العنصرية... الداء والدواء!
ربيع الكلمات
بين الفترة والأخرى يكون هناك حديث عن الوافدين ولكن بنظرة عنصرية، لدرجة أن البعض بدأ يتابع حركات الطيران ومتابعة المسافرين بهدف التأكيد على فكرة في باله وهي بلا شك غير صحيحة كونها عاطفية قاصرة، وخلال السنوات القليلة الماضية كان الحديث عن الوافدين بلغة شعبوية عاطفية، ونادراً من تجد يتحدث بلغة منطقية وأن أغلب مشاكلنا إنما هي بسبب الفواتير السياسية وتجار الإقامات.
لدينا الكثير من القضايا والأولويات التي يجب أن نعمل عليها بدل الحديث عن الوافدين أو التشكيك بولاء بعض المواطنين، الصيف مقبل وهناك مشكلة كبيرة في الكهرباء بسبب قصور الإدارات المتعاقبة، عندنا شباب يريدون فرص عمل حقيقية بدل أن نكدسهم في تخصصات غير مرغوبة في سوق العمل، لدينا فجوة كبيرة بين الخريجين وسوق العمل إن لم تعالج بطريقة صحيحة ستتسبّب بمشاكل تؤثر على استقرار البيوت لا قدّر الله.
الوافد ليس له علاقة بمشاكلنا وعنصريتنا، ما علاقة الوافد بعدم وجود دكاترة لمستشفياتنا، بنينا مستشفيات ضخمة ولكن مع الأسف دون وجود خطة وجدوى اقتصادية لتشغيل هذه المستشفيات، بعض دول الخليج لديه وافدون أكثر منا بكثير، ولكن هناك قانون ونظام لا يتم تجاوزه، لماذا الوافد لديهم يحترم القانون؟، عندما نتحدث عن الوافدين بهذه الطريقة إنما نهدف للبعد عن مشاكلنا الحقيقية وإشغال الساحة بقضايا هامشية لا تقدم ولا تؤخر.
وهناك دعوات من البعض تطالب بالتضييق على الوافدين بحجة توفير الوظائف، ولا يعرف أو يفقه ماذا سيحدث نتيجة هذا التضييق، ستكون هناك اختلالات على مختلف المجالات مثل التعليم والصحة والأعمال الحرفية، ونحن بحاجة إلى معالجات وخطط بعيدة لعلاج مشكلة التركيبة السكانية، وليس استخدام أسلوب الصدمات أو التعامل بعنصرية، ماذا يحدث بسوق البناء لو قرر الوافدون ترك العمل بالكويت بسبب مرض العنصرية الذي نشاهده هذه الأيام؟
وكشفت آخر الإحصائيات الحكومية الرسمية أن إجمالي عدد السكان في البلاد بنهاية عام 2023 بلغ 4 ملايين و859 ألفاً و595 نسمة، منهم 3 ملايين و313 ألفاً و387 وافداً، وبينت الإحصائيات الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية أن نسبة الكويتيين من إجمالي السكان بلغت 32 في المئة. وحددت الإحصائيات أعلى جنسيات من الوافدين المتواجدين في البلاد، حيث جاءت في الصدارة الجنسية الهندية، إذ بلغت نسبة الوافدين من الجنسية الهندية أكثر من 800 ألف 21 في المئة من إجمالي السكان (كويتيين وغير كويتيين)، و30 في المئة من إجمالي الوافدين، بينما بلغت نسبة المصريين 600 ألف من إجمالي السكان 13 في المئة، وبلغت نسبتهم من إجمالي الوافدين 19 في المئة. وجاءت نسب الجنسيات البنغلاديشية 6 في المئة من إجمالي السكان، و5 في المئة للجنسية الفيلبينية، و3 في المئة للجنسية السورية. بمعنى أن كل الإحصائيات التي يتم إرسالها عبر الرسائل النصية غير صحيحة وهدفها زيادة حجم بعض الجنسيات عن الأخرى.
وما يحصل هذه الأيام أمر غريب وعجيب وهو بعد أن تم التعالي على الوافدين وانتهينا من ذلك بدأنا نأكل في بعض ونشكك بولاءات الناس لدرجة أصبحت أحاديث الدواوين وحتى أطفال المدارس، وعندما نضع النقاط على الحروف نستطيع رؤية حقائق الأمور، العنصرية مرض يجب التخلص منه، التشكيك بولاء الآخرين والنظر للناس بازدراء وانتقاص دليل على قلة سنع ومرض داخل بعض النفوس سواءً كانت صغيرة أو كبيرة، المال نعمة يجب أن نحمد الله عليه حتى يعطينا المزيد، ولكن وجود هذا المال لدينا لا يعطينا تفوقاً وميزة واستعلاء على الآخرين أو الانتقاص من قدرهم، الذين بنوا هذا الوطن عانوا كثيراً من أجل توفير لقمة العيش الكريمة لهم ولأسرهم، وبعضهم سافر إلى بلدان بعيدة بحثاً عن لقمة العيش ولم يرجع، وتخيل بعد سنوات تغير الحال واحتاج أبناؤك البحث عن لقمة عيش وكانت خارج البلد...
هل تقبل أن تتم معاملتهم بمثل المنطق والمستوى والتعالي الذي يتم على الوافدين؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق