قراءة في كتاب العودة إلى مكة
قراءة بقلم خالد بن عبيدالله
التغلغل الصهيوني في جزيرة العرب (الجزء الأول)
في شهر فبراير عام 2012 - بالنسبة لمتجر أمازون - وقيل في شهر أغسطس عام 2015 - بالنسبة لموقع GoodReads - صدر كتاب بعنوان ”العودة إلى مكة“ من تأليف دينيس أفي ليبكين - Avi Lipkin - وهو إسرائيلي أمريكي ولد عام ١٩٤٩ في نيويورك شرق الولايات المتحدة الأمريكية هاجر لإسرائيل عام 1968 وخدم في جيش الدفاع الإسرائيلي من 1972 إلى 1973 كمتحدث إعلامي ووضع تحت الاستدعاء منعام 1973 إلى 1989 في سلاح المدفعية الإسرائيلي ثم ضابط اتصال في مكتب المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي، ومنذ عام 1991 بدأرحلته لنشر الفكر الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا حتى وصل به الأمر أن وعظ بالاتحاد اليهودي-المسيحي تحت الفكرالصهيوني في ألف كنسية ومعبد في كل من هولندا وبلجيكا وسويسرا والنمسا وبولندا واليونان وحتى إسرائيل.
الكتاب يحوي 247 صفحة ونشر باللغة الإنجليزية. حجم الكتاب صغير .. بحجم الكف تقريباً - أشبه بالكتيب - وصفحاته قليلة ولكن فحواه ومحتواه من الخطورة والجرأة بمكان ما لا يمكنك غض الطرف عنه وعن الرجل الذي كتبه وعن النظريات والحقائق والخطط والمسارالمستقبلي الاستراتيجي الذي نظر له وقدر.
الكتاب صدر بعد بداية الربيع العربي - بدأ الربيع العربي في كانون الأول / ديسمبر 2010 - بعامين تقريباً وباختصار شديد ومفيد صاحب كتاب ”العودة إلى مكة“ أفي ليبكين يقول وبكل بساطة علينا غزو جزيرة العرب أو الدخول فيها واحتلال الحجاز وتبوك تحديداً، ووضع خطة استراتيجية لهذا الهدف وقال: يجب دعم الربيع العربي ليصل إلى دول الخليج وتأجيج الصراع السني-الشيعي أكثر وأكثر في المنطقة حتى تغزوإيران شرق جزيرة العرب وجماعة أنصار الله - جماعة الحوثي - جنوب السعودية ما سيجعل شعوب جزيرة العرب وحكامها يطلبون منا التدخل لفك الاشتباك الحاصل بينهم وستكون هذه فرصة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال جزيرة العرب بشكل مباشر بدل الحكام الحاليين.
السؤال الذي ستطرحه ببساطة أيها القارئ وما الهدف من احتلال جزيرة العرب؟ وتحديداً تبوك والحجاز وما الفائدة منه؟
الإجابة غريبة ولكن الكثير مقتنع بها، يقول أفي ليبكين في هذا الكتاب بأن موسى - نبي الله - عندما هرب من فرعون مصر فر إلى مدين - كما يسميها الإنجيل والتوراة وهي مدائن نبي الله شعيب في تبوك - وهناك قابل نبي الله موسى نبي الله شعيب وتزوج من ابنته بعد قصة البئرالشهيرة المذكورة في القرآن الكريم وفي التوراة والإنجيل وعاش هناك ما يقرب عشرة أعوام حتى تنزل عليه الوحي الإلهي بإخراج بنيإسرائيل من الحكم الفرعوني الذي جعل من بني إسرائيل عبيد في مصر لمدة مئتي عام 200 تقريباً، وهذا ما كان وقصة نبي الله موسى المذكورة لدينا في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تقص علينا هذه القصة المثيرة والجلل حتى نصل إلى مشهد خروج بني إسرائيل منمصر وفرارهم نحو البحر الأحمر - والذي يسميه البعض بحر فرعون - وهنا تبدأ صورة الأطماع الصهيونية والإسرائيلية تظهر لنا أكثر وأكثر.
يقول أفي ليبكين أن بنو إسرائيل عندما عبروا البحر بعد انطلاقهم لم يذهبوا إلى شبه جزيرة سيناء بل ذهبوا واستوطنوا مدائن شعيب فيتبوك وأن البحر الذي انفلق هو البحر الذي بالجانب الأيمن من شبه جزيرة سيناء والمطل على شواطئ تبوك - يسميه البعض الآن خليج العقبة- وليس البحر الغربي من شبه جزيرة سيناء كما هو متوارث في الثقافة العامة.
وأن بنو إسرائيل عاشوا في مدين - مدائن شعيب في تبوك - وليس في شبه جزيرة سيناء وأن جبل الطور أو جبل التجلي أو جبل موسى أوجبل حوريب والذي سمع عليه النبي موسى صوت الله وتكلم معه عليه وهو الجبل ذاته الذي تنزلت عليه شريعة الله على موسى والتي نسميهانحن المسلمين صحف موسى ويسميها اليهود والنصارى أحجار العهد التي تحوي على الوصايا العشر المأخوذ بها في المسيحية واليهودية. وأن تبوك هي الأرض التي شهدت انفلاق صخرة موسى والتي كانت مصدراً للماء لبني إسرائيل طوال فترة بقائهم هناك. وأن تبوك هي الأرض التي شهدت ثورة السامري - كما ذكر اسمه في القرآن - على موسى وهارون وعبادة العجل الذهبي الذي صنعه وباقي القصة والمذكورة في القرآن أيضاً وأن تبوك هي الصحراء التي تاه فيها بنو إسرائيل 40 سنة.
كما أن أفي ليبكين وغيره يقول بأن موسى قد زار مكة المكرمة وحج فيها، وهو قول مذكور في التراث الإسلامي ولكن من غير تفصيل، فقد ذكر أن نبي الله شعيب قد اشترط على موسى عندما تزوج ابنته بأن يحج عشرة حجج، وهنا يأتي سؤال أين حج موسى عشرة حجج؟ ففي تلك الفترة لم يبنى هيكل اليهود الذي كانوا وما زالوا يحجون إليه إلى لآن ولا توجد أماكن مقدسة تتبع الديانة اليهودية فنشوئها كانت على يدموسى نفسه. وهنا تأتي الأطروحة والتفسير بأن المكان الذي حج فيه موسى عشرة مرات هو نفسه المكان الذي نحج فيه نحن المسلمين كل عام في شهر ذي الحجة وهو الكعبة المشرفة في مكة المكرمة. واستشهد أفي ليبكين بـ التيفيلين الذي يضعه أحبار اليهود على جباههم وقت الصلوات وهو ذو شكل مربع ويكون باللون الأسود بأنه استلهم من الحجر الأسود.
كما يظن أفي ليبكين بأن نبي الله شعيب - Jethro - هو كبير الكهنة المسؤولين على الكعبة بأمر من الله - كما يقول - وصرح بهذا لأحد أحباراليهود الضليعين بالديانة والشريعة اليهودية.
ولهذا الحد أيها القارئ يظهر لي أنك ما زلت لم تستوعب الفكرة من هذا الكلام كله! وها أنا آتيك بالنبأ العظيم …
ذكر في التوراة - العهد القديم - سفر يشوع الإصحاح الأول الجملة الثالثة : "كُلَّ مَوْضِعٍ تَدُوسُهُ بُطُونُ أَقْدَامِكُمْ لَكُمْ أَعْطَيْتُهُ، كَمَا كَلَّمْتُمُوسَى." (يش 1: 3). هذه الجملة شرحها فقهاء اليهود والمسيحيين بأنها أرض كنعان - فلسطين حالياً - وليس كما هو ظاهر النص بأن أيأرض تدوسها بطون أقدام بنو إسرائيل فهي لهم، رغم أن بعضهم أخذها على ظاهرها الحرفي! وما يجعل ظاهرها الحرفي باطل وغيرمأخوذ به هو الجملة التي تلت هذه الجملة في نفس السفر وفي نفس الإصحاح والتي تنص على : "مِنَ الْبَرِّيَّةِ وَلُبْنَانَ هذَا إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ نَهْرِالْفُرَاتِ، جَمِيعِ أَرْضِ الْحِثِّيِّينَ، وَإِلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرِ نَحْوَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ يَكُونُ تُخْمُكُمْ.“ (يش4:1) ولهذه الجملة شروح كثيرة - الحثيين هنا همالكنعانيين - ولكن ما يهمنا في هذا المقال هو ما هي الأرض المقصودة بكلمة ” البرية“ !؟ وهنا يأتي أفي ليبكين بنظريته التي تقول أن كلمةبرية في هذه الجملة وفي هذا الاصحاح هي تبوك! بل وزاد عليها الحجاز! اعتباراً بأن موسى حج حول الكعبة في مكة المكرمة وأن هارونبن عمران - أخ نبي الله موسى - ونبي الله شعيب قد عاشوا في تبوك ومكة!.
ولدعم هذه النظرية يقول أفي ليبكين أن خروج بني إسرائيل من فرعون كان نحو الجنوب - جنوب سيناء - فقناة السويس لم تحفر وتفتح بذلك الوقت فكان العبور يسيراً نحو سيناء، وشبة جزيرة سيناء كانت تحت الحكم المباشر للفراعنة وقتها ورمسيس الثاني تحديداً - كما تذكرالتوراة - فكان الاستقرار فيها خطأ وينبئ عن مهلكة عظيمة لبني إسرائيل خاصة إذا تذكرنا نوايا فرعون مصر بقتلهم وإبادتهم كونهم عبيد تم إطلاقهم والفوائد المترتبة على وجودهم كثيرة ناهيك عن الأحداث والمعجزات التي أتى بها نبي الله موسى ليثبت من خلالها لفرعون أنه رسول من عند الله وأن تحرير بني إسرائيل أمر إلهي وليس رغبة شخصية!
كما أن الشمال الشرقي كان يعيش فيه الشعب الفلستي - كما هو مذكور في التوراة والإنجيل - وهو الشعب الكنعاني فخروج بني إسرائيل إلى هناك مباشرة أيضاً فيه من المخاطر ما هو واضح. فكانت المعجزة الإلهية بشق البحر - خليج العقبة الواقع بين تبوك وسيناء - وعبور بني إسرائيل نحو تبوك حيث نبي الله شعيب حموا نبي الله موسى التي تسمى الآن مدائن شعيب. وفيها تاه بنو إسرائيل 40 سنة بعد وفاة موسىوهارون ومن ثم قادهم يشوع بن نون - يوشع بن نون - نحو الأرض التي منحها الله لهم - بحسب المعتقد اليهودي والنصراني - ويحاول أفيليبكين لإثبات أن موسى كان موجود في مكة المكرمة هو أن كلمة حج لها أصل في اللغة العبرية وتأتي بمعنى إجازة أو السير في دوائر! وأن موسى قد حج في مكة والتي كانت تضم الحجر الأسود فقط وليس الكعبة كاملة كما الآن - كما يزعم - ونحن كمسلمين نعلم أن الكعبة موجودة منذ زمن إبراهيم وإسماعيل قبل بعثة نبي الله موسى بستمئة سنة تقريباً.
خلاصة أطروحة أفي ليبكين في كتابه ”العودة إلى مكة“ بأن تبوك والحجاز أراضي يهودية وأنها لبني إسرائيل كما ذكرت التوراة في سفر يشوعبن نون - الجمل المذكورة أعلاه - وبأن تبوك والحجاز تنتمي لأرض إسرائيل الكبرى التي تنادي بها الحركة الصهيونية منذ نشأتها إضافة إلى لبنان والأردن وغرب العراق - الأنبار - وشرق مصر - شبه جزيرة سينا - كل هذه الجغرافيا هي جزء من إسرائيل الكبرى الموعودة والممنوحة لبني إسرائيل من الرب كما يؤمن اليهود والنصارى.
ومع تقلبك لصفحات الكتاب - العودة إلى مكة - واستماعك لمؤتمرات أفي ليبيكن ومقابلاته تجد أن الرجل أكثر تطرفاً وعنفاً حيث دعى ومازال يدعوا إلى القضاء على الإسلام كدين بل دعى ومازال يدعوا إلى هدم الكعبة! وبحسب ظنه أنه بهدم الكعبة سيتم تدمير الإسلام بكل بساطة. واصفاً الإسلام بدين الشيطان ويجب القضاء عليه بتعاون يهودي مسيحي تحت مظلة الفكر الصهيوني المبشر بعودة مسيح اليهودية ومسيح النصارى إذا عاد بنو إسرائيل إلى أرض الميعاد - فلسطين - وبناء هيكل الرب من جديد - هيكل سليمان - على جبل موريا والذي يقع عليه حالياً الحرم القدسي بأكمله.
وسبب رغبته بتدمير الكعبة هو رغبته بتدمير الإسلام والذي يشكل التهديد الوحيد والمباشر للدولة الصهيونية وذلك لنظرة المسلمون بأن إسرائيل كيان باطل والفكرة الصهيونية باطلة ومرفوضة في الإسلام ورغبة المسلمين بتحرير المسجد الأقصى باعتباره أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين. كما أن الإسلام لا يعترف بكتبهم المقدسة التي تمنحهم هذه الأرض إضافة إلى أن المسلمون يرون واجب بل فرض تحرير كلالأراضي الإسلامية المحتلة ومن ضمنها بلاد بيت المقدس.
فيقول أفي ليبكين لماذا ننتظر المسملين يهجمون علينا؟ بل نحن من يجب أن يهاجمهم ونحتل الكعبة المشرفة والحجاز بأكمله وتبوك بل وندمرالكعبة ونحتل جزيرة العرب بشكل مباشر ونمضي قدماً في تأسيس وعد الله بإسرائيل الكبرى - كما يقول - من النيل إلى الفرات ومن لبنانإلى البرية - صحراء تبوك - .
وأكد أفي ليبكين أن هدم الكعبة أهم من بناء الهيكل، أو هدم الكعبة أولوية أشد أهمية من أولوية بناء الهيكل، فهدم الكعبة مقدم على بناءالهيكل. وبعد هدم الكعبة ومن ثم بناء الهيكل - أي بعد هدم المسجد الأقصى - يجب إنشاء ”الولايات المتحدة الإسرائيلية “ بدعم هجرة النصارى الداعمين للصهيونية لزيادة عدد مواطني إسرائيل الكبرى التي يسعون لها. ومن ثم بعد نشوء الولايات المتحدة الإسرائيلية يدعوا أفيليبكين لإنشاء حكومة العالم الموحدة والتي سيكون على رأسها المسيح! - وهنا لا أدري أي مسيح يقصد؟ مسيح اليهودية أم مسيح النصارى؟- ما سيجلبه هذا الرجل والذي سيكون على رأس هرم حكم هذا العالم من سلام ومحبة وإخاء للشعوب والدول قاطبة.
خلاصة هذه السطور:
- بنو إسرائيل هربوا من فرعون نحو تبوك - مدائن شعيب - وليس شبه جزيرة سيناء
- جبل الطور الذي كلم الله عليه موسى وأنزل شريعته عليه في تبوك وليس سيناء
- كلمة ”البرية“ المذكورة في التوراة في سفر يشوع في الإصحاح الأول الجملة الرابعة هي تبوك والحجاز
- تبوك والحجاز جزء من إسرائيل الكبرى - والتي أسماها ليبكين الولايات المتحدة الإسرائيلية - الموعودة لبني إسرائيل
- لتتمدد إسرائيل نحو تبوك والحجاز لابد من دعم الربيع العربي ليصل للسعودية وتأجيج الصراع السني-الشيعي
- لتتحقق دولة إسرائيل لابد من القضاء على الإسلام وللقضاء على الإسلام لابد من هدم الكعبة
- هدم الكعبة وتدمير الإسلام مقدم على هدم المسجد الأقصى لبناء هيكل الرب عند اليهود والنصارى
- لإنشاء إسرائيل الكبرى لابد من دعم هجرة النصارى إلى إسرائيل لزيادة العدد بمواجهة المسلمين
- نشوء إسرائيل الكبرى - الولايات المتحدة الإسرائيلية - سيمهد لظهور المسيح الذي سيجلب الرخاء والسلام للعالم
- لن يظهر المسيح حتى يبنى هيكل الرب في القدس
علماً أنه في أحد إصدارات كتاب ”العودة إلى مكة“ وضع على الغلاف الخلفي للكتاب اقتباس لأسامة بن لادن يحذر فيه من التوسع الإسرائيلي نحو الجوف وتبوك وصولاً إلى المدينة المنورة! مذكراً بهدف الصهيونية لإقامة إسرائيل الكبرى وأن الموجودة حالياً ما هي إلا بذرة ونواة.-بشيء من التصرف. وهذا الاقتباس أرسل لأفي ليبكين عن طريق جيم كالدول وبيني كالدويل - Jim & Penny Caldwell - وهما الزوجين الذين جمعا أغلب المعلومات والملاحظات التاريخية والأثرية والتوراتية لإثبات أن جبل حوريب / جبل الطور في تبوك شمال جزيرة العرب وليسفي شبة جزيرة سيناء وناقشا آفي ليبكين عن الموضوع، وما طرحه آفي ليبكين في كتابه هو نفس ما قالوه ما عدى الإضافات التي وضعها ليبكين من تحرير جبل حوريب من المسلمين واحتلال مكة والمدينة المنورة من قبل أمريكا وإسرائيل وتأسيس إسرائيل الكبرى - والتي أسماهاليبكين الولايات المتحدة الإسرائيلية - كما استند آفي ليبكين والزوجين كالدويل على أبحاث رون وايت - Ron Wyatt - والذي يقول أنه اكتشفجبل موسى وأنه في تبوك أيضاً كما أنه اكتشف تابوت العهد اليهودي والذي تحفظ فيه صحف موسى المقدسة في القدس في مغارة إرميا مايعني قرب بناء الهيكل الثالث اليهودي والذي يشترط اكتشاف تابوت العهد الضائع لبناء الهيكل.
بقلم خالد بن عبيدالله
ماذا يعنى جبل اللوز السعودى لإسرائيل؟
ولماذا يخطط الصهاينة للسيطرة على الحرمين؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق