الأربعاء، 25 سبتمبر 2024

لستُ معاتبًا

  لستُ معاتبًا

حالةُ الردَّة العربيَّة الرسميّة عن نُصرةِ القضيَّة الفلسطينيَّة بكلِّ مكوِّناتها، ولو في الحدِّ الأدنى، هِي التِي جرَّأتِ الصهاينةَ المحتلينَ على تدنيسِ الأقصَى، واستباحةِ الضّفةِ، والتَّغوُّلِ على غزَّة، بحصارهَا، وقصفِها، واغتيالِ شبابِها ونسائِها وأطفالِها.

إنَّ الفلسطينيينَ، وهُم يخوضونَ هذه المُواجهة مع الاحتلالِ، سواءٌ على الصَّعيد العسكريِّ أو الشَّعبي، يعلمون يقيناً أن ظَهْرَهم عربياًّ وإسلامياًّ إلى الحائطِ، وأنّه لا ملجأَ لهم، ولا سندَ، ولا عونَ، إلا مِن اللهِ سبحانهُ وتعالى، ثم دعاءُ الشعوبِ المقهورةِ، وأقلام الصّادقين من علمائِها وأدبائها وكتّابِها.

قناعتِي أنَّ الوساطاتِ العربيَّةَ والأمميَّةَ الجارية، لا تهدفُ إلى رفعِ البلاءِ عن أهل غزة، بقدرِ ما هِيَ هَادفةٌ لِرَفعِ بَلَاءِ غزَّةَ عنهم، فهي الَّتي أحرجَتهُم، وفضَحتْ عجَزُهم، وخيانَةَ بعضِهِم؛ فكيفَ لشريطٍ حدوديٍ صغيرٍ فقيرٍ مُحاصَرٍ من سنواتٍ أن يفعلَ بالصهاينةِ ما عجزَت عنهُ دولٌ مجتمعةٌ!!

إنَّ أهل فلسطينَ يعلمونَ يقيناً أنَّهم تحتَ احتلالٍ، وأن مقدَّساتِهم مُدنَّسَةٌ، وأنَّ بلادَهُم مسلوبَةٌ، وأنَّهم لا يعيشونَ حالةَ رفاهِيَةً، وأنَّ الجهادَ في سبيلِ اللهِ، وحملَ السِّلَاحِ، والإعداد العسكريَّ، ليسَ خياراً بالنِّسبَةِ لهم، بل هو واجبٌ في حقِّهِم.

وإنَّ جهادَهُم وثباتَهم، وآلامَهُم إنما هِيَ حلقَةٌ في سلسلةِ جهادِ الشَّعبِ الفلسطيني المسلمِ منذُ عامِ 1936، وهُم واثقونَ بعدَ اللهِ بالمقاومَة، وما تملكُ من وسائلَ قادرةٍ على إساءَةِ وجهِ اليهودِ في حال فُرِضَت عليهِمُ المواجهَةُ الشَّامِلَةُ.

إنَّ المقاومةَ الفلسطينيَّةَ الَّتي أضحَت اليومَ أكثرَ قوّةً ونُضجاً من أيِّ فترةٍ مضَت، تعلَمُ يقيناً أنَّ مصدَرَ قوَّتها بعدَ التوكُّلِ الكاملِ علَى اللهِ، والثِّقَةِ بموعودِهِ هُوَ هذا الشَّعبُ المسلِمُ الصَّابِرُ الذِي تربَّى على الجلدِ والثَّباتِ والتَّضحيةِ، والصَّبرِ، وضمائرُ الشّعوبِ المسلمةِ الحيّةِ.

إنَّ المجاهدينَ في غزَّة، يُقِيمُونَ الحجَّةَ علَى كلِّ مسلمٍ، بدءاً بالضفَّةِ المحتلَّةِ الَّتي يجبُ أن تنتفضَ انتفاضَةً مسلحةً شاملةً، ومروراً بأهلِنا في دولِ الطَّوق، وانتهاءً بكلِّ مسلمٍ، أن يتجاوزوا مرحلةَ النُّصرةِ القلبيّةِ واللسانيةِ، على أهميّتهما، وينطلقُوا إلى ميادينِ العملِ، لتتشابكَ أيدينَا قريباً في ساحاتِ الأقصى.

يا أهلَ غزَّة..

فصبراً في مجالِ الموتِ صبراً

فما نَيلُ الخلودِ بمستطاع

واللهُ غالبٌ علَى أمرِهٍ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق