السبت، 18 يونيو 2022

فشل سياسة السيسى وبيع أصول الدولة.. وأخيرا ظهرت معالم الجمهورية الجديدة خطر يهدد الدولة المصرية

فشل سياسة السيسى وبيع أصول الدولة.. وأخيرا ظهرت معالم الجمهورية الجديدة

خطر يهدد الدولة المصرية


تقرير بقلم رئيس التحرير

سمير يوسف

يحاول “السيسي” تحميل المصريين الأزمة الخانقة؛ بسبب الزيادة السكانية تارة، وجائحة “كورونا” تارة، والحرب الروسية الأوكرانية تارة ثالثة.

ولم ينجح نظام “عبدالفتاح السيسي” في توظيف تلك القروض في إحداث إنعاش اقتصادي في البلاد؛ حيث ذهبت أغلب المليارات التي حصل عليها في مشروعات قومية قليلة العائد، وصفقات سلاح ضخمة أرهقت الموازنة المصرية.

تتفاقم أزمة الاقتصاد المصري، يوما بعد الآخر، مع تزايد مديونياته الخارجية والداخلية، وتضرر محفظته المالية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.

ويتواصل تعثر النظام المصري في الخروج من الورطة الاقتصادية، مع مماطلة صندوق النقد الدولي في منحه قرضا جديدا، بعد 3 قروض بإجمالي نحو 20 مليار دولار، خلال أقل من 6 سنوات.

خطة السيسى للبيع

ووفق ما أعلنه رئيس الوزراء المصري “مصطفى مدبولي” هذا الأسبوع، فإن القاهرة بصدد طرح مجموعة واسعة من الأصول الحكومية للبيع؛ لجذب استثمارات بقيمة 40 مليار دولار خلال 4 سنوات.

وتشمل الخطة دمج أكبر 7 موانئ في شركة واحدة وطرحها في البورصة، وكذلك الحال مع عدد من الفنادق المملوكة للدولة.

إضافة إلى طرح مشروعات للنقل الحديث في البورصة، وعلى رأسها مشروعا المونوريل والقطار السريع.

وتتضمن الخطة تحديد قطاعات اقتصادية كاملة والتخارج منها لصالح القطاع الخاص.

 إضافة إلى قطاعات أخرى تنوي الحكومة المصرية تقليص ملكيتها فيها، على أن ترتفع نسبة مشاركة القطاع الخاص لتصبح 65% من حوالي 30% حاليا.

وهناك مجموعة ثالثة من القطاعات ينوي النظام المصري الاستمرار فيها خلال 3 سنوات، على أن يتيح للقطاع الخاص الدخول في مشروعات الطاقة المتجددة وتحلية المياه والتعليم والأصول المصرفية.

كذلك سيتم طرح مشروعات للقطاع الخاص في قطاع السيارات الكهربائية، وتحديث البيانات، وشبكات نقل البترول والغاز، ومحطات إسالة الغاز، وأبراج شركات الاتصالات، وإعادة تأهيل محطات الرياح.

ودائع وقروض وبيع أصول حكومية.. مصر في قبضة الإمارات

تتعمق يوما بعد الآخر، علاقات التعاون الثنائي بين النظام الإماراتي والرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي”، بشكل يحمل نذر خطر للأمن القومي المصري.

وخلال أكثر من 8 سنوات، تشابكت العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية بين أبوظبي والقاهرة، بشكل ملفت، جعل من الثانية رهينة للقرار الإماراتي في ملفات عدة حساسة داخليا وإقليميا.

وتعد الإمارات أقوى حلفاء “السيسي” منذ وصوله للحكم عبر انقلاب عسكري، منتصف العام 2014، كما تعد أحد أبرز مموليه بالودائع والقروض والاستثمارات المباشرة وغير المباشرة.

ومع توالي إقبال “السيسي” على طلب ودائع وقروض، يبدو أن صانع القرار الإماراتي لم يعد في ترف لمنحه ما يريد، لا سيما بعد استتباب الأوضاع لها في مصر، والتخلص من جماعة “الإخوان المسلمون”، التي أطيح بها من الحكم 3 يوليو/تموز 2013.

بدا ذلك جليا، يناير/كانون الثاني الماضي، حينما وجه الجانب الإماراتي، الحكومة المصرية، لطلب قرض من بنوك إماراتية وخليجية، وهو ما تم بموجبه، منح مصر قرضا مجمعا بقيمة 3 مليارات دولار، شاركت فيه بنوك “الإمارات دبي الوطني، أبوظبي الأول، أبوظبي الإسلامي، البنك الأهلي الكويتي، والمؤسسة العربية المصرفية، الكويت الوطني، وبنك وربة الكويتي”.

وحصلت مصر في أغسطس/آب من العام الماضي على قرض قيمته مليار دولار، رتبه بنك الإمارات دبي الوطني وبنك أبوظبي الأول.

ويبلغ رصيد الودائع الإماراتية في البنك المركزي المصري 5.7 مليارات دولار للإمارات، بنهاية سبتمبر/أيلول من العام الماضي، وفق تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد الصادر عن البنك المركزي المصري.

ولم تسفر زيارات “السيسي” للسعودية والإمارات مؤخرا عن أي دعم نقدي أو ودائع ضخمة، في ظل الأزمة الراهنة التي تواجهها البلاد، جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار النفط والقمح عالميا.

وقفز الدين الخارجي لمصر إلى 137.85 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران 2021، مقابل 123.49 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران 2020، بنسبة زيادة بلغت 11.57%، وفق بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري.

 


هل يبيع السيسي الموانئ المصرية؟



شراء أصول حكومية

التوجه الإماراتي الجديد يذهب إلى شراء حصص وأصول حكومية في الشركات والبنوك المصرية، بدلا من الدعم النقدي والقروض “.

هذا التحول تمت ترجمته في صفقة كبيرة، قبل أيام، حصل بموجبها صندوق الثروة السيادي في أبوظبي (حكومي) على حصص من أصول مملوكة للحكومة المصرية في عدد من الشركات.

وشملت الصفقة “أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية”، مصر لإنتاج الأسمدة “موبكو”، (أهم شركتين في قطاع الأسمدة)، والأسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، إلى جانب شراء 18% من أسهم البنك التجاري الدولي (CIB) البنك الأكبر بالقطاع الخاص في مصر، وحصة في شركة فوري للمدفوعات الإلكترونية، بقيمة ملياري دولار، بحسب وكالة “بلومبرج” الأمريكية.

الخطير أن عمليات البيع طالت مؤسسات رابحة وليست خاسرة، أبرزها البنك التجاري؛ الذي حقق ارتفاعا في صافي أرباحه إلى 13.2 مليار جنيه خلال العام المنتهي في ديسمبر/كانون الأول 2021، مقارنة بصافي أرباح قدره 10.2 مليار جنيه خلال عام 2020.

كذلك سجلت شركة “فوري” لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية، المدرجة بالبورصة المصرية، ارتفاعا في الأرباح بنسبة 59.6% خلال النصف الأول من العام الماضي، محققة 137.1 مليون جنيه مقارنة بصافي ربح قدره 85.9 ملايين جنيه خلال الفترة المقارنة من 2020.

بين الخنادق والفنادق .. هل يسلم السيسي سيناء الإتصالات؟

سيولة من دول الخليج منتظرة

وتستهدف خطة تسييل الأصول، جذب 10 مليارات دولار سنويا، وقد جرى بالفعل تحديد أصول بقيمة 15 مليار دولار بصورة فورية، تأمل الحكومة المصرية تعزيز محفظتها المالية بها.

وتواجه مصر أزمة خانقة في توفير سيولة مالية تؤمن لها احتياجاتها الخارجية من القمح والنفط، وفي الوقت ذاته تستطيع سداد التزاماتها من أقساط الديون، والحفاظ على احتياطيها من النقد الأجنبي.

وتعاني الحكومة عجزا متزايدا بالميزانية وزيادة في تكاليف الاقتراض وانخفاض قيمة العملة، وكل ذلك تفاقم بسبب ارتفاع فاتورة استيراد القمح وانخفاض عائدات السياحة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ومن المقرر سداد ديون إجمالية خلال 2022، بنحو 17.9 مليارات دولار، تتوزع بواقع 11.968 مليار دولار خلال النصف الأول، و5.956 مليارات دولار في النصف الثاني من العام الجاري، وفق تقرير رسمي صادر عن البنك المركزي المصري.

وخطة تسييل الأصول ليست جديدة من نوعها، وسبق الإعلان عنها العام 2018، ضمن خطة لبيع حصص في 23 شركة مملوكة للدولة، وفق اتفاق مع صندوق النقد، وتأجل هذا البرنامج مرارا؛ بسبب ضعف الأسواق والعقبات القانونية وجاهزية الوثائق المالية للشركات.

ومن بين الأصول التي سيتم بيعها في البورصة بنهاية عام 2022 أسهم في 10 شركات حكومية، وشركتين تابعتين للجيش، وموانئ وفنادق لم يعلن عن هويتها.

والشهر الماضي، حصل صندوق الثروة السيادي في أبوظبي (حكومي) على حصص من أصول مملوكة للحكومة المصرية، شملت “أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية”، ومصر لإنتاج الأسمدة “موبكو”، (أهم شركتين في قطاع الأسمدة)، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، إلى جانب شراء 18% من أسهم البنك التجاري الدولي (CIB) البنك الأكبر بالقطاع الخاص في مصر، وحصة في شركة فوري للمدفوعات الإلكترونية، بقيمة ملياري دولار.

ومن المرجح، وفق الأكاديمي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، “هاني جنينة”، رئيس قطاعي البحوث السابق في شركتي برايم وبلتون، أن تتجه الحكومة لعقد صفقات لبيع الأصول إلى صناديق ثروة سيادية عربية.

ويضيف أن تفضيل مصر لهذا التوجه يحقق هدفها بالتحصل على مستحقاتها مقابل بيع الأًصول بالعملة الأجنبية، إضافة إلى التفاوض مع إدارة تلك الصناديق حول مستقبل القطاعات الاقتصادية التي ستتخارج منها الدولة، بحسب “الجزيرة.نت”.

وكان صندوق النقد طالب الحكومة المصرية، في يوليو/تموز الماضي، بتحديد قطاعات اقتصادية بعينها تنوي الدولة الاستمرار فيها، والتخارج من غيرها من القطاعات، وفق موقع “مدى مصر”.

مصر على حافة الإفلاس

وتعزز خطة البيع المخاوف المتداولة في الشارع المصري بأن البلاد على حافة الإفلاس، بعدما ارتفع الدين الخارجي نهاية الربع الثاني من العام المالي الجاري ليسجل 145.5 مليار دولار بزيادة بلغت 8.1 مليارات دولار عن الربع السابق له من نفس العام.

وقد شكلت الحكومة المصرية لجنة لترشيد ملف الاقتراض من الخارج، وهذه هي المرة الثانية التي تتخذ القرار ذاته؛ إذ سبق لها عام 2019 أن شكلت لجنة لإدارة الدين العام.

ويرى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، الدكتور “فخري الفقي”، في حديثه لــ”سي إن إن”، أن مصر في مأزق؛ بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض بعد اتجاه البنوك المركزية العالمية لزيادة أسعار الفائدة، وثانيًا بسبب صعوبة الاقتراض من المانحين بعد ارتفاع حجم الدين.

الملفت أن الحكومة المصرية التي تجاهلت طوال السنوات الماضية انتقادات المعارضة للبذخ في الإنفاق على مشاريع العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، وأكبر مسجد، وأكبر كنيسة، وأكبر أوبرا، وأكبر برج، واستضافة بطولات رياضة عالمية، عادت لتقرر قصر الإنفاق على المشروعات القومية، والتي تحقق عائدا يسهم في زيادة نمو الناتج المحلي.

ويطالب رئيس قسم البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، “عمرو حسين الألفي”، في حديثه لـ”العربي الجديد”، بوضع حد أقصى لسقف الاقتراض الخارجي لمصر، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة، وإنشاء مشروعات ترفع من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة التصدير وخفض الواردات.

دراسات الجدوى تعطل العمل رأى السيسى الخاص

الأذهان تستعيد ما صرح به “السيسي” في منتدى أفريقيا 2018، قائلا: “وفق تقديري في مصر لو مشيت بدراسات الجدوى وجعلتها العامل الحاسم في حل المسائل كنا هنحقق 20-25% فقط مما حققناه”.

ويبدو أن البلاد تدفع عمليا ثمن تغييب دراسات الجدوى، وتجاهل انتقادات الخبراء والمعارضين، وإهدار قروض مليارية في مشروعات قليلة العائد، لتجد نفسها أمام سيناريو “مزاد علني” لطرح  أصول الدولة للبيع.

وتتصدر الإمارات والسعودية ودول الخليج، وكبريات الشركات الدولية، أبرز الراغبين في الاستحواذ على الشركات المصرية ذات الربحية، وذات الأهمية في قطاعات حساسة.

ومن أبرز الشركات المرجح بيع حصص منها قريبا، شركة مصر لتأمينات الحياة، ومصر الجديدة للإسكان، والشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافي)، والشركة الوطنية لإنتاج وتوزيع المواد البترولية (وطنية)، وشركة “هيرميس”.

وإضافة إلى مجمع التحرير، ومحطات الطاقة الكهربائية والشمسية، هناك الأراضي المملوكة لشركات: الحديد والصلب المصرية، والنصر لصناعة الكوك (الفحم)، والنصر لصناعة المطروقات، والأهلية للأسمنت، والمصرية للجبسيات، والقابضة للغزل والنسيج، والقابضة للنقل البحري والبري، والقابضة للتأمين، والقابضة للتشييد والتعمير، والقابضة للأدوية، والقومية للأسمنت.

محفظة مصر المالية في مأزق خطير، ربما بات يشكل أحد أبرز معالم “الجمهورية الجديدة” التي يروج لها نظام “السيسي”، بعد 8 سنوات في الحكم؛ لينتهي المطاف بمطالبة المصريين بالصبر مجددا، ووضع ثروات البلاد في مزاد علني للبيع.

 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق