"هل يجب تنصير المسلمين؟"
|
أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية تحت هذا العنوان الصريح نشرت جمعية "الأخوية الكهنوتية للقديس بيوس العاشر" (FSSPX) ومقرها سويسرا، يوم 19 أغسطس 2020، مقالا في موقعها تتساءل فيه عما يجب عمله تجاه المسلمين. وأبدأ بتوضيح أنها جمعية تنتمي إلى اليمين الكنسي الكاثوليكي، وأية خلافات بينها وبين الفاتيكان هي خلافات منهجية داخلية. ويطرح الأب جيوم جو، كاتب المقال، سؤالا محددا: "من الضروري أن نطرح السؤال صراحة بما له وما عليه، لكي نجيب علي هذا السؤال بروح المسيح وليس بعقلية العالم. وعبر أربع فقرات يسرد النقاط الموجهة للرد. ففي الثلاث فقرات الأولي يرد بالنفي وعدم تنصير المسلمين، أما في الفقرة الرابعة فيردّ بالإيجاب المؤكد. وفيما يلي فقراته الأربعة: * الرفض، رفض تنصير المسلمين لأن ذلك سوف يبدو كدعاية ترويجية للمسيحية. وهو أكبر خطأ للوضع الراهن الذي يؤكد "إن الديانات في الواقع ليست علي حق أو على خطأ، وأنها تعريف عن الوجود الإنساني وكأنها مسألة ليعيش المرء حياته وفقا لبعض الآراء. وذلك يعني الخلط بين التنصير والدعاية له. لا.. لسنا بحاجة إلى اجتلاب أعضاء جدد في "النادي الكاثوليكي"، وإنما المفروض أن نوضح من هو المسيح: فهو الذي يكشف عن نفسه من خلالي ومن خلال تصرفاتي. * لا، لأن ذلك يناسب البعض أن يكون هناك خلاف بين المسيحيين والمسلمين، خاصة داخل الشعوب المسيحية للقضاء عليها. فمن ناحية هناك الفوضويون الذين يعنيهم كل ما يهز النظام الاجتماعي المعنوي، من ناحية أخري فإن هذه الحرب في نظر بعض الصهاينة ضرورية ليحارب كلا منهما الآخر. فالإرهاب هو أجمل خبر لتاريخنا اليهودي الجديد. فعندما يختفي مقر القيادة العليا في روما، وهو ما يسعي إليه الإسلام، سيدفع المسيحي الثمن أضعافا مضاعفة لما قام به ضد إسرائيل. فبدلا من أن نقوم بالمهمة يتم إرسال "إسماعيل" للقيام بها. إذ إن الإسلام هو مكنسة إسرائيل. * لا، لأن المعروف عن المسلمين أنهم لا يمكن تنصيرهم. وتلك حجة الماضي. فهو لا يحكم مسبقا على المستقبل ولا يسفه تجارب الماضي كذهاب القديس فرانسيس الأسيزي إلى دمياط، أمام السلطان مالك الكامل، ولا الفرنسيسكان شهداء المغرب، ولا الأديرة التي تترجم القرآن وتدرس الإسلام لتفنيده. إلا أنه قد أصبحت هناك حالة جديدة أمامنا هي: وجود العديد من المسلمين المؤمنين موجودين فعلا في أوروبا. وهم شبه متباعدين عن الطوق الحديدي الذي يكبلهم به المجتمع الإسلامي الذي يمنعهم من قبول التنصير. * نعم! وهنا لا بد لنا من إعادة النظر في أساليبنا السابقة وتصويب الأخطاء. فقد قال الرب يسوع: "مثلما أرسلني أبي أنا أيضا أرسلكم.. بشروا الإنجيل لكل الخليقة.. علّموهم الالتزام بكل ما أوصيتكم به.. أنتم نور الأمم.. أنتم ملح الأرض.. وإذا ما تحاببتم سيعرفون أنكم تلاميذي". ولقد قال يسوع للقديس بولس في الطريق الي دمشق: "الآن أرسلك لتفتح أعينهم لكي يخرجوا من الظلمات إلي النور، من سلطة الشيطان إلي الرب، وأنه بالإيمان الذي سوف يكنّونه لي ستغفر لهم أخطاءهم، ويكون لهم نصاب في ميراث القديسين" (أع 26: 18). ذلك لأن المسيح شخصيا سوف يعلّم أهمية ألا نتوقف عند مجرد الشهادة بلقاء المسيح المنقذ، وإنما تبشير حقيقي بكل الحقائق المنزّلة للدفاع ضد الأنظمة الخطأ: "بشّروا دوما رغم الظروف، أعد مرة أخري، أرفض، هدد، بكثير من الصبر وبهدف التعليم". فوفقا لأية مبادئ نؤدي هذه الرسالة؟ فيجيب المونسنيور لوفڤر أسقف داكار، المندوب الرسولي لكل إفريقيا المتحدثة بالفرنسية، إذ يشير إلى احتمال خطأين: 1 ـ سنتفادى من جهة ضيق الأفق، وتراث بالي متحجر يقفل عيناه على الحقائق التي تغزوا الشباب، تتقوقع في الكنيسة وتكتفي ببعض النساء الصالحات وحفنة أطفال ؛ 2 ـ من ناحية أخري روح التجديد الشبيه بالهرطقة والتنشيط. وهنا يوضح كاتب المقال قائلا: لذلك يذكّر مونسنيور لوفڤر بأول مبدأ فيما يتعلق برسالتنا تجاه المسلمين قائلا: "أول مبدأ لرسالتنا هي تنمية جهازنا الديني فهي مهمة إلهية. والاقتناع ورؤية هذه الحقيقة الأساسية ستجنبنا عيبا رئيسيا منتشر في يومنا هذا، وهو: مقارنة عمل أعداء الكنيسة بأعمال الكنيسة أو بالروح القدس. فهذه الأعمال لا تقف على خط سواء ولا تستخدم نفس الوسائل ولا نفس الأساليب. إن نسيان هذا المبدأ للروح القدس، روح ونبع رسالتنا الدينية سيدفعنا إلى تقليد عمل أعداء الكنيسة والبحث عن حلول وقتية. غير أن ذلك لا يمنع من أنه ما أن يصبح رسولنا تحت سيطرة الروح القدس والكنيسة، فيجب عليه الاستعانة بكافة الوسائل للسماح لبركة منقذنا أن يجذب الأشخاص. وهنا أيضا فإن الكنيسة تقودنا وتوجهنا تاركة شيءٌ من البراح لحرية حماسنا وابتكارنا".. "لا تنتظروا أساليب جديدة علينا البحث عنها عند الإنجيليين أو غيرهم. يجب علينا الالتزام بالمنهج الإجمالي التقليدي للكنيسة التي هي عالمية: التبشير الكامل بالإيمان الكاثوليكي، مرافقة الشخص برأفة واسعة وإخلاص لمعني الترحيب".. والمقصود بالترحيب هنا يعني الترحيب بالمسلم الذي خضع لكل هذه المحاولات المغلوطة للإيقاع به. وأهم ما نخرج به من هذا الموضوع المرير، الذي بات يُعلن بصريح العبارة ويجُب كل الميادين هي عدة نقاط: ـ أنهم يتفادون المعارك والمواجهة، ويعتمدون على الاستفراد بالضحايا المسلمة، خاصة في الغربة والحاجة إلى العمل والمساندة ؛ ـ ضرورة ان يتم التنصير بلا ضجيج بل وبالترحيب ؛ ـ ضرورة توحيد الكنائس المنشقة عقائديا، وعددها 350، تحت لواء كاثوليكية روما لتكوين جبهة واحدة ضد الإسلام. وعلي الرغم من خلافاتهم العقائدية فهم يتحدون لمحاربة الإسلام.. وهنا لا بد لي من الإشارة إلى أن كل الخطاب الكنسي بعامة وحتى في هذا المقال، لا يذكرون إلا عبارة "الإنجيل"، وكأنه لا يوجد سوي إنجيل واحد في المسيحية! في حين ان العهد الجديد يتضمن أربعة أناجيل رسمية (متي، مرقص، لوقا ويوحنا)، بخلاف إنجيل بولس وأنجيل المسيح الوارد ذكرهما في أعمال الرسل، بخلاف الأناجيل المحجبة، وقد تمت طباعة ثلاثة منها هي انجيل مريم المجدلية، وإنجيل توما، وإنجيل فيليب (دار نشر ألبان ميشيل)، ولا أقول شيئا عن إنجيل برنابا. أما أهم ما يجب الرد عليه في هذا المقال فهو: إن الإسلام ليس ظلمات ليخرج منه المسلم الي "نور المسيحية" التي تم نسجها عبر المجامع والمعارك على مر العصور، وليس شيطانا ليفر منه المسلم إلي الرب يسوع. والمسلم ليس بحاجة الي إيمان جديد "قائم على التحريف" لغفران خطياه، ولا يعنيه الحصول على نصاب من ميراث القديسين.. بل يكفيه أنه شديد الإيمان بالله وبكتابه الذي لم يتبدل منه حرفا واحدا منذ أنزله المولي عز وجل، كما أنه لا يتبدل من طبعة لأخري كالأناجيل. أما عن استخدامهم عبارة "الإنجيل" مفردة فهي لتسهيل عملية تنصير المسلمين لأنها ترد في القرآن الكريم مفردة. ليت المسلمين يفيقون من سباتهم وينتبهوا لما يحاك لهم.. فالحرب علي الإسلام لم تعد سرا ولا في الخفاء، وإنما قضية تنصيرهم باتت تناقش في العلن لأنها جزء لا يتجزأ من النظام العالمي الجديد!
زينب عبد العزيز
22 أغسطس 2020
|
الدرة (( إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ، إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ )) الامام الشافعي
السبت، 31 أكتوبر 2020
"هل يجب تنصير المسلمين؟"
فوق السلطة 205 – رئيس الشيشان يهدد ماكرون
برنامج: فوق السلطة
فرنسا في وجه المدفع.. الدفاع عن الرسول من السلطان عبد الحميد إلى أردوغان
وتناولت الحلقة أيضا العناوين التالية: تحرير مسجد في أذربيجان حوّله الأرمن إلى حظيرة للخنازير. السودان يطبع فيصبح مسالما بالتصنيف الأميركي. ترامب يحرج السيسي ويتحدث عن تدمير السد.
وفي البداية، تساءلت الحلقة: متى يجب على المرء أن يزور طبيبا للأمراض العقلية؟.. الجواب هو عندما تظهر عليه علامات المرض.. وماذا إذا لم ينتبه المريض إليها؟ ينبهه من يكتشفها فيه ويرشده إلى فحص قواه العقلية.. لكن هل كلما قال شخص لآخر افحص عقلك، على هذا الآخر أن يفعل؟.. أبدا، فقد تكون للناصح مآرب أخرى.
مثلا، في حالة اتهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالجنون، لا يمكننا الجزم بادعاء أردوغان حتى لو رأى البعض ظهور أعراض على ماكرون، لكن الشهادة من أردوغان مجروحة بسبب الأزمة بين تركيا وفرنسا حول شرقي المتوسط.
فرنسا اعتبرت كلام أردوغان إساءة لرئيسها، والإساءة لماكرون -عليه الكلام- ممنوعة في فرنسا، فماكرون ليس نبيا حتى يستهزأ به.
يبدو أن هناك من يريد أن يأخذ القضية إلى سجال بين أردوغان وماكرون.. القضية ليست شخصية، وليست طائفية بالضرورة، فماكرون ليس بابا المسيحيين، وأردوغان ليس خليفة المسلمين.. والقضية أكبر من الرجلين، ومن كل حكام الأرض.
بينما كان ماكرون يتكلم، كانت الرسوم المستهزئة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ترفع بلوحة كبيرة الحجم على مبنى حكومي في باريس.. فهل هذه قيم الاتحاد الأوروبي؟
ما نعرفه هو أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رفضت قبل سنتين إدراج الإساءة للرسول الكريم ضمن حرية التعبير.
رسام الكاريكاتير البلجيكي فيليب غيلاك يسأل بأي حق أجرح المسلمين وأسب مقدساتهم؟ بينما رسام الكاريكاتير الفلسطيني علاء اللقطة يقول إنه وجد بعضا من وقت الفراغ، فقال لنفسه لماذا لا أمارس شيئا من حرية التعبير، فرسم صورة يسخر فيها من ماكرون.
وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان -المتهم بالاغتصاب والفساد- يغلق مسجدا قرب باريس لأن إمامه شارك فيديو يستنكر عرض الرسوم المسيئة للإسلام على التلاميذ، يعني حرية التعبير لا تشمل أن تعبر عن رفضك لشتيمة نبيك.
من جهته، يسأل شاب فرنسي عن صمت وزير الداخلية "الموتور" عن حادثة الطعن للسيدتين المحجبتين.
إثر الخلاف بين فرنسا والبرازيل قبل بضعة شهور حول ملفات بيئية، تفاعل الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو عبر فيسبوك مع منشور لأحد وزرائه يسخر من شكل زوجة ماكرون بريجيت وسنواتها الـ67، وقارنها بصورة لسيدة البرازيل الأولى الشابة، الأمر الذي دفع ماكرون لشن هجوم عنيف عليه.
وفي الثقافة الإسلامية ما فعله بولسونارو من استهزاء بالمرأة يقع ضمن المحرمات الكبيرة، أما في ثقافة فرنسا فهذه دعابة يكفلها القانون.. فلماذا انتفض ماكرون غضبا ولم يعتبر الإساءة لزوجته حرية تعبير؟ ولماذا وبخ قبل أسابيع صحفيا فرنسيا بسبب مقال اعتبره أنه يسيء للتوازنات اللبنانية؟ ألم يسيء ماكرون للتوازنات الأممية؟
وكالة إنفاذ القانون في الاتحاد الأوروبي تصدر إحصاءاتها قبل سنوات، جاء فيها أن 2% فقط من الهجمات الإرهابية في أوروبا نفذها مسلمون، ومع ذلك يلصق الإرهاب بالمسلمين.
في المقابل، يقول الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفراي إن "أوروبا بلا شرف"، ويدعو الفرنسيين والأوروبيين عموما إلى التحلي بأخلاقيات المسلمين.
الإساءات الفرنسية الممنهجة للرسول الكريم ليست جديدة، لكن الجديد هو أن المسلمين لم تعد لديهم قوة دولية تشارك الأمم في رسم الخطوط الحمراء، فيديو متداول من المسلسل التاريخي "السلطان عبد الحميد" يعيدنا إلى زمن ما قبل هيمنة الغرب على العالم الإسلامي.
ماكرون والحرب الملعونة ضد الإسلام
العلاقات المتشابكة وتعايش أتباع الأديان في كل دول العالم بما فيها فرنسا يجعل فكرة الحشد العالمي الصريح على أساس ديني وطائفي صعبة ومعقدة. كما أن من يستدعي الدين لإشعال الحرب أول من يحترق بها. فمن الجنون أن تعلن السلطات الفرنسية الحرب على دين سماوي يتبعه نحو 10 ملايين مواطن فرنسي وأكثر من مليار و800 مليون مسلم في كل أنحاء العالم.
ورغم الإصرار من القادة الفرنسيين على الاستمرار في الإساءة ودعمها، لم تحتمل فرنسا حملة المقاطعة للمنتجات الفرنسية في الدول العربية والاسلامية، وخرجت وزارة الخارجية الفرنسية ببيان تطالب فيه بوقف المقاطعة. ورغم الغطرسة في صياغة البيان واتهام المسلمين المقاطعين بأنهم أقلية متطرفة، فإن مجرد صدوره يعكس قوة الشعوب المسلمة في عقاب ماكرون والإضرار بالاقتصاد الفرنسي.
هجمة ماكرون وحكومته ضد الإسلام والإساءة لمقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم تكشف عن عقدة نفسية تعيشها فرنسا، وحالة من فقدان العقل والمنطق في مواجهة المسلمين؛ فالأديان ليست لعبة، والأنبياء لهم كل الاحترام والقداسة، والإساءة للمقدسات والمعتقدات جريمة وليست حرية تعبير. ففي فرنسا والدول الأوربية لا يسمح بانتقاد اليهودية أو المحرقة النازية ومن يشكك في أرقامها يدخل السجن ( جارودي نموذجا). لم يكن قطع رأس المدرس الفرنسي الذي عرض الرسوم الكاريكاتورية المسيئة هو البداية، وإنما سبقها تصريحات من الرئيس الفرنسي ماكرون هاجم فيها الإسلام كدين وزعم أنه يعاني من أزمة، وأطلق تصريحاته بدون مبررات معلَنة تستدعي هذا الموقف العدائي.
وتبع ماكرون إعلان لوزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان عن إغلاق السلطات لـ 73 مسجدًا ومدرسة خاصة ومحلا تجاريا منذ مطلع العام الجاري، بذريعة “مكافحة الإسلام المتطرف”.
هذا التصعيد يأتي بعد سلسلة من القوانين والإجراءات العنصرية المعادية للمسلمين التي تتخذها السلطات الفرنسية، بشكل خاص منذ حكم ساركوزي للتضييق على الإسلام في فرنسا، وازدادت شراسة مع نشر شارل إبدو الرسوم المسيئة ومجاهرة الحكومة الفرنسية بدعم هذا التوجه المتعصب.
ثغرات في الرواية الرسمية
مازالت الرواية الرسمية الفرنسية بها ثغرات، فلا توجد صورة أو فيديو تثبت علاقة الشاب الشيشاني بواقعة القتل وقطع الرأس، كما لم يوثق شرطيو قسم الجنايات في “كونفلان سان أونورين” أي أقوال لشهود يؤكدون صلة الشاب المتهم الذي قتل بتسع رصاصات بالواقعة التي تحاول حكومة ماكرون اتخاذها ذريعة للحملة ضد المسلمين.
تقول رواية الشرطة إن عناصرها عثروا على الضحية في المكان، وحاولوا على بعد مائتي متر، في محلة إيرانيي، توقيف رجل كان يحمل سلاحا أبيض ويهددهم فأطلقوا النار عليه، ما تسبب بإصابته بجروح خطيرة أدت إلى مقتله، وأن المعتدي صرخ “الله أكبر” قبل مقتله!
وجود رواية واحدة وغياب أي مصدر آخر يشير إلى أننا أمام عملية سرية في كل مراحلها، فلا شهود ولا معلومات، والمتهم تم قتله رغم تأكيد الشرطة أنه يحمل سلاحا أبيض أي يمكن القبض عليه بسهولة، وقولهم أنه “قال الله أكبر” قبل مقتله يؤكد أنه مسلم وليس قاتل المدرس وقاطع رأسه!
عدم التسليم بكل ما تعلنه الحكومة الفرنسية يأتي نتيجة حوادث سابقة مثل الاعتداءات المرتبطة بشارل إبدو؛ فإن اتهامات وجهت إلى المخابرات الفرنسية بارتكاب الاعتداءات، لإثارة الرأي العام لمساندة الحكومة في إجراءاتها العنصرية ضد المسلمين.
وبافتراض أن الاتهام صحيح فهذا لا يبرر الحملة الحكومية على الإسلام ووضع المسلمين الفرنسيين كلهم في موضع الاتهام، والتطاول على الإسلام ونبي الإسلام؛ فالشاب الشيشاني المتهم بقتل المدرس – لو كان الاتهام صحيحا- سلوك فردي نتيجة الاستفزاز الذي زاد عن الحد، أي أنها واقعة معزولة، وليست اتفاق جنائي من جماعة أو حزب أو حتى الشعوب المسلمة.
لم يحدث أن أعلن المسلمون في فرنسا أو خارجها الحرب على الفرنسيين وقطع رءوسهم؛ وفي المقابل الذي يعلن الحرب على المسلمين في فرنسا وضد المسلمين في العالم والتطاول على مقام نبي الإسلام هي الحكومة الفرنسية بقيادة أكبر رأس فيها.
وإذا كان قطع رأس رجل واحد يبرر لفرنسا الحرب على المسلمين فماذا عن آلاف الرءوس المقطوعة لمسلمين موجودة في متحف الإنسان بباريس للفخر والتباهي بالتاريخ الفرنسي، فمجرد وجود هذا المتحف وعدم إعادة الرءوس إلى بلادها كي تدفَن إكراما لحرمة الموتى سلوك غير إنساني يوثق حالة اعتلال عقلي والتفكير بقوانين العصور الوسطى.
أزمة فرنسا
الضجة التي يفتعلها ماكرون هي محاولة لحشد الرأي العام خلفه، لإخفاء الأزمة التي تعيشها فرنسا داخليا وخارجيا، ففي الداخل حيث الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا الذي زاد من حجم المصاعب التي تواجه الحكومة، وأيضا تصاعد قوة المعارضة التي تقودها حركة السترات الصفراء التي تتهم ماكرون وحكومته بالفساد!
وعلى الصعيد الخارجي تعرضت فرنسا لخسائر متلاحقة في الملفات الحيوية، والتي تشير إلى أن النفوذ الفرنسي العالمي يتراجع أمام التغيرات الجديدة؛ أولها: تصاعد التمرد والثورة في المستعمرات الفرنسية بدول الساحل وغرب إفريقيا لانتشار حالة الوعي بسبب مواقع التواصل ووسائل الإعلام الحديثة، والذي ظهر بوضوح في ثورة مالي، وهذا يشكل تهديدا للاحتلال الفرنسي والوجود الاستعماري في هذه المنطقة.
والتغير الثاني والأهم الذي يهدد النفوذ الفرنسي هو الصعود التركي الذي طرد فرنسا من ليبيا ويشكل بديلا متاحا ومفضلا لباقي الدول الإسلامية الخاضعة للاحتلال الفرنسي الراغبة في التخلص من التبعية لفرنسا، ووضوح فرص التقارب بين تركيا والدول العربية في شمال إفريقيا الخاضعة للنفوذ الفرنسي.
تأتي أهمية صعود تركيا في قوتها العسكرية المتطورة، التي تحقق لها التفوق على التسليح الفرنسي، خاصة الأسلحة الذكية وأجيال الطائرات المسيرة، التي تم اختبارها بنجاح مذهل في ليبيا ومن قبل في إدلب بسوريا وأخيرا في أذربيجان؛ فقد أحدثت الأسلحة التركية انقلابا في نظريات الحروب التقليدية، مما تسبب في جنون القادة الفرنسيين.
التحركات الفرنسية المرتبكة والمتوترة تفضح حالة القلق التي تعيشها فرنسا من قوة الأتراك؛ ففي كل نزاع به تركيا تظهر فرنسا متحالفة مع الطرف الآخر، وظهر هذا في محاولات حشد أوروبا ضد الاتفاق بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية؛ وانحياز فرنسا لليونان وقبرص في ملف ترسيم الحدود البحرية مع تركيا، رغم أن فرنسا ليس لها صلة بشرق المتوسط، ورغم أن القانون الدولي مع الأتراك؛ وأخيرا محاولات فرنسا حشد الغرب ضد أذربيجان في حربها مع أرمينيا لفرض عقوبات على تركيا!
حملة المقاطعة ومعاقبة فرنسا
بسبب بعض حكام العرب المنقلبين علي ثوابتهم الدينية والمنفصلين عن أمتهم، ظن ماكرون أن الطريق ممهد أمامه لشن حرب على الإسلام كدين، متوهما أن الأمة الإسلامية في حالة ضعف، لكن الفرنسيين فوجئوا برد الفعل الإسلامي الشعبي الذي أعلن معاقبة فرنسا على تطاولها على مقدساتهم بمقاطعة منتجاتها وضربها اقتصاديا.
وجّهت المقاطعة الشعبية لكمة عنيفة للاقتصاد الفرنسي؛ فلم يمر يومان عليها حتى صرخت الحكومة الفرنسية وأصدرت الخارجية الفرنسية بيانا تطالب فيه بوقف المقاطعة، ورغم الغطرسة وصيغة التعالي في البيان مثل المطالبة بوقف الحملة “فورا” واتهام المسلمين المقاطِعين بأنهم “قلة متطرفة” فإن سرعة صدور البيان يؤكد حجم الألم.
تبع البيان تغريدة للرئيس الفرنسي على تويتر يدعو فيها للنقاش العقلاني واحترام الخلاف بروح السلام! ورغم أنه بدأها بأنه ثابت علي موقفه فإن كتابة التغريدة باللغة العربية يؤكد شعوره بالصدمة من رد الفعل الإسلامي الذي تجاوز الحكام الفاسدين الذين يقفون في الصف المعادي للإسلام.
***
ليس أمام ماكرون إلا الاعتذار للمسلمين، وسحب تصريحاته المقيتة التي تتنافى مع حرية الاعتقاد وتشكل عدوانا على عقيدة ملايين المسلمين المسالمين الذين لا دخل لهم بالمعارك الانتخابية، والأجندات السياسية الفرنسية.
التطاول على الإسلام ورسول الله صلي الله عليه وسلم جريمة كراهية مستنكرة تستحق العقاب؛ وإن لم يتوقف هذا التطرف والعدوان، فإن الشعوب المسلمة قررت المقاطعة كبداية، وعلى الباغي تدور الدوائر.
الجمعة، 30 أكتوبر 2020
الجزائر: فرنسا صنعت الصابون من عظام شهدائنا
"تعرقل تسليم الأرشيف خوفا على صورتها"
الجزائر: فرنسا صنعت الصابون من عظام شهدائنامستشار الرئيس تبون: المجتمع الفرنسي "لا يزال يحمل عقدة ماضيه الاستعماري"- جيتي
اتهم عبد المجيد شيخي مستشار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الجمعة، فرنسا بأنها أقدمت على تصنيع الصابون والسكر من عظام الجزائريين الذي قتلتهم إبان استعمارها للجزائر. وقال شيخي مستشار تبون لملف الذاكرة إن العراقيل التي وضعها الجانب الفرنسي أمام استرجاع الأرشيف الجزائري لها عدة أسباب أهمها الخوف من انكشاف الجرائم التي ستشوه صورة فرنسا، ومنها قضية تحويل عظام جزائريين إلى مرسيليا لصناعة الصابون والسكر.وأكد شيخي، حسب وكالة الأنباء الجزائرية، أن مسألة استرجاع الأرشيف المهرب إلى فرنسا "موقف ثابت بالنسبة للجزائر منذ استقلالها، حيث بذلت في سبيل ذلك الكثير من الجهود المتواصلة لاسترداد رصيدها الأرشيفي المسلوب، غير أن هذه الجهود كانت تصطدم، و في كل مرة، بعراقيل يضعها الطرف الفرنسي".
وقال شيخي إن المجتمع الفرنسي "لا يزال يحمل عقدة ماضيه الاستعماري"، ما يجعل من موضوع الأرشيف مسألة جد حساسة، لأنه "سيمكن من الكشف عن كل ما وقع خلال هذه المرحلة غير المشرفة من تاريخه، ما يدفعه إلى محاولة طمسه بكافة الطرق".
ويؤكد شيخي أن الجزائر كانت بالنسبة إلى المستعمر الفرنسي "حقل تجارب حقيقيا للممارسات الوحشية التي طبقها فيما بعد في المستعمرات الأخرى، خاصة الأفريقية منها، والتي عانت من تجارة الرق التي تورطت فيها شخصيات مرموقة في المجتمع الفرنسي وهي كلها أساليب موثقة في الأرشيف".
ومن شأن ذلك كله، حسب شيخي، "تشويه سمعة فرنسا والصورة التي تحاول الترويج لها على أنها بلد حضاري قائم على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان".وكشف شيخي أن الفرنسيين انتهجوا أساليب أخرى "ملتوية" لعرقلة حق الجزائر في استعادة أرشيفها، وذلك من خلال "نقله من مركز الأرشيف بباريس و المركز الجهوي بأكس أون بروفانس إلى أماكن مجهولة و بعثرته عبر كافة إقليمها"، مخلا بذلك بالقاعدة الدولية التي تؤكد وحدة الأرصدة الأرشيفية.
وشدد في ذات الإطار على أن مطالب الجزائر في هذا الملف تنقسم إلى شقين، الأول هو استرجاع أصول الأرشيف تطبيقا للمبدأ العالمي الذي ينص على أن الأرشيف ملك للإقليم الذي نشأ فيه و هو ما "لن تتخلى عنه". أما الشق الثاني فهو تسهيل عمل الباحثين من خلال الحصول على نسخ في انتظار استرجاع الأصول، غير أن هذا الطلب بقي هو الآخر دون رد، حسب شيخي.
دمج الدعم لإسرائيل مع الدعم للأنظمة السلطوية في العالم العربي يهيئ المنطقة لصراع طويل المدى
ما من رئيس من رؤساء الولايات المتحدة إلا ويترك علامته على الشرق الأوسط، سواء قصد ذلك أم لم يقصد.
اتفاق كامب دافيد بين مصر وإسرائيل، والثورة الإيرانية، والحرب الإيرانية العراقية التي انطلقت في سبتمبر/ أيلول 1980، كلها بدأت في عهد جيمي كارتر.
خليفته رونالد ريغان أيد حاكم العراق في ذلك الوقت صدام حسين، وشهد اغتيال الرئيس المصري أنور السادات في أكتوبر/ تشرين الأول 1981، ثم الغزو الإسرائيلي للبنان، وإخراج منظمة التحرير من بيروت في 1982، ومذابح صبرا وشاتيلا في سبتمبر/ أيلول من نفس ذلك العام، وانتهى عهده مع انطلاق الانتفاضة الأولى.
استلم جورج إتش دبليو بوش، فدشن حكمه بحرب الخليج الأولى ومؤتمر مدريد في 1991.
شهد بيل كلينتون اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الحين إسحق رابين في عام 1995، وفشل قمة كامب دافيد في 2000 بين رئيس وزراء إسرائيل آنذاك والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، الأمر الذي تمخض عنه تفجر الانتفاضة الثانية.
إلا أن الظلال التي ألقى بها على المنطقة جورج دبليو بوش كانت أطول: تدمير العراق الذي كان ذات يوم دولة عربية جبارة، وبروز إيران كقوة إقليمية، واندلاع الصراع الطائفي بين السنة والشيعة، وظهور مجموعة الدولة الإسلامية. قرار غزوه للعراق في 2003 أفضى إلى صراع استمر على مدى عقدين من الزمن.
الخديعة الكبرى
لبرهة قصيرة في أول عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، سرى وميض أمل بأن يشكل عهده بداية جديدة في التعامل مع العالم الإسلامي، إلا أن الاعتقاد بأنه يمكن لإدارة أمريكية أن تساند الديمقراطية ما لبث أن خبا سريعا. تعرض الذين تجرأوا فأملوا ورجوا إلى خديعة قاسية من قبل رئيس تجرأ على إدارة ظهره لهم. ما إن وصل المسلمون إلى السلطة حتى نُبذوا كما ينبذ الحجر الساخن، تماما مثلما حدث مع رفاقهم من السود الأمريكيين.
في لحظتين من لحظات التوتر العالي -الانقلاب العسكري في مصر في 2013، وجريمة قتل الصحفي الأمريكي جيمز فولي في 2014- أدار أوباما ظهره ورجع ليستأنف لعبة غولف، علما بأنه كان قد منح جائزة نوبل للسلام "على الجهود الجبارة التي بذلها لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب."
رفض أوباما إطلاق عبارة "انقلاب عسكري" لوصف الإطاحة بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، وكاد وزير خارجيته جون كيري أن يسير على نهجه لولا نجاة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأعجوبة من محاولة اغتيال، أوشك أن ينفذها بحقه فريق اغتيال كجزء من انقلاب عسكري لم يكتب له النجاح.
تاريخ الدبلوماسية الأمريكية والتدخل العسكري في الشرق الأوسط عبارة عن سلسلة من الفشل، وكلما كان ينصب رئيس جديد كان عدد الدول الفاشلة في المنطقة يزداد.
كان الانسحاب العسكري الذي أعلنه أوباما في ليبيا بعد "القيادة من الخلف"، وعملية "التدخل اللايت" في سوريا، أشبه بزحف نابوليون الطويل من موسكو. وطوال الجلبة، برز ركنان للسياسة الأمريكية: العزيمة التي لا تتزحزح في دعم إسرائيل مهما كان الثمن، وبغض النظر عما يفعله ساستها ومستوطنوها لتقويض فرص السلام، والدعم المستمر للملكيات المطلقة وللسلطويين والمستبدين الذين يحكمون في العالم العربي.
عهد ترامب
عزم ترامب منذ البداية على تمزيق قواعد التعامل التقليدي مع الشرق الأوسط من خلال إطلاق العنان بالكامل لليمين الإسرائيلي القومي الديني. تمثل ذلك في شخصيتين معروف عنهما الاعتقاد الراسخ بالاستيطان والسخاء في تمويله، ألا وهما جاريد كوشنر، زوج ابنته وكبير مستشاريه، ودافيد فريدمان، سفيره إلى إسرائيل.
بذريعة التفكير الحر تحت القبة الزرقاء، عمدا إلى تمزيق الإجماع الذي كانت تتحرك بموجبه جميع الإدارات الأمريكية السابقة بحثا عن تسوية للصراع في فلسطين – التفاوض على حدود ضمن خطوط 1967، والقدس الشرقية كعاصمة، وحق عودة اللاجئين.
أزالوا حدود 1967 عندما اعترفوا بمرتفعات الجولان وبضم المستوطنات، واعترفوا بالقدس موحدة كعاصمة لإسرائيل، وحجبوا التمويل عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا). وصل الأمر ذروته بما ثبت أنه انقلاب ناعم على الدولة الفلسطينية – اعتراف ثلاث دول عربية (الإمارات والبحرين والسودان) بإسرائيل في كامل الأرض التي تحتلها الآن.
وهذا يعني الاعتراف بما يقرب من أربعمئة ألف مستوطن فيما يقرب من 250 مستوطنة في الضفة الغربية غير القدس الشرقية، والاعتراف بالقوانين التي تحول المستوطنات إلى ما يشبه الجزر التابعة لدولة إسرائيل، والاعتراف بالجيل الثالث من المستوطنين الإسرائيليين. لقد وقعت كل من الإمارات والبحرين والسودان على الاعتراف بذلك كله.
تغيير الخارطة
"ما أن يستقر الغبار، خلال شهور أو ربما سنة، سيكون الصراع الإسرائيلي العربي قد انتهى".
ذلك ما تفاخر به فريدمان. وهذا الانتشاء بالنصر من قبل فريدمان سيكون قصيرا، وسيكون مآله مشؤوما، تماما كتلك اللحظة التي هبط فيها جورج دبليو بوش على ظهر حاملة الطائرات في عرض البحر، ليعلن مفاخرا بأن المهمة قد أنجزت في العراق.
قد لا أتفق مع من يقولون إن اتفاقات إبراهيم انتهت في مزبلة التاريخ.
ولكنها بالفعل تصبح بلا معنى عندما تكتشف وزارة الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل أن تسعين بالمئة مما ينشر في السوشيال ميديا باللغة العربية يندد بتطبيع الإمارات، وحسبما دونه مهد واشنطن فإن 14 بالمئة فقط من السعوديين يؤيدون التطبيع.
فقط بناء على هذه الأرقام، يبدو أن فريدمان يحتاج للانتظار زمنا طويلا قبل أن يصل الرأي العام العربي في القرن الحادي والعشرين، كما عبر عن ذلك بنفسه.
لكن غياب دعم الجمهور في أرجاء العالم العربي للتطبيع لا يعني أنه سيكون بلا تأثير. بل سينجم عنه بالفعل تغيير خارطة الشرق الأوسط، ولكن ليس بالضبط كما يرجو فريدمان والمستوطنون. إلى أن تمكن هو ومن على شاكلته الهيمنة على البيت الأبيض، كانت واشنطن تجري فصلا مفيدا بين ركني السياسة الأمريكية – الدعم غير المشروط لإسرائيل من جهة، ودعم الطغاة العرب من جهة أخرى.
فقد سمح ذلك لواشنطن بأن تزعم بالتزامن أن إسرائيل هي "الديمقراطية الوحيدة" في الشرق الأوسط، ولذلك فمن حقها أن تدافع عن نفسها في مواجهة "جوار صعب"، بينما تقوم من جهة أخرى بكل ما في وسعها لكي تحافظ على ذلك الجوار الصعب من خلال دعم العائلات الحاكمة التي تحارب البرلمانات والديمقراطية، وتفترس الشعب بأسره.
تلك هي التكتيكات الكلاسيكية للسادة المستعمرين، كما كرستها التجارب الاستعمارية للإمبراطوريات البريطانية والفرنسية والهولندية والإسبانية التي كانت وليدة البحر. وكانت تلك سياسة ناجعة على مدى عقود. كان بإمكان أي من الرؤساء الأمريكيين السابقين أن يفعل ما فعله ترامب، ولكن كونهم لم يفعلوا يشير إلى أنهم أدركوا مخاطر الدمج بين دعمهم لإسرائيل ودعمهم للدكتاتوريات العربية الهشة التي تتربص بها ثورات الشعوب.
ترامب جاهل وغافل في الوقت ذاته، وذلك لأن كل ما يعنيه في هذه العملية هو ذاته. يعاني ترامب من أعراض حالة صبيانية نرجسية، كيف لا وهو الذي كان مطلبه الوحيد من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنجامين نتنياهو ألا ينال سواه لقب منقذ إسرائيل.
في حديث له عبر السماعة الخارجية للهاتف وأمام كتيبة من الصحفيين داخل البيت الأبيض، سأل ترامب: "هل تظن أن جو النعسان كان بإمكانه أن ينجز مثل هذه الصفقة يا بيبي؟ جو النعسان؟ هل تظن أنه كان بإمكانه أن يصنع مثل هذه الصفقة بشكل أو بآخر؟ لا أعتقد ذلك." سكت نتنياهو لبرهة طويلة وبصعوبة. "آه، حسنا، السيد الرئيس، الشيء الوحيد الذي يمكن أن أقوله لك هو ... أم ... إر... نحن نقدر كل مساعدة يقدمها أي شخص في أمريكا لإحلال السلام .. ونحن نقدر عاليا ما قمت به أنت."
المخاطرة بكل شيء
من خلال المخاطرة بكل شيء، توشك حقبة الغموض المفيد في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط على الانتهاء. فالمحتلون الإسرائيليون والمستبدون العرب هم الآن في الأحضان. وهذا يعني أن النضال ضد الاستبداد في العالم العربي هو النضال ذاته من أجل تحرير فلسطين المحتلة.
قد يظن شخص ما أن ذلك لا يترتب عليه الكثير، حيث إن الربيع العربي، الذي قلب الدنيا رأسا على عقب عندما انطلق في 2011، قد ووري الثرى قبل وقت طويل. ولكن من الحماقة أن يظن أحد ذلك، ومن المؤكد أن سفير إسرائيل السابق في مصر إسحق ليفانون ليس أحمق.
كتب ليفانون في صحيفة إسرائيل اليوم، يتساءل عما إذا كانت مصر على حافة انتفاضة جديدة، ويقول: "حلم الشعب المصري بالانفتاح والشفافية بعد إسقاط مبارك، الذي كان يعدّ دكتاتورا. الإخوان المسلمون إما في المنافي أو قيد التنكيل. لا توجد معارضة. وتغيير القانون يسمح للسيسي بأن يظل في الرئاسة حتى عام 2030، وتسمح القوانين بفرض السيطرة بكافة الوسائل، بما في ذلك الاعتقالات السياسية والإعدامات. يعلمنا التاريخ أن ذلك يمكن أن يؤثر على المنطقة بأسرها".
أعرب سفير إسرائيلي آخر عن مخاوفه من جهود ترامب حول إسرائيل. ولاحظ باروخ بيناح، الذي شغل سابقا منصب السفير لدى الدنمارك ونائب رئيس البعثة في واشنطن، أن معاهدات السلام التي وقعها ترامب كانت مع من كانوا أصلا أصدقاء لإسرائيل، ولم تفعل شيئا لحل المعضلة القائمة مع الأعداء".
وقال: "ينظر الكثيرون إلى ترامب باعتباره صديق إسرائيل الذي ليس له مثيل، ولكنه، وكما فعل في الولايات المتحدة، عزلنا عن مجتمعنا الغربي الذي ننتمي إليه. فعلى مدى السنوات الأربع الماضية غدونا مدمنين على عقار قوي واحد لا نظير له اسمه ترامبيون، وفي اللحظة التي يغادر فيها تاجر العقار البيت الأبيض، سوف تحتاج إسرائيل للدخول في طور العلاج من الإدمان وإعادة التأهيل".
درس مهم
في اتفاقيات كامب دافيد، أصبحت مصر أول بلد عربي يعترف بإسرائيل في عام 1978. وفي عام 1994 أصبح الأردن ثاني بلد عربي، عندما وقع الملك حسين معاهدة سلام في معبر وادي عربا. لعل المؤشر الآخر على انعدام التفكير والتخطيط خلف الموجة الثانية من الاعتراف عدم إدراك أن الدول العربية التي شكلت الموجة الأولى تتكبد بسبب ذلك خسارة فادحة.
موجة من الاعتراف تغرق الموجة الأخرى، لا يمكن أن يكون ما يجري من صنيع أناس فكروا جيدا فيما يقبلون عليه.
يفقد الأردن سريعا التحكم بالأماكن المقدسة في القدس، وتخسر مصر المال والمرور من قناة السويس، التي سيتم تجاوزها عبر خط للأنابيب على وشك أن يبدأ بنقل ملايين الأطنان من النفط الخام من البحر الأحمر إلى عسقلان. كما يجري التخطيط لإنشاء خط سكة حديد للقطارات السريعة بين الإمارات وإسرائيل، وبذلك يتم تجاوز مصر برا وبحرا.
في 1978، كانت مصر البلد العربي الأقوى والأكثر سكانا. أما اليوم، فقد فقدت مكانتها وأهميتها الجيوسياسية، وهذا درس مهم ينبغي أن يتعلمه جميع الزعماء العرب.
لقد استفاد من هذه الدروس بعض الزعماء في الإقليم، ولا أدل على ذلك من أن التحالف الجديد بين إسرائيل ودول الخليج ولد تحالفات أخرى تصر على الدفاع عن فلسطين وحقوق المسلمين، فقط راقب مدى اقتراب تركيا من إيران والباكستان، وكم تقترب باكستان من التخلي عن تحالفها القديم الذي استمر طويلا مع المملكة العربية السعودية.
درس لفلسطين
ولا يقل الوضع في الضفة الغربية خطورة عن الوضع في مصر، فكجزء من جهودهم لإكراه محمود عباس، الرئيس الفلسطيني، على القبول بالصفقة، تراجع الدعم العربي للسلطة الفلسطينية 81 بالمئة خلال الشهور الثمانية الأولى من هذا العام من 198 مليون دولار إلى 38 مليون دولار.
ترفض السلطة الفلسطينية القبول بالضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عنها، وذلك منذ أن بدأت إسرائيل في خصم الأموال التي تنفقها السلطة الفلسطينية على أسر المقاتلين الفلسطينيين الذين قضوا نحبهم. لو أن السلطة الفلسطينية قبلت خصومات إسرائيل، فمصيرها سيكون مثل مصير هؤلاء المقاتلين، في هذه الأثناء رفض الاتحاد الأوروبي تعويض العجز.
أما وقد جمد التنسيق الزمني، وتستمر إسرائيل في الاعتقالات الليلية في الضفة الغربية، فقد تتحول المناطق الفلسطينية إلى علبة بارود. لن يتوقع من عباس أن يقمع أي حراك شعبي قادم كما كان يفعل من قبل.
انتظر الفلسطينيون زمنا طويلا بعد إقامة دولة إسرائيل حتى يشكلوا حملة نضالية لاسترجاع أراضيهم المفقودة، انتظروا من أبريل/ نيسان 1949 إلى مايو/ أيار 1964، عندما تأسست منظمة التحرير للنضال في سبيل إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ثم انتظروا مدة أطول مبدأ الأرض مقابل السلام حتى يعيد إليهم أرضهم، إلا أن ترامب وكوشنر وفريدمان أعلنوا وفاته، كما أعلنوا وفاة حل الدولتين. في جميع مؤتمراتهم واستعراضاتهم لخططهم، تجنبوا باستمرار ذكر كلمتين اثنتين: "الدولة الفلسطينية".
مرة أخرى، يقف الفلسطينيون وحدهم، ويضطرون لأن يعترفوا بأن مصيرهم في أيديهم وحدهم دون غيرهم.
ها هي الظروف ذاتها التي أوجدت الانتفاضة الأولى تعود إلى الحياة من جديد بالنسبة لجيل من الشباب لم يكن قد ولد يوم الثامن من ديسمبر 1987. لن يطول المقام قبل أن تندلع انتفاضة ثانية، لأنها الآن المخرج الوحيد المفتوح أمامهم للهروب من جحيم التوسع الإسرائيلي والخيانة العربية وعدم المبالاة الدولية.
لا جدوى من الاعتراف بإسرائيل، ولا جدوى من الكلام.
تلك هي تركة ترامب، وإن كانت في الواقع أيضا تركة كل من سبقه من الرؤساء. سوف يشعل اتفاق أبراهام فتيل الصراع في المنطقة لعقود قادمة.
ميدل إيست آي
هبوط آدم وحواء إلى الأرض وبداية الحضارة الإنسانية
هبوط آدم وحواء إلى الأرض وبداية الحضارة الإنسانية
د. علي الصلابي
مع نزول آدم وحواء إلى الأرض رضي آدم وزوجته بما قدر الله سبحانه وتعالى عليهم وقبلوا بهذه الحياة الجديدة وبهذا الواقع الصعب والمؤلم مقارنة مع ما كانا عليه من رغد العيش والنعيم الذي كان في الجنة، وبدأ آدم يتأقلم مع ظروف الحياة الجديدة فقد أوحي إليه كيف يتأقلم مع هذه الحياة ويدير شؤون معيشته، ومن ثم تزوج حواء وأنجب منها الأولاد العدد الكثير.
أولاً: الزواج والتناسل:
إذا كان آدم عليه السلام هو أصل البشرية، الذي خلقه الله بيده من طين لازب، ثم خلق الله زوجه بقدرته سبحانه كما شاء وأراد فإنه سبحانه جعل توالد ذريته وتناسلهم بصورة أخرى من صور الخلق البديعة العظيمة، التي تدل على قدرة القادر العظيم والخالق المدبر لما يشاء كما يشاء، فقد جاء خلق آدم بطريقة، وخلق حواء بطريقة غيرها، وجعل سنة الخلق في ذريتهما بصورة كذلك، ليدل ذلك على تنوع القدرة وتعدد صورها وليعلم الناس أنه:﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ ]البروج:16[.
وقد تحدّث القرآن الكريم عن أول لقاء جنسي بين آدم عليه السلام وزوجه في الأرض:
– قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ ]الأعراف:189[، بينت الآية الكريمة أن الله تعالى خلقكم من نفس واحدة وهي نفس آدم عليه السلام وجعل منها زوجها حواء؛ ليأوي إليها لقضاء الحاجة واللذة، فلما تغشّاها وتدثّرها لقضاء حاجته حملت منه حملاً خفيفاً، وكذلك هو حال حمل المرأة من زوجها، فإن حمل ماء الرجل حمل خفيف عليها، ومرّت به أي استمرت بها قياماً وقعوداً حتى أتمت الحمل، فلما أصبح ثقيلاً بعد أن كان خفيفاً ودنت ولادتها، هناك دعا آدم عليه السلام وحواء ربهما أن يكونا من الصالحين، إذا كان ما في بطنهما صالحاً في الخلق وصالحاً في الدين وصالحاً في العقل والتدبير، ونلاحظ في الآية الكريمة:
– أدب الحديث عن الجنس، فالقرآن يتحدث عن أول لقاء جنسي في البشرية، كما يتحدث عن طبيعة اللقاء الجنسي بين الأزواج بغاية من الأدب والحس، فلا يجرح شعوراً ولا يخدش إحساساً، بل يشير إلى ذلك بعبارة بسيطة في لفظها كثيرة بفوائدها مترامية بآدابها، فالإنسان أو المسلم إذا أراد أن يتحدث عن واحدة من مسائل الجنس ومفرداته، في أي حال من أحواله في وقته وزمانه عليه أن يلتزم الأدب الجم وهو يصف أمراً أو ناهياً أو مسترشداً، فقد عبر القرآن الكريم عن الجماع وكنّى بألفاظ غاية في الأدب والترفع، فإذا شعر الإنسان بحرج من لفظ ما أمام الناس، فليعلم أنه حاد طريق الأدب ونزل عن الترفع.
– الحمل في بداياته خفيف لا تشعر به المرأة ولا تشعر بثقله إلا بعد أشهر على التدريج، ولو شعرت بثقله للتوّ وفور الجماع لما استطاعت أنثى حمله، لكنها رحمة الله تعالى بالإنسان وعنايته به، سواء أكان في ذلك الجنين أم الأم أو الأب، فاستحق الله تعالى مزيداً من الشكر والعبادة على ذلك، من المرأة والرجل على الفور ومن الجنين على التراخي، ألا ترى المرأة تجب عليها الصلاة كل وقتها وهي حامل، ولا تعذر بتركها أو التقصير فيها، كما هو حالها أيام حيضها أو نفاسها.
– الولادة عملية إنتاج إنسان من إنسان، وهي بحاجة إلى كثير من الدعاء والتوجه إلى الله تعالى، فهي لحظات صعبة وشديدة على الأم الوالدة ولا يملك الفرد منا أن يكافئ أمه بشيء من آلام الطلق والولادة حتى لو طاف بأمه على عاتقيه الكعبة بالحج، روى البخاري في الأدب المفرد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلاً يمانياً يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره، يقول: إن لها بعيرها المذلل إن أذعرت ركابها لم أذعر، ثم قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: يا ابن عمر أتراني جزيتها؟ قال: لا ولا بزفرة واحدة.
وهكذا بدأت الحياة على الأرض بالتزاوج والتكاثر والتوالد ولا بد أن آدم مع شريكة حياته أدار ما حولهم من أمر الأسرة وتوزيع الأدوار وحل المشكلات بطريقة مناسبة وسعوا إلى معرفة نواميس الكون من حولهما وتحقيق العبادة لله وعمارة المعمورة، ونرى في قصة الخلق والتكليف والإعمار أن السيدة حواء عليها السلام لم تغب عن مسرح الأحداث وإنما كانت في ظل آدم عليه السلام بالمعنى الخفي وليس المبهم الغامض، فهي شريكة في كل التكاليف الشرعية والعمرانية والتربوية وغيرها من المهمات التي تحس المرأة بواجب الوقوف مع زوجها راعية له معينة على همومه ومواجهة المشكلات التي تعترضه.
والكرامة للجنس البشري في عمومه في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ﴾ ]الإسراء:70[، وبنو آدم ليسوا ذكوراً فحسب، وإنما هم ذكور وإناث، وجمع الله تعالى الجنسين على التعميم في ﴿بَنِي آَدَمَ﴾ وهذا في أكثر من آية في القرآن وفي مواضع متعددة، لأن قصة البشرية كانت قد بدأت في الشريكين آدم وحواء واستمرت في ذريتهما وما زالت وستستمر، فالتكريم لم يكن فيه استثناء لنوع من النوعين الذكور والإناث، وإنما هو جامع لهما في التكليف والتكريم والتشريف والفضل من الله تعالى، فكان آدم وحواء عليهما السلام بطلين في قصة الخلق واستمرار النوع البشري، لقد كرّم الله تعالى الإنسان سواء كان ذكراً أو أنثى لإنسانيته. فحواء عليها السلام شريكة لآدم في هذا التكريم وهذا التخصيص، كما هي شريكة له في الاستعدادات الكونية لمشاركته مسيرة الحياة على الأرض… من علم ومعرفة واستعداد فطري للعمل والتضحية وللمشاركة في إعمار هذا الكون.
كانت الحياة بين الأبوين بعيدة عن التنافر، بل كانا متآلفين وبينهما مودة ورحمة وحققا مفهوم السعادة للأسرة الإنسانية الأولى، وبذلك استطاعا تحقيق ما أراده الله من ذرية تخلف في الأرض ويقدر لهم العبادة والطاعة، ويختبرهم إبليس "عدوهم الأبدي" لهم ولذريتهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فيكون الخير للصالحين وجزاؤهم الجنة وحسن المآب، وطريق الشر للعاصين وجزاؤهم جهنم وبئس المهاد، وهكذا كان لأمنا العظيمة "المرأة الأولى" مع أبينا العظيم "الرجل الأول" دور بارز في الكون الوسيع الفسيح. إن الله تعالى جعل حواء مشاركة لآدم، فأصل الإنسانية "آدم وحواء، رجل وامرأة" خلقهما الله من نفس واحدة، فهي ليست مخلوقة هامشية لا دور لها في الحياة وإنما هي مثله تحمل نصيبها من تبعة التكليف ومسؤولية العمل والعبادة، لهذا فهي تخطئ وتحاسب على خطئها، فهي لم تحاسب لأن آدم أخطأ فقط.
كان أول لباس مستقل لبساه "آدم وحواء" من ورق الجنة وتمت صناعته بطريقة الخصيف مثل الخرز، ويشبه الخياطة ويعني ضم أطراف الشيء بعضها إلى بعض
بل هي شاركت آدم في الخطأ وأكلت من الشجرة التي أمرها الله أن لا يقربا منها ولا يأكلا، لذا تحملت ذنب ما اقترفته هي، وليس ذنب آدم وذلك بمقتضى كمال إنسانيتها واستقلال شخصيتها استقلالاً كاملاً كالرجل، فكل منهما مسؤول بما يعمله من خير أو شر وكل منهما محاسب على عمله ثواباً وعقاباً، فهي مصدر الحب الأمومي والتضحية السامية لزوجها وذريتها وطبيعي أن يكون لهما من علو الشأن والمكانة والاهتمام ما يتفق مع طبيعتها ووظيفتها المقدسة التي شرفها الله بها.
والرجل مسؤول والمرأة مسؤولة وكلاهما يكملان جوهرة الحياة في الدنيا والآخرة ولكل بريقه في هذه الجوهرة، لا يطفئ أحدهما الآخر، ويسرق بريقه. بل كل منهما يضيء نوره ويستمده من إشعاع الآخر وبهذا نرى حواء شاركت آدم عليه السلام النسيان والخطأ والألم والانكسار، وطلب العفو والمغفرة من الله تعالى وشاركته في مسيرة الحياة في السماء والأرض وشاركته في تحقيق سنة الكون، وبدون دورها الأساسي في قصة الخلق، لم يكتمل الحدث، وينمو ويتطور، ويصل إلى الهدف الإيجابي الذي سعت من أجل تحقيقه أمنا حواء وآدم أبو البشر في قصة الخلق، فلذلك دورها رئيسي في قصة الخلق لأنها ساهمت في نمو الحدث مع آدم عليه السلام إلى نهاية القصة.
إن بداية الحضارة الإنسانية الأولى في الأرض بدأت من خلال رجل وامرأة بتكوين أسرة صغيرة على الزواج الذي هو من سنن الله في خلقه، وفي الأرض كانت حوّاء أم الأمهات وقدوتهن في الأمومة وكل ما تقوم به النساء من أعمال، كانت حوّاء قد غزلت، ونسجت، وعجنت، وخبزت وعملت أعمال النساء كلها، ثمّ علّمت بناتها تلك الأمور لتستمر مسيرة البشرية إلى ما شاء الله، إلى أن يرث الأرض ومن عليها. وآدم عليه السلام هو الأب لكل البشرية، ولم يكن قلقاً أو مكتئباً لأنه بلا أب، ولا حزيناً لأنه الرجل رقم واحد في أسرته، فهكذا أنت فكن، وأبناء آدم هم البشر وفيهم بيوت النبوة، آل ابراهيم، وآل عمران، وآل داوود، وآل محمد عليهم صلوات الله وسلامه، وفيهم بيوت الحكمة: كآل لقمان، وبيوت الزهد وهي كثيرة في هذه الأمة والأمم قبلها، كما فيهم بيوت المال وبيوت السلطة والجاه، وكل البشر المؤمنين والكافرين والمظلومين والظالمين والأتقياء والمجرمين هم من ذرية ذينك الوالدين الصالحين الطبيبَيْن "آدم وحواء"، والأصل بينهما المساواة، من الأرض خرجوا وإليها يعودون ولا فضل لأحد منهم إلا بالخير والإحسان والتقوى، وأما عدد أولاد آدم في حياته، فلم يستوعبهم كتاب جامع ولم يأت فيهم نص قاطع هل هم (240)، أم (40) أم (25)؟
ثانياً: توفر أسباب الحياة
انطلق الأبوان العزيزان في تحقيق مهمة الخلافة في الأرض بالتناسل والتكاثر والزواج، وبدآ يتأقلمان مع الواقع الجديد واجتهد آدم في عمله في الأرض وساعده أبناؤه لما كبروا وتفننوا في الزراعة والصناعة وتربية الحيوانات، وطوروا أسلوب حياتهم لأنهم يملكون العقل الواعي الذكي الذي يستطيعون به اكتشاف أسرار الكون ومصادر الرزق، وأساليب الطبخ والأكل من النباتات ولحوم الحيوانات والطيور … إلخ وثمار الأشجار وفاكهتها المتعددة الكثيرة من فضل الله ونعمته عليهم.
وبدأ يبني البيوت ليستتر فيها من كل ما يسوؤه، ويستمتع مع زوجه بشهوة الفرج وإنجاب الأولاد بكثرة ويحمي نفسه فيها من تقلبات الطقس ويتفنن في هندسة بنائها وزينتها، وتطور اللباس فقد كان أول لباس مستقل لبساه "آدم وحواء" من ورق الجنة وتمت صناعته بطريقة الخصيف مثل الخرز، ويشبه الخياطة ويعني ضم أطراف الشيء بعضها إلى بعض، شبكها بعود أو نحوه وبهذا أصبح اللباس ستراً يواري عورة الإنسان ويعينه على احتشامه حتى من نفسه وزوجه إذا لم يكن ثمّ حاجة تدعو إلى ذلك، وكان آدم وحواء يستتران من بعضهما بهذا الورق المخصوف.
كانت الحياة الإنسانية الأولى تشق طريقها على هذه الأرض، وعرف الأبوان وأولادهم وأحفادهم كيف يوفرون لقمة العيش واحتياجاتهم الحيوانية والنباتية والصناعية والسكنية
وكشف العورة بين الزوجين من غير داعٍ مستهجن، واللباس يحقق الحشمة والستر ويحقق الجمال والزينة والجاذبية في الوقت نفسه، وبهذا أصبح اللباس رمزاً للفطرة الإنسانية منذ نشأتها الأولى، فهو كان مع آدم وحواء أول ما تفتّقت فيهما روح الاجتماع والوصال واشتياق بعضهم لبعض، وتمّ التوازن بين الروح الأرضي والروح العلوي وبهذا أصبح اللباس جمالاً وزينة ويكفي أنه من ورق الجنة. وفي الأرض كانت ثيابهم من شعر الضأن؛ جَزُّوه، ثم غزلوه فنسج آدم جُبَّة، ونسجت حواء درعاً وخماراً، وكانت بداية الصناعة ومباشرة العمل باليد، لتدبير أمر اللبس فهو من ضرورات الحياة والصحبة والتعبد، وقد يجوز أن يكون ما نسجوا ولبسوا غير هذا ولكنه من جنسه.
وتوارث الأنبياء حب اللباس الجميل -حتى لبس خاتمهم صلى الله عليه وسلم-الجُبَّة والحُلّة والإزار والرداء، والقميص، وكان أصحابه يحبون أن تكون ثيابهم حسنة ونعالهم حسنة، وخافوا أن يكون هذا من الكِبر فقال لهم: إن الله جميل يحب الجمال. وقد أصبح للباس وظيفة معنوية تشعر الإنسان بهويته البشرية وميزته الإنسانية وتذكّره بالعهد والميثاق الإلهي:﴿يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾، فثمّ لباس ظاهر من الثياب الخاصة الشخصية أو العامة، التي هي الريش ولباس باطن من الحب والمودة والرحمة كما سمّى الله الزوجين: لباساً:﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾، وإنزال اللباس قد يعنى إنزال المادة التي يُصنع منها أو المطر الذي ينبته أو إنزال الامتنان به وإباحته وتشريعه للبشر.
وبعض الناس يلبس أفخر الثياب للتجمعات ويذهب للصلاة في ثياب النوم وهذه غفلة عن وظيفة اللباس:﴿يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾. واللباس الجميل فضل ونعمة، والاعتدال فضيلة، والله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده وهو لا يحب المسرفين ولا يحب المتشدّدين المحرٌمين بغير علم، قال تعالى:﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾[الأعراف:32]. والحياء والحشمة للمرأة أوجب وألصق وأليق، واليوم نشكو من إسبال الرجال وتشمير النساء، وكشف المؤمنة البالغة لشعرها لغير ضرورة محرّم ومعصية، وهو مثل مخالفات يرتكبها الرجال علانية ويخالفون فيها شريعة الله، وليس هذا ولا ذاك من الكفر وليس مدعاة للوصم بالفجور، ولا الاعتداء والوقوع في أعراض المؤمنين والمؤمنات وإهدار حقوقهم.
كانت الحياة الإنسانية الأولى تشق طريقها على هذه الأرض، وعرف الأبوان وأولادهم وأحفادهم كيف يوفرون لقمة العيش واحتياجاتهم الحيوانية والنباتية والصناعية والسكنية و. إلـــخ. فاستصلحوا الأراضي للزراعة وكان الماء متوفراً من الأمطار المحجوزة في أغوار من التلال، وقد تمكنوا من صنع رحى لطحن القمح وكذلك محراثاً حجرياً وقطعوا أخشاب الأشجار العتيقة وبنوا كانوناً لطهي الطعام وتعلموا استخراج النار من قدح الأحجار الصخرية وكان الله عز وجل يلهم آدم مما علمه من أسماء الأشياء ووظائفها فهيأ لعائلته حياة طيبة رغدة، واستجابت له الأرض ومطر السماء بإذن الله عز وجل فأعطت من خيراتها الكثير الكثير وهذا من تسخير الله مخلوقاته للإنسان. وبدأت تتشكل الأسر الإنسانية الأولى بتوجيهات نبي الله آدم عليه السلام التي نزلت عليه من الله عز وجل عن طريق الوحي، ومن تلك الأسر انطلقت الحضارة الإنسانية الأولى.
وبهذا يكون قد تم الأمر الرباني الذي أعلن في الملأ الأعلى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ أي كل ما جرى من أحداث في قصة آدم عليه السلام وزوجه لتكوين الجنس البشري خليفة في الأرض، ولكي يستمر في وجوده على هذه البسيطة لا بد أن يأكل ويشرب ويتناسل وينجب الأولاد، ولكي يحدث ذلك ركب الله فيه دوافع للطعام والشراب.. إلـــخ، وهذه الرغبات والشهوات جعلها الله سبباً في استمرار الحياة البشرية على الأرض ومن الطبيعي لكي يحصل الإنسان على ما يشتهي من طعام وشراب… ، ليستمر في العيش على سطح هذه الأرض بكل سعادة ويتمتع بهاتين الشهوتين لا بد أن يعمل ويجد ويجتهد من أجل الحصول على ما يشتهي، ولهذا السبب وغيره مما هيأه الله قام بعمارة الأرض وبالغ في ذلك حتى وصل الإنسان إلى ما وصل إليه وكل ذلك بجهده وتفكيره وتوفيق الله لبني الإنسان ليحصل على ما نراه من التطور الحضاري الحاصل الآن، والذي هو في أشد حاجة لهدايات السماء ووحي الله عز وجل والرسالة الخاتمة المحمدية والتي فيها سعادة الإنسان المادية والروحية والعقلية والنفسية والوجدانية.
المصادر والمراجع:
· أحمد خليل جمعة، نساء الأنبياء في ضوء القرآن والسنة، ص 52.
· بشير محمد، تفاحة آدم، ص 200، 212، 213.
· د. محمد الخرعان، قصة الخلق، ص 24، 309
· د. علي محمد الصلابي، قصة بدء الخلق وآدم عليه السلام، ص 1174-1186.
· سلمان العودة، علمني أبي مع آدم، ص 110، 112.
· عبد الرحمن داود، التربية الجنسية في الإسلام، ص 245.
· مسلم، الجامع الصحيح، رقم 91.
· منصور عبد الحكيم، قصة أبينا آدم، ص 162.
· هدى عريان، الشخصية النسائية في القصة القرآنية، ص .187، 189 ،197.
الخميس، 29 أكتوبر 2020
فقد نصره الله..
قالـــــــــوا
قالـــــــــــوا
ماكرون وكورونا اسمان متقاربان في النطق والكتابة بينهما جناس لفظي ، يظهر أزمتان قلقتان في فرنسا اليوم ، على الفرنسيين نبذ الأول قبل الثاني ؛ لأن الأول عاجز تماما في إدارة الثاني فحوّل فشله فيه إلى الإسلام والمسلمين في فرنسا ... !!
الكاتب محمد الأمين سَوادُغُو
قالـــــــــــوا
"يتفق المرء مع أردوغان على أنه يجب على ماكرون" اختبار صحته العقلية ".
كانت تصريحات الرئيس الفرنسي معادية للإسلام. "إنها جريمة تم التعبير عنها تحت ستار حرية التعبير".
محمد هارون ، الأستاذ بجامعة بوتسوانا.
قالـــــــــــوا
ماكرون المتنمّر ومساجد الضرار
ماكرون المتنمّر ومساجد الضرار
عبد الله العمادي
ما إن بدأ الإسلام يستقر بالمدينة، إلا ونشأ عالم النفاق في الخط الموازي له، فاشتغلت طائفة من المنافقين في صناعة الفتن وتأجيجها، حتى صارت سنّة سيئة تتجدد في كل زمان ومكان إلى يوم الناس هذا.
بدأت مسيرة النفاق وصناعة الفتن ضد الإسلام والمسلمين من لدن صانع النفاق الأول في دولة الإسلام ، عبدالله بن أبي بن سلول، الذي كان يجهز نفسه ليكون ملكاً على المدينة، فكانت هجرة الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- بالنسبة له طامة كبرى، وتبديداً لحلم كان يعد لتجسيده على أرض الواقع طويلاً، فانتكس منذ ذلك الحين.
لم يعجبه الأمر ولم يستسيغه أبداً، لكنه أضعف من أن يقف أمام تيار التغيير القوي الحاصل بالمدينة يومذاك، فكان أن خضع وطأطأ برأسه لكن إلى حين. فكان ما كان من أمره ودخول الإسلام نفاقاً، وفي الوقت ذاته بدأ العمل على وضع أسس هدم وخلخلة البنيان الإسلامي، وتخذيل المسلمين. وقصص خذلانه عديدة متنوعة.
عبدالله بن أبي لم يكن فرداً، بل بذرة خبيثة لظاهرة بدأت صغيرة ثم ترعرعت ونمت حتى استفحلت وبدأت تشق طريقها بكل الوسائل المتاحة. تقوى حيناً وتخفت حيناً آخر، لكنها لم تنته أو تتوقف إلى يوم الناس هذا. فأينما تلتفت اليوم ستجد منافقاً أو زمرة منافقين بصورة وأخرى. تعددت أهدافهم وتنوعت، لكن منهجهم واحد هو بث الفرقة، وروح الهوان والهزيمة في النفوس، مع إكمال مسيرة زعيمهم ابن أبي في خذلان المسلمين أينما كانوا.
مساجد الضرار وهي تنتشر
ألم يجتهد المنافقون في بناء مسجد الضرار، وكانوا قد أعلنوا أنه للعبادة وإيواء المحتاجين من المسلمين، فيما كان الهدف الحقيقي من بنائه أن يكون مركزاً يجتمع فيه المنافقون للتآمر على المسلمين، حتى أوحى الله لنبيه بالأمر فقام بهدمه وحرقه، حتى يقطع شرهم وهو في المهد، وقبل أن يستفحل ويتعاظم.
اليوم تكثر مساجد الضرار أينما وليت وجهك في بلاد المسلمين، حيث التآمر يتواصل على الإسلام والمسلمين وبأيدي من يسمون أنفسهم مسلمين، سياسيين كانوا أم مفكرين أم إعلاميين أم أصحاب لحى، وأشباههم كثير كثير. تنشط تلك الفعاليات والشخصيات بمعية غير المسلمين في صناعة الشرور والمآسي في صور وأشكال متعددة متنوعة.
المنافقون يدركون خطورة وصعوبة حرب الإسلام كدين، والظهور أمام الملأ بمظهر المحاربين للدين، لكن تجدهم يحاربون أهله ويبثون من الأراجيف والشائعات ما يوهنون بها النفوس والعزائم، ويبذلون الجهد في شق الصفوف وخلخلتها. لا يهتم أحدهم بضياع وطنه أو جيل من شعبه. ولعل استنفار الشعوب الإسلامية حالياً ضد التنمر الفرنسي الذي يقوم بأدائه ماكرون، والأصوات المساندة له، الخافتة حيناً والمدوية حيناً آخر لأتباع مساجد الضرار في مجتمعات المسلمين، خير مثال على ما نحن بصدد الحديث عنه اليوم.
حماقات بوش يكررها ماكرون
على رغم إدراك الأمريكان لحماقة بوش الابن وإدارته بعد سنوات معدودة من أحداث سبتمبر 2001، وقيامهم عام 2010 بتغيير شعار الحرب على الإرهاب، والتوقف عن حملاتهم العسكرية التي ما زادتهم ولا زادت ضحاياهم بالطبع، غير تخسير ودمار وإهلاك للحرث والنسل، إلا أنه رغم كل ذلك لم يستفد حلفاء الأمريكان من الدرس، لاسيما باريس. فإن ما حدث في فرنسا خلال الأسبوعين الماضيين، وممارسة ماكرون لفعل التنمّر على الإسلام والمسلمين جهاراً نهاراً، وأنه بصدد إخراج الإسلام من أزمته وغير ذلك من خزعبلات وأراجيف، فهذا كله مؤشر أنه يسير أو في نيته السير على خطى بوش، وأنه على وشك ارتكاب حماقات ويورط بلده في حروب متنوعة لن تزيدها غير تخسير.
كان قتل المدرس أبرز نتائج تنمّر ماكرون وحماقاته تجاه دين عالمي، بل هو يتحمل مسؤولية الجريمة وليس الشاب الشيشاني، الذي لم يراه العالم ولم يعرف أحد قصته، بل صار تعتيم عليه مباشرة وصار التركيز على المدرس والجوانب الإنسانية في حياته، كما تفعل أفلام هوليوود حين تُظهر الجندي الأمريكي مثلاً في فيتنام أو أفغانستان أو العراق أو الصومال، وهو جريح ينزف دماً، ومشهد عائلته وأطفاله ينتظرونه، لتتأثر أنت المشاهد به وتبدأ ترتسم في ذهنك صورة مشوهة سيئة عن أولئك المجرمين الذين أصابوا الجندي الأمريكي البريء، المحب للسلام !!
هكذا بدأ الإعلام الفرنسي ومن خلفه بعض إعلام الغرب وإعلام صهاينة العرب بتصوير المشهد، حتى يتم تبرير أي فعل قادم تجاه الإسلام والمسلمين من قبل فرنسا ومن يدعمها، وإن الوعي بمثل هذه السيناريوهات مهم جداً، والتوعية بها لعموم الناس أمر أهم.
الغرب ومنطق القوة
ازدواجية المعايير، من أبرز ما يتميز به الغرب اليوم بشقيه الأوروبي والأمريكي، وهذه الازدواجية ليست بالأمر الغريب أو المستهجن من قبل الغرب نفسه، الذي لا ينكر أنه بنى حضارته على أسس مادية أو رأسمالية بحتة ومتوحشة أيضاً، وأنه يبحث عن مصلحته ويدافع عنها بكل ما لديه من قوة وعتاد، وإن داس على مبادئه وقيمه وأخلاقه.
وما نراه اليوم في مواقع الأحداث والبؤر الساخنة المتفجرة من العالم العربي على سبيل المثال، فإنما للغرب يد طولى فيها، وإن كنت لا أعذر العرب في الوقت ذاته، لكن لكثرة تدخلات الغرب بالمنطقة وبسبب ازدواجيته في التعامل مع القضايا والمشاكل، تجد أن المشاكل العربية فقيرة الحلول بل تتفاقم وتزيد تعقيداً.
التنمّر الفرنسي ما كان له أن يظهر علنا، لولا الصورة الذهنية للعالم الإسلامي بأنظمته وشعوبه عند الغرب. وما زاد الطين بلّة أو ماكرون تنمّرا، وجود دعم خفي من عمق العالم الإسلامي من مسلمين، أفراداً وأنظمة ومؤسسات. لكن رغم كل ذلك، تكون للشعوب دوما في الأوقات المفصلية والحرجة، كلمتها ودورها الفاصل الحاسم.
ما إن برزت دعوة هنا وهناك لمواجهة هذا التنمّر والتعالي الفرنسي على الإسلام والنيل من رمزه المقدس - صلى الله عليه وسلم – حتى وجدت تجاوباً سريعاً أذهلت أتباع مساجد الضرار قبل الفرنسيين أنفسهم. فما كان من الفرنسيين بعد أيام قليلة من بدء حملة شعبية لمقاطعة منتجاتهم، إلا الإعلان بصورة وأخرى -وإن كان استفزازيا في الوقت ذاته- بضرورة وقف المقاطعة الاقتصادية (فورا) ما يشير إلى أن تقديراتهم للخسائر المنتظرة، لو استمرت حملات المقاطعة زمنا أطول من المتوقع، فستكون باهظة وربما تسبب انتكاسة للاقتصاد الفرنسي قبيل انتهاء هذا العام، بجانب تداعيات وآثار كورونا.
أما أتباع مساجد الضرار، فقد هالهم الالتفات الشعبي في كثير من العالم الإسلامي، ووجدوا أنفسهم وقد دخلوا المنطقة الحرجة. فلا هم بقادرين على تجاهل إساءات ماكرون للنبي الأكرم -صلى الله عليه وسلم– ولا في الوقت ذاته، عندهم ذاك الصبر والتصابر إلى حين، وهم يشاهدون تسارع انتصارات الإرادات الشعبية في العالم الإسلامي.
فظهروا على حقيقتهم سريعاً، وبدأوا بممارسة أدوارهم كما كان أسلافهم من لدن ابن سلول إلى اليوم، فرأيتهم يمارسون الإرجاف والتخذيل وبث الشائعات هنا وهناك، والتهوين من شأن حملات المقاطعة الاقتصادية، التي لم يقدر أحد غلاة اليمين الفرنسي هو "غيلبيرت كولار " إلا أن يعترف بتأثيرها إلى درجة أن يسميها بالجهاد الاقتصادي، وكأنما يزين للمسلمين الفعل من حيث لا يريد، فهو لا يدري مدى تأثير وجمالية وفعالية كلمة الجهاد على النفوس المسلمة المؤمنة، المشتاقة للجهاد في سبيل الله بكل الوسائل المتاحة للدفاع عن دينه ومعتقداته ومقدساته.
خلاصة ما يمكن بها ختم الحديث
ضرورة استمرار هذه الفعاليات الاقتصادية المؤثرة. فهذا الغرب منطقه مادي بحت لا يهتم بقوانينه ومبادئه وقيمه، كما يتراءى لنا، إذا تعرضت مصالحه المادية إلى الخطر. وطالما أدركنا نقطة ضعفه، فلا يجب أن ندعها وننتقل إلى غيرها، بل نستمر عليها نعززها ونبحث في الوقت نفسه عن نقاط ضعف أخرى. لا نتوقف أو نتساهل أو نتراجع، مصداقاً لقوله تعالى (فَلا تَهنُوا وَتَدعُوا إلى السَّلْم وأَنتمُ الأعلَونَ والله مَعَكُم ولن يَتِرَكُم أعْمَالَكُمْ). أي لا تضعفوا عنهم وتدعوهم إلى الصلح والمسالمة، وأنتم القاهرون لهم والعالون عليهم، فالله معكم بالنصر لكم عليهم، كما في تفسير الطبري.
توجيه رباني دقيق في كيفية إدارة المعارك مع من يعادي الأمة المسلمة في دينها وعقيدتها. لا بد من الاستمرار ورد الصاع صاعين، والإدراك التام بأن هذا العلو التدريجي الحاصل الآن بفضل الله وهذا التأثير الاقتصادي، من المهم بل الواجب أن يستمر، ولا نتأثر بالأراجيف وأقوال المرجفين حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
كورونا أصل الحكاية | لماذا عام 2020؟
كورونا أصل الحكاية | لماذا عام 2020؟
تذكر دائما أن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ليست مجرد أهداف تنموية لتحسين ظروف الحياة في الدول النامية، وإنما هي أهداف تحويلية شاملة تستهدف البشر في كل دول العالم، المتقدمة منها والنامية، للانتقال إلى مرحلة جديدة تتحكم فيها التكنولوجيا في معظم مجالات الحياة؛ السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية والحقوقية والبيئية والمناخية، وقد قررت دول العالم مجتمعة الدخول في هذا التحوّل عام 2015 لاستكمال تحقيقه في المجالات المختلفة عام 2030، وقد قدّرت الأمم المتحدة تكلفته السنوية بحوالي 6 تريليونات دولار على مدار 15 عاما، أي حوالي 6.8% من إجمالي الناتج المحلي العالمي السنوي، الذي وصل إلى 87.7 تريليون دولار عام 2019.
هل كان لظهور جائحة كورونا علاقة بخطة أهداف التنمية المستدامة؟ هل كانت الأمم المتحدة أو شركاؤها في التنمية بحاجة إلى مثل هذا الحدث لتحريك العالم باتجاه زيادة التجاوب مع أهداف التنمية المستدامة، وإحداث التحول المطلوب؟
سد الفجوة المالية الهائلة
هذه التكلفة السنوية الضخمة جعلت من تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 أكبر عملية إنفاق عرفتها البشرية على الإطلاق، وبلا شك، سيتسابق القطاع الاستثماري بشقيه الحكومي والخاص على السواء، سعيا للفوز بنصيب من أرباح الاستثمار في آلاف المشروعات، التي تحتاجها عملية تحقيق أهداف التنمية المستدامة وإحداث التحول المنشود. هذه التكلفة الضخمة، يقابلها في الوقت نفسه معاناة شديدة، لدى معظم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من أزمات اقتصادية متلاحقة، جعلتها تئن تحت وطأة الديون وفوائدها.
حيث بلغ حجم الديون العالمية في نهاية مارس/آذار 2018، 247 تريليون دولار، بزيادة قدرها 25 تريليون دولار عن العام الذي قبله، حسب معهد التمويل الدولي (IIF)، وارتفع حجم الدين المحلي في الدول النامية من 36% من إجمالي الناتج المحلي عام 2012 إلى 15% عام 2018، مما سيجعل نصيب الأسد في هذه المشروعات لصالح الدول الغربية المتقدمة ذات الاقتصادات القوية، والمؤسسات الاستثمارية الضخمة، الأقدر على تمويل المشروعات، والأكثر استقرارا ونجاحا وانتشارا ونفوذا وتمتعا بالحماية الدولية. إضافة إلى الكيانات الاستثمارية الطفيلية المرتبطة بها، وسيكون لهذه الدول والمؤسسات الدور الأكبر في قيادة عملية تحويل العالم عن طريق تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، على نحو ما سنرى في المقالات القادمة بإذن الله.
بعد مرور 4 سنوات
انطلقت أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة مع بداية عام 2016، وسيطرت أهدافها الـ17 على اهتمامات الشركاء، الذين حملوا على عاتقهم تحقيق هذه الأهداف مع حلول عام 2030، وعلى رأسهم الدول الأعضاء ومنظمات الأمم المتحدة والقطاع الخاص. وبدأ العمل بوتيرة متسارعة على مستوى هذه الجهات الثلاث، فتشكلت المنظمات واللجان، وتعاقبت المؤتمرات بانتظام، وصدرت الخطط والكتب والتقارير التعريفية والإرشادية والتحفيزية، وانطلقت المبادرات المتخصصة من هنا وهناك، وهرع النشطاء من كل حدب وصوب محليا وعالميا، كل يدلي بدلوه في هذه العملية التحويلية الضخمة، التي تخضع لها البشرية، وتوالت التقارير الدورية تتابع الأداء وتقيس معدلات الإنجاز، وترصد المشكلات وتقترح الحلول.
وفي يونيو/حزيران من كل عام، يجتمع المنتدى السياسي رفيع المستوى في نيويورك ليراجع سير الأداء في أهداف التنمية، ويرفع تقريره لقمة الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر/أيلول من كل عام.
تتابعت السنوات، وصدر تقرير الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2019، ورُفع إلى القمة المنعقدة في سبتمبر/أيلول، ليقرع ناقوس الخطر من جديد، حيث لم يبق على تنفيذ الخطة سوى 10 سنوات، ورغم تحقيق تقدم في بعض المجالات؛ إلا أن هناك مجالات كثيرة ما زالت تحتاج إلى اهتمام جماعي عاجل، فالبيئة الطبيعية آخذة في التدهور بمعدل ينذر بالخطر، والتحرك يتم ببطء شديد لإنهاء المعاناة الإنسانية وخلق الفرصة لجميع الناس، وأصبح هدف إنهاء الفقر المدقع بحلول 2030 معرضا للخطر، مع تفاقم الحرمان المترسخ، والنزاعات العنيفة، والافتقار إلى الخدمات الصحية الأساسية.
تقرير المنتدى السياسي رفيع المستوى المرفوع للقمة عام 2019، تفاءل بأن العالم سيدخل قريبا عقدا حاسما لكل من الأجيال الحالية والمقبلة، ولكل أشكال الحياة على هذا الكوكب، وتقع على عاتق العالم مسؤولية جعله عقدا للعمل والتنفيذ لتحقيق التنمية المستدامة. ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في القمة، إلى إطلاق العنان للتحولات الاجتماعية والاقتصادية اللازمة لإنجاز أهداف 2030، عن طريق "التمويل، والقدرة على الصمود، واستدامة الاقتصاد وشموله للجميع، وإقامة مؤسسات أكثر فعالية، والعمل على المستوى المحلي، وتحسين استخدام البيانات، وتسخير العلم والتكنولوجيا والابتكار بتركيز أكبر على التحول الرقمي"، وشدد على أن 2019 هي السنة الحاسمة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وعلى أن العقد القادم هو عقد العمل والحركة.
العام 2020 هو بداية انطلاق عقد العمل والحركة، الذي شدد عليه الأمين العام للأمم المتحدة، وهو عام الاحتفال بمرور 75 عاما على تأسيس الأمم المتحدة، وهو عام الهوية الرقمية "آي دي 2020" (ID2020)، وهو عام جائحة كورونا
الشركاء الكبار
هذا الحماس لدى الأمين العام بعقد قادم مليء بالعمل والحركة والالتزام والإنجاز بدءا من عام 2020 وحتى 2030، مبعثه ما يلي:
1. الإرادة الدولية على مستوى القمة، حيث يتم رعاية التحول على مستوى قمة دول العالم، وبمتابعة سنوية مباشرة على أكثر من مستوى وأكثر من تخصص.
2. الإصرار على تحقيق الأهداف وإحداث التحول، وعدم السماح لأي دولة بالتخلف عن الركب.
3. تفاعل الدول الأعضاء مع الخطة، وإدماجها بنسب متفاوتة ضمن برامجها الوطنية في مختلف القطاعات.
4. مشاركة القطاع الخاص بثقله في عملية التنمية المستدامة.
5. ضخامة المشروعات التي يجري العمل على إنجازها، والتي تتشارك فيها دول العالم وتتكامل جهودها وخبراتها وقدراتها.
6. المبادرات الكبرى التي انطلقت للمساهمة في إحداث التحول في عدة مجالات.
7. الجهود الكبيرة التي تبذلها منظمات الأمم المتحدة والمنظمات المختصة لرصد المشكلات ووضع الحلول وتجاوز العقبات.
8. وأخيرا وليس آخرا، أن خطة التحول تسير في اتجاه واحد لا رجعة فيه، وأنه مهما بلغ من المشكلات والعقبات التي تواجه الخطة، فإنه سيتم التغلب عليها بصورة أو بأخرى.
ساهم فتح الباب لتنويع الشركاء بدور كبير في زيادة الثقة في هذه الخطة، وزيادة الفرص أمامها لتحقيق أهدافها في نهاية المدة المحددة، أو في نهاية مدد تالية، ويقف على رأس هؤلاء الشركاء 4 شركاء رئيسيين يتحملون العبء الأكبر، ويقومون بالدور الأكبر في تنفيذ الخطة، وهم:
1. الدول الأعضاء التي تتوجه إليها كافة برامج الخطة، على مستوى وطني أو دولي، وتتحمل مسؤولية كبيرة في تمويل المشروعات، وتنفيذ البرامج والاتفاقيات وتطوير التشريعات والإجراءات والسياسات.
2. القطاع الخاص، الذي سيستثمر مليارات الدولارات في مشروعات الخطة في شتى المجالات.
3. منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، المتخصصة في كافة مجالات التحول الواردة في خطة التنمية المستدامة.
4. منظمات المجتمع المدني، وخاصة الكبرى منها التي تنفذ مشروعات سنوية بمليارات الدولارات.
هؤلاء الشركاء وحدهم، هم من يتحملون عبء تمويل عملية التحوّل، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كورونا وعام 2020؟
العام 2020 هو بداية انطلاق عقد العمل والحركة، الذي شدد عليه الأمين العام للأمم المتحدة، وهو عام الاحتفال بمرور 75 عاما على تأسيس الأمم المتحدة، وهو عام الهوية الرقمية "آي دي 2020" (ID2020)، وهو عام جائحة كورونا. فهل كان لظهور الجائحة علاقة بخطة التنمية المستدامة؟ هل كانت الأمم المتحدة أو شركاؤها في التنمية بحاجة إلى مثل هذا الحدث لتحريك العالم باتجاه زيادة التجاوب مع أهداف التنمية المستدامة، وإحداث التحول المطلوب؟
وبعيدا عن الاستطراد في التحليل وسرد الاعتبارات المنطقية في الاتجاهين، فقد لفت نظري كثيرا أن أبحث في وثائق وتقارير خطة التنمية المستدامة، وما ورد في تقرير تمويل أهداف التنمية لعام 2018 من تفاصيل كثيرة تخص عالم ما بعد التحول، وأذكر هنا أمرين اثنين أثارا عندي الكثير من الفضول، لعلاقتهما بما شهده العالم في فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا، وهذان الأمران هما:
الأول: التكنولوجيا البيولوجية
حيث ورد في جدول التقنيات المستجدة الضرورية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) بحلول عام 2030، في الصفحة 161 من تقرير تمويل أهداف التنمية المستدامة 2018، تحت عنوان: "التقنيات المستجدة الحاسمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030″، أن مجال التكنولوجيا الحيوية يشمل علم الجينوم والبروتيوميات، وتقنيات تعديل الجينات، وتسلسل الحمض النووي المصمم خصيصا، والكائنات الحية المعدلة وراثيا، والخلايا الجذعية والهندسة البشرية، والتحفيز الحيوي، وعلم الأحياء الاصطناعية، وتكنولوجيا الزراعة المستدامة.
وهي تدخل في أهداف التنمية المستدامة الخاصة بـ: صحة الإنسان، والأدوية، والمحاصيل الغذائية، والمواد، والبيئة، والوقود.
وذكر أن من المهددات المحتملة لهذا النوع من التكنولوجيا: استخدامها في المجال العسكري، وأنها تغييرات لا رجعة فيها على الصحة والبيئة. وهو شبيه بما سمعناه كثيرا من عدد من الشخصيات الدولية الرائدة في جائحة كورونا، من أن العالم بعد كورونا ليس هو العالم قبل كورونا، وأن العالم لن يعود إلى ما كان عليه إلا بعد اكتشاف لقاح للفيروس، والتأكد من تطعيم كافة البشر في الكرة الأرضية.
الثاني: كيفية الحصول على العمل اللائق
حيث ورد تحت عنوان "التقنيات الجديدة وأسواق العمل" في الصفحة 152 من تقرير تمويل أهداف التنمية المستدامة لعام 2019، أن سوق العمل سيتأثر كثيرا؛ بسبب زيادة دخول التكنولوجيا في سوق العمل، حيث من المتوقع أن ينخفض عدد الوظائف من 10% إلى 50% في الدول النامية، مما سيؤدي إلى زيادة البطالة إلى أكثر من ربع القوى العاملة، كما أنه سيؤدي في المقابل إلى تخفيض في تكلفة الإنتاج. ويرى التقرير أن الحصول على العمل اللائق يكون بالتركيز على الإنتاج بدلا من الموظف الكامل، واقترح التقرير على صانعي السياسات في الدول الأعضاء تعديل السياسات والتشريعات وآليات الضمان الاجتماعي، بما يمنع القطاع الخاص من تقويض الحماية القائمة للعمالة، والعمل على رفع المهارات التقنية للعمال بما يتناسب مع العصر الرقمي.
وقد تم إخضاع هذا الأمر إلى التجربة العملية الواسعة على مستوى العالم وفي معظم قطاعات سوق العمل، أثناء الإغلاق الذي شهده العالم بسبب جائحة كورونا في النصف الأول من هذا العام.
فهل كانت "كورونا" بمثابة إطلاق غير رسمي لصافرة البداية للتحول باتجاه العالم الجديد؟
ما زال الوقت مبكرا للإجابة الحاسمة على هذا السؤال.
كورونا أصل الحكاية | البداية