الربيع العربي بين مشاعل النور وقرون الشياطين
مضر أبو الهيجاء
أنجزت ثورات الربيع العربي المرحلة الأولى اللازمة في دك حصون الظالمين والمستبدين حتى اهترأت وتعرت.
لم يكن من بد أمام تلك الأنظمة الجاهلية المعادية للأمة ودينها وثقافتها الا أن تلقي بنفسها كاملة في حضن راعيها الأول والأخير وهو الغرب اللعين الذي أمدها بقوة وسلاح ومال حتى تزداد شراسة في قتل الشعوب، الأمر الذي زاد في تعريها وانتفاء شرعيتها بالكلية، والسيسي وبشار والمنشار خير الشاهدين.
واقع مؤلم تعيشه شعوب المنطقة ولكنه لازم كجزء من مخاض التغيير الذي يقتضي فرزا في جماعات وقيادات التغيير، الأمر الذي شهدته كل الساحات العربية والإسلامية بعدما اشتدت المحن وتقدم الغرب في معادلته المعهودة بين العصا والجزرة، ( فشربوا منه إلا قليلا منهم ).
مشاعل النور
والحق أن ثورات الربيع العربي أفرزت مشاعل نور يهتدي بها الصادقون الربانيون الواعون والذين لا تقيدهم عصبية لجماعة أو حركة أو تنظيم .
الشهيد مرسي رحمه الله
لم يبرز مثال في الوفاء والنقاء كما تجسد في موقف الشهيد محمد مرسي رحمه الله -نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا – والذي ظل ثابتا على دينه ورعاية شعبه ودفع ثمنا لانحيازه الكامل لقضايا أمته في الشام وفلسطين، كما دفع ثمنا لوفائه لدينه ورسالة الاسلام التي تنشد التمكين فأصر على مرجعية الاسلام وزادها قوة دستورية دونما تراجع أو خلخلة رغم وساوس الشياطين .
الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل فرج الله أسره
لم يبرز مثال على النظرة الثاقبة التي تسبق الأحداث ولا تتهاون في دماء الأمة -بإجراء التجارب المجربة عليها من حين الى حين- كما برز مثال الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل الذي دفع ولا يزال ثمنا لفهمه ووعيه وصدعه بالحق منبها إلى كل حفر الطريق والتي سقطت بها جماعات وقيادات التغيير حفرة تلو حفرة وأسقطت معها عذابات شعوب مكلومة مضحية دوما على هذا الطريق، فهل تستفيق؟
ثورة الشام الزكية
لم يبرز مثال في القوة الجهادية وقتال فرعون وجنده كما برز في ثورة الشام التي لم يشهد العصر مثيلا لها في جرأتها وحجم تضحياتها وصبر أهلها رغم الخذلان الكبير وفروقات الموازين، فكان أن جعلها الله سببا لموت وانتهاء مشروع الملالي الإيرانيين في تشييع الأمة وإتلاف الدين، وتحول المشروع إلى ميليشيات ودبابات لا تمارس الدعوة مطلقا كما في سابق عهدها ولكنها تمارس القتل والحرق والتشبيح حتى انفضت عنها أمة كانت مفتونة بها وزالت هيبتها الكاذبة ولم يعد يرتبط بها من أمة الإسلام إلا كل مخبول أو معتد زنيم.
الشيخ حارث الضاري رحمه الله
لم يبرز مثال في منهجية طرحه الملتزم بأحكام دينه والمسؤول تجاه أمته جميعا والمنطلق من واقعه دون تنازل أو تفريط بمبادئه كما برز في مثال الشيخ حارث الضاري رحمه الله حيث طرح منهجية متوازنة في أعقد ساحة عربية على الاطلاق، إذ يشهد العراق احتلالات في نفس الوقت، كما يشهد حالة طائفية وعرقية متغلغلة في شعب العراق المكلوم بالتدخلات الغربية، كما يشهد حالة قتل وتجويع وتشريد وافقار في أغنى دول المنطقة وامتلائها بالثروات.
المعضلة في مخالفة منهج النبيين
بلا شك أن واقع منطقتنا اليوم مؤلم جدا، ولكن الأمل فيه معقود على الله ثم على أمة حية أثبتت حجم تضحيات كافية لتحقيق نصر مع أي نبي من الأنبياء فأين المعضلة؟
حركة المقاومة الإسلامية حماس
تكمن المعضلة في مخالفة صريحة لمنهج الأنبياء لدى جماعات وقيادات التغيير الإسلامي، ولعل أبرز مثال يمكن ذكره هنا على سبيل الذكر لا الحصر هو نموذج حماس، فما هو حالها؟
بعد كل ثورات الربيع العربي
وبعد حجم التضحيات التي قدمتها شعوب المنطقة لاسيما أهل الشام والعراق، وهي تضحيات تفوق بحجمها وآلامها آلام شعبنا الفلسطيني المجاهد خلال قرن إلا أن حركة المقاومة الإسلامية حماس وقيادتها الحالية بحثت عما يخالف هدي المرسلين فوثبت عليه وطرحت رؤيتها وخطوتها التي تروم ترميما لعلاقاتها مع أنظمة الكفر بديلا عن منهج المفاصلة مع الباطل والذي طرحه سيد قطب، وهي كبيرة من الكبائر تكفي لتحل بها اللعنات فتقضي عليها وتستبدلها بقوم خير منها ولا يكونوا مثلها في استخذائها أمام الباطل، لقد استمرأت حركة حماس وقيادتها الحالية مخالفة منهج النبيين فذهبت إلى أشد محور يعلن كفره بالدين ويلعن أم المؤمنين والصحابة المبشرين ويمعن القتل بشعوب عربية وإسلامية -هي من حررت في كل حقب التاريخ الأرض المباركة فلسطين-،
ويكتفي لتبرير ذلك بحاجته للمال بعويل مخل لا يليق بعزة المجاهدين ولا ينسجم مع قارئ متبع لسير الأنبياء والمصلحين، لقد وقعت حركة حماس وقيادتها الحالية في مسار أقرب للكفر منه للإيمان إذ حالفت قتلة الموحدين واعتبرت ذلك جائزا لها فاستحلت الحرام انطلاقا من انتمائها الجغرافي والقطري ضاربة بعرض الحائط مصالح عموم الأمة المكلومة معتبرة مسطرتها الشرعية تتموضع في 360 كيلو متر مربع دون اعتبار لجغرافيا أمة من الموحدين، ثم قادها كبرها وغيها إلى عدم الاستماع لنصح الناصحين حتى لو كانوا من علماء العصر المبجلين، ورفعت صوتها بعويل لا يليق بأناس ربانيين متنكرة لتضحيات شعوب المنطقة التي لم تبخل في تاريخها وقبل نشوء حركة حماس على فلسطين، ومتغافلة عن أن قسوة عذابات العراقيين والسوريين اليوم هي لأجل موقفهم العميق تجاه فلسطين، وقتل مرسي رحمه الله خير الشاهدين!
الإخفاق في التمكين بين العناصر الذاتية والموضوعية
وإذا كانت العناصر الموضوعية في واقعنا الحالي تحول دون تحقيق النصر بمعنى تمكين الدين وتحقيق عزة وكرامة أمة المسلمين، فإن العناصر الذاتية المشوهة كافية لتبديد أي نصر وإزهاق أي تجربة مهما حوت من تضحيات عظيمة وخيبات حركة المقاومة الإسلامية حماس خير الشاهدين .
عدالة تحقيق النتائج وجني الثمرات
إن المحصلة النهائية التي حصلتها شعوب المنطقة بعد تضحياتها الجسام متكافئة مع حجم توفر مقومات النصر والتمكين بحسب سنن الله والتي جرت من قبل حتى على المرسلين، وإن حجم الخيبات في الأرض المباركة فلسطين رغم عظم التضحيات إلا أنها تعبر عن حجم السقطات والخلل والخزي في مواقف حركة وقيادات حماس الحالية التي تتربع على عرش التغيير الإسلامي في فلسطين.
لا نصر اليوم في فلسطين
لا نصر في فلسطين اليوم، وكلما زاد غرق حركة حماس وقياداتها الحالية في مستنقعات تحالفات الكفر ومحاور الباطل المعادي لله ولرسوله ولأمته فإن النصر سيبتعد واستعلاء بني إسرائيل سيطول مهما جمعت من أموال وكدست من مواسير إيران، فسنن الله لا تحابي أحدا حتى لو كان جميع أبنائه حفاظا لكتاب الله أو من الاستشهاديين.
وجوب المراجعة
لا بد من وقفة جادة في مسار الأعمال الإسلامية تتجاوز الهيبة المزعومة لقيادات قد اختل دينها وخلقها وارتبكت أعمالها وخطواتها، كما يجب مراجعة التجارب الحالية والتوقف مليا أمام فقر عقول القيادات الإسلامية، والاستعانة بالله على تغير وإصلاح ذلك الحال فكلنا مسؤول أمام الله وسوف يأتيه فردا بلا تنظيمات ولا مؤيدين ولا كثرة لايكات ومعجبين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق