الحَارِسُ الأمين!
يروي «إيسوب» في كتابه «خُرافات» أنَّ الخِراف كانتْ محميَّة بشكلٍ تامٍ من كلابِ الحراسة، ولم يكُنْ غيرها يمنعُ الذئاب من افتراسِ الخِرافِ على نحوِ ما تُريد!
اجتمعَ الذئابُ فيما بينهم، وخلصوا إلى أنه لا يُمكن لأنيابهم القاسية أن تبطشَ بلحمِ الخِراف اللذيذِ إلّا إذا نحَّتْ كلاب الحراسةِ جانباً، وأنه لا بُد من حِيلةٍ ليتم لها ذلك!
أرسلتْ الذئابُ رسولاً إلى الخِراف ليقول لها:
لماذا تستمرُ العداوةُ بيننا إلى الأبد، إن تلك الكلاب الشريرة هي السبب، فهي لا تكف عن النباحِ في وجوهنا، أبعدوها عنكم ولن تعودَ هُناك أي عقبة أمام الصداقةِ والسلام!
استمعتْ الخِرافُ إلى هذا الكلامِ المعسول، ووقعَ في قلبها موقعَ القبول، فقامتْ بإعفاءِ كلابِ الحراسةِ من عملها، وأبعدتها عن القطيع!
وفي اليومِ التالي كانتْ الذئابُ تنهشُ لحومَ الخِراف!
القصصُ والأمثالُ بالمعنى لا بالألفاظ!
كان لهذه الأُمَّة أيام مجدها حارسٌ أمينٌ مُخلصٌ هو هذا الدين، جعلها تقودُ ولا تُقاد، تُؤثِّرُ ولا تتأثر، تتقدمُ ولا تتقهقر، فأزاحَ أعداؤنا- في لحظةِ ضعفٍ منا- هذا الحارس فسهلَ عليهم افتراسنا!
إنَّ هذا الحارس الأمين لم يُنحَّ مرةً واحدةً، لقد هاجموه عضواً عضواً تحتَ مسمياتٍ برَّاقة، وعناوين ساحرة، وما النية والقصد إلا قتل هذه الروح التي بدونها تُصبحُ الأُمَّة جسداً ميتاً، تتلقَّى الضربة تلو الضربة ولا تجرؤ أن ترفعَ يدها لتتفادى الضربة فضلاً عن أن تردها!
جاؤونا مرةً ببدعةِ تغييرِ المناهجِ لأنها تُربي على العنف!
وجاؤونا مرةً أخرى بتنقيحِ البُخاري وكتبِ الصِحاح!
ثم أعملوا معاولَ هدمهم في عمادِ المجتمعِ وهو الأُسرة، أغروا المرأة بالتحررِ وكأنها أَمَة مُستعبدة، وهي لم تُوَقَّر في دِينٍ ولا حضارةٍ كما في الإسلام، وهم لا يُريدون حُريتها إنما حُرية الوصول إليها!
دَعْكُمْ من كلامهم المعسول في المؤتمراتِ، وخُذوا الحقيقة من أفواهِ مُفكِّريهم.
يقولُ «توماس بين» في كتابه «عصر العقل»: الآن تغيرَ الحال، وصارَ المسلمون في قبضةِ أيدينا، ولكن ما حدثَ مرة يمكن أن يحدثَ مرة أخرى، إن الشعلة التي أشعلها محمد- صلى الله عليه وسلم- في قلوبِ أتباعه هي شعلة غير قابلة للانطفاء!
إنهم يعرفون جيداً أننا أُمَّة تمرضُ ولا تموت، كل ما يفعلونه الآن أن يُطيلوا فترة المرض فقط!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق