سيقولون لكَ.. فقُلْ لهم!
- سيقولون لكَ: باعُوا أرضهم!
فقُلْ لهم: كذبتم، ها هم يموتون في سبيلها أمام العالم أجمع! فإن زوَّرتم التاريخ فها هو الواقع نعيشه!
ولكنها حيلة الجبان ليُهدهد على ضميره فينام، ويقول لنفسه: أرض باعها أهلها، فما شأني؟!
ولكنك تعلمُ، كما يعلمُ النّاسُ جميعاً، أنها لو كانت قضيّة أرضٍ مباعة، أو مشكلة عقاريّة لكانت تُحلُّ في أروقة المحاكم لا في ميادين القتال، ولترافع بها المحامون لا أبا عُبيدة، ولقُدِّمتْ فيها الأدلّة والمستندات لا قذائف الياسين!
- سيقولونَ لكَ: كان النَّاسُ يعيشون بهدوءٍ، ويأكلون ويشربون، فهل كان الأمرُ يستحقُّ؟!
فقُلْ لهم: هذا هو شأن البهائم دوماً أنّها لا تُفكِّرُ إلا بالعلف!
وإن كانت الحياة بحدِّ ذاتها انجازاً، فما أكثر الأحياء وما أكثر الإنجازات! وإن كانت الحياة بطعمها، فموتُ الأحرار ألذُّ من حياة العبيد!
- سيقولون لكَ: هل نساؤكم ناقصات أمومة؟!
لماذا ربَّينَ أولادهُنَّ على الشّهادة؟!
وحتى أولئك اللواتي قُتلَ أولادهُنَّ صغاراً لماذا لم يخرجنَ في وجه هذه التي تسمُّونها مقاومة؟!
فقُلْ لهم: أهذه الماشطة التي وقفتْ أمام فرعون بثباتٍ وهو يُلقي أولادها في الزّيت واحداً بعد واحد كانت ناقصة أمومة، أم أنَّ ثمة أمور في الحياة يهون لأجلها كلّ شيء!
وهذه الخنساء التي قدَّمتْ في القادسيّة أولادها الأربعة دفعةً واحدة كانت ناقصة أمومة، أم أنَّ العزَّ مهره الدّم، وأنَّ ثمة أمور يصعب على العبيد فهمها؟!
ثمَّ من سيخرج على المقاومة، ولماذا تُصوِّرون أن مقاومتنا جاءت من المريخ لتحكمنا، هذه المقاومة هي نحن، أولادنا الذين أنجبناهم، مقاتلينا الذين دربناهم، سلاحنا الذي اشتريناه وصنعناه، لا أحد يتبرّأ من نفسه، على العكس تماماً نحن صكّ الشّرف عندنا بمقدار ما يمشي المرءُ منا في ركب هذه المقاومة، من مشى فيها وقدّم لها وضعناه على رؤوسنا، وما تنكّر لها تنكّرنا له، ومن تبرَّأ منها تبرّأنا منه!
- سيقولون لكَ: الكثيرُ من العلماءِ الثِّقاتِ لا يتكلَّمون عنهم، ولا يستنكرون سفكَ دمائهم، ولو كانوا على حقٍّ لفعلوا!
فقُلْ لهم: ومنذ متى نعرفُ الحقَّ بالرِّجال، يا صاحبي نحن نعرفُ الرِّجال بالحقِّ، وهذا أوان أن تعرفَ أنَّ من حسبتهم ثِقاتاً ليسوا ثِقاتاً!
ألمْ تقرأ تاريخ هذه الأمة في زمن أزماتها، ألمْ تعلم أن خمسين فقيهاً أفتوا للمعتصم بقتل أحمد بن حنبل!
العلماء لا يُعرفون من الكتب يا صاحبي وإنما يُعرفون من الحياة، أحمد بن حنبل ليس إمام السُنة لانه صاحب المسند بل لأنه صاحب الجلد يوم فتنة خلق القرآن!
- سيقولون لكَ: الإعلامُ لا يتحدَّثُ عنهم على أنّهم أبطال، أكانَ إعلامنا سيتركهم لو كانوا أبطالاً فعلاً؟!
فقُلْ لهم: عندما أُلقيَ القبض على عمر المختار، عنونتْ صحيفة بَرَقة بالخط العريض: القبض على زعيم المتمرّدين عمر المختار!
إذا كان ميزانك من الجرح والتّعديل قناة العربيّة، وسكاي نيوز، وأشكالهما من حاويات النفايات الإعلاميّة فإنّه يُؤسفُ عليكَ أكثر مما يُؤسفُ على رضيعٍ اُنتِشَلَ قطعاً من تحت الأنقاض!
- سيقولون لكَ: ماذا عن كلِّ هذا العدد من الضحايا؟
فقُلْ لهم: هؤلاء شُهداء بإذن الله وليسوا ضحايا!
ثمَّ إنَّ الثبات على العقيدة والمبدأ عبادة وليست تجارة لتُقارن بالثّمن!
أصحاب الأخدود أُحرِقوا جميعاً فسمّى الله هذا فوزاً عظيماً!
وسُميَّةُ طعنها أبو جهلٍ بالحربة وهي مثبتة بالأوتاد في الأرض، وهي رغم هذا أول شهداء الإسلام!
حمزة بن عبد المطلب وصُهيب بن عمير قتلتهما قريشُ ولم يقتلهم النَّبيُّ ﷺ حين خرج بهم إلى أُحد!
- سيقولون لكَ: ألا ترى كيف جاعَ الأطفال، وكيف ماتَ بعض النّاسِ من الجوع؟!
فقُلْ لهم: جاعَ الصّحابةُ وعيالهم يوم الخندق، فمن الذي جوّعهم النَّبيُّ ﷺ حين رفضَ أن لا يركعَ إلا لله، أم قريشُ والأحزاب حين حاصروهم في ديارهم؟!
- سيقولون لكَ: ماذا عن موازين القوى؟! ألا يجب أن يكون المرءُ عاقلاً ولا يُخاطر ويُغامر؟!
فقُلْ لهم: ماذا عن ثلاثة آلافٍ في مؤتة بعثهم النَّبيُّ ﷺ لمواجهة مئتي ألف؟!
ماذا عن اليرموك والقادسيّة، أعندكَ فكرة عن تفاوت موازين القَوى؟!
ماذا عن بدرٍ والمشركون أربعة أضعافهم؟!
الجهاد يا صاحبي فريضة وليست رحلة، تُؤدَّى بالمستطاع، فقبل أن تسألهم: لمَ تُقاتلون وحدكم، سلْ أُمَّةً كاملةً: لمَ تركتموهم وحدهم؟!
- سيقولون لكَ: هم الذين جلبوا الوبال كلّه!
فقُلْ لهم: تريدون أن تُقنعوا ضحيَّةً تُقتلُ منذ زمنٍ كلَّ يومٍ ألف مرَّةٍ على يدِ عدوٍّ حقير وجبان أنَّ السبب في موتهم هذه المرّة أنَّ ضحيَّةً أخرى سئمتْ أن تبقى ضحيَّةً، وأنها عرفت أنَّ الحُرَّ يموتُ واقفاً على قدميه ولا يركع، وأنه لا ضير أن لا يُحقِّقَ نصراً ساحقاً، يكفيه فخراً أنه خمش وجه عدوّه، وترك فيه أثراً سيبقى يذكره كلما طالع وجهه في المرآة!
لم تقتلكَ جرأة بعض قومك، لقد جعلتكَ ندًّا، كنت قبل اليوم تُقتل سُدى، أما اليوم فإنهم يردُّون صفعةً تلقُّوها، أرأيتَ الفارق بين هذه الموتة وتلك؟! ليستا سواءً أبداً، ولن تكونا، وإني أُعيذك أن لا تُدركَ الفارق بين من قتلكَ بدايةً، وبين ما كان يأخذ بثأرك!
- سيقولون لكَ: فإلى متى؟!
فقُلْ لهم: حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين!
وإننا نتعبَّدُ الله تعالى بالجهاد والثبات والصّبر كما نتعبّده بالصّلاة تماماً! نقومُ بما فرضه علينا، فإن منَّ بالنصر فهذا كرمه، وإن منَّ بالشهادة فهذا لطفه، ولن يسأل الله تعالى عبداً عن نتيجة حققها وإنما عن سعي سعاه، ولا عن وصول بلغه، وإنما عن طريقٍ مشى فيها!
من قال إن جزاء الجهاد أن يرى المجاهد نصره أمامه، سُميّة وياسر استشهدا قبل أن يُبنى في الإسلام مسجد يُعبد الله فيه!
وحمزة ومصعب استشهدا قبل أن يريا الناس يدخلون في دين الله أفواجاً!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق