا، قامت شبكة التلفزيون البارزة "OnTv" بتحرير مقاطع من الخطاب لجعل الأمر يبدو كما لو أن مرسي كان يستخدم "أهلي وعشيرتي" للحديث عن أعضاء الإخوان فقط واستبعاد بقية المجتمع المصري.
وبالعودة إلى خطاب مرسي، فإن إلقاء نظرة عليه بأكمله توضح أن مرسي ضم جميع المصريين ضمن "أهله" و"عشيرته". حيث قال: "شعب مصر العظيم، أيها الفرحون اليوم والمحتفلون بعيد الديمقراطية والواقفون في كل ميادين مصر… أيها الأحباء، أهلي وعشيرتي، إخواني، أبنائي وبناتي، أنتم الذين تتطلعون إلى المستقبل، وأنتم الذين ترغبون بالخير والتقدم والنمو والاستقرار والرخاء لأمتنا المصرية… جميع أحبائي"، ثم قال لاحقا في الخطاب: "أقول للجميع، لجميع شرائح المجتمع المصري، أهلي وعشيرتي، أقول لجميع المصريين في هذا اليوم العظيم، بإرادتكم واختياركم… أنا رئيس لكل المصريين، بغض النظر عن مكان وجودهم، داخل مصر وخارج مصر، في جميع المحافظات".
بالغ المصريون الذين دعموا الاحتجاجات الكبيرة ضد مرسي التي عُقدت في الفترة من 30 يونيو/حزيران 2013 إلى 3 يوليو/تموز 2013 إلى حدٍّ كبير في مدى معارضة المصريين لمرسي. وأشارت وسائل الإعلام والشخصيات السياسية المصرية إلى المتظاهرين المناهضين لمرسي باسم "الأمة"، ربما في محاولة لتبرير الإجراءات غير القانونية وغير الديمقراطية، وجادلوا بأن عشرات الملايين من المصريين تجمعوا في الشوارع احتجاجا على حكم مرسي.
كان التقدير الشهير البالغ 33 مليونا ملائما بالطبع، كما ذُكر كثيرا في وسائل الإعلام المصرية، فإن هذا الرقم يُمثّل عددا أكبر من إجمالي عدد المصريين الذين صوّتوا في انتخابات 2012 التي أدّت إلى تولي مرسي منصبه. وكان التفكير السائد، بشكل مثير للغثيان، شيئا من هذا القبيل: "لأن أعداد المحتجين كانت كبيرة للغاية وتُمثّل غالبية الناخبين البالغ عددهم 52 مليون ناخب، كان من المقبول تجاوز الديمقراطية في هذه الحالة الاستثنائية الوحيدة".
أكّدت شخصيات إعلامية مثل عمرو أديب ولميس الحديدي ومحمود سعد ويوسف الحسيني وخيري رمضان، من بين آخرين، أن أكثر من 30 مليون محتج مصري تدفقوا إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد. وجادل نجيب ساويرس بأن 30 مليون مصري احتجوا في القاهرة وحدها، كما جادل مقال في صحيفة وول ستريت جورنال كتبه سياسي مصري بارز بأن جماعة الإخوان ومرسي كانا يحظيان بدعم أقل من واحدٍ في المئة في مصر، ثم رفعت الإعلامية ريهام سعيد العدد إلى ما يزيد على 60 مليون محتج مصري في الشوارع في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2013.
تُمثّل هذه الأرقام المذكورة استحالات منطقية ورياضية؛ فميدان التحرير، موقع أكبر الاحتجاجات ضد مرسي، بحجم ملعب كرة قدم صغير ولا يمكن أن يحتوي على ملايين المحتجين، فبين 30 يونيو/حزيران و3 يوليو/تموز 2013، كان هناك نحو 20 موقع احتجاج في جميع أنحاء مصر. وباستخدام منهجية إحصاء الجماهير، وعلى افتراض تقدير سخي، ربما يكون هناك ما بين مليون ومليوني محتج مصري (من إجمالي 84 مليونا آنذاك)، بالفعل كانت الاحتجاجات كبيرة، لكنها لم تكن كبيرة بالقدر الذي زُعم، ولا ينبغي اعتبارها ذريعة لتجاوز الانتخابات الرسمية.
توفر بيانات الاستقصاء العلمي مؤشرات أفضل للدعم الشعبي؛ فوفقا لبيانات الاستطلاعات العلمية الموثوقة الوحيدة المتاحة، حصل مرسي على دعم أكثر من 50% بين المصريين قبل الانقلاب، وحافظ على معدل دعم لأكثر من 40% في أعقاب الانقلاب. وأظهر هذا الاستطلاع الذي أجراه بيو للأبحاث أن نسبة قبول مرسي بلغت 53% في الأشهر التي سبقت الانقلاب، بينما أظهر استطلاع زوغبي أن معدل دعم مرسي بلغ 42% اعتبارا من سبتمبر/أيلول 2013، أي بعد شهرين من الانقلاب. وأظهر بحث في ربيع عام 2014 أن قبول مرسي كان بنسبة 42% بين المصريين، وذكر أن ما يُقرب من نصف المصريين يعارضون الاستيلاء العسكري على السلطة عام 2013.
إن الخرافات المقدمة هنا، إلى جانب الخرافات الأخرى المتعلقة بمعارضة جماعة الإخوان المسلمين لثورة يناير 2011 ضد مبارك، شكّلت ذخيرة لحركة احتجاج يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2013، في النهاية، سواء كان الأمر متعمَّدا أم لا، كانت هذه الخرافات بمنزلة أدوات لسحب مصر بعيدا عن المسار الديمقراطي. وكانت وسائل الإعلام والشخصيات السياسية التي ساعدت في صُنع الخرافات أكثر خوفا من الديمقراطية الانتخابية لا من الديكتاتورية، ففي مصر ما بعد مبارك، فاز الإخوان المسلمون بخمسة انتخابات حرة ونزيهة متتالية، وكانت أربعة من هذه الانتخابات بمنزلة انهيارات أرضية.
كان يجدر بالمعارضة المصرية المناهضة لمرسي الانتظار بضعة أشهر حتى الانتخابات البرلمانية، وإذا اعتقدت المعارضة حقا أنها كانت لها الأغلبية، فكان هذا يعني أنه كان بإمكانها أن تحصل على أغلبية المقاعد البرلمانية في تلك الانتخابات، وكان الرأي الأخير في مَن سيكون رئيس وزراء مصر ليكون لها. وكذلك كان بإمكان المعارضة مراجعة الدستور، وإذا لزم الأمر، يتم عزل مرسي باستخدام آلية عزل دستور 2012 (كما هو موضح في المادة 152)، ولكن بدلا من التنافس مع جماعة الإخوان المسلمين، اختارت المعارضة المناهضة للإخوان في مصر تخريب القواعد والمبادئ الديمقراطية الراسخة، ولكن بالطبع كانت المنافسة والديمقراطية ليكونا هما الخيار الأفضل.
في وقت حدوث الانقلاب العسكري في مصر عام 2013، كان هناك أكثر من 40 حزبا سياسيا مصريا مسجلا، وعلامات على نزاع على الشرعية السياسية، ومؤشرات على أن جماعة الإخوان المسلمين بدأت تفقد الدعم الشعبي نتيجة للسياسة الخرقاء وسلسلة من الأخطاء وسوء التقدير. وشكّلت هذه وصفة مثالية للتغيير الديمقراطي المشروع، ولكن بدلا من ذلك، اختارت المعارضة المصرية تجاهل التحذيرات المحلية والدولية بشأن مخاطر تولي الجيش زمام الحكم، وتجاوز الديمقراطية، وهم الآن للأسف -ومعهم جميع المصريين- يحصدون ثمار ما زرعوا باختيارهم.
ترجمة: سارة المصري
هذا المقال مأخوذ عن Middle East Eye
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق