الظلم الغربي في دعم العدوان على غزّة
بقلم: د. علي محمد الصلابي
في القرآن الكريم، وردت الإشارة إلى العدوان سبعاً وستين مرة،
ضمن سياق استنكاري صارم، ونهي قاطع عن ارتكابه!
تأتي هذه اللفظة قريبًا من لفظة الظلم عددًا ومعنى، حيث اقترنت في النص القرآني بالإثم والبغضاء والظلم، كما في قوله تعالى:{ومن يفعل ذلك عدوانًا وظلمًا فسوف نصليه نارًا وكان ذلك على اللّه يسيرًا}.
هذه الدلالات القرآنية تتجلى بوضوح في المشهد المروّع للمجازر الوحشية المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصةً الأبرياء والمدنيين العزل.
هذه الأعمال العدوانية المروعة، التي تقع على الشعب المحاصر في غزة أمام أنظار العالم، تتواصل في ظل غطاء سياسي ودعم مستمر من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين؛ فبينما يفترض أن تكون واشنطن وسيطًا في تهدئة النزاع وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، تواصل دعمها العسكري والمالي للاحتلال الإسرائيلي، بصفقات أسلحة ضخمة تجاوزت قيمتها 20 مليار دولار. هذه السياسات تسهم في تعميق مأساة الشعب الفلسطيني وإطالة معاناته، وتهدد حقه المشروع في الحياة الكريمة على أرضه التاريخية.
لا تكاد تجد صفات كرّر الله ذمّها في القرآن الكريم، وأوعد المتصفين بها بأقسى العقوبات مثل صفات الظلم والعدوان، واغتصاب الحقوق.
حظيت صفة الظّلم باهتمام عظيم في القرآن الكريم، وفي سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم)، ولذلك كانت إزالة الظلم أساس التربية الدينية القويمة. وهي عنوان أخلاق الأنبياء التي بُعث النبي صلى الله عليه وسلم متمماً لها حتى قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (الهرامة، 2007: 28). وقد قال الإمام الشافعي: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد (سير أعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي، ج10/ ص 32). وقد خصص العلامة عبد الرحمن بن خلدون فقرة في مقدمته الشهيرة بعنوان: «في أن الظلم مؤذن بخراب العمران».
وإن للظلم أنواع متعددة ومتفاوتة الضرر والعقوبة، فمنها ظلم الإنسان لربه، وظلمه لأخيه الإنسان، وظلمه للحيوان، وظلمه للطبيعة، وظلمه لنفسه.. ومن الظلم ما هو بدني كالقتل، وما هو مالي كالسرقة والغصب والاحتيال والربا والاستغلال والإسراف والبخل والتقتير والاحتكار، وبخس الناس أشياءهم والغش والخديعة والتطفيف والوزن بمكيالين، قال تعالى: {ويلٌ للمطفّفين* الّذين إذا اكتالوا على النّاس يستوفون* وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} [المطففين: 1-3].
هذه الأعمال العدوانية المروعة، التي تقع على الشعب المحاصر في غزة أمام أنظار العالم، تتواصل في ظل غطاء سياسي ودعم مستمر من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين؛ فبينما يفترض أن تكون واشنطن وسيطًا في تهدئة النزاع وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، تواصل دعمها العسكري والمالي للاحتلال الإسرائيلي، بصفقات أسلحة ضخمة تجاوزت قيمتها 20 مليار دولار. هذه السياسات تسهم في تعميق مأساة الشعب الفلسطيني وإطالة معاناته، وتهدد حقه المشروع في الحياة الكريمة على أرضه التاريخية.
– مفهوم الظّلم
إن الظلم في المنظور الإسلامي هو نقيض العدل والإنصاف، وهو عدوان على الآخر بسبب أو من دونه؛ ولذلك كان الظلم صفة ذميمة ترفضها كل بصيرة واعية. (الهرامة، 2007).– موقف الإسلام من الظالمين
لا تكاد تجد صفات كرّر الله ذمّها في القرآن الكريم، وأوعد المتصفين بها بأقسى العقوبات مثل صفات الظلم والعدوان، واغتصاب الحقوق.
حظيت صفة الظّلم باهتمام عظيم في القرآن الكريم، وفي سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم)، ولذلك كانت إزالة الظلم أساس التربية الدينية القويمة. وهي عنوان أخلاق الأنبياء التي بُعث النبي صلى الله عليه وسلم متمماً لها حتى قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (الهرامة، 2007: 28). وقد قال الإمام الشافعي: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد (سير أعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي، ج10/ ص 32). وقد خصص العلامة عبد الرحمن بن خلدون فقرة في مقدمته الشهيرة بعنوان: «في أن الظلم مؤذن بخراب العمران».
وإن للظلم أنواع متعددة ومتفاوتة الضرر والعقوبة، فمنها ظلم الإنسان لربه، وظلمه لأخيه الإنسان، وظلمه للحيوان، وظلمه للطبيعة، وظلمه لنفسه.. ومن الظلم ما هو بدني كالقتل، وما هو مالي كالسرقة والغصب والاحتيال والربا والاستغلال والإسراف والبخل والتقتير والاحتكار، وبخس الناس أشياءهم والغش والخديعة والتطفيف والوزن بمكيالين، قال تعالى: {ويلٌ للمطفّفين* الّذين إذا اكتالوا على النّاس يستوفون* وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} [المطففين: 1-3].
ومن الظلم ما هو معنوي كالغيبة والنميمة والإهانة والكذب، وأشده البهتان والافتراء على الله والنفاق، ومنه اللمز والهمز والحسد والإرهاب والترويع والطغيان والشتم والغواية وانتهاك العرض والخيانة.
من الآثار القاسية نتيجة الظلم ما يسببه من الحروب، والثارات الجماعية والفردية، والعدوان بمختلف أشكاله المادية والمعنوية، وما ينتج عن كل ذلك من إراقة للدماء وهتك للأعراض، وإكراه للنفوس، وسلب للأموال، واغتصاب للأرض والعرض، وفي أدنى ذلك ما يثير غضب الله، وغضب الضمائر الحية في الناس؛ قال تعالى: {وما اعتدينا إنّا إذًا لمن الظّالمين} [سورة المائدة: 107].
وإن أسوأ ما يقع من ذلك على النفس البشرية فقدان الأمن والشعور بالخوف والقلق، وهو ما يسبب مشاعر الإحباط وضعف الأمل والإذلال والإقصاء، وما يترتب عليه من قلة الغطاء المادي والمعنوي، وضآلة الإبداع الذي يتطلب الاستقرار النفسي والأمن التام من جميع أنواع الخوف؛ ولذا فقد امتن الله على قريش بالأمن باعتباره أحد أهم الحاجات الضرورية للإنسان، فقال سبحانه: {فليعبدوا ربّ هذا البيت* الّذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ} [قريش: 3 ـ 4] (الهرامة، 2007: 36).
ويتضح من قراءة بعض آيات القرآن الكريم أن خطر الظلم ليس مقتصراً على المظلومين، بل هو على الظالمين أكثر قسوة وأعظم خطراً؛ لأنه يقودهم إلى جهنم حتى لكأنها لم تخلق لغيرهم، نظراً لسعة الظلم وشدة خطره، قال تعالى: {لهم من جهنّم مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ وكذلك نجزي الظّالمين} [سورة الأعراف: 41].
والعدوان ظلمٌ سواء وقع على المسلم أو على غير المسلم، فقد امتدح الرسول الكريم حلف الفضول الذي عقد في الجاهلية؛ لأنه يدعو إلى دفع الظلم عن كل مظلوم، حيث تعاقد مبرموه وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتى ترد إليه مظلمته، فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول، وقال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان فيمن حضره: «لقد شهدت في دار عبد الله حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى إليه في الإسلام لأجبت» (سيرة ابن هشام: 1/73).
الأخذ والزوال والتدمير والتنكيل جزاء فسقهم وعصيانهم.
وجعلنا لمهلكهم موعدًا} [الكهف: 59].
إن الحضارة الأمريكية والأوروبية، حدث لها اختراق حقيقي من قبل الأجهزة الصهيونية المتخصصة بالقضايا الفكرية، والدعاية الدينية، فحرّفت الكثير من الحقائق التاريخية من قضية “أرض الميعاد” و”هيكل سليمان”، ونجحت بدعم بعض حكومات الغرب في اختراق وتشويه المنظومة الأخلاقية والقانونية الغربية. ومارست تلك الأفكار دورها في تغييب القيم التي تخاطب الفطرة السليمة، وجعْل كثير من القادة الغربيين على اختلاف مواقفهم يسقطون في خندق الاستكبار والظلم على حساب قيم شعوبهم ومؤسساتهم، وشعاراتهم الإنسانية والحضارية التي نادوا بها طويلاً.
والحقيقة المرة هي أن دولًا عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا، وبعض دول الغرب، وهي البلدان التي أسسها المهاجرون والهاربون من الظلم والاضطهاد، قد أحلوا أنفسهم محل الجبابرة الذين اضطهدوا وعذبوا واستكبروا.
وفي الختام، لا شك أن الدائرة ستدور على المعتدين الظالمين اليوم كما دارت عليهم بالأمس، فهذا الظلم المتراكم الذي يرتكبه الكيان الصهيوني، ومن خلفه الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، مؤذنٌ بقرب نهاية الحضارة الغربية المادية الضالة عقائدياً والفاسدة أخلاقياً، وأن أجل انهيار وأفول هذه الحضارة وتلك الأمم التي تنضوي تحت شعارها قد اقترب، فهذا وعد الله للمظلومين ووعيده للظالمين المتكبرين، وسنته الثابتة والمتكررة في خلقه عبر التاريخ البشري.
وصدق الله تعالى القائل في كتابه العزيز: ﴿وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءهم نذيرٌ لّيكوننّ أهدىٰ من إحدى الأمم ۖ فلمّا جاءهم نذيرٌ مّا زادهم إلّا نفورًا* استكبارًا في الأرض ومكر السّيّئ ۚ ولا يحيق المكر السّيّئ إلّا بأهله ۚ فهل ينظرون إلّا سنّت الأوّلين ۚ فلن تجد لسنّت اللّه تبديلًا ۖ ولن تجد لسنّت اللّه تحويلًا﴾ [فاطر: 42-43].
– أثر الظّلم على الخلق
من الآثار القاسية نتيجة الظلم ما يسببه من الحروب، والثارات الجماعية والفردية، والعدوان بمختلف أشكاله المادية والمعنوية، وما ينتج عن كل ذلك من إراقة للدماء وهتك للأعراض، وإكراه للنفوس، وسلب للأموال، واغتصاب للأرض والعرض، وفي أدنى ذلك ما يثير غضب الله، وغضب الضمائر الحية في الناس؛ قال تعالى: {وما اعتدينا إنّا إذًا لمن الظّالمين} [سورة المائدة: 107].
وإن أسوأ ما يقع من ذلك على النفس البشرية فقدان الأمن والشعور بالخوف والقلق، وهو ما يسبب مشاعر الإحباط وضعف الأمل والإذلال والإقصاء، وما يترتب عليه من قلة الغطاء المادي والمعنوي، وضآلة الإبداع الذي يتطلب الاستقرار النفسي والأمن التام من جميع أنواع الخوف؛ ولذا فقد امتن الله على قريش بالأمن باعتباره أحد أهم الحاجات الضرورية للإنسان، فقال سبحانه: {فليعبدوا ربّ هذا البيت* الّذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ} [قريش: 3 ـ 4] (الهرامة، 2007: 36).
ويتضح من قراءة بعض آيات القرآن الكريم أن خطر الظلم ليس مقتصراً على المظلومين، بل هو على الظالمين أكثر قسوة وأعظم خطراً؛ لأنه يقودهم إلى جهنم حتى لكأنها لم تخلق لغيرهم، نظراً لسعة الظلم وشدة خطره، قال تعالى: {لهم من جهنّم مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ وكذلك نجزي الظّالمين} [سورة الأعراف: 41].
والعدوان ظلمٌ سواء وقع على المسلم أو على غير المسلم، فقد امتدح الرسول الكريم حلف الفضول الذي عقد في الجاهلية؛ لأنه يدعو إلى دفع الظلم عن كل مظلوم، حيث تعاقد مبرموه وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتى ترد إليه مظلمته، فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول، وقال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان فيمن حضره: «لقد شهدت في دار عبد الله حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى إليه في الإسلام لأجبت» (سيرة ابن هشام: 1/73).
– سنة الله الجارية في إهلاك واستبدال الظالمين:
إن لله تعالى سننًا ثابتة وجارية في الظالمين، وأتباعهم، ومن
عاونهم، وإن الآيات الكريمة تقرّر سنةً من سنن الله الربانية التي لا
تحابي أحداً من خلقه، إنّها سنة زوال الأمم بالفساد والتجبر، وزوالها
بالطغيان والعدوان، وزوالها أيضاً بالعصيان والبطر والكبرياء،
كما في قوله تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميرًا} [الاسراء: 16].
أي أمرناهم بالأمر الشرعي من فعل الطاعات واجتناب المعاصي،
فعصوا وفسقوا وحققوا أسباب الزوال والانهيار، فحقّت عليهم سنة
الأخذ والزوال والتدمير والتنكيل جزاء فسقهم وعصيانهم.
فالأمم والحضارات تهلك، وتزول، إذا فشا فيها الظلم، وساد دون أي
مقاومة أو محاولة للإصلاح، وإقامة العدل، والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، قال تعالى: {وتلك القرى أهلكناهم لمّا ظلموا
وجعلنا لمهلكهم موعدًا} [الكهف: 59].
ولأن سنن الله تعالى في إهلاك الظالمين واستبدالهم لا تحابي أحداً
من الخلق، فقد وقعت على بني إسرائيل أنفسهم بعد أن نصرهم الله
تعالى على جالوت وجنده من قبل، ومكّن لهم في أرض فلسطين
وحولها، فلما انحرف اليهود عن دعوة أنبياء بني إسرائيل (عليهم
السلام) تم عزلهم عن منصب قيادة الإنسانية، وقد جاء تفصيل ذلك
بشكل واضح وصريح في سورة الإسراء
(المباركفوري، 1996، ص 120).
وقد مضت سنة الله في الاجتماع البشري أن الله تعالى ما أهلك قوماً
إلا جاء من بعدهم قوم آخرون، يقومون بعمارة الأرض والخلافة
فيها، قال تعالى: ﴿وإن تتولّوا يستبدل قومًا غيركم ثمّ لا يكونوا
أمثالكم﴾ [محمد: 38]، وذلك ليستمر العالم قائماً على عقيدة سليمة،
وأسس وأخلاق وقيم صحيحة صالحة للبقاء (هيشور، 1997: 73).
– العدوان الغاشم على غزّة والظلم الأمريكي والغربي في دعم إسرائيل
والحقيقة المرة هي أن دولًا عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا، وبعض دول الغرب، وهي البلدان التي أسسها المهاجرون والهاربون من الظلم والاضطهاد، قد أحلوا أنفسهم محل الجبابرة الذين اضطهدوا وعذبوا واستكبروا.
وفي الختام، لا شك أن الدائرة ستدور على المعتدين الظالمين اليوم كما دارت عليهم بالأمس، فهذا الظلم المتراكم الذي يرتكبه الكيان الصهيوني، ومن خلفه الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، مؤذنٌ بقرب نهاية الحضارة الغربية المادية الضالة عقائدياً والفاسدة أخلاقياً، وأن أجل انهيار وأفول هذه الحضارة وتلك الأمم التي تنضوي تحت شعارها قد اقترب، فهذا وعد الله للمظلومين ووعيده للظالمين المتكبرين، وسنته الثابتة والمتكررة في خلقه عبر التاريخ البشري.
وصدق الله تعالى القائل في كتابه العزيز: ﴿وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءهم نذيرٌ لّيكوننّ أهدىٰ من إحدى الأمم ۖ فلمّا جاءهم نذيرٌ مّا زادهم إلّا نفورًا* استكبارًا في الأرض ومكر السّيّئ ۚ ولا يحيق المكر السّيّئ إلّا بأهله ۚ فهل ينظرون إلّا سنّت الأوّلين ۚ فلن تجد لسنّت اللّه تبديلًا ۖ ولن تجد لسنّت اللّه تحويلًا﴾ [فاطر: 42-43].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق