الأربعاء، 7 سبتمبر 2022

مقال جديد للدكتور محمد عباس ساد العلماء فَسُدْنَا.. وفَسَدُوا فَفَسَدْنا..

مقال جديد للدكتور محمد عباس
ساد العلماء فَسُدْنَا.. وفَسَدُوا فَفَسَدْنا..
أنا مع الإرهاب
بكم تبيعون آية " ترهبون.."؟!..
شرم الشيطان والمسوخ لا شرم الفقهاء والشيوخ..
إن قتلتمونا فسوف نقتلكم بالمثل

بقلم د محمد عباس
www.mohamadabbas.net
mohamadab@gawab.com



طوال عمري، كلما حزبني أمر، يجعلني أوقن أن بطن الأرض أصبح أفضل من ظهرها، يُختزل التاريخ أمامي، ويتقلص الزمان إلى لحظة، فأتمنى أن أدفع عمري كله مقابل تلك اللحظة التي قد تنقلني من مدار الابتلاء إلى مدار الاصطفاء.
أتوق إلى تلك اللحظة، حيث يلتمع النور في قلبي معشار ثانية ثم أموت. تكفيني من الدنيا هذه اللحظة فلا أريد سواها. فكأنما هي المادة الفعالة في دواء ينقذ من الهلاك وسواها غثاء قد يعطي لونا وقد يعطي رائحة لكن ليست فيه أي فائدة..
مثل هذه اللحظة هي التي اقتنصها الحر بن يزيد في كربلاء، فقد كان واحدا من قادة جند الشيطان اللواء ابن زياد، بل وشارك في حصار سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين رضي الله عنه، لكنه- الحر- حينما حمي الوطيس، و أدرك أن سبط الرسول صلوات الله وسلامه عليه مقتول، ثاب إلى رشده، و آب إلى روحه، وعاد إلى ربه محدثا نفسه:
- لا عذر لنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قتل الحسين وبقينا وفينا عين تطرف.
ويواصل:
- اُخيّر نفسي بين الجنة و النار، فوالله لا أختار على الجنة شيئاً و لو قُطّعت و اُحرقت ...
ثم يتوجه إلى زملائه من قادة جيش الشيطان مستنكرا:
- ألا تقبلون من هؤلاء ما يعرضون عليكم ؟والله لو سألكم هذا الترك والديلم ما حلَّ لكم أن تردوه.
فأبى أتباع الشيطان ابن زياد.
فصرف الحر وجه فرسه، وانطلق إلى الحسين وأصحابه، فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم، فلما دنا منهم قلب ترسه وسلّم عليهم.
ويتوجه الحر إلى الحسين رضي الله عنهما قائلا :
- ما ظننت أن القوم يبلغون بك ما أرى و أنا تائبٌ إلى الله فهل ترى لي من توبة؟"
وينشرح قلبه لإيماءة ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهتف قائلا:
- .. واللهِ لو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلّدين إلا أن فراقها في نصرك ومواساتك لآثرنا الخروج معك على الإقامة فيها.
ثم كرّ على أصحاب ابن زياد فقاتلهم، فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمة الله عليه (البداية والنهاية- ابن جرير).
***
تلك هي اللحظة الناطقة الفارقة التي تنقل الإنسان من مدارات يكون فيها كالأنعام بل أضل إلى مدارات أخرى يبز فيها الملائكة.
كنت أفكر في تلك اللحظة فأتمناها لنفسي، و أتمناها لمن أحب من شيوخي .
أخاف مكر ربي و أطمع في وعده فأطلب مثل تلك اللحظة التي لا تدوم سوى سويعة أو بعض سويعة طامعا أن تضيق تلك السويعة وتختزل علها لا تتسع لوسوسة الشيطان فيحرمنا ثمرتها.
نعم.. فمن يقيس العمر على شهوات الدنيا يجده أقصر ما يكون.. ومن يقيسه بالذنوب يجده أطول مايكون.. والكارثة أن في كل طول فتنة..
***
تلك اللحظة التي تقتصر على لحيظات كما حدث مع الحر بن يزيد.. أريدها كذلك.. و أخاف أن تتمدد لتشمل عمرا بكامله كما حدث مع المجاهدة البطلة – أحسبها كذلك- زينب الغزالي.. والتي كان يجب أن يكون هذا المقال عنها.. لكن ما جد من أمور أنقضت ظهري، وجعلتني أؤجل الكتابة عنها محاولا المسارعة لإطفاء نار شبت في قلوب قوم مسلمين.. والمؤلم حتى الموت.. أن من أشعلها هذه المرة .. كانوا هم بالذات من نهرع إليهم كي يطفئوا النيران حين تشب.. كانوا عمالقة من نوع الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ البوطي .. و أيضا.. وتلك كارثة أخرى: الدكتور الشيخ محمد إسماعيل المقدم.
***
كنت قد حاولت الاحتشاد للكتابة عن المجاهدة زينب الغزالي التي من الله عليها بعمر كان بطوله – إن شاء الله – في الطاعة والنجاة من الابتلاءات بالنجاح لا بالهروب ( و أرجو أن أكتب في مرة قادمة) .. ولم يكن السبب وفاة هذه المجاهدة الصابرة، فقد كان في تخطيطي منذ البداية أن الجزء الباقي من مقالاتي عن الإخوان المسلمين، أو بصورة أحرى عن المسلمين، يشتمل على ثلاثة فصول: فصل عن المجاهدة زينب الغزالي، وفصل عن جريمة كرداسة، والفصل الأخير عن درة المسلمين الشهيد سيد قطب. كنت أقول لنفسي: فليكن الولوج إلى هذا الجزء خلال باب شد ما يعذبني ولوجه، وشد ما يعذبني ما حدث للشهيدة على فراشها –إن شاء الله- زينب الغزالي. و أعددت المادة كلها.. فلما جد ما جد.. فصرفني عما انتويت قلت لنفسي : لعلي أقل من أن يكرمني الله بشرف الكتابة عنها.. أو لعل الله نزهها عن كلمة إنصاف تصدر في الحياة الدنيا التي هي أقل عند الله من جيفة أو جناح بعوضة.. ليدخر لها جزاءها كله في الآخرة..
***
كانت المصائب تتهاطل حولي.. ولم يعد في القلب سوى مزق أعجب كيف تستطيع الاستمرار وتنبض.. وكنت قد أدركت منذ أمد طويل أن الكارثة التي انقضت على رؤوسنا ليس منبعها فساد الحكام – لا نفيا لفسادهم الذي يبزون فيه الشيطان نفسه- بل فساد الأمة التي لو لم تكن هكذا لما وُلــِّــى عليها مثل هؤلاء الطواغيت المجرمين. إلا أنني ما لبثت حتى أدركت أن فساد الأمة لم يكتمل إلا بفساد العلماء.. وانحراف الفقهاء .. وجلد الفاجر ووهن الثقة..
كانت المصائب تتهاطل حولي.. وكنت أرى عجز الأمة فينفطر قلبي ويكاد عقلي ينفجر.. وكانت تجربة العراق ماثلة أمامي.. فصدام حسين ليس أقوي من جورج بوش.. والجيش العراقي ليس أقوى من الجيش الأمريكي.. ولا المخابرات العراقية أكثر وحشية وفظاظة وقسوة من المخابرات الأمريكية.. وبالرغم من ذلك فإن أمتنا في العراق لم تواجه صدام حسين.. وحين واجهه البعض كانت المواجهة ضعيفة ومحدودة.. وهذه الأمة التي نكصت عن مواجهة الأضعف نهضت لتواجه الأقوى والأعنف والأشرس إلى ما غير حد.. والأمة التي سيطر عليها صدام حسين عقودا لم يستطع المجرم المجنون جورج بوش أن يسيطر عليها أسابيع قليلة، فخرجت عليه، ومرغت في الطين والدم أنفه..
كان التناقض بينا ..
في حالة صدام حسين كان ما منع الناس هو الحلال والحرام.. وشبهة الخروج على حاكم قد يكون مسلما.. وعندما انتفى هذا الحاجز الشرعي مع الوحش المفترس بوش.. كان ما كان. .. و أذل الشعب الأعزل إلا من إيمانه أقوى الإمبراطوريات و أكثرها تسليحا عبر التاريخ..
في حالة المجرم بوش لم يستطع فقهاء الشيطان أن يسوغوا للأمة نبذ الجهاد و إلا كشفتهم الأمة.. لم يستطيعوا ذلك إلا على سبيل الاستثناء من مسوخ كالعبيكان والعبيكانيين كانت فتاواهم الشيطانية داعمة للجهاد لا مثبطة له.. لأنهم كانوا قد بلغوا شأوا مسشتفزا من امتهان العقل لا يمكن أن يقبله أي عقل.كانت فتاواهم مثيرة للاشمئزاز والغضب. وفي الجانب الآخر لم يكن أمام باقي العلماء من سبيل لكبح جماح الأمة عن الجهاد والاستشهاد.. فالقضية واضحة والفتوى فيها يعلمها العالم والجاهل..
***
إذن.. فالمسئولية الكبرى تقع على عاتق العلماء.. فلو أنهم وحدوا أمرهم.. وعبدوا ربهم.. وبينوا للناس – قبل حدود الحلال والحرام – حدود الإيمان وحدود الكفر.. حدود من لم يحكم بما أنزل الله.. لما كان ما كان..
هالني الأمر..
قلت لنفسي أن الحكام قد نجحوا في توظيف العلماء كي يقوموا بعكس دورهم تماما.. ولكي يكونوا كمسمار يغرسونه بين التروس التي تشكل محركات الأمة.. فيمنع هذا المسمار تلك التروس والمحركات من الحركة.. أو يحطمها تحطيما إذا ما أصرت وتحركت..
هالني الأمر عندما تكشف لي أن السر في استمرار البلاء هم العلماء والفقهاء..
وهالني الأمر عندما اكتشفت أن الإسلام – مجازا - قد تم الاستيلاء عليه لكي يوظف في مصلحة السلطان والشيطان.. تماما كما كان الإنجليز يجندون المسلمين لحرب المسلمين..
الآن ليس الإنجليز بل شيوخ يرتعون تحت ظلال المسجد الحرام والجامع الأزهر..
يوظفون الإسلام ضد الإسلام ويحاربون الإسلام بالإسلام ( لا تنسوا أن الأزهر يصفي الآن تحت سمع وبصر رجاله، و أن وزير الأوقاف في مصر يتقرب إلى الله بالمعاصي، ويكاد لا يجد في الدين شعيرة قائمة إلا حاول هدمها، ولا تنسوا أن مستشاره عليهما من الله ما يستحقان، شديد التحمس للمرتدة الشاذة أمينة ودود.. والطيور على شكلها تقع.. والخنازير أيضا!)..
هالني الأمر حين اكتشفت أن فقهاء الشيطان يدعون لإسلام ليس هو الإسلام.. ولاستسلام ليس من الإسلام في شيء.. وأنهم يكرسون المظالم ويتسترون على الظالم.. ويصدقون الكاذب ويكذبون الصادق ويرفعون أسهم الكافر ويكفرون المجاهدين.
كنت أصرخ : هل أصاب العلماء وباء؟! أم أصاب الفقهاء عماء؟!..
كنت أصرخ فيهم بعد أن جرفهم الطوفان ليسموا الجهاد إرهابا فيدعون إلى مقاومته:
- بكم بعتم آية: ".. ترهبون .."..؟؟!..
- بكم بعتم آية : " .. ترهبون .."..؟!..
***
هالني الأمر.. وقلت لنفسي: من المستحيل أن يقف فقهاؤنا عاجزين عن مواجهة الكارثة.. واقترح علىّ بعض الأصدقاء أن أقوم بزيارة واحد من أكبر علماء الحركة السلفية في مصر – وبالتالي في العالم- وهرعت إلى العالم الجليل.. و أنا جاد في وصفه بالجليل.. بل إنني مدين بضبط إيماني والولاء والبراء وتصحيح توحيدي لله إلى الفكر السلفي عامة فلا أنسى له هذا الفضل أبدا.. ذهبت إلى الشيخ الجليل.. ورحت أحاوره ساعات وساعات .. وكنت أستصرخه أن الأرض عطشى إلى دماء الشهداء.. لكن ليس أي شهداء.. بل الشهداء من العلماء.. دمهم المبذول الآن هو الذي يستطيع أن يوقف الطوفان.. فليستشهدوا إذن.. إن دماء عشرة أو عشرين أو مائة أو حتى ألف عالم شهيد ليست بغالية في سبيل وقف انهيار المسلمين.. ودماء هؤلاء هي التي قد تردع الطواغيت الذين باعوا الدين كله وباعوا الأوطان وباعوا الأمة ولا يمنعهم من الجهر بالكفر إلا خوفهم من شعوبهم.. فليكشف العلماء نفاق الطواغيت وخيانتهم.. قلت للشيخ الجليل أن ما لا أطيق البوح به هو شعوري أن علماء السلف في مصر والجزيرة العربية قد خذلونا.. لقد قادونا إلى الصواب.. و إلى تنقية عقائدنا من البدع.. وظننا أنهم لن يتخلوا عن الصدارة والقيادة أبدا ولن ينكصوا عن دفع ثمن الجنة والرضوان أبدا حتى ولو استشهدوا عن بكرة أبيهم. وكنت واثقا أن سلطان الطاغوت في مصر والجزيرة لن يجرؤ على مزيد من انتهاك حرمات الدين خوفا منهم ومن أتباعهم.. لكن استسلام عدد كبير من علماء السلف كان مذهلا قبل أن يكون فاجعا.
كيف تسلل الوباء إليهم؟..
وكيف يسيطر العماء عليهم؟..
كنت أحاور الشيخ الجليل وكان يحاورني..
وكنت أقاوم البكاء..
فالشيخ الذي هرعت إليه ليحث العلماء على الاستشهاد.. كان مهزوما من داخله.. وبدا أنه مرعوب من مباحث أمن الدولة.. و أن أقصى ما يطمح إليه أن يتركوه في حاله و أن يسكتوا عنه.. كان مختلفا تماما عما كان عندما قابلته منذ سنوات حيث خلب فؤادي بقوة إيمانه وجرأته بالحق لا على الحق حتى قلت لنفسي أنه لا توجد قوة في الدنيا قادرة على تخويفه هو أو تلاميذه أو النيل منهم.. كان واثقا أننا الأعلون.. وكان واثقا من النصر.. في هذا اللقاء انعكس هذا كله.. بدا لي الشيخ يتصرف كما لو كانت جلستي معه مسجلة بالصوت وبالصورة و أنه سيواجه بالحساب العسير بعد انصرافي مباشرة.. وتصورت أنه لا يرد على تساؤلاتي بل يدفع عن نفسه اتهامات ضابط بمباحث أمن الشيطان التي سيوجهها له بعد ساعة أو بعض ساعة.. بل لقد عبث بي الخيال فقلت لنفسي أنه يتصرف كما لو كان خلف تلك الستارة التي يحركها الهواء ضابط أمن دولة شاهرا سلاحه.. و أن ضابط أمن الشيطان هذا سيطلق النار عليه على الفور إن أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو نطق كلمة حق أو حاول أن يغير منكرا بيده أو حتى بلسانه.. ولم يستطع الشيخ الجليل أن يقول أنه يخالف الشرع بموقفه ذاك.. ولا حتى أن يقول أنه يتخذ الرخصة سبيلا إلى الأمن الشخصي.. حيث لا تجوز الرخصة لعالِم يزلّ بزلّته عالَم.. بل راح يبرر موقفه بغطاء شرعي بحجة أن الأمر ملتبس و أنه لا يجوز الخروج على الحاكم إلا إذا بدا منه كفر بواح.. وكنت أصرخ فيه: هذا أمر فيه خلاف.ثم أن الرأي الذي تتبعه ليس الوحيد فهناك آراء فقهية أخرى.. ثم .. ماذا إن أخفي الحاكم كفره كجزء من المؤامرة على الدين وعلى الأمة.. أيعجز الإسلام أمامه؟ أيعجز الإسلام عن أن يسحب حصانته عمن يسخرون منه ويستهزئون به ويشنون أعتى الحملات للقضاء عليه.. هل بلغنا هذا الحد من السذاجة والبله الذي يجعلنا نمنح حصانة الإسلام لكل من لم يعترف بصريح الكلمات أنه كافر.. رغم أن كل أفعاله تنطق بذلك.. كما أن كل كلماته تقولها بالتلميح الصريح و إن تجنبوا النطق بكلمة الكفر بعد أن فهموا من أين نؤتى..
وحتى من نطق .. ومنهم مئات من الكتاب وحاكمين عربيين على الأقل.. عجز الفقهاء عن دمغهم بالكفر.. وحتى كلاب من كلاب جهنم كأدونيس والعظمة وخليل عبد الكريم وسيد القمني عجز الفقهاء عن مواجهتهم.
كنت أصرخ في الشيخ الجليل:
- لا تصمتوا.. لا تنتظروا حتى يتسرب من بين أصابعكم الدين كله.. لا تصمتوا.. فإن عجزتم فواجهوا الناس إذن بأن الفقهاء عجزوا عن مواكبة التحديات.. واجهوا الناس وقولوا أنكم عاجزون عن الفتيا.. قولوا ذلك وتوقفوا عن الفتيا كلها لأن ما تفتون به الآن يصب في صالح بوش والشيطان.. وضد المجاهدين..
وواصلت الهتاف بطعم النحيب:
- لا تصمتوا.. أو فاعترفوا للناس قائلين: لا تعتمدوا علينا في قيادتكم كعلماء ولا في الفتوى لكم كفقهاء..
وارتفع صوتي مشتعلا بالغضب كشواظ من نار و أنا أقول له:
- قولوا للناس دعكم من الإسلام، فالإسلام ذخيرة لم تعد وسائل إطلاقها موجودة.. الإسلام قنبلة نووية لا يوجد لدينا من يحملها وما يحملها.. والإسلام صاروخ هائل نجح الأعداء في التشويش على أجهزة توجيهه فما عاد – حين يطلق – يصيب أحدا غير المسلمين.. قولوا للناس: الإسلام لا يدعمكم في معركتهم هذه.. الإسلام – بتفسيرنا - سيقف على الحياد بينكم وبين الشيطان وبينكم وبين السلطان وبينكم وبين شارون وبوش وبريمر وطالباني وكل أسرة الشيطان.. أما نحن العلماء والفقهاء فإننا نعترف أننا رضينا ولاية الكافر على المؤمن فلا تصدقوا فتاوانا ولا تعملوا بها..
ثم واصلت وقد بلغ الغضب مني غايته:
- قولوا للناس أنكم عجزتم عن حماية الإسلام.. فإن أردتم إلقاء اللائمة على الإسلام فقولوا لهم أن الإسلام – حاش الله- عاجز عن الدفاع عن نفسه.. قولوا للناس دعكم من موقف الإسلام وانسوا أنكم مسلمون.. نعم إنسوا أنكم مسلمون واذهبوا ودافعوا عن أوطانكم وشعوبكم وشرفكم وكرامتكم واستقلالكم، نعم.. اذهبوا ودافعوا.. ليس دفاع الجهاد في سبيل الله بل كما دافع الهندوس والبوذيون والملاحدة عن إلحادهم و أوطانهم وشعوبهم وشرفهم و أموالهم.. دافعوا بالعصبية عصبية الجاهلية الأولى.. دافعوا بالقبلية النتنة.. أما الإسلام فلا تنتظروا منه عونا ولا دعما لأنه – بتفسيرنا وفتاوانا - على الحياد.. ولأننا توقفنا عن تكفير الكافر لأننا نخشى أن يظلم أحدا في هذا الوضع الملتبس.
***
أعترف أن الشيخ الجليل قابل ثورتي بصبر جميل لكنه لم يتعد الشكوى مما يفعله الأمن بهم..
واجهني الشيخ بالصبر الجميل.. أما تلامذته فقد انقسموا قسمين، قسم أدانني بحجة أنني تجاوزت حدود اللياقة فما هكذا ينبغي الحديث إلى العلماء.. وقسم قال: ليتك قابلت الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم..
***
حزبني الأمر وصرفني عن السعي للقائه هموم و أمور..
والدكتور محمد إسماعيل المقدم قيمة فكرية وعقدية شامخة جدا كما أنه كاتب موسوعي لا يشق له غبار.. و أعترف أنني كنت أوافقه في جل ما يكتبه عدا خلاف معه في تقدير الأولويات و هو أمر ناقشته معه منذ أعوام. أقول نا قشته.. لا مناقشة الند بل مناقشة الطالب الباحث عن الحقيقة في مناجمها.
ولكي نعرف قيمة الحركة السلفية وفي القلب منها الدكتور محمد إسماعيل المقدم فإنني أجرؤ على القول أنني اعتبرتها الحركة التي تعود بالإسلام إلى صورته الأولى وإلى صفائه حين أنزل. بل و إنني أجرؤ على القول أنني كنت أعزي نفسي بثبات الحركة السلفية حين تثمر الضغوط والحسابات السياسية على رموز شامخة كالشيخ يوسف القرضاوي، فيصدر منه ما لا نتصوره منه من مواقف أو تصريحات.. وكنت أقول لنفسي: الحمد لله الذي ثبت هؤلاء على دينه.
***
لشد ما يصعب علىّ أن أضيف لهؤلاء قيمة شامخة مثل الدكتور محمد إسماعيل المقدم لكن فتاواه الأخيرة تصب في مجرى الهزيمة.. ولست ندا للرجل في علمه ولا مساويا له في فضله لكنني أظن – وبعض الظن فقط وليس كله إثم- أن الأمر لا يتعلق بعلم وإنما بتنزيل على الواقع يخضع لضغوط سياسية، أخشي أن تكون استجابات علماء السلف – وهم أساتذتنا وقدوتنا بلا شك - تجاه الواقع القاسي الرهيب كاستجابات الصوفية ذات يوم عندما دهمتهم الابتلاءات فتخلوا عن الجهاد.. وغرقوا في بحر لجي أقله صحيح و أكثره باطل.. بل وشرك.. ولم يكن الأمر تطبيق شرع.. ولا حتى تقية .. و إنما كان نكوصا عن الجهاد و إيثارا للسلامة..
***
بعد التفجيرات الأخيرة في لندن تحدث الدكتور المقدم في خطبة عنوانها "تفجيرات لندن والبعد الغائب " ليدين بعنف وبشدة المسلمين المتشددين الذين اقترفوها .
وبادي ذي بدء فإنني أطرح رأيي صريحا دون مواربة، فأنا مع الإرهاب الذي "ترهبون به عدو الله وعدوكم" كما أنني ضد الانسياق خلف الغرب – وهو كافر- في تسمية العنف أو الحرابة أو الترويع إرهابا كي يرغمنا على التنصل من مقتضيات آية في القرآن.. ولست أدري كيف وافق علماؤنا على ذلك وبكم باعوا آية "ترهبون".
نعم.. أنا مع الإرهاب الذي لا يخلو كتاب من كتب الاستراتيجية منه.. والذي بمقتضاه يتم إرهاب العدو – بل والصديق أيضا- لردعه عن العدوان تحسبا ووجاء من رد الفعل المحتوم.. بل إنني أؤكد أنه لا يوجد نظام حقيقي أو دولة محترمة في التاريخ إلا وهي تملك وسائل الإرهاب ( الردع ) هذه..
أنا مع إرهاب من ذلك الذي منع أمريكا من إفناء روسيا والصين بقصفهم بمئات القنابل النووية قبل أن يصلا هما إليها.. وظلت الخطة في انتظار التنفيذ حتى وصل الاتحاد السوفيتي – لا رحمه الله – إلى سر القنبلة النووية فأرهب أمريكا فتوقفت عن محاولات سحقه..
السحق الذي تفعله فينا الآن.. لأننا لم نرهبها..!!..
السحق الذي لابد أن يدفعنا – ضمن ما يدفعنا – إلى صناعة القنبلة النووية نرهب بها عدو الله وعدونا.. ورغم أنني أدرك أن الإسلام في جوهره يحرم استعمال كل أنواع أسلحة الدمار الشامل.. لكن .. و أيضا وفي نفس الوقت.. الإسلام يحرم القتل لكنه جعل من القتل في القصاص حياة.
ما أريد إثباته أيضا أن قتل المدنيين في عمومه مرفوض..لا بالرأي والهوى بل بأحكام الشريعة الصارمة، والتي تجعل من قتل نفس بغير نفس كقتل الناس جميعا. وما أريده و أطالب به، ألا نقتل من الأمريكيين نفسا بنفس.. يكفيني نفسا أمريكية واحدة مقابل نفوس عشرة من المسلمين!!..بل مائة.. بل ألفا.. فهل يفتي فقهاؤنا بذلك.. أم يظل الدم المسلم يسفك بلا ثمن؟!..
نعم.. قتل المدنيين حرام شرعا.. ولكنني بفقه الأولويات أقول أن ذلك الرفض ينصب على المدنيين المسلمين قبل سواهم.. فإن أصاب الأمر المسلمين فليكن الأمر سجالا وعقابا بمثل ما عوقبنا به.. ليأمن المدنيون جميعا أو ليتهدد الخطر الجميع.
إن أمريكا التي تقتل مئات الآلاف تكتفي بمبرر وحيد لا تعقيب عليه، هو أنهم مشتبهون، فإذا تأكد أنهم مدنيون لا تجشم نفسها عناء الاعتذار.. فالاشتباه مبرر كاف للقتل. ثم أن حكاية المدنيين والعسكريين التي لاكها كثير من شيوخنا حتى مججناها تفسر على هوى الصليبيين واليهود. فكل مشتبه من المسلمين مباح دمه، أما الأمريكيين فلم يبق إلا أن يفتي شيوخنا بضرورة موافقة الجيش الأمريكي والمخابرات الأمريكية على قتل الأمريكي قبل قتله و إلا جاز اتهامنا بالإرهاب!.. ولم يقدم شيوخنا أي تعريف للعسكري، وهل ضابط المخابرات عسكري أم مدني؟! وهل المرتزق عسكري أم مدني؟! وهل عالم الصواريخ عسكري أم مدني، وهل لص البترول عسكري أم مدني ( تذكروا تهديد أمريكا بقصف المفاعل النووي الإيراني بمن فيه من مدنيين.. وتذكروا كيف قامت هذه الخنازير البشرية بقصف محطات الكهرباء والمياه والمجاري كأهداف استراتيجية استشهد أثناء قصفها آلاف العراقيين دون احتجاج على قتل المدنيين).. هل تمويل العمليات العسكرية عمل عسكري أم غير عسكري( أغلقت أمريكا حتى مؤسسات الزكاة ونكلت بالمشرفين عليها).. ولنتذكر على سبيل المثال المحكمة الأمريكية الفاجرة التي حكمت على الشيخ محمد علي حسن المؤيد – الفقيه اليمني- بالسجن 75 عاما. كانت أمريكا قد استدرجته بطريقة خسيسة إلى ألمانيا.. ثم ألقت القبض عليه.. حتى المحكمة الفاجرة للبلد الفاجر ذي الحضارة الفاجرة كانت قد برأت الشيخ الجليل من الاتهام بتمويل فعلي لشبكة القاعدة، لكنه أدين في بند آخر يتعلق بتوفير دعم مادي وموارد أخرى لحركة حماس. رغم أن تمويل حماس ليس مجرما في أي بلد عربي أو إسلامي.. ظاهريا على الأقل. فهل المؤيد مدني أم عسكري. هل الشيخ عمر عبد الرحمن مدني أم عسكري. ولماذا لا يتذكر جل شيوخنا حكاية حرمة قتل المدنيين إلا إذا كان المجرم المقتول أمريكيا.
***
نعم.. أكرر أنني ضد قتل المدنيين جميعا.. وفي الصف الأول منهم المسلمون.. والمحزن بل المخجل أن أصوات جل فقهائنا لا ترتفع إلا إذا كان القتلى من غير المسلمين.. فإن كان القتلى مسلمين خيم عليهم صمت القبور.. بل إنهم عليهم من الله ما يستحقون.. يبلغ شجبهم لقتل كلب أمريكي غاصب عنان السماء.. فإن كان منا مائة ألف قتيل اكتفوا بالرفض الهامس الوجل.. ودون عقد أي مقارنة أو سببية بين هذا وذاك.
النقطة الأخرى التي أود التركيز عليها أننا لسنا مدانين ولا جناة بل نحن الضحايا.. و أن أي استسلام منا لتوصيفاتهم الظالمة تشبه إقرارا بجرائم لم نرتكبها.. فإذا ما أقررنا بها كان ذلك اعترافا باستحقاقنا للازدراء والعقاب.
النقطة التالية هي أننا برغم كل شئ ما زلنا خير أمة أخرجت للناس وسنظل كذلك حتى أبد الآبدين، إنني أعرف أن الأمر مرتبط بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكنني أعرف في نفس الوقت، أننا مهما بلغنا من سوء وذنوب ومعاصي، فإننا أفضل بكثير من الأمم الأخرى، فقيمنا أفضل، و أخلاقنا أفضل، وبقايا عقيدتنا أفضل و أصح.
النقطة التالية هي أننا لم نكن إرهابيين أبدا.. أما الصليبيون واليهود فلم يكفوا عن الإجرام والتوحش والسرقة أبدا..
لسنا إرهابيين..
لسنا بحاجة للدفاع عن أنفسنا بل نحن في حاجة للهجوم على أعداء الله والإنسان..
لسنا في حاجة إلى دفع اتهام بل نحن في حاجة إلى توجيه ألف اتهام.
في كتاب خطير بعنوان " الغارة على العالم الإسلامي" يصرخ الدكتور ربيع بن محمد بن علي
الأستاذ بالجامعة الإسلامية منددا بالإرهاب الذي يمارس ضد الإسلام والمسلمين.. ضد الهجمات التترية التي يشنها مغول هذا العصر على المدنيين العزل وانتهاك حرماتهم وحرمات مساجدهم وإمطارهم بالقنابل المحرمة .. ويفضح الكاتب كيف قامت ممالكهم على الاستعمار والأكاذيب والأضاليل وقلب الحقائق بعد أن جعلوا من المقاومين لكل احتلال متمردين، ومن المدافعين عن كل عرض ووطن إرهابيين والذابّين عن شريعة ربهم متطرفين، وبعد أن جعلوا من كل غاز يريد فرض عقيدته وزائف ديمقراطيته على المسلمين بطلاً، ومن كل أثيم يسلب أرضاً أمّنها الله أو يعذب نفساً عصمها الله أو ينتهك عرضاً حرمها الله مغواراً.
يفضح الكاتب عوار حضارة الغرب باحتلال بلاد المسلمين إثر اختلاق أسباب واهية.. وتهاوت مدنيتها ورقيها في أبشع صورة باستخدامها هي- في إهلاك الحرث والنسل- ما جاءت لحماية الشعوب منه من قنابل عنقودية وفوسفورية وسامة وحارقة وبيلوجية وكيماوية إلخ وبكميات تقدر بآلاف الأطنان، وبتوفير غطاء لغطرسة ربيبتها إسرائيل، وبمحاولاتها اليائسة في القضاء على الوجود الإسلامي، وبنشرها العري والفساد والزنا والمسكرات والبلطجة والخنا، وبممارستها لكل أساليب البطش والأعمال السادية، وبفرضها حكومات صورية تخدم مصالحها وسياسات قمعية تكشف عن أطماعها ومناهج وضعية تبين عن نواياها في بسط سيطرتها وعقيدتها في بلاد المسلمين ... انكشف عوار حضارة الغرب بإذلال العجائز والمستضعفين من المسلمين في العراق وغيرها وبقتل الأطفال وباغتصاب المحصنات الغافلات .. وتهاوت مدنيتها ورقيها في سجن أبو غريب ومستشفيات ... انكشف عوار حضارة الغرب بقتل الجرحى العزل داخل دور العبادة وبهدم المساجد وإكراه الناس على اعتناق المسيحية التي المسيح منها براء .. وتهاوت مدنيتها ورقيها بترك الجرحى عمدا ينزفون وبدك المستشفيات على من فيها وبمنع جهود الإغاثة من أن تصل إلى مستحقيها قبل أن يقضوا نحبهم .. انكشف عوار حضارة الغرب بالمروق من الاتفاقيات الدولية وقوانين الأمم المتحدة ولوائحها.. وكلها تقضي بحظر قصف المناطق السكنية وانتهاك دور العبادة والأماكن التاريخية والثقافية والانتقام تحت أي ظرف من الظروف من المدنيين العزل .. وتهاوت مدنيتها ورقيها بسكوت أصحابها بل وبإقرارهم هدم البيوت على الفلسطينيين وإخراجهم في كثير من الأحيان من ديارهم بعد سحلهم ورميهم كالكلاب في الميادين العامة يجترون الآلام والأحزان ليكونوا عبرة لغيرهم ممن يأبون الظلم ويتمسكون بالكرامة .. انكشف عوار حضارة الغرب برضائها عما ارتكبه شارون في صبرا وشاتيلا من مذبحة راح ضحيتها ألفي مدني أصدر أوامره ببتر أعضائهم وسحق رؤوس أطفالهم وإعدام رجالهم في الشوارع واغتصاب نسائهم، وعما ارتكبه في دير ياسين من قتل ما يقرب من 360 فلسطينياً في أبشع مجزرة شهدتها الإنسانية، وعما قام به من نسف أكثر من 400 طفل وسيدة وشيخ في (رام الله) أدار ظهورهم للحائط وراح يفرغ الرصاصات في أجسادهم، وعما ارتكبه في كفر قاسم من قتل وجرح 57 بينهم أطفال ونساء وعندما اضطرت الحكومة الإسرائيلية أمام سخط الرأي العام للتحقيق معه قال بكل فخر إنه "سعيد بارتكاب مذابح ضد العرب"، وعما فعله بنفس المنطق بعد تعيينه قائداً للقوات الإسرائيلية أثناء العدوان الثلاثي حين قام بأسر 300جندي مصري وأمر بدهسهم بالمدرعات وهم أحياء، وعما فعله عندما هاجم في نفس العام غزة وخان يونس وقام بتجميع 25 جندياً من الحرس الوطني الفلسطيني وأطلق عليهم النيران، ولم يهدأ له بال حتى توجه إلى مستشفى البلدة وقام بقتل المرضى والأطباء ثم قام بتجميع80 شاباً من الشوارع ليطلق النيران عليهم واحداً تلو الآخر حتى أجهز عليهم وترك جثثهم لمدة ثلاثة أيام لمزيد من الإرهاب للأهالي .. وتهاوت مدنيتها بتصديقها بعد كل ما ذكرنا بما يشيعونه من أن هؤلاء هم شعب الله المختار وأنهم يفعلون ذلك استعجالاً لمجيء وعودة المسيح الذي سيحكم القدس بعد أن تطهر من نجس المسلمين.
يصرخ الكاتب من انقلاب الصورة واتهامنا نحن بالإرهاب، وأصرخ معه عندما أسمع بعض شيوخنا يكررون حديث إفك الغرب.. وكأن ما ذكرنا نتفاً منه وما يجري على الساحة العراقية والأفغانية يحدث على كوكب آخر، أو كأننا معاشر أتباع محمد الذين نسعى للصدام .. وكأننا نحن الذين ذهبنا لنغزو بلادهم وندمر أوطانهم ونستولي على ثرواتهم.. ونقتل رجالهم وأبناءهم ونغتصب نساءهم....
***
نعم.. ليس لدي أي استعداد للاعتراف بأن المسلمين إرهابيون.. وليتهم كانوا.. وليتهم يكونون!!
لست مستعدا لتلقي قائمة اتهامات بل لتدبيج قائمة اتهامات بعض شهودي فيها ضباط إسرائيليون ألفوا كتابا خطيرا بعنوان: " التمرد" وهو أحدث واخطر كتاب صدر في إسرائيل يضم شهادات حية لثمانية من ضباط جيش الدفاع أعلنوا العصيان ورفضوا الخدمة في جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية وهو تجسيد حي لأبشع أنواع العنصرية والإرهاب وجرائم الحرب بالتواطؤ مع النظام السياسي والهيئة الدينية والنظام التعليمي وجميع أجهزة الدولة . وبعض شهودي أيضا كتابات الأمريكيين أنفسهم. وبعض شهودي نعوم تشومسكي.. و رامزي كلارك.. وجيف سيمونز.. وجوانتانامو و أبي غريب..
***
لم أكن إذن أتوقع هجوما من عملاق جليل كالشيخ محمد إسماعيل المقدم على شباب المسلمين في لندن.. ولا كنت مستعدا لسماع إدانته وازدرائه للمجاهدين.
منه نتوقع أن يوقر الأكبر ويعلم الأصغر.. لا أن يزدريه ويهاجمه.. ولأنكي أن يتواكب هذا الهجوم والازدراء مع الهجوم الصليبي الصهيوني عليه.
لقد تحدث الدكتور محمد إسماعيل في خطبة بعنوان : "تفجيرات لندن والبعد الغائب " مسجلة ومفرغة عن المعاهَد، وعن بلاد المسلمين وعن عقد أمان..
تحدث الشيخ كما لو كنا في بلاد إسلامية و كما لو كان هناك ولي أمر.. و أنزهه أن يكون كالعبيكان يرضى أن تكون المسوخ الشائهة التي تحكمنا ولاة أمر. وكيف يكونون ولاة أمر لشعوبهم وهم لا يستطيعون أن يكونوا ولاة أمر لأنفسهم.. وليهم الشيطان.. وبوش.. وشارون..
ولقد تحدث الشيخ عن واجب احترام الشرع وآدابه وأحكامه، وعن العواقب التي تحصل نتيجة هذا الفعل غير الناضج وغير المنضبط بالشرع الشريف. وعن وتأثير مثل هذه الحادثة على الجالية الإسلامية في مثل هذه البلاد..
ثم واصل الدكتور محمد إسماعيل :أنا لما سمعت بالخبر الخاص السفير لم أجزع على الإطلاق، كنت مطمئن للغاية أن هذه عملية (تهويش)، فما توقعت أبداً يحصل القتل بهذه الطريقة، مع استبعاد البُعد، يعني بغضِّ النظر عن أبعاد أخرى. لكن أقول ما وُضع في اعتباركم الثِّقَل السياسي لمصر في الأوضاع الحالية، وأنكم تجيّشون كما هائلا من المسلمين وتصدمون مشاعرهم بمثل هذا التصرف، لم يوضع هذا في الاعتبار على الإطلاق.
ما نلحظه في مثل هذه الأحداث أن هناك استئثاراً بالرأي، وأجاب كل ذي رأي برأيه، والفتاوى تَصدر وتُنفذ من أناس لا يدرى مقدار علمهم ولا تحصيلهم ولا مؤهلات الفتوى عندهم، فهم يقتحمون الفتوى، ويستبدون بها، ويُلزمون كل الأمة بتحمل عواقبها مهما كانت نظرتهم.
أيضاً موضوع الإنترنت والمصائب التي تجيء من الإنترنت، فكل واحد يريد أن يقول شيئاً يقوله، وطبعاً هذه إساءة أخرى للإسلام، لأنه أحياناً تصدر بعض التصريحات من الشباب عجيبة جداً، وهذه مرصودة بلا شك من أعداء الإسلام، ويبنى عليها المواقف، فموضوع الفوضى العارمة في الإنترنت، وما يحصل حتى من ممارسة بعض الشباب إرهاب على العلماء، إرهاب على الشيوخ، إن لم توافقني فأنت كذا وكذا، ويحصل ما يحصل في هذه الأحداث.
هذا الكلام كنت كتبته أيام المشاكل التي كانت تحدث في الجزائر، وهذا نموذج، ونحن لا نعتبر للأسف، الجزائر كان يحدث فيها مذابح رهيبة، لدرجة أن الواحد من شناعتها ما كان يصدق أن هناك إنسان أصلاً ينتمي للإنسانية أو لآدم عليه السلام ويَقوى على فعل هذا: يبقر بطون الحوامل، ويذبح الأجنة، وهم مسلمون، لماذا؟، لأنه يكفر هؤلاء الناس، فيستحلُّون دماءهم، و يفعلون هذه الجرائم الوحشية.. ينزلون على القبيلة يذبحوها كلها، وهذا جهاد!! ما السبب؟ السبب انحراف الفكر الذي يؤدي إلى انتهاك حرمات الله سبحانه وتعالى وانتهاك حرمات المسلمين، لأن من لم يوافقوهم في مشربهم يكفرونهم، وبالتالي عواقب التكفير مثل هذه التصرفات، لعلكم تابعتم ذلك في الجزائر.
***
يعلم الله كم يصعب علىّ انتقاد الشيخ الجليل..
ولكن ما هو أصعب من الصعب و أمر من العلقم و أصعب من السير على خرط القتاد، أن ألمح في حديثه انحرافا فكريا – لا أجرؤ على أن أقول عقديا- لا شك فيه. إن الإدانة جلها إن لم يكن كلها موجهة للمسلمين أينما كانوا.. و ألفاظ كالمعاهد وعقد الأمان ودار الإسلام تستعمل في غير محلها، كما أن الشيخ الجليل تحدث – مشفقا – على الجالية الإسلامية في الغرب وما تعانيه بسبب طيش إخوانهم من الإرهابيين. متجاهلا أمورا في الشرع ما كان يجب له أن يتجاهلها، ومنها إن الجالية الإسلامية في الغرب إن لم يكن مباحا لها الدعوة لدينها فليس الغرب لهم بدار مقام. كما تجاهل إحصائيات مرعبة أورد بعضها جيفري لانج في كتابه" حتى الملائكة تسأل" ومن هذه الإحصائيات أن 90% من أبناء و أحفاد الجاليات الإسلامية في أمريكا يمرقون من الإسلام. فهل هذا هو الوجود المريح الذي يدافع شيخنا الجليل عنه؟!.
ويتحدث الشيخ الجليل عمن قام بعمليات الإرهاب بازدراء شديد و إدانة بلا حد ليقع في أخطاء فادحة. إن الإسلام لا يعرف الازدراء ولا السخرية فلا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم.. وكفي بالمرء شرا أن يحقر أخاه المسلم، ومن ظن أنه علم فقد جهل. ثم أن شيخنا الجليل قد افترض أن من اشتبهت فيهم السلطات البريطانية هم الذين قاموا فعلا بهذه العمليات متجاهلا احتمالات لا أول لها ولا آخر.. منها أن يكون ما تم قد تم بالاختراق.. وتاريخ المخابرات – خاصة الأمريكية والروسية والسوفيتية – حافلة بمثل ما نقول، وقد تمرست فيه إلى الحد الذي لا يدرك فيه القائم بالعمل أنه مدفوع .. ومنها على سبيل المثال أن يكون الأمر تدبيرا للموساد فيه ضلع وما فضيحة لافون عنا ببعيدة ( قام الموساد منذ نصف قرن بتفجيرات في القاهرة والإسكندرية ضد المصالح الغربية ليثير الغرب على مصر.. واكتشفت المؤامرة بالصدفة عندما اشتعلت إحدى القنابل في جيب أحد الجواسيس قبل موعدها)..
ودعنا الآن من أنه بعد خمسين عاما قام الرئيس الإسرائيلي موشيه كاتساف بتسليم رسائل شكر إلى ثلاثة من عناصر الشبكة الذين ما زالوا على قيد الحياة وجميعهم في العقد السابع من العمر وهم مارسيل نينيو وروبرت داسا ومئير زافران. هكذا عاملت إسرائيل إرهابييها المجرمين كأبطال مجاهدين لكن شيخنا الجليل اعتمد مقولات الإعلام الغربي دون أي اعتبار آخر فعامل الأبطال المجاهدين كإرهابيين مجرمين بغض النظر عن الصواب والخطأ في الاجتهاد... وهو حين فعل ذلك.. وحتى على فرض صحته قد وقع في خطأ آخر.. لقد تعامل فكريا مع هؤلاء الأفراد كما لو كانوا دولة لديها مؤسساتها و أجهزتها التي تستطيع التدبير والتخطيط والاختيار ودراسة الاحتمالات والعواقب.. وكل ذلك – للأسف – غير صحيح. لنفترض أن كلام الشيخ الجليل صحيح.. و أن الذين يهاجمهم غلمان وجهلة من نتاج عصر الإنترنت الذي دفعهم للتطاول على العلماء، لنفترض هذا ولنضعه في إطاره الصحيح بأن نضرب مثلا، فلنفترض أن الشيخ الجليل نكص عن إمامة المصلين في مسجده، ولنفترض أنه انسحب من المسجد، وتلاه تلاميذه تلميذا بعد تلميذ وصفا بعد صف، ولم يبق في المسجد سوى بعض الصبية من الجاهلين، فهل تسقط فريضة الصلاة عنهم؟!.. أم أن على أحدهم أن يتقدم للإمامة حتى لو أخطأ في قراءة القرآن راجيا من الله أجرا.
يا شيخنا الجليل نحن أمام وضع استثنائي شاذ لم يحدث في التاريخ، وضع كان على الحكام أن يقودوا جيوشهم وبلادهم و أمتهم للمقاومة الوطنية إن لم يكن للجهاد العقدي، لكنهم خانوا بعد أن هانوا، و ما أحسبهم هانوا إلا بعد أن نافقوا، وفسدوا فأغووا علماءهم و أغووهم، فاستسلموا، وسلموا الأمة، والجيوش التي كان عليها أن تحارب العدو أصبحت هي الداعم الوحيد لاستقرار النظم العميلة التي استسلمت للعدو. أصبحت الجيوش دعما غير مباشر لليهود والصليبيين، أما أجهزة الأمن فهي دعم مباشر. كان الوضع الأساسي أو الـ "Default" بلغة الكمبيوتر أن تحارب الجيوش و أن تدعمها الأمة وأن تحافظ على خطوطها الخلفية أجهزة الأمن، و أن يتوافر بعد هذا كله أفراد للعمليات الاستشهادية طبقا لخطة شاملة، لكن التحول الشيطاني المجنون عصف بكل شئ، ولم يبق من المنظومة التي دمرها الكفر والجنون سوي استشهاديين بلا خطة شاملة، وحتى بلا قيادة. ومن الطبيعي أن يرى كلا منهم جزءا محدودا من الصورة، ومن الطبيعي أن يخطئوا، ويكفيهم شرفا أن لم يقتلهم اليأس، فاستمروا في الجهاد تحت ظل اليأس من كل شئ إلا من روح الله. فعاشوا أو استشهدوا بين الأجر والأجرين. هؤلاء هم الذين يستهزئ بهم شيوخنا ويلعنهم العلمانيون والمنافقون.
نعم .. الأمر أشبه بعمارة ضخمة انهارت، وبانهيارها يصبح الانهيار هو الطبيعي، و أما السقف، أو الجزء من السقف، الذي يظل معلقا في الطابق العاشر أو العشرين فهو الشاذ، رغم أنه هو الذي بقي في مكانه ولم يتغير، والأولي بنا أن نعيب ما انهار لا أن نعيب ما ثبت.. حتى إن كان قد تقلقل باهتزاز ما حوله. نحن إذن أمام ردود فعل، لا نستطيع تناولها دون تناول الفعل نفسه، مدركين أن الأمر كله، الفعل ورد الفعل، مستحدث، و أننا لن نجد له في الفقه القديم مرجعا يفصل لنا بين الحلال والحرام، لن نجد تجربة سابقة ولا وضعا مماثلا ولا فتوى جاهزة، الرأي فيما يحدث سيعتمد إذن على القياس، ومع القياس ستختلف الآراء والفتاوى، وفي هذا الاختلاف رحمة، وليس فيه ما يستوجب الازدراء أبدا، خاصة عندما يكون هذا الازدراء موجها لإخوانهم في الدين. ويجب أن أشدد هنا، أن هذا الازدراء والتعالي والغلظة التي يتعامل بها فقهاؤنا مع الاستشهاديين، ليس لها أية مرجعية إسلامية، ولا حتى جاهلية عربية، و إنما مرجعيتها كلها صليبية يهودية شيطانية، ومن هنا دهشتي وذهولي لتسللها إلى كبار فقهائنا، وسنتناول هذا بمزيد من التفصيل بعد قليل. إلا أنني هنا أعاتب شيخنا وشيوخنا الآخرين، لقد أفتوا، وفي نفس الوقت أفتى علماء آخرون لا يقلون عنهم علما ولا ورعا بعكس ما أفتوا، واختلفت الرؤى بنوع الجهاد وشروطه. وكان على هؤلاء وهؤلاء أن يحترم كل منهم فتوى الآخر، إلا إذا كانت دواعي هذه الفتوى ليست دينية، ولا في سبيل الله، إنما في سبيل الأمن.
***
لقد تناول شيخنا الجليل أيضا واقعة قتل السفير المصري، وكان تناوله لها فاجعا وموجعا. كان موقفه موقف من لم يتبين، من أطاع الفاسق وصدق الكذاب، واستأمن الكافر وخون المسلم. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) الحجرات ..
لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم..
لقد اعتمد الشيخ رواية الصليبيين واليهود والكفار والمنافقين و أهمل رواية المجاهدين.
ولست أدري كيف يقف شيخنا الجليل أمام الله يوم القيامة وهذا الوزر في عنقه.
لقد أصدرت المقاومة العراقية بمختلف فصائلها بيانًا وزع على عدد من مساجد العاصمة بغداد تعلن فيه براءتها من عملية خطف السفير المصري وقتله ومن العمليات التي تستهدف المدنيين العراقيين وتتهم قوات الاحتلال بعمليات القصف بالهاون على المنازل والسيارات المفخخة التي تستهدف العراقيين المدنيين.ولقد تمزق قلبي و أنا أقرأ هذا البيان.. ومما جاء فيه - وقد نشرته 'مفكرة الإسلام' ووكالات الأنباء والصحف- : '...من الملاحظ على اليهود والصليبيين إنهم في كل مرة تشتد فيها الهجمات عليهم يلجئون إلى ممارسة أساليب وطرق خبيثة لإيذاء المجاهدين وإيقاف السيل الجارف للهجمات المتلاحقة'.
وتوجه البيان بالخطاب إلى عموم الأمة بالقول: 'كيف يمكن أن تنطلي حيل الكفر وخداعهم والله تعالى ربنا قد أخبرنا عنهم أنهم [ لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة ]... وأنهم كما خاطبهم ربنا ذاما لهم بقوله: [يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون.
يا إلهي..
هل نحن بلا قلب..
من المؤكد أن لدينا خلل في العقيدة و أن هذا الخلل هو الذي يصدنا عن الجهاد في سبيل الله، لكن هل لدينا خلل في العقل والقلب أيضا؟..
يواجه المجاهدون أعتى قوة في التاريخ و أكثرها وحشية وهمجية، يقومون وهم الأضعف بفرض الجهاد الذي نكص عنه الحكام والنخبة والعسكر.. والأمة أيضا.. يقومون بالجهاد نيابة عن أمة بأسرها.. يقومون بالجهاد محاصرين مطاردين لا يجدون طعاما ولا شرابا ولا كساء ولا ملاذا.. ولا حتى تفهما ممن قعدوا عن الجهاد أو ولوا الدبر.. مثلنا ومثل طواغيتنا وعلماءنا.. مثلنا نحن نغرق في دهن التخمة ونردد عنهم أحاديث الإفك.. ليضاف إلى مسئولياتهم – فلذات الكبد وسويداء القلب – أن يقنعونا بسلامة مواقفهم وبتحريهم الحلال والحرام و أن يشرحوا لنا كل هذا..
إنني أوجه نفس التساؤل الذي تساءلوه إلى شيخنا الجليل – وإلى كل شيوخنا معه-.. أكرر نفس التساؤل:
'كيف يمكن أن تنطلي حيل الكفر وخداعهم والله تعالى ربنا قد أخبرنا عنهم أنهم [ لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة ]... وأنهم كما خاطبهم ربنا ذاما لهم بقوله: [يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون] .
أوجه نفس التساؤل إلى شيخنا الجليل – وإلى كل شيوخنا معه- فأواصل تلاوة بيان المجاهدين:
'ولكي لا يلتبس الحق بالباطل نقول إن دماء المسلمين ليست رخيصة عندنا – كما هي عند الصليبيين – لنهدرها بهذه الطريقة خاصة وإن من بين هذه الأسباب المهمة لإعلان جهادنا حقن دماء المسلمين ونحن حفاظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل [أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء] وقوله صلى الله عليه وسلم [لا يزال الرجل في سعة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا].
أوجه نفس التساؤل إلى شيخنا الجليل – وإلى كل شيوخنا معه- صارخا فيهم أين يذهبون من الله أمام هذا البيان للمجاهدين:
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على نبينا محمد بن عبد الله و بعد..
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ..... الحجرات
فهذا بيان من قائدنا أمير المؤمنين أبو مصعب الزرقاوي عجل الله شفاءه إلى المسلمين كافة حول الأحداث الأخيرة و المتعلقة بسفك دماء الدبلوماسيين الثلاث المصري و الجزائريين يقول فيه..
أولا..... إن إخوانكم المجاهدين في عاصمة الرشيد يتبرؤون كليا مما نسبه إليهم أعداء الله من سفك دماء المسلمين الثلاث و يعزون أهاليهم في مصر و الجزائر و يسألون الله أن يغفر لهم و يسكنهم فسيح جناته إنه غفور رحيم.
ثانيا ..... إن كل تصريح أو شريط فيديو يخص هؤلاء الثلاثة نسب إلينا فهو محض افتراء و كذب و نبرأ من كل قول أو شخص ينسبه زورا إلينا فحربنا هذه جهاد و الجهاد لا يكون إلا ضد الكفار و من يتولاهم و أعداؤنا هم المحتلون كافة و الحكومة العراقية بجيشها و شرطتها و عملائها .
ثالثا ..... إن كل رصاصة أو قذيفة تطلق على كل مواطن عراقي غير أعدائنا فقد أطلقتها يد مجرمة غير أيدينا الطاهرة المجاهدة و ليعلم العالم بأسره أن الشعب العراقي الأبي الحر هو عون لنا على أعداء الله و هو أعلم بمن يسفك دماء أبريائه.
رابعا ..... إن كلا من المخابرات المصرية و الجزائرية تعلم أن لا دخل لمجاهدينا لا من قريب و لا من بعيد في هذه القضية و لقد جمعنا بأشقائنا الجزائريين لقاء سري في أحد مخابئنا ببغداد و أقسمنا لهم أننا برآء من التهم المنسوبة إلينا بل و عاهدناهم على تقديم يد المساعدة و الجلسة موثقة بالصوت و الصورة ولكن و مع اقترابنا من كشف خيوط الجريمتين حيث قام مجاهدونا باختطاف أحد عناصر الجيش العراقي العميل الذي اعترف أن فريقا مكلفا بمراقبة شخصيات سياسية محددة هو من قام باختطاف الضحايا و تسليمهم للقوات الأمريكية مباشرة بعد نقلهم إلى منطقة قرب مطار بغداد, فوجئنا بنبإ اغتيالهم و الادعاء بأن جماعة أبو مصعب الزرقاوي هي المسئولة عن ذلك.
خامسا..... نتحدى أي شخص كان أن يأتينا بدليل واحد بل بشبه دليل يربطنا بالقضيتين و نقول أننا نتهم الأمريكان بقتلهم و أشرطة الفدية دليل على ما نقول فكلا الشريطين لا يظهر فيهما أي من رجال الجماعة الخاطفة و هو ما يخالف سلوكنا المعتاد حيث نظهر في كل شريط لنا المجاهد المسئول مباشرة عن العملية و هو يقرأ بيانه ملثما ثم إننا لا نعصب أبدا عيون المخطوفين أمام الكاميرا إذ ما جدوى ذلك و هم بين أيدينا رهائن ثالثا فنحن نأذن للمخطوفين دائما بمخاطبة شعوبهم و رؤسائهم و هذا ما لم نره في الشريطين المزعومين و رابعا أين صور قتلهم فنحن نصور عملية القتل دائما أما هؤلاء فقد قتلوهم رميا بالرصاص كما أخبر أسيرنا العميل ثم إن البيان الصادر عنهم يفضحهم أيما فضح فنحن لا نملك قاضيا شرعيا ناهيك عن محكمة شرعية ثم إن طريقة إخراج و تصوير الضحايا تختلف كليا عما نفعله نحن و أشرطتنا متوفرة لمن يريد التحقيق في الأمر.
سادسا..... إن الهدف من هاتين العمليتين واضح لكل ذي بصيرة و نظر فأعداء الله يريدون تشويه صورة المجاهدين و الجهاد على أرض الرافدين في العالم الإسلامي و لكن هيهات هيهات فالمصريون أدرى بالفرق بين الجهاد و الاستعمار و الجزائريون أعلم الناس بدسائس الكفر و هم الذين قدموا مليونا من الشهداء و ما استهداف دولتين عربيتين كبيرتين لدليل على ذلك و لو كنا نحن الفاعلين لبدأنا بسفراء الكفر و الإرهاب و والله سنفعل بإذن الله تعالى
سابعا..... إننا نعلن من هذا المنبر أننا نستهدف جنود الاحتلال و الحكومة المزعومة و جيشها و كل شخص تربطه علاقة بهم فقط و كل عملية تستهدف مراكز الشرطة و الجيش فنحن من نفذها حتى و لم نتبناها أما استهداف الأبرياء من النساء و الأطفال و العزل في المساجد و الأسواق فنشهد الله و رسوله أننا براء منها و كل مدع و منسب لها إلينا فهو كاذب.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا الكريم
كنت أقرأ و أتابع و أسمع و أهتف:
يا شيخنا الجليل ما غرك بربك الكريم..
يا شيوخنا.. ما غركم بربكم الكريم..
***
قلت لنفسي لعل ما أوقع الشيخ الجليل في هذه الأخطاء هو عدم المتابعة خاصة في ظل التعتيم الإعلامي، ورغم أنني قلت لنفسي أن من لا يتابع لا يفتي فقد التمست له المعاذير. لذلك اشتدت دهشتي وذهولي عندما كرر نفس المنهج ليقع في خطأ فادح آخر.. خطأ ليس له فيه أي عذر بعد أن انتشرت الفضيحة كالنار في وسائل الإعلام جميعا واكتشفنا بعد عقد كامل من الكذب الفاجر من الذي يقوم بعمليات القتل في الجزائر ..
لقد اتهم شيخنا المسلمين مرة أخرى..
ولم يكن ذلك ما حدث..
ما حدث انكشف أمره منذ زمان طويل – جزى الله الأستاذ فهمي هويدي خيرا فقد كان من أول من كشفوه – ويلخصه مقال للأستاذ خالد الشريف يقول فيه: أصدر ضابط سابق في الجيش الجزائري يدعي حبيب سويدية كتابا تحت عنوان الحرب القذرة فضح فيه جنرالات الجيش الجزائري الذين نفذوا مذابح ضخمة ضد المواطنين العزل بهدف استمرار دوامة العنف في البلاد وتفجير بحور الدم في الجزائر وقد أثار الكتاب صدمة كبيرة وموجة غضب عارمة داخل الجزائر والوطن العربي هذا الكتاب الذي كشف فيه حبيب سويدية عمليات نفذتها مجموعات من الجيش للتخلص من الإسلاميين، ويروي فيه ما شاهده من جرائم ضد المدنيين من قتل وحرق دبرت بحيث يبدو أن متشددين إسلاميين هم الذين ارتكبوها. وقد أعطى الكتاب وما أثير حوله من ضجة إعلامية في فرنسا ثقلا لمطالبات جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان في الجزائر للتحقيق في عمليات قتل. وفي طيات كتابه المثير يروي سويدية في شهادته جزءا من هذه المأساة فيقول رأيت زملاء لي في الجيش الجزائري يحرقون صبيا عمره 15 سنة، ورأيت جنودا يتنكرون في زي إرهابيين ويذبحون المدنيين. رأيت ضباطا يقتلون ببرودة أعصاب متهمين بسطاء. رأيت ضباطا يعذبون حتى الموت المعتقلين الإسلاميين. رأيت الكثير من الأشياء، ورأيت ما يكفي لإقناعي بتحطيم جدار الصمت. وإن ما أورده سويدية في كتابه من المشاهد الرهيبة قامت بها مجموعات الأمن والجيش، من بينها مذبحة الزعترية كفيلة بتمزيق نياط قلوبنا إن كان في القلوب إسلام أو إيمان لقد كان سويدية شاهد عيان على ارتكاب العناصر العسكرية لهذه المجازر الفظيعة فسويدية ضابط شاب ومظلي سابق في الجيش الوطني الشعبي الجزائري تخرج من الكلية الحربية وعمل في صفوف القوات النظامية ابتداء من 1989، شارك على نطاق واسع في ملاحقة الأفغانيين الجزائريين وكاد يقتل ورأى رفاقا له يسقطون ومدنيين يذبحون ومعتقلين يعذبون حتى الموت وأبدي سويدية اعتراضا على هذه الحرب القذرة وتهرب من تنفيذ عمليات قتل المدنيين فأحاطت به الشبهات، ولفقت له الأجهزة تهمة السرقة فقضى أربع سنوات في السجون ثم عبر البحر إلى فرنسا حيث طلب اللجوء السياسي وكتب خلال عام العام الماضي كتابه هذا عن الحرب القذرة الدائرة منذ تسع سنوات بين الجنرالات والإسلاميين والتي تسببت في تقديره في سقوط 150 ألف قتيل ودمرت البنية الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية معا للمجتمع الجزائري. وخطورة الاتهامات التي يوجهها مؤلف الحرب القذرة إلى جنرالات الجيش الجزائري تعود إلى أنه يسميهم بأسمائهم، ويقدم وصفا دقيقا للعمليات القذرة التي سمع بوقوعها أو تولى هو تنفيذها بناء على الأوامر الصادرة من الأعلى.
"وكان من أبرز العمليات القذرة التي زرعت الشك في قلب (سويدية) أثناء عمله في بلدة الأخضرية ذات الميول الإسلامية لغالبية سكانها ما حصل في إحدى ليالي آيار من ذلك عام 1994م حين تلقى أمرًا بأن يواكب رجاله في مهمة عسكرية، وقد فوجئ بأولئك الضباط يرتدون جلابيب، وقد أرسلوا لحاهم كما لو أنهم إسلاميون، وفي الحال أدرك أن مهمة قذرة ستنفذ، لا سيما وأنهم كانوا يحملون معهم قوائم أسماء، وبالفعل اتَّجه الضباط الأربعة بحراسة الدورية التي يترأسها إلى قرية مجاورة، وقرعوا أبواب بعض الأكواخ ثم عادوا ومعهم خمسة من الرجال وقد أوثقت أيديهم خلف ظهورهم، وألبسوا أقنعة حتى لا يروا شيئًا، وعند الرجوع إلى موقع القيادة في بلدة الأخضرية تبين (لسويدية) أن زملاء آخرين له قاموا بمهمة مماثلة، وعادوا أيضًا ببعض الأسرى من القرى المجاورة .
وتم اقتياد الأسرى إلى سجن الثكنة حيث بدأت عمليات تعذيب دامت بضعة أيام، ثم انتهت بقتل الأسرى رميًا بالرصاص أو ذبحًا أو حتى حرقًا، ورميت جثثهم في ضواحي بلدة الأخضرية، وقد حضر (سويدية) عملية تعذيب وحرق لاثنين من الأسرى، رجل في الخامسة والثلاثين، وفتى في الخامسة عشرة . وهو وقد سمى في كتابه الضابط الذي سكب عليهما صفيحة النفط وأضرم فيهما النار، وكذلك الضباط الذين كانوا يتفرجون على العملية. وبلغ الاشمئزاز ذروته عندما أذاعت القيادة العسكرية على أهالي الأخضرية بيانًا يفيد أن الإرهابيين داهموا بعض القرى المجاورة وقتلوا العشرات من رجالها وألقوا بجثثهم في الطرق . وقد دعت القيادة الأهالي إلى التعرف على جثث القتلى في مشرحة مستشفى الأخضرية وإلى استردادها لدفنها، أما الجثث التي أُحرِق أصحابها فقد تعذَّر التعرف على هوياتهم، فقد وعُدَّ أصحابها من المفقودين الذين لا يزال أهاليهم يبحثون عنهم إلى اليوم .
***
هذا هو ما حدث في الجزائر يا شيخنا الجليل..
قاله لنا المجاهدون فلم نصدقهم..
صدقنا الخونة عملاء الصليبيين والصهاينة.. وصدقنا الصليبيين والصهاينة.. ولم نصدق إخوتنا.. بل سادتنا وقرة أعيننا.. لم نصدق المجاهدين.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..
صدقت يا سيدي ويا حبيبي.. ولقد جاءنا الزمن الذي يكذب فيه الصادق ويصدق الكذاب.
ولا يجمل بي أن أنتهي من هذا المعني دون أن أتناول خطبة أخيرة لعبد العزيز بوتفليقة.. الرئيس الجزائري.. يعترف فيها بأن بعض عمليات الإرهاب كان يقوم بها الجيش الجزائري.. فهل وصل ذلك إلى مسامعك يا شيخنا الجليل؟!.
أليس ذلك غريبا..
لم يكن من حق فضيلة الشيخ الجليل الدكتور محمد إسماعيل المقدم بعد ذلك كله أن يتحدث بازدراء شديد عن : " ما كان يصدق أن هناك إنسان أصلاً ينتمي للإنسانية أو لآدم عليه السلام ويَقوى على فعل هذا: يبقر بطون الحوامل، ويذبح الأجنة، وهم مسلمون، لماذا؟، لأنه يكفر هؤلاء الناس، فيستحلُّون دماءهم، و يفعلون هذه الجرائم الوحشية.. ينزلون على القبيلة يذبحوها كلها، وهذا جهاد!! "..
لم يكن من حقه..
وثمة معنى آخر جاهدت نفسي كي لا أفصح عنه.. لكن نفسي أبت علىّ..
هذا المعنى – بالإدانة والاستهجان- أحس به كثيرا مع العلمانيين ورجال السلطة.. أحس به مثلا مع واحد كالجلاد القاتل المجرم فؤاد علام عندما ينفي حدوث التعذيب وتزوير الانتخابات بينما هو أول من يدرك أنه كذاب وأنه هو نفسه الذي كان يقوم بها.
لأول مرة أحس بمعنى قريب من هذا مع واحد ممن أحبهم و أجلهم..
الشيخ الجليل يعرف.. لكنه يقول غير ما يعرف.. فهل هي التقية.. أم ابتعد... ولا أكمل!!..
***
لم يكن من حق شيخنا أن يفعل ذلك ليثير في نفسي شعورا مريرا أحسسته ذات يوم تجاه شيخ جليل آخر طالما أحببته وهو الشيخ يوسف القرضاوي.. و أقصد فتواه المسمومة عن جواز قيام الجندي الأمريكي المسلم بقتل آخيه المسلم في أفغانستان.
***
لكن الشيخ الجليل الدكتور يوسف القرضاوي لا يتركني أغرق في ذكرياتي كي أواصل عتاب شخنا الجليل الدكتور محمد إسماعيل المقدم..
لم يتركني في الماضي.. لأنه كان حاضرا في الحاضر.. كان حاضرا في بلد يعبد فيها الشيطان اسمها محافظة شرم الشيخ!!
كان هو الآخر يشارك في إدانة الإرهابيين في شرم الشيخ .. حيث يعبد الشيطان .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم....
كان يدين الإرهابيين ( المجرمين) الذين ينطلقون من فهم خاطئ للإسلام ..
كان الشيخ الجليل يدين ويؤكد الشبهات ببيانات الأمن.. وفي نفس الوقت كان رئيس الوزراء العلماني يستبعد تورط الإسلاميين والقاعدة في انفجارات شرم الشيخ ويرجح الثأر بسبب قسوة الأمن الباطش الجبار مع أهل سيناء..
آه يا ألمي..
آه يا شيخي..
مالكم كيف تحكمون؟!
أجعلتم المسلمين مجرمين..
مالكم كيف تحكمون؟!
أشاركتم الغرب في رأيه في الإسلام والمسلمين..
وهل تعرفون ما هي نهاية الشوط..
أليست: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم؟!..
أم تغير القرآن وسيرضى منا اليهود والنصارى بأقل من الكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم..
***
كان الدكتور يوسف القرضاوي يتحدث في افتتاح "ملتقى اقرأ الفقهي الأول" عن الإرهاب، وهو الملتقى الذي تنظمه مؤسسة "اقرأ" السعودية بمدينة شرم الشيخ المصرية تدعيما لمدينة شرم الشيخ بما ترمز له وتحديا للإرهابيين!!. ولقد حضر المؤتمر شيوخ أجلاء كثيرون – كالبوطي مثلا- عجبت كيف حضروا.. كما حضره شيخ الأزهر فلم أعجب لحضوره..
كان فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي يتحدث في شرم الشيخ، ولست أدري لماذا ذهب؟ وهل استشعر حرجا بين أن يدين الإرهاب وبين أن يدين عبادة الشيطان في شرم الشيخ، ويشرح لأهلها أن ما حدث لها إنما هو قصاص إلهي، وربما جعله الحرج يهرب من هذا وذاك ليهاجم ركنا آخر، ليس عند الصليبيين واليهود، و إنما في جامعة سعودية، عن أحد الباحثين، انتقده الشيخ الجليل بقسوة، وازدراه وحقر رأيه، وكان الباحث قد قدم رسالة في إحدى الجامعات السعودية تقول: إن اشتراك الدول الإسلامية في هيئة الأمم المتحدة إثم كبير. وحرام على كل بلد إسلامي أن يدخل في الأمم المتحدة.. ووضع أسانيده الفقهية..
وكان الشيخ يهاجمه بشدة و يقول: "أنا لا أيأس من مخاطبة هؤلاء، وخاطبتهم في مصر، وبعد أن حاورهم العلماء انتهوا إلى التراجع عن هذا الفكر، وكتبوا 6 كتب لتخطيء أنفسهم، وكانوا ينقلون عن كتبي، وكانت كتبي من المحرمات عليهم".
هل كان أمر هذه الرسالة الجامعية التي تطالب بالانسحاب من الأمم المتحدة يستحق وقفة شيخنا الجليل؟..
وهل الكفر بالأمم المتحدة – بغض النظر عن مواقفنا الشخصية- من نواقض الإسلام؟..
ولماذا لم يدن الشيخ الجليل القذافي وبوش وقد تحدث كلاهما عن الانسحاب من الأمم المتحدة أو مقاطعتها، بل إن الولايات المتحدة قد انسحبت بالفعل من العديد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة. كما أن أحد منظري اليمين المتطرف في أمريكا وهو "ديفيد فروم" يدعو إلى انسحاب أمريكا من الأمم المتحدة.. والى معاداة فرنسا، والى اعتصار الصين والى خنق كوريا الشمالية، والى اعتبار قيام دولة فلسطينية وهما من الأوهام ينبغي تبديده. كما يكشف "فروم" أن أمريكا كانت تنوي الانسحاب من الأمم المتحدة إذا ما أدينت بسبب غزوها للعراق. وفي هذا الصدد يقول بوش: إن الأمم المتحدة ستلحق بالمرحومة عصبة الأمم.
فكرة الانسحاب من الأمم المتحدة إذن ليست شذوذا ولا جنونا .. وحتى لو كانت كذلك فإنها لا تقتصر على المسلمين!!..
الفكرة ليست شاذة.. و إنما هي مطروحة.. وبقوة.. وممن تناولوها بعض المفكرين الإسلاميين المرموقين..
يقول المفكر الإسلامي محمد مورو:
وهكذا فإن أقل قدر من الحكمة يقتضي الانسحاب من الأمم المتحدة، حتى لا يتحول العرب والمسلمون إلى شهود زور على أنفسهم في تلك المنظمة الضارة جدًا علينا، وعند انسحاب الدول العربية والإسلامية فإن المسألة ستكون أقل ضررًا وأكثر وضوحًا وهو من باب أنه لو وقع العدوان فلن يكون باسم الشرعية الدولية، أو على الأقل إذا وقع عدوان على دولة عربية أو إسلامية -العراق،سوريا، السودان مثلا؛ فإنه لن يكون باسم باقي الدول العربية والإسلامية المشاركة في تلك الهيئة المسؤولية المسماة بالأم المتحدة.
من ناحية الشكل إذن فإن الأمر اجتهاد يجوز الاختلاف فيه، ولقد علمنا الشيخ الجليل أن ما فيه خلاف لا يجوز عليه اختلاف. أما من ناحية الموضوع فإن الأمر مطروح ومطروق، لكنه ليس في سلم الأولويات التي علمناها الشيخ، ولم يكن يستحق منه مجرد ذكره بله إدانته وازدرائه. فالكفر بالأمم المتحدة ليس إنكارا لما هو معلوم من الدين بالضرورة، وبالتالي ليس من نواقض الإيمان!!..
***
ولقد جاء في حديث الشيخ الجليل بأن مقترفي فكر المراجعات، أو على الأحرى التراجعات، كانوا يهاجمونه ثم عادوا إلى كتبه. وما كان للشيخ أن يفخر بتراجعات تمت في السجن تحت هيمنة مباحث أمن الشيطان..
ما كان له أن يفخر، بل كان عليه أن يدين جهاز الأمن الفاجر الباطش الجبار الذي دفع هؤلاء إلى تراجعات لا يصدقها الكثيرون، وأنا منهم، فهي تراجعات قضت على مرجعيتهم ودمرت مستقبلهم السياسي كما جعلت منهم مجرمين يرجون التوبة.. وجعلت من أعدائهم شهداء.. ومن شيوخهم في الإخوان – بتعبير المتراجعين أنفسهم- خطاة لا يجوز التحالف معهم.. ولقد مدحوا مبارك أو على الأحرى نافقوه وجرموا الإخوان الذين يعتبر شيخنا الكبير واسطة العقد فيهم، وهذا أمر لم يتطرق إليه شيخنا الجليل أبدا رغم كثرة تناوله وفخره برجوع التائبين لدي أجهزة الأمن عن فكر الجماعات إلى كتبه...
إن الشيخ الجليل يسير نفس المسار فيدين المجاهدين ويزدريهم. والمجاهدون قد يكونون قوما طلبوا الحق فأخطئوه، وما من أجل هذا الخطأ أدانهم شيخنا، ولكم يحزنني أنه أدانهم حين طلبوا الحق ومدحهم حين رجعوا عنه.
قال شيخنا القرضاوي: "المسألة في رأيي فكرية قبل كل شيء، هناك من يردون أحداث العنف إلى أزمات بطالة وأزمات نفسية، لكن المؤثر الأكبر هو الجانب الفكري". وأوضح: "هناك فئة فسادها ليس في ضمائرها وليس في نياتها... الآفة في المنهج، في الرؤوس لا في الضمائر... كثير منهم مخلصون لكنهم أخطئوا الطريق، ولا بد من استقامة الطريق مع استقامة النية".
ورأى القرضاوي أن "هناك قضايا أساسية ينبغي أن تعالج مثل فرض الكفاية". وقال: "هؤلاء الشباب يقولون: إنه فرض على الأمة الإسلامية أن تغزو ديار الكفار ولو كانت مسالمة". وأضاف متسائلا: "هل هذا الحكم متفق عليه؟".
***
لكن..
يا شيخنا الجليل..
المشكلة بهذا العرض مقلوبة..
لسنا نحن الذين نهدد بغزوهم – حتى و إن قال بذلك فئة لا تكاد تذكر أو تسمع-..
لسنا نحن الذين نهدد بغزوهم بل هم الذين يغز وننا بالفعل.. ولقد بلغ الأمر أنه في مطلع القرن العشرين لم تكن توجد في العالم كله أي دولة إسلامية مستقلة.. ولقد اكتشفنا بعد حقب، أن الجلاء عنما تم كان صوريا.. فالاستعمار الذي رحل ترك وكلاءه يحكموننا..
يا شيخنا الجليل: ماذا إذن عن فتوى الحاخامات – لا اجتهاد الأفراد- حاخامات جيش إسرائيل أثناء غزو لبنان (لصحيفة هاآرتس), في 5/7/1982، بما يلي ((علينا ألا ننسى أجزاء التوراة التي تبرر هذه الحرب، فنحن نؤدي واجبنا الديني هنا (في أرض لبنان) فالنص المكتوب يفرض علينا واجباً دينياً، هو أن نغزو أرض العدو.
يا شيخنا الجليل: وماذا عن تحريض نشر رسميا، في كتيب صادر عن قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، والتي تشمل ولايتها منطقة الضفة الغربية. ويكتب الكاهن الأول في القيادة هذا الكتيب: ((عندما تلتقي قواتنا بمدنيين خلال الحرب أو خلال ملاحقة ساخنة أو غزو, ولم يكن مؤكد أن أولئك المدنيين غير قادرين على إيذاء قواتنا, فوفق أحكام الهالاخاه, يمكن، لا بل يجب قتلهم.... عندما تهاجم قواتنا العدو، فهي مصرح لها, لا بل مأمورة وفق أحكام الهالاخاه, بأن تقتل حتى المدنيين الطيبين))..
يا شيخنا الجليل: وماذا عن الفقرات التالية المأخوذة من كتاب "الأصولية اليهودية في إسرائيل"، تأليف إسرائيل شاحاك ونورتون مزنفسكي، دار نشر بلوتو، 1999:
ورداً على سؤال "ماذا نفعل إذا هدد طفل عربي حياة يهودية؟" يقول الحاخام افينير إذا ما حاول طفل غير يهودي أن يقتل يهود بإلقاء حجارة على سيارة على سبيل المثال يجب أن يعتبر هذا الطفل "مضطهد لليهود" وأن يقتل.
ورداً علي سؤال إذا ما كانت الهالاخاه تسمح بإعدام العرب الذين يلقون الحجارة قال افينير أن هذه العقوبة مسموح بها بل إلزامية. وهي ليست مقتصرة على إلقاء الحجارة فقط فهناك أسباب أخرى تستدعي الإعدام. وقد أشار افينير أن المحكمة الحاخامية وملوك إسرائيل يتمتعون بحق معاقبة أي شخص بالإعدام إذا ما أدى ذلك إلى عالم أفضل.
يا شيخنا الجليل: وماذا عن القس الإنجيلي الأميركي بات روبرتسون صاحب اللائحة «الشيطانية» التي يطالب بالقضاء عليها والتي تضم القرآن الكريم وقيادات سياسية شرق أوسطية، داعياً الإدارة الأميركية إلى اغتيال الرئيس الفنزويلي المنتخب هوغو شافيز، تفادياً لتحول فنزويلا «معقلاً للشيوعيين والتطرف الإسلامي».
يا شيخنا الجليل: القضية المطروحة الآن أن فقههم ودينهم المزيف يدعوهم صراحة وعلى لسان فقهائهم إلى قتلنا وغزو ديارنا.. ونحن نترك حالة العجز العربي الفاجعة لنتحدث عن مقولات أفراد قطعت عن سياقها و أوصلها لنا في الأغلب الأعم ضباط مباحث أمن الشيطان لندين قائليها.. ولندين فيها الإسلام والمسلمين..
فهل هذه هي القضية المطروحة الآن..يا شيخنا الجليل..
يا شيخنا الجليل.. هل المطروح الآن غزو ديار الكفار أم جهاد الدفع عن بلاد المسلمين التي غزاها الكفار؟!..
يا شيخنا الجليل: هل يوجد الآن في أربعة أركان المعمورة بلد، بل مدينة بل قرية بل شبر من الأرض يحتلها المسلمون أو يفكرون في غزوها؟..
يا شيخنا الجليل : كيف تعزو ما يحدث إلى شباب يقولون: إنه فرض على الأمة الإسلامية أن تغزو ديار الكفار ولو كانت مسالمة.. فأين هؤلاء الشباب؟.. وعلى فرض وجودهم فإنهم هم أنفسهم لا مكان لهم في أوطانهم.. ولو وجدوا لحرروا أوطانهم قبل أن يغزو ديار غيرهم..
يا شيخنا الجليل أبيت اللعن: الأمر ليس كما تقول..إلا إذا كنا نقيس على الشاذ ونجعل الاستثناء هو القاعدة.. وفي هذه الحالة فإن الآفة تكون فعلا في المنهج، لكن في منهجنا نحن لا في منهجهم هم.. وتكون في الرؤوس والضمائر.. لكن في رؤوسنا نحن وفي ضمائرنا نحن لا في رؤوسهم وضمائرهم..
يا شيخنا الجليل: نحن خذلنا المجاهدين.. ولم يكن لدينا من الإنصاف ما يدفعنا للاعتراف بأنهم على صواب و أننا على خطأ ولا الشجاعة لنعترف أننا من القاعدين فرحنا نرميهم بدائنا وننسل.. بل وتحول الأمر إلى آلية نفسية.. فنحن كلما هاجمناهم أكثر خيل إلينا أننا ندفع عن أنفسنا الاتهام أكثر... وقد يكون هذا صحيحا في الدنيا .. فوسائل الإعلام كلها تنشر ما نقول وتقاطع ما يقولون.. وقد نكون ألحن منهم.. فإنما نأخذ قطعة من النار..
يا شيخنا الجليل : لقد جاء في الفتاوى الكبرى ما نصه "العدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه" وهذا النوع من القتال لا يشترط له شرط. وذكر الإمام العز بن عبدا لسلام أن جهاد الدفع من الفروض، والفرض لا يستأذن فيه أحد. أما ابن عابدين - وهو من فقهاء الحنفية - فيقول: إذا هجم العدو على ديار المسلمين أصبح قتالهم فرض عين كالصلاة والصوم. ومثل هذا القول ردده الدسوقي من علماء المالكية وكذا الرملي من علماء الشافعية وابن قدامة من علماء الحنابلة وغيرهم كثير وأمام هذه الفتوى من جميع علماء المذاهب.
***
إنني أدرك أن الشيخ يوسف القرضاوي جزاه الله خيرا وغفر له وبدل سيئاته حسنات هو من أكثر من أفتي بالجهاد في العراق وفلسطين.. ولقد كتبت كثيرا أنني أحبه و أقدره و أحترمه و أنظر إلى جهده الهائل من خطابة وندوات وكتب ومؤتمرات وتدريس ونصح و آلاف الأشياء التي لا أعرفها.. أرقب ذلك كله بإعجاب لا حد له و أنا أدعو أن يجعله الله في ميزان حسناته، كنت كذلك وما زلت، لكن مشاعري تلك أصابها كدر بعد فتوى أفغانستان المشئومة، ثم أن أهل السنة والجماعة، جزاهم الله خيرا، قد استقروا على أنه، هو ومثله، مهما بلغت مراتبهم، يؤخذ منهم ويرد عليهم، و أنه يخطئ ويصيب، وليس الخطأ ما يقلقني.. ولكن ما يزعجني ويرعبني أنني أراه في شموخه العالي وقد خالطت فتاواه – كشيخنا الجليل محمد إسماعيل المقدم – بعض ملامح الهزيمة الداخلية..
نعم ألمح ملامح هزيمة من لم يعد حرصه على الموت كحرص الآخرين على الحياة..
إنني أدعو الله أن أكون على خطأ.. فأنا أذوب من الألم عندما أرى في بعض شيوخنا الأجلاء بعض ملامح هذه الهزيمة.. خاصة شيخينا الجليلين، اللذين لم يعد لنا من أمثالهما كثير، خاصة بعد أن خذلنا جل علمائنا وشيوخنا في الجزيرة العربية..
نعم ..
خذلونا..
دفعونا إلى الصواب ثم تخلوا عنا..
فكانوا كالأعراب الذين صاحبوا الحسين رضي الله عنه ثم تسللوا تحت جنح الظلام عندما عرفوا أنه ميت.
خدعونا..
أخذنا أنفسنا بمنتهى الشدة كي نطابق المقياس الذي وضعوه للمسلم ( وهو مقياس صحيح .. لكنهم هم الذين تراجعوا عنه)..
تناقضت فتلواهم واختلفت مواقفهم وبلغ التطابق بين الفتوى والسياسة حدا ضاع معه الدين..
ولقد بلغ الأمر حد المهزلة.. عندما أصبح من يوزع فتاوى الإيمان والكفر.. والإرهاب والاعتدال.. ليس عالم دين و إن كان منافقا أو جاهلا.. بل وزير داخلية..
وفي هذا الصدد فإن هناك أمرين لا أجرؤ أبدا على تصديقهما حول الفتاوى التي يصدرها بعض شيوخ الجزيرة..
الأمر الأول أن هناك فتاوى مخالفة للشرع يطلبها ولي الأمر.. وولي الأمر يعلم.. والشيخ يعلم .. لكن الفتوى تصدر في النهاية..
لا أستطيع أن أصدق ذلك – مستريحا-.. لا أستطيع أن أصدقه على الرغم من الفتاوى الشاذة بالاستعانة بكافر على مسلم أو بالصلح مع إسرائيل أو بعدم جواز الجهاد في العراق وفلسطين..
أما الأمر الثاني فهو أن ثمن هذه الفتاوى يصل إلى عشرات الملايين.. و أن تسلم الشيك يسبق إصدار الفتوى..
لا أصدق.. أو على الأحرى لا أريد أن أصدق..
رغم ظاهر الحال لا أصدق..
فالأفضل لي، ليس على مستوى العقيدة فقط، أن أكذبه، و أن أؤكد أن أمر اختلاف الفتاوى، واختلالها، اجتهاد يتسع للمخطئ كما يتسع للمصيب..
لا أصدقه.. لأنني لو صدقته فقدت نصف قلبي ونصف عقلي..
ولكم وددت أن يتصدى من يكذب هذا.. ولو بصورة غير مباشرة.. بإصدار فتوى تخالف رأي الملك مثلا.. لأن تطابق كل الفتاوى مع رأي الملك وتصريحاته لا تعني إلا شيئا واحدا، وهي أن مطلق هذه الفتاوى يعبد الملك من دون الله.
وعندما أقول لبعض أصدقائي في الجزيرة أنني لا أصدق أن ذلك يحدث يؤكدون لي حدوثه، ويعزون عدم تصديقي إلى الخلط بين قداسة الدين وبين بشر ليست لهم قداسة..
و كنت أتمتم كل مرة مخاطبا نفسي بحروف لا تبين:
- لا ترفض التصديق بشدة.. فلطالما شككت أن بعض من أسند الطاغوت إليهم الفتيا في بلادك غير مسلمين!!
***
يبقى الشيخ يوسف القرضاوي طودا شامخا يخطئ ويصيب لكنني – ولا أزكيه على الله – أحسبه فوق مستوى الشبهات.. لكنني مع كثرة انحرافات أقرانه أصبحت حساسا جدا لما أتصوره خطأ منه.. إنه كجرعة ماء قد لا يحزبنا كثيرا أن تنسكب منا في الوادي فلدينا سواها الكثير.. لكن.. ماذا نفعل إن انسكبت منا في الصحراء وليس لدينا سواها..
يا شيخنا : إني والله أحبك.. أحبك ذلك الحب الذي يجعلني أدعو لك بالشهادة خاتمة لحياة حافلة بالطاعات وعمل الخير وصواب كثير وسيئات أدعو الله أن يبدلها حسنات..
يا شيخنا الذي أحبه: لماذا ذهبت إلى شرم الشيخ غفر الله لك؟!
يا شيخنا الذي أحبه: لماذا أفتيت فتوى أفغانستان المسمومة غفر الله لك؟!..
يا شيخنا الذي أحبه: لماذا تراجعت جزئيا عن فتواك بقتل الأمريكيين جميعا في العراق غفر الله لك؟!.. فكما أنه في فلسطين ليس هناك مدني إسرائيلي فكذلك الأمر في العراق.. وربما تكون هناك شبهة في المدنيين الأمريكيين في باقي بلاد المسلمين.. أما في العراق فألف كلا..

***
أذوب من الألم و أخشى أن يلجأ شيوخنا الأجلاء، قدوتنا، إلى التقية فأبادر لأذكرهم بشيخنا و إمامنا أحمد بن حنبل رضي الله عنه، حين جاءه من تلامذته من يقول:
- أيها الإمام ما عليك أن تجيب؟.
فيقول له :
- انظر من خـلال الشرفة وأخبرني ماذا ترى؟.
فينظر فيقول :
- إني أرى أهل بغداد قد اجتمعوا كل معه القرطاس والقلم ينتظرون ما تقول به..
قال:
- أف ...أنجو بنفسي وأضل جميع هؤلاء..
يا شيوخنا الأجلاء تنجون بأنفسكم وتضلون جميع هؤلاء..؟؟
***
في شرم الشيخ أيضا تهاطلت الإدانات ..
وكانت الإدانات في الظاهر تنصب على المجاهدين.. لكنها في الواقع كانت تواجه الجهاد نفسه وعينه وذاته..
لم تكن الإدانة موجهة إلى صلاة كنقر الغراب لا تصح.. بل كانت الإدانة للصلاة كلها..
نعم ..
الأمر كذلك..
فمن أدان الجهاد لم يدنه لعدم انضباطه بضوابط الشرع، فقد كان عليه في هذه الحالة أن يتحدث جادا لا هازلا عن ضوابط الشرع وكان عليه أن يعلم الناس كيف يكون الجهاد بل كان عليه أن يقودهم فيه.. لكن ما يحدث الآن أمامنا إدانة مطلق الجهاد..
إنني أعلم أن المجاهدين ليسوا معصومين من الخطأ .. بل و أعلم أن أول من يدخل النار يوم القيامة منفق وعالم وشهيد.. المجاهدون ليسوا معصومين إذن .. ولو تناول شيوخنا الأمر من هذه الزاوية لما كان لنا من تثريب عليهم.. كان شيوخنا يستطيعون اتهامهم في العراق مثلا بأنهم – حاش الله- لا يجاهدون في سبيل الله.. بل في سبيل عصبية أو حزب أو مال أو مجد.. أو ثأر من عدو غاصب باطش جبار مجرم ولم يقصدوا بجهادهم وجه الله.. وكان يمكن لهم أن يتهموا إخواننا في سيناء أنهم لم يقصدوا بتفجيراتهم وجه الله و إنما هم يثأرون من جهاز أمن باطش جبار مجرم ولم يقصدوا بما فعلوه وجه الله.. كان شيوخنا يستطيعون قول ذلك أو الادعاء به.. وكان عليهم في الخطوة التالية أن يعلموا هؤلاء و أولئك كيف يكون الجهاد حقا.. وكيف يستطيعون تصفية قلوبهم من الشوائب والأدران كي تكون قلوبهم خالصة لله الواحد الواحد القهار.. لكن شيوخنا لم يفعلوا ذلك.. شيوخنا هاجموهم بنفس منطق مباحث أمن الدولة والموساد والسي آي إيه.. شيوخنا هاجموهم بنفس المنطق الذي هاجم به ابن زياد وعمرو ابن سعد وشمر بن ذي الجوشن الإمام الحسين رضي الله عنه..
***
يشتعل القلب بالغضب المحموم والأسى الفاجع.. عندما أقرأ كيف تسلل الأعراب من جيش الحسين رضي الله عنه..
كان حبيبي رضي الله عنه ابن بنت حبيبي صلى الله عليه وسلم قد أدرك أنه شهيد، و أن شيعته خذلوه فقال :
- من أحب منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج عليه وليس عليه منا ذمام..
فتفرق الناس عنه حتى بقى في أصحابه الذين جاءوا معه من مكة، وإنما فعل ذلك لأنه ظن أن من اتبعه من الأعراب إنما اتبعوه لأنه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة أهلها فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون علام يقدمون وقد علم أنه إذا بين لهم الأمر لم يصحبه إلا من يريد مواساته في الموت معه..
يشتعل القلب بالغضب المحموم والأسى الفاجع.. عندما أرى كيف يتسلل العلماء هاربين من المواجهة..
أعتذر إليك يا سيدي وحبيبي الشيخ أسامة بن لادن ويا أيمن الظواهري و يا أبو مصعب الزرقاوي رضي الله عنكم ورضيتم عنه.. أعتذر.. لم نكتف بخذلانكم.. بل راح بعضنا يردد عنكم ما يختلقه أعداء الله من محاولة لتشويهكم.. وما تشويهكم يبغون ولكن تشويه الجهاد كله.. الجهاد كذروة سنام الإسلام..
أعتذر لكم..
إن يكونوا قد انسلوا عنكم فقد انسل أجدادهم من حول الحسين رضي الله عنه..
تري..
لو تأخر سيد شباب شهداء أهل الجنة إلى زماننا.. أو لو أننا تقدمنا إلى زمانه.. في أي معسكر كان يكون و في أي معسكر كنا نكون..
أقولها وقلبي ينزف.. أقولها ومخالب تنين الألم الوحشي تنهش قلبي فلا تعود المخالب إلا وقد تعلقت بها مزق لحم القلب ويقطر منها دمه.. أقولها .. أو على الأحرى أسأل:
- هل كان الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ محمد إسماعيل يكونان في معسكر الحسين أم في معسكر ابن زياد..
أسألهما ليس لأنهما الأذل أو الأقل بل لأنهما الأجلّ.. هما القامة العالية التي لا ينبغي لها أن تنحني حتى إذا انحنى الباقون.. هما الهامة العالية التي ينبغي أن تلتزم بالعزيمة حين يلجأ الآخرون إلى الرخصة.. بل أقول أنهما هما بالذات عليهما أن يتوجا حياتهما بالاستشهاد.
أسألهما و أسأل سواهما والسؤال قرار يجب أن يتخذ في سرعة ومضة الضوء المنعكس على صفحة سيف:
- عندما يكون الموت هو الشرف الوحيد الباقي.. أننكص عنه؟.. أنهرب من قدر الله؟؟.. أمن الاستشهاد نفر؟!..
أسأل والأسئلة طوفان من المرارة العاتية:
- في أي صف كانت تكون مباحث أمن الدولة والحرس الوطني والجيش المصري والجيش السعودي والجيش السوري وجيش الخليج .. مع الحسين أم مع ابن زياد؟!....
أتساءل و الأسئلة كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ:
- أي معسكر كانت ستقصف طائراتنا وأي قلاع كانت ستدمر بوارجنا و أي لحم طاهر كانت ستسحق دباباتنا..
أتساءل والتساؤل نيران مشبوبة في القلب:
- مع من كانت صحفنا ستكون؟!.. ومانشيتات الأهرام والحياة والشرق الأوسط : كيف كانت ستصف الإرهابي الحسين ؟! كيف كانوا سيسبّونه؟.. وهل كان سبابهم سيطال جده؟!.. صلى الله عليه وسلم.. هل كان السباب يطاله؟.. لا يتجاهلن أحدكم السؤال ولا ينكرنه.. فالسباب يطال جده رغم مسافة ألف وخمسمائة عام.. وعلى الرغم من ذلك فإن صحفنا الكبرى تعتبر سباب جده رقيا وتقدما وحضارة، وبعض مفكرينا، هم الذين يفعلون ذلك. مع من كان الكتاب والمفكرون سيكونون.. ؟!.. و أنتم يا ناس.. أنت يا أمة.. مع من كنت تكونين.. وهل كان الحسين رضي الله عنه سينجو من تهمة الإرهاب؟!..
أسألكم يا ناس.. و أستحلفكم بالواحد القهار ألا تكذبوا:
- لو أن الحسين يوجد الآن.. في أي بلدة من بلاد عالمنا العربي.. فهل يوجد بلد واحد سينصره ويحميه؟!
أسألكم يا ناس.. و أستحلفكم بالواحد القهار ألا تكذبوا:
- لو أن الحسين وجد الآن.. فهل كانت توجد حكومة عربية واحدة ترفض أن تسلمه ليؤسر في جوانتانامو؟!!
أسألكم يا ناس.. فهل عرفتم قدركم.. وقدر دينكم في قلوبكم؟!
***
الكارثة أن حملة الازدراء والاحتقار التي يواجه بها شيوخنا جموع المجاهدين ليس لها في الإسلام مرجعية ولا أصل.. ولو عرف شيوخنا مغبة هذا الازدراء لعرفوا أنه باب من أبواب الشيطان وما فتحوه أبدا.. ثم أنه علامة ضعف.. لأن الأمر لو كان صحيحا عقليا لما استوجب إلا بعضا من الحوار.. أو حتى القتال.. لكنه لا يستدعي الازدراء.. الرأسماليون لم يزدروا الشيوعيين.. والنازيون لم يزدروا الرأسماليين.. لكنهم كانوا أعداء وتقاتلوا حتى الموت فمن أين أتانا وباء الازدراء وما أصاب علماءنا به رغم أن تناول القرآن للمستهزئين والساخرين مرعب. و إنني لأعجب كيف لم يدرك علماؤنا وشيوخنا كل ذلك وقد أدركه العلمانيون والأجانب..
نعم..
آلية الازدراء آلية شيطانية خبيثة شريرة عنصرية لا يمكن أن يأتي من ورائها خير..
إن الفطرة التي خلقها الله فينا رادار يجعلنا ندرك بالغريزة وبالروح قبل العقل أين الصواب و أين الخطأ.. والإنسان .. مهما بلغ شره يحتاج إلى مبرر للشر.. إنه لا يقول أنا شرير لذلك سأقتل وأسرق و أدمر.. بل هو يقول أن الآخر شرير.. بل هو محور الشر.. لذلك سأقتله و أدمره و أستولي على ثروته كي لا يستعملها في تدمير العالم..نعم..
حتى الشيطان يحتاج إلى مبرر لجرائمه.."خلقتني من نار وخلقته من طين"..!!.. والمجرم مهما بلغ إجرامه يحتاج دائما إلى مبرر لقتل إنسان آخر، وعلى مستوى الجماعات والدول فقد كان استغفال الناس وتزييف الواقع كليا وطمس آثار الحقائق نهائيا يمكن أن يتحقق قبل تطور وسائل الإعلام التي جعلت من إخفاء مثل هذه الجرائم الآن أمرا مستحيلا.. كما أن هذا المبرر الشيطاني الذي يبدأ بالازدراء وينتهي بالقتل أو بتبريره لا يمكن إيجاده في حالة الرغبة في قتل إنسان ..أي إنسان.. لأن كل إنسان يتمتع بحق المساواة الكاملة مع القاتل و على رأسها حق الحياة، لهذا فان القاتل يلجأ إلى الحيلة.. إلى الخداع والتزوير والكذب.. إلى تجريد الضحية من خصائصها الإنسانية كما يقول الفيلسوف الفرنسي سارتر و النزول بها إلى منزلة القرود لتبرير جريمته. إنه بمنطوق حضارته المنافقة لا يستطيع أن يقتل إنسانا، لكنه لا يتوقف عن القتل، بل يتوقف عن تسمية من ينوي قتله إنسانا!!.. ولكن مجمل هذه التبريرات – وكل من يصدقها أو يرددها أو يقتنع بها حتى لو كان عالما أو شيخا - ساعدت على إبادة الكثير من الشعوب للاستيلاء على أراضيها و ثرواتها كما يقول د.كمال سيد قادر ـ فيينا في مقال قيم له على الشبكة العنكبوتية( في موقع صليبي صهيوني دنس اسمه إيلاف.. أظن أن أصوله سعودية .. و أنه يمثل الليبراليين الجدد بكل نجاستهم.. ومن الغريب أن هذا الموقع الشيطاني نشر مثل هذا المقال القيم.. ربما لمجرد ذر الرماد في العيون.. وربما للتستر)..
إذن..
فالهجوم والازدراء والاحتقار والإدانة هي الخطوات الأولي نحو احتلال بلادنا وقتل أبنائنا ونهب ثرواتنا..
فإن شاركنا أعداءنا في الهجوم والازدراء والاحتقار فإننا كالطابور الخامس الذي يمهد الأرض للعدو قبل وصوله. إلا أن تأثيرنا يتجاوز مجرد الشهادة.. فنحن إنما نشهد ضد أبنائنا و إخوتنا..
فهل أدركتم ذلك يا شيوخنا..
إن كنتم أدركتموه فتلك مصيبة و إن كنتم لم تدركوه فالمصيبة أعظم.
نعم.. من يمارس الازدراء يشارك في القتل.. قتل أهله واحتلال وطنه وسرقة ثروته وتضييع هويته..
الأمر لا يقتصر على الولاء والبراء – وهما ضروريان ضرورة الحياة نفسها – لكن الأمر لا يقتصر عليهما.. لأن الحكم ينطبق حتى على الملحدين.. لأن الملحد ( ومنهم كل الشيوعيين وجل القوميين) الذي يمارس هذا الازدراء والتشهير إنما يعطي أعداء وطنه المبرر للاستيلاء عليه..
هل رأيتم ملحدا إسرائيليا يحب العرب أكثر من حبه لإسرائيل؟!.. بل ويفضل حكم العرب عن حكم اليهود؟!..
طرح السؤال على قومي مصري: هل تفضل أن يحكم الإسرائيليون غزة أو أن يحكمها الإسرائيليون؟.. وكانت إجابة الخائن واضحة.. ( وهو خائن.. بغض النظر عن كفره الذي يحتاج إثباته إلى خطوات محددة)..
***
في نفس هذا الصدد فإن صحيفة علمانية، هي القدس العربي كتبت في 15-8 تقول أن أي حملة استعمارية في التاريخ سبقتها حملة عنصرية ضد الشعوب و البلدان المستهدفة. و الحملات العنصرية كانت تشن بطريقة تتناسب مع الزمن و الثقافة السائدة في هذه الحقبة الزمنية. فمثلا الحملات العنصرية ضد شعوب آسيا و أفريقيا و أمريكا منذ القرن السادس عشر و إلى الحرب العالمية الثانية كانت تستند إلى ادعاءات حول همجية و تأخر هذه الشعوب لتبرير استعمارها و كأنه حملة تنويرية لجلب التمدن و الرفاهية لهذه الشعوب من قبل الشعوب الأوربية المتحضرة. و لكن كما يبدو فان الأمر تغير الآن لان الشعوب و البلدان الإسلامية من الصعب اتهامها بالتأخر لتبرير استعمارها و لذلك وجدت وسيلة أخرى لتوفير هذا التبرير أي عن طريق تشويه صورتهم من خلال حملات عنصرية تتخذ من الدين أساسا لها و خاصة في إطار اتهامات تنوى الربط بين الدين الإسلامي والإرهاب.
وتواصل الصحيفة قائلة: يجب علينا أن ندرك أن مثل هذا النوع من الهجوم ليس سوى تمهيد للاستعمار. ولما كان الاستعمار يعني ارتكاب جرائم وحشية ضد شعوب و أمم تتمتع نظريا على الأقل بالمساواة مع المستعمر نفسه فلذلك على الأخير أن يقوم بإطلاق مواصفات غير لائقة اجتماعيا و دينيا و سياسيا على الشعوب التي ينوى المستعمر استعمارها و إذلالها بهدف التقليص من كرامتها و قيمتها الإنسانية و حرمانها من حق المساواة الكاملة مع الآخرين كأعضاء في المجتمع البشرى تبريرا لجرائمه الاستعمارية ضد هذه الشعوب.
***
ليس الأمر أمر عنف ولا إرهاب.. فالعنف دينهم والإرهاب عملهم.. الأمر كله محاولة وأد الصحوة الإسلامية .
يقول المغفور له أحمد ديدات في كتابه :"هذه حياتي":
هذه الصحوة الإسلامية التي بدأت تنتظم العالم الإسلامي قد أرهبت الغرب، ولكي يقلل من شأنها بدأ يطلق عليها أسماء تخيف الناس : كالتطرف والتعصب وغير ذلك من الأسماء، وهذه دعاية غربية تساندها مؤسسات التبشير لتقلل من شأن الحركات الإسلامية، وهذه هي استراتيجيتهم الجديدة التي يتبعونها لمحاربة الإسلام شأنهم ذاته كما كان في الماضي، إذ كانوا يقولون : إن الإسلام دين خاطئ، ومحمد صلى الله عليه وسلم رجل شهواني – حاشاه وحاشاه – تزوج عدة نساء، وعندها لم تجد تلك الادعاءات تقبلاً واسعاً استبدلوها بهذه الاستراتيجية الجديدة لتشويه الإسلام، وعلى ضوء هذه الحرب النفسية فإن العالم الغربي النصراني مصمم على تنصير العالم الإسلامي، ويعدّ لذلك خططاً مركزة لتنصير المسلمين في العالم، والدلائل على ذلك أكثر من أن يحصيها العد، فالآن يتفرغ لنا المنصرون بالملايين حيت يتوزعون حول العالم لتنصير المسلمين، وهم يقرعون أبوابنا في بلادنا فلم تسلم من هذا القرع دولة من الدول، فقد تنصر 15 مليون أندونيسي، وهم يفتخرون بأنهم استطاعوا تنصير المسلمين الباكستانيين، والبنغاليين الآن أكثر من أيام الاستعمار البريطاني، وهناك الآن مئات الألوف متفرغون للتنصير في إفريقيا .
***
نعم..
لم يكف الغرب المجرم أبدا عن اختلاق الذرائع.. فمرة هو متقدم لأنه أبيض ونحن متخلفون لأننا ملونون.. ولكن الأمر انقلب عليه حين طبق النازيون نفس النظرية عليه.. ثم لجأ الغرب بعد ذلك إلى العنصرية الاجتماعية باتهام الشعوب التي يريد استعمارها بأنهم متخلفون ووحوش لذلك يجب استعمارهم لغرس الحضارة فيهم ( ولكن.. لنتذكر أن فرنسا عندما احتلت الجزائر كانت نسبة الأمية في فرنسا أكثر منها في الجزائر.. وعندما جلت عنها بعد مائة وثلاثين عاما كانت نسبة الأمية في الجزائر تقارب 100%).. فإذا فشلت الذرائع السابقة كان المبرر صدام الحضارات واتهام الإسلام بالإرهاب. المعركة الدائرة حول رسم صورة المسلم (أو بالاحرى العربي) في وعي الآخرين، لم تعد تنفصل عن المعركة الدائرة حول الهيمنة علي العالم العربي وداخله ومعه. رسم صورة العربي والشرقي والمسلم، كما بين ادوارد سعيد، كانت ولا تزال جزءا من معركة الاستحواذ والتبرير للقمع والهيمنة. وصف الآخر بالبربرية والهمجية يمهد الطريق لشن الحرب لترويض هذه البربرية. وبالمثل فان الحديث عن الثقافة التي تولد الإرهاب هو بمثابة تبرير لمخططات ستوصف إنها ضرورية لاجتثاث ثقافة الإرهاب وفرض الحضارة والتحضر علي هذه المجتمعات المارقة.
***
يذهلني، بل يذبحني أن كتابا علمانيين غير مسلمين ولا عرب كانوا أكثر إنصافا للمسلمين من بعض شيوخنا..
يقول باتريك سيل تحت عنوان " لندن تدفع ضريبة غزوها للعراق " :
.... كانت تلفزيونات العالم وشبكاته الإخبارية، قد بثت في السابع من يوليو الجاري، صوراً بشعة مثيرة للصدمة والأسى، لأشلاء جثث تبعثرت وتناثرت في الشارع العام، ولركاب حافلات ومترو أنفاق، ملطخين بدمائهم وهم يهرعون إلى المحطات هرباً من جحيم الانفجار، قبل أن تختطفهم النقالات وسيارات الإسعاف حيث أخذوا للإنقاذ والعلاج. فهل كان ما رأيناه مشهداً من مشاهد المذابح اليومية، التي تشهدها المدن والعاصمة العراقية بغداد؟ كلا، فنحن في قلب العاصمة البريطانية لندن حسبما تقول تلك الصور! (...) وتشير كافة البيانات الظرفية، إلى أن تنظيم القاعدة أو إحدى الجهات ذات الصلة به، هو المدبر والمنفذ لهذه الهجمات. ولما كان الأمر كذلك، فلمَ فعل تنظيم القاعدة ما فعل بلندن؟ هل هي رغبة من التنظيم، في مهاجمة "القيم البريطانية" كما جاء في تصريحات رئيس الوزراء توني بلير؟ أم أن لهذه الهجمات صلة باستجابة مضادة للسياسات البريطانية؟ والإجابة البديهية على هذا السؤال، هي أن القنابل الأربع التي هزت لندن وفجرتها، إنما هي بمثابة استجابة محسوبة ومخططة ومدروسة، للقرار الذي اتخذه توني بلير بالانضمام إلى حليفه الرئيس الأميركي جورج بوش، في حربهما الثنائية ضد العراق. وبعبارة أخرى، فإن أولئك القتلى والجرحى والمصابين، والشلل التام الذي أصاب تلك المدينة الكبيرة كلها يوم الهجمات، وعودة مئات الآلاف من مواطنيها مشياً على الأقدام في ذلك اليوم، إلى جانب ما أحدثته الهجمات والتفجيرات من خسائر مادية واقتصادية فادحة، كل ذلك قد قصد منه أن يكون ثمناً تعين على بريطانيا دفعه، رداً على الحرب العراقية التي شنها بلير.
***
يا إلهي..
لكم كنت أود أن يقول شيوخنا ما قاله باتريك سيل الذي لم يكتف بإدانة بلاده بأشد الأساليب قسوة.. بل إنه يتجاوز ذلك ليدين الدول العربية ( بالعين لا بالغين!) التي عجزت عن تحريك إصبع واحد لحماية العراق، أو وقف المطامح الاستعمارية الأميركية- البريطانية الجديدة عند حدها، قبل شن الحرب. بل إن الذي حدث من بعض الدول العربية، هو أنها وفرت القواعد العسكرية التي شنت منها الحرب على العراق.
ويواصل باتريك سيل فاهما متفهما، وليس مزدريا مهاجما: .. وفي ظل هذا الفراغ الناشئ عن العجز أو الشراكة العربية في غزو العراق، فقد علا دور اللاعبين الجدد -غير الحكوميين- من أمثال تنظيم القاعدة، وطفح كيلهم ورغبتهم في الثأر من ذلك التدخل الأجنبي السافر في تقرير مصير بلدانهم وشعوبهم. وفيما يبدو فإن الهدف الرئيسي لهذه التنظيمات، هو ابتكار رادع عسكري ما. أما الرسالة الموجهة إلى الغرب عموماً، فهي في غاية البساطة والمباشرة: "إن قتلتمونا فسوف نقتلكم بالمثل".
ويصرخ سمير جبور في القدس العربي في 22-7-2005 في مقالة ممتازة مؤكدا أن العوار عند الغرب وليس عندنا:
وقد تصدي بعض الكتاب والخبراء الغربيين لهذه التحريضات والمقولات المغرضة مشيرين بأصابعهم إلي ما يعتقدون بأنه الدوافع الحقيقية. فعلي سبيل المثال يقول باتريك بوكانين أن الذين ينفذون هذه العمليات لا يريدون تحويلنا عن ديننا... إنهم يقتلوننا من أجل طردنا من بلادهم . ويقتبس بوكانين من كتاب روبرت بيب المنطق الاستراتيجي من وراء الإرهاب الانتحاري أن الدافع من وراء الهجمات الانتحارية ـ الإرهابية ليس دينيا وإنما استراتيجيا الغاية منه إجبار الدول الديموقراطية المعاصرة علي سحب قواتها العسكرية من... أوطانهم .
وأما مايكل شوير الذي كان رئيس وحدة بن لادن في مركز محاربة الإرهاب في وكالة المخابرات المركزية يعرض ستة أسباب لمهاجمة الولايات المتحدة يوم 11 /9 وستبقي عرضة للهجوم وهي:
1ـالولايات المتحدة تدعم إسرائيل وهي لا تبالي بالفلسطينيين.
2ـ الولايات المتحدة والقوات العسكرية الأخرى ضاربة في شبه الجزرة العربية.
3ـ الولايات المتحدة تحتل العراق وأفغانستان.
4ـ الولايات المتحدة تدعم البلدان التي تضطهد المسلمين ـ روسيا والهند والصين.
5ـ الولايات المتحدة تضغط علي العرب للمحافظة علي تدني أسعار النفط.
6ـ الولايــــات المتحدة تدعم الحكومات الدكتاتورية.
وقد أعلن رأي ماكفرن وهو محلل استخباراتي سابق أن الولايات المتحدة شنت الحرب علي العراق من اجل النفط ومن أجل إسرائيل والقواعد العسكرية التي نشرتها أوساط المحافظين الجدد لكي تتمكن إسرائيل من السيطرة علي هذا الجزء من العالم . وقال ماكفرن انه لا ينبغي اعتبار إسرائيل حليفة لأميركا بعد الآن.
إريك مرغوليس الكاتب الكندي المرموق يقول معلقا علي أحداث لندن أن الدافع من ورائها ليس دينيا وإنما سياسيا... ليس لأنهم يكرهون الحياة الغربية... هاجموننا لأننا هاجمناهم . ويتابع مرغوليس: صحيح ما يقوله طوني بلير أن قتل المدنيين وهم في طريقهم إلي أعمالهم إنما هو عمل بربري ، ولكن ماذا تطلق علي إلقاء القنابل علي أفغانستان والقرى العراقية، واستخدام الدبابات لسحق المتظاهرين الفلسطينيين أو ذبح 100 ألف مدني من الشيشان علي يد حليفتنا روسيا ؟.
و يواصل سمير جبور:
العقل البشري بصورة عامة، سواء الذي يذوق طعم العذاب يوميا أو تلك الملايين التي تتضامن معه وتتظاهر في عواصم العالم، لم يعد يحتمل مظالمكم وانتهاككم لكل القوانين والشرائع؛ العقل البشري سئم حروبكم ومذابحكم واحتلالاتكم؛ الإنسان الفلسطيني ومعه أنصار الحرية وأصحاب المباديء الإنسانية لم يعد يحتمل شارون وممارساته؛ لم يعد يحتمل بوش وتعبيرات وجهه ويده التي أشار بها إلي شارون بأنه رجل سلام وهو المطلوب للعدالة الدولية؛ لم يعد يحتمل ارتكاب المذابح واغتيال القيادات والإذلال علي الحواجز وهدم المنازل وزج الآلاف في المعتقلات وهتك الأعراض؛ الإنسان الفلسطيني لم يعد يحتمل عنصرية مستوطنيكم ولا جداركم العنصري؛ العقل البشري ناقم عليكم في العراق وفلسطين: في جنين والفلوجة في أبو غريب في صبرا وشاتيلا في كل بقعة من جنوب لبنان؛
العقل البشري ثائر علي حصاركم للعراق الذي تسبب في وفاة 500 ألف إنسان نسبة كبيرة منهم من الأطفال؛ العقل البشري لا يفهم لماذا تهبون إسرائيل 1،6 تريليون دولار (منذ سنة 1973 فقط) والفلسطينيون يعانون من الفاقة والجوع في ظل احتلال بغيض؛ وهم لا يحتــاحون إلي أموالكم بل يريدون استرجاع وطنهم؛ العقل البشري لم يعد يحتمل أكاذيبكم وذرائعكم لتدمير العراق خدمة لإسرائيل فقط لا غير لتسيطر هي علي البترول مباشرة وتدمر القوة العربية القائمة والمحتملة. (...) لقد آن الأوان لمراجعة المواقف والتوقف عند الأسباب الحقيقية لغليان الشعوب قبل إن يمتد الحريق ليلتهم الأخضر واليابس...!
هكذا يتحدث بعض العلمانيين وحتى النصارى واليهود ( وليس نموذج تشومسكي ببعيد) .. ويالها من مذلة حين نتمنى أن يرقي إنصاف شيوخنا لنا إلى مستوي بعض العلمانيين والنصارى واليهود، الذين يتحدثون عن المسلمين دون إدانة ودون ازدراء.
***
ولقد تناولت ظاهرة الازدراء تلك في مقالات سابقة. وهي قديمة، بدأت بالمشركين، ثم المستشرقين، ثم الخونة من شيوعيين وقوميين، وقد اشتد أوارها، حتى أصبح الازدراء هو القاعدة وما دونه استثناء، بداية من تمثيلية المنشية عام 54، وعلى يد عبد الناصر و أعوانه، عليهم من الله ما يستحقون، وفي ذلك الوقت، انضم إلى حملة الشيطان بعض العلماء أو أشباه العلماء، واستمر الأمر، حتى تسللت الظاهرة إلى كتاب مرموقين، كالأستاذ فهمي هويدي. خاصة في كتاباته عن طالبان، حيث كتب أسوأ كتبه على الإطلاق : "طالبان جند الله في المعركة الغلط".. وبرغم أنه في ثنايا الكتاب برأها من كثير مما اتهمت به ظلما وزورا، إلا أنه تناول الحركة كلها بازدراء وتعال غير مبرر، ازدراء وتعال انتقل إلينا من رأى الصليبيين واليهود فينا، تناولها ليس – حتى – كخطأ يمكن أن يُصوّب، بل كتخلف يجب أن يزدري ويجب أن يستأصل. وبدا لي قلمه الرشيق، سيفا سُلّ على الحسين، ممن كان ينبغي عليه أن يستشهد دونه. أو على الأقل كان واحدا من آل البيت – لا الأعراب- لكنه انسل هاربا تاركا الحسين رضي الله عنه.
سوف يدرك فهمي هويدي خطأه بعد ذلك.. سوف يدرك أن طالبان ليست مستهدفة لأنها كما يقول – بالباطل – متخلفة.. بل لأنها مسلمة.. و أنه هو نفسه سيستهدف ذات يوم.. رغم أنه غير متخلف!!.. ولست أدري هل أدرك الخطأ حين أدركه في الوقت المناسب أم سبق السيف العذل.. المؤكد أنه أدرك.. والمؤكد أنه لم يعتذر.. ويتجسد إدراكه في مقال منشور بمجلة راديو الإسلام ( العنكبوتية) يبدأه بصرخة:
"أخشى ما أخشاه أن نكون بصدد تشكيل فلسفة قمعية جديدة دون أن ندري، تسوغ التخلص من الاتجاهات الإسلامية، بزعم أن أصحابها يمثلون "فئات ضارة" بالمجتمع."
ثم يتناول كتاب الدكتور عبد الوهاب المسيري «الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ»، الذي يشرح نشوء فكرة ضمان العافية والنقاء العرقي للألمان وما يترتب عليه من إبادة الفائض البشري، ويلاحظ فهمي هويدي تشابها مع الحجج التي تساق للتخلص من التوجهات الإسلامية في زماننا. لقد جرى تبرير الإبادة في المرحلة النازية باعتبار أن ثمة فئات غير نافعة للمجتمع، في حين أن ما ينسب للحالة الإسلامية يتجاوز عدم النفع، ويروج لفكرة الإضرار بالمجتمع. وفي ألمانيا النازية كان الحديث عن تفوق «العرق السيد»، وفي حالتنا يروج البعض لفكر ونموذج سيد، يتمثل في الليبرالية والنظام الرأسمالي الغربي. ولقد تحدث المنظرون الألمان عن «أجناس عليا» ممثلة في الآريين، وأخرى «سفلى» تمثلت في العرب والزنوج واليهود. والعلمانيون عندما يتحدثون عن أفكار عليا «مشروعهم العلماني الليبرالي»، وأخرى سفلى ممثلة في أطروحات الإسلاميين بمختلف اتجاهاتهم.
ثم يصل هويدي إلى الاستنتاج الفاجع:
إذا كان التشابه إلى ذلك الحد، وفي ظل إشاعة المخاوف من الإسلاميين والإلحاح على ما يمثله حضورهم المتنامي من خطر وضرر، ما الذي يمنع من أن يقتنع البعض في النهاية بأنه لا سبيل إلى تجنب الضرر والخطر إلا بالخلاص من تلك الشرائح، اهتداء بالخبرة الألمانية؟ - وهل نستبعد أو نستغرب أن يثور يوماً ما جدل بين العلمانيين المخاصمين حول أفضل السبل لتحقيق ذلك «الخلاص» المنشود، وهل يكون بالإبادة أو التعقيم أو النفي، ويكون الخياران الأخيران مطلباً ينحاز إليه «المعتدلون» من دعاة احترام حقوق الإنسان؟
***
فهمي هويدي كاتب كبير بلا شك.. ولست في مجال مدح أو قدح، ولقد كنت شديد الإعجاب به حتى لاحظت أمرين: الأمر الأول هو حديثه عن فئات كثيرة من الإسلاميين بازدراء واستعلاء والأمر الثاني هو فتنة أدعو الله أن ينقذه منها ألا وهي فتنة علمنة الإسلام، ذلك أن بعضا ممن نحسن الظن بهم، يبدون و كأنهم في عطش شديد إلى الاقتراب من العلمانيين والقوميين والشيوعيين للحصول على شهادات صلاحية ( أو حسن سير وسلوك ) منهم، وكأنما تحول كل واحد من الأوغاد السفلة من الشيوعيين إلى كفيل يحتاج المسلم إلى كفالته كي يستطيع الكتابة والحياة دون اشتباه، نعم يلجأ بعض الإسلاميين إلى العلمانيين للحصول على شهادات بالتفتح والاستنارة وعدم الإرهاب، وهي شهادات لا يمكن أن يحصلوا عليها من عملاء مجرمين منافقين. نعم.. العلاقة بين بعض الإسلاميين وبعض العلمانيين كالعلاقة المريضة المنافقة التي يحاول المعتقل السياسي إقامتها مع رجل أمن في السجن – أو خارجه- ليأمن شره.. علاقة بين مجاهد متهم بالإجرام وليس بمجرم، وضابط مجرم يدعي حماية الوطن، وما يحمي إلا وطن الصليبيين واليهود.
نعم.. علاقات مريضة..
من ذلك على سبيل المثال تصريحات شاذة من بعض قيادات الإخوان لبعض الصحف القومية، حيث يتحول الإسلام في تصريحاتهم إلى مسخ شائه يمكن أن يكون أي شئ إلا الإسلام.. وظهور بعض المناضلين القدامى بعد أن أجهدهم الإعياء واستبطئوا النصر ففكروا في التحالف المؤقت مع الشيطان والظهور في قناة الحرة أو في مجلة النيوزويك بعد أن سوغ لهم الشيطان هذه الفعلة، وهم يظنون أنهم يخدعون الشيطان وينشرون أفكارهم.. وما يخدعون إلا أنفسهم، ثم، وهذه ثالثة الأثافي قيام مجاهد سابق، ومفكر بارز، هو الأستاذ كمال حبيب ، بالحديث عن صلاح عيسي.. ووصفه بأنه صادق ومخلص.. والحمد لله أنه لم يقل الصادق الأمين!!..
صلاح عيسى..
صادق ومخلص!!..
إذن فليمت قيصر..!!
وليمت الإسلاميون جميعا إذن..
في نفس الشهر كان الفاسق سيد القمني ( هو بشخصه فاسق على الأقل.. أما كتاباته فهي كفر بواح) يعلن توبة مزيفة، وكان جمال الغيطاني يصرخ مستنجدا بأجهزة الأمن لأنني ( محمد عباس!!) أحرض على قتله، وكان صلاح عيسى يتصل بكمال حبيب للمرة الأولي ( أوجعني أن كمال ذكر ذلك بحبور وبفخر.. بينما مقالة واحدة يكتبها كمال تعدل تاريخ عيسى كله) راجيا إياه- نيابة عن الإسلاميين- عدم اللجوء إلى التكفير أو الألفاظ الحادة..
كان تواكب الأحداث الثلاثة بما تحمله من توتر دليلا على رعب العلمانيين المرتدين – عن يساريتهم- وتوجسهم من احتمال انتصار الصحوة الإسلامية وتصديها للغزو الكافر..
ودعنا يا شيخ كمال من أن صلاح عيسى ليس هو الذي يضع لنا ضوابط التكفير فالذي يضعها لنا عملاق كالشيخ القرضاوي ( رغم انتقادنا الشديد له في بعض المواقف إلا أننا لا نغمط الرجل حقه) .
يقول الدكتور يوسف القرضاوي:
من الكفرة الذين يجب أن يُدفعوا بالكفر دون مواربة ولا استخفاء الأصناف التالية:
- الشيوعيون المصرون على الشيوعية، الذين يؤمنون بها فلسفة ونظام حياة، رغم مناقضتها الصريحة لعقيدة الإسلام وشريعته وقيمه، والذين يؤمنون بأن الدين -كل الدين- أفيون الشعوب، ويعادون الأديان عامة، ويخصون الإسلام بمزيد من العداوة والنقمة، لأنه عقيدة ونظام وحضارة كاملة.
- الحكام العلمانيون، ورجال الأحزاب العلمانية، الذين يرفضون جهرة شرع الله. وينادون بأن الدولة يجب أن تنفصل عن الدين، وإذا دعوا إلى حكم الله ورسوله أبوا وامتنعوا، وأكثر من ذلك أنهم يحاربون أشد الحرب من يدعون إلى تحكيم شريعة الله، والعودة إلى الإسلام
كما يذكر الدكتور القرضاوي من نواقض الإسلام:
- أن الإنسان بعد أن يدخل في الإسلام بالإقرار بالشهادتين، يصبح -بمقتضى إسلامه- ملتزما بجميع أحكام الإسلام،، والالتزام يعني الإيمان بعدالتها وقدسيتها، ووجوب الخضوع والتسليم لها، والعمل بموجبها. أعني الأحكام النصية الصريحة الثابتة بالكتاب والسنة. فليس لها خيار تجاهها بحيث يقبل أو يرفض، ويأخذ أو يدع، بل لابد أن ينقاد لها مسلما راضيا، محلا حلالها، محرما حرامها، معتقدا بوجوب ما أوجبت، واستحباب ما أحبت. وغيرها من أركان الإسلام وحرمة القتل والزنا وأكل الربا وشرب الخمر ونحوها من الكبائر، ومثل الأحكام القطعية في الزواج والطلاق والميراث والحدود والقصاص وما شابهها.
فمن أنكر شيئا من هذه الأحكام "المعلومة من الدين بالضرورة" أو استخف بها واستهزأ فقد كفر كفرا صريحا، وحكم عليه بالردة عن الإسلام. وذلك أن هذه الأحكام نطقت بها الآيات الصريحة، وتواترت بها الأحاديث الصحيحة، وأجمعت عليها الأمة جيلا بعد جيل، فمن كذب بها فقد كذب نص القرآن والسنة. وهذا كفر. ( مجلة الوحدة الإسلامية – يناير 2005)
***
صلاح عيسي بوق البغاة على الإسلام وصوت الردة ضد المسلمين الناكئ لكل جرح والمثير لكل شبهة وآخرها أن المسجد الأقصى في المدينة المنورة وليس في القدس الشريف ( وبتفسير صبيه فإن الهدف هو ترك الأقصى لليهود لأن نبينا صلوات الله وسلامه عليه لم يسر به إليه!!)..
صلاح عيسى هذا أمين وصادق..
ولقد ذكرني مقال متميز بعنوان :"الاحتلال والاستقلال والمرتدون الجدد" القدس العربي- 2-9-2005 بصلاح عيسى ومن سار على دربه. في هذا المقال كتب باقر إبراهيم عن المرتدين الجدد، وخاصة من مرتدّي اليسار، الذين هيأوا لمنظومة من الأفكار، أخذت تتكامل، هادفة لنشر اليأس من جدوى النضال الشعبي لتحرير الأوطان.(...)لابد أن نلاحظ، أن المرتدين الجدد، وفي العراق، نموذج صارخ لهم، يتميزون بقدر كبير من التفنن بالخداع والمكر السياسي، والتلاعب بعاطفة الجمهور. وذلك ما يميزهم عن العملاء المكشوفين، ويجعلهم أكثر خطرا عي قضايانا الوطنية، ويتطلب جهدا اكبر لكشف البراقع الزائفة التي يتسترون بها.
ويفضح باقر إبراهيم وسائل المرتدين الجدد في استثمار قتل المدنيين الأبرياء في العراق لتشويه الجهاد كله وليس زعماء الجهاد فقط.. بينما الحقيقة واضحة لمن يريد الحقيقة.. فالأمريكيون والبريطانيون هم الذين يدبرون التفجيرات المدروسة، أو العشوائية، وسط التجمعات المدنية والأسواق والمدارس أو دور العبادة. المحتل يخطط فقط، أما المنفذون فهم الموساد وعملاء الاحتلال وميليشياتهم، وحروبهم الطائفية المعد لها سلفا. لقد بات من المعروف أنهم هم الذين قاموا بالتفجيرات في الأماكن المقدسة والجوامع والكنائس والمدارس والأسواق الشعبية، معروفة الغرض ومعروف من يستفيد منها. ويكفي أن يعرف الناس أيضا، ما كشف بعد الاحتلال، من أن خمسة آلاف شخص قد تم تدريبهم في هنغاريا، وكان تلك وجبة واحدة من الوجبات التي أعدت لاحتلال العراق. وقد أعدت تلك الألوف ودربت للقيام بحرق وتدمير ما لم تدمره طائرات الاحتلال وقصف مدافعه أثناء الحرب. وان مهمة هذه الشبكات لم تنته بعد الحرب، بل هي مستمرة حتى اليوم وستستمر.
ويصرخ باقر إبراهيم:
ما أن تحصل عملية تدميرية كبيرة، تمس الناس الآمنين، أو المنشآت ذات النفع العام، حتى يسارع أبواق الاحتلال، وفي مقدمتهم المرتدون، ليوجهوا الإدانات الجاهزة والقاطعة التي تحمل مسؤوليتها للمقاومة الوطنية، أو القوي الرافضة للاحتلال.
للرد علي هؤلاء تفضل، كالعادة، الاستعانة والاستشهاد بما يقوله الأمريكان أنفسهم عن تلك العمليات. وفيما يلي أسوق للقاريء الكريم نموذجا واحدا مما قالوه.
تذكر الكاتبة الأمريكية (نعومي كلاين) في مقالة لها بعنوان (السنة الصفر ـ نهب العراق سعيا إلي يوتوبيا للمحافظين الجدد)، نشرتها مجلة المستقبل العربي في عددها 308 الصادر في تشرين الأول (أكتوبر) 2004 ما يلي:
في 2 آذار (مارس) 2004، مع رفض الأعضاء الشيعة في مجلس الحكم التوقيع علي الدستور الانتقالي، انفجرت خمس قنابل أمام مساجد في كربلاء وبغداد، فقتلت قرابة 200 من المصلين.
وحذر (جون أبو زيد)، القائد العام للقوات الأمريكية في العراق من أن البلد علي حافة حرب أهلية.
وخشية هذا الاحتمال، تراجع السيستاني ووقع السياسيون الشيعة علي الدستور الانتقالي. كانت حكاية مألوفة: صدمة ـ هجوم عنيف ـ مهد الطريق لمزيد من العلاج بالصدمات!
من المعلوم أن ذلك الدستور المؤقت، ونعني به (قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية) اقره مجلس الحكم يوم 8 آذار (مارس). أي بعد ستة أيام فقط من تلك التفجيرات المروعة. ذلك ما شهدت به الكاتبة الأمريكية (نعومي كلاين). ولكن لن تنتهي تهريجات أبواق الاحتلال، وخاصة المرتدين منهم.
كما أن ادوار الموساد الإسرائيلي، التي يتجاهلها المرتدون الجدد ليست في شمال العراق فقط، بل في كل مناطقه، لم تعد خفية علي احد. (...) كان دور الشبكات والعناصر الصهيونية، مساندة قوات الاحتلال في إشاعة الفوضى والحرائق والتفجيرات في التجمعات السكنية والأسواق الشعبية، وحيثما يمكن نشر الرعب وكسر الإرادة الشعبية الرافضة للاحتلال.(...) نحن رأينا، في جميع الفعاليات التدميرية والاغتيالات والسرقة وتشويش الأفكار، وفي الدجل السياسي، أثناء احتلال العراق وبعده، إن المتواطئين مع الاحتلال، هم أنفسهم، دعاة التطبيع مع دولة العدوان الصهيوني، ومعهم المرتدون وأحزاب الردة.(...) لعروبة العراق حصة مرموقة من العداوة (...) من اليسير أن نلاحظ أن كثرة من المرتدين، هم الذين يقودون حملة فك ارتباط العراق بانتمائه العربي، بعد احتلاله. (...) والقليلون من الناس البسطاء يعرفون أو يتذكرون أن أغلب هؤلاء كانوا تحت الرعاية الأخوية الفائقة للقيادات العربية، ومنها الفلسطينية والمصرية والسورية والليبية والجزائرية واليمنية وغيرها.
وهناك من كانوا تحت الرعايات الخاصة لأجهزة مخابرات تلك الدول. وكون بعض أولئك المرتدين، بفضل تلك الرعايات، تجارات رابحة، أو ممالك إعلامية، أو منشآت عقارية وأرصدة.
وهذا ما يشير إلي الجوانب غير السياسية، وغير النزيهة، في ذلك الجحود الذي نشهده اليوم، بحق الواجب العربي، بعد حصول المرتدين علي سادة جدد من الغرب، يقدمون عطاء اكبر!
هؤلاء هم من يدينون اليوم، أي مجاهد عربي، يتطوع لطرد المحتل من العراق، أو يرفع صوته مطالبا بتحريره، رغم أن الجميع يعرفون أن مهمة تحرير العراق، كانت بالأمس، وستظل اليوم، مهمة العراقيين بالدرجة الأولي، وأنهم الأقدر علي النهوض بها أولا وأخيرا..(...)بعض هؤلاء المرتدين، خاصة من حمل منهم لقب الكاتب الصحافي أو المحلل السياسي، أو أكثر من ذلك في ميادين الثقافة والأدب، كان قد ادخل في دورات للإعداد السياسي والثقافي في بلدان المتروبول، تمهيدا لاحتلال وطنهم، بعد أن اغرقوا بالامتيازات وبالمال الحرام.(...) قال هؤلاء المرتدون في حملة الثقافة كل شيء في وصف عقد الإرهابيين . لكنهم لم يذكروا عقدة واحدة هي أن هؤلاء الإرهابيين المعقدين نفسيا ، قد رفضوا احتلال بلادهم وقرروا التصدي له.(...) كان الأجدر بالمرتدين الجدد، أن يحللوا نفسيا وعاطفيا، سياسيا واقتصاديا، العقد التي تكونت عند من ارتدوا عن النضال، وهجروا معسكره ليصبحوا مأجورين، أو متطوعين يؤمرون فيكافئون من أميرهم الجديد.
وكأن باقر إبراهيم يصف الشيوعيين المصريين إذ يقول:
أن بعض الذين افنوا زهرة شبابهم في نضال ايجابي سابق، وجدت في أسوار نضالهم الثغرات الجدية التي لم تكن ظاهرة تماما حينها. دلل علي ذلك أنهم تلقفوا بسرعة طروحات الردة الجديدة في أحزاب الردة، فاستهوتهم واجتذبتهم.
بعضهم راح يعلن عن قناعات جديدة تكونت لديه بعد الاحتلال، وبعد أن أعاد قراءة الماركسية واللينينية، خاصة ما قالته عن الإمبريالية!
تقول بعض تلك الطروحات والقناعات، أن أمريكا رغم مقاصدها المعروفة، لكن مصلحتها هي إقامة نظام ديمقراطي في العراق، وهي جاءت من اجل ذلك! ولهذا السبب يلزم أن ندرس الظواهر بعين جديدة! وهكذا كانت العين الجديدة قد رأت تلك الرؤية الجديدة. فيا لبؤس الجديد ويا لبؤس القراءة الجديدة للماركسية.! ( بعض من بدءوا مد الجسور مع الأمريكيين يرددون هذه الحجة)..
ولا ينسى الكاتب في مقاله الطويل الشامل أن يحذر من أن الغواية لم تفلت بعض الإسلاميين لاصطيادهم هم الآخرين وضمهم إلى صفوف المرتدين الجدد!!..
غفر الله لك يا دكتور كمال حبيب.. أثرت مواجعي..!!..
***
نعود إلى مؤتمر شرم الشيخ لإدانة الإرهاب.. حيث قال الشيخ الجليل البوطي: لا يجوز قتل من قال: لا إله إلا الله..
جزاك الله خيرا يا شيخنا..
ولكن القضية المطروحة ليست كذلك.. إنها عكس ما تقول.. إنها – بمفهوم العولمة والحداثة:
- لا يجوز قتل إلا من قال: لا إله إلا الله..
***
أما المفكر الإسلامي الدكتور صالح المرزوقي فقد قال: "لا يجوز لجماعة من المسلمين أن تعلن الحرب على العدو دون موافقة ولي الأمر. فقد أجمع الفقهاء على أن إعلان الحرب من أحكام الإمامة والسياسة العامة لا من التصرفات الفردية التي تشتط فتدفع إلى ضلالات، وتوجد مثل هذه البؤر التي تسيء للأمة. فإعلان الجهاد مقصور على إذن الإمام وموافقته".
يا شيخ: عاملك الله حسب نيتك..
يا شيخ: فإن كان الإمام الأكبر كافرا!!..
يا شيخ: فإن كانت الإمامة الكبرى معقودة لحيوان متوحش مسعور هو جورج بوش..
يا شيخ: إن كانت الإمامة الصغرى معقودة لخنزير اسمه شارون..
يا شيخ: و إن كان الخفراء والخدم هم جل حكامنا وبعض شيوخنا فممن نحصل على الإذن وممن نأخذ الموافقة..
يا شيخ: أيها المدافع عن شرم الشيخ.. هل تدرك ما شرم الشيخ؟!
يا شيخ: لماذا لم يفكر أحد من العلماء في إدانة ما يحدث في شرم الشيطان لا شرم الشيخ أو المشايخ.
في شرم الشيخ التي اجتمع عيون العلماء فيها لتأييدها و إدانة الإرهاب فيها لم تصدر من الشيوخ كلمة إدانة للعهر والفجور الذي يحدث فيها والذي يتجاوز إهدار كل قيم الدين إلى إهدار الأمن القومي.. شرم الشيخ التي يعبد فيها الشيطان فيتقاطر إليها شيوخنا لا لكي يدينوا عبادة الشيطان أو ليمنعوها بل ليدينوا المجاهدين ويزدروهم.
***
إنني أرجو من القارئ أن يقرأ السطور التالية بتركيز ففي آخرها مفاجأة، ولقد ميزتها باللون وبالبنط المائل كما أن تحتها خط:
***
جاءني شاب في مقتبل العمر اسمه سامح درويش‏..‏ قال لي‏:‏
- في البداية هناك سؤال أريد أن أطرحه عليك يا سيدي أو إنه يطرح نفسه وهو‏:‏ ماذا يحدث في محافظة شرم الشيخ؟ وعفوا إن كنت سميتها محافظة ولكن يجب تسميتها دولة شرم الشيخ‏..‏ الدولة التي يسيطر علي عاداتها وتقاليدها اليهود والسياح الأجانب‏!‏
الموضوع يبدأ بالمصادفة عندما ذهب قريب لي لكي يقضي شهر العسل وبالأدق أسبوع العسل في الغردقة وشرم الشيخ‏..‏ وقد أخذ معه كاميرا فيديو للذكريات الجميلة وقد تباطأ في عمل الشريط ولكني قدر رأيته منذ بضعة أيام فقط‏..‏
وأنا أشاهد الشريط رأيت كارثة بكل المعايير، فقد رأيت دولة شرم الشيخ تحتفل بميلاد شخص عزيز عليها تحبه وتقدره وإلا ما كانت تحتفل بميلاده‏..‏
أتعرف من هو يا سيدي؟‏..‏ انه لعنة الله عليه في السماء والأرض: الشيطان‏!‏
جميع الفنادق والمطاعم والكافتيريات يحتفلون بمولد هذا الملعون بالصور والديكورات الكبيرة والمخيفة المقززة للنفس لصقوها ووضعوها في كل شبر في هذه المحافظة‏..‏ الحفلات الصاخبة التي يتنافس عليها كل فندق ومطعم لتقديم الأفضل أو الأقذر‏!‏
نعم هذا ما حدث وأعتذر أن كنت تأخرت ولكني لم أشاهد هذا الكفر إلا من بضعة أيام فقط‏,‏ أليس هذا الذي كنا نطلق عليه هنا عبدة الشيطان؟
لماذا نحاربهم هنا ولا نحاربهم هناك؟
أهناك شئ يمنع؟‏..‏
أين المسئول عن الأمن هناك؟
لماذا لم يمنع هذا الكفر؟‏..‏
ستقول لي أنهم ليسوا بمصريين أو عرب أو حتى مسلمين‏..‏ ولكنهم في بلد مسلم وعلي أرض مسلمة وديننا أولا وعاداتنا وتقاليدنا كعرب لا تسمح بذلك‏..‏ لا أعلم أن كانت هذه أول مرة أم لا‏..‏ ولكني أتمني أن تكون هذه آخر مرة يحدث فيها هذا الكفر‏!‏
ولا حول ولا قوة إلا بالله‏..‏
إذا كان الشيطان قد خرج من القاهرة في رحلة إلي شرم الشيخ‏..‏ لكي تحتفل به الفنادق والمطاعم والسياح بعيد ميلاده السعيد‏..‏ ونحن لا ندري بما يجري داخل بلدنا شيئا‏..‏ فتلك مصيبة‏..‏ وإذا كنا ندري ولم نحرك ساكنا فالمصيبة أعظم‏..‏
فليس من أجل خاطر السياحة وإكراما لعيون السياح‏..‏ أن نخسر ديننا وننصب الشيطان أميرا علي شرم الشيخ ونحتفل بعيد ميلاده الميمون‏..‏ ونقيم له الأفراح والليالي الملاح ونعلق شارته ونرفع أعلامه ونحرك المواكب بالأعلام والموسيقي‏..‏ وكأنه موكب الخليفة في احتفال الطرق الصوفية في الحسين‏!‏
(...)
فهي كما قالت لي أستاذة في علم الاجتماع اسمها جاكلين أونوريه وهي فرنسية جاءت إلي القاهرة تدرس عادات أبنائها والتطور الفكري والثقافي والحضاري لشبابها‏:‏ مصنع للجريمة‏..‏ يتعلم فيه الجميع مبادئ الانحراف الصريح‏..‏ حسب المفهوم المصري والتقاليد المصرية‏..‏ الذي يسمي من يشرب الكحوليات ومن يدخن الماريجوانا والحشيش بلغة أهل البلد‏,‏ انحرافا وفسادا وخروجا علي التقاليد والدين‏..‏
ولأننا لا نعرف ماذا يجري داخل صالات الديسكو التي انتشرت في كل مكان‏..‏ لأنه مكان لا يدخله الكبار أمثالنا‏..‏ وإذا حاولنا أن ندخله قالوا لنا‏:‏ أين رفيقتك؟‏!‏
والشباب الصغير لا يريد أن يحكي لنا ماذا يجري في الداخل ابتداء من منتصف الليل وحتى شروق الشمس‏..‏ ولكن فتاة واحدة أصابها ما أصابها عندما غامرت ودخلت جهنم الحمراء هذه لأول مرة‏..‏ وخرجت منها بمأساة‏..‏ تعالوا نقرأ ماذا شاهدت وماذا حدث لها في جهنم الحمراء التي يطلقون عليها خطأ اسم صالات الديسكو‏ (...)
(...)
قالت لي أم فاضلة تشغل منصبا مرموقا وكلماتها تغلي وتفور غضبا وانفعالا‏:‏
(...) بكل أسف لقد شاهدت هذه المحطة وفوجئت وأنا أشاهدها بأن الفيلم الذي تذيعه في بدايته بريئا كل البراءة وأحداثه تجري داخل معسكر للطلبة والطالبات الذين جاءت عائلاتهم لتحتفل بتخرجهم‏..‏ ثم تظهر قصة الفيلم علي حقيقتها عندما يتبادل الأولاد والبنات كل واحد يأخذ بنت علي خيمة أو غرفة أو ظل شجرة بعيدة أو زورقا علي شاطئ البحيرة‏..‏ ليمارسوا الحب تحت عيناي الكاميرا التي لا تفارقهم لحظة حتى الأمهات والآباء الذين جاءوا يحتفلون بأولادهم في حفلة التخرج كان لهم نصيب من هذا القرف الجنسي ومع من؟‏..‏ مع الأولاد والبنات الصغار‏..‏ لقد شاهدت هذا الفيلم حتى نهايته وقد أغلقت الباب حتى لا يشاهده من في البيت لكي أعرف ماذا تقدم لنا هذه المحطات من فسق وفجور وعظائم الأمور‏!‏
(...)
لقد تسلل الشيطان في غفلة منا إلي صدور شبابنا‏..‏ يعبث في عقولهم‏..‏ ويدمر ما بقي في حياتهم من خير وحق وعدل وفضيلة‏..‏
***
والآن أطلع القراء على المفاجأة .. فكل الكلام المميز السابق ليس كلامي.. و إنما هو تحقيق صحافي منشور في الأهرام وبقلم عزت السعدني وهو كاتب ليبرالي حكومي على علاقة وثيقة بالأمريكيين ، أما عنوان التحقيق فهو: " مقعد في قطار بلا سائق".. العدد 41830.
هذه هي شرم الشيخ التي ذهب شيوخنا ليدعموها ضد الإرهابيين وغلاة التكفير.
***
لا..
لا..
لم يكن صلاح عيسى وخليل عبد الكريم وسيد القمني وجابر عصفور ويحيى الرخاوي وفؤاد علام وخيري منصور وجمال الغيطاني وحيدر حيدر والعفيف الأخضر ومحمد أركون و أدونيس وصبحي حديدي وعلاء حامد وفؤاد زكريا و أسامة أنور عكاشة و .. و.. و.. .. لم يكونوا من الأعراب الذين تخلوا عن الحسين تاركينه في الصحراء يواجه الموت وحده..
لا..
لا..
لم يكونوا من الأعراب..
بل كانوا جميعا يرتزقون في جيش بن زياد..
أنا رأيتهم يمتطون جيادهم ليرضوا في الأرض الجسد الشريف لسيد الشهداء بعد أن ذبحوه..
أما العلماء الأجلاء والشيوخ الفضلاء.. فقد تركوا ميدان المعركة وذهبوا إلى شرم الشيخ ليدينوا الإرهاب.
***
لم يتخل عن الحسين من آل البيت أحد.. بل انضمت كوكبة من فرسان جيش ابن زياد لجيش المسلمين..
وأوصى الحسين في هذه الليلة إلى أهله وخطب أصحابه في أول الليل فحمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على رسوله بعبارة فصيحة بليغة وقال لأصحابه من أحب أن ينصرف إلى أهله في ليلته هذه فقد أذنت له فان القوم إنما يريدونني فلو قد أصابوني تلهوا عن طلب غيري فاذهبوا حتى يفرج الله عز وجل فقالوا له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه لا بقاء لنا بعدك ولا أرانا الله فيك ما نكره لا والله لا نفعل ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ونقاتل معك حتى نرد موردك..
أما سعيد بن عبد الله الحنفي فقد قال: والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيك، والله لو علمت أنى أقتل دونك ألف قتلة وأن الله يرفع بذلك القتل عنك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك لأحببت ذلك وإنما هي قتلة واحدة.
***
لله درك..
لله درك..
لله درك..
والله لو علمت أنى أقتل دونك ألف قتلة وأن الله يرفع بذلك القتل عنك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك لأحببت ذلك وإنما هي قتلة واحدة.
***
جملة اعتراضية- الحمد لله الذي أذاقني قبسا – ولو ضئيلا - من حلاوة هذا الإحساس عندما تصديت للكفر والفسوق والعصيان والشذوذ دفاعا عن كتاب الله وعن نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم فيما عرف بأزمة الوليمة.. و أظني .. ولو على المستوى النظري كنت مستعدا فيها أن أستشهد دفاعا عن القرآن ألف مرة..
***
أشعر أن بعض شيوخنا يقومون بالدور الكئيب الذي رواه لنا التاريخ عن الأعراب.. يتخلون عن الحسين رضي الله عنه.. يتخلون عن الشيخ أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري والمجاهد أبو مصعب الزرقاوي.. وعشرات ومئات و ألوف..
نعم..
أبو مصعب الزرقاوي مجاهد و إن كره المرتدون..
***
وهنا أنبه القراء لمكر الصليبية الصهيونية الحاقدة وطريقتها التدريجية في هدم الدين..
ولعل القراء تنبهوا إلى خفوت الحملة على الشيخ أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري، وقد يعود ذلك لأن دوائر شياطين الإنس قد أدركت أنهما خلبا لب أمتهم، و أن الهجوم عليهما لا ينال منهما بقدر ما ينال من المهاجم.. لهذا تركوا هذه المهمة لنوع شرس من الكلاب البشرية ليس لهم قيمة حقيقية.. تركوا هذه ووجهوا كل سلاح أكاذيبهم الباطش الجبار ضد أبي مصعب الزرقاوي..
نفس الآلية الكافرة التي استعملوها مع الإسلام كله..
سياسة الخطوة خطوة.. فعندما يكون الخصم قويا وضخما يجب عدم مواجهته و إنما تفتيته وخداعه..
في البداية يقولون: نحن لسنا ضد الإسلام بل نحن ضد الانحراف عنه..
ثم: نحن لسنا ضد الإسلام بل نحن ضد فقهاء الحيض والنفاس و أدعياء الدين ورجاله وكهنوت العلماء ( ليس في الإسلام أي من ذلك)..
ثم.. لنعد إلى السنة الصحيحة الصادقة كالبخاري ومسلم..
ثم.. البخاري ومسلم ليسا قرآنا .. لنعتمد على القرآن فقط..
ثم – أستغفر الله العظيم- القرآن نص بشري سرقه – خرست أفواههم – محمد ( صلى الله عليه وسلم) من التوراة والإنجيل ومن أشعار أمية ابن الصلت..
فهل فهمتم الآن يا قراء لماذا يركزون الهجوم على المجاهد أبي مصعب الزرقاوي رضي الله عنه..
هل أدركتم..
هم يجعلون من اللصوص والمجرمين قديسين ونحن ندمغ المجاهدين في سبيل الله بأقبح الصفات ونسميهم مجرمين..
هل تذكرون باروخ جولدشتاين؟..
المجرم باروخ جولدشتاين.. الذي ارتكب مذبحة ضد المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي في فبراير 1994 قتل خلالها 29 مصليا.
كرمه اليهود وجعلوا منه بطلا بل وقدسوه وسموه شهيدا..
أما نخن فنسمي أبي مصعب الزرقاوي إرهابيا ومجرما!!..
وفي كتاب "باروخ البطل" الذي يجمع مقالات لذكرى جولدشتاين، امتنع مارزل عن التطرق إلى "الأعمال" التي قام بها صديقه. وقد كتب مارزل في مقال تحت عنوان "البوصلة": " كنت كلما قابلت الشهيد باروخ جولدشتاين ذي الذكرى العطرة، انتقم الرب لدمه– أشعر أنني أستطيع أن أصل إلى الحقيقة عن طريقه لأنه رجل صادق لا يتهاون وليس لديه اعتبارات خارجية". (...) كلمات "القتل" و"المذبحة" وفي المقابل استخدم كلمات "الفعل", أو "الحدث". و ذلك لأن قتل اليهودي لغير اليهودي تحت أية ظروف لا يعتبر جريمة في نظر الهالاخاه. وفي كثير من الأحيان تتطابق المشاعر العامة تجاه قتل اليهودي لغير اليهودي و التي يعبر عنها الإسرائيليين بوقاحة مع الهالاخاه. وقد قال ليفينجر لبارنيا أن قرار البلدية عبر سريعاً عن الأسف من أجل العرب الذين قتلوا و لكنه يؤكد علي مسؤولية الحكومة. و حين سأل بارنيا ليفينجر إذا ما كان يشعر بالأسف قال ليفينجر: "أنا آسف من أجل الموتى العرب كما أأسف من أجل الذباب الميت."
جعلوا من المجرم بطلا.. ونحن نجعل الأبطال مجرمين.. قبل أن تجف دماء المصلين المسلمين و أثناء دفن جولدشتاين كانت جدران الأحياء الدينية في القدس الغربية قد غطيت بملصقات تُعدد فضائل جولدشتاين وتأسف لعدم تمكنه من قتل مزيد من العرب. أطفال المستوطنين المتدينين أتوا إلى القدس للتظاهر وهم يعلقون لافتات تقول "د. جولدشتاين عالج أمراض إسرائيل". و تحولت العديد من الحفلات الموسيقية الدينية إلى مظاهرات لإحياء ذكرى جولدشتاين. (100)
أما نحن فنلعن أبي مصعب الزرقاوي.. رضي الله عنه..
على من يلعنه اللعنة..
***
فقرة اعتراضية:
في حلقة على قناة الجزيرة، ظهر المستشار الجليل محفوظ عزام، خال الدكتور أيمن الظواهري، متلفعا بإباء المسلم وشموخه، ليحكي لنا – بدموعنا – عظمة أيمن الظواهري ورقته وحساسيته وتدينه ونبوغه واهتمامه بأمر المسلمين. كان مجاهدا بين خونة ولذلك كان لابد لهم أن يمسكوه، وعندما أمسكته الكلاب المسعورة عذب عذابا شديدا في قضية الجهاد الكبري عام 1982 والتي ضمت 302 متهم والتي حكمت المحكمة فيها بالافراج عن ايمن الظواهري. واعلنت في حيثيات حكمها انه تعرض لابشع انواع التعذيب وان ما لاقاه لم تشهده العصور الوسطي من التعذيب وعندما رفعت قضية تعويض لايمن الظواهري بناء علي التوكيل حكمت المحكمة ب 3 آلاف جنيه فقط?! واشترطت وزارة الداخلية في سابقة الاولي من نوعها ان المبلغ مودع لدي مباحث امن الدولة وانه اذا رغب ايمن الظواهري الحصول عليه يجب حضوره بصفة شخصية لتسلم المبلغ?!.
وثمة عتاب على المستشار محفوظ عزام..
لقد كان جليلا ومؤثرا ونبيلا..
ولكن كيف رضي أن يظهر معه على الشاشة نفس الكلب المسعور الذي عذب أيمن الظواهري رضي الله عنه.. صحيح أنه عامله كحشرة فرفض تبادل أي حديث مباشر معه، بل ولم يصافحه أو ينظر إليه، ولكن .. كان الأولى رفض الظهور مع الكلب المسعور قاتل كمال السنانيري.
***
هل كان شمر بن ذي الجوشن هو الذي جز رأس الحسين رضي الله عنه؟.. أم كان فؤاد علام؟ أم كان صلاح عيسى؟!..
و أي من علماء شرم الشيخ أفتوا بجواز قتله؟!..
***
..وخرج من أصحاب الحسين زهير بن القين على فرس له شاك في السلاح فقال يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله نذار إن حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم ونحن حتى الآن أخوة وعلى دين واحد وملة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف فإذا وقع السيف انقطعت العصمة وكنا أمة وأنتم أمة إن الله قد ابتلانا وإياكم بذرية نبيه لينظر ما نحن وأنتم عاملون إنا ندعوكم إلى نصره وخذلان الطاغية ابن الطاغية عبيد الله بن زياد..
***
هو نفس الدم الذي أصبح بيننا وبين القوميين والشيوعيين والمتغربين والحداثيين والليبراليين..
لقد ولغوا في دمنا..
وتحالفوا مع الأعداء علينا..
و أعطوهم المسوغ والمبرر لسحقنا..
انقطعت العصمة..
ليسوا منا ولا نحن منهم..
نحن أمة وهم أمة..
***
وحمل رجل يقال له عبد الله بن حوزة حتى وقف بين يدي الحسين فقال له يا حسين أبشر بالنار فقال له الحسين كلا ويحك إني أقدم على رب رحيم وشفيع مطاع بل أنت أولى بالنار قالوا فانصرف فوقصته فرسه فسقط وتعلقت قدمه بالركاب وكان الحسين قد سأل عنه فقال أنا ابن حوزة فرفع الحسين يده وقال اللهم حزه إلى النار فغضب ابن حوزة وأراد أن يقحم عليه الفرس وبينه وبينه نهر فحالت به الفرس فانقطعت قدمه وساقه وفخذه وبقى جانبه الآخر متعلقا بالركاب وشد عليه مسلم بن عوسجة فضربه فأطار رجله اليمنى وغارت به فرسه فلم يبقى حجر يمر به إلا ضربه في رأسه حتى مات ..
اللهم حزهم إلى النار يا رب..
اللهم حزهم إلى النار يا رب..
اللهم حزهم إلى النار يا رب..
***
هل كان الحسين في كربلاء أم كان في تورا بورا وكان أسامة بن لادن و أبو مصعب الزرقاوي في كربلاء..
هل أنا من السكارى وما هم بسكارى؟!
هل أخرف..
أم أنني أصبت كبد الحقيقة فلولا هذا ما كان ذاك.. و الأمر كالمعادلات الرياضية التي يمكن التعويض فيها بحدود مختلفة كأن تقول إذا كان خمسة في خمسة تساوي خمسة وعشرين وكانت عشرين زائد خمسة تساوي خمسة وعشرين فإن خمسة في خمسة تساوي عشرين زائد خمسة..
أنا لا أخرف إذن وليس المكان هو المهم و إنما من شغل المكان.. (وما حب الديار شغلن قلبي ولكن حب من سكن الديارا).. ليس المكان هو المهم.. المهم هو نحن.. مع من.. وفي أي جيش أبحث عن شيوخنا .. مع الحسين و أسامة بن لادن والزرقاوي أم ابن زياد وشمر وعلاوي وطالباني وبوش.
***
شيوخنا الأجلاء لم يجرءوا على قول ما قاله شاعر قضى جل عمره فاسقا هو نزار قباني الذي صرخ في قصيدة عنوانها: أنا مع الإرهاب:

متهمون نحن بالإرهاب../ إذا رفضنا محونا../ على يد المغول واليهود والبرابرة..
متهمون نحن بالإرهاب../ إذا رفضنا أن نفاوض الذئب../ وأن نمد كفنا لعاهرة..
متهمون نحن بالإرهاب../ إذا حملنا الخبز والماء../ إلى طروادة المحاصرة..
متهمون نحن بالإرهاب../ إذا رفعنا صوتنا../ ضد الشعوبيين من قادتنا..
وكل من غيروا سروجهم../ وانتقلوا من وحدويين إلى سماسرة..
متهمون نحن بالإرهاب../ إذا اقترفنا مهنة الثقافة../
إذا قرأنا كتابا في الفقه والسياسة..
إذا ذكرنا ربنا تعالى../ إذا تلونا سورة الفتح../ وأصغينا إلى خطبة يوم الجمعة..
فنحن ضالعون في الإرهاب../ متهمون نحن بالإرهاب..
إن نحن دافعنا عن الأرض../ وعن كرامة التراب..
إذا تمردنا على اغتصاب الشعب../ إن كان هذا ذنبنا../ ما أروع الإرهاب..
لم يبق في حياتنا قصيدة../ ما فقدت عفافها../ في مضجع السلطان..
أنا مع الإرهاب.. / إن كان يستطيع أن يحرر الشعب..
من الطغاة والطغيان.. / وينقذ الإنسان من وحشية الإنسان..
أنا مع الإرهاب.. / إن كان يستطيع أن ينقذني..
من قيصر اليهود.. / أو قيصر الرومان..
أنا مع الإرهاب.. / بكل ما أملك من شعر.. ومن نثر.. ومن أنياب..
مادام هذا العالم الجديد.. / بين يدي قصاب..
أنا مع الإرهاب.. / إن كان مجلس الشيوخ في أمريكا..
هو الذي في يده الحساب.. / وهو الذي يقرر الثواب والعقاب..
أنا مع الإرهاب.. / مادام هذا العالم الجديد..
يكره في أعماقه.. / رائحة الأعراب..
أنا مع الإرهاب.. / مادام هذا العالم الجديد..
يريد أن يذبح أطفالي.. / ويرميهم إلى الكلاب..
من أجل هذا كله.. / أرفع صوتي عالياً..
أنا مع الإرهاب..
أنا مع الإرهاب..
أنا مع الإرهاب..

***
كان خبراء الموساد والسي آي إيه وضباط المخابرات المصرية والسعودية والسورية والأردنية والتونسية يقفون على رابية يرقبون المعركة..
أقبل مدير مباحث أمن الشيطان ورئيس الحرس الوطني فحملا على أصحاب الحسين وتكاثر معهما الجند حتى كادوا أن يصلوا إلى سبط الرسول صلى الله عليه وسلم فلما رأى أصحابه أنهم قد كثروا عليهم وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا الحسين ولا أنفسهم تنافسوا أن يقتلوا بين يديه ..
جاء عبد الرحمن وعبد الله ابنا عزرة الغفاري فقالا:
- أبا عبد الله عليك السلام حازنا العدو إليك فأحببنا أن نقتل بين يديك وندفع عنك ..
ثم أتاه أصحابه مثنى وفرادى يقاتلون بين يديه وهو يدعو لهم ويقول جزاكم الله أحسن جزاء المتقين فجعلوا يسلمون على الحسين ويقاتلون حتى يقتلوا ..
ثم جاء عابس بن أبى شبيب فقال:
- يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز على منك ولو قدرت أن أدفع عنك الضيم أو القتل بشيء أعز على من نفسي ودمى لفعلته السلام عليك يا أبا عبد الله أشهد لي أنى على هديك..
ثم مشى بسيفه صلتا وبه ضربة على جبينه وكان أشجع الناس فنادى ألا رجل لرجل ألا ابرزوا إلى فعرفوه فنكلوا عنه ثم قال عمر بن سعد ارضخوه بالحجارة فرمى بالحجارة من كل جانب ..
***
أوصيكم يا قراء، أو يا أبناء القراء أو أحفادهم، عندما تحتل القاهرة كما احتلت بغداد، وعندما يحدث للإسكندرية ما حدث للفالوجا ولأسيوط ما حدث لجنين ولطنطا ما حدث لجروزني، أوصيكم ألا تقولوا هزمتنا الفرنجة أو غلبنا الصليبيون أو اكتسحنا اليهود. لا تقولوا ذلك بل قولوا هزمتنا جيوشنا، تلك الجيوش التي دفنت كرامتها عندما اقتصرت مهمتها على حماية الحاكم الطاغوت اللص المجرم وعلى حماية حدود إسرائيل.
لا تقولوا هزمنا بوش وبلير وشارون وباراك..
بل قولوا هزمنا الأسد وعبد الله ومباراك..
لا تقولوا هزمنا الأعداء بل قولوا هزمنا الأشقاء والأبناء..
لا تقولوا هزمتنا السي آي إيه والموساد ..
لا تقولوا ذلك بل قولوا هزمتنا مباحث أمن الدولة والحرس الوطني والمخابرات والقلم السياسي..
اصرخوا أن هذه الأجهزة مزقت الوطن وشرذمت الأمة وجعلت أبناءها يفضلون الاحتلال الإسرائيلي أو الأمريكي عن احتلال الجيش الوطني..
يــــــا لـَـصَخَبَ صوتِ تمزّق القلب ونحن نقرأ أن شيوخ القبائل في سيناء يفكرون في طلب الانفصال عن مصر..
يــا لــرنين أنــين القلب وهو ينتحب إذ يحدثني من العريش أحمد فيقول لي جربت اعتقال الموساد واعتقال مباحث أمن الدولة.. وشتان .. ووالله لولا الإسلام لفضلت الأولى..
لذلك.. ولما هو أكثر من ذلك أكرر: لا تقولوا هزمنا بن جوريون أو جولدا مائير أو ديان أو رابين أو شارون.. بل قولوا هزمنا جمال عبد الناصر وحسني مبارك وجمال مبارك والملك عبدالله والملك حسين و..و..و..
لا تقولوا هزم مفكروهم مفكرينا بل قولوا انتصر أغواتهم وعبيدهم ومأجوروهم.. انتصر صلاح فضل وجابر عصفور وفاروق حسني وسمير رجب وصلاح عيسى وخيري منصور و أدونيس ومحمود درويش وعصابة الأربعة.. لا تقولوا هزمتنا الواشنطن بوست والديلي نيوز ويديعوت أحرونوت والنيوزويك بل قولوا هزمتنا الأخبار والأهرام والأهالي والحياة والشر الأوسط وروز اليوسف.. لا تقولوا هزمنا تشدد ابن تيمية وابن عبد الوهاب وعبد الله عزام وعمر عبد الرحمن بل قولوا هزمنا تفريط طنطاوي وبيومي وفقهاء التراجعات..
ثم يا قراء، أو يا أبناء القراء أو أحفاد القراء .. عندما يحدث هذا كله.. وعندما تدينون هؤلاء جميعا لا تقللوا أبدا من إدانتكم لأمة مشلولة سلط الله عليها من تستحقهم.. أمة لم يستنفرها للدفاع عن نفسها دين ولا وطن ولا شرف ولا عرض ولا حتى طعام وشراب..
أمة زورت إرادتها فلم تتقدم لتسحق المزورين..
أمة انتهكت نخبتها فلم تتحرك لتدهس المنتهكين..
ثم اسألوا.. لو حدث ما يحدث في بلادنا في بلاد أخرى فتحرك الشعب ليذبح الطاغوت ويسحقه.. هل يعتبر هذا التحرك إرهابا؟..
دعنا من الإسلام الآن لمجرد الجدل..
دعنا منه..
دعنا منه بعد أن أوردت لكم في مقالات سابقة أنهم في الغرب يعتبرون المسلم المتشدد هو كل من ما يزال يصر على أن القرآن كلام الله..
دعنا منه ونحن نقرأ أن بلير – معبرا عن الغرب كله- يعرف الإرهابي بأنه كل من يدعو إلى تحكيم الشريعة.. وهو رأي أظن أن مبارك وعبد الله وزين العابدين والأسد بل وكل حكامنا ونخبتنا النجسة يوافقونه عليه..
دعنا من الإسلام..
هبنا ملحدين كالروس.. أو بوذيين نعبد البقر.. وجاء الغرب – بقيادة أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا أو أي طاغوت آخر ليمزق أوطاننا ويشرذم شعوبنا ويمتهن مقدساتنا ويستولي على ثرواتنا بل ويحل محل بعض شعوبنا.. لو حدث ذلك مع عبدة البقر فتصدوا للعدوان وقاتلوا من تطاله أيديهم من الغزاة أو من يساعدهم.. فهل يعد ذلك إرهابا؟..
لو أننا ثأرنا لكل ألف قتيل من قتلانا بقتيل أمريكي واحد فهل يعد ذلك إرهابا..
لو أننا فجرنا شارعا لهم مقابل كل مدينة ينسفونها لنا فهل يعد ذلك إرهابا.
لو أن الأمريكيين استولوا على أرض روسية أو هندية أو صينية وجعلوا منها حاملة طائرات ضخمة وثابتة وقاعدة تكرس استمرار التمزق والتشرذم فهل كان الروس أو الهنود أو الصينيون سيسكتون قبل أن يسحقوا العدوان سحقا ويبدوا الغزاة عن بكرة أبيهم؟!.. هل تعد المقاومة إرهابا في مثل هذه الظروف..
***
من معسكر آل البيت خرج غلام كأن وجهه فلقة قمر في يده السيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما ما أنسى أنها اليسرى فقال لنا عمر بن سعد بن نفيل الأزدي والله لأشدن عليه فقلت له سبحان الله وما تريد إلى ذلك يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد اعتزلوهم فقال والله لأشدن عليه فشد عليه عمر بن سعد أمير الجيش فضربه وصاح الغلام يا عماه قال فشد الحسين على عمر بن سعد شدة ليث أعضب فضرب عمر بالسيف فاتقاه بالساعد فأطنها من لدن المرفق فصاح ثم تنحى عنه وحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوا عمر من الحسين فاستقبلت عمر بصدورها وحركت حوافرها وجالت بفرسانها عليه ثم انجلت الغبرة فإذا بالحسين قائم على رأس الغلام والغلام يفحص برجله والحسين يقول:
- بعدا لقوم قتلوك .. خصمهم يوم القيامة فيك جدك..
ثم قال:
- عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك ثم لا ينفعك صوت والله كثير عدوه وقل ناصره..
ثم احتمله وقد وضع صدره على صدره ثم جاء به حتى ألقاه مع ابنه على الأكبر ومع من قتل من أهل بيته ..
كان الغلام هو القاسم بن الحسن بن على بن أبى طالب ..
***
يا أسامة بن لادن..
يا أيمن الظواهري..
يا أبو مصعب الزرقاوي..
خصمهم فيكم يوم القيامة رسول الله صلى الله عليه وسلم..
***
أعيا الحسين رضي الله عنه فقعد على باب فسطاطه وأتى بصبي صغير من أولاده اسمه عبد الله فأجلسه في حجره ثم جعل يقبله ويشمه ويودعه ويوصى أهله فرماه رجل من بنى أسد يقال له ابن موقد النار بسهم فذبح ذلك الغلام فتلقى حسين دمه في يده وألقاه نحو السماء وقال:
- يا رب.. إن تك قد حبست عنا النصر من السماء فاجعله لما هو خير وانتقم لنا من الظالمين..
ورمى عبد الله ابن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسين بسهم فقتله أيضا ثم قتل عبد الله والعباس وعثمان وجعفر ومحمد بنوا على بن أبى طالب إخوة الحسين وقد اشتد عطش الحسين فحاول أن يصل إلى أن يشرب من ماء الفرات فما قدر بل مانعوه عنه فخلص إلى شربه منه فرماه رجل يقال له حصين بن تميم بسهم في حنكة فأثبته فانتزعه الحسين من حنكه ففار الدم فتلقاه بيديه ثم رفعهما إلى السماء وهما مملوءتان دما ثم رمى به إلى السماء وقال:
- اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على الأرض منهم أحدا .
***
كنت هناك..
رأيت كتيبة شمر..
تحت لوائها كان يقاتل مبارك وعبد الله والأسد.. وكل حكامنا..
هتفت: اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على الأرض منهم أحدا .
***
كنت هناك..
بحثت عن الشيخ حسن نصر الله والسيستاني وأحمدي نجاد فلم أجدهم في جيش الحسين فبرى الألم القلم.. ورحت أتمتم والتمتمة قطرات دم:
- كيف يصلون خلف الحسين ويقاتلون خلف ابن زياد؟..
***
كنت هناك ..
كنت أنتظر المعجزة..
ولم يكن عقلي القاصر قد أدرك بعد أن المعجزة كانت ألا تحدث معجزة..
وكنت أنتظر الفارس يوسف بن القرضاوي والفارس محمد ابن إسماعيل ابن المقدم يقودان كتيبة الشيوخ لاختراق الحصار المضروب حول أسامة بن لادن والظواهري والزرقاوي.. عفوا أقصد الحسين وآل بيته.. كنت أنتظرهما لكنهما لم يأتيا أبدا..
***
وكنت أري ضابطا بمباحث أمن الدولة يطلق رصاصة على فم الحسين الشريف قبل أن يروي عطشه.. فار الدم فتلقاه الحسين بيديه ثم رفعهما إلى السماء وهما مملوءتان دما ثم رمى به إلى السماء وقال:
- اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على الأرض منهم أحدا .
ورحت داميا أقول ولا أكف:
- اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على الأرض منهم أحدا .
- اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على الأرض منهم أحدا .
- اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على الأرض منهم أحدا .


****
*****
*******
حاشية يتيمة
مسخرة!!
أظن أن القارئ الكريم ينزهني عن أن أدلي بدلوي في الانتخابات.. أظنني أعز عليه من ذلك و أكرم.. وعلى العموم.. في كل الانتخابات السابقة واللحقة – شاملة التغييرات والتعيينات في الصحافة – لم ينجح هذا ولا ذاك..- المحزن أن القضاء أيضا لم ينجح.. وذلك متوقع- لم ينجح هذا ولا ذاك.. لكن .. نجحت السفارة الأمريكية.. والموساد.. والسي آي إيه!!.
دكتور محمد عباس
9/7/2005

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق