خذ بيدي لنهاية المقال...!
خواطر صعلوك
في سنة من السنوات، أقمت «ماراثون» للمشي في إحدى المدارس التي كنت أعمل بها، وكانت فكرته أن نجعل «الطالب وولي أمره» يمسكان بيد بعضهما طوال فترة الماراثون حتى يصلا للنهاية...
وجاءتني الفكرة من دراسة كنت قد قرأتها تقول إن الأطفال من عمر 11 إلى 15 والمراهقين يتجنبون أن يأخذ أباؤهم بأيديهم - بالمعنى الفعلي وليس المجازي- فأطلقنا فكرة الماراثون باسم «خذ بيدي للنهاية» لكسر الصورة النمطية ومساعدة أولياء الأمور على التقرب من أبنائهم، واكسابهم مساحة للمشاركة في فعالية تضعهم في سياق يلزمهم أن يتمسكوا ببعضهم طوال الطريق...
وقد أكدنا على أن الماراثون ليس سباقاً وأن الفوز هو الوصول معاً، وأن المتعة في المسافة المقطوعة وليس الوصول لخط النهاية.
ولكن حتى أجمل الأفكار تتحطم أحياناً على صخرة التنفيذ!
تفاجأت بمجرد أن انطلق الماراثون أن بعض أولياء الأمور بدأوا يركضون - وهي مخالفة ممنوعة - وبعضهم بدأ يصرخ على ابنه صاحب الخطوة الصغيرة لكي يسرع أكثر و يجاري خطواته هو، وأحدهم قارن ابنه بمتسابق آخر «يلا نركض نفسهم»، قليل من أولياء الأمور استطاعوا أن يفهموا الهدف من الماراثون واستمتعوا جداً مع أبنائهم رغم أنهم وصلوا متأخرين، وعندما وصل الجميع لخط النهاية واكتشف الجميع أن الجميع فائزون ولا يوجد خاسر، هدأت النفوس، ولكني تعلمت الكثير من الدروس منها:
- يعتقد بعض الآباء أنهم يمسكون بيد أبنائهم، ولكنهم في الواقع يقطعونها بانفعالهم وعدم قدرتهم على فهم احتياجاتهم.
- هناك فرق كبير بين «خطواتنا» نحن الآباء وبين خطوات أبنائنا، وفرق أكبر بين وعينا وبين وعيهم، ومن الانصاف والحب أن نبدأ من وعي أبنائنا وأن نسير معهم على ايقاع خطواتهم.
- مقارنة طفلك بغيره تدمر ثقته في نفسه، واعتراف ضمني منك «كأب» بأن طفلك أقل من غيره، ورحلتك مع أطفالك في الحياة ليست سباقاً «شوف ابن عمك، شوف ابن خالتك، شوف...» بل هي رحلة ذكريات ودعم ومساندة ومشاركة حتى لو وصلتم متأخرين.
- أراد مجموعة من الناس بناء برج كبير، ثم توقفوا عند بناء الدور الثاني لمناقشة بعض مشاكل البناء، وكيف نجعل من المبنى أعظم المباني، ثم أصبحت المناقشة هي هدفهم الرئيسي، وهذا حال الكثيرين حولنا.
- إن كثيراً من الناس وطنيون دون أن يكلفهم الأمر أي شيء، وآباء جيدون دون أن يتأملوا في عواقب الأشياء.
- الذي جعل أينشتاين عالماً مميزاً وعبقرياً هو ذاته الذي جعله أباً غير مبالٍ بعائلته... الخيال المبالغ فيه والهروب من الواقع ورغبته الجامحة في أن يكون «الأول».
- الأول/الرابح يبقى وحيداً... دائماً.
- كل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
Moh1alatwan@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق