الثلاثاء، 2 نوفمبر 2021

تُري من هم الكلاب..

 تُري من هم الكلاب..

أ. د. زينب عبد العزيز

أستاذة الحضارة الفرنسية




نعم، «تُري من هم الكلاب»؟

سؤال تردد في ذهني طويلا وأنا أتابع وأتأمل المنشور على مختلف مسطحات وسائل الإعلام حول حدث هز المجتمع المصري أياما.

هزةٌ أشبه ما تكون بالموجة العاتية وقد خلّفت وراءها حطاما وأصداء مريرة. فلا لخبر الموضوع في حد ذاته وإنما لما خلفته العبارة المنشورة بعاليه من مهانة وألم.

فهي عبارة تقسّم المجتمع المصري إلي فريقين: فريق «الكلاب» وفريق «القافلة».

ولو تأملنا نتاج هذه التقسيمة المبدئية لوجدناها تتكون من كلمة بالجمع، والأخرى مفردة ـ وكأن كل الذين يندرجون تحتها جماعة مترابطة يدٌ واحدة..

و«الكلاب» هي جمع كلب. والكلب معروف بالأصالة والوفاء والإخلاص الشديد،

وخاصة: معروف بالنباح حين يري اللص أو اللصوص وهم يتسللون خطوة خطوة.

وهذه ميزة الكلاب الأساسية..

وفي خضم وقائع ذلك الحدث الكاشف الفاضح لمن يقومون به، صاحت «الكلاب» وعلا نباحها..

وأصبحت هذه الكلمة تعني أنها تخص المسلمين الذين احتجوا على موجة الانفلات الرخيص،

المتكرر بدأب كل عام منذ سنة 2017، بل والمتزايد في إيقاع الفُجر.. وبذلك قد تحدد معني كلمة “الكلاب تعوي” ومن تعني..

فماذا عن كلمة «القافلة»؟

من مختلف مكونات الموقف وتفاصيل العبارة الكاملة بعاليه، فمن الواضح أن كلمة «القافلة» تشير إلي الفريق الآخر،

المكوّن للمجتمع المصري المتحضّر وهم: المسيحيون ومن يوالونهم من المسلمين.

وأول ما أبدأ به هو السب والشتيمة بهذا المستوي الفج.

فقد جري العرف على أن الأسرة، أي أسرة وأيا كان مستواها المادي أو حتى الديني، فهي تعلّم أطفالها أبجدية الأخلاق والأصول وعدم السب،

خاصة أن السب من شيَم الضعيف ويوصم قائله بأنه عديم التربية، قليلُ الحياء أو عديمه.

ولو ألقينا نظرة على ذلك الحدث المسيحي التكوين والتمويل والهدف، لوجدنا أنه يشير إلى خطة واضحة المعالم:

أن يُظهر المسلمين والمسلمات في مستوي انفلات أخلاقي وشكلي رخيص التدني رغم الأسعار الباذخة للثياب والحلي،

إن كانت هناك ثمة ثياب.. وأن تظهر المسيحية بكل حشمة ووقار.

أما فيلم «ريش» القبطي التمثيل والتمويل والمحتوي والرسالة، فهو يندرج تحت بند تلك الرسائل والمقالات التي تُوجه من الأقباط للغرب الصليبي المتعصب،

الذي قرر سنة 1965 تنصير العالم. وبدأت بكل أسف لعبة التبعية لذلك الغرب،

والعمل على تنصير الدولة ولو شكلا.. فقد تم بناء 5800 كنيسة بلا ترخيص مع رفع منارة القباب لتعلو على مآذن المساجد.. وجري تقنينها في مواكبة كورونا وتوابعها.

وهناك موضوع «الزبّالين» الذي دأبت المجلات الفرنسية من قبيل «إكسبريس» وغيرها، على نشره كل فترة ويتم عرض الموضوع بالصور،

وقول: إن المسلمين هم الذين يفرضون جمع القمامة على الأقباط ويجبرونهم على هذا المستوي المتدني من عمليات جمع القمامة أو المعيشة وسطها.

مع تصوير منزل رئيس الزبالين وصور القديسين تتدلي على جدرانها.

والواقع يقول إن مجال جمع القمامة من أربح المجالات في مصر، وأن الأقباط هم الذين يقفون خلف أي تعديل أو تحديث للوضع،

وهم الذين يقفون ضد أي شركة أجنبية تتقدم بعرض تبنّي هذا المشروع وميكنته.

وقد كانت آخر محاولة عاصرتها في مطلع الثمانينات، حين تقدمت شركة ألمانية ورفض الأقباط أو زباليهم العرض

وتصدوا للمشروع لتبقي الزبالة على ما هي عليه: في خزائن الأقباط.. وتبقي التهمة ملقاة على المسلمين..

فيلم «ريش».. وفقر وبؤس الأقباط!

فأن يأتي فيلم «ريش» ليتصدر تلك الاحتفالية وأن يُظهر الفقر والبؤس

الذي يعيش فيه الأقباط وأن يكون كل شيء فيه قبطي من تمويل وتوجيه وتمثيل بل ورسالة أساسية موجهة للغرب،

 بحيث حصد الجائزة الأولي في مهرجان كان هذا العام، فليس بغريب على مشهد تلك «القافلة» من العاملين على ذلك المهرجان اللولبي الأهداف والنزعة.

فهو يقدم شريحة أخري غير الزبالين، لكنها تضاف إليها، لتعكس كم المعاناة المفروضة على الأقباط من المسلمين..

ولم يفت الممول المنتج لكل المشروع، الهادف إلى تزويد الغرب بالأدلة والبراهين على معاناتهم من المسلمين،

أن يتدخل حتى في زي الممثلة القبطية، بطلة الفيلم، وإظهارها في ثوبين في غاية الوقار والحشمة لتوازن من جهة بين انفلات المسلمات،

ولكي تثبت للغرب من جهة أخري، أنها المصرية الصميمة الوحيدة وسط ذلك الزخم المسلم،

المصرية الوحيدة التي تنتمي إلى المصريين القدماء وترتدي موديلات كبريات نساء المصريين القدماء..

فما يحاول فريق تلك «القافلة التي تسير» إثباته للغرب «أنهم أصحاب البلد الحقيقيين»، وبالتالي عليهم أن يعملوا على طرد الغزاة المسلمين..

الممول الرئيسي لهذه اللعبة الكاشفة

ولكل من يدهش من هذا التعليق أقدم له نبذة من مجلة «چون أفريك» (Jeune Afrique)، الصادرة في 13/4/2016،

بقلم كريستوف لوبيك ولوران سان برييه حول الممول الرئيسي لهذه اللعبة الكاشفة:

«أن ثروته تقدر بثلاثة مليارات من الدولارات [في سنة 2016]، وهو رقم عشرة من أغني أغنياء إفريقيا،

ويعمل في المناجم، والاتصالات، والعقارات والمباني».. وإلي هنا والقول مجرد وصف، أما باقي الخبر فيقول: «وهو المقاول المصري، العلماني والتحرري، وقد اختار مجالا جديدا هو: السياسة بهدف: محاربة الأصولية الدينية.

وفي هذا الدور الجديد، فإن نجيب ساويرس الذي يعد عداءه المستحكم منظمة الإخوان المسلمين، يطمح في أن يكون في محاربتهم بنفس حاذقيته في عالم المال»..

وإذا أضفنا أن الإخوان قد اختفوا ولم يعد لهم وجود في المشهد، فما الذي يحاربه ذلك الذي يحمل رقم 60 من أغني أثرياء العالم،

بل وأغني رجل في إفريقيا بل وله شقة في باريس تقدر بسبعين مليونا من الدولارات وفقا للمجلة؟

ما الذي تحاربه تلك «القافلة» القبطية في الإسلام وقد أنزله المولي عز وجل تصويبا لكل ما تم من تحريف وتعديل وتبديل في الرسالتين السابقتين وهو الأمر الثابت بالوثائق؟

بل لقد أورد سبحانه وتعالي بالتفصيل حقائق ونماذج من ذلك التحريف والتعديل ووصفهم الله قائلا: {أُولئك هم الكفرة الفجرة} (42/عبس).

لذلك ستظل تلك «الكلاب الأمينة تنبح» يا سميح، حفاظا على الإسلام وعلي كل ما أتي به من قيم وأخلاق وتعاليم، بل وكشف لمن يفجرون..

أ‌. د. زينب عبد العزيز

28 أكتوبر 2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق