السبت، 13 مارس 2021

قراءة في كتاب ملف فضائح البرادعي

قراءة كتاب ملف فضائح البرادعي

 إدانة البرادعي

عامر عبد المنعم
عامر عبد المنعم
20 محرم 1433


تقارير البرادعي ضد مصر والعراق تكشف دوره في خدمة أمريكا
زجَّ باسم مصر ضمن ما تسميه أمريكا "محور الشر" في تقرير عام 2008
تقريره الأخير لمجلس الأمن عن العراق وفَّر الغطاء لجورج بوش للغزو

-------------------------------

 

الوثائق تثبت أن الدكتور محمد البرادعي كان موظفا أمريكا مثاليا. حقق للولايات المتحدة كل مطالبها لاحتواء العرب والمسلمين. استخدم سلطته كرئيس للوكالة الدولية للطاقة الذرية في إبقاء العراق تحت الحصار لأكثر من 13 عاما. رفض الإعلان رسميا عن خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل، وظل حتى آخر يوم قبل العدوان الهمجي الذي شنته أمريكا وحلفاؤها على الشعب العراقي يؤكد أن الحكومة العراقية لازالت لم تجب على الأسئلة التي يطرحها.

في كل تقاريره كان يعترف بعدم وجود أدلة ولكن في كل التقارير أيضا يثير الاتهامات للحكومة العراقية بعدم التجاوب وعدم الرد على القضايا العالقة، وكان ينهيها بأنه سيواصل التفتيش.

 

 

أخطر المواقف كان وقوف البرادعي ضد مصر والتحريض عليها، بدأت بقبوله ترشيح أمريكا له لرئاسة الوكالة ضد المرشح المصري الدكتور محمد شاكر ثم وضع مصر ضمن دول محور الشر في تقرير رسمي ليخضع مصر للابتزاز الأمريكي والغربي.

كنا في الأسبوع الماضي تحدثنا عن "نهاية البرادعي" الذي أعلن أنه متنازل عن الترشيح للرئاسة ليكون رئيسا لوزراء مصر، وقد شرحنا قصة صعود البرادعي وكيف خدم السياسة الأمريكية، وقلنا إن الشعب المصري لم يقم بالثورة ليتخلص من الموظف الأمريكي حسني مبارك لنأتي بالموظف الأمريكي محمد البرادعي.
في هذا العدد نتناول ما فعله البرادعي ضد مصر والعراق من واقع التقارير الدامغة التي كتبها هو شخصيا والتي تؤكد أنه لم يكن في صف الأمة وإنما خدم أعداؤها.

 

 

أولا: التحريض على مصر في تقرير رسمي
لعب البرادعي دورا رئيسيا في التحريض ضد مصر لمنعها من دخول المجال النووي السلمي، ولم يكن في يوم من الأيام مؤيدا للمشروع النووي المصري، رغم أن دولاً كثيرة بدأت في استخدام حقها المشروع لبناء محطات نووية للأغراض السلمية وللأغراض الدفاعية، وله تصريحات عديدة مارس فيها الضغط على القيادة السياسية المصرية وتحريض الدول الغربية عليها، من هذه المزاعم أن مصر غير قادرة على بناء مفاعلات نووية لأنها تفتقر إلى الكوادر الفنية، وتارة أخرى يقول إنها غير قادرة على تأمين المفاعلات لعجزها عن منع حوادث تصادم القطارات. وهذه المزاعم لا تحتاج إلى رد، فمصر غنية بعلمائها الكبار، والعلماء المصريون هم أكثر من تعرضوا للاغتيال بسبب علمهم وخبرتهم. من ناحية أخرى فإن الهند التي يؤيد البرادعي برنامجها النووي هي أكثر بلدان العالم التي تتصادم فيها القطارات، أي أن هذا المثل الذي يضربه البرادعي مردود عليه.

لا أريد أن استطرد كثيرا في مواقف البرادعي ضد بلده لأن مواقفه كثيرة، لكن أخطر المواقف التي تثبت أن البرادعي عمل ضد مصر وحرض عليها هو التقرير الذي أصدره عام 2008 وحشر اسم مصر بين الدول التي وصفتها أمريكا بأنها محور الشر. ففي هذا التقرير تعمد الزج بمصر في المرتبة الثالثة بين الدول الأربعة التي تحاربها أمريكا بسبب برامجها النووية الدفاعية، بعد إيران وسوريا، وقبل كوريا الشمالية.

 

 

يكشف تقرير البرادعي عن مصر عن الانتماء الحقيقي لهذا الرجل الذي لا يتورع عن العمل ضد مصلحة بلده التي ولد فيها، وخدمة المخططات المعادية. هذا الموقف يفسر ماحدث في ديسمبر 1997 عندما رشحت أمريكا البرادعي ليتولى رئاسة الوكالة ضد المرشح المصري السفير محمد شاكر، وكيف أن أمريكا طلبت من المجموعة الأفريقية ترشيحه، ووقفت خلفه بكل قوة. يومها لم يكن البرادعي مرشحا مصريا وإنما كان مرشحا أمريكيا، يخدم أمريكا ومصالحها حتى لو كانت ضد مصر.

من المعروف أن أمريكا منذ الثمانينات تقود حملة دعائية وسياسية لمنع المسلمين من حيازة الخبرة النووية، وانتهت بغزو العراق بحجة منع الدول المتمردة من حيازة أسلحة نووية، من هذه الدول ثلاثة إسلامية: العراق، إيران، سوريا والرابعة كوريا الشمالية. وكان الهدف من الضغط على الدول الإسلامية منعها من الاستمرار في مشروعاتها النووية بينما كان الهدف من الضغط على كوريا الشمالية لمنعها من تقديم الخبرة إلى الدول الإسلامية الأخرى.

 

 

تعمد البرادعي حشر اسم مصر في التقرير ليحرض مجلس الأمن والدول الغربية على الحكومة المصرية.
صدر التقرير بعنوان " Safeguards and Verification " وتضمن رأي الوكالة في مدى التزام دول العالم بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وأشار التقرير إلى قضايا تقنية وعملية في برامج التفتيش. وتحدث التقرير عن العديد من دول العالم بشكل عام ولكنه أفرد معلومات تفصيلية حول 4 دول فقط، رأت الوكالة أنها تستأنف مشروعات نووية سرية وأن الوكالة تسعى لمواصلة التفتيش عليها للتحقق من المعلومات التي لديها، حول وجود آثار لليورانيوم المخصب الذي يستعمل في صناعة قنابل نووية.

الغريب أن البرادعي اعتمد على معلومة عادية متكررة في دول عديدة ولا يأخذها مفتشو الوكالة باهتمام يذكر، وبنى عليها موقفا ليضع مصر تحت بؤرة التركيز كدولة خطيرة.

التقرير الذي نكتب عنه موجود على موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويمكن الاطلاع عليه على الرابط التالي:
http://www.iaea.org/OurWork/SV/Safeguards/es/es2008.html

 

 

في الجزء المتعلق بمصر ورد في التقرير الذي كتبه البرادعي النص التالي:
"في العامين 2007 و 2008م، وجدت بعض جزيئات اليورانيوم عالي التخصيب وأخرى من اليورانيوم منخفض التخصيب في عينات بيئية مأخوذة من إنشاص. وقد أعلنت مصر أنها نتيجة للتحقيقات التي أجريت للتعرف على مصدر هذه الجزيئات، تعتقد أنه يمكن أن تكون قد دخلت إلى مصر مع بعض حاويات نقل النظائر المشعة الملوثة. ورغم أن الوكالة الدولية ليس لديها من الأدلة ما يناقض التفسيرات المصرية، فإنها لم تحدد بعد مصدر جزيئات اليورانيوم. وستقوم الوكالة، طبقا لإجراءاتها وممارساتها، بالبحث عما يوضح هذه المسألة كجزء من أنشطة تحقيقاتها المتواصلة؛ وسوف يتضمن ذلك أخذ عينات بيئية إضافية".

 

 

يمكن تلخيص ما يهدف إليه التقرير في الآتي:
1- لفت الأنظار إلى المركز البحثي في إنشاص وتخطيره.
2- وجود آثار لليورانيوم المخصب بالقرب من إنشاص يعني إثارة الشكوك حول برنامج مصري سري.
3- الوكالة لا تصدق التبرير المصري بأن هذه الجزيئات ربما تكون قد دخلت إلى مصر مع بعض حاويات نقل النظائر المشعة الملوثة.
4- أن الوكالة ستواصل التحقيق مع المصريين للوصول إلى مصدر هذه الجزيئات.
5- أن الوكالة ستستهدف مصر بالمفتشين وأخذ عينات بيئية إضافية.
6- توسيع عمليات استجواب العلماء والمسئولين المصريين لإرهابهم واستكمال المعلومات عن كل العاملين في المشروع النووي المصري البحثي السلمي.
7- ترك الملف مفتوحا يضع مصر تحت مقصلة التفتيش.
8- تقديم ورقة ابتزاز جديدة لأمريكا والدول الغربية للضغط على مصر لتقديم تنازلات في ملفات استراتيجية.

 

 

كان من الواضح أن الزج باسم مصر بعد إيران وسوريا وقبل كوريا الشمالية مطلباً أمريكياً يتنافي والمنطق. فالرئيس المخلوع حسني مبارك أغلق الملف النووي بالضبة والمفتاح، وتحول إلى أشد المدافعين عن وقف البرامج النووية حتى لا يغضب أمريكا وإسرائيل.

فهذه المعلومة التي ذكرها البرادعي عن مصر ليست ذات أهمية، وكما ذكر الكثير من علماء الذرة أن هذه العينات معتادة في الكثير من الدول، ولا يُأبه لها، ولا تبّني عليها مواقف مثلما فعل البرادعي.

وحتى بالمقارنة بين ما ذكره التقرير عن مصر وما تضمنه من معلومات عن إيران وسوريا وكوريا، نكتشف أنه لا وجه للمقارنة.

 

فالتقرير ذكر تفاصيل كثيرة عن المشروع النووي الايراني في ناتانز وأراك، وهذا شيء معلن ومعروف وإيران لا تخفيه، كما أن برنامج كوريا الشمالية معروف ومعلن، لكن الملاحظة هي تأكيد البرادعي للاتهامات الإسرائيلية لسوريا وأكد أن المبنى الذي دمرته إسرائيل في دير الزور في سبتمبر 2007 كان مصمما ليكون منشأة نووية وذكر العديد من المعلومات التي تؤكد الاتهامات الاسرائيلية.

العالم يعرف أن مبارك كان منبطحا، ولم يكن لديه القدرة على اتخاذ قرار دخول مصر المجال النووي السلمي رغم أنه حق مكفول. لكن ما ذكره البرادعي في تقريره ضد مصر مجرد ذريعة لوضع مصر تحت الضغط. لقد استغلت امريكا التقرير في تصفية حسابات لا نقف عليها في الوقت الحالي لكن بالتأكيد سنكتشفها مع الأيام.

 

ثانيا: تقديم الغطاء لبوش لغزو العراق
سيظل دور البرادعي في العراق هو الأكبر والأخطر، فهو الذي قدم لأمريكا الغطاء السياسي والمبرر مرتين. في كل مرة مات بسبب تقاريره أكثر من مليون نفس بشرية. بسبب تقاريره تم فرض الحصار على العراق لـ 13 عاما ومات بسبب هذا الحصار وفقا للتقارير الدولية ما يزيد على مليون طفل عراقي. وفي المرة الثانية عندما رفض الاعلان عن نهاية المشروع النووي العراقي وأصر على مواصلة التفتيش ودعا دول العالم للضغط على العراق ليتجاوب معه حدث الغزو الذي راح فيه أكثر من مليون شخص.

القاسم المشترك في كل التقارير التي أرسلها البرادعي إلى مجلس الأمن منذ توليه رئاسة الوكالة لمدة 3 دورات متتالية مفادها: "لم نعثر على شيء لحد الآن ولكن سنواصل التفتيش"

 

كان العراقيون ينتظرون تقريرا لم يصدر عن تدمير المشروع النووي تماما منذ 1991 ووصول المشروع إلى نقطة الصفر، لكن أمريكا أرادت أن يكون الحصار للأبد. لم يرق قلب البرادعي لضحايا الحصار الظالم وظل يماطل ويماطل حتى عام 1998، عندما أصر مفتشو الوكالة - بشكل إنساني بعد تدهور الأوضاع في العراق بسبب الحصار الظالم- على تقديم التقرير النهائي لمجلس الأمن بتبرئة العراق لرفع الحصار، فقدمه بعد أن أضاف إليه فقرات قال فيها إنه لازالت هناك قضايا عالقة وأسئلة تحتاج الى إجابة. وفي محاولة من أمريكا لاحتواء مفتشي الوكالة حتى لا يجاهروا بمواقفهم أسوة بهانز بليكس الذي تمرد وفضح التدخل الأمريكي في شئون الوكالة وسعيها ليكون الحصار على العراق أبديا، قامت أمريكا بتجميد التقرير في مجلس الأمن ومنع النقاش فيه حتى بدأت تعد لضرب العراق في عام 2003.

التزم البرادعي طوال 5 سنوات الصمت، ونفذ ما أرادته أمريكا من اغلاق النقاش واستمرار الحصار، إلى بداية عام 2003 حيث بدأ بكل حماس يوفر الغطاء لتحركات بوش العدوانية، وبدأ مشوار التفتيش من الصفر، وراح يصدر التقارير بذات الصيغة المراوغة المخادعة، يعلن أنه لم يعثر على ما يؤكد الاتهامات لكنه سيواصل التفتيش ويطالب المجتمع الدولي بالضغط على صدام حسين كي يتعاون.

 

كانت الحرب على الأبواب، وبوش وجنوده يدقون طبول الحرب، وكان واضحًا أن أمريكا تحشد العالم لغزو العراق، لكن البرادعي دب فيه النشاط، وقام بدوره على أكمل وجه، للتخديم على العدوان بإثارة الشكوك حول استئناف العراق لبرنامجه النووي، وأنه يواصل التفتيش لطمئنة المجتمع الدولي.

 

كي تعرفوا كم حجم الجريمة التي ارتكبها البرادعي اقرأوا آخر تقرير قدمه لمجلس الأمن في 3 مارس 2007 فهو يكفي لمعرفة الخدعة التي يحاول الإعلام الأمريكي والعربي المتأمرك أن يحولها إلى بطولة.
التقرير صدر بعنوان:
The Status of Nuclear Inspections in Iraq: An Update
وموجود على الرابط التالي:
http://www.iaea.org/newscenter/statements/2003/ebsp2003n006.shtml

 

ولأهمية هذا التقرير ننشر نصه كاملا على هذه الصفحة. وحرصنا على نشر نص التقرير لإزالة الغشاوة وتفنيد الأوهام.
بعد قراءة التقرير يمكن أن ألخصه في الآتي:
1- يكشف التقرير عن عمليات الإذلال التي قامت بها لجان البرادعي ضد العراقيين وكيف أنهم استباحوا كل شيء.
2- يشير التقرير إلى عدم وجود ما يثبت استئناف العراق لبرنامجه النووي ولكنه بدل إعلان براءة العراق، ورفع الحصار، يؤكد أنه سيواصل التحقيق بشتى الوسائل.
3- يطالب التقريرمجلس الأمن بتمكينه من استجواب العلماء العراقيين خارج العراق
4- مطاردة العلماء العراقيين كمتهمين، ومطالبة دول العالم بالتبليغ عن أسماء العلماء العراقيين الذين يعيشون بها للتحقيق معهم.
5- استمرار تفتيش كل شيء في العراق، وتركيب كاميرات، واختراع ما يسمى التفتيش الاقتحامي.
6- الاعتراف باعتماد البرادعي على المعلومات التي تقدمها له الولايات المتحدة أي أن الوكالة لم تكن مستقلة ومحايدة.

 

يهمني أن أنشر هنا آخر فقرة من هذا التقرير الذي قدمه البرادعي لمجلس الأمن، والتي تؤكد أنه لم يطلب رفع الحصار ولم يعلن براءة العراق من الاتهامات الكاذبة، ولم يعلن رفضه للحرب وانما أدان العراق وأثار حوله الشكوك وأكد أنه سيواصل التفتيش إلى الأبد لتطمين المجتمع الدولي!!!.

فعل ذلك وهو يرى الجيوش تستعد لسحق العراق وقتل ما يزيد عن مليون عراقي وهروب 3 ملايين عراقي إلى خارج البلاد وتدمير أرض الرافدين.

يقول البرادعي في نهاية سطور تقريره الأخير: "إن المعرفة المفصلة لقدرات العراق والتي تمكّن خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تجميعها منذ عام 1991م مع الحقوق الموسعة التي يتيحها القرار رقم 1441، – مقرونة بالالتزام النشط من الولايات المتحدة الذي يساعدنا على إنجاز تفويضنا، وكذا المستوى المتزايد من التعاون العراقي حديثا – سيمكننا في المستقبل القريب من تزويد مجلس الأمن بتقييم موضوعي شامل لقدرات العراق المتصلة بالشأن النووي. ومهما كان هذا التقييم موضوعيا، فإننا سنبذل قصارى جهدنا - في ضوء الشكوك الموروثة المتعلقة بأي عملية توثيق، خصوصا في ضوء تاريخ العراق الماضي في التعاون – من أجل تقييم قدرات العراق بطريقة مستمرة كجزء من برنامج المراقبة والتحقق، حتى نزود المجتمع الدولي بتطمينات حقيقية ومستمرة".

هكذا قال البرادعي، والجيوش الصليبية تستعد لأكبر مذبحة عرفتها البشرية.

إن معركتنا الرئيسية ليست مع شخص البرادعي، وإنما مع مخطط يريد أن تظل مصر ولاية تابعة لأمريكا، يستخدم فيها المكر المعادي الإعلام المتأمرك لصناعة زعامات وقيادات من الموظفين الذين خدموا الغرب في المنظمات الدولية.

مصر الآن منطلقة، وصاعدة، وتحتاج إلى صقر تربى فيها يعرف قيمة تراب الوطن، وليس موظفاً دولياً استخدمته أمريكا لمصالحها، وكانت كل مهمته تفتيش البلاد الإسلامية لمنعها من تطوير برامجها النووية لصالح أمريكا وإسرائيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق