الاثنين، 15 يوليو 2024

تجنيد العملاء

 تجنيد العملاء

محمد شعبان أيوب

بعد قراءتي كثيرًا في تاريخنا القديم والحديث، وخاصة الأدوات التي استخدمها الفرنسيون في احتلال تونس والجزائر والبريطانيون في مصر للسيطرة على بلادنا وجدتُ أن هذا المحتل استطاع تجنيد كثير من العملاء لصالحه، حتى تمكن من خلال هؤلاء الخونة أن يقضي على المقاومة الوطنية، وهذا متوارد في تاريخ الجزائر في القرن التاسع عشر منذ انتفاضة الأمير عبد القادر الجزائري فضلا عن انتفاضات الحاج محمد المقراني والحداد والإخوة الرحمانيين المتصوفة، وقد استشهد هؤلاء برصاص الخونة لا الفرنسين، وفي القرن التالي كتب مالك بن نبي رحمه الله في مذكراته التي أسماها «العفن» ما يندى له الجبين بسبب هؤلاء الخونة عبيد المستشرقين والمحتل على حد وصفه.

وفي تونس وجدتُ فرنسا تتمكنُ من تجنيد حتى بعض الإخوة ضد أخوانهم الأشقاء، كما فعلوا مع شيوخ الطريقة المدنية الصوفية؛ اثنان منهم كانوا مع الفرنسيين ضد أخيهم الذي وقف لآخر لحظة مع وطنه.

وفي مصر وقفَ مصطفى كامل ورجال الحزب الوطني ضد كرومر ودنلوب وسياسات الاحتلال البريطاني البغيضة في حق أهالي دنشواي والتغريب الممنهج للتعليم والثقافة والاستهانة بالإسلام والسطو على مقدّرات البلاد، بينما استطاع البريطانيون صناعة الخونة والعملاء من أول مؤسسي جريدة الأهرام وانتهاء بالمقطم التي كانت تسبُّ مصطفى كامل مسبّة يستحي منها الرجال قبل النساء.

الخيانة في تاريخنا القديم والحديث ظاهرة متواترة، ووالله لو تأملنا في تاريخ المقاومة الجزائرية التي استمرت 130 سنة، فلو تمكنت فيها هذه المقاومة من إبادة القبائل والأفراد الذين تعاونوا مع الفرنسيين في السنوات العشرين أو الثلاثين الأولى لانتهى الاحتلال سريعا، ولكن هذه القبائل أمدت الفرنسيين بمائة عام أخرى سقط فيها مئات الآلاف من الشهداء الأبرار بسبب خيانتهم لأوطانهم ودينهم.

وقس على ذلك بقية الأقطار حتى يومنا هذا، فهذه فتح في الضفة وهؤلاء الأبطال في غزة دليل حي نشاهده بأعيننا.

الصورة متخيلة للشهيد المجاهد الجزائري محمد المقراني الذي غدر به الخونة من أبناء بلده في عام 1871م أثناء صلاته؛ من أجل رضا المحتل الفرنسي، خسروا الدنيا والآخرة!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق