وعايزنا نرجع زي زمان .
من روائع الأديب الكاتب
مؤمن الدش
لو سألت غالبية من هم فوق سن الأربعين عاما أو الخمسين ، ماهي القناة المفضلة لديك سيجيبك علي الفور قناة روتانا زمان أو أخواتها ، هذه القناة الهادئة الوقورة تحظي بنسبة مشاهدة عالية ، لأن كل من لوث سمعه وبصره الواقع الحالي يهرب إليها فارا من جيوش الثرثرة والبلطجة والعري المنتشرة سواء في الواقع أو علي الشاشات ، هذه الفئة العمرية السالف ذكرها لم تسطتع الفكاك من بين براثن ماضي جميل يطاردها منذ صحوها وحتي منامها ، فتلجأ إلي هذه القناة في محاولة بائسة لإستدعاء ماضي ولي ولن يعود ، وبحثا عن ضحكة كنا نضحكها من قلبنا مع إسماعيل يس ، أو كوميدا سوداء تسخر من الواقع برقي وأداء عبقري من نجيب الريحاني ، أو نموذج لباشا حقيقي يقنعك من دون تمثيل مفتعل بأنه سليل ملوك كسراج منير ، ومعلم الحارة الضخم مفتول العضلات الذي يدافع عن سيدات الحارة وبنانها اللاني يحاول بعض الأغراب أن يمارسوا عليهن تحرشات لفظية في محاوة منهم لإستمالة إحداهن ، لكن المعلم وصبيانه يقفون لكل تلك المحاولات بالمرصاد . ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في هذا الزمن كان الأب هو رئيس جمهورية البيت ، يمارس سلطاته بكل حزم ، فلا شاب من أبناءه يسهر خارج المنزل إلا في بعض الإستثناءات ولا بنت من بناته تسير في الشارع تتمتيل وتتمايص أو تقهقه بصوت عالي أو تصاحب فتاة منحرفة ، كل شئ كان له طعم ونكهة تصبغ هذا الزمن بالجمال والرقي ،، الرجال كانوا يتسمون بالوقار والإتزان ، والنساء كن يتميزن بالحشمة ، والحياة هادئة منظمة ، وهناك أصول ومثل وقيم.
الٱن لم يعد كثير من الرجال لهم نفس السطوة والحزم بل بعضهم لا يستطيع إتخاذ قرار من دون العودة إلي المدام ، والإبن لا سلطة عليه من الأب ويتخذ قىاىاته منفردا وكما يريد .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تعاني هذا الفئة العمرية أيما معاناة مع هذا الواقع المشوه ، فتضع قدما في الماضي الجميل وقدما في الحاضر المشوه ، يأخذها الحاضر بجبروته فتشعر بغربة وبصعوبة التعايش مع هذا الواقع العشوائي ، فتهرب إلي الماضي لعلها تري ما يثلج صدرها المشحون بكوابيس الإنحلال والبلطجة في الشارع او في وسائل الإعلام ، فتبحث عن صديق قديم ، أو فيلم قديم ، أو أكلة قديمة ، أو أي شئ يمت للماضي بصلة علها تنجح في إستعادة مشاعر المتعة المفقودة ، لكن الواقع أقوي ، ومعطيات الحاضر أكثر سطوة ، والمتربحون من إستمرار هذا السفه منظمون ومدافعون عن وجود مثل هذه السفاهات المتمثلة في الإعلام المتهم الأول والرئيسي في رسم هذه اللوحة المشوهة ، وناجحون حتي كتابة هذه السطور .
Öffnen
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق