الثلاثاء، 8 أكتوبر 2024

بعد عام على الحرب: هل هناك أمل؟!

 

بعد عام على الحرب: هل هناك أمل؟!

أيمن العتوم
أيمن العتوم

حوصر النبي صلى الله عليه وسلم في شعب أبي طالب ثلاث سنوات، فذاق هو وأصحابه الأمرّين: جوعا وعطشا وهزالا وعزلة وخطوبا مرة، فما وهنوا وما ضعفوا ولا استكانوا، كأنما أُنزلت عليه وأصحابه دون العالمين: {وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربِّيون كثيرٌ فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحبُّ الصَّابرين}.

احتشدت له الأحزاب من كل صقع، وتكالب عليه بنو عمومته من كل صوب، وجمع له أحق الناس بالوقوف إلى جانبه، وأحاطوا به في مدينته إحاطة القيد الثقيل باليد، فصبر، وأمر بعد مشورة من سلمان الفارسي بحفر الخندق، وكان يعرف أنه يقاتل باتجاه الجدار الأخير، ومعه أصحابه الذين بلغت قلوبهم الحناجر ولربما ظنوا بالله الظنونا، ولكنه كان ساريتهم في الصبر، وقنديلهم في ليل اليأس، فخرج منتصرا واندحرت أمامه لثقته بالله جموع الكافرين.

ولوحق موسى عليه السلام ومن آمن معه إلى البحر، فكان الموج الطامي أمامه، والعدو الكاسر خلفه، وقد أطبقوا عليهم إطباق الفك على اللقمة السائغة، ورأى قوم موسى الموت بهيئتيه أمامهم: الغرق أو الذبح، فما يئس ولا بئس، وقال: {كلّا، إنَّ معي ربّي سيهدين}. وخرج من الماء بعصا الإيمان- التي شقت سبيل الحياة بين أمواج الموت- سالما آمنا، وغرق فرعون وجنوده غير مأسوف عليهم: {فما بكت عليهم السّماء والأرض وما كانوا منظرين}.

إن الأمل بوعد الله والطمأنينة إلى عدله نهج الأنبياء، قالها نبينا الكريم لصاحبه أبي بكر وهما في الغار، والهلاك أقرب إليهما من شراك نعالهم: {لا تحزن إن الله معنا}. 
وقالها شعيب لموسى: {لا تخف نجوت من القوم الظّالمين}. 
وقالها يوسف لأخيه: {لا تبتئس}. 
وقالها يعقوب لأبنائه: {ولا تيأسوا من روح الله إنّه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.

واليوم، بعد عام من حرب الإبادة التي شنها الجيش الإسرائيلي الهمجي على غزة، فقتل أكثر من أربعين ألفا، وشرد أهلها كلهم، وجرح ما يقرب من مئة ألف من سكانها، وجوّع كل حي حتى القطط والكلاب فيما تبقى من هدم من بيوتاتها، نقول: 
هل هناك أمل؟ هل يمكن أن يكون بعد هذا الليل الطويل فجر؟ 
هل ينتهي هذا الظلام ويحل محله النور المرجى المرتقب؟ 
هل هناك نهاية لهذه الآلام الفظيعة التي لا تحتمل؟ 
الإجابة ليست عندي، ولا أنا ممن يحق له أن يتفلسف في ذلك، الإجابة ما قدمته من قبل في نهج الأنبياء والمؤمنين الذين معهم.. الإجابة التي قد تبدو غير منطقية ولا واقعية، هي: نعم.

نعم، سيبزغ الفجر من بين الليالي الحالكة، وستستبين الدرب من بين الدروب الشائكة، وسينعم الأطفال بالأمن وتستبشر الوجوه الضاحكة، وأما أمة الكفر فإلى زوال هالكة.. والله ولي ذلك والقادر عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق