الثلاثاء، 30 مارس 2021

املأ طلباً... علشان تعيش!

 املأ طلباً... علشان تعيش!

خواطر صعلوك

محمد ناصر العطوان

قدّمت ألمانيا ثلاثة أشياء للبشرية هتلر، وفرانتس بكنباور؛ والبيروقراطية.

ماكس فيبر عالم الاجتماع وابن ألمانيا البار، جعل الحياة تسير على رأسها كالدب، بعد أن كانت تسير على أقدامها كالغزال، وضع معادلة المكتب البيروقراطي عام 1860م.

ظهرت نتيجة المعادلة عام 1988م عندما دخل حسين عبدالمحسن النديم إلى الإدارة العامة للإشراف على التبرع بالأعضاء بين الأحياء - هكذا كان اسمها - مرتبكاً وفي عَجلة من أمره: «صندوق البريد الذي في باحة الإدارة مكسور... معي رسالة مستعجلة من غرفة العمليات... زراعة قلب»، أخبر الموظف من دون أن يرمش.


نظر إليه الموظف بتشكّك وبطء: - املأ طلباً من أجل إعادة تركيب الصندوق... ممنوع تسلّم الرسائل باليد.


حسين يقول بحِيرة: أستطيع أن أصلحه، فقط احضر لي مِطرقة ومسمارين، وقلب قفل جديد، وشعار الإدارة.


دقّق فيه الموظف وترك الأوراق التي أمامه وبدأ يهز رأسه: - املأ طلباً من أجل المطرقة والمسمارين والقلب، أما شعار الإدارة فيلزمه طلباً آخر... ثم املأ استمارة «تَحمّل مسؤولية» عن الصندوق.


قال بحماس: - اعطني القلم الرصاص.


الموظف: - املأ طلباً للحصول على القلم الرصاص.


ملأ الطلب عن طريق مخاطبة موظف آخر معه قلم رصاص كتب له، ثم حصل على القلم.


أصلح الصندوق ووضع فيه الرسائل، التي فقدت قيمتها... إحداها كانت تقول: «عاجل: يرجى الموافقة على نقل( قلب)ع. س إلى م. و... على وجه السرعة».


«الدولة تشيخ وتهرم من البيروقراطية... وفي بلد مثل هذا علينا أن نجاهد للحيلولة دون نسيان أسمائنا»، قالها حسين قبل أن ينام في هذا اليوم.


حسين عبد المحسن النديم، ترك العمل في المؤسسة الصحية بسبب تخبّط قراراتها، وانتقل في عام 1989م إلى السلك العسكري، وهناك تم تكليفه بنقل مُتهم إلى الجهات المختصة بالتحقيق مع الجواسيس.


أمسكه من قفاه، وبصحبته اثنان من العسكر... وبصق عليه طوال الطريق... ولعنه مرتين.


حسين: جئت أسلّم هذا المُتهم.


غرفة 2: هل كان لديه سلاح عندما قبض عليه؟ حسين: نعم.


فقالوا له اذهب للغرفة رقم 7.


دخل الغرفة وقال: معي جاسوس ولديه سلاح. 

غرفة7 : وهل كانت لديه وسيلة اتصال مع المصدر؟ حسين: نعم.


فقالوا له: هذا من اختصاص الغرفة رقم 20. فصعد إلى الغرفة وقال: معي جاسوس ولديه سلاح ومعه جهاز اتصال مع المصدر.


غرفة 20: ما مهمتك بالضبط مع هذا المُتهم؟ فرد حسين: جئت أسلّم هذا الجاسوس.


فقالوا له إذاً اذهب ومارس عملك ودعنا نمارس عملنا أيضاً.


حسين عبدالمحسن النديم أصبح اسمه بوعبدالعزيز في عام 1999م، من دون أن يتزوّج، وبعد أن مات ودفنوه بما يكفي لكي لا يُخرج رأسه؛ أخبرني حارس المقبرة أنه أحياناً كان يفتح عينيه ويخرج رأسه وقتاً كافياً ليهين حكومة البيروقراطية.


قصة قصيرة: بعد الحظر الجزئي أصبحت أسمع صوت الجيران مرة أخرى..‏. هذا الشخص يهين زوجته ويعاملها بدونية، وكأنها من «أملاك الدولة».


@Moh1alatwan


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق