مواسم الخرباوي وهواجسه الليلية
عبد الحكيم حيدر
لثروت الخرباوي خروجاتٌ محسوبة، أو مزعومة، في كل مصيبةٍ تحدُث على أرض الواقع أو في خياله أو في معمله التاريخي الكيمائي المليء بالأكاسيد، كثاني أوكسيد المنغنيز والكربون.
ولكل مصيبة للخرباوي، نصيب من التعليق وصبّ البنزين والسولار والقار المولوتوف قدر ما يستطيع على أي حدثٍ كان، وذلك ابتداء من كرة القدم ومحمد أبو تريكة حتى أسراب النمل التي نخرت عصاة النبي سليمان، وأن من غير المستبعد أن تكون أسراب النمل التي فعلت ذلك بالنبي سليمان، كتحريض وخطة محكمة من "إخوان اليمن"، في فجر التاريخ.
يمتلك الرجل خيالا خصبا، وقد أضاع على نفسه فرصةً كي ينافس ماركيز، فهو مثلا يرى من سنوات أن "الإخوان" هم من اغتال السيدة الراحلة المطربة، أسمهان، وكأنهم كانوا أصلا من جبل الدروز، وبينهم وبين عائلة أسمهان "تار بايت"، أو كانوا يجهزون مثلا فتاة من فتياتهم لأخذ مكانتها في دنيا الطرب.
دائما يكون خصمه هم "الإخوان"، حتى وإن كان ذلك هو لاعب كرة قدم يشهد له الجميع بالخلق والأدب داخل الملاعب وخارجها وابن أناس بسطاء يعملون "بالطوب"، في قرية فقيرة ببولاق الدكرور، وليس له أحد سافر إلى جزر البهاما، ولا له أخوال كان لهم زعامة في "الإخوان"، مثل محمد أبو تريكة، وكأن الرجل يعادي أي اعتدالٍ في أي شخص له صلاح في الدنيا، وهذه تستحقّ وحدها العلاج.
عند الرجل ما زال أبو العلا ماضي وعبد المنعم أبو الفتوح وغيرهما "إخوان"، على الرغم من أنه كان لكل منهما حزب بخلفية إسلامية، وأنا نفسي أعطيت صوتي لعبد المنعم أبو الفتوح قبل الإعادة، وإن كنت ندمت بعد ذلك في 30/ 6، فهل مثلا كان لـ"الإخوان" في الأوتار والألحان، كي يقتلوا أسمهان، وهل كنا نحن لا نرى وأبو الفتوح يخرج متقدّما حزبه في 30/ 6؟
الرجل أبدا لا يفكر بما رأيناه، ولكن فقط يتبع هواجسه فقط، بأي شكل وبأي أسلوب وبأي طريقة.
ومن هواجس الخرباوي الليلية أيضا، والتي لا تعدّ ولا تُحصى، أن "هناك تنظيما سرّياً للإخوان في تونس"، وأن السيدة زينب الغزالي أخبرته في "ساعة صفا" أن "الإخوان" قاموا بتخطيط "19 اغتيالا" للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولا أعرف لماذا توقف "الإخوان" عند الرقم 19 ولم يكملوا "العشرين" بالمرّة.
ومن مزحاته العالية أيضا أن "الإخوان" أنفقوا نصف مليار دولار لاستهداف الروح المعنوية المصرية.
أما ما يشير إلى أن الخرباوي يلبس "طاقية الإخفاء، ويتجوّل حتى في أروقة السجون والزنازين" فهو قد أعلن أن خيرت الشاطر وحسن مالك "ضربوا بعض في السجن". وبالطبع، لم يقل عدد الغرز التي لحقت بوجهي الخصمين، وأن الدكتورة هالة زايد، شفاها الله وأخرجها من محنتها غانمة سالمة، جابت للإخوان "هسهس"، وأن دعاء عبد الفتاح السيسي لمصر في مواجهة كورونا أصاب "الإخوان" بآلام كثيرة.
أما مربط الفرس في كل ما "تهجّس"، به وألفه وتخيله ليلا، فهو القشّة التي قصمت ظهر البعير في معلومات الخرباوي ومصادرها له، فقد ذكر "بعضمة لسانه"، في اليوم السابع في 20 فبراير/ شباط 2019 أنه سلّم لعصام الأمير، رئيس الإذاعة والتلفزيون في حينه، قائمة لـ"ألفي إخواني في ماسبيرو".
تأملت كلام الرجل واندهشت، فكيف لشخصٍ واحدٍ يعمل بالمحاماة ليل نهار ويسافر مع السلطة إلى روسيا الاتحادية، ويشتري من هناك "زنطا سيبيريا"، وكان الغرض من الزيارة تغيير مصادر السلاح ساعتها، ثم يعود ويرقد في استديوهات الفضائيات المصرية ليل نهار، كيف لرجلٍ يقوم بذلك كله، وفي الوقت نفسه، يقوم بمهمة جهازي مخابرات وأكثر، بأن يبحث في خلفيات "44 ألف موظف في ماسبيرو"، ويدرسهم وينقب عن نياتهم الأيديولوجية والفكرية، حتى يجهز لعصام الأمير كشفا بألفي إخواني في ماسبيرو؟
بالطبع، هذا جهد وطني خطير. وأزف إليه بشرى سارّة طالما هو يقوم بمثل تلك الأعمال الوطنية "على الآخر"، أن لاعبي الفريق القومي، يوم الجمعة الماضي، وفوق رقعة النجيل الأخصر داخل الملعب، قد صلوا صلاة العشاء "تما"، وكان يتقدّمهم بالطبع محمد النني، وبالطبع محمد صلاح، وهو يعرف أن محمد صلاح على علاقة طيبة بمحمد أبو تريكة، فلماذا لا يكون من فعل كل هذا الملعوب هو أبو تريكة.
وبناء على ما تم ذكره، عليه أن ينبّه من الآن دكتور عماد جاد، ويقول له إن الأمر "لم يعد سجدة بعد كل هدف"، بل صار صلاة جماعية فوق النجيل الأخضر، وأمام كاميرات العالم كله. وبالتالي، عليه أن يكلم إبراهيم عيسي في الموضوع كله، بعد ما صار الأمر كارثيا وجللا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق