الخميس، 19 سبتمبر 2024

من غزة... إلى لبنان

 

ربيع الكلمات

من غزة... إلى لبنان


                               عبدالعزيز الكندري



شهد لبنان تصعيداً إسرائيلياً خطيراً ضد حزب الله، وذلك عبر اختراق أجهزة اتصال (Pager) يستخدمها عناصر حزب الله بدلاً من الموبايلات العادية، حيث انفجرت تلك الأجهزة وأصابت نحو ثلاثة آلاف من عناصر الحزب والمدنيين بهذه العملية، وفي مناطق لبنانية عدة،‬ الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع ومراكز القيادات.

وتداول ناشطون عشرات الصور والمقاطع التي تُظهر المصابين في الشوارع والمستشفيات، وسط حالة من الذهول الشديد ضربت السكان نتيجة الانفجارات الغريبة، التي استهدفت أجهزة اتصال محمولة يستخدمها عناصر «حزب الله». والواضح أن الأمر ناجم عن اختراق إسرائيلي أدى إلى تفجر بطاريات الأجهزة.

من الواضح أن إسرائيل تريد إشعال المنطقة برمتها، ولا يوجد في قاموسها كلمة سلام خاصة مع العرب، وأكبر دليل على ذلك أنه من عام 1948 لم تقدم إسرائيل أي خطة تذكر من أجل السلام ورفضت كل المبادرات التي قدمتها الدول العربية، ولم تتوقف عن بناء المستوطنات غير الشرعية والاستيطان يأتي على الأراضي الفلسطينية باليوم والليلة.

وتاريخ الصهاينة مع المجازر طويل فمنذ عام 1948، وبعد ذلك مذابح دير ياسين 1948 ومذبحة كفر قاسم 1956 ومذبحة خان يونس 1956 ومذبحة صبرا وشاتيلا 1982، ومذبحة المسجد الإبراهيمي 1994، هذا بخلاف الصور المتوحشة التي كنا نراها بشكل شبه يومي على الشعب الفلسطيني واستخدام الأسلحة المحرّمة دولياً، والآن تدمير غزة وقتل الأطفال والنساء وهدم المستشفيات، وهاهي تعتدي على لبنان أمام مرأى ومسمع العالم أجمع.

البعض كان يتحدث أن الحرب لن تتجاوز قطاع غزة، ولكن الواقع أبعد من ذلك بكثير، وما يشهده لبنان في هذه الأيام خير مثال على محاولة تغيير توازنات القوى في المنطقة، يعني لن تستثني أحد، حيث إننا اليوم أمام مجموعة من القبائل البربرية والتي لاتتصرف كدولة محترمة في المجتمع الدولي.

صور القصف الصهيوني على غزة أو الاعتداء الآثم على لبنان تعتبر جريمة مكتملة الأركان وبالصوت والصورة، استهداف المدنيين والعزل خصوصاً الأطفال الذين يخرجونهم من ركام المنازل التي هدمت على ساكنيها أكبر دليل على همجية الكيان الصهيوني، وصور المجازر أصبحت منتشرة على مدار الساعة، ومازال الرأي العام متردداً وعلى استحياء.

وما يجري اليوم في غزة ولبنان يجعل الإنسان يفقد الثقة بالمجتمع الدولي والعربي برمته، لأن أي عاقل يستطيع أن يميز بين الظالم والمظلوم ما عدا صاحب الهوى والمتصهينين الذين يشمتون بالدماء وهي تسيل، كيف يتم منع المظلوم بالدفاع عن نفسه بل ويجدون المبررات للظالم الذي يقتل بكل سادية ووحشية؟

أي نوع من السلام يريدونه وهم يطلبون نزع سلاح المقاومة والإبقاء على سلاح الصهاينة، وأي نوع من السلام يتحدثون عنه ومقياسهم التفوق العسكري لطرف على حساب الآخر، نعم... العالم يريد السلام ولكن بمواصفات خاصة، سلام الغلبة والتسلط، سلام قتل الأطفال وهدم البيوت ودور العبادة، سلام الحصار والتجويع، وسلام تكون فيه الدماء بلا قيمة.

ما هو ومن أي نوع ميزان الدول إذا كان عدوان الصهاينة وقتل الأطفال هو دفاع عن النفس، ومقاومة شعب غزة ولبنان للعدوان الصهيوني هو عدوان وانتهاك لأمن الصهاينة.

يا عقلاء العالم...

يا قادة العالم...

يا من بيده القرار...

هذه دعوة لكم وأنتم ترون كيف تعامل الصهاينة بالقوة ضد الأطفال وهدم المساجد والمستشفيات وقتل الكوادر الطبية، انها مشاهد مرعبة من الجرحى والمصابين والدماء التي تحدث صباح مساء، وإذا كنتم تريدون مكافحة الإرهاب، فماذا تسمون هذا الفعل المشين الذي يمارسه الصهاينة؟ بل وتتحدثون عن السلام، أي سلام عندما تكون الدماء رخيصة إلى هذا الحد، أم انه سلام من نوع خاص وتفصيل معين، وأين العدالة عندما يتم القتل العشوائي على مرأى ومسمع العالم أجمع... ولكن توحش الصهاينة نزع الأقنعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق