بين هارون الرشيد ونقفور الأول إمبراطور الروم
انتزع نقفور الأول عرش إمبراطورية الروم من الإمبراطورة إيرين التي كانت تدفع الجزية للدولة الإسلامية بدون انقطاع.
وتوقف نقفور عن دفع الجزية، بل وألغى الهدنة مع المسلمين وكتب رسالة متغطرسة إلى هارون الرشيد يطالبه برد الجزية التي دفعها الروم للمسلمين في عهد إيرين
وكتب في رسالته: يقول: (من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب،
أما بعد:
فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيذق
فحملت إليك من أموالها ما كُنتَ حقيقاً بحمل أمثالها إليها،
لكن ذلك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها،
وافتد نفسك بما يقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك).
والمقصود بالرخ:
القطعة الكبيرة في لعبة الشطرنج كالوزير، والبيذق القطعة الصغيرة أي الجندي في اللعبة نفسها.
ولما قرأ هارون الرشيد كتاب نقفور غضب وكتاب رده على ظهر كتاب نقفور وقال فيه:
(بسم الله الرحمن الرحيم.
من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه،والسلام).
قاد هارون الرشيد الجيش بنفسه وغزا بلاد الروم ولبس على رأسه قلنسوة كتب عليها (غاز حاج)
ووصل إلى مدينة هرقلة وفتحها ودمَّر أسوارها وتحصيناتها في شوال سنة ١٩٠ هجرية /٨٠٦م.
وفتح الطوانة وقلعة لؤلؤة وغيرها من معاقل الروم،
وأدرك نقفور عدم قدرته على مواجهة هارون الرشيد فطلب منه الصلح،
وتعهد بدفع جزية سنوية عن يد وهو صاغر، وهي مبلغ خمسين ألف دينار ذهب،
وعن رأسه ورأس كل فرد من أفراد أسرته أربعة دنانير فأجابه إلى طلبه. وعاد هارون الرشيد من غزوته منتصراً وسار نحو مكة حاجاً.
وقال الشاعر أبو العتاهية عن هذا النصر:
ألا نادت هرقلة بالخراب
من الملك الموفق بالصواب
غدا هارون يرعد بالمنايا
ويبرق بالمذكّرة القضاب
ورايات يحل النصر فيها
تمر كأنها قطع السحاب
أمير المؤمنين ظفرت فاسلم
وأبشر بالغنيمة والإياب.
المصادر:
1- تاريخ الطبري ؛ ج ٨ ص ٣٠٧ – ٣٠٨، ٣٢٠ – ٣٢٢
2- القلقشندي، صبح الأعشى ج ٦ ص ٤٥٧.
3- ديوان أبي العتاهية ص٦٥
4- أسد رستم، الروم ج ١ ص ٣١٤ – ٣١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق