إضاءات منهجية عقدية
النازلة الغزية تشير الى حقيقة مرة فما هي؟
إن حجم التضحيات الجبارة والصمود الرهيب الذي يعجز المرء عن وصفه كما هو واقع الآن في غزة وطولكرم وجنين والقدس والخليل..
يشير الى أن مادة النصر متوفرة ولكن أسبابها غير متحققة، الأمر الذي يوجب تأخر النصر باعتبار سنن الله التي لا تحابي أحدا ولا مبدل لها.
إن عظمة التضحيات الفلسطينية ليست فريدة في أمتنا العظيمة كما يصورها البعض! وإن ما حصل في الشام وفي مصر ومن قبلهما في العراق لا يقل عما يحدث في أرضنا المباركة من مشاهد بطولية وتضحيات جسام، ورغم ذلك فكما تأخر النصر عن فلسطين فإنه قد غاب من قبل عن مصر والعراق واليمن والشام، وذلك لنفس الأسباب التي تجاهلناها ولم نتوقف مليا أمامها ولم نتراجع عنها ولم نحاسب أنفسنا عليها!
إن مادة النصر التي تتوفر في حواضر أمتنا وبين شعوبنا المسلمة اليوم لم تتوفر لكثير من الرسل والأنبياء، ولكننا لم نحقق النصر -بمعنى التمكين- بعد! وما ذلك إلا بسبب ضعف في دور العلماء ورثة الأنبياء، وكذلك بسبب غياب مشروع حقيقي منحاز للأمة ومرتبط بهويتها وواع بالتحديات المتعددة التي تواجهها.
إن حالة التدني في مشاريعنا المطروحة اليوم وصلت الى حد التيه الموجب للهلاك عندما رهنت تضحياتنا العظيمة ودمائنا الزكية بمشاريع الأعداء، ثم روجت لما فيه اعتداء على الأمة وإساءة الى الله بالقول إن الله سيحرر بيته الأقصى ومعراج نبيه بسواعد الملالي الإيرانيين الذين يطعنون بكل مقدس في الدين وينحرون رقاب عباده الموحدين، ويستبدلون ملكوت الله بملكوت الولي الفقيه! فكيف سينزل نصر هو من عند الله؟
لقد تخلينا عن الله عندما وضعنا أيدينا وأيدي المجاهدين بأيدي أعداء الله والأمة والدين، فتخلى الله عنا، ولسان حال قياداتنا تنشد النصر من طهران وهي واقفة ومنتظرة -بذل وانخفاض لا يليق بالموحدين- على أبواب الملالي الإيرانيين.. فكانت الحصيلة غزة الآن وما حل بها من خراب، وهكذا من قبل فلتت منا الشام وتفككت العراق وسحبت من بين أيدينا مصر وأحرقت وسرقت السودان!
إن التوبة الواجبة في حق الأفراد هي أوجب في حق الجماعات والأحزاب، ودلالتها الحقيقية في حق الجماعات بتغيير الأفكار والمناهج الفاسدة والتراجع عن الخطوات الضالة والندم عليها، فهل ستتوب حركاتنا الفلسطينية قبل أن يستبدلنا الله بمن هم خير منا ولن يكونوا أمثالنا؟ وهل سيتوقف دعاة الضلال عن التسويغ له، ويعلو من شأن دين الله والحق والصواب الذي لا يتجاوز اعتبار مصالح ومفاسد عموم الأمة ولو على حساب الحركات والتنظيمات؟
إن الأعمال الجهادية الواجبة والعظيمة لن تصل لغاياتها ولن تحقق أهدافها طالما لم تستكمل أسباب النصر الواجبة أو أنها بقيت مختلة المناهج قاصرة الأفهام ومخطئة في المواقف، وهذا هو حالنا في فلسطين ومصر والعراق واليمن والشام.
اللهم نسألك وأنت الله الذي لا إله إلا هو أن تهدينا الى سواء السبيل فإياك نعبد وبك نستعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق