نجوتُ من القصف بأعجوبة وجمعت أشلاء إخوتي.. أنا مهاجر إريتري في ليبيا وهذه قصتي
يونس الإرتيري (اسم مستعار)
مهاجر من إريتريا موجود حالياً في ليبيا
في 2 يوليو/تموز 2019، قصفت طائرة مركزاً لاحتجاز المهاجرين في بلدة تاجوراء المطلة على الساحل الليبي، كان يضم المركز بين كنفيه أكثر من 600 شخص.. كنت أنا واحداً منهم.
مرّ عام تقريباً على ذلك الهجوم المروّع، لكنني لن أنسى أبداً تلك اللحظة. أتذكر جميع اللاجئين وهم يسقطون على الأرض في هلع وفزع لا مثيل لهما بعدما دُمِّر سقف زنزانتنا وسقط علينا. وأطلق الحراس النيران على كل مَن حاول الهرب. وبعد ذلك، أبلغونا بأن 53 شخصاً لقوا حتفهم، لكننا نعتقد أنَّ العدد أكبر من ذلك.
عندما وقع ذلك الهجوم، كان قد مضى على وجودي في تاجوراء عاماً وشهرين. كنا نتوقع أن تصل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى حل، وأَمِلنا أن تُجلينا، ثم حدث القصف. يقال لنا إنَّ الطائرة التي قصفتنا تنتمي لدولة أجنبية، وربما كانت تحت إمرة الجيش الوطني الليبي الذي يشن حرباً ضد حكومة الوفاق الوطني.
أصل الحكاية
نشأتُ في إريتريا، حيث كنت عاملاً ماهراً في ورشة ميكانيكا، وفناناً. لكنني لم أستطع البقاء لأنه إذا توقفت عن التعليم فعليك الانضمام إلى الجيش، تلك أوامر الحكومة التي يقودها الديكتاتور. ستجعلني الحكومة خادماً مقابل القليل من المال. وأنا أبحث عن السلام، لا السياسة. أحتاج أن أعيش بحرية وأن أتمكن من إعالة أسرتي.
لقد عبرت الصحراء وفقدت رفاقاً لي هناك. مررت بلحظات مروّعة، صدقني يصعب حتى الاستماع لشخص يروي تجربته عن الهرب في الصحراء. أمضينا 3 أيام من دون ماء، وفقدنا الكثير من المرتحلين. حاولت عبور البحر المتوسط من ليبيا للوصول إلى أوروبا، لكن خطفني خفر السواحل الليبي وأحضروني إلى مركز احتجاز تاجوراء شرقي طرابلس. ويتلقى خفر السواحل الليبي تمويله من الاتحاد الأوروبي.. أوروبا شريكة في هذه المعاناة.
قضيت وقتاً مروّعاً في تاجوراء. كنا نأكل مرة واحدة فقط في اليوم، وعشنا في خوف دائم من الحراس. ملأنا الحزن والجوع. وفي بلدي، توفي أخي بينما كنت محتجزاً في المخيم، وبعد شهر من القصف مات والدي.
قضيت وقتاً مروّعاً في تاجوراء. كنا نأكل مرة واحدة فقط في اليوم، وعشنا في خوف دائم من الحراس. ملأنا الحزن والجوع. وفي بلدي، توفي أخي بينما كنت محتجزاً في المخيم، وبعد شهر من القصف مات والدي.
وعقب قصف مركز الاحتجاز، تُرِك المئات من الناجين تحت الأنقاض لمدة أسبوع. وحاول مدير المركز إجبارنا على العودة إلى داخل أروقة المركز، لكننا رفضنا وأضربنا عن الطعام. وفي النهاية، قال لنا الحراس إن بإمكاننا الرحيل.
الأمم المتحدة تحت القصف
وصلنا إلى مرفق التجمع والمغادرة التابع لمفوضية اللاجئين سيراً على الأقدام، وهو المكان الذي يُنقَل إليه اللاجئون قبل إجلائهم إلى بلدان في أوروبا أو الولايات المتحدة، عادةً عبر النيجر أو رواندا. ومن المفترض أنَّ وظيفتهم هي العناية باللاجئين. كنا نتوقع حلاً أو هكذا آملنا. كل العالم يعرف مشكلتنا، لكن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قال مرات عديدة إنَّ مرفق التجمع والمغادرة مكتظ؛ لذا سيرسلوننا إلى مدينة طرابلس، حيث سيكون علينا التكفل بأنفسنا.
كنا نخشى الحرب، ومن التعرض لاستغلال المهربين وتجار البشر. طاردتنا هواجس المرض والإصابة بالسل. وحين كنا في مرفق التجمع والمغادرة، سقطت 3 صواريخ بالقرب منّا. وفي بداية العام الجاري، طردت الأمم المتحدة الناجين من مرفقها، والآن نكافح من أجل البقاء.
أتألم ويتمزق فؤادي من الحديث عن لحظة تفجير تاجوراء. مات إخوة لنا هناك، كان هدفهم العيش بأمان وسلام والتمتع بحياة هانئة. لا أعرف ما إذا كانت عائلاتهم قد اكتشفت مصيرهم أم لا أو ربما يعتقدون أنهم غرقوا في البحر المتوسط.
أتألم ويتمزق فؤادي من الحديث عن لحظة تفجير تاجوراء. مات إخوة لنا هناك، كان هدفهم العيش بأمان وسلام والتمتع بحياة هانئة. لا أعرف ما إذا كانت عائلاتهم قد اكتشفت مصيرهم أم لا أو ربما يعتقدون أنهم غرقوا في البحر المتوسط.
ومثل جميع الناجين الآخرين، لا أستطيع النوم معظم الوقت، وبدلاً من ذلك أقضي الليل في إرسال الرسائل. وأرسم صوراً من ذهني على الورق لمشاهد رأيتها في لحظة التفجير. لقد رأيت جسداً مقطعاً إلى أشلاء عديدة. التفكير في الأمر يجعلني أرغب في البكاء والصراخ.
ثم جاءت جائحة فيروس كورونا المستجد وزادت الوضع سوءاً، إلى جانب أنه لا يمكننا إحياء الذكرى الأولى لواقعة القصف. نحن بحاجة إلى حل. أيها العالم من فضلك، حاول أن تفتح عيونك علينا.
مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق