قوم لوط مُجدَّدًا
الشيخ عبد الله بن فيصل الأهدلبيان شناعة جريمة اللواط
الحمد لله الذي حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على من حذر أمته من مضلات الفتن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بعثه ربه بأحسن سبيل وأفضل كتاب وأقوم سنن، صلَّى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فإن عمل قوم لوط أعظم الفواحش على الإطلاق، سماها الله -عز وجل-: الفاحشة، كما في قوله تعالى: ﴿أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف:80].
والفاحشة كل خصلة تناهت في القبح، ولا شك أن هذه الفعلة متناهية في القبح، حتى أنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يعذب أحدًا من الأمم بعذاب هو أشد من عذاب قوم لوط عليه السلام.
وهي أضر الفواحش على الدين والمروءة والأخلاق، فهو داء عضال وسم قتال، متناهٍ في القبح والبشاعة، وقد تفشى هذا العمل القبيح في هذه الأعصار، وانتشر في كثير من الأمصار التي تدَّعي المدنية والحضارة والتقدم، فنظام بعض الدول -عياذًا بالله- يبيح عقد النكاح للرجل على الرجل، ومهما يك من شيء فإننا لا نستغرب أن تنتشر الفاحشة في مجتمعات الكفار، ذلك لأنهم كفروا بالله -عزَّ وجلَّ- وما جاء عنه، ولكن المصيبة العظمى أن ينتقل هذا الداء العياء إلى بلاد المسلمين.
ولم يكن ذلك ليحصل إلا لأسباب، ولعل من أبرزها أن كثيرًا من المسلمين نسوا حظًّا مما ذكروا به، واتبعوا سنن من كان قبلهم حذو القذة بالقذة.
قوم لوط عليه السلام: قوم سوء فاسقين
وقد قص الله علينا قصة لوط عليه السلام مع قومه، ووعظنا بها، قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾[ق:37]..
لوط بن هاران بن آزر، آمن بدعوة عمِّه إبراهيم عليهما السلام، وهاجر معه من بابل، وصاحبه في رحلاته، حتى استقر في سَدوم بعد عودتهم من مصر، وكان أهل سدوم من أفجر الناس، وأخبثهم سريرة وسيرة، وأسوأهم طوية.. وكانوا يحاربون الله وأنبياءه، ويسعون في الأرض فسادًا، ويقطعون الطريق، ويخونون الصديق، ويأتون في ناديهم المنكر جهارًا علنًا دون حياء أو خجل، وما كان فيهم رجل رشيد.
قال تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾[الأعراف:80-81] وقال تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ 28 أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾[العنكبوت:28-29] وقال سبحانه عن لوط عليه السلام: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾[الشعراء:165-166].
قوم لوط، لم يسبقهم بهذا الفعل الشنيع أحد، أشارت الآيات إلى فساد فطرة قوم لوط المتمثلة في إتيانهم الذكران من العالمين، وترك ما خلق الله لهم من النساء.
فليس من المستغرب أن تكون هذه المشكلة أهم قضية في دعوة لوط، فقومه لو آمنوا لما كان لإيمانهم أي معنى ما داموا مجتمعين على معصيتهم هذه، لا يستترون في فعلها، بل يستغربون من لوط دعوتهم إلى نبذها؛ فإن هذا الاستحلال للواط سينقض إيمانهم..
امتداد فاحشتهم في الواقع المعاصر
ولم يكتفوا بالصدود والإعراض عن دعوته، بل هددوه بالإخراج من قريتهم، بل لم يخجلوا في بيان سبب الإخراج حيث قالوا: ﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾[النمل:56] أي: إنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويدعون إلى توحيد الله وعدم الإشراك به، وينكرون علينا إتيان الذكران، ويجتنبون الفواحش والبغي والإثم.
وطغاة عصرنا يشبهون قوم لوط في جوانب كثيرة، فهم يطاردون الدعاة إلى الله، ويشجعون دعاة الفاحشة، ويتعاونون مع المجرمين وتجار المخدرات والخمور، ويسندون أرفع المناصب للملاحدة والمنحرفين والشاذين من الناس، ورحم الله من قال:
فإن لم تكونوا قوم لوط بعينهم فما قوم لوط منكم ببعيد
بل كثير منهم أصبح مثل قوم لوط في إباحتهم اللواط، بل أشنع، فزادوا السحاق بين النساء، وأقروا مشروعية الزواج المثلي، ولا شك أن هذا ردة صريحة عن الإسلام.
وبلغ الاستهتار عند قوم لوط منتهاه عندما راحوا يستعجلون عذاب الله، فقالوا لنبي الله لوط عليه السلام: ﴿ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾[العنكبوت:29].
إهلاك قوم لوط
فلما ازدادت جرأة قوم لوط على الله، وتمادوا في فجورهم، واستهانوا بكل القيم والأخلاق، دعا لوط ربه فقال: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾[العنكبوت:30]. قالها يشكو ضعف قوته وقلة حيلته، وهوانه على قومه، قالها وهو مؤمن بأن الله لن يتخلى عنه؛ لأنه عبده ونبيه..
استجاب الله لدعوة نبيه لوط عليه السلام، فأرسل ملائكته لينفذوا أمره في قرية سدوم، القرية التي خلت من الصالحين، ولم يستجب لنبي الله رجل واحد بعد أمد طويل من تبليغ الدعوة وإقامة الحجة، فمروا على إبراهيم عليه السلام، فلوط أول من آمن بإبراهيم عليهما السلام، وشاركه في معظم مصائبه ومحنه، فكان من إكرام الله لإبراهيم أن يُعلمه بهلاك قوم لوط..
فلما جاء الملائكة لوطًا عليهم السلام ﴿سِيءَ بِهِمْ﴾ أي: ساءه مجيئهم؛ لأنه خاف عليهم من قومه، وقد أتوا في صور شبان حسان اختبارًا من الله لقوم لوط.
﴿وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ﴾[هود:78] أي: جاءه قومه مسرعين تدفعهم الشهوة، بخبر من امرأة لوط، فكان هلاكهم بعد ذلك.
﴿وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾[هود:78] ومنها: إتيانهم الرجال شهوة من دون النساء، ومجاهرتهم بذلك.
ولما عجز عن دفعهم، وخشي من الإذلال وفضيحته في ضيفه، قال لهم: ﴿يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾[هود:78] أي: تزوجوهن، قاله قتادة ومجاهد.
﴿قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾[هود:79] من إتيان ما تنهانا عنه.
نجاة لوط عليه السلام وابنتيه
قال لوط عليه السلام بعد أن بلغ به الضيق مبلغه -كما وصفه الله عزَّ وجلَّ: ﴿سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾-: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾[هود:80] أي: عشيرة تمنعني منكم، فإنه لم يكن منهم..
قالت الملائكة عليهم السلام: ﴿يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾[هود:81] هون عليك الأمر يا لوط، فإنهم لن يصلوا إليك ولا إلى ضيفك بمكروه.. وعلم لوط عليه السلام أنه في حضرة رسل الله، وأن ركنه لشديد، فاطمأنت نفسه، وذهب عنه القلق، وقام جبريل -كما ذكر المفسرون- وضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم. ولعلَّ لوطًا عليه السلام استعجلهم العذاب، فأخبروه: ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾[هود:81] .
فخرج لوط عليه السلام ومعه ابنتاه ليلًا، وترك وراءه المتاع والمال، ولم يلتفتوا أو يندموا على ما حل بقومهم، أما زوجه فكانت من الهالكين، وهي وإن لم تفعل فعلهم لكنها كانت موافقة لهم..
إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾[هود:82-83] وخلال لحظات جاءت الصيحة، وسقطت البلدة، وجعل الله عاليها سافلها، وأرسل عليها مطرًا من حجارة من طين صلب، فأهلكوا عن بكرة أبيهم، وجعل الله مكان تلك البلدة بحيرة منتنة لا يُنتفع بمائها، ولا بما حولها من الأراضي، وفي ذلك دليل على قدرة الله وعظمته، وعزته في انتقامه ممن خالف أمره، وكذب رسله، واتبع هواه، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾[العنكبوت:35].
وستبقى قصة قوم لوط وآثار ديارهم عبرة للظالمين حيثما كانوا، قال تعالى: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾[الصافات:137-138] وإن من أبشع أنواع الحمق أن يغفل المشركون والمتجبرون عن قدرة الله وشدة بطشه، ويركنوا إلى حولهم وقوتهم، وعليهم أن يتذكروا أن الله جلَّت قدرته قادر على إهلاكهم كما أهلك قوم لوط في لحظات، وفي كل يوم تظهر لنا أدلة تؤكد أن كيد الشيطان ضعيف، والمسلمون الذين يغفلون عن سنن الله في خلقه يخسرون كثيرًا، وربما قادتهم هذه الخسارة إلى فتنة -والعياذ بالله-..
بيان تحريم هذه الجريمة والإجماع على ذلك
وتحريم اللواط معلوم بالكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين واليهود والنصارى، فقد ذم الله قوم لوط وذكر قصتهم في مواضع عديدة، وعذبهم أشد العذاب، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «…لعن الله من عمل عمل قوم لوط»1. وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهـم على قتل مرتكب هذه الفاحشة، وقد نقل هذا الإجماع غير واحد من أهل العلم، كابن قدامة وابن القيم2.
ولم يختلف الصحابة رضي الله عنهـم في القتل، وإنما وقع الاختلاف في كيفيته؛ فقال بعضهم: يُقتل بالسيف، وقال بعضهم: يُرمى بالحجار، وقال بعضهم: يُحرق بالنار، وقال بعضهم: يرفع على أعلى بناء في القرية فيُرمى منه منكسًا، ثم يُتبع بالحجارة.
وهذا الحكم يشمل الفاعل والمفعول به، سواء كانا بكرين أو ثيبين عند جمهور العلماء. فقد قال صلى الله عليه وسلَّم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به»3.
أضرار هذه الفاحشة
وهذه الفاحشة الخطيرة، خطورتها لا تقتصر على الفرد، بل تأتي على المجتمع، فاللواط له أضرار كثيرة يصعب حصرها، فمن ذلك:
أضرار دينية
أضرار دينية؛ لكونه كبيرة من كبائر الذنوب، ولأنه يصد عن كثير من الطاعات، ولخطره على توحيد الإنسان؛ ذلك لأنه ذريعة للعشق والتعلق بالصور المحرمة، وهذا ذريعة للشرك بالله، ولأن الاستمرار على فعله قد يقود إلى محبة الفواحش وبغض العفة، فيقع في محبة ما كرهه الله وبغض ما أحبه الله، وقد يتمادى الأمر بمرتكب هذه الجريمة، فيستحل هذه الفعلة -كما هو حاصل اليوم في كثير من الأنظمة والجماعات المشبوهة الكافرة-، وهذا كله خطر على الدين والإيمان بالله؛ إذ هو ردة صريحة عن الإسلام، وإنما كان كفر قوم لوط باستحلالهم فاحشة اللواط.
أضرار خُلُقية
وأضرار خُلُقية، فهو لوثة أخلاقية ومرض نفسي خطير، فتجد جميع من يتصفون به سيئي الخلق فاسدي الطبع، لا يميزون بين الفضائل والرذائل، ضعيفي الإرادة، وهو سبب لقسوة القلب، وغلظ الأكباد، وسواد الوجه، وقتل الرجولة والشهامة، والمروءة، والحياء، وهو سبب لنزع الثقة من فاعله، ولسفول الهمة، وذهاب الغيرة وسقوط الجاه، وحرمان العلم والترقي في مدارج الكمال، وحب الجريمة، والجرأة عليها، وهو مُذهبٌ للشجاعة والأنفة.
أضرار اجتماعية
وأضرار اجتماعية، فهو سبب لزوال الخيرات والبركات، وحلول العقوبات والمثلات، وهو سبب لتفرق الأسر، وتفسخ المجتمعات، وانهيار المثل العليا التي يقوم عليها بنيان المجتمع، وهو سبب لفقدان الأمن، وشيوع الاضطرابات، وفقدان روح الجد، وضعف ثقافة المجتمع، مما يجعله يقبل أي فكرة باطلة أو شذوذ منحرف، وهو سبب لقطع النسل، فمن شأنه أن يصرف الرجل عن المرأة، وقد يبلغ به الأمر إلى حد العجز عن مباشرتها، وبذلك تتعطل هذه الوظيفة، والتي هي أهم وظيفة للزواج..
أضرار اقتصادية
وأضرار اقتصادية، منها ما ينفقه الشُّذَّاذ بحثًا عن شهواتهم، ومنها ما يبذل في بحث هذا الموضوع وأعراضه وأخطاره، ومنها ما يبذل في سبيل البحث عن إيجاد العلاجات المناسبة لتلك الأمراض، ومنها ما يبذل من خسائر في سبيل علاج المصابين به، ومن أضراره الاقتصادية -أيضًا- كثرة البطالة، وقلة الإنتاج والأيدي العاملة.
أضرار نفسية
وأضرار نفسية، كالخوف الشديد، والوحشة، والقلق الملازم، والحزن الدائم، وتقلب المزاج، وكثرة الأوهام والوساوس، والتوتر النفسي، والارتباك والتشاؤم، والتبلد العاطفي، والملل والعبط وشرود الذهن، وتسبب اختلالًا كبيرًا في توازن العقل، وهذه العادة تغزو النفس وتأثر تأثيرًا خاصًّا على الأعصاب، فيصاب اللائط بالانعكاس النفسي، وتجعله أيضًا عرضة لأمراض عصبية شاذة وعلل نفسية شائنة، منها: السادية، والماسوشية، والفيتشزم، ومع ذلك فهو طريقة غير كافية لإشباع العاطفة الجنسية، فلا يقوم بإرضاء المجموع العصبي؛ لأنه بعيد عن الملامسة الطبيعية، إلى غير ذلك.
أضرار صحية
وأضرار صحية، منها التأثير على أعضاء التناسل، فيضعف مراكز الإنزال الرئيسية، ويعمل على القضاء على الحيوية المنوية، ويؤثر على تركيب مواد المني ثم ينتهي الأمر بعد قليل من الزمن بعدم القدرة على إيجاد النسل، ومنها الإصابة بالعقم، والزهري، والسيلان، والهربس، والإيدز، وفيروس الحب، والسويداء، والتيفود والدوسنطارية وغيرها من الأمراض التي تنتقل بطريق التلوث بالمواد البرازية، ومنها ارتخاء عضلات المستقيم وتمزقه، وفقد السيطرة على المواد البرازية وعدم استطاعة القبض عليها، ولذلك تجد الفاسقين دائمي التلوث بهذه المواد المتعفنة التي تخرج منهم بغير إرادة، ومنها تأثيره على الصحة العامة، فيصيب مقترفيه بضيق الصدر ويرزؤهم بخفقان القلب، ويجعلهم في حالة ضعف عام، عرضة لمختلف الأمراض والعلل، وهو أيضًا شديد الوطأة على الجهاز العضلي، وغيرها.
أسباب هذه الفاحشة
ولهذه الفاحشة أسباب، منها ما هو مباشر، ومنها ما هو غير مباشر، فمن تلك الأسباب:
الخلو الروحي ورقة الدين وضعف الإيمان، وترك الصلاة أو التهاون بها، والجهل وقلة العلم، والفراغ، والصحبة السيئة، وضعف الإرادة، والمبالغة في التزين والتطيب، وإظهار المفاتن، وإطلاق النظر، وإطلاق اللسان في الحديث عن الفحشاء، والترغيب؛ بالعطايا ونحوها، والترهيب؛ بالفضيحة ونحوها، واختلاط الكبار بالصغار، والانحراف في مفهوم الحب في الله، وشقق العزاب، وحاجة البعض للمال، والكتب الجنسية، وإهمال الأولاد والتقصير في تربيتهم، وغلاء المهور وتعسير أمور الزواج، وضعف التعزيرات والحدود في حق مرتكبي هذه الفاحشة، وقلة البديل المناسب الذي يقضي فيه الشباب فراغه، وضعف التوجيه والتقصير من المعلمين وأئمة المساجد وغيرهم ممن لهم تأثير، وقلة التوعية والتطرق لهذه المواضيع بصراحة، وغيرها من الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي ساهمت في ظهور وانتشار هذه الفاحشة بين أبناء المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله..
العلاج
وأما علاجها، فجزء منه عام يقع على عاتق الجميع كل بحسبه، وجزء آخر يقع على عاتق المبتلى بهذه الفاحشة، ومن ذلك:
الحرص التام على غرس العقيدة الصحيحة، وتثبيت دعائمها، وإعطاء الموضوع حقه من الأهمية والبحث والدراسة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإشاعة روح التناصح، وتكثيف حلق القرآن والدروس العلمية والعناية بالمراكز الصيفية وغيرها وتوجيه الشباب نحو كل ذلك، والعناية بالشباب عمومًا، والعناية بتربية الأبناء، إلى غير ذلك من الوسائل.. ويجب على المبتلى بدوره التوبة النصوح لله عز وجل، والإخلاص له تعالى، والصبر، وغض البصر، ومجاهدة النفس، ومخالفة الهوى، والمحافظة على الصلوات وعدم التهاون فيها، والصوم؛ فإنه يكسر الشهوة، والدوام على ذكر الله، والزواج، والبعد عن المعشوق المحبوب، والبعد عن المثيرات عمومًا، وعن رفقة السوء، والاشتغال بما ينفع، وتجنب الوحدة والفراغ، والوقوف مع النفس ومحاسبتها، والنظر في العواقب، والدعاء، إلى غير ذلك من الوسائل التي ينبغي له العمل بها.4.
نسأل الله عز وجل أن يرفع عن شباب أمتنا هذا البلاء، وأن يوفقنا جميعًا للعمل برضاه، إنه سميع قريب..
الهوامش
(1) [رواه أحمد (2913) وحسنه الأرنؤوط].
(2) [انظر المغني لابن قدامة (10/160-162)، والجواب الكافي لابن القيم صـ(240)].
(3) [رواه أبو داود (4462) وغيره، وقال الألباني: حسن صحيح].
(4) [انظر كتاب: (الفاحشة عمل قوم لوط) للشيخ/ محمد بن إبراهيم الحمد. وكتاب: (منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله) للشيخ/ محمد سرور].
اقرأ أيضا
(وتأتون فِي ناديكمُ المنكَر..؟!) .. صيحة نذير
نسل قوم لوط .. قانون وإعلام ودولة!!
الفُسّاق .. أدوات الغرب وطمع الملحدين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق