قصة تهنئة النصارى بأعيادهم!
محمد إلهامي
هناك من يريد أن يهنئ غير المسلمين بأعيادهم!
المشكلة الحقيقية أنه يريد من الإسلام أن ينطاع ويتوافق ويتشكل وفق رغبته!
فلو أنه هنأهم ولم يتكلم، لما شعر به أحد، ولو أنه فعلها لوجد لنفسه مبررا بالاضطرار، أو اتباعا للقلة التي أجازته من علماء العصر، أو حتى فعلها معصيةً كسائر معاصيه!
المشكلة الحقيقية هنا هي في «عدم التسليم» للدين، وهذه مشكلة خطيرة تصيب إيمان المرء في مقتل،
وهذه الرغبة التي تُعلي الهوى والرغبة على الدين هي أساس الانحرافات الكبيرة، لأن أصل الدين هو التسليم بأنه حق، والخضوع له، مهما خالف رغبة النفس!
الفارق ضخم بين متبرجة ترى أنها على معصية، وبين محجبة ترى أن الحجاب عادة وليس فريضة!! هذه الأخيرة إيمانها مهدد مع أنها ترتدي الحجاب!
وقس على هذا.. حتى تصل إلى كارثة الشذوذ!
فأولئك لم يكن يمنعهم أحد من اقتراف هذه الجريمة، إلا أنهم لا يقبلون إلا أن تعترف بهم الكنيسة والدولة والقانون، بل أن تصير كراهية ما يفعلون هي الجريمة!
قال تعالى {ولو اتبع الحق أهواءهم، لفسدت السموات والأرض}
يلوح لي أن البعض يتصور، ربما لجهله بطبيعة الفقه أو لبعده عن دائرة الدين، أن العلماء يمكن لهم أن يجتهدوا فيجعلوا حلالا ما كان بالأمس حراما!!
هؤلاء لا يفهمون طبيعة الإسلام، إنه ليس كالمسيحية يملك فيها الأحبار والرهبان أن يغيروا الأحكام..
إن طبيعة الإسلام صلبة، والعالِم الذي يخرج عنها ما يلبث أن يكون مفضوحا منبوذا،
ولم يستطع عالم سلطة حتى الآن مهما ساندته السلطة أن يحرف مسار الفقه الإسلامي عن خطه!! وإنما الذي حصل أنه هو الذي أشير إليه بالانحراف!
لن يستطيع أحد تغيير الأحكام مهما أوتي من قوة مالية أو إعلامية.. فما هو إلا أن يعود طالب العلم لكتب الفقه ليبحث عن المسألة حتى يتبين له فساد القائل وقوله!
وهذا ما يجعل طبيعة الإسلام عصية على التطويع، إذ لم تتشكل أحكامه إلا بمناهج علمية صارمة، مؤسسة على نصوص مقدسة (القرآن والسنة)،
فكل نص جرى فحصه طويلا حتى عرِفت درجة ثبوته، ودار حوله نقاش ضخم حتى عرفت آفاق دلالته.. وتشكلت في خضم هذا وبعده مذاهب محِّصَتْ حتى استقرت!
نعم، ربما أتى الزمان بحوادث جديدة ونوازل معاصرة، فيجتهد لها المعاصرون، وفق نفس هذا المنهج العلمي الصارم،
وفي إطار ما أتاحته النصوص من دلالات.. لكن المسائل القديمة التي لم يأت فيها جديد ستظل كما هي.
لا أنكر أن بعض العلماء المعاصرين أجاز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وإني أجلُّ بعضهم.. ولكن الصدق والأمانة يحملان على معرفة أنهم قلة، وأنهم في عصر غلبة ثقافة الغرب، وللغالب سطوة ولو خفيت.
ولو أن جمهور الأطباء قال شيئا وخالفهم قلة، لما تجرأ من يطلب الصحة والعافية على اتباع القلة!
على هامش قصة تهنئة النصارى بأعيادهم
لو أن التهنئة تفيد تجميل الصورة أو تحسين العلاقة لكان أكثر الناس انتفاعا بها: الإخوان ومشيخة الأزهر.
وقد شهدنا كيف كانت الكنيسة من أقوى أسلحة الانقلاب على الإخوان، ومن عناصرها من شارك في قتلهم!
ونرى من إعلامها ومواقعها مبلغ حقدهم على الأزهر!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق