خواطر صعلوك
الطالب «يبرشم» الآيات!
أحياناً أرغب في قراءة كتاب كنت قد قرأته سابقاً، وأشعر في قراءتي الثانية له أنه ليس الكتاب نفسه، وإنما كتاب مختلف، صحيح أن الكتاب لم يتغير، وصحيح أن المؤلف هو المؤلف وأن الكلمات هي الكلمات، ولكن الذي تغير هو أنا، والذي اختلف وعيه هو أنا، فعندما يتغير القارئ يتغير تفسير المقروء أيضاً.
إن النظام الانتخابي في الكويت، والذي يبدأ من الجمعيات التعاونية والمجتمع المدني والبلدي ومجلس الأمة... مرتبط ارتباطاً مباشراً بالتعليم وجودته، فقراءة المشهد لن تتغير إلا بتغير وعي القارئ.
فالذي يغير وعي الناس، ليس الإعلام كما افترض بعض المحسنين، وليس المجتمع المدني كما افترض أكثر الليبراليين تفاؤلاً، وليست الديموقراطية كما اعتقد كبار الأعيان في الكويت، بل الذي يغير وعي الناس هو التعليم الجيد الذي يريهم الأثر والنتائج.
وبعد أن تحولت الثقافة الإسلامية من ممارسة حياة وسلوك إلى «حصة» في مدرسة، وتحولت في الإعلام إلى «فقرة» أو برنامج، وتحولت في الجرائد إلى «صفحة» من أجل التنويع وتعدد الأبواب، وتحولت في الحياة المدنية إلى «أحزاب» يمثلها الإخوان تارة والسلفية تارة أخرى... حتى أصبح الطالب «يبرشم» الآيات والأحاديث التي تنهى عن الغش، وأصبحت المذيعة تقدم برنامج الفتاوى، وأصبحت صفحة الفنون أكثر تشويقاً من صفحة السلوك في الصُحف، وتوزع المشايخ بين هيئات شرعية للشركات، وموقعين عقود للتلفزيون، حتى بدأ يتلاشى العيب والحرام من حياتنا، وأصبح كل شيء في حياتنا قابلا للنقاش حتى الثوابت.
ومن أجل تصحيح النظام الانتخابي في الكويت، والوضع الاجتماعي في المسلسلات، والوضع المالي في التقارير التي تخبرنا أننا وصلنا للمرحلة التي أصبحنا نرضى بالحرامي الذي يترك لنا نصف الدجاجة، خيراً من الحرامي الذي يأخذ الدجاجة كلها، ومن الوضع الأخلاقي الذي يتصدره نجوم في «السوشيال ميديا» من الذين قبحهم الله واخزاهم حيث يهتكون ستر الناس وأنفسهم غير مبالين بأي شيء وإنما هي حياتنا الدنيا وما يهلكنا غير الدهر، وحتى الدهر ذاته سوف نهزمه بعيادات التجميل!
من أجل تصحيح كل هذه الأوضاع، فلا مسار أو مسير إلا بالتعليم الجيد.
لا أحاول أن أزايد على أحد في الإيمان باليوم الآخر، أو في تذكير الناس لماذا خلقنا الله؟ ولا أحاول أن أقدم موعظة يقال عنها إنها وجلت منها القلوب، وزرفت منها العيون، فلماذا أخبرك بهذا الكلام إذاً؟ صدقني ليس لأن بيني وبينك عشرة في القراءة والكتابة عبر هذه النافذة، لذلك فمن واجبي أن أكون صادقاً معك، وليس لأنك من القراء المتابعين بشكل جيد لما أنشر، فربما تكون عابر سبيل، ولكن أقول لك هذا الكلام من باب تذكير نفسي وتذكيرك بالمعادلة البسيطة التي تقول:
- يرتبط الصندوق الانتخابي في كل مؤسسات الدولة بالتعليم الجيد وجودته من ناحية الأخلاق وليس المهارات فقط.
وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.
قصة قصيرة:
19 في المئة من الجهات الحكومية في الكويت ليس لديها خطة استراتيجية أو رؤية ورسالة واضحة، أما 81 في المئة من المؤسسات لديها استراتيجيات ورؤية ورسالة، واللي عنده واللي ما عنده... نفس الشيء!
Moh1alatwan@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق