حوار مع د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية والأدب الفرنسي
د.زينب عبد العزيز: الإسلام يعيش في أزمة من الضغوط الفرنسية المفروضة عليه
حوارنا اليوم مع باحثة وكاتبة ومحاورة بارزة في علم مقارنة الأديان، كرست حياتها دفاعًا عن العقيدة الإسلامية في وجه من يتربصون بها في الخارج. هي أول مسلمة فى العالم تترجم القرآن باللغة الفرنسيّة، وترجمتها أحدث وأفضل ترجمة للفرنسية.
ضيفتنا هي د. زينب عبد العزيز أستاذة الحضارة الفرنسية والأدب الفرنسي، المدرج اسمها في الموسوعات العالمية كأستاذة جامعية وباحثة، وفنانة تشكيلية.
حصلت على دكتوراه في الحضارة وتاريخ الفن، كلية الآداب جامعة القاهرة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى عام 1974.
كما أن لها العديد من المؤلفات فى الدفاع عن الإسلام والتعريف به وكشف مخططات التنصير، قامت بتألف 18 كتاب أشهرهم: (الفاتيكان والإسلام، تنصير العالم، هدم الإسلام بالمصطلحات المستوردة، حملة المنافقين الفرنسيس، حرب صليبية بكل المقاييس..).
وهي من أبرز المدافعين عن الإسلام ضد العلمانية ومن أشهر علماء مقارنة الأديان، وتعرضت لمضايقات كثيرة وتهديدات لما قامت من كشف للتحريفات والتناقضات في العهد القديم والعهد الجديد.
كان لنا فرصة الحديث مع العالمة المصرية الدكتورة زينب عبد العزيز، حول الهجمة التي يتعرض لها الإسلام في فرنسا، بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون الذي أغضب مؤخرًا بتصرياحته عن الإسلام، مليار شخص حول العالم ينتمون إلى هذا الدين فضلا عن 8 ملايين مسلم في فرنسا.
• في هجومه على ما أسماه “الانفصالية الإسلامية” برأيكم على ماذا اعتمد ماكرون، هل على العلاقة الهشة بين المسلمين وغير المسلمين في فرنسا، أم اطمئنانه من ناحية رد الفعل المحلي والعالمي؟
-ماكرون مطمئن جدا من ناحية رد الفعل المحلي (الفرنسي) والعالمي وخاصة الكنسي، الموقف برمته عبارة عن مسرحية كُبرى تدار في عدة جبهات، فقد كان من المقرر وتحت ستار مسرحية كورونا، أن يتم تنفيذ النظام العالمي الجديد، وما أكثر ما كُتب في هذا المجال.
-وستلاحظ ذلك لو تتبعت الأحداث وخاصة كل ما حاول البابا فرنسيس فعله لكي يتولى الزعامة العالمية من الناحية الدينية وما كان قد رتبه لتوحيد نظام التعليم على مستوى العالم، وتوحيد الإجازة الأسبوعية يوم الأحد لإلغاء إجازة يوم الجمعة وإلغاء خطبة الجمعة إلخ..
-كانت لعبة وأفلت العيار من أيديهم والوضع فيما بينهم من الناحية السياسية والاقتصادية في حالة تخبط من حيث الموائمة بين الحجر الصحي وحلقة الاقتصاد المتدهورة وطرد العمالة..
-يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.. أليس ربي هو القائل: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون؟!
-بدلا من الاعتراف بكل ما قاموا به على مر التاريخ منذ فرض المسيحية من حروب ومجازر واغتيالات لصد انتشار الإسلام، يواصلون محاولات اقتلاعه بينما نحن غارقون بين غير مصدق وغير مكترث أو خاضع للضغوط الفاتيكانية أو السياسية الدولية. كان يجب أن يكون ردنا شديد الوضوح على كل المستويات السياسي والديني والشعبي.
• هل حقا يعتبر الشعب الفرنسي الأقلية المسلمة تقود ضدهم حربًا ثقافية لقلب القيم الأوروبية، أم أن الأمر لا يغدو كونه صراعًا سياسيًا وتنافسًا على الشعبوية؟
-لا شك في أن كل هذه الواقعة الماكرونية مفتعلة والسبب واضح: لماذا تم تأجيل محاكمة من قاموا بواقعة شارلي ابدو لمدة خمس سنوات؟ أي جريمة وأي قاتل يحاكم بصورة طبيعية فور إحداث الجريمة، وهو ما يحدث في جميع أنحاء العالم.. لماذا واقعة نشر الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام يتم تأجيلها خمس سنوات لتضم إلى الجريمة المسرحية التي تمت هذا العام؟ ألا ترى أن القاتل هنا قد يكون مأجورًا أو محكومًا عليه في جريمة ما وأقنعوه بالقيام بجريمة قتل المدرس وتم قتله فورًا وأول ما قيل إنه شيشاني وقد نُقلت العبارة من صحفي واحد أم الباقون فقد ألبسوها فورًا للإسلام وأن “المسلمين الذين لا يكفون عن القتل وإثارة الشغب”.. إن تأجيل محاكمة الواقعة الأولى خمس سنوات يؤكد أن هناك ما يحاك في الكواليس المحلية والعالمية ضد الإسلام والمسلمين.
-لا يجب أن نتعجب من موقف ماكرون الشديد التعصب لأن إعلانه علمانية الدولة أكذوبة كبرى بدليل أن اللقب الرسمي الآخر لماكرون أنه الرئيس الفخري “لبازيليكا سان جاك دي لاتران” أي كاهن كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني. وهو فرض من الدولة. وبالمقابل كل رئيس فرنسي عليه أن ينحني للفاتيكان ويقبل هذا المنصب لذلك فرنسا تدعى رسميا “الابنة الكبرى للكنيسة”!!
-الشعب الفرنسي منقسم جدا لكن الأغلبية واعية، إلا أن صوتهم لا يصل بالشكل المطلوب ويكفي الدور القمعي الذي يقوم به البوليس الفرنسي وسرعة لجوئه للقتل.
• هل يعيش الإسلام فعلا في أزمة كما قال الرئيس الفرنسي، بغض النظر عن غرضه من هذا التصريح؟
-نعم بكل أسف، الإسلام حاليًا يعيش في أزمة مفروضة عليه أولا من الفاتيكان، ومن الأقليات المسيحية الموجودة في الشرق الأوسط، والتي يحركها الفاتيكان بكل “الجيوش” أو المنظمات التي يستعين بها بزعم الدراسة مثل معهد الفرنسيسكان ومعهد الدومينيكان وغيرها، ويعمل بهما قساوسة لتوجيه الكنائس المحلية وتخريب النصوص والمخطوطات الإسلامية ومنها أيضا الجمعية التي اسمها “عمل الشرق”وقد صدر كتاب عام 2016 بعنوان “مسيحيو الشرق.. لنقاوم على أرضنا” وقد تناولته في أحد المقالات.
– للأسف الإسلام حالياً يعيش في أزمة من الضغوط السياسية الفرنسية المفروضة علينا كمسلمين وجميعها الغرض منها اقتلاع الإسلام وتجفيفه من المنبع وخاصة اقتلاع الآيات التي تدين وتكشف المسيحية من القرآن.
-ذلك لا يعني على الإطلاق أن الإسلام وهو المنزل من عند الله به ما يمكن انتقاده. كل مشكلة الإسلام والقرآن أنه يكشف بالتفصيل كل ما قامت به الكنيسة والمجامع الكنسية من تغيير وتبديل وتحريف، وهو ثابت في نفس وثائقهم. والكتاب المقدس نفسه يتم تغيير صياغته من طبعة لطبعة.
-الغرب وخاصة المثقفين يقرأون أبحاث علمائهم الذين قاموا بتشريح المسيحية حتى الثمالة، الإسلام والقرآن يشهد على ما قاموا به من تبديد لرسالة التوحيد واختلاق الثالوث والشرك بالله لذلك يجاهدون لاقتلاعه.
• كيف تقيمون نفي ماكرون بلقاء تلفزيوني عدائه للإسلام، وأنه فقط كان يهاجم من يسيئون لهذا الدين؟… ألا يتضارب ذلك مع مبدأ الفصل بين الكنيسة والدولة أي حياد الدولة تجاه الدين؟
السبب جبنه وخشيته أن تنقلب عليه الطاولة كما يقولون. هو كاذب لا شك في هذا، وتراجع خوفا من أن يهاجم بصورة جادة قد تفرض عليه من عنفها الاستقالة. إن كنا على مستوى الرد الذي يستحقه.. كما أن فرنسا بها حوالي 8 مليون مسلم، لكن ما الذي فعله هو بعد هذا التراجع؟ أغلق حوالي 400 مسجد وقرر عمل معهد لتكوين الأئمة، وفرض أن تكون الخطبة باللغة الفرنسية، وحل مؤسسة “التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا”…الخ أي أنه في التنفيذ العملي قد حاصر الإسلام والمسلمين في فرنسا وأصدر عدة قوانين منها الاعتقال والطرد من البلد ..الخ
• بم تصفون رد الفعل الشعبي والرسمي في الدول العربية والإسلامية على استهداف إيمانويل ماكرون للإسلام؟
بكل أسف رد الفعل الشعبي والرسمي في الدول العربية الإسلامية ضعيف وركيك.. لو أن مثل ما قيل كان ضد المسيحية والمسيح في الظروف الحالية، لقامت الحرب العالمية الثالثة بحجة الدفاع عن المسيحية!
كان لابد أن يأتي الرد في مستوى الخطاب الذي كتبه ماكرون باللغتين الفرنسية والعربية. أي أن يكون الرد على المستوى الديني وذكر كل ما في تكوين المسيحية من تحريف لنفس رسالة يسوع وفقا لكل ما ورد في القرآن الكريم وكله ثابت في الوثائق والمجامع المسيحية وليس مقاطعة بعض المأكولات أو المنتجات الفرنسية. لأنه يجب أن تكون هذه المقاطعة على مستوى إلغاء اتفاقيات تجارية وتعاقدات. وما أكثر ما كان في يدنا أن نفعل من إجراءات جديرة بالدفاع عن الإسلام وعن الرسول عليه الصلاة والسلام…
29-11-2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق