ما الذي دهانا يا قوم؟!
أدهم شرقاوي
ما الذي دهانا يا قوم؟ ألسنا الذين يتغنّون ببطولة المعتصم الذي جهّز جيشا كاملا لأجل امرأة واحدة استنجدت به؟! فما لنا وضعنا أصابعنا في آذاننا فلا تسمع صراخ حرائر غزّة؟ ما لنا نراهُنَّ يُخرجنَ من تحت الأنقاض أشلاءً فنشيحُ النظرَ، وإن نظرنا فلا تتحرك فينا غيرة الرجل على عِرضه؟ بئس الخلف الذي لا يحفظ من سلفه إلا حكايات مروءاتهم ولا يسير سيرتهم!
ما الذي دهانا يا قوم؟ تُعجبنا مكارم أخلاق الجاهليين وحُقَّ لنا أن نُعجبَ بها، ولكننا ندّعي بهم وصلاً ونحن لا نُشبههم، نطرب لمروءة مطعم بن عديّ حين جاءه النبي صلى الله عليه وسلّم مستجيراً، فصرخ في أولاده قائلاً: البسوا السلاحَ، وكونوا عند أركان البيت، فإني قد أجَرت محمداً!
فما لنا ينشُدُنا أهلُ غزَّة اللهَ والرَّحمَ صباح مساء، ينادوننا هل من مجير؟! فلا ننبس ببنتِ شفة، كأن على رؤوسنا الطير!
ونحن نعرف أن هذا الذي يُسفك دم لا ماء، وهذا الذي يُقطع أشلاء لا أغصان!
ما لنا قد ألِفنا المشهدَ كأنه فيلم نشاهده للمرّة المئة والرابعة والثلاثين، هي أيام مذبحة إخواننا!
ما الذي دهانا يا قوم؟ نحدِّث فيما بيننا عن حصار قريش للمسلمين في شِعْب أبي طالب، ويطربنا قول زهير بن أبي أمية وهو يومذاك على الشرك: يا أهل مكة أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يبتاعون ولا يُبتاع منهم؟ والله لا أقعد حتى تُشَقّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة! فما بالنا نحن نأكل ونشرب ونلبس وأهل غزّة هلكى، برزتْ من الجوع عظام أولادهم، وقوافل المساعدات عند المعبر تنتظر إذْنَ عدوّهم لتصل إليهم، استكثرنا عليهم أن يُقتلوا وبطونهم ملأى، رضينا أن نجمع عليهم الجوع والقتل، أليس عارا ألا تكون فينا أخلاق الإسلام ولا مروءة الجاهلية؟!
ما الذي دهانا يا قوم؟ نتغنّى بقول هشام بن عمرو بن الحارث مستحثّا صاحبيه على دفع الظلم عن قومهم: “يا زهير: أرضيت أن تأكل الطعام، وتلبس الثياب، وتنكح النساء، وأخوالك حيث علمت؟! يا مطعم: أرضيت أن يهلك بطنان من بني عديّ بن عبد مناف وأنت شاهد ذلك موافق فيه؟”.. ثم ها نحن رضينا أن نشيح النظر عن مقتل أهلنا، بترْنَا عضوا كان يجب أن نتداعى له بالحمى والسهر، نِمْنا ليلا طويلا، وقلنا له: فلتُصبِحْ على موتك!
ما الذي دهانا يا قوم؟ كيف نضع عيوننا بعيون أطفالنا وهم يعرفون أنه لو أصابهم غدا ما أصاب أطفال غزّة اليوم فإننا لن ندفع عنهم! كيف نضع عيوننا بعيون نسائنا وقد علمنَ أننا لسنا ممن يدفع عن عرضه، وأنه لو أصابهُنَّ غدا ما أصاب نسوة غزّة اليوم فإننا سنُسلمهُنَّ، فلا فرق بين عِرض وعرض!
أشهد أنه رسول الله، وأنه صادق مصدوق، وأنه ما فينا من قِلّة، ولكننا غثاء كغثاء السيل!
ما الذي دهانا يا قوم؟ نحدِّث فيما بيننا عن حصار قريش للمسلمين في شِعْب أبي طالب، ويطربنا قول زهير بن أبي أمية وهو يومذاك على الشرك: يا أهل مكة أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يبتاعون ولا يُبتاع منهم؟ والله لا أقعد حتى تُشَقّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة! فما بالنا نحن نأكل ونشرب ونلبس وأهل غزّة هلكى، برزتْ من الجوع عظام أولادهم، وقوافل المساعدات عند المعبر تنتظر إذْنَ عدوّهم لتصل إليهم، استكثرنا عليهم أن يُقتلوا وبطونهم ملأى، رضينا أن نجمع عليهم الجوع والقتل، أليس عارا ألا تكون فينا أخلاق الإسلام ولا مروءة الجاهلية؟!
ما الذي دهانا يا قوم؟ نتغنّى بقول هشام بن عمرو بن الحارث مستحثّا صاحبيه على دفع الظلم عن قومهم: “يا زهير: أرضيت أن تأكل الطعام، وتلبس الثياب، وتنكح النساء، وأخوالك حيث علمت؟! يا مطعم: أرضيت أن يهلك بطنان من بني عديّ بن عبد مناف وأنت شاهد ذلك موافق فيه؟”.. ثم ها نحن رضينا أن نشيح النظر عن مقتل أهلنا، بترْنَا عضوا كان يجب أن نتداعى له بالحمى والسهر، نِمْنا ليلا طويلا، وقلنا له: فلتُصبِحْ على موتك!
ما الذي دهانا يا قوم؟ كيف نضع عيوننا بعيون أطفالنا وهم يعرفون أنه لو أصابهم غدا ما أصاب أطفال غزّة اليوم فإننا لن ندفع عنهم! كيف نضع عيوننا بعيون نسائنا وقد علمنَ أننا لسنا ممن يدفع عن عرضه، وأنه لو أصابهُنَّ غدا ما أصاب نسوة غزّة اليوم فإننا سنُسلمهُنَّ، فلا فرق بين عِرض وعرض!
أشهد أنه رسول الله، وأنه صادق مصدوق، وأنه ما فينا من قِلّة، ولكننا غثاء كغثاء السيل!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق