لمثل هذا يذوب القلبُ مِنْ كَمَدٍ ..!
د.عبدالعزيز كامل
هذه الكلمات من الشاعر الأندلسي(أبو البقاء الرندي) في رثاء سقوط مدائن الأندلس..تصلح عنوانًا لهذه المرحلة - التي نرجو ألا تطول على المسلمين - ..فلست من الذين أسعدتهم تلك النهاية البئيسة الكبيسة لمسلسل واقعة الغدر والخيانة التي اقترنت باسم المملكة العربية السعودية...ولست ممن سرهم مشهد الانحدار والاندحار الذي آلت إليه الأمور هناك، فسواء شئنا أم أبينا فإن ماحدث ويحدث وسيحدث من سوء في جزيرة العرب ؛ يخُصُّ كل العرب ، ويعُمُّ كل المسلمين، ففي قلب الجزيرة قبلتهم..و على أرضها حجهم وعمرتهم وزيارتهم، ويقترن باسمها جميع ما يعتزون به في سيرة نبييهم و تاريخ أمتهم ، ولذا سيؤدي ما يحصل هناك إلى أن يؤذى كل مسلم ويضار ؛ كلما خرجت من هناك أخبار فضيحة ٍ أو عار ..
فبدلًا من شهود عموم البشر وشهادتهم على انطلاق دعوة عالمية راشدة من (بلاد الحرمين) تحت قيادة دولية قديرة ، تُسَخِّر موارد المسلمين وثرواتهم لنفع الأمة و نصرة الدين.. إذا بتلك الأمة تُنكِس رأسها خجلًا من ":فرجة " العالم على قادةٍ كان يُفتَرض أن يكونوا فخرًا لها وذخرًا لأجيالها.. وما كان لمسلمٍ أن يفرح أو تقر عينه وهو يرى الكفار والفجار والقتلة الطغاة من اليهود والنصارى والمشركين يجلسون على مقاعد النصائح الأستاذية ؛ وهم يعظون ويعطون دروسًا في الأخلاق والكرامة الإنسانية لقادة مملكة " الإنسانية " ولحكام بلاد (تنزل الوحي) وفي أرض (الكعبة المشرفة).. ومثوى (الجسد الشريف )..وسط مشاهد عالمية إعلامية تتكرر فيها مشاهد (راية التوحيد ) وهي ترفرف مع شعار (سيف الجهاد).. وباسم أسرة آل سعود التي اقترن تاريخها بنصرة (الشيخ محمد بن عبد الوهاب ) لنشر (دعوة التوحيد ) على (منهج السلف الصالح)..!
ومما يَفْرِي الكبد ويُدِمي القلب؛ أن كل تلك المعاني الروحية السامية ؛ يجري تسميمها وتلويثها باقترانها في الذكر مع سيرة من صاروا سيئِي الذكر، ويزيد الأمر سوءًا محاولات بعض المنسوبين للعلم زورًا ؛ إضفاء شرعية إسلامية ..ومُسْحةٍ عبقرية عربية ..بخلفية علمية " سلفية " على كل قاصمة ظهر أو ظاهرة قهر تخرج من هناك..مرة باسم (إمامة الحرمين ).وأخرى باسم (هيئة كبار العلماء)..وثالثة باسم كل المسلمين تحت مُسمى ما يُسمى ب(منظمة المؤتمر الإسلامي) ..!!
وكأن هؤلاء قد قرروا بعد (سَعْودة الإسلام )..أن يشرعنوا ويقننوا الإجرام.. وكل ذلك في أخطر ظرف تمر به جزيرة العرب في تاريخها ، وسط تربصٍ رافضي ،و تسللٍ يهودي ،وابتزازٍ وطغيانٍ صليبي .. لم يتهيأ له آل سعود بأي (حشدٍ شعبي)..ولا تضامنٍ عربي ، ولا تكاملٍ إسلامي ..بل بمزيد من الانحرار وراء بطانات الأشرار ، مع مايشبه الانتحار بإستبعاد الناصحين الأبرار.. وشحن كل الأحرار وراء الأسوار..
عزاؤنا الوحيد في كل مايجري..أن الله تعالى يُشهد به المؤمنين على آيات عدله..و علامات قدرته وحكمته في جريان سننه فيمن حادَّ أمره وخذل دينه وعادى أولياءه فهو سبحانه القائل : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت /53)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق