الاثنين، 5 سبتمبر 2022

قراءة في كتاب العودة إلى مكة

قراءة في كتاب العودة إلى مكة 


اسم الكتاب: (العودة إلى مكة) Return to mecca
أسم المؤلف :الكاتب اليهودي "دينيس آفي ليبكين
وصف الكتاب
الكتاب يعد تعبيرا جديدا عن أحد أكثر الأفكار الصهيونية تطرفا وعدوانية، والداعية لغزو المملكة العربية السعودية، وهدم الكعبة المشرفة، أقدس أماكن المسلمين، أو على الأقل تدويلها بجعل إدارتها في يد الدول الغربية وإسرائيل.



جديد قديم:
على الرغم من أن هذا الكتاب بما يحمله من أفكار قد يمثل صدمة بالنسبة لكثير ممن يقع بين أيديهم الكتاب من العرب أو المسلمين، إلا أنه يعتبر حلقة جديدة في فكر قديم، عبر عنه اليهود طويلا.

خلاصة هذا الفكرة تقوم على أحقية اليهود في التواجد في شبه الجزيرة العربية، وهم يعتمدون في ذلك القول أساسا على الحجة التي تقول أن هناك قبائل يهودية عاشت في بلاد العرب لسنين طويلة، ثم طردوا منها بعد غدرهم بالمسلمين، مثل يهود بني قريظة ويهود خيبر وبني قينقاع وبنو النضير وغيرهم، وبالتالي فمن حقهم استرداد أرض وممتلكات جدودهم المزعومين.

لا تحتاج للتعمق كثيرا في كتاب العودة إلى مكة Return to Mecca لتصلك رسالته، فالغلاف ذاته يحتوى على صورة للحرم المكي الشريف وتتوسطه الكعبة.

يعلو صورة الحرم والكعبة، رمز "التفيلين" اليهودي، إنه رمز من رموز اليهودية، وهو عبارة عن علبتان صغيرتان من الجلد الأسود ترتبطان بقاعدة، وتحتوى هاتين العلبتين على عدد من الاصحاحات من كتاب اليهود المقدس، تكون مدونة على رق، وتربط هاتين العلبتين على الذراعين والرأس بواسطة أشرطة جلدية سوداء (تشبه الأشرطة التي تحيط بالكعبة في غلاف الكتاب)، ويبدأ وضع التفيلين على رأس الصبيان في سن الثالثة عشر، في صلاة الصبح في بعض أيام الأسبوع، وهو رمز يجب حفظه بعناية، ويمنع وضعه في مكان قذر وفقا للمعتقدات اليهودية.

سنجد في العودة إلى مكة Return to mecca ،محاولة من الكاتب لربط هذا الرمز بالكعبة المشرفة، للوصول إلى ما يريده من استنتاجات تقول أن الكعبة هي حق لليهود وليست للمسلمين.

هذه الدعوات الصارخة العدوانية والتعدي، كما قلنا ليست من بنات أفكار آفي ليبكين، مؤلف الكتاب المعروف بتطرفه.

لدينا مثلا التصريح الشهير لجولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل في نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات (قالته في مارس عام ١٩٦٨) عندما وقفت في خليج نعمة في شبه جزيرة سيناء التي كانت تحتلها إسرائيل في ذلك الوقت لتقول: "أنني أشم رائحة أجدادي في خيبر ويثرب وتيماء وصحراء فآران".
إنها أفكار تعيد في الذهنية المسلمة ما سبق وفعله إبرهة الحبشي بمحاولة هدم الكعبة المشرفة، وهي المحاولة التي انتهت بسحقه من قبل الطير الأبابيل الذي أرسله ﷲ -عز وجل- فأهلكه هو وجيشه، وهذه الأحداث بالكامل ذكرت في القرآن الكريم في سورة الفيل:

((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5)). صدق ﷲ العظيم.

مقدمة العودة إلى مكة:

منذ أن تبدأ في قراءة كتاب (العودة إلى مكة) Return to mecca ستصدم بمدى التطرف والتحريض على الحرب ضد المسلمين والإسلام بشكل علنى من مؤلف الكتاب آفي ليبكين.
الكاتب الصهيوني المتطرف آفي ليبكين، عمل لسنوات في الموساد الإسرائيلي ، وهو حاليا رئيس لحزب سياسي صغير، ويدعو دوما لتكوين حلف غربي مع إسرائيل لغزو السعودية والسيطرة على الكعبة المشرفة. 

فنجد ليبكين في مقدمة (العودة إلى مكة) يقول بشكل واضح وصريح إن هذا كتابي السادس (العودة إلى مكة)، وهو يتلو خمس كتب سابقة تناولت فيها بالادلة أن الإسلام يمثل (تهديدًا عالميًا).
ويضيف آفي ليبكين بأن كتبه قد تضمنت مقالات من الصحافة العالمية، ومعلومات من الاستخبارات العسكرية حصل عليها من جيش الدفاع (مسماه الحقيقي: جيش الاحتلال) الإسرائيلي ، ومن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ونتائج تحقيقات خاصة قال أنه قد أجراها على طول الحدود الأمريكية مع كل من كندا والمكسيك وكذلك في أوروبا، بالإضافة إلى نصوص من الكتاب المقدس وما سماها (مصادر إسلامية).
ويخلص آفي ليبكين للقول أن هذه المصادر اثبتت حسب وصفه أن الإسلام يمثل (تهديدا دينيا).

العودة إلى مكة:

عندما تقرأ كتاب (العودة إلى مكة) Return to mecca بكل ما وضعه "آفي ليبكين" فيه من كراهية وتحريض، تسأل نفسك عن كيف سمح بطباعة هذا الكتاب في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبرها الكثير من الدول العربية والإسلامية -والمملكة العربية السعودية بالتحديد- تعتبرها حليفها التاريخي!! منذ اكتشاف النفط في السعودية في ثلاثينيات القرن الماضي.

ثم تجد عقلك يطرح عليك تلقائيا سؤالا آخر مفاده، ما مصير أي كاتب عربي أو مسلم أو أيا كانت ديانته كان قد كتب كتابا مماثلا عن إسرائيل مثلا؟.

يطرح آفي ليبكين في كتابه العودة إلى مكة، سؤالا تحريضيا يقول فيه "هل يُهزم الإسلام وينتهي عندما يغزو الغرب اليهودي-المسيحي مكة والمدينة ويقوم باحتلالهما؟".

إن هذا السؤال العدواني لا يعادي مليار و ٣٠٠ مليون مسلم حول العالم فحسب، بل يتعارض مع القانون الدولى الذي يجعل من السعودية دولة مستقلة ذات سيادة، ويتعارض كذلك مع المواثيق والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان التي كفلت لكل إنسان الحق في اعتناق اي ديانة أرادها.

ويحاول آفي ليبكين ان يضع لكتابه أفكارا من التوراة، بالحديث عن إقامة بني إسرائيل في الصحراء العربية لمدة ٣٨ عاما، ثم عامين في الصحراء شرقي نهر الاردن، وهي فترة التية لأربعين عاما، التي حكم بها ﷲ عز وجل على بني إسرائيل بالتيه في الأرض.

يستخدم ليبكين في (العودة إلى مكة) Return to mecca ، نصوصا تاريخية تعود لمؤرخ يهودي شهير يدعي (جوزيفوس) بالإضافة إلى نصوص كتبها مؤلفين يونانيين ورومانيين يتراوح تاريخها بين ٢٠٠٠ : ٢٣٠٠ سنة مضت، تتناول خروج اليهود من مصر، ثم تنقلهم في الجزيرة العربية لأربعين عاما.

والغريب أن آفي ليبكين، يستخدم في الكتاب بدون أي تحرج أو قلق نصوص الاصحاح الحادي عشر من سفر التثنية، وهي نصوص عدوانية، تدعو للقتال وللحرب، وتعد بني إسرائيل بالسيطرة على أراضي هي ملك لشعوب أخرى تعيش عليها!!.

ونسال نحن هنا سؤالا.. عن من يلوون أعناق الآيات القرآنية التي لا تدعو للقتال إلا لرد الاعتداء، وتمنع المسلمين من الاعتداء أبدا طالما لم يعتدي عليهم.. ثم يصدرونها للعالم كله، فيتلقفها الأغبياء من المسلمين والجاهلين من غيرهم، فتصبح تفسيراتهم العوجاء لهذه النصوص أساسا لبعض الحركات الإرهابية، وأساسا لاتهام المسلمين عموما ودينهم نفسه بأنه دين إرهاب وعنف.




    قراءة بقلم خالد بن عبيدالله

 التغلغل الصهيوني في جزيرة العرب (الجزء الأول)

في شهر فبراير عام 2012 - بالنسبة لمتجر أمازون - وقيل في شهر أغسطس عام 2015 - بالنسبة لموقع GoodReads - صدر كتاب بعنوان ”العودة إلى مكة“ من تأليف دينيس أفي ليبكين - Avi Lipkin - وهو إسرائيلي أمريكي ولد عام ١٩٤٩ في نيويورك شرق الولايات المتحدة الأمريكية هاجر لإسرائيل عام 1968 وخدم في جيش الدفاع الإسرائيلي من 1972 إلى 1973 كمتحدث إعلامي ووضع تحت الاستدعاء منعام 1973 إلى 1989 في سلاح المدفعية الإسرائيلي ثم ضابط اتصال في مكتب المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي، ومنذ عام 1991 بدأرحلته لنشر الفكر الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا حتى وصل به الأمر أن وعظ بالاتحاد اليهودي-المسيحي تحت الفكرالصهيوني في ألف كنسية ومعبد في كل من هولندا وبلجيكا وسويسرا والنمسا وبولندا واليونان وحتى إسرائيل.

الكتاب يحوي 247 صفحة ونشر باللغة الإنجليزية. حجم الكتاب صغير .. بحجم الكف تقريباً - أشبه بالكتيب - وصفحاته قليلة ولكن فحواه ومحتواه من الخطورة والجرأة بمكان ما لا يمكنك غض الطرف عنه وعن الرجل الذي كتبه وعن النظريات والحقائق والخطط والمسارالمستقبلي الاستراتيجي الذي نظر له وقدر.

الكتاب صدر بعد بداية الربيع العربي - بدأ الربيع العربي في كانون الأول / ديسمبر 2010 - بعامين تقريباً وباختصار شديد ومفيد صاحب كتاب ”العودة إلى مكة“ أفي ليبكين يقول وبكل بساطة علينا غزو جزيرة العرب أو الدخول فيها واحتلال الحجاز وتبوك تحديداً، ووضع خطة استراتيجية لهذا الهدف وقال: يجب دعم الربيع العربي ليصل إلى دول الخليج وتأجيج الصراع السني-الشيعي أكثر وأكثر في المنطقة حتى تغزوإيران شرق جزيرة العرب وجماعة أنصار الله - جماعة الحوثي - جنوب السعودية ما سيجعل شعوب جزيرة العرب وحكامها يطلبون منا التدخل لفك الاشتباك الحاصل بينهم وستكون هذه فرصة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال جزيرة العرب بشكل مباشر بدل الحكام الحاليين.

السؤال الذي ستطرحه ببساطة أيها القارئ وما الهدف من احتلال جزيرة العرب؟ وتحديداً تبوك والحجاز وما الفائدة منه؟

الإجابة غريبة ولكن الكثير مقتنع بها، يقول أفي ليبكين في هذا الكتاب بأن موسى - نبي الله - عندما هرب من فرعون مصر فر إلى مدين - كما يسميها الإنجيل والتوراة وهي مدائن نبي الله شعيب في تبوك - وهناك قابل نبي الله موسى نبي الله شعيب وتزوج من ابنته بعد قصة البئرالشهيرة المذكورة في القرآن الكريم وفي التوراة والإنجيل وعاش هناك ما يقرب عشرة أعوام حتى تنزل عليه الوحي الإلهي بإخراج بنيإسرائيل من الحكم الفرعوني الذي جعل من بني إسرائيل عبيد في مصر لمدة مئتي عام 200  تقريباً، وهذا ما كان وقصة نبي الله موسى المذكورة لدينا في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تقص علينا هذه القصة المثيرة والجلل حتى نصل إلى مشهد خروج بني إسرائيل منمصر وفرارهم نحو البحر الأحمر - والذي يسميه البعض بحر فرعون - وهنا تبدأ صورة الأطماع الصهيونية والإسرائيلية تظهر لنا أكثر وأكثر.

يقول أفي ليبكين أن بنو إسرائيل عندما عبروا البحر بعد انطلاقهم لم يذهبوا إلى شبه جزيرة سيناء بل ذهبوا واستوطنوا مدائن شعيب فيتبوك وأن البحر الذي انفلق هو البحر الذي بالجانب الأيمن من شبه جزيرة سيناء والمطل على شواطئ تبوك - يسميه البعض الآن خليج العقبة-  وليس البحر الغربي من شبه جزيرة سيناء كما هو متوارث في الثقافة العامة.

وأن بنو إسرائيل عاشوا في مدين - مدائن شعيب في تبوك - وليس في شبه جزيرة سيناء وأن جبل الطور أو جبل التجلي أو جبل موسى أوجبل حوريب والذي سمع عليه النبي موسى صوت الله وتكلم معه عليه وهو الجبل ذاته الذي تنزلت عليه شريعة الله على موسى والتي نسميهانحن المسلمين صحف موسى ويسميها اليهود والنصارى أحجار العهد التي تحوي على الوصايا العشر المأخوذ بها في المسيحية واليهودية. وأن تبوك هي الأرض التي شهدت انفلاق صخرة موسى والتي كانت مصدراً للماء لبني إسرائيل طوال فترة بقائهم هناك. وأن تبوك هي الأرض التي شهدت ثورة السامري - كما ذكر اسمه في القرآن - على موسى وهارون وعبادة العجل الذهبي الذي صنعه وباقي القصة والمذكورة في القرآن أيضاً وأن تبوك هي الصحراء التي تاه فيها بنو إسرائيل 40 سنة.

كما أن أفي ليبكين وغيره يقول بأن موسى قد زار مكة المكرمة وحج فيها، وهو قول مذكور في التراث الإسلامي ولكن من غير تفصيل، فقد ذكر أن نبي الله شعيب قد اشترط على موسى عندما تزوج ابنته بأن يحج عشرة حجج، وهنا يأتي سؤال أين حج موسى عشرة حجج؟ ففي تلك الفترة لم يبنى هيكل اليهود الذي كانوا وما زالوا يحجون إليه إلى لآن ولا توجد أماكن مقدسة تتبع الديانة اليهودية فنشوئها كانت على يدموسى نفسه. وهنا تأتي الأطروحة والتفسير بأن المكان الذي حج فيه موسى عشرة مرات هو نفسه المكان الذي نحج فيه نحن المسلمين كل عام في شهر ذي الحجة وهو الكعبة المشرفة في مكة المكرمة. واستشهد أفي ليبكين بـ التيفيلين الذي يضعه أحبار اليهود على جباههم وقت الصلوات وهو ذو شكل مربع ويكون باللون الأسود بأنه استلهم من الحجر الأسود.

كما يظن أفي ليبكين بأن نبي الله شعيب - Jethro - هو كبير الكهنة المسؤولين على الكعبة بأمر من الله - كما يقول - وصرح بهذا لأحد أحباراليهود الضليعين بالديانة والشريعة اليهودية.

ولهذا الحد أيها القارئ  يظهر لي أنك ما زلت لم تستوعب الفكرة من هذا الكلام كله! وها أنا آتيك بالنبأ العظيم …

ذكر في التوراة - العهد القديم - سفر يشوع الإصحاح الأول الجملة الثالثة : "كُلَّ مَوْضِعٍ تَدُوسُهُ بُطُونُ أَقْدَامِكُمْ لَكُمْ أَعْطَيْتُهُ، كَمَا كَلَّمْتُمُوسَى." (يش 1: 3). هذه الجملة شرحها فقهاء اليهود والمسيحيين بأنها أرض كنعان - فلسطين حالياً - وليس كما هو ظاهر النص بأن أيأرض تدوسها بطون أقدام بنو إسرائيل فهي لهم، رغم أن بعضهم أخذها على ظاهرها الحرفي! وما يجعل ظاهرها الحرفي باطل وغيرمأخوذ به هو الجملة التي تلت هذه الجملة في نفس السفر وفي نفس الإصحاح والتي تنص على : "مِنَ الْبَرِّيَّةِ وَلُبْنَانَ هذَا إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ نَهْرِالْفُرَاتِ، جَمِيعِ أَرْضِ الْحِثِّيِّينَ، وَإِلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرِ نَحْوَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ يَكُونُ تُخْمُكُمْ.“ (يش4:1) ولهذه الجملة شروح كثيرة - الحثيين هنا همالكنعانيين - ولكن ما يهمنا في هذا المقال هو ما هي الأرض المقصودة بكلمة ” البرية“ !؟ وهنا يأتي أفي ليبكين بنظريته التي تقول أن كلمةبرية في هذه الجملة وفي هذا الاصحاح هي تبوك! بل وزاد عليها الحجاز! اعتباراً بأن موسى حج حول الكعبة في مكة المكرمة وأن هارونبن عمران - أخ نبي الله موسى - ونبي الله شعيب قد عاشوا في تبوك ومكة!.

ولدعم هذه النظرية يقول أفي ليبكين أن خروج بني إسرائيل من فرعون كان نحو الجنوب - جنوب سيناء - فقناة السويس لم تحفر وتفتح بذلك الوقت فكان العبور يسيراً نحو سيناء، وشبة جزيرة سيناء كانت تحت الحكم المباشر للفراعنة وقتها ورمسيس الثاني تحديداً - كما تذكرالتوراة - فكان الاستقرار فيها خطأ وينبئ عن مهلكة عظيمة لبني إسرائيل خاصة إذا تذكرنا نوايا فرعون مصر بقتلهم وإبادتهم كونهم عبيد تم إطلاقهم والفوائد المترتبة على وجودهم كثيرة ناهيك عن الأحداث والمعجزات التي أتى بها نبي الله موسى ليثبت من خلالها لفرعون أنه رسول من عند الله وأن تحرير بني إسرائيل أمر إلهي وليس رغبة شخصية!

كما أن الشمال الشرقي كان يعيش فيه الشعب الفلستي - كما هو مذكور في التوراة والإنجيل - وهو الشعب الكنعاني فخروج بني إسرائيل إلى هناك مباشرة أيضاً فيه من المخاطر ما هو واضح. فكانت المعجزة الإلهية بشق البحر - خليج العقبة الواقع بين تبوك وسيناء - وعبور بني إسرائيل نحو تبوك حيث نبي الله شعيب حموا نبي الله موسى التي تسمى الآن مدائن شعيب. وفيها تاه بنو إسرائيل 40  سنة بعد وفاة موسىوهارون ومن ثم قادهم يشوع بن نون - يوشع بن نون - نحو الأرض التي منحها الله لهم - بحسب المعتقد اليهودي والنصراني - ويحاول أفيليبكين لإثبات أن موسى كان موجود في مكة المكرمة هو أن كلمة حج لها أصل في اللغة العبرية وتأتي بمعنى إجازة أو السير في دوائر! وأن موسى قد حج في مكة والتي كانت تضم الحجر الأسود فقط وليس الكعبة كاملة كما الآن - كما يزعم - ونحن كمسلمين نعلم أن الكعبة موجودة منذ زمن إبراهيم وإسماعيل قبل بعثة نبي الله موسى بستمئة سنة تقريباً.

خلاصة أطروحة أفي ليبكين في كتابه ”العودة إلى مكة“ بأن تبوك والحجاز أراضي يهودية وأنها لبني إسرائيل كما ذكرت التوراة في سفر يشوعبن نون - الجمل المذكورة أعلاه - وبأن تبوك والحجاز تنتمي لأرض إسرائيل الكبرى التي تنادي بها الحركة الصهيونية منذ نشأتها إضافة إلى لبنان والأردن وغرب العراق - الأنبار - وشرق مصر - شبه جزيرة سينا - كل هذه الجغرافيا هي جزء من إسرائيل الكبرى الموعودة والممنوحة لبني إسرائيل من الرب كما يؤمن اليهود والنصارى.

ومع تقلبك لصفحات الكتاب - العودة إلى مكة - واستماعك لمؤتمرات أفي ليبيكن ومقابلاته تجد أن الرجل أكثر تطرفاً وعنفاً حيث دعى ومازال يدعوا إلى القضاء على الإسلام كدين بل دعى ومازال يدعوا إلى هدم الكعبة! وبحسب ظنه أنه بهدم الكعبة سيتم تدمير الإسلام بكل بساطة. واصفاً الإسلام بدين الشيطان ويجب القضاء عليه بتعاون يهودي مسيحي تحت مظلة الفكر الصهيوني المبشر بعودة مسيح اليهودية ومسيح النصارى إذا عاد بنو إسرائيل إلى أرض الميعاد - فلسطين - وبناء هيكل الرب من جديد - هيكل سليمان - على جبل موريا والذي يقع عليه حالياً الحرم القدسي بأكمله.

وسبب رغبته بتدمير الكعبة هو رغبته بتدمير الإسلام والذي يشكل التهديد الوحيد والمباشر للدولة الصهيونية وذلك لنظرة المسلمون بأن إسرائيل كيان باطل والفكرة الصهيونية باطلة ومرفوضة في الإسلام ورغبة المسلمين بتحرير المسجد الأقصى باعتباره أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين. كما أن الإسلام لا يعترف بكتبهم المقدسة التي تمنحهم هذه الأرض إضافة إلى أن المسلمون يرون واجب بل فرض تحرير كلالأراضي الإسلامية المحتلة ومن ضمنها بلاد بيت المقدس.

فيقول أفي ليبكين لماذا ننتظر المسملين يهجمون علينا؟ بل نحن من يجب أن يهاجمهم ونحتل الكعبة المشرفة والحجاز بأكمله وتبوك بل وندمرالكعبة ونحتل جزيرة العرب بشكل مباشر ونمضي قدماً في تأسيس وعد الله بإسرائيل الكبرى - كما يقول - من النيل إلى الفرات ومن لبنانإلى البرية - صحراء تبوك - .

وأكد أفي ليبكين أن هدم الكعبة أهم من بناء الهيكل، أو هدم الكعبة أولوية أشد أهمية من أولوية بناء الهيكل، فهدم الكعبة مقدم على بناءالهيكل. وبعد هدم الكعبة ومن ثم بناء الهيكل - أي بعد هدم المسجد الأقصى - يجب إنشاء ”الولايات المتحدة الإسرائيلية “ بدعم هجرة النصارى الداعمين للصهيونية لزيادة عدد مواطني إسرائيل الكبرى التي يسعون لها. ومن ثم بعد نشوء الولايات المتحدة الإسرائيلية يدعوا أفيليبكين لإنشاء حكومة العالم الموحدة والتي سيكون على رأسها المسيح! - وهنا لا أدري أي مسيح يقصد؟ مسيح اليهودية أم مسيح النصارى؟- ما سيجلبه هذا الرجل والذي سيكون على رأس هرم حكم هذا العالم من سلام ومحبة وإخاء للشعوب والدول قاطبة.

خلاصة هذه السطور:

  1. بنو إسرائيل هربوا من فرعون نحو تبوك - مدائن شعيب - وليس شبه جزيرة سيناء
  2. جبل الطور الذي كلم الله عليه موسى وأنزل شريعته عليه في تبوك وليس سيناء
  3. كلمة ”البرية“ المذكورة في التوراة في سفر يشوع في الإصحاح الأول الجملة الرابعة هي تبوك والحجاز
  4. تبوك والحجاز جزء من إسرائيل الكبرى - والتي أسماها ليبكين الولايات المتحدة الإسرائيلية - الموعودة لبني إسرائيل
  5. لتتمدد إسرائيل نحو تبوك والحجاز لابد من دعم الربيع العربي ليصل للسعودية وتأجيج الصراع السني-الشيعي
  6. لتتحقق دولة إسرائيل لابد من القضاء على الإسلام وللقضاء على الإسلام لابد من هدم الكعبة
  7. هدم الكعبة وتدمير الإسلام مقدم على هدم المسجد الأقصى لبناء هيكل الرب عند اليهود والنصارى
  8. لإنشاء إسرائيل الكبرى لابد من دعم هجرة النصارى إلى إسرائيل لزيادة العدد بمواجهة المسلمين
  9. نشوء إسرائيل الكبرى - الولايات المتحدة الإسرائيلية - سيمهد لظهور المسيح الذي سيجلب الرخاء والسلام للعالم
  10. لن يظهر المسيح حتى يبنى هيكل الرب في القدس

علماً أنه في أحد إصدارات كتاب ”العودة إلى مكة“ وضع على الغلاف الخلفي للكتاب اقتباس لأسامة بن لادن يحذر فيه من التوسع الإسرائيلي نحو الجوف وتبوك وصولاً إلى المدينة المنورة! مذكراً بهدف الصهيونية لإقامة إسرائيل الكبرى وأن الموجودة حالياً ما هي إلا بذرة ونواة.-بشيء من التصرف.  وهذا الاقتباس أرسل لأفي ليبكين عن طريق جيم كالدول وبيني كالدويل - Jim & Penny Caldwell - وهما الزوجين الذين جمعا أغلب المعلومات والملاحظات التاريخية والأثرية والتوراتية لإثبات أن جبل حوريب / جبل الطور في تبوك شمال جزيرة العرب وليسفي شبة جزيرة سيناء وناقشا آفي ليبكين عن الموضوع، وما طرحه آفي ليبكين في كتابه هو نفس ما قالوه ما عدى الإضافات التي وضعها ليبكين من تحرير جبل حوريب من المسلمين واحتلال مكة والمدينة المنورة من قبل أمريكا وإسرائيل وتأسيس إسرائيل الكبرى - والتي أسماهاليبكين الولايات المتحدة الإسرائيلية - كما استند آفي ليبكين والزوجين كالدويل على أبحاث رون وايت - Ron Wyatt - والذي يقول أنه اكتشفجبل موسى وأنه في تبوك أيضاً كما أنه اكتشف تابوت العهد اليهودي والذي تحفظ فيه صحف موسى المقدسة في القدس في مغارة إرميا مايعني قرب بناء الهيكل الثالث اليهودي والذي يشترط اكتشاف تابوت العهد الضائع لبناء الهيكل.

بقلم خالد بن عبيدالله

ماذا يعنى جبل اللوز السعودى لإسرائيل؟ 

ولماذا يخطط الصهاينة للسيطرة على الحرمين؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق