رَدُ شُبهَة هَل كان الرَّسولُ يَخشى كلام الناس؟!
كاتب وباحث في الأديان
سَأل أحدُ الأشخاص وقال أن الرسول الكريم في موقف قال لإثنين من الصحابة «على رَسْلِكُما، إنها صَفِّية بِنت حُيَيّ» وفي موقف آخر قال »حتى لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه» فلماذا يخشى الرسول كلام الناس؟!
أقول بداية هناك عدة نقاط لابد ذكرها قبل الإجابة المباشرة:
1- نحن لا نبحث في نية السائل ولا نتهمه بشيء.
2- أخبرنا الله تعالى أن محمدا رسول الله وهو خاتم النبيين وأرسله الله للناس كافة.
3- من أراد أن يطعن في نبوة الرسول الكريم عليه أولا أن يثبت أن القرآن الكريم ليس كلام الله، وهذا محال وعليه فقد ثبتت نبوته صلى الله عليه وسلم.
4- أمرنا الله تعالى بإتباع الرسول وطاعته واتخاذه قدوة وحذرنا من مخالفته.
5- سنة الرسول الكريم سواء فعلا أو قولا أو تقريرا، يُستَدَلُ بها لا عليها، فهي حُجَّةُ علينا، وكل ما فعله الرسول وقاله هو الحق والصواب والأولى بالإتباع واقرأ معي إن شئت «وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ».
وعليه نأخذ الموقف الأول:
عندما زارت السيدة صفية سيدنا محمد وهو معتكف في مسجده ليلا، فمشى معها الرسول ليرجعها للبيت، فقابل رجلان فأسرعا الخطى، فهنا قال الحبيب لهما «على رَسْلِكُمَا إنها صفية بنت حيي» أي لا تسرعا إنها زوجتي صفية، وهنا قال الرجلان «سبحان الله يا رسول الله» أي لماذا تفعل ذلك وهل نشك فيك؟ فأجابهما الحبيب «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يَقذف في قلوبكما سوءا»…
ومن يتدبر كلام الحبيب يعلم أن السبب الأول هو خوف الرسول الكريم على الرجلين من مكائد الشيطان، فلو ألقى في روعهما شيئا، فهذه مصيبة كبيرة لهما، فما مصير من يشك في أخلاق الرسول الكريم؟ وتأمل معي قوله تعالى {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}. فخوف الرسول عليهما من رحمته ورأفته وحبه لأمته ولكل فرد فيها صَغُرَ أم كَبُرَ.
الموقف الثاني: قوله عليه السلام «حتى لا يتحدث الناس بأن محمدا يقتل أصحابه» في الواقع أن هذا قيل في ثلاثة مناسبات مختلفة، العامل المشترك بينهم هو المنافقين معلومي النفاق ومستحقي القتل فعلا، فقالها الرسول عندما قال سيدنا عمر بن الخطاب «دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق»، وهنا نتأمل قول الرسول الكريم «حتى لا يتحدث الناس»! فمن هم الناس الذين يقصدهم؟
بالتأكيد المنافقون والكافرون، فسيستغل قتل المنافقين إخوانهم في النفاق والكفر كنوع من الدعاية السوداء ضد الإسلام، وربما خاف وتأثر بهذه الدعاية السوداء والأكاذيب من الكافرين من يفكر في الهداية، فيحول هذا بينهم وبين الإسلام.. فهذا من رحمته عليه السلام بالناس من غير المسلمين فتأمل.
واقرأ معي قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.
وأخيرا أقول أن هناك سبب آخر، وهو خشية الرسول على سمعته كأي إنسان عنده مروءة، واقرأ معي قوله تعالى {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ….}.
فالمروءة هي كمال الرجولة، ومن معاني المروءة «أنها مراعاة الأحوال إلى أن تكون على أفضلها، حتَّى لا يظهر منها قبيحٌ عن قصد، ولا يتوجَّه إليها ذمٌّ باستحقاق».. وأيضا قيل أن «المروءَة آداب نفسانيَّة، تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق، وجميل العادات»!
وتأمل معي قوله تعالى عن النبي الأكرم «وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ» لا حظ معي تكرار التوكيد في الآية الكريمة لِعُلُو وسِمُو وعظمة أخلاق الحبيب، فكيف بمن يصف اللهُ تعالى العظيم خُلُقَه بالعظيم ،ألا يخاف على سمعته ومروءته؟ .
ومن المعلوم أن في أوروبا ما بين عام 1800م-1950 قد تم كتابة 60 ألف كتاب للنيل من شخصية الحبيب ففشلوا وظهر لكل باحث عن الحق أكاذيبهم، وسمو وعظمة أخلاق وشخصية الحبيب، حتى أن «مايكل هارت» مؤلف كتاب “العظماء مائة أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم، قال أن محمد صلى الله عليه وسلم قد فاق المعايير التي وضعها لاختيار أعظم شخصيات التاريخ منذ آدم عليه السلام!!
فصلوا عليه وسلموا تسليما، والحمد لله على نعمة الإسلام.
ودمتم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق