عاشوراء.. دروس في النصر والخذلان من فرعون إلى كربلاء
ها هو فرعون يستكبر ويستبد، ويتمادى في الطغيان، ويستحيي النساء، ويذبح الأطفال، ويستعبد الرجال، ويفرّق الناس شيعًا، ويعدم إرادتهم، ويستبيح كرامتهم، ويسلب حريتهم، ويرهبهم بسحره، ويلوي فطرتهم ببطشه، ويجعل همهم النجاة من القتل والعذاب والمطاردة والترويع والسجن.
قال الله تعالى: ﴿إنَّ فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شِيَعًا يسْتضعف طائفةً منهم يُذبِّح أبناءهم ويستَحْيي نساءهم إنَّه كان من المُفسدين﴾ [القصص: 4].
وها هو موسى، تأويل رؤياه التي قُتل من أجلها كل طفل ذكر، عدوّه وحزنه، حُمل من حضن أمه إلى اليمّ، إلى بيته وحضنه، إلى مدين، إلى طور سيناء، إلى بيته مرة أخرى، معه أمانة الأمة وخلاص الناس.
قال الله تعالى: ﴿ثمَّ أدبر يسعى فَحَشَر فنادى فقال أنا ربُّكم الأعلى فأخذه اللَّه نكالَ الآخرة والأُولى إنَّ في ذلك لعِبرةً لمن يخشى﴾ [النازعات: 22-26].
قصص البطش والقهر تتكرر عبر العصور، وكذلك قصص الرحمة، هي عبرة لنا لتحديد موقعنا من التاريخ، ودعوة لرفض الظلم والباطل، هي تذكرة للمؤمنين بأن الله ناصرهم، وأن الله سيخزي المجرمين
وفي العاشر من محرّم، تُكتب النهاية، يومها كان موسى وقومه على الشاطئ، يحسنون الظن باللَّه، يرجون رحمته ويدعونه، وكأنهم يرون نور الإجابة، يبتهلون، وفي لحظة رحمة فلق الله لموسى البحر بعصاه، وغرقَ أشد طغاة التاريخ مع جنوده.
قال الله تعالى: ﴿ونريد أن نَمُنَّ على الّذين استُضْعِفوا في الأرض ونجعلَهم أئمَّةً ونجعلهم الوارثين ونُمَكِّن لهم في الأرض ونُرِيَ فرعون وهامان وجنودَهما منهم ما كانوا يَحْذرون﴾ [القصص: 5].
والعاشر من محرّم مرة أخرى، يبكي مصاب آل بيت النبوة بفقد حبيبهم، وحبيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وريحانته وسبطه الحسين رضي الله عنه، ومعه نفرٌ من إخوته وأبنائه وأبناء أخيه الحسن، يبكي خذلان الأمة لمن خرج ليدفع الظلم والبطش عن الناس، لمن لم يرضَ ترويعهم وقهرهم، ولم يرضَ الدنيّة لهذا الدين، ليذبح على مرأى ومسمع المسلمين، فلم يقدّروا طلبه للحق، فتخاذلوا عن نصرته إرضاءً للطغيان.
قصص البطش والقهر تتكرر عبر العصور، وكذلك قصص الرحمة، هي عبرة لنا لتحديد موقعنا من التاريخ، ودعوة لرفض الظلم والباطل، هي تذكرة للمؤمنين بأن الله ناصرهم، وأن الله سيخزي المجرمين، هي سنّة كونية لا تتغير.
دعوة للتفكر والتأمل في أحداث التاريخ، واستلهام العبر والدروس منها، لنعمل دائمًا من أجل تحقيق العدالة والحرية والكرامة لكل إنسان
في كل عصر هناك فرعون وهناك موسى، وهناك كربلاء ويومٌ كيومِ العاشر من محرم! في كل عصر هناك طاغية وهناك مقاومة، هناك ظالم وهناك من سيناضل من أجل الحق والعدالة.
إن أحداث العاشر من محرّم، سواء في زمن فرعون وموسى أو في كربلاء، تعلّمنا أن الحق يعلو ولا يُعلى عليه، وأن الله ينصر عباده المؤمنين مهما طال الزمن، تذكرنا هذه الأحداث بحسن الظن باللَّه ونصرته للمظلومين، وزوال المتجبرين من أمثال فرعون، كما أن التاريخ سيذكُر بالسوء كل من خذل الحق وأهله، مثل من خذل الحسين، رضي الله عنه.
إنها دعوة للتفكر والتأمل في أحداث التاريخ، واستلهام العبر والدروس منها، لنعمل دائمًا من أجل تحقيق العدالة والحرية والكرامة لكل إنسان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق