كيف اخترقت إسرائيل الثورة السورية وهزمتها؟د.عزت السيد أحمد
من دون مقدمات وعلىٰ محو مباشر أعلن سلفاً أن إسرائيل اخترقت الثورة السورية علىٰ ثلاث جبهات أو محاور كبرى وخطيرة جدًّا، ورُبَّما أربع جبهات. جبهتان بالإكراه والخداع والغباء، وجبهتان نحاول إيجاد تفسير لهما الآن… لأنَّهُما لغزٌ مربكٌ محيِّرٌ.
أبدأ من صباح هٰذا اليوم بأمرين، أولهما تغريدة نشرتها وثانيهما خبر قرأته. أمَّا التغريدة التي نشرتها فتتعلق بزوال نظام الأسد وإسرائيل قلت فيها: «مما أشرت إليه إلماحاً منذ بدايات الثورة أنَّ «نهاية النظام وإسرائيل ستكونان معاً».
ولا بأس من متابعتها مع عدم احتياجنا لبقيتها هنا، فقد تابعت قائلاً: «وعلى فكرة كما قلت أكثر من مرَّة أيضاً: (بقي عضة كوساية). وهذا في الموروث الشفاهي عند اليهود والعلويين معاً، مع فوارق الخصوصية. وللأسف فإنَّ الكثيرين سيترقبون كما قال اليهود لموسى عليه السلام: (اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا). وكثيرٌ (من المسلمين) سيحاربون المجاهدين كما فعلوا ويفعلون، وقليلٌ هم الذين سيفعلون وينتصرون، فانتظروا أيَّهُا المنتظرون».
سنعرف في السِّياق لماذا هٰذه المقدمة. أما الخبر فهو من الدكتور فيصل القاسم الذي أشار فيه إلىٰ أنَّ ضيفيه في الاتجاه المعاكس لهٰذا اليوم هما ثائر الناشف، وهو الثائر السوري المر، أحد أشهر أعلام الثورة السورية علىٰ مدار سنوات بدايتها؛ مبهراً بجرأته وقوته وطلاقة لسانه وروحه الثائرة المتمردة علىٰ النظام وعلىٰ عمالة النظام لإسرائيل وخيانته… ومعه في البرنامج ضيف سوداني. وكان من البداهة بمكان أن أتوقع أنَّ ثائر الناشف سيكون الطاعن اللاعن لعبد الفتاح برهان الذي التقى مع نتن ياهو من أجل التَّطبيع مع إسرائيل. لا يمكن تخيل غير ذٰلكَ.
محور الاختراق الأول: الإشنيات الهشة
دعك من التَّسميات الاصطلاحية وتابع الحكاية.
تصادف أنِّي انشغلتُ وفاتني أن أتابع برنامج الاتجاه المعاكس الذي لا يفوتني إلا نادراً واستثناءً. منها اليوم بسبب اختلاف التوقيت فقد خدعتني الساعة وانتبهت قبل نحو عشر دقائق من نهاية الحلقة والدكتور فيصل يوجه سؤاله إلىٰ ثائر الناشف بوصفه المدافع عن التطبيع مع إسرائيل. لم أصدق، ألقيت علىٰ تأخري في مشاهدة الحلقة سوء تقديري لوهلة الأولى، ولٰكنَّ ثائر يدافع حقًّا عن التطبيع… ومع ذٰلكَ لم أصدق، استرجعت شريط خطابات الناشف ولعلعاته وردحه ضد النظام كل أنواع الردح… أيعقل ذٰلكَ؟
أيقظني الدكتور فيصل القاسم من شرودي عندما قال لثائر: «أنت زرت لإسرائيل وتعرف من الداخل الكثير…». وكان ثائر سعيداً بنشر هٰذا الخبر غير مستاء منه، ولا خجلان.
لا أدري إن كان مسلماً أم مسيحيًّا أم يهوديًّا. ولكني أدري أنَّهُ كان جذوة من أشد جذوات الثورة اشتعالاً واتقاداً والتهاباً، ناهيك عما كان له من تواصلات واتصالات ودعم وعدم وجمع ومنع… حَتَّىٰ صار أيقونة من أيقونات الثورة السورية إلىٰ أن اختفى منذ بداية تقهقر الثورة قبل ثلاث سنوات أو رُبَّما أربع سنوات… اختفى وبقيت ملامحه وانفعالاته وهيجانه وثورانه الذي لا يغيب عن الأذهان… ليظهر اليوم الحادي عشر من شباط 2020م علىٰ شاشة الاتجاه المعاكس مدافعاً عن إسرائيل عاشقاً لها… ناهيك عن زيارته لها ورُبَّما إقامته فيها لا ندري منذ متى… سوى أنَّ الأمر صار واضحاً معلناً غير منكر.
أيعقل أنَّ هٰذا القرار مفاجئ؟
رُبَّما لو كان في وقت سابق كالسابقين الذين سنتحدث عنهم لكان له تبرير هٰذه الزيارة بالحصول علىٰ دعم إسرائيل لإسقاط الأسد… ولٰكن الآن!!! لا يمكن أن يكون الأمر مصادفة بحال من الأحوال.
وهنا يبرز السُّؤال الأخطر: منذ متى؟ وماذا كان دوره ومهمته في الثَّورة السُّورية؟ رُبَّما لو راجع مختص حواراته واستنطقها لأمكن أن نعرف ما المهمة التي كان مكلفاً بها. تحليل خطابه هو الذي يكشف الحقيقة… ولا يهم إقراره أو إنكاره… فقد لا يوجد في خطاباته ما يكشف عن حقيقة مهمة في هٰذا الشأن. وعلىٰ أي حال: أنا لا أقطع بأنه كان في مهمة منذ البداية، ولٰكنَّ الشكوك ثارت بالضرورة، لأنه لا يوجد أبداً ما يبرر زيارته إسرائيل ودفاعه عنها في هٰذا الوقت إلا أنَّهُ بالأصل جزء من الاختراق الإسرائيلي للثورة السورية.
نتابع وما زلنا في المحور الأول. ينسحب هٰذا الكلام تماماً علىٰ نجوم المعارضة الثلاث الكبار وأيقوناتها ورموزها الكبرى كمال اللبواني وبسمة قضماني وعبد الجليل السعيد مدير مكتب المفتي الذي أثار انشقاقه ضجة كبرى الذين زاروا إسرائيل في وقت مبكر وهم من هم من أعلام الثورة السورية ورموزها البارزة بذريعة جلب إسرائيل إلىٰ صف المعارضة لأنه إذا لم تسمح إسرائيل بسقوط نظام الأسد فلن يسقط.
عذر أقبح من ذنب. عذر لا يتذرع به إلا أحمق إن كان صادقاً في عذره، أو خداع وتضليل وإبعاد الأنظار عن الحقيقة الكامنة وراء هٰذه الزيارة إلىٰ إسرائيل. أكثر الناس جهلاً من أبناء الثورة السورية لا يمكن بحال من الأحوال أن يفعل هٰذا الفعل لا لهٰذا السبب ولا لغيره أيضاً. فأجهلهم يدرك أن إسرائيل لا يمكن أن تكون مع الثورة من دون أن يعرف الأسباب أو يدخل التحليلات والاحتمالات، يعرف بالبداهة أن إسرائيل لا يمكن أن تقف مع الثورة السورية حَتَّىٰ ولو كان نظام الأسد معارضاً فعلاً لإسرائيل ومقاوماً لها. فكيف لمثقف وسياسي ومتحدث أن يقع في هٰذا الوهم؟
ولا يقولن أحدٌ إنَّ هٰذا أو ذاك اعتذر عن هٰذا الخطأ. فما فعلوا جريمة كبرى بحق الثورة لا يمكن غفرانها. الله عزَّ وجل يقبل توبتهم إن كانوا صادقين، ولٰكنَّ الهزائم التي مُنِيَت بها الثورة بسببهم لا يمكن أن يغفرها لهم الضحايا وأبناء الضحايا. ولا يقولنَّ أحدٌ إِنَّهُم أغبياء أو حمقى، فما من أحمق أو غبيٍّ أيضاً يفعل ذٰلكَ الفعل الشنيع الذي فعلوه. ولا تقولوا إِنَّهُم لم يكن لهم أثر في هزيمة الثورة. وسيتضح في السياق بعض من هٰذه المسؤولية.
علىٰ أي حال ليس هٰؤلاء الكبار وحدهم من فعل هٰذا الفعل بدرجته أو نوعه، فهناك عدد من الصَّعاليك المتسلقين الذين آمنوا بترهات هٰؤلاء أن الحل بيد إسرائيل، وهٰذا وهم علىٰ ما فيه من صحَّة، وراحوا يتودَّدون لإسرائيل ويتغنُّون بها في تغريداتهم وتصريحاتهم علىٰ أمل أن تنظر إليهم إسرائيل بعين العطف وتمنحهم بعض المناصب في الحل السياسي، خاصة وقد ترافقتهم إطراءاتهم لإسرائيل مع حملات انتخابية لهيئات الثورة أو ما هو في حكمها مما لست أذكره؛ منهم البنات ومنهم الأولاد وهم قلَّة كقلة هٰؤلاء الثيران الكبار.
بغض النظر عن الصعاليك ينتصب السؤال عن المنافقين الكبار: هل ما فعلوه فعلوه من باب سوء التقدير أم هم جزء من الاختراق؟
عندما أرى الجاهلين يأنفون من الوقوع في سوء التَّقدير هٰذا أجد من الصُّعوبة بمكان تبرئتهم من كونهم أداة تم اختراق الثورة بها. وكلهم كان ذا شأن وباع طويل في الثَّورة من أبوابها كلِّها: الجيش الحر بفصائله، المساعدات والدعم العسكري والإغاثي والطبي والسياسي…
وأكرر في ختام هٰذا المحور أنَّهُ علىٰ افتراض صحَّة تبريراتهم، ولا يمكن القول بحسن النوايا، فمن يرتمي في حضن إسرائيل لتحقيق مكاسب أيًّا كان نوعها، لا يمكن أن يكون حسن النيَّة، ولا يحقُّ لأيٍّ زعمُ أنَّهُ يريد مصلحة الشَّعب السُّوري من خلال هٰذا التواصل، فتلكم ذريعة الكلب في السطو علىٰ دجاح الحي… أكرِّر إذن مهما كانت نواياهم فإنَّهُم قد طعنوا الثَّورة السُّورية طعنة نجلاء أثخنتها جراحاً وأسهمت في هزيمتها.
محور الاختراق الثاني: الطفيليات الغامضة
كان تأسيس مجلس قيادي للثورة ضرورة منطقية واقعية تاريخية سياسية… لا غنى عنها. لا الثورة السورية ولا أي ثورة يمكن أن تستمر أو تدوم من دون مجلس قيادي. لا يمكن أن تنتصر ثورة من دون قائد أو قيادة أو مجلس قيادي، هٰذه مسألة بحكم البداهة. بل الأصح القول إن الثورات التي تندلع قبل أن تشكل لها قيادة منظمة آمرة مطاعة بالكاد الكاد يمكن أن تحقق أي نتيجة محمودة فكيف بالوصول إلىٰ النصر؟!
لا أطيل في ذٰلكَ ولي فيه الكثير من المطولات المنشورة بَيْنَ عام 2011م وعام 2013م أو 2014م في الحد الأقصى. وحَتَّىٰ فيما سيأتي كانت لي فيه الكثير من المطولات المنشورة فلا أكرر الفكرة ولا أستفيض في الشرح.
علىٰ الرَّغْمِ من بعض التحفظات من جيل الشباب التي كانت لأسباب انفعاليَّة لا استقرائيَّة. فقد كانت موجة ارتياح وترحيب بالمشاورات لتأسيس مجلس قيادة للثورة، هو الذي حمل اسم المجلس الوطني الذي ولد تحت هٰذا الاسم في الثاني من تشرين الثاني عام 2011م.
وكانت المفاجأة الأولى العدد الفلكي لأعضاء المجلس، ففي حين كان أعضاء مجلس الشعب السوري 250 عضواً كان أعضاء المجلس الوطني أي مجلس قيادة الثورة 310 أعضاء زيدت في العام التالي إلىٰ 520 عضواً… وهٰذا ليس أكبر مجلس قيادة ثورة في التاريخ بل أكثر عدداً من مجموع قيادات ثورات الشعوب كلها عبر التاريخ.
كان هٰذا صدمة ولا أدري إن كان غير صدم بذۤلكَ، فشننت حرباً شعواء علىٰ هٰذا التهريج وهٰذه السريالية، قبل أن أقدم علىٰ الخطوة التالية بعد حين، إذ انتظرت أن تصلني قائمة الأسماء وعندما اطلعت عليها كانت الصدمة الثانية الأشد من الأولى، فباستثناء نحو تسعة أشخاص معروفين فإن البقية كلهم نكرات لا قيمة لهم ولا حضور في أي شيء حَتَّىٰ تخيلت، ونشرت ذٰلكَ، أنَّهُم بحثوا لم يتركوا مشرداً ولا متسكعاً سوريًّا في شوارع أوروبا إلا وزجوا به في هٰذا المجلس.
ولم تأت الصدمة الأكبر. فبحسن الظن وطيبة القلب ذهبنا إلىٰ أنَّهُم لملموا مشردي سوريا في شوارع الغرب وجعلوهم في هٰذا المجلس، علىٰ أساس أن ثَمَّة ثقة فيمن اختار. ولا يسوغ ذٰلكَ هٰذا العدد الفلكي بطبيعة الحال. ولا أطيل تعقيدات المشهد المثيرة للرعب. وأنتقل بكم إلىٰ الصدمة الأكبر في هٰذا الشأن.
مع هٰذه الصورة السابقة كان يجدر توقع أن إسرائيل تحديداً أو أمريكا قد أقحمت بعض الموساد أو الجواسيس في هٰذا المجلس ولكننا لم يخطر في بالنا ذٰلكَ، مع إدراك بعضنا أن هٰذه النكرات المجهولة إلىٰ حدٍّ مرعب لا يوجد ما يمنع أن يكون بعضها من الموساد. وهٰذا ما هو كائن بالتأكيد.
ليس لدي الكثير من الأمثلة لدي شاهد واحدٌ اسمه جمال الورد. وللتوضيح ليس جمال أبو الورد عالم الرياضيات السوري العالمي المشهور وهو اسمه الحقيقي، بينما ذاك المدسوس اسمه جمال الورد.
وجمال الورد هٰذا اسم حركي لا حقيقي، ومعه جواز سفر أمريكي باسم جمال الورد، ومعه جواز سفر باسمه الحقيقي. يعني المسألة مدروسة محكمة خارجيًّا، ولم يقم هو بالتزوير، التزوير علىٰ مستوى مؤسسة الدولة الأمريكية.
هٰذا الشخص فرض علىٰ المجلس ولا أحد يعرف كيف تم فرضه، طبيعي فكلهم بل أكثرهم لا يعرفون كيف وصلوا هم أنفسهم إلىٰ المجلس. لا أحد يعرف عنه شيئاً، ومع ذٰلكَ كان دائماً نائبا لهٰذه الهيئة أو تلك من هيئات المجلس، ولا أحد يعرف كيف ولا لماذا.
والعجيب أنَّهُ مع تأسيس الإئتلاف الوطني انتقل بالطريقة ذاتها وبالصلاحيات ذاته وبالقوة ذاتها إلىٰ هٰذا الإئتلاف الذي لم يكن أحسن حالاً أبداً من المجلس الوطني بل بدأ الخراب علىٰ يديه منذ الشهر الأول.
الذي لفت الانتباه إليه أنَّهُ في كل الصور الفوتوغرافية والتلفزيونية يشيح بوجهه ويخفيه عن الكاميرات، نسخة كوهين، تغلغل في تشكيلات الثورة ومؤسساتها كلها، وفصائل الجيش الحر… ولا أدري ماذا أكثر. أعدت قناة أورينت عنه تقريراً منشوراً في اليوتيوب يمكن مشاهدته والتثبت من هٰذه الحقائق وما هو أكثر منها مما لا أطيل فيه.
الواضح من التَّقرير بالأدلة المقنعة أنَّهُ الاستخبارات الأمريكيَّة صنعته ودسَّته. والسؤال: هٰذا واحدٌ من النَّكرات الخمسمئة في المجلس والإئتلاف الذين لا يختلفون عنه في درجة النكرة ومجهولية الهويَّة والتاريخ والسيرة… فكيف نأمن أن يكون العشرات منهم مدسوسون بهٰذه الطريقة ذاتها أو غيرها من الطرق من قبل إسرائيل وأمريكا وغيرها من دول البعران والغربان؟؟ علىٰ أن أكثر من كان يعنى بمثل هٰذا الاختراق هم إسرائيل وأمريكا وأنظمة عربية محدد غير قليلة.
تساؤل ليس مشروعاً وحسب، بل واجب في ظلِّ تبخُّر هٰؤلاء النكرات جميعاً شيئاً فشيئاً منذ سنوات ثلاث علىٰ الأقل.
كان من البداهة بمكان أن يكون المجلس ثمَّ الإئتلاف عاجزاً عن الفعل والقرار، مشلولاً شالًّا، عقبة كأداء، جعجعة جوفاء… بغض النظر عن أيِّ اختراق لم يكن لمثل هٰذا المجلس ووريثه الإتلاف أن يكون قادراً علىٰ الفعل أبداً، فكيف لو كانت فيه بعض الاختراقات القليلة أو الكثيرة؟! وكيف لو كانت هٰذه الاختراقات موظفة لإجهاض الثورة؟! وكيف وكيف وكيف…؟!
طرفة ختامية في شأن المجلس. قبل تأسيس الإئتلاف كانت هاجسهم جميعاً تطبيق الديمقراطية وعدم احتكار المناصب ودارت بَيْنَهم الحروب الطاحنة لمنع التمدد لبرهان غليون بذريعة الديمقراطية وترهاتهم في هٰذا الخطاب الخاطئ أصلاً… وأقصوا برهان غليون، ثمَّ أقصوا عبد الباسط سيدا، ونجح جورج صبراً في منتصف عام 2012م تقريباً… ولم يزل حَتَّىٰ الآن لا يناكفه أحد ولا أحد منهم يطالب بالديمقراطية.!!
لماذا؟
لأنَّ المجلس الوطني انتهت صلاحيته ولم يكن له قيمة ولا دور في الثورة.
أأدركت أنهم كلهم مدسوسون؟
أتريد دليلاً بعد ذٰلكَ كله؟
هٰذا واحد
المحور الثالث: العلقيات المخاطية
مع بدايات المظاهرات اتهم النظام المتظاهرين بالعمالة لإسرائيل وتنفيذ مخطط صهيوني، وقامت عناصر من مخابرات النظام برفع علم إسرائيل في إحدى مظاهرات باب الدريب بحمص لتصويره وتأكيد مزاعم الإعلام السوري بأن المتظاهرين صهاينة وعملاء لإسرائيل.
لعبة أكثر من غبية، فإنك لا يمكن أن تجد علم إسرائيل في أي بيت سوري. دعم من سلسلة التناقضات الكوميدية في ذٰلكَ وتخيل أن جاسوساً يمشي في الشارع ويحمل لوحة مكتوب عليها أنا جاسوس!! فعلىٰ افتراض صحة أن المتظاهرين عملاء إسرائيل، وأشمئز من محض قبول الافتراض، فهل سيرفع المتظاهرون علم إسرائيل لينفضحوا؟!
سخف غير محدود.
وعلىٰ أيِّ حالٍ أهل حمص لم يسمحوا لهٰذا الشَّخص أن يرفع العلم أكثر من ثوان، فما رفعه حَتَّىٰ ألقوا القبض عليه، وعرفوا أنَّهُ من طائفة النظام، فأخذوه وسلموه لمفرزة الأمن في المنطقة. فقتله النظام بعد يومين وألقى جثته في المدينة ونشر بَيْنَ أنصاره أن الحماصنة قتلوه لأنَّهُ أمسك بشبكة التجسس الإسرائيلية… الموالون صدقوا من دون جدل.
كانت محاولة واحد لم تتكرر، أيقن النظام منذ البداية تعذر مثل هٰذه اللعبة فالناس تعرف بعضها ولا تقبل أبداً برفع العلم الإسرائيلي ولو علىٰ جثثهم.
فما العمل؟
وظل يكرر أكاذيبه في هٰذا الشأن من دون دليل، اللهم إلا تلفيقات وفبركات سرعان ما تنفضح ولا يصدقها أنصار النظام أنفسهم إلا من باب اشتراكهم في شهادة الزور.
فما العمل؟
كان من الضروري العمل علىٰ شيء من يؤكد أن الثورة ليست ثورة وإنما هي اختراق إسرائيلي للشعب السوري وتجنيد لإسقاط نظام المقاومة والممانعة. فكان التَّخطيط المشترك بَيْنَ النظام والأردن وإسرائيل.
قام النظام بالتصعيد في القتل والتَّشريد، حَتَّىٰ يكثر هروب السُّوريين إلىٰ الأردن وبخاصة الجرحى الذين لا بديل لهم عن الهروب إلىٰ الأردن بعد سياسة التعامل مع المشافي التي لا يجهلها أحد من السوريين. وصارت الأردن منذ أوائل عام 2013م ما بَيْنَ الحين والحين تغلق الحدود وتمنع دخول الجرحى حَتَّىٰ ذوي الحالات الحرجة. وتتخذ لذٰلكَ ذرائع كاذبة لغاية في نفس النظام الأردني.
وفجأة في مطلع عام 2014م، وتحديد في 18/ 2/ 2014م تناقلت وسائل الإعلام العالمية كلها خبر زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي النتن ياهو للجرحى السوريين الذين تعالجهم إسرائيل. ونشر النتن ياهو بعد ساعة فقط علىٰ صفحته الشخصية في الفيسبوك قائلاً باللغتين العبرية والإنجليزية: «زرت اليوم القاعدة التي يتم فيها علاج الجرحى من المعارك في سوريا». الجرحى من المعارك وليس القصف، ليقول بأنه يعالج الجيش الحر وليس المدنيين.
وبعدها لم تعد إسرائيل معنية بالجرحى ولا بالنشر عنهم. خبر واحد يكفي.
كيف قبلوا أن يذهبوا للعلاج في إسرائيل لولا أن إسرائيل تمولهم وتدعمهم وهم عملاء لإسرائيل؟
هات أقنع إن كنت قادراً علىٰ الإقناع.
ولٰكن لنسأل كيف ذهبوا؟
كانت الأردن تمهد لإجبارهم علىٰ هٰذا الذهاب علىٰ مدار سنة ونصف تقريباً من إغلاق الحدود أمام الجرحي كل شهر أو شهرين، وأخبار موازية في بعض الأحيان. ولم تستطع أن تجبرهم علىٰ الذهاب إلىٰ إسرائيل مع شدة ما هم فيه من حرج إسعافي، حَتَّىٰ أخذوا الدفعة الأولى علىٰ أساس أنَّهُم ذاهبون إلىٰ الأردن. أكثر من واحد قال الكلام ذاته: إن الجيش الأردني أدخلهم علىٰ أساس أنهم ذاهبين إلىٰ المشافي الأردنية وأسقط بيدهم لما صحوا في مشفى إسرائيلي. رُبَّما في هٰذا الأثناء أو بعدها انكسرت نفس جريح علىٰ شفا الموت أو فقد جزء منه فقبل أن يذهب إلىٰ إسرائيل بسبب إغلاق الأردن أبوابها أمام الجرحى… لا أستطيع أن أجزم، بل أجزم أن بعضاً قبل تحت هٰذه الضَّغوط التي إلىٰ الله الشكرى فيها.
هكذا صارت الثَّورة عميلة لإسرائيل. بهٰذه الطَّريقة. وهٰذه حقائق لا تخيلات ولا تحليلات ولا استناجات. كل العرب يطعنون في الثورة السورية بذريعة أن نتن ياهو يعالج الجيش الحر ويقدم له السلاح!!!
فهل هٰذه هي فقط علاقة إسرائيل مع الجيش الحر؟!
فما قصة القصف الإسرائيلي للنظام؟
قبل ذٰلكَ وللأمانة والتاريخ، تناهى إلي عن قواد في الجيش الحر أمر عن علاقة الجيش الحر بإسرائيل لا أتحدث فيه الآن فله مكان مناسب أكثر في المحور الرابع، أي التالي.
أمَّا قصة القصف الإسرائيلي لمواقع النِّظام فهي قصَّة طويلةٌ فيها تفاصيل. كلها كذب بالأدلة القاطعة، بل الأصح أنَّها متفق عليها لأغراض مشتركة. ولا أطيل في ذٰلكَ فقد تمَّ التَّفصيل فيه من كثيرين. ولٰكنَّ دعونا نتتبع بدايات القصف الإسرائيلي لمواقع النظام التي يعرفها الناشطون والمحللون. بدأت منذ عام 2012م واستمرت حَتَّىٰ أواخر عام 2014م في مرحلتها الأولى. وإذا تتبعنا ما قصفته إسرائيل وجدنا أنَّها كلها تعزيز للنظام وحرمان الجيش الحر من الوصول إلىٰ المواقع التي تقصفها وفيها ما تغنمه من سلاح أو ذخيرة. ولا أطيل في ذٰلكَ ففيه تفاصيل يدركها الناشطون والمهتمون والمتابعون.
علىٰ أنَّ المفاجأة الصاعقة أبعد من ذٰلكَ وأكبر بكثر. ففي مطلع الشهر الأخير من عام 2015م نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربي والعالمية تصريحاً خطيراً لنتن ياهو تحت عنوان: «اعترافات نتن ياهو بأنَّ إسرائيل قامت وتقوم بعمليات عسكريَّة داخل الأراضي السُّوريَّة الغاية منها منع تحولها إلىٰ جبهةٍ ضدَّ إسرائيل».
هٰذا الاعتراف الذي أدلى به نتن ياهو أثار زوبعة في ساعاته الأولى ثمَّ اندثر من وسائل الإعلام كلِّها وتمَّ التَّعتيم عليه علىٰ نحوٍ مدهش. كلُّ مساطيل العرب والمسلمين وجهوا هٰذا الاعتراف نحو الغارات الشَّهيرة التي تحدث جهاراً نهاراً ويتحدث عنها الجميع علىٰ مواقع للنِّظام ويتم نقلها علىٰ الهواء مباشرة في مختلف وسائل الإعلام العالمية!!!
من منتهى الحماقة القول إنَّ نتن ياهو يعترف بالغارات التي تحدث عنها العالم أجمعه في ساعاتها بما فيها الإعلام الإسرائيلي. كاعتراف الرقاصة أنَّها ترقص!!!
إذا كان الإعلام الإسرائيلي والعالمي ينقل وقائع القصف الإسرائيلي لمواقع النظام علىٰ الهواء مباشرة فكيف يمكن أن نفهم أن نتن ياهو اعترف بقيام إسرائيل بعمليات عسكرية في سوريا؟!
لا يمكن فهمه إلا علىٰ أنَّ الطَّيران الإسرائيلي يشارك النِّظام السُّوري في قصف الجيش الحر والمدن السُّوريَّة، ولا يمكن أن يتم هٰذا من دون تنسيق، ورُبَّما بطلب من النِّظام السُّوري. ولا شكَّ في أنَّ هناك عمليات أُخْرَىٰ سريَّة عسكريَّة واستخباراتيَّة وخاصَّةً في الجبهة الجنوبيَّة. وناهيك بعد ذٰلكَ عن غرفة العمليات العسكرية المشتركة الروسية الإسرائيلية السورية في مطار حميم باللاذقية… وهٰذا ما لم يستطع أن ينكره أحد من أنصار النظام لأنَّهُ جاء بتصريحات رسميَّة من أعلى المستويات الروسية؛ فلاديمير بوتين وسيرجي لافروف…
لم تكتف إسرائيل باختراق الثورة السورية بهٰذه الخدعة الأردنية القذرة لتصوير الثورة علىٰ أنَّها عميلة لإسرائيل وأن إسرائيل هي التي تمول الجيش الحر وتحركه إسقاط نظام الشرف والمقاومة والممانعة بل ساهمت في قصف الجيش الحر في أرجاء سوريا، وقصفت مستودعات الأسلحة التي كان يقترب الجيش الحرُّ من الوصول إليها… والتمويه كانت بعض الضَّربات التي توحي بالعداء بَيْنَ إسرائيل والنِّظام.
ولا آتي علىٰ التَّصريحات الكثيرة التي تقطع بهٰذه النتيجة. وننتقل إلىٰ المحور الرابع الذي سأسميه الرخويات السائلة. وأكرر أيضاً دعك من التسمية الاصطلاحية وتابع المضمون.
المحور الرابع: الرخويات السائلة
بعد الانتصارات المذهلة للثورة السورية علىٰ مختلف الجبهات علىٰ امتداد عام 2012م وعام 2013م بالدعم والقطري والصدق القطري في دعم الثورة السورية. هرع العالم وعلىٰ رأسه إسرائيل والسعودية والإمارات والولايات المتحدة إلىٰ إقصاء قطر واستلام مهمة تمويل الجيش الحر وقيادته. فكان التهديد السعودي لقطر باجتياحها وتغيير نظام الحكم ما لم ترفع قطر يدها عن الثورة السورية وتوقف دعمها لها، حَتَّىٰ اضطر أمير قطر إلىٰ التنازل عن العرش لابنه تميم والتَّخلي عن دعم الثَّورة السُّورية.
وفي هٰذه الأثناء كان يتم التحضير لإنشاء غرفتي عمليات في الجنوب وأُخْرَىٰ في الشمال؛ في الجنوب باسم الموك (Military Operations Center) وهي غرفة عمليات ومقر القيادة والتسيق والدعم للثورة السورية تقودها الولايات المتحدة والأردن والسعودية والإمارات وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل… نعم وإسرائيل كما كان يعلم الجميع. وتشكلت هٰذه الغرفة علىٰ عجل في عام 2013م بسبب تسارع انتصارات الجيش الحر، وتم تطويرها عام 2014م ومهمتها قيادة الجيش الحر في المنطقة الجنوبية وحلب، علىٰ الرَّغْمِ من أن حلب يجب أن تكون تحت إدارة عرفة الشمال المعروفة باسم الموم.
قبل تأسيس الموك انتشرت الأخبار عنها وعن أهدافها التي نشرها الناشطون وانتشرت انتشاراً هائلاً علىٰ صفحات التواصل الاجتماعي وكانت أهدافها المعلنة من قبل تأسيها ومن بعد تأسيسها هي:
ـ عدم المساس أو الاقتراب أو تهديد الحدود الإسرائيلية بأي طريقة كان.
ـ حماية الحدود مع الجولان المحتل من أي تسلل إلى داخل إسرائيل. وانتبه إذ لم تعد مسألة عدم الاقتراب بل وصلت إلىٰ حماية حدود إسرائيل.
ـ عدم إقرار أو شن أية معركة أو عملية عسكرية إلا بموافقة من الغرفة عن طريق ممثلي الفصائل. وهنا تنتقل الإدارة إلىٰ إدارة الحرب مع النظام. وهٰذا ما يفسر ما حدث بعد ذٰلكَ.
ـ الالتزام بكلِّ ما يصدر عن غرفة الموك من مختلف الأوامر كالانسحاب أو الهجوم.
ـ عدم الاقتراب من محافظة السويداء وبعض القرى الدرزية في القنيطرة والإقرار بحقها في الوجود.
ـ التأكيد علىٰ دولة مدنية وسوريا الحديثة محترمة للأعراق والمذاهب.
ـ محاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة خاصة جبهة النصرة وحركة المثنى الإسلامية ولواء شهداء اليرموك. لأن هٰؤلاء هم الذين رفضوا دخول الموك ورفضوا التعامل مع إسرائيل. ثمَّ إضيفت الدولة الإسلامية إلىٰ هٰذه القائمة.
ـ وفي حال خالف فصيل هٰذه الشروط تتم معاقبته بطرائق عدة منها قطع الإمداد، وإيقاف الرواتب عن مقاتليه… ومحاربته مثلما تتم محاربة المثنى وشهداء اليرموك.
كل هٰذه الشُّروط والقوانين بالتَّفاصيل تم نشرها وتعميها قبل إنشاء الموك، ولم يبق قواد لم يعرفها. ومع ذٰلكَ تقاطر القواد إلىٰ غرفة الموك. أقول تقاطروا لأنهم لا يجهلون هٰذه القواعد والقوانين. والأردن أكرهتهم أيضاً غصباً عنهم بطرائق متعددة علىٰ الانطواء تحت لواء الموك بمحاصرتهم من قبل فصائل الموك ورئيس المجلس العسكري لدرعا، ومن خلال التمويل والدعم… وأرضختهم جميعاً لقوانين الموك. وكان ما كان مما لا يجهله أحد من المهتمين والمتابعين وحَتَّىٰ الأقل متابعة منهم.
هنا أعود إلىٰ المسألة التي أرجأتها من المحور السَّابق. فيما قبل ظهور فكرة إنشاء الموك ورُبَّما بالتزامن مع العمل عليها كانت الأردن تعيد الضباط وقواد الفصائل إلىٰ سوريا عن طريق إسرائيل من دون أن يعلموا. يركبون السيارات علىٰ أساس أنَّهُم عائدون إلىٰ الجبهات عن طريق الحدود الأردنية السورية وفجأة يجدون السيارات تسير في شوارع إسرائيل.
أكثر من واحد أقر بذۤلكَ، وبعض لم يرد أن ينفضح خوفاً أو حرجاً أو غير ذٰلكَ.
كانت الأردن تفعل ذٰلكَ معهم من دون أن يعلموا، كما فعلت مع الجرحى، لكسر الحواجز النفسية للتعامل مع إسرائيل. ولأغراض أُخْرَىٰ خبيثة لا تنفصل عن هٰذا الموضوع.
الخطير في الأمر، أن هٰؤلاء القواد والضَّباط، بعضهم القليل أو الكثير لا أدري، كانوا رخويات ساقطة، سلموا الموك وفيها من فيها، كل خرائط الجيش الحر والجيش السوري وتموضعات كل عسكري حر أو للنظام ومكان كل دبابة، وجهة سبطانتها… وهم فرحين بهٰذا الإنجاز الذي سيجلب لهم النصر.
هٰذا الاخترق لا يقلُّ خطورةً عن الاختراقات في المحاور السابقة بحال من الأحوال، ورُبَّما يكون هو الأخطر بل هو الأخطر بينها. ولٰكنَّ الأمانة تقتضي القول إن ما فعله القواد بأنواعهم في هٰذا المحور كان من باب الغباء الذي يجب عليه قطع ألسنتهم وأيديهم… أكثر من وقعوا في هٰذا الفخ وقعوا فيه علىٰ غباء وبلاهة ورُبَّما طمعاً بالدعم والمال وحدث ما حدث.
وعلىٰ خطورة هٰذا المحور أضعاف المحاور السَّابقة فإنَّ الأوسخ بَيْنَ الجميع هو المحور الأوَّل. محور الإشنيات الهشة التي زارت إسرائيل بإرادتها لما اتخذوه من ذرائع.
في الختام نعود إلىٰ البداية. ونتساءل: لماذا كل هٰذا الاختراقات الإسرائيلية للثورة السورية علىٰ مختلف الجبهات والجهات والمحاور، ناهيك عما لا نعلم وما يحتمل، من أجل هزيمة الثورة والدفاع عن النظام المقاوم الممانع الذي يريد تحرير الجولان وفلسطين من إسرائيل؟
دعك من أنَّهُ نظام مقاوم وممانع كما يقدم نفسه، اعتبره مثل أي نظام لا يقاوم ولا يمانع. بل دعك من أنَّهُ نظام عادي اعتبره علىٰ حقيقته وحقيقة الأنظمة العربية حامياً لإسرائيل من الشعوب ومن غيرها… لماذا تكالبت إسرائيل هٰذا التكالب علىٰ حماية هٰذا النظام كما لم تفعل ولن تفعل ولا يمكن أن تفعل مع أي نظام آخر، كما حدث في مصر مثلاً، في ليبيا مثلاً، في اليمن مثلاً… وغيرها؟!
لا يمكن أن تفعل إسرائيل هٰذه المستحيلات للدفاع عن أي نظام عربي آخر مهما كان عميلاً وتابعاً وخادماً لها. ولم نتحدث عما فعلته إسرائيل كما بدا فيما سبق، تحدثنا عن محور الاختراقات فقط… ما خلا ذٰلكَ أكثر وأخطر.
لا أطيل في التَّساؤلات وتوسيع دوائرها. أعود إلىٰ النهاية الحتمية التلازمية للنظام وإسرائيل. هٰذه الحقيقة الحتمية التي يؤمن بها اليهود والعلويون بناء علىٰ منظومة فكرية وتفكيرية واحدة استمدت مادتها من نبع واحد.
هٰذا كلامهم هم لا كلامنا.
قد يعترض بعض بأن الثورة لم تنهزم، وما زالت مستمرة، وستشتعل من جديد ورُبَّما تجد من هٰذه الأشكال المزيد.
الثورة انهزمت وشبعت هزيمة. ولٰكنَّ القادم شيء آخر. رُبَّما بقايا الثورة التي لم تحترق هي التي ستشعل النيران من جديد. ورُبَّما شيء جديد. ولٰكنَّ القادم قريب. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
نشر في فبراير 14, 2020