كيف استفاد النظام الملكي من الاستعمار والعبودية؟
لورا كلانسي
ترجمة وتحرير: نون بوست
تعرضت جولة دوق ودوقة كامبريدج في منطقة البحر الكاريبي بمناسبة اليوبيل البلاتيني للملكة لانتقادات نظرًا لارتباط العائلة المالكة بماضي الاستعمار والعبودية.
ورد في رسالة مفتوحة من قبل شخصيات عامة جامايكية: "لا نرى أي سبب للاحتفال بمرور 70 سنة على اعتلاء جدتك للعرش البريطاني لأن قيادتها وقيادة أسلافها أرست أكبر مأساة لحقوق الإنسان في تاريخ البشرية". لكن ما علاقة المَلكية بالعبودية والاستعمار؟ وكيف استفادت من أنظمة الاستغلال والنهب؟
1.تمويل رحلات جلب الرقيق
كان للنظام الملكي البريطاني دور أساسي في تأسيس وتوسيع والحفاظ على الإمبراطورية وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي. تم إعلان الإمبراطورية الإنجليزية لأول مرة من قبل هنري الثامن سنة 1532. ومنحت إليزابيث الأولى ميثاقًا ملكيًا (وهو أداة تأسيس) للسير جون هوكينز الذي يُعتبر على نطاق واسع من أوائل التجار الإنجليز الذين استفادوا من تجارة الرقيق. كما منحت ميثاقًا لشركة الهند الشرقية البريطانية سنة 1600.
بعد وفاة إليزابيث، أسس تشارلز الثاني شركة رويال أفريكان سنة 1660 بقيادة دوق يورك (جيمس الثاني لاحقًا)، التي استخرجت سلعًا مثل الذهب والعاج من غولد كوست ونقلت أكثر من 3000 أفريقي إلى بربادوس. وطُبعت الأحرف الأولى من اسم "دي واي" بالنار على جلود كثير من هؤلاء الناس للدلالة على انتمائهم إلى دوق يورك. وقد استثمر كلا الرجلان أموالاً خاصة في الشركة.
نالت الملكة فيكتوريا لقب إمبراطورة الهند سنة 1877، وبحلول سنة 1920 أصبحت الإمبراطورية تمتد على مساحة 13.71 مليون ميل مربع. وتنبع الأهمية العالمية للحاكم البريطاني وقوته مباشرة من استعباد الناس غير البيض.
2.الكومنولث
الكومنولث هو منظمة تتكون من 52 دولة "مستقلة ومتساوية". ورغم ادعاء "الاستقلالية"، فإن الكومنولث له جذور إمبراطورية ذلك أن العديد من الدول الأعضاء هي مستعمرات سابقة للإمبراطورية البريطانية. ويصف خبير الكومنولث فيليب مورفي الطريقة التي تحولت فيها الإمبراطورية إلى الكومنولث بأنها "عشوائية".
برز الكومنولث مع نهاية الحقبة الاستعمارية بعد الحرب العالمية الثانية كوسيلة لطمأنة الشعب البريطاني بأن سقوط الإمبراطورية لن يقلل من مكانة بريطانيا على الصعيد العالمي. تترأس الملكة الكومنولث، وتم تعيين الأمير تشارلز خلفًا لها سنة 2018. لكن هذا المنصب لا يُورّث، ولا يوجد سبب دستوري أو قانوني لتولي تشارلز هذا الدور. ومن الواضح أن دور رئيس الكومنولث يسمح للحاكم بمواصلة التمتع بالمكانة التي تضمن له الامتياز والنفوذ الدولي الذي ينبع من التاريخ الاستعماري.
3.الملكة رئيسة للدولة
وضع إعلان لندن لسنة 1949، الذي تناول موقف الهند في الكومنولث كجمهورية، سابقةً بالنسبة لدول الكومنولث لتبني النظام الجمهوري. ولكن اليوم، لا تزال إليزابيث الثانية ترأس 15 ملكية دستورية، بما في ذلك جزر الكاريبي مثل جامايكا، ودول أمريكا الجنوبية مثل بليز، والدول الأفريقية مثل غانا، بالإضافة لكندا وأستراليا.
منذ سنة 1842، عينت كل دولة حاكمًا عامًا محليًا كممثل للمَلكة، مع صلاحية اقتراح التشريعات ورفض أو الموافقة على مشاريع القوانين وحل البرلمان. وعلى الرغم من أن الملكة ليس لديها سيطرة سياسية "مباشرة" في هذه المجالات، يمكن تفسير الحكام العامين على أنهم سلطة إدارية ملكية مستمرة.
لا يزال العديد من هذه البلدان، بما في ذلك أستراليا وجامايكا وغرينادا وسانت لوسيا وتوفالو، تستخدم عبارة "حفظ الله الملكة/ الملك" كنشيد وطني أو ملكي. كما يقول عالم الاجتماع تاي سالاندي، تم استخدام مثل هذه النصوص الثقافية خلال الإمبراطورية لغرس القيم البريطانية والخضوع للسلطة الاستعمارية، ويشير استخدامها المستمر إلى نظام مماثل من القيم.
وفي سنة 2021، أزالت بربادوس الملكة من منصب رئاسة الدولة وأصبحت رسميًا جمهورية لكنها بقيت جزءًا من الكومنولث. وهناك تقارير تفيد بأن جامايكا تخطط للقيام بنفس الشيء بعد الزيارة الملكية.
4.الممتلكات والأرض والبضائع
بعد التقرير الذي نشرته منظمة "ناشيونال تراست" حول تاريخ العبودية والاستعمار في ممتلكاتها، أعلنت الأمينة الرئيسية للقصور الملكية التاريخية، لوسي ورسلي، عن تحقيق مماثل حول القصور الملكية سنة 2020.
قالت ورسلي إن جميع الممتلكات التي استخدمتها سلالة ستيوارت في القرن السابع عشر "لها عنصر من المال مشتق من العبودية" ويشمل ذلك قصر كنسينغتون وقصر هامبتون كورت، اللذان لهما صلات بالملك ويليام الثالث، وهو شريك جزئي آخر لشركة رويال أفريكان.
كما أن البضائع التي يملكها النظام الملكي الآن سُرقت أثناء فترة الاستعمار، مثل ألماس كوهينور من الهند المستخدم في جواهر التاج الذي طلبت باكستان والهند مرارًا إعادته. والافتقار للشفافية فيما يتعلق بما يمتلكه التاج مقابل المتعلقات الشخصية للملكة يجعل من الصعب تتبع هذه التواريخ.
5."عائلتنا الإمبراطورية العظيمة"
في خطاب ألقته في جنوب إفريقيا سنة 1947، أعلنت الأميرة إليزابيث آنذاك أنها ستكرّس حياتها "لخدمة عائلتنا الإمبراطورية العظيمة التي ننتمي إليها جميعًا". ويعكس مفهوم "العائلة الإمبراطورية" فكرة النظام الملكي البريطاني بصفته رأس الإمبراطورية والمنوط به أيديولوجيات تفوّق العرق الأبيض والاستعمار.
تلعب هذه الفكرة أيضًا دورًا في الزيارات الدولية الملكية. تاريخيًا، كان للزيارات الملكية آثار استعمارية من خلال تصوير الملك على أنه المنقذ الأبيض. وتناقش الباحثة في مجال الإعلام راكا شومي كيف أصبحت ديانا رمزًا لذلك في صورها وهي تلعب مع الأطفال السود وتعتني بهم في إفريقيا. وهذا تكرر مرة أخرى في صور دوق ودوقة كامبريدج وهما يتصافحان مع سكان جامايكا من خلال سياج سلكي.
تحاول مثل هذه الزيارات إعادة كتابة التاريخ الاستعماري والإمبريالي من خلال خطابات العمل الخيري والمجتمع العالمي، مع اعتبار أفراد العائلة المالكة أنهم "رأس" الأسرة العالمية. وهي في جوهرها علاقات عامة جيدة.
هل يمكن الحديث عن فصل جديد في التاريخ؟
لا يكشف هذا سوى جزء من روابط الملكية مع الاستعمار والإمبريالية. وكما كتبت الحركة النسائية في حزب "بي إن بي"، وهي حركة جامايكية تدافع عن النساء والفتيات، في صحيفة "جامايكا أوبزرفر": "لقد تعرضنا للضرب والاعتداء للاعتقاد بأن هدفنا كأمة هو تلبية احتياجاتكم". وهذا لا يقل شأنا عن حقيقة إعادة تعبيد الطرق وتنظيف المستشفيات استعدادًا للزيارة الملكية بينما كانت المجتمعات السوداء الفقيرة تستخدمها على هذه الحالة منذ سنوات.
في خطاب ألقاه في جامايكا، أعرب الأمير ويليام عن "حزنه العميق" على العبودية التي "لطخت تاريخنا إلى الأبد". لكنه توقف عن الاعتراف بدور الملكية في ذلك التاريخ، وهي مؤسسة يستمر في الاستفادة منها. وفي أعقاب الحركات العالمية ضد العنصرية والاستعمار، ربما حان الوقت أخيرًا للنظام الملكي ليراجع تاريخه.
المصدر: كونفرسيشن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق