الاستشراقيون وأتباعهم ومؤامرة ابتعاث الفكر الوثني
سيد حسين عبد الله العفاني
كان من أخطر التحديات التي واجهت الإسلام في العصر الحديث ما قام به الصليبيون والاستشراقيون ودعاة التغريب من إحيائهم للفكر الوثني والغنوصي القديم، الذي كان معروفًا قبل ظهور الإسلام، والفكر الذي يجمع بين الوثنية والإلحاد والمادية، والذي عرفه العرب والمسلمون بعد ترجمة الفلسفات اليونانية والفارسية والهندية، وظهر أثره في الفلسفة وعلم الكلام والتصوف والدعوات الباطنية المتجددة عن المجوسية وغيرها.
وكذلك ما فعله هؤلاء الصليبيون وأذنابهم من إعادة كتابة تاريخ القرامطة والزنج وغيرهم من الحركات الضالة على أنّها ثورات عدل وحرية، وكذلك إلقاء السموم بنشر كتب التصوف الفلسفي وأخبار الحلاج وابن عربي والسهروردي وابن سبعين، وطبع كتب وحدة الوجود، والاتحاد، والحلول، ونشر شعر ابن الفارض، وتجديد صفحات هذا الركام المضطرب العفن محاولةً خسيسة لاحتواء الإسلام.
ثم محاولات من تربوا على مائدة الفكر الغربي وخانوا أمتهم في الصميم، وكانوا أذنابًا للمستشرقين، مثل محاولات زكي نجيب محمود بتحسين كتابات الاعتزال وابن الراوندي، أو كتابات عبد الرحمن بدوي بإعلاء التصوف الفلسفي، والحلول والاتحاد، أو كتابات محمود إسماعيل، بإعلاء حركات القرامطة والزنج، أو اتجاه الدكتور محمود الشنيطي إلى إحياء ابن عربي، أو طه حسين إلى إحياء رسائل إخوان الصفا، أو ماسينون وصلاح عبد الصبور إلى إحياء الحلاج، أو عباس صالح وعبد الرحمن الشرقاوي وطه حسين إلى تفسير إحياء الإسلام تفسيرًا ماركسيًا أو ماديًا.
كل هذه المحاولات تدخل في نطاق المؤامرة على الإسلام أو إعادة محاولة احتواء الإسلام الأولى التي كانت في القرن الرابع الهجري، وابتعاثها في القرن الرابع عشر الهجري، كذلك فإنّ الدعوات القاديانية والبهائية والروحية الحديثة هي أيضًا محاولات جديدة في نفس الطريق.
اهتم الاستشراق ودعاة التغريب والغزو الثقافي بالمعتزلة ووصفوهم بأنّهم أغارقة الإسلام الحقيقيون أو المعتزلة العظام.
وتصدى لهم قديمًا أحمد بن حنبل إمام أهل السنة ثمانية عشر عامًا، ووقف سدًا منيعًا أمام الاتجاه إلى الفكر الفلسفي المتهور الذي قال عنه الشافعي: "ما جهل النّاس ولا اختلفوا إلاّ بتركهم لسان العرب وميلهم إلى لسان لأرسطوطاليس".
ثم يأتي أحمد أمين ويقول: "إنّ المسلمين ضعفوا وتخلفوا لأنّهم لم يأخذوا بأسلوب المعتزلة العقلاني".
لذا فعلى المفكرين والأعلام من أهل السنة والجماعة في عصرنا الحديث أن يحذّروا الأمة من أمثال هؤلاء وابتعاثاتهم الفكرية والمذهبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق