الأربعاء، 29 يونيو 2022

سؤال يغيب عن الجميع

 سؤال يغيب عن الجميع

 والسؤال الذي يغيب عن الجميع هو : لماذا تكرر خروج الهلالي كل فترة ليحدث الناس بكلام ضال شاذ ينكر به معلوما من الدين بالضرورة ، ثم يحدث على إثره لغط مجتمعي، فيقوم الأزهر بنشر بيان بارد عن خطأ كلامه وتسمية زندقته بالرأي "الشخصي" ؟؟؟
فهل حقا يقوم الأزهر "بمحاربة" زندقة الهلالي المتكررة أم يؤصلها ويعطيها وجاهة ؟؟؟؟
وقبل أن تندهش ... تعال معي لنتأمل المشهد بهدوء ونفكر فيه.
١- الدولة تسمح لابراهيم عيسى واسلام البحيري والهلالي وتفتح الباب لكل من هب ودب من العالمانيين لينشروا فكرة مركزية محددة وواحدة تقول: أن الإسلام "التراثي" يجب أن يتم تطويره، وأن الأزهر مؤسسة دينية تعمق من جذور هذا الفكر "التراثي" ويجب تطويرها او إلغائها، فتكون النتيجة هي فرح العالمانيين بهذا الكلام ،و طبعا يعلق بأذهان كثير من الناس بعضا من شبهات عيسى والبحيري (مثل تحجر الفقهاء القدامى/ وجود نصوص غير عقلانية / التراث المنقول كله حتى الصحيح منه يحتوي على أكاذيب ...الخ الخ) ممن لا يملكون أي علم شرعي ولا يعرفون شيئا عن هذه الشبهات.
٢- ثم يقوم شيخ الأزهر بالخروج كل فترة بموقف يبدو بطوليا في مواجهة كلام العالمانيين "الأشرار" فيفرح المتدينون بكلامه (ظنا منهم انه يغرد خارج السرب ويقاتل ببطولة التنين الليبرالي المتوحش) فيحتشدون خلفه ويعظمونه ، بينما عند التأمل سنجد أن النظام يريد ذلك ! النظام يقوم ببساطة بسحب البساط من تحت أقدام الحراك الإسلامي المستقل والمشايخ المستقلين ؛الذين كانت لهم مصداقية خلقت شرعية دينية شعبية موازية للمؤسسة الدينية الرسمية طوال الثمانينات والتسعينات واوائل الالفينات ، النظام على الحقيقة يريد اعادة الهيبة للدين (الرسمي) وذلك باعطاء شيخ الازهر موثوقية كان النظام قد فقدها على يد الشيخ طنطاوي لينهي وجود هذا (الدين الشعبي) للأبد.
٣- تكرار المواقف بين الازهر (التراثي) الذي ينحاز اليه (المحافظون) وبين اطروحات(الليبراليين التقدميين) الذين ينحاز اليهم المتغربون والغربيون: يخلق حالة لطيفة يريدها النظام ويستغلها ليرسل من خلالها رسائل للغرب مفادها : انه نظام حداثي تقدمي يقوم بتغيير المجتمع ويحارب الارهاب عن طريق تغيير الفكر الديني ويطور خطاب مؤسساته الدينية عن طريق شيخ ازهر (بطريرك يعني في عين الغرب) خريج السوربون.
٤- كما أن طرح زندقة الهلالي في صورة (الفكر الشخصي الشاذ) بالرغم من إقرار الأزهر في كل بياناته على أن تخريفات الهلالي تخالف المعلوم من الدين بالضرورة- مع إن مجرد إنكار المعلوم من الدين بالضروره يخرج صاحبه من الملة بعد استتابته إذا كان يجهل ما يقوله (والهلالي لا يمكن أن يوصف بالجهل)- اقول : مجرد طرح الموضوع في هذه الصورة وكأنه خلاف "فكري" بين المؤسسة التراثية العتيقة (الأزهر) وبين هذا الشيخ "الثائر على قوالب الفقه الجامده" (اعني الهلالي) وكأنه سبينوزا مثلا ! مع الإصرار على عدم وصف كلامه بالحكم الشرعي الحقيقي له الذي هو (الزندقة) ؛ هذا يخدم تماما الصورة التي يريد النظام ترسيخها عند الغرب.

الخلاصة :
- لا يمكن تصور أن الهلالي يعمل خارج مظلة النظام ، النظام لا يتسامح أبدا مع أي خطاب مخالف لتوجهاته الأمنية والمجتمعية.
- الصراع بين المؤسسة الدينية وبين "الأشرار" هو صراع (مهندس) وليس صراعا عشوائيا كما قد يتبادر للذهن، وأنا نفسي وقعت في فترة سابقة في فخ التعاطف -لا بأس فمن خدعنا بالدين انخدعنا له- ولكن العيب أن نظل مخدوعين ويتم التلاعب بنا بهذه الطريقة للأبد.
والله أعلم.








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق