الخميس، 4 أكتوبر 2018

من الديوان الملكي إلى المنفى: لماذا يريد ابن سلمان إسكات خاشقجي

من الديوان الملكي إلى المنفى: لماذا يريد ابن سلمان إسكات خاشقجي
ديفيد هيرست



"إن جمال خاشقجي صديق لي، ولذلك ما أنا بصدد كتابته هنا ليس محايدا. "


في الكثير من الحوارات التي جرت بيننا، ولزمن طويل منذ أن اختلف مع النظام الجديد في الرياض بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، نأى جمال خاشقجي بنفسه عن حمل صفة "المنشق السعودي". بل إنه كان يعتبر نفسه موالياً، وابن المؤسسة، فهو صحفي وخبير مخضرم في السياسة الخارجية كان حتى وقت قريب ضمن دائرة الديوان الملكي، وكان في بعض الأوقات يسافر في معيتهم.

مقت شديد

بإمكاني أن أذكر العديد من الأمثلة على حالات اختلف فيها خاشقجي مع منتقدي المملكة من الليبراليين الغربيين الذي كان يتركهم قائلاً هذا فراق بيني وبينكم. وكان، على الأقل في بداية الأمر، قد أعلن عن دعمه للحرب التي تقودها السعودية في اليمن. فمثله في ذلك مثل العديد من المحللين العرب السنة، كان يظن أن إيران تمادت في توغلها داخل العالم العربي السني وأنه حان الوقت لأن تقوم المملكة العربية السعودية بصدها. 

وكان من المدافعين عن عقوبة الإعدام، وأيد الحملة على الفساد – لو أمكن إقناعه بأنها حملة صادقة. كما أيد الجهود المبذولة لتنويع الموارد وخصخصة قطاع النفط حتى يصبح قطاعاً مستقلاً. 

إلا أن خاشقجي تمسك بمبدأ واحد لم تحتمله منه بطانة محمد بن سلمان، ويتعلق هذا المبدأ بخصلة جلبت عليه مقتهم الشديد. كان خاشقجي نزيهاً مخلصاً، وكان يتعذر شراؤه، كان يعبر عما في خاطره، وكان واضحاً فيما يقول. 

كان يرى بوجود طريق واحد يتوجب على المملكة أن تسلكه في القرن الحادي والعشرين – ألا وهو الانفتاح ببطء على ديمقراطية تترأسها ملكية دستورية تتراجع من المشهد بالتدريج. 

كان يخشى من أن يتسبب ولي العهد في نهاية المطاف بإفلاس البلد بسبب مشاريعه النزوية الهادفة إلى إقامة مدن لامعة في الرمال – مدن مآلها أن تبقى خالية مهجورة. لقد أقر بأن محمد بن سلمان يتمتع بشعبية في أوساط الشباب، ولكنه قدر أن تلك الشعبية ستتلاشى عندما يفرض عليهم إخراج محافظ نقودهم وإفراغ ما فيها. ولفت هذا الصحفي السعودي الانتباه إلى التقارير التي كانت تتحدث عن هروب رؤوس الأموال إلى خارج البلاد. 

ولي العهد الأرعن

كان انتقاد خاشقجي للسلطات في بلاده دقيقاً، ولهذا السبب وحده أعتبره إصلاحياً حقيقياً وديمقراطياً أصيلاً. وكونه قد مر عليه أكثر من أربعة وعشرين ساعة وهو معتقل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول يفصح عن الكثير والكثير جداً من صفة ونوايا أولئك الذين يديرون المشهد في الرياض. 

يبدد ذلك أسطورة العلاقات العامة الممولة جيداً، والتي ضمنت صحفيين مثل توماس فريدمان في نيويورك تايمز وزميل جمال في الواشنطن بوست دافيد إغناتيوس اللذين أشادا بمحمد بن سلمان كإصلاحي. وكان إغناتيوس قد كتب يقول إن ولي العهد السعودي يستخدم مع بلاده "العلاج بالصدمات". لا أعتقد أن الصحيفة التي يكتب فيها تؤيد مثل هذا السلوك. 

ما من شك في أن ما يفعله محمد بن سلمان صادم، ولكنه بصدماته تلك لا يعالج. بل هو شخص حقود، يندفع برغبة جامحة في الانتقام. إنه عنيد لا يبالي بأحد ولا يحترم سيادة أي دولة أخرى على أراضيها، ولا يأبه بأية محاكم ولا بأي وسائل إعلام. إنه شخص أرعن. وكونه اختار القيام بحركته البهلوانية في إسطنبول، على الأراضي التركية، إنما يعبر عن مدى الرعونة التي يتصف بها ولي العهد السعودي، هو والبطانة المحيطة به. 

لقد تدهورت العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتركيا بشكل مستمر منذ المحاولة الانقلابية ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل عامين. كان واضحاً في أي جانب تقف وسائل الإعلام التي تديرها الدولة السعودية أثناء الليلة التي جرت فيها المحاولة الانقلابية. فقد تكرست كلها من أولها لآخرها لتغطية الحدث مشرعة أبوابها أمام المعلقين الذين كانوا يجزمون بأن أردوغان إما قتل أو هرب إلى الخارج. 

وكانت نجاة أردوغان بالنسبة للرياض بمثابة الأخبار السيئة.

استغرقت وسائل إعلام الدولة السعودية ست عشرة ساعة لإدراك أن الانقلاب لم ينجح، وبعد ذلك فقط نشرت بياناً أعرب عن "ترحيب المملكة بعودة الأمور إلى نصابها بقيادة سيادة الرئيس طيب أردوغان وحكومته المنتخبة انسجاماً مع الشرعية الدستورية وإرادة الشعب التركي."

زمن حرج

ماتزال تلك الذكريات حية، وخاصة لدى الرئاسة التركية. إن مجازفة محمد بن سلمان بدفع العلاقات السعودية مع تركيا إلى مزيد من التدهور من خلال اختطاف صحفي شهير على الأرض التي يحكمها أردوغان تشير إلى مدى ما يعيش فيه حاكم المملكة القادم من تقلب واضطراب. 

وكما تعلم الرياض جيداً، فقد حصلت على القليل جداً مقابل الثلاثمائة مليون دولار التي دفعتها نقداً للسياسيين العراقيين من مختلف التوجهات والمذاهب الذين كانوا يتنافسون في الانتخابات الأخيرة. وتعلم كذلك أن تركيا وإيران تجريان محدثات على أعلى المستويات – وكذلك الحشد الشعبي والمجموعات السنية في العراق – حول الترتيبات الأمنية الجديدة في المناطق التي تصنف تقليدياً على أنها مناطق أهل السنة. 

إنها المرة الأولى منذ سنوات عديدة التي تعاني فيها الفصائل الشيعية في العراق انقساماً حقيقياً والتي تتاح فيها الفرصة أمام إبرام صفقة سياسية لا تقوم على أساس طائفي. إنه زمن حرج بالنسبة للعلاقات السعودية التركية، وليس من مصلحة الرياض زعزعة "عربة التفاح" هكذا على الملأ وبشكل فظ كما يبدو أنها فعلت داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. 

تجزم المخابرات التركية بأن خاشقجي لا يزال داخل المبنى، ولذلك بادرت السلطات بفرض طوق أمني من حوله. إن من الأهمية بمكان أن تعمل تركيا على ضمان سلامة وحرية خاشقجي لأسباب تتجاوز الرجل ذاته وما بين البلدين من علاقات ثنائية رثة. 

تركيا: ملاذ آمن

بالإضافة إلى أنها باتت ملاذاً لملايين اللاجئين السوريين، تؤوي تركيا الآلاف من المبعدين السياسيين من مختلف أنحاء العالم العربي. 

لقد أصبحت إسطنبول مأوى تقريباً لكافة ألوان الطيف الذي تتشكل منه المعارضة المصرية، بعلمانييها وإسلامييها على حد سواء. وفي سجونها يقبع عدد من المتشددين الذين ولدوا ونشأوا في بريطانيا. ثمة الكثير مما يجري في إسطنبول، وهناك أكثر من حكومة غربية تحرص على بقاء الأمر على ما هو عليه. 

فيما لو سمحت تركيا للحكومات الأجنبية بممارسة الخطف فوق أراضيها، فإن من شأن ذلك أن يعرض أمنها الداخلي للتدهور، وسيفقدها ذلك ما تتمتع به من نفوذ كبير في الشرق الأوسط من خلال توفير ملاذ آمن لعدد من جماعات المعارضة السنية. 

ليس واضحاً بعد كم من الضغط سيكون وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على استعداد لممارسته على نظيره السعودي عادل الجبيري بشأن قضية خاشقجي (الذي يملك حق الإقامة في الولايات المتحدة ويعتبر واحداً من كتاب الأعمدة في صحيفة الواشنطن بوست). ومن المعلوم أن البيت الأبيض ليس مغرماً بالواشنطن بوست ولا بحرية التعبير. 

لا يتوانى ترامب من حين لآخر عن توجيه الإهانات لعاهل المملكة العربية السعودية الملك سلمان ليجبره على دفع المزيد من المال مقابل ضمان أمنه إضافة لما دفعه من أموال حتى الآن. 

يبتلع النظام الحاكم في المملكة العربية السعودية هذه الإهانات الواردة من ترامب لعلمه بأنه لا يوجد لديه خيار آخر، وذلك على الرغم من أنه يذهب إلى أقصى مدى في الاتجاه المعاكس حين يتعامل مع الدول التي يعتبرها أقل شأناً مثل كندا. 

كان خاشقجي أول من حذر السعوديين من مغبة الاقتراب الشديد من ترامب. والحقيقة أن ذلك كان السبب الحقيقي في نشوب خلاف بينه وبين النظام السعودي بادئ ذي بدء، ولقد حصل ذلك قبل وقت طويل من انعقاد القمة الإسلامية الأمريكية في الرياض في شهر مايو من العام الماضي والإعلان فيها عن صفقات السلاح الكبيرة بين البلدين. ونظراً لأن الرياض فاتها أن تنتصح بما أشار به عليها الصحفي خاشقجي فقد سعت بكل ما أوتيت من قوة لإسكاته. 



ينبغي ألا يسمح للسعوديين بالنجاح في ذلك، ولأكثر من سبب. 

ترجمة خاصة لـ"عربي21" عن موقع ميدل إيست آي البريطاني


ترجمة أخري
من الديوان الملكي السعودي إلى المنفى: لماذا تريد MBS إسكات جمال خاشقجي
لم يستطع ولي العهد ودائرته أن يعتادوا أن خاشقجي كان صادقاً ، وتحدث عن رأيه ولا يمكن شراؤه

ليس معارضاً للنظام وأيّد محمد بن سلمان في الكثير من قراراته.. هذه هي الأسباب الحقيقية لاختطاف خاشقجي

جمال خاشقجي صديقٌ لي؛ لذا فإنَّ ما أنا بصدد كتابته الآن يفتقر إلى الموضوعية.

في المحادثات العديدة التي جمعتنا معاً، ولفترةٍ طويلةٍ بعدما اختلف مع النظام الجديد في الرياض في ظلِّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، كان خاشقجي يتحاشى وصفه بـ «المعارض السعودي». اعتبر نفسه ملكياً، ابناً للمؤسسة، وصحافياً مخضرماً في السياسة الخارجية، كان لأمدٍ طويل داخل دائرة الديوان الملكي التي يكتنفها الغموض. وسافَرَ معهم في مناسباتٍ سابقة.

عداءٌ مُطلَق

يمكنني الاستشهاد بالكثير من الأمثلة لافتراق خاشقجي عن النُقَّاد الليبراليين الغربيين للمملكة السعودية. فقد أيَّد -مبدئياً على الأقل- الحرب التي تقودها السعودية على اليمن. ومثل كثيرٍ من المُحلِّلين العرب السُنَّة، اعتقد أنَّ إيران قد تمادت في نشر نفوذها في العالم العربي السُنِّي، وأنَّ الوقت قد حان للمملكة السعودية كي تصدها.

فضلاً عن أنَّه دافع عن عقوبة الإعدام. وأيَّد حملةً قمعية على الفساد – في حال إذا أمكن إقناعه بأنَّها صادقة. وأيَّد أيضاً محاولات تنويع الاقتصاد المُعتمِد على النفط وخصخصته.

لكنَّ خاشقجي كان متمسِّكاً بمبدأ واحد، هو أنَّ الدائرة الصغيرة المُلتفَّة حول محمد بن سلمان لا يمكنها التحمُّل، وهو ما أكسبه عداءهم المُطلَق. وكان خاشقجي صادقاً. لم يكن من الممكن شراء ذمته. إذ أعلن رأيه، وكان واضحاً فيما يقول.

اعتقد الرجل أنَّه ليس أمام المملكة إلا طريق واحد ينبغي أن تسلكه في القرن الحادي والعشرين، طريق انفتاحٍ ديمقراطي بطيء تقوده ملكية دستورية تتنحّى تدريجياً.

وكان يخشى أن يتسبَّب ولي العهد في النهاية في إفلاس البلاد نتيجة مشروعاته الخُيلاء لإقامة مدن متلألئة جديدة في الصحراء، مدن ستبقى خاوية. وكان يعترف بأنَّ بن سلمان يتمتع بشعبية بين الشباب، لكنَّه حَسِبَ أنَّ هذه الشعبية ستستمر حتى المرحلة التي يتعين عليهم عندها فتح محفظاتهم. وكان الصحافي السعودي منتبهاً كثيراً للتقارير التي تتحدث عن هروب رأس المال من المملكة.

ولي العهد المتهور

كانت انتقادات خاشقجي لبلاده دقيقة، ولهذا السبب فقط سأعتبره مُصلِحاً حقيقياً وديمقراطياً حقاً. وفكرة أنَّه على الأرجح قد مرَّ على احتجازه داخل القنصلية السعودية في إسطنبول 24 ساعة بحلول الآن، تنبئنا بالكثير عن شخصية أولئك الذين يديرون المشهد في الرياض ونيَّاتهم.

فهذا يُبدِّد أسطورة العلاقات العامة التي صُرِف عليها جيداً، والتي ورَّطت صحافيين أمثال توماس فريدمان الصحافي بصحيفة The New York Times الأميركية، وديفيد إغناتيوس زميل جمال بصحيفة The Washington Post الأميركية، اللذين أشادا بابن سلمان باعتباره مُصلِحاً. إذ كتب إغناتيوس أنَّ ولي العهد السعودي كان يُقدِّم لبلاده «علاجاً بالصدمة». لم أكن أظن أنَّ صحيفته تدعم إجراء الجراحات الفصّيّة (عبارة تهكُّمية؛ لأنَّ تلك العمليات كانت تهدف لعلاج بعض الأمراض النفسية والعقلية، لكنَّها تسبَّبت في آثار جانبية ونتائج سلبية كثيرة).

إنَّ محمد بن سلمان صادِمٌ فعلاً، لكنَّه ليس طبيباً نفسياً، بل شخص انتقامي؛ فهو يحمل الضغائن، ومتصلبٌ لأقصى حد. وهو بالقطع لا يحمل أي احترام لسيادة أي دولة أخرى أو أراضيها أو محاكمها أو إعلامها. إنَّه متهور. وفكرة أنَّه تعيَّن عليه فعل هذا العمل الجريء في إسطنبول، فوق الأراضي التركية، مقياسٌ لمدى تهور ولي العهد السعودي والدائرة الضيقة المحيطة به.

تدهورت العلاقات بين السعودية وتركيا باطراد منذ المحاولة الانقلابية على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل عامين. وكان واضحاً الجانب الذي انحازت إليه وسائل الإعلام السعودية التي تديرها الدولة في ليلة الانقلاب. إذ خصَّصت وسائل الإعلام تلك تغطية كاملة، وكل المُعلِّقين الذين ظهروا فيها كانوا يقولون إنَّ أردوغان إمَّا لقي مصرعه أو فرَّ من البلاد.

كان نجاح أردوغان في تجاوز تلك الليلة نبأً سيئاً بحق للرياض.

وتطلَّب الأمر من وكالة الإعلام التابعة للدولة السعودية 16 ساعة لتدرك أنَّ الانقلاب لم ينجح، وأصدرت بياناً يعرب عن «ترحيب المملكة بعودة الأمور إلى نصابها بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته المنتخبة، وفي إطار الشرعية الدستورية، وفق إرادة الشعب التركي».

فترة دقيقة

ما زالت تلك الذكريات مؤلمة، خصوصاً في الرئاسة التركية. وفكرة أنَّ محمد بن سلمان ربما خاطر بدفع العلاقات السعودية مع تركيا إلى مستوى منخفض جديد باختطافه صحافياً بارزاً على أرض أردوغان تُمثِّل مؤشراً آخر على مدى تقلُّب الحاكم المقبل للمملكة.

وكما تعي الرياض جيداً، فإنَّها لم تحصل على الكثير مقابل الـ300 مليون دولار التي دفعت معظمها نقداً للساسة العراقيين الذين كانوا يتنافسون في الانتخابات الأخيرة من مختلف الطوائف. وتعي كذلك أنَّ تركيا وإيران في خضم مباحثاتٍ رفيعة المستوى، تماماً كما هو الحال بين الحشد الشعبي والمجموعات السُنِّية في العراق، بشأن تسوية أمنية جديدة في المناطق السُنِّية تقليدياً.

هذه هي المرة الأولى منذ سنوات التي تكون فيها الفصائل الشيعية مُنقسِمة بحق وتسنح إمكانية تحقيق صفقة سياسية لا تقوم بالكامل على أساس الانقسامات الطائفية. هذه فترة دقيقة للعلاقات السعودية-التركية. وليس من مصلحة الرياض أن تخلط الأمور على نحوٍ علني وأخرق بالصورة التي يبدو أنَّها فعلتها في القنصلية السعودية بإسطنبول.

فلدى الاستخبارات التركية قناعة بأنَّ خاشقجي ما زال داخل المبنى، وقد طوَّقته. ومن الضروري أن تضمن تركيا إطلاق سراحٍ آمن لخاشقجي، لأسباب تتجاوز الرجل نفسه والعلاقة الثنائية المتداعية بين البلدين.
تركيا: ملاذٌ آمن
بعيداً عن أنَّ تركيا تستوعب ملايين اللاجئين السوريين، فإنَّها تستضيف آلافاً من المنفيين السياسيين من مختلف أنحاء العالم العربي.
إذ تضم إسطنبول طيفاً كاملاً تقريباً من المعارضة المصرية، العلمانية والإسلامية. وفي سجونها يقبع متشددون وُلِدوا في بريطانيا. وهناك الكثير الذي يجري في إسطنبول، وأكثر من حكومة غربية ستُفضِّل بقاء الوضع على هذا النحو.

وإن سمحت تركيا لعمليات الاختطاف من الحكومات الأجنبية بالوقوع على أراضيها، سيتدهور أمنها الداخلي سريعاً. وستخسر كذلك النفوذ الكبير الذي تتمتع به في الشرق الأوسط بتوفيرها ملاذاً آمناً لعددٍ من مجموعات المعارضة السُنّيّة.

لم يتضح بعد إلى أي حد قد يكون وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مستعداً للضغط على نظيره السعودي عادل الجبير في ما يتعلَّق بخاشقجي (الذي يمتلك إقامة في الولايات المتحدة وكاتب عمود في صحيفة The Washington Post الأميركية). كما أنَّ البيت ليس مُعجباً كبيراً بصحيفة The Washington Post ولا بحُريِّة الصحافة.

يهين الرئيس دونالد ترمب العاهل السعودي الملك سلمان ويسيء إليه  بانتظاملإجباره على دفع أكثر ممَّا دفعه بالفعل مقابل أمنه.

ويستوعب النظام في السعودية تلك الإهانات من ترمب، في حين يذهب إلى النقيض من ذلك تماماً مع الدول التي يعتبرها أصغر مثل كندا؛ لأنَّه يعي ألَّا خيار آخر لديه.

كان خاشقجي أول مَن حذَّر السعوديين من أخطار التماهي كثيراً مع ترمب. في الواقع، كان هذا هو سبب خلافه مع النظام السعودي في المقام الأول، وكان ذلك قبل وقتٍ طويل من القمة العربية الإسلامية الأميركية التي انعقدت بالرياض في مايو/أيار الماضي وإعلان صفقات الأسلحة المُربِحة. بالفعل فات الأوان على أن تنتبه السعودية لكلمات خاشقجي، ولذا لجأوا لهذه المحاولة اليائسة لإسكاته.

لكن لأكثر من سبب، لا يجب السماح لهم بالنجاح.


– هذا الموضوع مترجم عن موقع Middle East Eyeالبريطاني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق