مسلمون لا إسلاميون!
قال تعالى ﴿ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين﴾..
وفي الحديث (الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس) والمراد بالناس – الذين ربط الشارع هذه الفروض والأعياد بأداء أكثرهم لها في تحديد وقتها – هم عامة المسلمين، وهو ما يوجب على كل مسلم لزوم جماعتهم، كما قال ﷺ لحذيفة عند وقوع الفتن كما في الصحيحين (الزم جماعة المسلمين) فجعل العصمة من الفتن العامة لزوم جماعتهم وأكثرهم، ولم يقل له الزم (الطائفة المنصورة) مع فضلها والثناء عليها – وذلك لعدم تعيّنها وتحديد أفرادها بل الأمة مشتملة عليها – فضلا عن هذا الشتات من الجماعات الإسلامية التي لا يجاوز عدد أتباع أكبرها في أي بلد إسلامي نسبة 1% من المسلمين فيه!
وقال ﷺ أيضا (أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره) فلا تنفك الخيرية عن عموم الأمة الإسلامية في كل زمن؛ لأنها لا تنفك بمجموعها عن وجود الطائفة المنصورة غير المعينة معها وفيها، وقال ﷺ (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليه فاشقق عليه، ومن رفق بهم فارفق به)، فاعتبر المشقة والرفق بعموم الأمة، ودعا لمن رفق بهم، وعلى من شق عليهم، ودعاؤه ﷺ مستجاب!
وقال ﷺ (خير أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم، وشر أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم) فجعل الأمة وعامتها هم المعيار لمعرفة خير الأئمة وشرهم، فمن أحبه المسلمون ودعوا له وأثنوا عليه، فهو من خيارهم، ومن أبغضوه، ولعنوه، ودعوا عليه، فهو من شرارهم، وهذه من الشهادة التي جعلها الله لأمته على أحيائهم وأمواتهم، كما قال ﷺ (أنتم شهداء الله في أرضه).
وسئل ﷺ كيف تعرف أمتك يوم القيامة يا رسول الله؟ قال (غر محجلون من أثر الوضوء) وقال ﷺ (لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) وهم أهل الصلوات والمساجد من عامة المسلمين، وهم أهل النور في الدنيا والآخرة كما قال ﷺ (بشر المشائين إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) فجعل الهداية التامة للمصلين وأهل المساجد من المؤمنين الذين {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم} وهو نور يعصمهم الله به من أن يضلوا جميعا عما يحبه الله ويرضاه، حيث (يتعاقب فيكم ملائكة في الليل والنهار يجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر) وهذا التعاقب يجعل أهل المساجد موصولين بحبل الله الدائم الذي لا ينقطع من اتصل به ولا يضل عامتهم وإن ضل خاصتهم من الأئمة والرؤساء وأتباعهم، كما قال ﷺ (أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون)!
ومن رأى ما انتهت إليه كثير من الجماعات الإسلامية الدعوية والحركية، وأحزابها السياسية والجهادية، في كل بلد – ضد توجه عامة المسلمين فيه فضلا عن توجه عامة المسلمين في غيره من البلدان – من الانحياز العسكري أو السياسي أو الفكري إلى خندق العدو الداخلي، أو المحتل الأمريكي الأوربي، أو المحتل الروسي، سواء تحت شعار المقاومة، أو الحرية والديمقراطية، كما جرى في أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا ولبنان وغزة والجزائر والسودان وغيرها من البلدان مما رآه أهل كل بلد من خذلان هذه الجماعات لعامة المسلمين فيها، ووقوفها ضد توجه عامتهم، وآخرها انحياز حزب (السعادة) الإسلامي ممثل الحركة الإسلامية في تركيا الذي تحالف مع حزب الشعب الأتاتوركي في هذه الانتخابات ٢٠٢٣ برعاية أمريكية أوربية ضد أغلبية الشعب التركي المسلم، وضد توجه عامة المسلمين من أهل الصلاح وأهل المساجد في تركيا وخارجها، ولم ير هذا الحزب الإسلامي في وصول كليشدار وحزب الشعب للسلطة ما يراه عامة الناس من الخطر على دينهم ودنياهم، فمن رأى ذلك كله أدرك الحكمة من أمر الشارع بلزوم (جماعة المسلمين) حصرا دون غيرهم، ولزوم عامتهم في عباداتهم ومواسم أعيادهم، فضلا عما هو دون ذلك من شأن دينهم ودنياهم! ولم يأمرهم الشارع بلزوم غيرهم لعدم عصمته ولا ضمان هدايته، بخلاف عامتهم وجماعتهم فهم أحرى بإصابة الحق، كما قال ﷺ (ما رآه المسلمون حسن فهو عند الله حسن) !
والسر في ذلك هو أن حمية عامة المسلمين وعصبيتهم وولاؤهم العام هو للإسلام وحده، فلا جامع لهم غيره، فلا يتصور توافق عامتهم وأكثرهم على اختلاف بلدانهم ومذاهبهم على أمر ما، إلا ويكون فيه خير لدينهم أو دنياهم، بخلاف غيرهم فقد يضلون وينحرفون وتحملهم العصبية أو المصلحة الحزبية أو الوطنية أو القومية أو المذهبية على فعل ما ينقض الإسلام أو يضر عامة الأمة، اتباعا لقادة جماعاتهم أو رؤساء دولهم وملوكهم أو مرجعياتهم الدينية الطائفية والمذهبية!
ومن نظر كيف رفض عامة المسلمين في كل بلد إسلامي إغلاق المساجد سنة ٢٠٢٠ وكيف أنكروه واستعظموه وقاوموه، وكيف تواطأ على ذلك المنكر حكوماتهم وجماعاتهم الإسلامية وهيئات علمائهم، رضوخا للنظام الدولي الطاغوتي ومنظماته الماسونية أدرك حكمة حث النبي ﷺ على لزوم (جماعة المسلمين) وعامتهم دون غيرهم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق