الثلاثاء، 9 يوليو 2024

النضال الأخضر... بالبكيني الأحمر!

النضال الأخضر... بالبكيني الأحمر!

عزيزي القارئ، إذا كنت تسير بسيارتك، ثم وجدت «قُطّاع طرق» وقفوا أمامك، وناموا أمام العجلات ومنعوك ومنعوا الناس من المرور، أو إذا كنت في متحف وتفاجأت بمجموعة من الناس تدمر وتكسر اللوحات الفنية أو تقوم بطلاء المعروضات باللون البرتقالي... فلا تعتقد أنك أمام جماعة إرهابية مسلحة... فغالباً هؤلاء الناس هم «المناضلون البيئيون».

المناضلون البيئيون يسعون إلى تحقيق تأثير إيجابي على الكوكب والبيئة، ولكن ليس من خلال زراعة الشجر، بل من خلال أسهل وسيلة لتحقيق التوازن من وجهة نظرهم وهي تخريب الفن وطلاء الآثار والتحف وتدميرها وتعطيل حركة الناس في الشوارع، من أجل تحقيق التوازن بين الاقتصاد والبيئة.

قد يبدو هذا الطرح عزيزي القارئ مجنوناً، ويذكرك بحكاية الغربال الذي انتقد إبرة لأن بها ثقباً! ولكن هذه هي وجهة النظر المعروضة في سوق النضال البيئي... فإما أن تقبلها وإما أنك لست عميقاً بما يكفي!

عندما يصبح الفن ضحية للنضال الأخضر، فلا شك أننا أمام معضلة تشبه معضلة وجود الواعظ في شاطئ...، يرتدي شورتاً أخضر، ليعظ الشقراء الصهباء صاحبة البكيني الأحمر... في كلتا الحالتين أنت أمام لغز من ألغاز الحضارة الحديثة.

كان يمكن للمقال أن يتوقف هنا، لولا أنني تعرّفت أخيراً على مدرسة نقدية في الرواية والقصة وفي الأعمال الفنية لا يقتصر دورها على تحليل النصوص والكلمات والرسومات، بل تقييم الأعمال الفنية بناء على تأثيرها البيئي، وهذا يعني أن اللوحة التي رسمها فنانك المفضل قد تكون مذنبة بتلويث البيئة، ويجب أن تُحاسب أنت وهو والمتحف على ذلك.

مع تصاعد حدة النقد البيئي، يخرج لنا نقاد أدبيون بيئيون -وكأن المشرحة ناقصها الجثث - حينها يتساءل الكثيرون هل يمكن للفن والنقد البيئي أن يتعايشا بسلام؟ هل يمكن أن نجد طريقة لجعل الفن أكثر استدامة وبيئة دون الحاجة إلى الأعمال التخريبية؟

في النهاية، ليس هدف هذا المقال أن يجعل من النقد البيئي موضوعاً للسخرية، ولكنه تساؤل عن الحلول الفعلية للمشكلات البيئية، بدلاً من أن يتم توجيه الجهود نحو تخريب الفن.

هل هذا هو الطريق الصحيح لتحقيق التغيير؟ أم أن النقد البيئي يحتاج إلى إعادة التفكير في إستراتيجياته؟ 

ربما يكون النقد البيئي قد جاء بفكرة نبيلة، ولكن الطريقة التي يتم بها تطبيقه تثير الكثير من الجدل والسخرية، يمكننا استخدام الفن كوسيلة لنشر الوعي البيئي وتعزيز الاستدامة. في النهاية، يجب أن يتعايش الفن والنقد البيئي بسلام، لأن كليهما يسعى نحو مستقبل أفضل وأكثر استدامة.

وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

قصة قصيرة:

الضابط: لماذا سرقت اللوحة من المتحف؟

اللص: حفاظاً على البيئة يا سيدي.

الضابط: حفاظاً على البيئة... كيف؟

اللص: إن فيها ألواناً صناعية تلوث البيئة، وبروازها مقطوع من شجرة تم قطعها الشهر الماضي... أردت أن أُرسل رسالة للعالم، أن الفن الذي لا يحترم البيئة يجب أن يُزال.

الضابط: يا سلام سلم على مخك البلالنط، يا بحر العلم، يا ترعة المفهومية، يا فيلسوف الحمير!

moh1alatwn@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق