الأحد، 5 مايو 2024

إلى العصيان يا أمة المليارين؟

 

إلى العصيان يا أمة المليارين؟

أتمت المقاومة الباسلة والصمود الأسطوري في وجه حرب الإبادة الشاملة الصهيو-أميركية على قطاع غزة؛ الشهر السابع، والشعوب العربية والإسلامية بكل فئاتها تراقب المعركة على الشاشات، وفي منصات التواصل الاجتماعي، وأقصى ما استطاعت القيام به لنصرة غزة والدفاع عن شرفهم وعزتهم، وإثبات انتمائهم وصدق إيمانهم؛ الدعاء والمسيرات الشعبية، باستثناء المساهمات الدائرة في الجبهة الشمالية مع لبنان، بالإضافة إلى مشاركات محدودة من النظام الحوثي في اليمن والمجموعات الإسلامية في العراق وسوريا. فماذا تنتظرون أيها العرب؟ هل هذا كل ما تستطيع فعله أمة المليارين؟ كلا! هناك الكثير والكثير مما تستطيع القيام به مما لا يصطدم مع الأنظمة السياسية، ولا يزعزع استقرارها.

ماذا دهاكم يا أمة المليارين حتى تتقاعسوا، وبين أيديكم الكثير مما يمكن أن تعملوه؟ وماذا سيقول عنكم أبناؤكم وأحفادكم وأبناؤهم وأحفادهم، عندما يقرأون عن تخاذلكم في نصرة غزة؟ وكيف سيدارون وجوههم عندما يعرفون أن منكم من تواطأ على قتلهم وتدميرهم ومساندة أعدائهم؟

ماذا دهاكم؟

وجهت في مقال الأسبوع الماضي بهذه الزاوية؛ دعوة مفتوحة لنشطاء العالم إلى الانتقال من المسيرات الاحتجاجية إلى الاعتصام المدني، لزيادة الضغط على حكوماتهم وعلى القوى المعنية في العالم من أجل إيقاف هذه الحرب الظالمة على أهلنا في قطاع غزة، ودعم المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، كما عرضت المبررات القوية التي تحث على ذلك، وشددت على ضرورة الكف عن المسيرات الاحتجاجية والتحول إلى العصيان المدني، فإن هذه المسيرات هي أفضل هدية تقدمها الشعوب للسلطات السياسية، لما تقوم به من تفريغ للشحنات العاطفية والانفعالية التي تثيرها مشاهد القتل والدمار المتواصلة في غزة على مدار الساعة، وقد رأينا ماذا فعلت الاعتصامات الطلابية، في العديد من جامعات الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية؛ حيث استفزت حكوماتهم وبرلماناتهم وطواقم تدريسهم ومنظمات المجتمع المدني عندهم، فكيف إذا انتقل الحراك الشعبي من مرحلة الاعتصام إلى العصيان المدني؟

منذ سبعة أشهر وغزة تقف وحدها دون نصير من الناس، في وجه العدوان الإجرامي الصهيو-أميركي، قدمت فيها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وذاقت جميع ألوان الإبادة الجماعية التي شاهدتموها وتعرفونها جيدا، دمرت مؤسساتها ومدارسها وجامعاتها ومستشفياتها ومساجدها وأسواقها ومواصلاتها ومخابزها، من بين ما دمر من البنية التحتية والفوقية، وما زالت غزة صامدة لم تنحنِ ولم تنكسر، تتحدى قادة العدوان بكل شموخ وكبرياء.

فماذا دهاكم يا أمة المليارين؟ من الأَولى بالإضراب والاعتصام، أنتم أم طلاب الجامعات في دولهم التي تستعمرنا وتتآمر علينا؟ ما الذي سيضيركم يا أمة المليارين أكثر مما أضر غزة، لو قمتم بالعصيان المدني لمدة أسبوع أو أسبوعين أو شهر، لتعلموا قادة هذا الإجرام أنكم قادرين على إرباك حساباتهم وتعطيل مصالحهم في العالم أجمع، من جاكرتا إلى مراكش، ومعهم العرب والمسلمون المجنسون في الدول الغربية البالغ تعدادهم أكثر من ٤٠ مليون نسمة في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا؟

ماذا دهاكم يا أمة المليارين حتى تتقاعسوا طيلة الأشهر السبعة الماضية، وبين أيديكم الكثير مما يمكن أن تعملوه؟ ماذا سيكتب التاريخ عنكم؟ وماذا سيقول عنكم أبناؤكم وأحفادكم وأبناؤهم وأحفادهم، عندما يقرأون عن تخاذلكم وتقاعسكم في نصرة أهلكم في غزة؟ وكيف سيدارون وجوههم عندما يعرفون أن منكم من تواطأ على قتلهم وتدميرهم ومساندة أعدائهم؟ وماذا ستقولون لبارئكم يوم الحساب؟

لقد أجبرتكم جائحة كورونا على العصيان المدني والاعتكاف في البيوت والتوقف عن السفر والبيع والشراء والتزاور لعام كامل، فهل تستكثرون على غزة أسبوعاً أو أسبوعين لنصرتها والوقوف إلى جانبها بما تستطيعون؟

بداية الخيط

مازال في الوقت متسع للتحرك الفعال الحكيم والموجه القادر على التأثير في التحالف الصهيو-أميركي لإجباره على إيقاف عدوانه البربري في قطاع غزة، بعيدا عن المسيرات والاعتصامات، وقد جربتم من قبل سلاح المقاطعة وتأثيره على الشركات الداعمة للكيان الصهيوني.

وأقترح من هذا المنبر القيام بما يأتي:

  • إعلان مناسبة ذكرى احتلال فلسطين عام ١٩٤٨م، والتي توافق يوم الأربعاء القادم ١٥ مايو/ آيار؛ ليكون يوم إطلاق الاعتصام المدني في العالم العربي والإسلامي لمدة أسبوع قابل للتمديد حتى يتم وقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة.
  • قيام علماء الإسلام فرادى ومنظمات واتحادات، بإصدار البيانات الخاصة بذلك، والحث عليه في خطب يوم الجمعة القادم الموافق ١٠ مايو/ آيار.
  • حث الكتاب والإعلاميين ووسائل الإعلام على تناول الموضوع وتأييده والدعوة إليه.
  • التدرج في قطاعات العصيان باختيار القطاعات الأكثر تأثيرا على مصالح الدول الداعمة للكيان الصهيوني وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وعلى رأس هذه القطاعات: الطيران والمواصلات والتجارة والبنوك والسياحة والأسواق.
  • تتحمل النخب العربية والإسلامية من الأكاديميين ورجال الأعمال والفنانين والمؤثرين والنشطاء ونجوم المجتمع؛ المسؤولية الكبرى في هذا العصيان بالتجاوب مع العصيان والقيام بما يتطلبه منهم من أعمال تؤكد انتماءهم وتزيد من تأثيرهم.
  • دعوة الشعوب العربية والإسلامية ومناصري غزة في دول العالم إلى الاعتصام داخل بيوتهم، طيلة هذا الأسبوع، وعدم الذهاب إلى مدارسهم أو جامعاتهم أو أعمالهم، وعدم النزول إلى الأسواق.
  • دعوة الحكومات العربية والإسلامية وغيرها من دول العالم لتسهيل تنفيذ هذا العصيان، ومساعدته على تحقيق أهدافه التي لم تستطع السياسة والدبلوماسية تحقيقها أمام التوحش الصهيوني.

الجمعة القادمة على الأبواب، وذكرى النكبة وراءها بأيام، فهل تتحركون؟

أن من شأن هذا العصيان أن يشل حركة هذه القطاعات محليا وإقليميا وعالميا، وتعطيل مصالح شركاتها ومستثمريها وبضائعها ومستهلكيها، ومن شأنه أن يوصل رسالة للتحالف الصهيو-أميركي والدول الغربية الداعمة لها مفادها أن العالم العربي والإسلامي يدعم غزة ويؤيد مطالب الشعب الفلسطيني، ولن يسكت على ما يقوم به الاحتلال الصهيوني من انتهاكات وعربدة واستباحة في غزة والضفة الغربية.

ومن شأن هذا العصيان أن يسمح لأمة المليارين أن تتحرك وأن تقوم بدورها في نصرة أهلها في قطاع غزة، وألا تقتصر على الحشود والمسيرات الشعبية.

أما كيف تتحركون، ومن أين تبدؤون، وكيف تنظمون عصيانكم، فهو متروك لكم، كل حسب ظروفه وإمكانياته.

لقد أجبرتكم جائحة كورونا على العصيان المدني والاعتكاف في البيوت والتوقف عن السفر والبيع والشراء والتزاور لعام كامل، فهل تستكثرون على غزة أسبوعا أو أسبوعين لنصرتها والوقوف إلى جانبها بما تستطيعون؟

الجمعة القادمة على الأبواب، وذكرى النكبة وراءها بأيام، فهل تتحركون؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق