فلسطين.. والثورة.. والقرآن في الكعبة
بقلم المفكر الإسلامي الدكتور محمد عباس
mohamadab47@yahoo.com
بقلب واجف أذهب إلى فلسطين –غزة- في زيارة تمتد من الإثنين 24/1 حتى السبت القادم 29-1-2013
بقلب واجف أذهب..
زرت الكثير من بلاد العالم..
لم أشعر بالخوف أبدا إلا هذه المرة..
خوف لا مثيل له..
خوف لا يشبهه خوف آخر..
ربما يقترب منه.. يشبهه بالكاد.. خوف ذلك المعتقل وهو متوجه إلى غرفة التعذيب..
عذاب يكون أقصى أمل المعذب فيه أن يموت.. وأكثر شيء يرعبه أن يعيش ليواصل هذا العذاب
...
في فلسطين غزة سأواجه خياناتنا وعجزنا وذلنا...
سأواجه الأنفاق..
سأواجه خيانتنا في حصار غزة..
وهو حصار ما يزال.. وعار ما يزال وخزي ما يزال..
سأواجه الخراب والأنقاض..
سأواجه آثار حصار مصر لغزة..
سأواجه المقيمين في الخيام والمقيمين في العراء بلا خيام..
سأواجه نظرات خرساء بالإدانة لنا..
لي..
وربما لقيت والد الشهيدة آيات الأخرس..
كنت قد كتبت عنها حين استشهادها وبعد أن فوجئت بمهاتفة من والدها..
...
هل كان الألم سيكون أكثر لو أنهم شقوا صدرى وفتحوا قلبى ووضعوا جمرة نار فيه؟
هل كان الألم سيكون أكثر؟..
على الطرف الآخر من الهاتف كان الشيخ محمد الأخرس.. والد الشهيدة آيات.. والتى يرفض القردة والخنازير تسليم رفاتها الطاهر إليه حتى الآن بعد عمليتها الاستشهادية ..
على الطرف الآخر كان..
وكنت أحمل على كاهلى مليارا ونصف مليار عار..
كنت أسأله عن حاله وكأننى لا أعرف..
وكأننا لا نعرف..
وكأنكم لا تعرفون..
وكان الخزى يحاصرنى..
مليار و نصف مليار خزى..
وكان الرجل يجيب:
- الحمد لله.. صابرون صامدون..
وبعد صمت دوّى سكونه فى أذنىّ أعلى من أى صوت آخر.. جاءتنى كلماته..
هل قلت جاءتنى كلماته؟
كيف إذن يكون مجيء النار المتقدة بلهيب الجمر المتأجج..
هل قلت جاءت كلماته..
كيف إذن يكون مجيء صوت انطلاق رصاصة عندما يطرق أزيزها أذنيك..
نعم.. صوت رصاصة..
لكنها ليست أى رصاصة..
بل بالذات تلك الرصاصة التى تخترق جسدك أنت كيف يكون دويها فى أذنيك أنت؟
هل قلت كلماته..؟..
نعم.. كانت كلماته..
وكان يقول:
- كانوا هنا منذ الثالثة صباحا حتى الحادية عشرة ظهرا..
وسألته كأننى لا أعرف، وكأننا لا نعرف، وكأنكم لا تعرفون يا مليارا ونصف مليار عجز..
سألته:
- من هم؟!..
وجاءتنى كلمـــــــاته:
- الصهاينة.. كانوا هنا.. قلبوا كل شئ فى البيت.. وعدا الإهانات فقد اعتقلوا شقيقها الأكبر والأوسط.. قبل الفجر جاءوا.. وكانت مكبرات الصوت تسبقهم: "آل آيات الأخرس : محظور عليهم التجول".. وكانوا يريدون هدم البيت.. وربما يفعلون..
يا الله يا الله يا الله.. واحد.. اثنين.. ثلاثة.. أربعة..
لم أكن أنا من يتكلم..
كان هو:
- أنصف دبابات ومدرعتين تحاصر المنزل..
كان هو الذى تكلم..
وكنت أنا الذى أسمع الدوى و أسمع الهدير و أسمع الأبواق..
وكان يحاصرنى مليارا ونصف مليار عار..
ومليارا ونصف مليار خزى..
ومليارا ونصف مليار عجز..
وطال الصمت..
طال وثقل على القلب..
واشتعل القلب..
كأنما شقوا صدرى وفتحوا قلبى ووضعوا جمرة نار فيه..جمر نار فيه.. مجمرة نار فيه..
حطّ على كاهلى حمل الصمت الثقيل فناء به ولم يكن لدىّ من سبيل إلا أن أقطع دوىّ الصمت بصمت الكلام..
نعم.. لم يكن لدىّ من سبيل إلا أن أقطع دوىّ الصمت بصمت الكلام..
ليس فى العبارة خطأ..
فقد ثقل علىّ الصمت المشحون بالمعنى.. الصمت الصارخ بالمعنى.. ولم يكن لدى من سبيل إلا أن أقطع توتر هذا الصمت الحاد كحد السيف حين راح بلا صوت يطعن ضمائرنا فتنزف وتنزف وتنزف ولم يكن لدىّ من سبيل إلا أن أتفوه بكلام لا معنى له.. لا غاية منه إلا الهروب من الصمت المشحون الحاد..
نعم ..
كان علىّ أن أهرب من الصمت الصارخ إلى الكلام الأخرس..
قلت لوالد آيات الأخرس:
- - هل أستطيع أن أفعل أى شئ..
كيف لم يقتلنى العار قبل أن أنطق بها.. ليس عارا واحدا بل مليارا ونصف مليار عار..
ومليارا ونصف مليار خزى..
ومليارا ونصف مليار عجز..
هبط الصمت ساد الصمت خيّم الصمت أنّ الصمت ناء الصمت ناح الصمت فاض الصمت هتف الصمت صرخ الصمت نطق الصمت بلا صوت: "اخسأ".. دائما كنت تستطيع لكنك لم تفعل.. كنتم تستطيعون فلم تفعلوا .. وردد فراغ الصمت دوى الكلام فإذا بصدى كلمة " اخسأ" يتكاثر ويتكاثر ويتكاثر حتى بلغ مليارا ونصف مليار : " اخسأ" … فلكل واحد ممن لم يفعلوا شيئا كلمة: اخسأ"..
اخسأ .. اخسأ .. اخسأ..
***
لو أنهم شقوا صدرى وفتحوا قلبى ووضعوا جمرة فيه؟
هل كان الألم سيكون أكثر؟..
***
- ادعوا لنا..
كانت هذه آخر كلمة فى المهاتفة..
كتمت الصرخة:
- ولا هذه أيضا يا أبا آيات الأخرس.. فمثلنا لا يستجاب لهم دعاء..
وضعت المسماع و أنا أتخيل أن ألسنة لهب الجمر المتأجج فى قلبى ستمتد إلى المسماع فينصهر..
***
حتى كلمة التقريع والتأنيب التى ظللنا خمسة قرون نبكت بها أنفسنا لم يعد من حقنا أن نقولها:
"ابكوا كالنساء ملكا لم تحافظوا عليه كالرجال"..
لم يعد من حقنا أن نقولها..
فآيات الأخرس كانت امرأة..
لم تجلس لتبكى بل ذهبت تجاهد وتستشهد وجلسنا نحن القواعد نجاهد بالعويل والدموع والألم لا ينتظر منا أبوها إلا دعاء يعلم ونعلم أنه لن يستجاب..
***
كان سمعى قد تدنس بالأزيز والهدير والصوت العبري..
وهو دنس احترت كيف أتطهر منه..
ووسط الدنس رحت أقول لنفسى أن ما يحدث الآن مع أسرة الشهيدة آيات الأخرس هو خطة مرسومة للتنكيل بأسر الشهداء كى يجعلوا كل راغب فى الاستشهاد يفكر ألف مرة فيما سيحيق بأسرته بعد استشهاده..
أبناء القردة والخنازير يحاولون تدمير الجذور بعد أن قطعوا الفروع وقطفوا الثمر..
وهى خطة لا يواجهها المليار ونصف المليار إلا بصمت العار وعار الصمت وخزى العجز وعجز الخزى..
***
عند الحاج محمد الأخرس كان يوجد بعض ثأري الذي لم آخذه له..
ثأري ثأر العمر وثأر الزمن وثأر التاريخ..
ثأري ثأر الأحياء وثأر الشهداء..
ثأر المطاردين في العراء وثأر التائهين في الصحراء..
ثأر الجوعى والعراة
ثأر الحفاة يقطعون الفيافي بلا دليل ولا أمل..
ثأر المدن تسوى بالأرض وثأر القرى تباد..
ثأر عز الدين القسام وأحمد ياسين ..
ثأر إيمان حجو ومحمد الدرة وهدى غالية..
ثأر الرنتيسي والزهار وولديه .. ونزار وصيام .. وألوف وألوف وألوف ..
ثأر البطل أحمد عبد العزيز..
ثأر بحر البقر وأبي زعبل..
ثأر الكرامة المذبوحة ..
ثأر الدماء المسفوحة..
ثأر أبي الذي مات.. وقد عاش عمره يموت كل يوم لأن عينيه لم تكتحلا بنصر..
ثأري أنا..
ثأري أنا : محمد عباس..
ثأر عمري الذي قضيته قابضا على الجمر طافيا على بحر من اللهب..
***
لقد تحدث الكثيرون عن أسباب ثورة 25 يناير..
وأظنهم قد أغفلوا السبب الأهم:
فلسطين..
كانت فلسطين هي السبب في ثورة 23 يوليو..
وكانت هي السبب في ثورة 25 يناير..
كان إحساس الأمة بالعار من موقف مصر تجاه فلسطين ثم غزة مرجلا يفور ويمور ويغلي ولم يدرك الأغبياء ذلك..
لم يدركوا أن صمت الأمة لم يكن صمت الرضا ولا صمت القبول ولا صمت الإذعان والتسليم.. بل كان صمت الغضب.. صمت العجز..
ولم يفهموا..
ها أنذا أتذكر مرة أخرى:
أتذكر فيسحقني أن كل ما كتبته طوال عمري لا يساوى رصاصة يطلقها مجاهد لتمزق قلب شيطان إسرائيلي أو عسكري أمريكي نجس. . بل إنها لا تساوي مجرد حجر يقذفه طفل فلسطيني..
كل عمري لا يساوي موقفا وقفه الثوار الحقيقيون يوم 2 فبراير يواجهون بلطجية الطاغوت..
الثوار الحقيقيون وليس البلاطجة الذين يلبسون زورا ملابس الثوار.
***
فليحسبها كل منكم بطريقته..
فكل الطرق تؤدي إلى نفس النهاية..
في المقالين السابقين قلت لكم أن فلسطين هي ملهمة ثورة 25 يناير وصاحبة أكبر قسط في تفجيرها..
واليوم أقول لكم أن ثورة 25 يناير هي نهاية إسرائيل..
دعكم من الزبد الذي سيذهب جفاء..
دعكم من تحليلات المحللين واستنتاجات الاستراتيجيين وأتباع أمريكا وإسرائيل..
دعكم من هذا واسمعوا قولي:
كانت فلسطين هي ملهمة ثورة 25 يناير وصاحبة أكبر قسط في تفجيرها..وكانت ثورة 25 يناير هي نهاية إسرائيل..
نعم..
نهاية إسرائيل.. نهاية الذل والمهانة والخطر.. نهاية إسرائيل..وقد تطول فترة الاحتضار.. لكنها مهما طالت ستفضي في النهاية إلى عالم تطهر من دنس كان اسمه "إسرائيل"..
****
قبل ثورة 25 يناير كنت قد وصلت إلى مرحلة الاستيئاس..
نعم.. أعترف، أن الأمر قد بلغ بي حد الاستيئاس، ومع تدهور الأحداث إلى قاع أظنها لم تبلغه قبل ذلك أبدا، لا أقول فقدتُ الرغبة في الكتابة، لأنني فقدتها منذ زمان طويل، و إنما أقول أن محاولاتي في قسر نفسي عليها لم تعد تؤتي أكلها كما كانت، كما أن حلاوة أخرى كانت تناديني، حلاوة خبرتي بها جد قليلة، وكنت أقارن بين المرارة التي أعيشها والحلاوة التي أفتقدها فأهتف في نفسي:
- لماذا لا تتوقف، إن كانت الكتابة جهادا فهو أمر قد أدليت بدلوك فيه، فكفاك، وادع الله أن يجعل ما مضى في ميزان حسناتك، وأن يتقبله منك، واذهب بعد ذلك ولازم الحرم ولا تتوقف عن قراءة القرآن مستعيدا تلك السويعات الرهيبة المهيبة المذهلة الرائعة المروعة التي قضيتها في الحرم منذ أعوام.
قبلها كنت أقرأ القرآن بعقلي معظم الأحيان، وبقلبي أحيانا، لكنني في تلك السويعات التي لا أنسى حلاوتها أبدا رحت أقرأ القرآن بوجودي كله، والكعبة المشرفة أمامي، وكل شيء قد اختلف حتى شكل الحروف وصوتي، و أنا لا أكف عن القراءة مذهولا وثملا بنشوة لم أحسها قبل ذلك قط، وكنت إذ أقرأ مرعوبا من دخول وقت الصلاة لأنها ستقطعني عن قراءة القرآن وكأنني بالانقطاع عن التلاوة ولو بالصلاة سأنقطع عن الهواء الذي أتنفسه فإذا بدأت الصلاة أصبحت مرعوبا لأنها سرعان ما ستنتهي وكأنما بنهايتها سيتوقف تدفق الدماء في عروقي، أحسست ساعتها بقبس من الرحمة يشملني، قبس؟ بل طوفان، يغسلني، ويطهرني من درن الدنيا ونجاستها لأعود إلى براءة الخلق الأول وطهارته، وراح جزء من نفسي يخاطب جزءها الآخر في لوعة: يا أحمق يا مسكين، قضيت عمرك في الصحراء، شوتك الشمس، وجمدك صقيع الليل، وأدمت قدميك صخور كالحراب، و روعتك وحوش الفلاة، وغرقت فيما لم يكن لك به ضرورة لأن الطريق مقطوع مقطوع، بك أو بدونك، ذلك أن أمر الله نافذ و إن جلت على الأفهام حكمته، لكنك اخترت الطريق الوعر وغفلت أحمق يا مسكين عن طريق آخر كان بجوارك دائما، طريق يحفه الأمن والجلال
والروعة والنشوة، طريق مرصوف بالجوهر مصفوف بالياقوت محوط بالملائكة، طريق القرآن، وتلك السويعات الفريدة التي أحاول منذ ذقت حلاوتها أن أستعيدها دون جدوى.
في تلك السويعات كنت أكاد أصرخ:
- هل أريد من الدنيا شيئا آخر؟، هل توجد في الدنيا سعادة أكثر من هذه؟
ثم ما ألبث حتى أستدرك:
- بل هل أطمع في الآخرة في نشوة أكثر من تلك.؟، يكفيني هذا، يكفيني ويزيد، تهبط على قلبي السكينة ويغرقني الحب، فالبشر جميعا ليسوا إخوة فقط، بل إن تلك الشمس بكل ما فيها من نار هي أختي في الخلق، وهذا القمر بكل ما فيه من ضياء هو أخي، خلقنا نفس الخالق البارئ المصور جلت قدرته وحكمته فهو البديع.
تذكرت أنه عندما تقدم العمر بسيدنا خالد بن الوليد أخذ المصحف وبكى .
وقال: أشغلنا عنك الجهاد .
يا سيدنا خالد، أشغلك عنه الجهاد فتبكي.
فماذا لو كنت مثلنا و أشغلتك عنه الدنيا.
....
كنت ساعتها جالسا أمام الكعبة لا يشغلني عن القرآن شيء، وجاءتني الإشارة والبشارة، كنت أجلس على حافة ممر، وجاء الجندي ليخلي الممر وجذب الكثيرين جدا ممن أمامي ومن خلفي كي يخلي الممر للمصلين، لكنه تركني، قلت لنفسي لعلى لم أتجاوز المسموح ولعله لم يرني، لكنه بعد حين تصنع أنه يسلم علي ليهمس في أذني:
- لقد تركتك متعمدا.
وتهاطلت دموعي تسبح:
- لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لك الحمد.
وساعتها كنت أحس كما لو أن خواصا جديدة أضيفت إلى سمعي وبصري وقلبي وعقلي فأصبحت أسمع ما لم أكن أسمع و أرى ما لم أكن أر و أحس بما كان لا يمكنني الإحساس به فأفهم ما لم أكن أفهم، بل حتى صوتي قد تغير وأصبح لنبراته في ترتيل القرآن رنين لم أسمعه قبل ذلك أبدا.ولا سمعته بعد ذلك أبدا، كان الصوت طوفانا ملموسا ومحسوسا من النور ولم تكن الحنجرة مصدره بل من القلب كان يأتي، ولم أكن-ساعتها- أسمع بأذني وحدها.كان القلب أيضا هو الذي يسمع وكانت نياطه هي التي تهتز، من أجل ذلك كنت أسمع هدير صوت النجم الثاقب، هل تخيل أحدكم يوما، وهو الذي تعود أن يزعج مسامعه صوت طائرة تحلق، هل تصور كيف يكون صوت هدير دوران الأرض حول الشمس، بل صوت دوران الشمس نفسها، هل تخيل أحدكم أن يرى أبعد من فرسخ أو فرسخين، فكيف بمن يرى سرعة الضوء التي يتسع بها الكون ويتمدد، هل أطعنا القرآن هل تدبرنا هل أحسسنا هل عقلنا؟؟؟؟.
كنت جالسا أقرأ القرآن، أخشى أن يفرط القلم فيفرّط، فلم أكن أقرأ بقدر ما كنت أذوب، وكنت أتعبد بالنظر إلى الكعبة، وكان إخوتي من الناس يطوفون حولها تسبيحا وعبادة، فاض الحب فطغى، أصبح الإخوان إخوة و أصبح الإخوة أشقاء، وفي نفس الوقت، كانت النجوم أمة يطفن في السماء تسبيحا لله وعبادة، كن يسابقنني، وكان القمر أمة يدور طوافا وعبادة.
وكان اتجاه الدوران كله هو اتجاه الطواف حول الكعبة،
***
وكنت أبحر في بحر القرآن ذلك الإبحار الممتع الذي يجعلني لا أريد أن أعود إلى الشاطئ أبدا، تمنيت أن أظل كذلك حتى أموت، وطاف بخاطري أنه لو تحققت أمنيتي فإنني لن أحس بالموت، سوف يكون مجرد انتقال ما أبسطه وما أهونه، مجرد جلباب رثَّ واتسخ فآن أوان استبداله، أما من داخل الجلباب القارئ للقرآن فسيظل يقرأه لا يشعر حتى باستبدال ثوبه.
هل كانت تلك السويعات هي اكتشاف سر اسم الله الأعظم الذي يذهب بعض العلماء إلى كونه حالة وجدانية يكون أي اسم من أسماء الله فيها هو اسمه الأعظم.؟.
ربما،
لكنني أعترف، أنني منذ ذلك اليوم أبدو أمام نفسي كمن أضاع أثمن شيء في حياته التي لا يبقيه عليها إلا الأمل في العثور ذات يوم على ما فقد.
أبدو أمام نفسي كشخص دخل الجنة ثم أخرج منها.
هل يوجد ثمن في الدنيا ينكص هذا الشخص عن دفعه حتى يعود إليها؟!.
تضاءلت الدنيا.
فهل تدرك أيها القارئ إذن مدى كارثتي وفجيعتي بقتل كاتب الظلال خادم القرآن؟!.
وهل تدرك لماذا يشتعل قلبي بالنار كل يوم حينما يحدث لأتباع الشهيد ما يحدث.
وهل تدرك لماذا يشتعل عندما يسيء عبدة الشيطان للمصحف أو للقرآن، كما حدث في قضية الوليمة أو في قضية المسرحية السافلة أو أفعال الوزير الشاذ.أو ذلك الناقد الملعون الذي يطالبنا أن نعامل القرآن كنص علينا أن نبرز محاسنه ونظهر نقصه وعيوبه- حاشا لله أن يكون به نقص.
أعود إلى تلك السويعات التي أدفع الباقي من عمري لاستعادتها.
***
الحمد لله..
أذكر ذلك وأتذكره تحدثا بنعمة الله..-
يراودني أمل أرجو ألا يكون صعبا..
أن أجمع بينها..
بين القرآن والثورة وفلسطين..
نعم.. القرآن والثورة وفلسطين..
ذلك ما أرنو إليه..
***..
خائف أنا..
يرتجف قلبي..
يرتجف مما سأراه في غزة غدا..
من دلائل جرائمنا هناك..
وأرتجف مما يمكن أن يحدث في مصر..
والحق أن موعد زيارة فلسطين-غزة- قد حدد منذ أسابيع وقبل أن تجهر الثورة المضادة بأنها ستخرب القاهرة يوم 25 يناير.. والحق أنني كنت أتمنى أن أكون موجودا كي أقطع اليد التي تحاول حرق مصر أو الخروج عن شرعية مجلس الشعب المنتخب أو المحاولة الخائبة الحمقاء التي يسعى إليها البعض بازدواج السلطة بين ميدان التحرير وجل من فيه الآن بلاطجة وبين مجلس الشعب المنتخب..
كنت أريد.. ولكن الله فعال لما يريد
***
إنني أرجو ألا تتجاوز ديمقراطية المجلس العسكري والمجلس الاستشاري وجميع المجالس ما خفي منها وما ظهر ديمقراطية بريطانيا أمريكا وسويسرا (الشبهات المثارة حول ساويرس أكثر ألف مرة من الشبهات المثارة حول الدكتور العميد –شرطة- محمد الغنام والمسجون فس سويسرا منذ خمسة أعوام. للدولة هيبتها.. ومسئولية الدولة أن تحافظ على الأمن.
***
الأمر الثاني بالنسبة للثوار الحقيقيين أو الذين يزعمون أنهم ثوار وبدلا من الشقاق والمناظر المؤذية وتعطيل المرور واحتلال ميدان التحرير في منظر لا يمكن أن تسمح به دولة تحترم نفسها.. خاصة أننا مهددون بالانهيار الاقتصادي بسبب سوء الإدارة وليس سوء الاقتصاد.. الاقتراح هو أن تكون هناك أي آلية لتحديد من هم الثوار.. وأن نكون منهم جيشا كجيش التوابين الذي أنشئ بعد استشهاد الحسين رضى الله عنه للانتقام من قاتليه.. والذي استطاع بالفعل في خلال ثلاثة أعوام القضاء الكامل على كل من شاركوا في قتله....
ليكن الثوار خمسون ألفا أو حتى مائة.. ينظمون في مجموعات.. كل مجموعة تمنح مرتبات مجزية وصلاحيات فائقة لكشف الفساد في مؤسسة ما.. ابتداء من الجيش والتعليم وانتهاء بالاقتصاد وتركيزا على التعذيب والتزوير.. وأن يتم ذلك كله تحت رقابة منضبطة تفتش عن أوجه الفساد في كل مصر.. وبعد انتهاء مهمتهم تلك يمكن لهم الانطلاق إلى مهمة البناء.. مهمة الحفاظ على قوة الدفع للثورة..
أليس ذلك أفضل من عشوائية السياسة والفئة المندسة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق