الخميس، 3 أكتوبر 2024

القدس أصل جراح الأمة!؟

 القدس أصل جراح الأمة!؟

صفوت بركات 

القولُ بتساوي الجِراح في جسد الأمة، وخطرها واحد؛ هو قولٌ يجافي الصَّواب، ورَدَدتُ عليه من قبلُ في رَدِّ بمَثَلٍ يَفهمُه العَوام قبل الطُّلاب والعلماء. 

مولانا «أبو حامد الغزالي» في درس العِلَل وكيفيّة التَّعامل معها مع احترامي للكافّة.


وأصل الدَّاء والعِلَل التي تَسري بجسد أمّة الإسلام ليس في كشمير ولا السُّودان ولا الرُّوهينجا ولا الشّام ولا اليمن ولا إيران ولا غيرهما؛ فكلّ تلك العِلَل فروع على عِلّة القدس، وأصل الداء سُمّ صهيون والغرب ومنافقي العرب؛ وكلّ تلك العِلَل التي تسري في جسد الأمّة تَبَع أو أعراض وآثار لتك العِلّة الأصليّة.


ويمكن الشِّفاء من تلك العِلل مع تعدُّدها إذا شُفيت الأمّة من علّتها الأصليّة، وكثير من تلك العلل يزول بزوالها؛ وكلّ مَن يحاول وضع الكلّ في سَلّة واحدة ورتبة واحدة لا دراية له بسُبُل المجرمين، ولا تاريخ العالم، ولا كيفيّة بناء النِّظام الدّولي وتراكمه في كلّ المجالات والمراكز النّافذة فيه وفي قطعات الاقتصاد والسّياسة والتّشريع وكلّ الفُنون.


وقد ضرب الغزاليّ الكبير -رحمه الله- مثلاً للدغة العقرب السَّام وما تُحدثُه من نزيفٍ وصُداع ودوار وإغماء وهبوط للقلب ثُمّ من بعدها الوفاة؛ وذكر البدء بعلاج القلب أو الصُّداع أو الدُّوار أو الإغماء كلّها محاولات الطبيب غير الحاذق؛ فالملدُوغ سيموت حتمّا، لأنّه لم يتتبع العِلّة والسّبب، لأنّ كلّ تلك العوارض أو الأعراض والآثار تبعٌ لعِلّة سُمّ لدغة العقرب، وهو أوّل ما يجب علاجه بترياق يقطع أثر السُّمّ من الانتشار في الدَّم بحصاره.


وأنا اليوم أقولُ: العقرب أمريكا وإسرائيل والدّوار والصّداع والإغماء إيران؛ فحياة هذه الأمّة بقطع انتشار السُّمّ بالدّم ثُمّ ما بعده يأتي ثانيّا لا أوّلًا، والانشغال بما بعد السُّمّ لن يُبقِي للأمّة حياة، وسنستهلك ما بقي لنا من عافية في علاج عرض وأثر لا عِلّة وسبب أوّل وحقيقيّ، والله أعلى وأعلم.


هذه هي الحقيقة فمَن افتعل وكان وراء مقتل عثمان -رضي الله عنه- اليهود، فلما انتبه الفريقان سلّطوا غضبهم بعد الفتنة على اليهود، ومَضَت راية الفتح، وتتداولت بين الأُمَويّين والعباسيّين ومن خلفهم من السَّلاجقة والعثمانيّين ولم يلتفتوا للدّاخل، لأنّ تعطيل راية الجهاد أعاد الصِّراع الدّاخليّ بين السُّنّة والشّيعة.


ولن تعود تلك الأمّة للاجتماع أو تُوأد الفتنة داخلها إلا بتوحيد عدوّها الأوّل والأخير؛ فمَن شاء إخماد فتنة الشّيعة والسُّنّة فعليه براية الجهاد والفتح، ولهذا لن تجتمع الأمّة، ولن تموت الفتنة مهما طالت إلّا إذا توحّدَت وراء رأس واحدة وراية واحدة وعدوّ واحد، وما دون ذلك انتحار وانتشار للسُّمّ بجسد الجميع سُنّة وشيعة لا فرقَ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق