إضاءات إصلاحية سياسية حركية
لم يتبق أمام الإخوان المسلمين غير حلِّ الحركة وتفكيك التنظيم
رؤية: مضر أبو الهيجاء
من نافلة القول الإشارة إلى أنَّ تنظيم الإخوان المسلمين -سواء المصري أو السوري- حافظ إلى حدٍّ كبير على منطلقاته وتصوراته الشرعية وتمسُّكه بأصول الدِّين، وذلك في مواجهة مشروع العلمنة والسيولة الفكرية التي ضربت عقول كثيرٍ من حركات الإخوان في أصقاع شتى وبدلت تصوراتهم، ومنها حركات الإخوان المسلمين في دول المغرب العربي الكبير وأوروبا وغيرها.
ورغم تمسُّك بعض الحركات الإخوانية بالمنطلقات الإسلامية إلَّا أنَّها لا تملك صلاحية ضبط اجتهادات فروعها الأخرى وبعض قياداتها المبرزين والمبايعين، سواء في المشرق أو المغرب، أو حتى في بيئة الخليج سلفية التوجه، الأمر الذي جعل المتشابه الوحيد بين جميع حركات الإخوان المسلمين هو مصطلح ومسمى الإخوان المسلمين فحسب!
إنَّ من عدم الإنصاف -بل من المجحف- إعطاء توصيف وأحكام عامة واحدة حول حركات وقيادات الإخوان المسلمين، لا سيَّما وأنَّ حجم التباين بينها بارز، وهو ماضٍ في التضخُّم ويتوسَّع مع كلِّ حدثٍ وفي كلِّ حين، وذلك دون دعوة حقيقية لمراجعة تضبط الاجتهادات وفق مسطرة منسجمة -على الأقل في حدود فروع التنظيم الدولي وحركاته- لتمنع من تصدُّعه واتساع الشروخ!
إنَّ فقر الفقه السياسي وهشاشة التقعيد الأصولي سببٌ في انحراف وتشظِّي الإخوان المسلمين!
لم يتحقَّق في تنظيم الإخوان المسلمين وحركاته المنتشرة ما تحقَّق في أصقاع الأرض من انسجام جسَّده علماء المدارس الإسلامية والأئمة الكبار كأبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل وغيرهم من أئمة المذاهب الذين صبغوا المجتمعات الإسلامية على امتداد الكرة الأرضية بصبغة منسجمة شكَّلت هوية ثقافية وسياسية جامعة وصلبة، وذلك خلال خمسة عشر قرناً، وكأنها مجتمعات نشأت في مدرسة واحدة رغم تباعد الزمان واختلاف الجغرافيا وتنوع الأعراق وتعدد اللغات، ولم يشذَّ عنها إلَّا الطوائف الباطنية وفرق الشيعة.
ومن الملاحَظ والمعايَن أنَّ التجربة الإخوانية -لا سيَّما بعد حقبة الثورات العربية- تعيش صراعات وأزمات خارجية وداخلية نوعية تزيد في توسُّع الشروخ، كما توسِّع مساحات التباين لدرجة التناقض الصارخ والجارح فيما بينها، وسأعطي مثالين لتوضيح ذلك على سبيل الذكر لا الحصر، وذلك بغية فهم المعضلة ثم اقتراح الحلِّ الذي يكمن في حلِّ التنظيم.
إنَّ المثال الأول في السياق الموضوعي والشأن العام هو موقف حركات وقيادات الإخوان المسلمين تجاه مشروع ملالي إيران، حيث يشكِّل تنظيم الإخوان السوريين التنظيم الأبرز في موقفه الواضح والمتَّزن تجاه المشروع الإيراني منذ وصول الخميني واستلام الملالي مفاتيح طهران برعاية أمريكية فرنسية، وهو موقفٌ نقيٌّ وسليم في بعده الفقهي والسياسي، والذي عزَّزه استفحال شرور ملالي إيران في المنطقة العربية الواسعة من فلسطين حتى طنجة خلال أربعة عقود مشهودة الشرور والإجرام.
لم تمنع كلُّ شرور ومخاطر مشروع ملالي إيران من إقبال بعض التنظيمات الإخوانية على طهران والتماهي معها، وقد أخذت أشكالاً متعددة ومختلفة، منها ما كان على شكل تحالفٍ سياسي وثيق كما في حالة تنظيم الإخوان الفلسطيني (حركة حماس)، ومنها ما أخذ شكل ارتباطٍ سياسي مثل تنظيم الإخوان اللبناني (الجماعة الإسلامية)، بينما أخذت بعض الحركات مثل حركة الإخوان الأم في مصر شكل انزياح سياسي تدريجي نحو إيران، فيما ظلَّ شكلُ القطيعة والعداء عند الإخوان المسلمين السوريين قائماً ولا يزال!
إنَّ حجم التباين في علاقة وموقف وفهم وتصوُّر حركات الإخوان المسلمين لمشروع ملالي إيران كبيرٌ لدرجة التناقض المفضي إلى سؤال محرج وعميق، ألا وهو: هل حقاً تنتمي جميع الحركات الإخوانية إلى نفس المدرسة الشرعية الأصولية الفقهية والسياسية، أم أن ما يجمعها فقط مسمى ومصطلح الإخوان المسلمين، وصورية وتاريخية ومحدودية الأصول العشرين، والتي ما عادت تجيب على كثير من الأسئلة والتحديات في العصر الحديث؟
والمثال الثاني في السياق الذاتي والشأن الخاص هو موقف شقَّي حركة الإخوان المسلمين المصرية تجاه نظام السيسي وممارسة السياسة.
جسَّدت قيادات حركة الإخوان المسلمين المصرية وعبَّرت عن شرخ وانقسام أفقي ورأسي في التنظيم.
حيث رأى نصفها الأول ضرورةَ طرحِ مبادرة مصالحة مع رأس النظام المصري بهدف إنقاذ مَن تبقى من الإخوان المسلمين في سجون السيسي -وهم بعشرات الألوف- وبادر لتقديم تنازل خطير هو استحقاق للعفو الرئاسي، وذلك من خلال التعهد بترك العمل السياسي.
فيما وجد النصف الآخر فرصته للتألُّق أمام منافسه وأتباعه ومناصريه برفض المبادرة والتمسُّك بالعمل السياسي، ورفع الصوت عالياً باعتبار أنَّ الصوت الأعلى هو دلالة الحقِّ والثبات عند عموم القطيع!
لا شكَّ بأنَّ منهج البيعة الإخوانية صِيغ وفق تصوُّر عصبوي فقير من الناحية الفكرية والفقهية، الأمر الذي أفضى إلى الجمع بين نموذج سيد قطب ونموذج علي جمعة داخل القواعد الصلبة والمفاصل المركزية للتنظيم، وهو ما يوجِب نحوه مراجعةً كُلِّيةً تصحِّحه.
مُعضلةُ اختطافِ التنظيم لجماعة المسلمين وحُلولُ الجماعة في محلِّ الأمَّة!
إنَّ أكثرَ ما يجسِّد اختطاف التنظيم بدلالته الحزبية للجماعة بدلالتها الشرعية وأكثر ما يشير لإزاحة الحركة للأمَّة وتقمُّصها لدورها واختزالها بكيانها الخاص، وحلول الجماعة – بدلالتها التنظيمية- في محلِّ الأمَّة هو:
1- اتخاذ الحركة والحزب قرارات مصيرية بحقِّ شعوب الأمَّة بشكل أحادي لا يقبل المشاركة مع عقول الأغيار من خارج الحركة، ودون قراءة سابقة فيها معقولية بالنظر المعتبر لواقع عموم الأمَّة!
2- قياس المصالح والمفاسد بمسطرة حزبية لا تعتبرُ المآلات الواقعة على شعوب الأمَّة، ودون تصوُّرٍ للمآلات، والتي تبقى مساحتها المعتبرة في النظر للتنظيم والحركة والجماعة باعتباره هو الأمَّة!
فإنَّ أرادت الحركة وقرَّرت إعادة النظر فإنَّها تعيد قراءة الموقف وتقديره بناءً على واقع ومستقبل الجماعة وليس مستقبل الدِّين ولا واقع الامَّة!
3- الاستعلاء المذموم، ولعلَّ أبرز صوره يتمثَّل في جانبين أولهما خاص وهو الاستخفاف بجميع الحركات الاسلامية غير الإخوانية واستبعادها من أيِّ مشاركة حقيقية في خطوات وقرارات مشاريع البناء أو في معالجة النوازل التي تحلُّ بالأمَّة حتى تصل جنازير الدبابات لأعناق القيادات، وثانيهما عام يتجسَّد في شعور استعلاء الدَّم الحزبي على عموم دماء النَّاس، رغم أنَّ أحدَ أهمِّ الدوافع والمبررات لتشكيل تلك الحركات هو عمارة الأرض وتحسين شروط حياة الناس وتخفيف أشكال معاناتهم وحفظ دمائهم مهما تكلَّف الحزب والحركة في نفسه من تضحيات، إلَّا أنَّ المعادلة القائمة اليوم معكوسة، حيث تُهدر دماء عموم الأمَّة دون توقُّفٍ وتدبُّرٍ ونظر، وذلك بسبب قرارات وخطوات تتخذها الجماعة -في كثير من الأحيان- انطلاقاً من رؤية حزبية ضيقة تحدد لها المدَّ والجزر بغض النظر عن مخاطر الغرق الذي سيحدثه قرارُ المدِّ في الأمَّة أو مخاطر الجوع والفقر الذي سيؤول إليه حال الأمَّة بسبب قرار الجزر!
صور من تجارب حركة الإخوان المسلمين التي تسببت في حالة مد أغرق شعوب الأمة أو حالة جزر تسبب في جوعها وعطشها!
أولاً، نموذج قرارٍ أنتجَ حالة المدِّ:
إنَّ قرار حركة الاخوان المسلمين في فلسطين (حماس) بالقيام بمعركة السابع من أكتوبر، وذلك بعقلية الحزب الذي اختطف الجماعة، والحركة التي حلَّت مكان الشعب، دونما إعمالِ عقلٍ ونظر وتدبُّر فيما آلت اليه المنطقة العربية -لا سيَّما دول الطوق- بعد حقبة الثورات، ودونما تنسيق وترتيب مع مصر السوية والمتعافية -التي لا يتجاوز دورها في أي تغيير في فلسطين إلَّا شخصٌ غير راشد وجاهل بالتاريخ الماضي والمعاصر- أقول إنَّ هذا القرار والتدبير شكَّل افتئاتاً حقيقياً على الشعب الفلسطيني والأمَّة وقام بعملية مدٍّ أحدثت طوفاناً أمريكياً يهودياً صهيونياً أغرقَ غزة وهو ماضٍ في إغراق الضفة الغربية والمنطقة!
ليست الإشكالية في معركة الطوفان الفلسطينية هي مشروعية القتال ووجوب الجهاد العيني الواقع علينا في فلسطين حتى زوال المحتلين، ولكنَّ الإشكالية في شكل وإدارة مشروع التحرير المبني على تصوُّرٍ فاسد استبدل بناءَ الجسور مع شعوب الأمَّة بحلفه مع مشروع ملالي إيران المعادي، كما استبدل تواصله مع الشعوب بغزله وتودُّده للأنظمة الرسمية، فتحولَّت معاركنا المشروعة إلى سكين تذبحنا وتنهي قوتنا وتجزُّ عشبنا بفعل عدوٍّ ماكرٍ وخبيث!
ثانياً، نموذجُ قرارٍ أنتج حالة الجزر
قامت الثورة الأكبر والأهم والأكثر فاعلية في تاريخ الأمَّة المعاصر في مصر بهدف اقتلاع المنظومة العسكرية التي اختطفت مصر وجوَّعت وقتلت أهلها، وما إن بدأت تتدحرج الكرة الثورية فيها حتى قفزت حركة الإخوان المسلمين للصدارة واتخذت قرارها بالمشاركة فيها وحكم مصر من خلال توافق مع المنظومة العسكرية -الحاكم الفعلي في تاريخ مصر المعاصر- فأحدثت حالة جزرٍ أدَّت لتراجع الخط البياني في الفعل الثوري وعطَّلت استكمالها، الأمر الذي حال دون قطف ثمرات الثورات الشعبية بشكلٍ حقيقي وجوهري!
ليست الإشكالية في مشاركة حركة الإخوان المسلمين في الثورة، لا سيَّما أنَّ شبابها ورجالها دررٌ متميزة في مصر وبين أهلها، إنَّما الإشكالية في شكل إدارة العمل الثوري الذي افتأت على الجماهير الثائرة فأحبط مسارها، وليست الإشكالية في طلب الحكم، فهو واجب على المسلمين حتى تحقيق تمكين الدِّين من كافة جوانب الحياة، ولكن في التصور الإخواني الفاسد في التموضع في القصر من خلال توافقٍ مع المؤسسة العسكرية الظالمة التي ثار الشعب ضدها! وفي التفاهم الضمني مع الأمريكي الذي أغمض عيناً وأبقى الأخرى مفتوحةً ترقُب فريستها كالنسر!
وبكلمة يمكن القول إنَّ كلَّ جوانب الخير في حركات الإخوان المسلمين، وكلَّ ما قدَّمته في جوانب الإصلاح والدعوة ذهب كحرث الإبل الذي بعد أن يحرث الأرض يدوس حرثه ويغرق نبته!
الخلاصة:
لقد انتهى العمر الافتراضي لحركة الإخوان المسلمين بعدما قدَّمت كثيراً من البذل والتضحيات في مجالي الدعوة والإصلاح والجهاد والتغيير، ولكنها انتهت بسبب قصور قياداتها المتنفِّذة، وارتباطاتها وتفاهماتها وأحلافها غير السَّوية، وبسبب افتئاتها على شعوب الأمَّة، واستعلائها عن مشورةِ إخوانها، وتفرُّدها واستبدادها وإعجابها برأيها ورفضها للمراجعة، انتهى كلُّ ذلك إلى تدمير حرثها وطمر نباتها، ليس هذا فحسب بل أهلكت حرثنا جميعاً في سياق اجتهاداتها القاصرة، فاستهلكت رصيد الأمَّة الأكبر في تجارب فاشلة وهادرة، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم.
من دخل على السلاطين فتن!
مقولة اشتهرت بين السَّلف للإشارة للعلماء، واتهاماً لمَن دخل منهم على الحكام والسلاطين الذين كانوا يقيمون شرع الله آنذاك.
إنَّ مقولة “مَن دخل على السلاطين فُتن” ليست حكراً على آحاد العلماء، بل هي في حقِّ الجماعات والحركات أوجب، وترجمتُها اليوم تعني أنَّ الحركات التي تفاهمت وشاركت وتحالفت مع الحكام متَّهمة في دينها، فكيف بمن يتحالف مع مشاريع الباطل والأعداء ومَن هم حربٌ على الإسلام والمسلمين!
إنَّ مبادرة الخضوع السياسي التي قدَّمها جزء أصيل من تنظيم الإخوان المسلمين في مصر لإنقاذ إخواننا الدعاة والمجاهدين ومَن هم في سجون الظالمين هي مبادرةٌ قد تجاوزت الاجتهاد الحزبي لإنقاذ فئة من المسلمين في ظروف صعبة وقاهرة، إلى إتلافٍ وتشويهٍ وعرقلة لمشروعِ التغيير الإسلامي العظيم، وهو سلوكٌ واجتهاد سياسي يجسِّد ما تقدَّم طرحه في المقال من الأخطاء والقصور والافتئات عند عموم الحركات الإسلامية وخصوص حركات الإخوان المسلمين.
كان الأجدرُ أن يعلنَ تنظيم الإخوان المسلمين في مصر حلِّ الحركة وتفكيك التنظيم، لا سيَّما أنَّ مبادرتها وخضوعها للجيش بهدف الحصول على العفو الرئاسي عن أتباعها وعناصرها وقياداتها ستنهي فاعليتها كحركة إسلامية تمارس العمل السياسي، وهو ما سيتحقَّق بطبيعة الحال وبضمانة أكبر في حال إعلان حلِّ نفسها، ولكنَّه سيكونُ محصوراً ومحدوداً بها، دون أن تذهب سويةُ ومشروعية المشروع الإسلامي، ودون أن تقطع الطريق أمام كثيرٍ من الحركات والجماعات الماضية على هذا الطريق تحت إطارٍ ومسميات غير الإخوان المسلمين، فلماذا يتكرر هذا الافتئات على الأمَّة والدِّين في حال التراجع كما هو في حال الإقدام؟
لقد ربط تنظيم الإخوان المسلمين في مصر مصيرَ ومستقبل الشعب المصري بالتنظيم وخياراته في حالة المدِّ، وذلك عندما تقدَّم في الفعل الثوري، وهو مصرٌّ على ربط مصير ومستقبل العمل الإسلامي في مصر بقرار التنظيم واجتهاداته وهو في حالة جزر عندما قرَّر الانسحاب من العمل السياسي والتوقُّف عن الفعل الثوري، وكِلا الموقفين فيه افتئات على الأمَّة وعبثٌ بمصيرها، حتى وإن كان أصحاب القرار إخوة طيبين حفظةً للقرآن وفيهم المجاهدون.
وما فعله الإخوان في مصر بالأمس تكرِّره حركة حماس في فلسطين في سلوكها العام والخاص اليوم، وذلك رغم فوارق التشبيه واختلاف المعادلات والمعطيات.
مات الإمام أبو حنيفة ومثله الإمام مالك وتبعه الشافعي وابن حنبل، ومن قبلهم مات مَن نقلَ لنا هذا الدِّين العظيم وبيَّن لنا الصراط المستقيم وعلَّمنا القرآن الكريم محمدٌ صلى الله عليه وسلم، ورغم ذلك لم تتوقَّف الدول والحركات والمصلحين عن دورِ وراثة النبيين، وكان كلٌّ منهم يقف في زمانه على ثغرٍ من ثغور المسلمين لأجل أن يبقى دينُ الله ممكَّنٌ في الأرض، ساعينَ في عِمارتها ومحاربةِ الظالمين ونصرة المستضعفين والمظلومين ولو كانوا من غير المسلمين.
فما بالُ أقوامٍ خلطوا بين الغايات والوسائل، وبدل أن يحفظوا نقاءَ ومشروعية الغايات ويعيدوا النَّظر في الوسائل، عرقلوا تحقيق الغايات حرصاً وتعصُّباً للوسائل!
إنَّ حديثي لا يستهدف رصد جوانب الخير عند الإخوان المسلمين وما قدَّموه لأجل قضايا الدِّين، فهذا حقٌّ نشهد به، ولكنَّ حديثي عن الثُّقب الأسود المتركّز في المنهج والتصوُّر والسلوك السياسي لدى حركات الإخوان المسلمين، والذي لم يتوقَّف عند ابتلاع الحركة بل إنَّه قد ابتلع في كلِّ تجربةٍ جزءاً مهمَّاً من رصيد الخير ومكامن القوة عند المسلمين!
أعتقد أنَّنا لم نعِ بعدُ تجربةَ المدارس الفقهية الأربعة التي اصطبغت بها الشعوب العربية والإسلامية خلال خمسة عشرَ قرناً، فشكَّلت للمسلمين هويةً ثقافية ورؤية جمعية صلبة وقوية، حتى أنَّها شكَّلت تحدياً لم تستطع تجاوزه ولا كسره قوى الظالمين ومشاريعهم عبر التاريخ!
فهل ستكون القيادات الإسلامية الحالية -لا سيَّما في مصر عماد التغيير- بمستوى الرُّشد والشجاعة والمسؤولية وتعلن حلَّ التنظيم لتحُلَّ مشاكلها الشخصية دون أن تحدث بقراراتها نكسةً في مسار التغيير الإسلامي؟ وهل سيستفيد الدعاة الغيورين من أخطاء الماضي والحاضر ليبنوا إطاراً جديداً يتَّسعُ للأمَّة مستفيدين من منهج الأئمة الأربعة في رعاية أحوال الأمَّة وحفظ الدِّين؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق