السبت، 29 يوليو 2023

حتى لا تتكرر رابعة!

 حتى لا تتكرر رابعة!

د. حاكم المطيري 

‏يدعو أسرى الأوهام الفكرية – من نخب الأحزاب الإسلامية التي انفصلت عن أمتها وواقعها – الشعب التركي اليوم إلى عدم المشاركة السياسية في أخطر معركة يخوضها مع الغرب والحملة الصليبية منذ مئة عام دفاعا عن حريته وسيادته – لتعود حينئذ إلى السلطة من جديد الأحزاب التي سامته سوء العذاب سبعين سنة – بذريعة أن المشاركة السياسية هي تعزيز للعلمانية في تركيا!

‏تماما كما دعوا من قبل الشعب العراقي ألّا يواجه الاحتلال الأمريكي ٢٠٠٣ لأن ذلك سيكون لصالح نظام صدام فذهب العراق كله تحت الركام، فلم يبق شعب ولا نظام!

‏وكما دعوا المصريين للاعتزال بعد انقلاب ٢٠١٣ خشية حدوث الفتنة فدفع الشعب المصري وشعوب العالم العربي كله الثمن فادحا إلى اليوم في أشد فتنة يعيشها العرب منذ عقود!

‏دون أن يفرق هؤلاء المهووسون فكريا بين الأمة وأرضها ووجودها وبين الأنظمة التي تحكمها فلا يتصورون أن الشعوب تدفع عدوها عن نفسها وأرضها ووجودها دون نظر لطبيعة السلطة القائمة ومصلحتها!

‏وهذا الهوس هو الذي جعل ابن العلقمي يدعو أهل بغداد لعدم قتال المغول الكفار نكاية بالخليفة العباسي الذي يراه ظالما فسقط المشرق الإسلامي كله سنة ٦٥٦ تحت سنابك خيل هولاكو!

‏ إن شعوب الأمة بعقلها الجمعي تعرف مصالحها وتدرك الخطر الذي يهددها بغريزتها ولا تنتظر عادة لتخوض معاركها المصيرية سواء العسكرية أو السياسية فتاوى الجماعات الإسلامية وأحزابها المهووسة بعقائدها ورؤاها الحزبية ممن خذلتها في كل ساحات الصراع مع العدو الخارجي سواء من انحاز من هذه الجماعات والأحزاب إلى الحملة الصليبية تحت ذريعة إقامة الديمقراطية كما حدث في أفغانستان ٢٠٠١ والعراق ٢٠٠٣ ودول الربيع العربي ٢٠١١ والربيع التركي ٢٠١٦!

‏أو من لزم الحياد من هذه الجماعات والأحزاب وتخلت عن الأمة وشعوبها وجهادها – لتخوض الأمة معركتها وحدها – تحت ذريعة عدم وجود خلافة إسلامية!

‏لتكون النتيجة في كلا الحالين من الفريقين استسلام الأمة وشعوبها للحملة الصليبية ونخبها الوظيفية فلا حرية وديمقراطية ولا شريعة وخلافة إسلامية! ولتتكرر فاجعة مذبحة رابعة في كل بلد إسلامي يعلو فيه هذا الصوت النشاز المنكر عقلا وشرعا، وعرفا وطبعا!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق