الأحد، 29 سبتمبر 2024

البكطاشية

 البكطاشية



البكطاشية
ا
البكطاشية
 
هذا تعريف بالبكتاشية كتبه الأمير شكيب أرسلان في تعليقاته على كتاب حاضر العالم الإسلامي م2 ج 2 ص 349
( وهذا البحث مهم لا يعرفه كثير من الباحثين رأينا ضرورة نشره)
البكداشية أو البكطاشية، طريقة من الطرق الإسلامية، تنسب إلى أحد الأولياء المسمى "الحاج بكطاشي ولي"، الذي يقولون أنه ولد "بنيسابور" وجاء إلى الأناضول، وهدى الانكشارية إلى الإسلام، في زمان السلطان "أرخان"، وكانت له كرامات وخوارق عظيمة، وهو الذي أسس الطريقة المعروفة به. 
ولكن كثيراً من المحققين يرتابون بوجود الحاج بكطاش هذا، ويقولون أن المؤسس الحقيقي لهذه الطريقة، هو "باليم بابا" المتوفى سنة 922 هجرية، والذي يلقبه الدراويش البكطاشية بالقطب الثاني.
ولقد ثبت وجود هذه الطريقة منذ أوائل القرن السادس عشر للمسيح في الأناضول، ثم انتشرت في الروملى وأكثر من مال إليها أمة الأرناؤوط ( ألبانيا )، حتى يقال أن أكثر هذه الأمة بكطاشيون. وأن الفرقة المعروفة بالأناضول، وببلاد الأكراد بقزل باش أو "على إلهي"، هي على عقائد تشابه مذهب البكطاشية وإن كان هؤلاء جميعاً يدّعون كونهم من أهل السنة والجماعة، فالحقيقة ليست كذلك، وهي أنهم من غلاة الشيعة، يعتقدون بإمامة الإثني عشر من آل البيت، ويعظمون كثيراً جعفر الصادق، ويقولون بالأربعة عشر ولداً معصوماً، الذين أكثرهم ماتوا شهداء من أولاد علي. ويزورون قبور الأولياء، ويصلون ويدعون عندها.
 ويزعم مؤرخو الإفرنج أنه لابد أن يكون البكطاشيون في الأصل نصارى، بحجة أن عندهم التثليث، وذلك بقولهم: "الله. محمد. علي." وأن عندهم نوعاً من الاعتراف بالذنوب يذهبون إلى مشايخهم ويسردون لديهم ذنوبهم، والشيخ يحل من الذنب نظير القسيس عند النصارى. 
وهم يبيحون الخمر، والنساء لا يسدلن النقاب، وكثير من البكطاشية يتبتلون ويعيشون مجردين من الأزواج، مما جميعه يدل على كون أصل هذه الطريقة غير إسلامي، وأكثر المتبتلين منهم كانوا ينقطعون في تكية "قيزل دلى سلطان" بقرب "ديموطوقة" من ولاية أدرنه. 
ويعتقد البكطاشية بالعدد لاسيما أربعة، ويقرأون كتاب فضل الحروفى المسمى "بالجاويدان" ويقولون بالتناسخ، والشائع عنهم أنهم لا يقومون بفرائض الدين الإسلامي، فلا صلاة ولا زكاة، ولا صوم، ولا حج، وأنهم قد رفعوا هذه التكاليف، بحجة أنها تجب على المبتدئ لا المنتهي، وأنه بعد الوصول يصبح الانسان في حِلِّ منها.
والشيخ الأكبر للطريقة يقيم بتكية "بيرأوى" أي بيت القطب، في المحل الذي يقال له "حاجى بكطاش" بين "قير شهر" و "قيصرية". وليست هذه الرئاسة إرثية في الأصل، وإنما هي منذ 150سنة في بيت واحد تنتقل من الأب إلى الابن، وللبكطاشية المتبتلين شيخ كبير أيضاً، مركزه التكية المسماة "مجرد بابا سى" أي "أبو المتبتلين". ويسمى شيخ كل تكية "بابا"، والدرويش المقيم بالتكية "مريداً" والعامي الذي له تعلق بالطريقة "منتسباً".
وكان للبكطاشية شأن كبير، وكانوا على رباعهم في أيام "وجاق الانكشارية" الذين كان البكطاشية لهم شيوخاً ومرشدين، حتى أصبح اسم "بكطاشية" يطلق على الانكشارية كلهم. وكان في ثكنة الأورطة الرابعة والتسعين، وكيل مقيم للطريقة معروف رسمياً، لذلك كان كلما ثار الانكشارية يشترك مريدو الطريقة البكطاشية معهم في الثورة إلى سنة 1826, إذ استأصل السلطان محمود شأفة الانكشارية، فانقضت صواعق نقمته على جماعة الحاج بكطاش، فتهدم قسم كبير من تكاياهم، لا سيما ما جاور منها الاستانة، وقُتل بعض رؤسائهم ومريديهم ومنهم شيخ تكية "مردفان كوى".
ثم أستأنفت الطريقة البكطاشية بعض ما كان لها من الشأن والحول، ولها من التكايا في الاناضول غير مركز القطب الأكبر، وغير تكية المتبتلين تكية "عثمانجق" في الشمال، وتكية بقرب ضريح الشيخ بطال، من جوار اسكيشهر، ويقال أن لها تكية بجبل المقطم بمصر.
 
( انتهى من حاضر العالم الإسلامي لشكيب أرسلان )
 
الـبـكـتـاشـيـة
البكتاشية هي إحدى النماذج الواضحة على التقاء الفرق واتفاقها على محاربة منهج أهل السنة، وهذه الفرقة التي نحن بصدد تناولها في هذا العدد توضح كيف التقى التشيع والتصوف في بوتقة واحدة تأكيداً للذين وصفوا هاتين الفرقتين بأنهما "وجهان لعملة واحدة"، وتأكيداً للذين وصفوا الطرق الصوفية بأنها هي البداية التي دخل عن طريقها الفكر الشيعي الغالي إلى العالم الإسلامي السني.
والبكتاشية طريقة صوفية شيعية الحقيقة والمنشأ، لكنها ترعرت في بلاد أهل السنة في تركيا ومصر في منتصف القرن السابع الهجري وما زال لها أتباع إلى اليوم.
وتنسب فرقة البكتاشية إلى محمد إبراهيم أتا الخراساني النيسابوري الشهير بالحاج "بكتاش"، المولود في نيسابور سنة: (646هـ ـ 1248م) ، والمتوفى سنة: (738هـ ـ 1336م).
وينسب بكتاش نفسه إلى أولاد إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين االعابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
ويعتقد أتباعه أنه ولي تركي من أتباع الشيخ أحمد اليسوي. ويقال أنه تلقى العلم عن الشيخ لقمان الخراساني، ولا يعرف من لقمان هذا... ولكن يقال أنه هو الذي أمره أن يسافر إلى تركيا لنشر طريقته الصوفية. فسافر أولاً إلى النجف في العراق، ثم حج البيت، وسافر بعد ذلك إلى تركيا، وكان هذا في زمان السلطان أورخان العثماني المتوفى سنة 761هـ.
أهم العقائد
الطريقة البكتاشية مزيج كامل من عقيدة وحدة الوجود، وعبادة المشايخ وتأليههم، وعقيدة الشيعة في الأئمة. ويقول أحمد سري (دده بابا) شيخ مشايخ الطريقة:
"الطريقة العلية البكتاشية هي طريقة أهل البيت الطاهر رضوان الله عليهم أجمعين" (الرسالة الأحمدية ص67) ويقول أيضاً: "وجميع الصوفية على اختلاف طرقهم يقدسون النبي وأهل بيته ويغالون في هذه المحبة لدرجة اتهامهم بالباطنية والإثني عشرية" (الرسالة الأحمدية ص68).
ويقول أيضاً:
"الطريقة العلية البكتاشية قد انحدرت أصولها من سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعن أولاده وأحفاده إلى أن وصلت إلى مشايخنا الكرام يداً بيد، وكابراً من كابر وعنهم أخذنا مبادئ هذه الطريقة الجليلة" (الرسالة الأحمدية ص69).
كما تعتبر الطريقة البكتاشية خليطاً من الطرق التي تقدمتها: القلندرية، اليسوية، والحيدرية، وهي الطرق التي سايرت البيئة التركية التي تفشت فيها من قبل العقيدة الشامانية.
ولبكتاش كتاب باللغة العربية اسمه (مقالات) تتضح فيه أفكاره الشيعية الإثنى عشرية.
واقتبس البكتاشيون بعض عقائدهم من النصارى مثل ترديدهم "الله محمد علي" بما يشبه عقيدة التثليث، وكذلك يوجد عندهم "الاعتراف" -كما هو عند النصارى- بأن البكتاشي إذا أخطأ أو ارتكب إثماً هرع إلى (البابا) واعترف له بما ارتكبه وتلقى منه المغفرة. كما يشير بعض الباحثين والمطلعين على خباياهم أن البكتاشية أخذت من النصارى فكرة العشاء الذي يتجرع فيه الشيخ الخمر مع تناول الجبن!
والبكتاشية يرون شرب الخمر حلالاً وأنه شراب آل محمد – حاشاهم – ويرون أن عثمان هو الذى كتب القرآن ولذلك لا يعترفون به، وينتظرون القرآن الذي سيأتى به المهدى، وهم لا يصلون الصلوات الخمس، ولا يصومون رمضان، ولا يدخلون المساجد؛ لأن علياً رضي الله عنه استشهد في المسجد وهو يصلى في رمضان، ويحرمون المنبر لأن معاوية كان يشتم علي على المنابر .
ويجب عندهم صوم عشرة عاشوراء خلاف الشيعة التي تحرم صوم عاشوراء ، ولهم صلاة خاصة على شكل حلقة دائرية يتوسطها سيدهم حيث يسجدون سجدتين باتجاهه .
ولهم عدة كتب خطية لا يطلعون أحداً عليها .
مراتب الطريقة البكتاشية
قسم أرباب هذه الطريقة المنتسبين إلى طريقتهم على النحو التالي حسب درجاتهم:
1ـ العاشق: الذي يحب الطريقة ويتعلق بمبادئها، ويكثر من الحضور إلى التكية، ويرشحه الشيخ ليكون في المنزلة التالية وهي درجة الطالب.
2ـ الطالب: الذي يرشحه الشيخ للانضمام، ليتقبل الإقرار، ويعطي العهد، وتقام له حفلة بذلك.
3ـ المحب: وهو الطالب الذي انتسب لهذه الطريقة بعد حفلة الإقرار والبيعة.
4ـ الدرويش: الذي يتبحر في آداب الطريقة وعلومها، ويهب نفسه للخدمة العامة فيها.
5ـ البابا: وهي درجة المشيخة ولا يصل إليها الدرويش إلاّ بعد مدة طويلة.
6ـ الددة: وهو الخليفة، ولا يمنح هذه المنزلة إلاّ شيخ المشايخ، ويكون الددة رئيساً لفرع من فروع الطريقة في قطر ما.
7ـ الددة بابا: شيخ مشايخ البكتاشية، وينتخب من بين الخلفاء، وهو المدير العام لشؤون الطريقة في العالم، وهو الذي يعين البابوات، وله حق عزل المشايخ.
الدخول في هذه الطريقة
لتعميد المريد أو الطالب نظام خاص، فعند دخوله إلى ميدان التكية يقرأ الدليل أبياتاً معينة من الشعر ثم يقول: "اللهم صلِّ على جمال محمد، وكمال علي والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين" ثم يقول:
جئت بباب الحق بالشوق سائلاً
(مقراً به محمداً وحيدرا)[1]
وطالب بالسر والفيض منهما
( شبرا ومن الزهراء وشبير)[2]
ثم يقرأ الشيخ على الطالب آية البيعة "إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يدُ الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً" سورة الفتح ثم يقول الطالب أبياتاً من الشعر يعلن بها دخول الطريق ومنها:
وبالحب أسلمت الحشا خادماً لآل العبا)[3](
وملاذي هو الحاج بكتاش قطب الأوليا!
وبعد دخول الطالب وإقامة الحفل على هذا النحو يسلم الطالب خدمة ما في التكية كأن يكون ساقياً للقهوة أو فلاّحا أو خادماً للضيوف.
 
الأوراد والأذكار البكتاشية
أسست الأوراد البكتاشية على عقيدة الشيعة الإمامية الإثنى عشرية، فالورد البكتاشي يبدأ بذكر لله ثم للرسول ثم لعلي ثم لفاطمة ثم للحسن ثم للحسين ثم لزين العابدين... وهكذا إلى الإمام الثاني عشر، ثم الإعلان أن الذاكر بهذا الذكر متولي لشيعة، بريء من جميع أهل السنة.
ثم بعد ذلك ورد خاص في لعن الصديق أبي بكر رضي الله عنه, وكل من رضي وتابع له، ثم في النهاية إشهاد الله أن الخلفاء بعد الرسول هم الأئمة الإثني عشر دون غيرهم. وفيما يلي بعض نصوص هذه الأوراد:
1ـ اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على السيد المطهر، والإمام المظفر الشجاع الغضنفر إلى شبير وشبر ـ قاسم طوبى وسقر([4]).
2ـ اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على السيدة الجليلة الكريمة النبيلة المكروبة العليلة ذات الأحزان الطويلة! في المدة القليلة المعصومة المظلومة. الرضية الحليمة العفيفة السليمة، المدفونة سرّا، والمغصوبة جهراً المجهولة قدراً، والمخفية قبراً سيدة النساء الأنسية الحوراء البتول العذراء أم الأئمة النقباء النجباء فاطمة التقية الزهراء عليها السلام([5]).
3ـ وفي الصلاة على الإمام الحسين يقول الورد البكتاشي:
"اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على السيد الزاهد والإمام العابد الراكع الساجد... قتيل الكافر الجاحد... الإمام بالحق عبد الله الحسين..."
4ـ وهناك ورد خاص بالمهدي المنتظر عندهم، ومما جاء فيه: "اللهم صلِّ وزد وبارك على صاحب الدعوة النبوية، والصولة الحيدرية، والعصمة الفاطمية... صاحب العصر والزمان، وخليفة الرحمن... يا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله بحقك وبحق جدك وبحق آبائك الطاهرين".
 
التكية البكتاشية
التكية البكتاشية في الغالب عبارة عن ضيعة كبيرة بها قصر فخم وقبور مزخرفة مبنية، ويقيم بها الدراويش أبداً منقطعين للخدمة. ويرسل منتسبو التكية إليها الإتاوات والأرزاق، إذ لا يجوز للزائر الدخول إليها إلاّ وهو يحمل شيئاً يقدمه قرباناً.
إن التكية أشبه بمملكة أو إمارة خاصة، ولذلك فالمنتسب لهذه الطريقة لا بد وأن يكون خادماً في هذه المملكة الخاصة لأسياده المشايخ الذين يتربعون على عرش الولاية البكتاشية.
يقول أحمد سري (دده بابا) في كتابه الرسالة الأحمدية ص 72: "والمنتسب للطريقة العلية تنتظره واجبات كثيرة يؤديها في منزله وفي التكية عند زيارته لها. فالواجبات المنزلية هي إقامة الصلوات في أوقاتها وتلاوة الأوراد والأذكار المأذون بتلاوتها وحفظ الأدعية المأثورة. وفي التكية يكلف بالخدمة مع الدراويش ثم يخصص لخدمته مثل سقاية القهوة أو خدمة الضيوف أو إعداد الطعام وتجهيز المائدة وغسل الأواني أو خدمة الحديقة، فإذا حذق التعاليم كلفه الشيخ بخدمة أرقى فيعيّن نقيباً أو دليلاً أو ميدانجي، وهكذا...".
 
انتشارها
1ـ تركيا
كانت الفرصة الذهبية لانتشار التكتاشية في تركيا هو ملازمتها للانكشارية التي كانت متسلطة على كافة مرافق الحياة في تركيا، ومرت عليها فترات من المد والجزر مع السلاطين كما سيأتي بيانه.
وفي سنة 1925 صدر مرسوم الحكومة التركية بإلغاء الطرق الصوفية ومن ضمنها البكتاشية، وكان آخر مشايخها هو صالح نيازي الذي سافر إلى ألبانيا([6])، وانتخبه الدراويش ليكون دده بابا، واغتيل سنة 1942، وبعد اغتيال صالح نيازي تولى بعده ابنه عباس دده بابا، وقد قتل نفسه سنة 1949 بعد دخول البلاشفة إلى ألبانيا، ومنذ ذلك الحين انتقل المركز الرئيسي للبكتاشية إلى مصر.
2ـ مصر
بدأت الطريقة البكتاشية في مصر منذ القرن الثالث عشر الميلادي، أي في بداية القرن التاسع الهجري، ويعود انتشارها في مصر إلى ارتحال مجموعة من الدراويش البكتاشيين إلى مصر وكان يرأسهم شخص اسمه قبوغوسز.
وقد حظي قبوغوسز بثقة حاكم مصر آنذاك، وسر به وبدراويشه فأعطاهم مكاناً يبنون فيه (تكية) أي زاوية، وكان ذلك سنة 800هـ، وسمى قبوغويز نفسه (عبد الله المغاوري) وسموا أول تكية لهم تكية القصر العيني، وظل هذا الحال قائماً في مصر إلى سنة 1242 هـ (1826م) حتى جاء السلطان محمود الثاني العثماني، فأمر بإلغاء الإنكشارية([7]) والطريقة البكتاشية وأعطيت أملاكهم للطريقة القادرية.
لكن في عهد السلطان عبد المجيد، عادت الطريقة البكتاشية مرة ثانية إلى مصر بعد أن سمح لها بالعمل بدءاً من عام 1525م، حيث حصل الشيخ علي الساعاتي على لقب (دده بابا) أي شيخ المشايخ، فجمع الدراويش حوله مرة ثانية وبنى تكية جديدة في باب اللوق، وأخذ يعطي العهود ويقيم حلقات الذكر.
وفي سنة 1276 هـ (1859) صدرت أوامر الحكومة المصرية بتخصيص المغارة التي دفن فيها عبد الله المغاوري (قبوغوسز) للبكتاشية، فبنوا تكية عظيمة هناك بعد أن طردوا الرعاة والبدو الذين يلجأون إليها بأغنامهم وإبلهم، وصارت هذه التكية مقصد المصريين ظنا أن المغاوري المدفون فيها يستطيع شفاء الأمراض وتلبية الحاجات!
وبقيت تكية المغاوري هذه تابعة للمركز الرئيسي للطريقة في تركيا، ثم أصبحت تابعة للمركز الرئيسي في ألبانيا، لكن بعد أن قتل صالح نيازي بابا نفسه سنة 1949، بعد دخول البلاشفة إلى ألبانيا، اجمع أتباع الطريقة واختاروا أحمد سري شيخ تكية المغاوري شيخاً لمشايخ عموم الطريقة، وكان ذلك في 30 يناير 1949م، ومنذ ذلك الوقت أصبحت مصر هي المقر الرئيسي لهذه الطريقة، فأصبح أحمد سري (دده بابا) هو شيخ مشايخها حتى وفاته سنة 1963م.
وبعد قيام الثورة المصرية سنة 1952، أمرت الحكومة المصرية بإخلاء تكية المقطم حيث أصبح هذا المكان منطقة عسكرية، وثم نقلها إلى اسطبلات الأمير عمر إبراهيم في منطقة المعادي في القاهرة، كما أصبحت مغارة المغاوري مخزن ذخيرة.
يشير أحد المقربين من هذه الطائفة وهو عصمت داوستاشي كما جاء في موقع مجلة أخبار الأدب المصرية (24/3/ 2002) إلى أن أحمد سري دده بابا عرض عليه عام 1962 أن يصبح درويشا بتكية المعادي، على أن يصبح بابا على الدراويش بعد رحيله لأنه كان مريضا، ورفض عصمت ذلك لأنه كان يريد دراسة الفنون الجميلة. إضافة إلى أنه لم يكن هناك أي دراويش على الإطلاق بعد سفر آخرهم الشيخ رجب إلى أمريكا حيث فتح تكية هناك، ويضيف عصمت دواوستاشي أن أحمد سري كان يريد من هذا العرض استمرار وجود التكية بعد رحيله. ويؤكد داوستاشي أن الممثلة المصرية شادية هي من أتباع البكتاشية، وكثيرة التردد على التكية. 
 
للاستزادة:
1ـ الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة ـ الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق.
2ـ كتاب: في أصول التاريخ العثماني ـ أحمد عبد الرحيم مصطفى.
3ـ مواقع ومجلات: أخبار الأدب المصرية، مجلة تركمان العراق.




[1] ) ـ 2) المقصود بحيدر وشبير هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
 
[3] ـ آل العبا يعنون بهم أهل الكساء وهم علي وفاطمة الحسن والحسين والعباس.
[4] ـ شبير: لقب يطلقونه على الإمام علي رضي الله عنه لأنه كان قصيراً، ومعنى " قاسم طوبى وسقر" أن له الجنة والنار، وهو يدخل من يشاء كيف يشاء فالقسمة إليه!
[5] ـ لا يخفى ما في هذا الكلام من الدّس واتهام الصحابة رضوان الله عليهم بظلم فاطمة رضي الله عنها، وغصبها حقها، كما في قصة أرض فدك، التي تناولناها في الراصد في العددالسابع زاوية سطور من الذاكرة، من تلك الافتراءات أيضاً الادعاء بأن عمر بن الخطاب رضي عنه ضرب فاطمة وأسقط جنينها واسمه مُحَسِّن!!
[6] ـ للبكتاشية وجود لافت في ألبانيا بحكم قربها وعلاقتها السابقة مع الدولة العثمانية، وتشير بعض مصادر الشيعة إلى أن البكتاشية يشكلون 30% من مسلمي ألبانيا الذين يكونون ثلاثة أرباع ذلك البلد المسلم.
وبرز منهم عدد من الشعراء والأدباء مثل بابا كمال الدين الشميمي، وواليب فراشري وأخوه الأصغر شاهين فراشري، وبابا أحمد التوراني بابا علي التومري...
[7]ـ الانكشارية تعني الجيش الجديد، وكان هذا الجيش يتكون من أطفال البلاد المسيحية التي يفتتحها العثمانيون في أوربا، حيث يتم رعايتهم وإدخالهم الإسلام، ثم يدربونهم على أساليب الحرب والقتال، وقد تشكل هذا الجيش في عهد أورخان العثماني عام 1327، ونال هذا الجيش التشجيع والمباركة من بكتاش حتى أنهم كانوا يضعون على رؤوسهم قلنسوة شبيهة بقلنسوة الدراويش. ويبدو أن السلطان محمود الثاني أمر بإلغائها بسبب تزايد نفوذها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق