الاثنين، 18 مايو 2020

قد كفرتم بعد إيمانكم ..

قد كفرتم بعد إيمانكم ..
الدكتور محمد عباس يكتب عن دور مصر في تفتيت السودان

د محمد عباس 
mohamadab47@yahoo.com
mohamadab@hotmail.com
www.mohamadabbas.net

حيوان رخو ضخم هائل مشلول..
يأتي القصابون فيقتطعون من لحمه فلا يبدو منه إلا اختلاجات العضو المقطوع.. أما باقي أعضاء الحيوان فلا تشعر بشيء..
حيوان رخو ضخم هائل مشلول..
يقنعه الجزارون أن استلاب أعضائه وبترها في مصلحته فلا يبدي اعتراضا.. بل ويتوسل إلى الجزار أن يبقى وأن يسارع بالبتر.. ولا يدرك الأحمق أنهم لن يشبعوا من التهامه أبدا حتى يأتوا عليه كله..
قطيع هائل من الأغنام.. اتفق اللصوص مع راعيه أن يذبحوه كله ويعطوه الثمن.. وقد وافق الراعي –الذئب- مسرورا دون أن يدرك أنه من ناحية لن يحصل على الثمن ومن الناحية الأخرى لن ينجو من الحساب.
***
أنظر إلى الأمة الصامتة المشلولة..
تستبد بي الدهشة.. ماذا يمكن أن يحدث أكثر مما يحدث كي ينهض هذا الراقد المشلول ويفيق من غيبوبته..
تستبد بي الدهشة.. هذه الملايين.. بل مئات الملايين.. لماذا عجزت لماذا عقمت لماذا شلت؟!.
لماذا تبدو أمم أقل منا بكثير.. أقل دينا وأقل حضارة وأقل تاريخا وأقل ثقافة وأقل شأنا وأقل ثروة أكثر قدرة على الحركة والنهوض بعد الكبوة؟..
هل هو عجز الأمة أم قسوة الحصار الخفي.. أم لأن الذئاب هي التي ترعى الغنم أم لهذه الأسباب جميعا..
أنظر إلى الأمة.. فكأنني دخلت مجزرا آليا أرى الأجساد مسلوخة معلقة مقلوبة مربوطة من قدميها مختومة بأختام الصليبيين واليهود..
أراها معروضة للبيع..
وأراها دونما رؤوس..
فإذا وجدنا على سبيل المثال رؤوسا وجدناها متعفنة ومليئة بالدود..
***
حيوان رخو ضخم هائل مشلول..
وأمة صامتة مشلولة..
وقلب مكلوم لأم رؤوم.. تثكل أبناءها ابنا بعد ابن.. مع الأول شقت صرخاتها أجواز الفضاء ثم راح الذهول يغلب ويستبد فلم يعد رد فعلها الآن على موت بنيها سوى صمت ذاهل..
صمت ذاهل..
كصمتنا و فلسطين تضيع..
كصمتنا القدس تضيع..
كصمتنا وغزة تذبح.. ..
كصمتنا والعراق يضيع..
كصمتنا ونحن نخرج من التاريخ..
كصمتنا والسودان أمام أعيننا يضيع..
يضيع ونضيع..
وما كان ضياعنا بسبب جبروت أعدائنا بقدر ما كان بخسة أبنائنا..
أتذكر..
أتذكر في صمت ذاهل..
أتذكر أن إسرائيل لم تكن لتقوم لولا سقوط الدولة العثمانية..
وأن الدولة العثمانية لم تكن لتسقط لولا خيانات العرب ابتداء من محمد على وانتهاء بالشريف حسين..
أتذكر..
أتذكر في صمت ذاهل أن جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وليس جولدا مائير وموشى ديان هما اللذان هزما مصر و أذلاها..
وحتى على المستوى الفردي
كان شقيق البطل محمود نور الدين هو الذي أبلغ السفارة الأمريكية عنه..
كانت الخسة فينا والخيانة منا وكان الكفر هو الحكم الشرعي على هذه الخسة وتيك الخيانة..
الكفر..
وهو ما أحذركم منه اليوم يا أهل دارفور.. يا حملة كتاب الله يا حفظة القرآن.. أعيذكم أن تمرقوا من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية..
أعيذكم أن تكفروا بعد إيمانكم..
إن الأمر لا يتعلق بالبشير..
وقد تكون لي ملاحظات كثيرة جدا عليه..
ولكنني لا أريد أن أدعى موضوعية دنسة مزيفة بأن أبدأ برجم من أحب قربانا للوثن القابع في واشنطن أو تل أبيب أو الفاتيكان.. فكأننا لا نمدح من نحب إلا إذا سبق مديحنا اعتذارنا لمن نكره .. وكأنما تقديرنا لقيادة صالحة أو أقل فسادا ذنب يجب علينا التبرؤ منه أو على الأقل الاعتذار عنه.. ونحن لا ننكص أبدا عن انتقاد نخبتنا.. ولكن للأسباب التي نراها نحن لا للأسباب التي يراها الحاخامات والبابا وقيادات الحكومات الخفية..
لذلك.. فإنني يجب أن أعترف.. بأن البشير نسيج وحده بين حكام المسلمين.. أحسبه على المستوى الفردي تقيا نقيا طاهرا..ولا أبرئه من أخطاء فادحة أرغم على بعضها وكان تأوله في البعض الآخر فاسدا وكان الفساد خطيرا ومثيرا وعلى سبيل المثال استسلامه أمام مخططات فصل الجنوب – حتى ولو كان استسلام المكره- وموقفه من أسامة بن لادن وكارلوس.. و دعونا الآن من حنكته السياسية.. بل دعونا أيضا من تقواه ونقائه وطهره.. وهبوا أنه فاسق كحكامنا فاجر كحكامنا لص كحكامنا.. لكن.. هل هو عميل كحكامنا؟.. هل والى أعداء الله علينا كحكامنا؟.. هل في إيمانه شك كحكامنا؟.
هل يكفر بالحكم بما أنزل الله كحكامنا وفي أي الفئات: الكافرون أم الفاسقون أم الظالمون؟.
هل هو الكفر الأكبر المخرج من الملة أم كفر أصغر.. كفر دون كفر..
إن الحُكم بغير ما أنزل الله يتناول الكُفرَيْن، الأصغر والأكبر بحسَب حال الحاكم. فإنّه إن اعْتقَد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدَل عنه عصيانًا، مع اعترافه بأنه مستحِقٌّ للعقوبة، فهذا كفر أصغر. وإن اعتقد أنّه غيرُ واجبٍ، وأنه مُخَيَّر فيه، مع تيقُّنِه أنه حكم الله، فهذا كُفرٌ أكبرُ.
.. هل رأيتم يا آل دافور على البشير كفرا بواحا يبيح لكم أن تخرجوا على طاعته؟!
كفرا أكبر؟!
لو اعتدل الميزان لكان البشير آخر حاكم يحق الخروج عليه.. وآخر حاكم عربي يجب أن يحاكم..
يا أهل دارفور دعوني أقولها لكم صريحة واضحة أنه حتى ولو كان البشير ظالما فإن خروجكم عليه بالاستعانة بإسرائيل وامريكا لتجزئة بلد مسلم هو الكفر البواح بعينه.. فلا تكونوا أكثر من حفظ القرآن وأكثر من كفر..
يا أهل دارفور لقد قال لكم العلماء أن شأن الدم عند الله عظيم، وأن المسلم لا يزال في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً، ولأن يلقى أحدكم ربه بكل ذنب ــ دون الشرك ــ أهون من أن يلقاه بدم امريء مسلم، ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً))، هذا في قتل المعاهد ــ وهو غير مسلم ــ فكيف بالمسلم؟ فكيف بالتقي الصالح؟.
يا أهل دارفور لقد قال لكم العلماء في بيانهم الشهير إليكم :أيحب أحدكم أن يأتي يوم القيامة بحسناته من صلاة وصيام وصدقة وبر وصلة، ثم يجد هذا كله هباء منثوراً في مقابل ما سفك من دم حرام؟ أم يحب أن يأتي يوم القيامة وقد تعلق القتيل برقبته يتشحط دماً يقول: يا رب سل هذا فيمَ قتلني؟ أما يخشى أن يُسأل بين يدي ربه: فيمَ قتلت فلاناً؟ فيقول: من أجل أن تكون العزة لفلان ــ من الزعماء والكبراء والساسة ــ فيقول الله له: كذبت، فإن العزة لي. ثم يؤمر به إلى النار. أيُّكم يحب أن يكون ذلك المخذول.
يا أهل القرآن، تذكّروا قول ربكم جل جلاله: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً)، وتذكّروا عتاب النبي صلى الله عليه وسلم لحِبِّه وابن حِبِّه أسامة بن زيد رضي الله عنهما، حين قتل رجلاً بعدما شهد أن لا إله إلا الله، حتى قال له: ((ماذا تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟)) يقول أسامة: حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ. واعلموا أنه ((لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة)).
يا أهل دارفور لقد كان بيان العلماء يحذركم من قتال المسلم للمسلم ولم تكن فضيحة العلاقات مع إسرائيل قد انفجرت فلا تأملوا إذن في مكانة الفاسقين بل بوءوا- إن لم تتوبوا- بمنزلة الكافرين حيث الخلد في النار لا تخرجون منها أبد الآبدين..
يا أهل دارفور لقد أعلن أحد قادة فصائل التمرّد ، على الفضائيات أنه يزور إسرائيل دائماً، واعترف بالدور الذي تقوم به في دارفور. كما أعلن قائد آخر من قادة التمرّد أنه يسعى إلى إنشاء دولة مستقلة في الإقليم. كل هذا دليل لا يحتاج إلى تأكيد على ضلوع إسرائيل في هذه المؤامرة الإجرامية على السودان، العمق المهم للعالم العربي والبوابة الكبيرة على القارة الأفريقية.
يا أهل دارفور إنه الكفر بعينه..
إن استهداف القوى الاستعمارية الصهيونية السودان ، يخدم مصلحة إسرائيل في المقام الأول، فقد صرح الرئيس السابق لجهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك) الوزير آفي ديختر، أن إسرائيل لا تدير الأمر الفلسطيني فقط، بل لها نشاط في عدد من الساحات في دول أخرى بينها السودان، و تعتمد على الخيار العسكري، ثم على توظيف الجماعات الإثنية في السودان. وأضاف قائلاً في صراحة وتحدّ للمجتمع الدولي : «إن البعض يسأل لماذا التدخل في شؤون السودان، في الجنوب من قبل وفي الغرب الآن، وجوابنا أننا نفعل ذلك لأن السودان ظل مشاركاً دائماً وفي شكل مباشر في القضية الفلسطينية، وأن السودان بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه، يمكن أن يصبح دولة إقليمية قوية ونافذة، ونريد أن نفوت عليه فرصة التحول إلى قوة إقليمية. يجب أن لا نسمح لهذا البلد على رغم بعده عنا، أن يصبح قوة مضافة إلى قوة العالم العربي».
يا أهل دارفور إنه الكفر بعينه فتوبوا وارجعوا قبل أن يختم على قلوبكم..
يا أهل دارفور لقد استدرجوكم إلى منازل الكفر وزعموا أنهم يأتونكم بالنجدة والخلاص باسم حقوق الإنسان فلماذا لم يدركوا بها أهلنا في غزة وفي الضفة الغربية وفي أفغانستان والعراق والشيشان وكشمير و اندونيسيا..
يا أهل دارفور إنهم يستهدفون السودان، لإضعافه وتقسيمه وفصله عن مجاله العربي الإسلامي، حماية لإسرائيل ومخططاتها وسياساتها الإجرامية التوسعية.
يصرخ الأستاذ محمد صالح المسفر - القدس العربي 10-3:
لماذا لم تسمح بريطانيا بتمرد في ايرلندا على السلطة المركزية في لندن، وقمعتها بقوة السلاح، اسبانيا وقضية الباسك ما برحت على المحك حتى اليوم، الرئيس الروسي يلتسين ضرب بيت الديمقراطية البرلمان الروسي بالصواريخ ومدافع الدبابات على من فيه من نواب الشعب المنتخبين لمنع أي تمرد ضد السلطة ولو كان نواب الشعب.
ويواصل الرجل صراخه:
في دارفور عرضت محطات التلفزة العربية والدولية في يوم الجمعة الماضية استعراضا مسلحا نظمته ما يسمى /حركة العدل والمساواة/ احتفالا باصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف في حق رئيس الجمهورية السودانية، ظهرت في ذلك العرض أسلحة متطورة ومضادات للطائرات والدبابات وغيرها وجحافل من المسلحين بزي عسكري موحد تهدد وتتوعد بإسقاط النظام والاستيلاء على السلطة في السودان، وهذا النوع من التسلح والتنظيم لا يمكن لحركة معارضة وطنية امتلاكه إلا إذا كان خلفها دولة أو دول تملك المال والسلاح، وفي هذه الحالة مثل هذه الحركة لا يمكن إطلاق مصطلح /معارضة أو مقاومة وطنية/ عليها، بل حركة تمرد وانفصال ومن مهام النظام السياسي القائم في الدولة المعنية المحافظة على وحدة البلاد وحفظ النظام ولو بالقوة وإلا سقطت شرعيته الدستورية.
يا أهل دارفور إنه الكفر بعينه..
يا أهل دارفور إن مساحة بلادكم تعادل مساحة دولة فرنسا وتزيد عن نصف مساحة مصر وتلك لقمة هائلة يريدون اقتطاعها من الجسد المسلم فلا توالوهم فتكونوا ممن كفر..
يا أهل دارفور .. يا بناة الميقات في أبيار على كنا نظنكم سيفا لأمة الإسلام لا خنجرا في خاصرتها..
يا أهل دارفور يامن كسوتم الكعبة المشرفة عشرين عاما لا تكسوا أمتنا بالهزائم والخراب..
يا أهل دارفور أنتم تعلمون أن الاشتباكات القائمة في دارفور هي بعينها ما قام في كل بلادنا في مرحلة من مراحل تطورها.. بل وكانت تحدث في الدلتا والصعيد طيلة عصر المماليك ومعظم عصر أسرة محمد على .. ولكن بلادنا لم تكن بالضعف التي هي عليه الآن ولا كان حكامنا بالخسة التي هم عليها الآن لذلك لم يحدث لنا ما يحدث الآن لكم.. 
يا أهل دارفور إن الذئاب لا تقصد معاونتكم بل هي تستهدف تمزيق بلادكم لأن السودان هي سلة الغذاء في إفريقيا، لأن السودان هي أغني وأخصب أراضي العالم في الزراعة، لأن السودان اُكتشف فيها مؤخراً كميات هائلة من البترول، ومثلها من اليورانيوم في شمال دارفور، فلو استقر السودان المسلم لحل الأمن والرخاء والسخاء بالمنطقة كلها، ولأصبحت السودان ملجأ وملاذاً للمسلمين والعرب أجمعين.
يا أهل دارفور إن لجان الإغاثة ليست سوى مخالب الذئاب المتنمرة لتمزيقكم والمتلمظة للحمكم..
يقول الأستاذ فهمي هويدي في مقال له بعنوان الإغاثة وأجندتها الخفية - منشور في صحيفة الرؤية الكويتيه الأربعاء 14 ربيع الاول 1430 – 11 مارس - 2009
( بعد أن أبعدته إرادة الموساد من الأهرام والشرق الأوسط ..) يقول أن في السودان أكثر من مائة منظمة غربية، تتحرك بحرية في أرجاء البلاد، وتحت مظلة «الإغاثة» تمارس أنشطة عديدة بعضها بريء وأكثرها مشكوك في براءته. لكن ما علمناه حين انفجرت الأزمة أن حكومة الخرطوم قررت طرد ثلاث عشرة منظمة، معظمها فرنسية وأميركية وبريطانية. وذكرت تصريحات رسمية أنها كانت تزود المحكمة الجنائية بالمعلومات والشهادات الكاذبة حول انتهاكات حقوق الإنسان والترحيل القسري والإبادة الجماعية والاغتصاب وغير ذلك من جرائم الحرب التي استند إليها المدعي العام للمحكمة في دعواه. تحدثت تلك التصريحات أيضا عن اتفاقات وقعتها بعض تلك المنظمات مع المحكمة لتزويدها بالوثائق والشهود التي تؤيد الاتهامات، وهو ما كان يتم بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة في السودان.
ويلفت فهمي هويدي انتباهنا أن هذه المنظمات كانت لها علاقة وثيقة مع المجموعات الانفصالية، وأن بعض الطائرات التي كان يظن أنها محملة بالمواد الغذائية للجنوبيين، ضبطت وهي تقوم بنقل الأسلحة إليهم.
يا أهل دارفور إن المؤامرة على السودان طويلة طويلة..
يا أهل دارفور لم يأتوا لنجدتكم بل لذبحكم كما ذبحوا أهلنا في العراق وفلسطين.. وأتوا للاستيلاء على كميات غير مسبوقة ثم اكتشافها في دارفور من البترول واليورانيوم.
يا أهل دارفور أفيقوا وعودوا إلى الله..
يا أهل دارفور إنهم يلطمون الآن خدودهم من أجل قيام حكومة السودان بطرد عشر المنظمات الدولية وإبقاء تسعة أعشارها.. وليتهم طردوها جميعا فما هي إلا منظمات تجسس وإفساد.
عندما كانت منظمات مثل هذه المنظمات في العراق ثبت وبالوثائق والتقارير والمقالات والشهادات الشخصية أن الهدف الأول كان للتجسس ولصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ،ولقد اعترف بهذا رؤساء لجان التفتيش من السيد ( إيكيوس) وصولا الى السيد ( بليكس)، كما اعترف به المفتش الدولي ( سكوت ريتر) ولقد إستمرت هذه اللجان زمنا طويلا في عمليات التفتيش ( التجسس) علما أنها كانت تستلم مرتبات خيالية ومن خزائن العراق، بل لقد قام بعض أعضائها بعمليات سطو وإحتيال على الأموال والخزائن والأسرار والآثار العراقية، ولكن الأخطر من هذا، فلقد كانت هذه اللجان مخترقة من قبل بعض الجواسيس الذين كانت مهمتهم تدمير الإقتصاد والبنية التحتية للبلد والشعب والتربة والزراعة والبيئة في العراق، فلقد كانت هناك مرتبات للكلاب أي لكل كلب راتبا قدره 1000 ( ألف دولار). ولقد تم ضبط بعض أعضاء هذه المنظمات يضعون الشرائح الإليكترونية في الأماكن الهامة كي تقصفها الطائرات. كما تم ضبط بعضهم في إعداد مزارع هائلة للثعابين والفئران لتدمير الزراعة والبيئة في العراق..
تعلمون يا أهل دارفور أن أمريكا المجرمة قد طاردة منظمات الإغاثة الإسلامية في كل أرجاء العالم بعد أحداث 11 سبتمبر لأنها لا تتجسس ولا تقوم بالتنصير. وتعلمون دور هذه المنظمات في السودان لم يكن يختلف عن دور شقيقاتها في العراق. يزيد عليها في السودان أن هذه المنظمات كانت تنشر الفاحشة والغلاء أينما حلت.. وكانت تتسبب في ارتفاع حاد في الأسعار مما يغرق جهود الحكومة السودانية للإنفاق..
يا أهل دارفور لقد بدءوا بالجنوب ليفصلوه بحجة أن المسيحيين والوثنيين به يشكلون الأغلبية فما حجتكم أنتم أمام الله وكلكم تقريبا مسلمون؟
ما حجتكم أمام الله..
ومع ذلك.. فإن مشكلة الجنوب لم تكن مشكلة طبيعية بل كانت مشكلة مخلوقة.. هم الذين خلقوها.
يرصد الدكتور يونان لبيب رزق جزءا من المؤامرة فيتحدث عن ركائز السياسة البريطانية في جنوب السودان والتي بدأت بمرحلة تمهيد الأرض (1899-1919) ثم مرحلة بناء الأسوار (1919-1946) ثم الحصاد المر (1946-1955)
نعم.. مشكلة الجنوب لم تنشأ نشأة طبيعية.. بل إنها لم تبدأ إلا مع الاحتلال الانجليزي.. فقد بنت بريطانيا سياستها في الجنوب السوداني على ركيزتين:
- محاصرة أو منع الوجود الشمالي في الجنوب.
- إضعاف الثقافة العربية والعمل على منع انتشار الإسلام هناك
(وتنبهوا يا أهل دارفور أن الذي يقول ذلك مسيحي..)
ولقد ترسخ هذا بعد قيام الحكم الثنائي (المصري-البريطاني) في السودان عام 1899 ..
لقد عملت بريطانيا على منع انتشار الإسلام في جنوب السودان عن طريق إطلاق حرية العمل الديني للإرساليات التنصيرية في حين خصصت هذه الحرية في الشمال بميادين التعليم والخدمات الصحية..
ظلت بريطانيا تزرع الشوك خمسين عاما حتى جاء أغبياؤنا بغد 1952 لينضجوا ثمار ما ظلت بريطانيا تزرعه طيلة أكثر من سبعين عاما.
***
مخطط تقسيم السودان مخطط قديم جاوز عمره المرئي قرنا من الزمان..
ولعلكم تلاحظون أن أمريكا راحت في القرن العشرين تحاول النجاح فيما فشلت فيه بريطانيا وفرنسا في القرن التاسع عشر..
فصول الكارثة الأولى بدأت مع الاحتلال الإنجليزي ثم الاتفاقية الثنائية عام 1899.. الفصل الثاني مع ثورة يوليو 1952.. والآن .. الفصل الثالث والأخير!..
على عكس ما روج الثوار الأشرار كان محمد نجيب مثقفا وواعيا بالمخاطر المحدقة بالسودان ومصر..ففي عام 1943 كتب كتابه الرابع بعنوان "رسالة من السودان" وفيه يحذر من المؤامرات على السودان وتقسيمه ويرسم خطة للعلاج والمواجهة .. ولقد أعيد طبع هذا الكتاب حيث صدر عن سلسلة "ذاكرة الكتابة" بهيئة قصور الثقافة.
في هذا الكتاب يستصرخ محمد نجيب العالم العربي لحراسة وحدة السودان..
أما محمد حسنين هيكل فيكتب في الاتجاه المعاكس تماما.. إنه يتحدث عن حتمية تقسيم السودان..
ولأننا لا نؤمن بالتنجيم ولا بالمصادفة فإننا نحمل هذه المفارقة ما تستحقه من معان.. ففي خلال أعوام قليلة كان السودان ينفصل عن مصر كما ينفصل جنوب السودان الآن عن السودان..
كان فصل السودان عن مصر مستحيلا عند نجيب ..
وكان حتميا عند هيكل..
ولم يكن لهذه الحتمية أي سند من الواقع..لكن.. المؤكد أنه كان لها أسباب أخرى. وأغلب الظن أنها كانت ثمن تأييد الأمريكيين للثورة.
***
أعترف للقارئ، أن علاقتي الفكرية بهيكل، قد مرت بمنعطف حاسم ليلة الخميس 3 سبتمبر2004.. ذلك أنني وهو يتحدث عن السودان تخيلت أن السفير الأمريكي هو الذي يتحدث كي يكرس مؤامراته ويبرر تفكيك السودان..
كان ما يقوله باطلا..
وبلا مستندات..
وبلا مراجع.. ولا أنصار إلا لطفي السيد.. وهذا هو المصيبة التي سنعود إليها بعد قليل.
***
قبل الثورة لم تكن ثمة حكومة سواء كان الوفد أو سواه ..تجرؤ على الموافقة على فصل السودان.. وقامت الثورة.. وتم إعلان الجمهورية.. 
كان الحكم العسكري الباطش الغبي قد دفع أربعة آلاف جنيه ثمن مظاهرات طعيمة والطحاوي التي غيرت مستقبل مصر وقضت على الإخوان ومحمد نجيب. 
جمال عبد الناصر هذا الذي انتصر بأربعة آلاف جنيه.. كان واثقا أنه سيشترى السودان بنصف مليون جنيه, وهو المبلغ الذي وزعه صلاح سالم على الأحزاب والقبائل كي يستميلهم.. لكن السحر انقلب على الساحر، فانقلب المؤيدون للوحدة إلى معارضين لها خوفا من الاتهام بالرشوة!..
.. ثم يأتي هيكل.. بعد خمسين عاما.. لا ليعتذر ولا ليذرف دموع التوبة.. بل ليؤكد أنه وسيده الفرعون كانا على صواب.. دون أي مرجعية إلا ذاته.. مدعمة بحكمة أستاذه و أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد.. حين ذهب إليه.. فلم يقل له شيئا..
كل حكومات مصر وسياسييها منذ عهد محمد علي حتى عهد عبد الناصر كانوا سذجا وسطحيين ولم يفهموا السودان أبدا.. هيكل وحده هو الذي فهمها..
وهيكل يتنبأ منذ ستين عاما بمشكلة دارفور ( لم يخطر بباله أبدا أن دولا تتنافر أعراقها أكثر بكثير ومع ذلك توحدت عندما وجدت زعيما حقيقيا ..).
كانت الحقيقة المذهلة التي اكتشفها العبقري هيكل أن السودان مؤهل للتفكيك دائما.. وبيقين كاليقين بنظرية التطور وبالهولوكوست.. يقين كيقين مسيلمة.. يقول هذا الكلام الذي ليس له أي معنى.. كما يمكن أن يطبق على أي بلد أو حتى جزء من بلد في العالم..
يقول هيكل بالنص في حديثه على قناة الجزيرة مساء 3-9-2004:

أنا فاكر إنه أول مرة أنا وأنا ديه بأقولها لأنها مهمة جدا وهي متعلقة باللي أنا شايفه حولينا والأزمات الجارية وأولها السودان فأنا هأخد موضوع السودان فيما يتعلق بالتعرف على أوطاننا، السودان قدامي بلد عربي بيتآكل والقتل فيه شائع (...) عشان أبقى منصف أنه ما نحن فيه ليس جديدا ما نحن فيه كان موجودا أمامنا وجذوره موجودة لكننا رفضنا أن نراه منذ البداية وتعلقنا بالأشياء كما نتصورها (...) أنا فاكر لما رحت السودان (...) لما شوفت اللي جاري في السودان (...) أنا كنت حاسس وقتها انه أنا مش بأتكلم على حتة غريبة أنا بأتكلم على باستمرار جيلنا نشأ وفي ذهنه أنه وحدة وادي النيل وأنها مصر والسودان وليست مصر وحدها (...) أنا شايف قدامي حقائق تختلف عما هو شائع وشايف قدامي حقائق تختلف مع ما هو موضع إجماع عام تقريبا أو شبه عام وشايف إن أنا إذا تكلمت بحقيقة ما أراه صادقا أو مخطئا فقد أحدِث صدمة. لا أرى مجالا لإمكانية تحقيق الوحدة بين مصر والسودان لأنهما بلدان مختلفان عن بعضهما بشكل واضح، كما أنني اكتشفت أن السودان نفسه عبارة عن أربعة بلدان. أنا كاتب هنا إن أنا قررت أعمل إيه قررت أروح أقابل رجل أنا بأعتبر إنه أستاذ لأجيال كثير جدا في مصر وبأعتبر إنه واحد من رواد النهضة الفكرية في مصر والتنوير وهو أحمد لطفي السيد باشا، أحمد لطفي السيد باشا زي ما كثير يفتكروا كان هو قطب التنوير الأكبر عضو مؤسس في حزب الوفد أول مدير للجامعة رجل تولى وزارة الخارجية وكذا كثير قوي لكن ما هو أهم إن إحنا كنا دايما نسميه ودائما يكتب عليه أنه المعلم الأول هذا الرجل المعلم الأول أنا بأعتقد أني مدين له بكثير قوي (...) لا أرى مجالا لوحدة بين مصر والسودان لأننا أمام بلدين لهم لكل واحد فيهم ظروف وبعدين مش بس كده أنا أيضا ذهبت إلى السودان فاكتشفت أنني لست أمام سودان واحد وإنما أمام أربعة سودان؛ فيه سودان مجرى النهر لغاية الملاكال تقريبا وفيه سودان الجنوب وفيه سودان الغرب كردفان ودارفور وفيه سودان الشرق قبائل هدندوا وكسلة إلى آخره (...) إحنا ما رضيناش نعترف بالجنوب والنتيجة أن إسرائيل دخلت لنا في الجنوب وعملت لنا مشاكل ملهاش حدود رفضنا أن ننظر نظرة حقيقية وطنية قومية حقيقية إلى مشكلة الأكراد فإذا بنا قدام مشكلة قضية كردية .
***
نكتفي بهذا القدر الكارثة من هيكل..
نكتفي به لنسأله: كيف استطاع شذاذ الآفاق في إسرائيل أن يكونوا –رغم اختلاف كل شيء- أمة ودولة..
ونسأله: كيف استطاع شذاذ الآفاق في الولايات المتحدة الأمريكية أن يكونوا –رغم اختلاف كل شيء- أمة واحدة وأقوى ودولة في العالم..
نسأله عن ألمانيا وإيطاليا وروسيا ثم أوروبا..
لماذا تحظى السودان فقط بعبقريته ويتجاهل الآخرين جميعا..
لا أعلم أن هيكل قد حكم على دولة أخرى في العالم بالتفكك..
نسأله هل هو الذي أوحي إلى جمال عبد الناصر بفكرته تلك؟
نسأله هل كان واحدا من المعاول التي فصمت عرى الوحدة..
نسأله..
هل كان تحليله هذا تحليلا حقيقيا منصفا أم كانت تبريرا ذكيا ظالما.. كانت الثمن الذي طلبته أمريكا كي تنصر الثورة على فاروق ثم جمال عبد الناصر على محمد نجيب.. ولن أستشهد بمايلز كوبلاند بل أستشهد بخالد محيي الدين في كتابه:"الآن أتكلم".
يذكر خالد أن عبد الناصر واجه مجموعة من الطلبة السودانيين الشيوعيين المعترضين على حق تقرير المصير خوفا من أن يؤدي ذلك إلى انفصال السودان.. قال لهم عبد الناصر:
- ولماذا ترفضون الاتفاقية؟ هل نسيتم أن الماركسية تدافع عن حق تقرير المصير للشعوب؟ وأنا أعطيت لكم حق تقرير المصير.
وفي فصل آخر يروي خالد محيي الدين توسلات صلاح سالم للإبقاء على نجيب لأهميته بالنسبة للسودان.. أما الجملة الخطيرة.. الجملة الكارثة التي تكشف الأمر كله فيكتبها خالد محيي الدين ص 286 من كتابه" والأن أتكلم- مركز الأهرام للترجمة والنشر.
.." أود أن أشير إلى واقعة محيرة بل لعلها ظلت تحيرني لأمد طويل ففي هذه الأيام المليئة بأحداث مضطربة وغامضة قابلني صحفي فرنسي مرموق ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الفرنسي هو"روجيه استفان" وكان بالقاهرة ممثلا لجريدة"فرانس أوبزيرفاتور". قابلني ليجري حديثا معيوأثناء الحديث همس في أذني قائلا:
- سأبلغك بنبأ هام، الدوائر الحاكمة في الغرب قررت مساندة جمال ضد نجيب، إنهم الآن يفضلون جمال لأنه سيكون حاكما قويا ومتفهما للأوضاع في آن واحد، أما نجيب فهو حاكم ضعيف وأمثاله سرعان ما يخضعون لضغط الجماهير.
***
نكتفي بهذا القدر الكارثة من المعلومات.. لقد كان الأمر واضحا.. هيكل يؤيد تمزيق السودان منذ عام 1950.. أمريكا ستؤيد من يقبل فصل السودان عن مصر.. نجيب رفض وعبد الناصر وافق.. نجيب اعتقل وعبد الناصر أصبح الرئيس!!..
ذهب نجيب وبقي هيكل المعجب بناصر وبأحمد لطفي السيد..
بقي هيكل.. الذي تمنيت أن يعز الله الإسلام به.. وتمنيت أن يحمل لخاتم الرسل وسيد البشر تقديرا كذلك الذي يحمله لأحمد لطفي السيد..
لكن – وقبل أن أستطرد – فربما كان من الضروري أن ألقي قليلا من الضوء على مثل هيكل الأعلى: أحمد لطفي السيد..
فأحمد لطفي السيد الذي يتحدث عنه هيكل بوله وثنيٍّ يثق في صنمه ثقة اليقين المطلق.. أحمد لطفي السيد هذا ليس له أي إنجاز إيجابي في حياته سوى أنه عمّر عمر السلحفاة.. وفي عمر السلحفاة هذا ظل الإسلام عدوه الأول.. وهذا سر تزكيته.. بل ولقد صرح الرجل جهارا أنه إن كان لابد فهو يفضل حكم لندن على حكم استنبول.. وهو الذي رفض أن تساعد مصر ليبيا عمر المختار ضد الاحتلال الإيطالي..وهو المحب للورد كرومر بل والمدافع عن الاحتلال..
هذا هو المثل الأعلى لهيكل.. ولنراجع وصفه له..
"قررت أروح أقابل رجل أنا بأعتبر إنه أستاذ لأجيال كثير جدا في مصر وبأعتبر إنه واحد من رواد النهضة الفكرية في مصر والتنوير وهو أحمد لطفي السيد باشا، أحمد لطفي السيد باشا زي ما كثير يفتكروا كان هو قطب التنوير الأكبر عضو مؤسس في حزب الوفد أول مدير للجامعة رجل تولى وزارة الخارجية وكذا كثير قوي لكن ما هو أهم إن إحنا كنا دايما نسميه ودائما يكتب عليه أنه المعلم الأول هذا الرجل المعلم الأول أنا بأعتقد أني مدين له بكثير قوي.."
ضمير المصريين وشيخ الوطنيين الأستاذ فتحي رضوان له رأي آخر في أحمد لطفي السيد ..إنه لا يجد وصفا يصفه به إلا وصف البغي.
كان لطفي السيد أحد زعماء حزب الأمة ، باعتباره رئيس تحرير "الجريدة" صحيفة الحزب، واشتهر بعداوته لفكرة الجامعة الإسلامية، ورفعه شعار مصر للمصريين، وشعار: سياسة المنافع لا سياسة العواطف. ومع زعمه أن الفصحى معقدة وقديمة نراه يمضي ربع قرن من حياته في ترجمة كتب أرسطو ( يسخر منه فتحي رضوان فعمر الرجل 93 عاما ترجم فيها ألف صفحة من أرسطو بمعدل أقل من صفحة في الشهر!!..)
كان لطفي السيد يتحدث عن الديموقراطية لكنه شارك في أشد حكومات الأقلية بطشا: إسماعيل صدقي ومحمد محمود..
وكان شيخ الملحدين كما وصفه عبد الرحمن الرافعي وشيخ المشككين كما وصفه السنهوري..
لكنه كان شيخ هيكل ومثله الأعلى..
يقول ألبرت حوراني في كتابه (الفكر العربي في عصر النهضة) : "كان لطفي كغيره من المفكرين المصريين لا يحدد الأمة على أساس اللغة أو الدين، بل على أساس الأرض، وهو لم يفكر بأمة إسلامية أو عربية، بل بأمة مصرية: أمة القاطنين أرض مصر"
وأن "لمصر في نظره ماضيان: الماضي الفرعوني والماضي العربي، ومن المهم أن يدرس المصريون الماضي الفرعوني، لا للاعتزاز به فحسب! ، بل لأنه يلقنهم قوانين النمو الارتقاء"
يقول الأستاذ أنور الجندي: "لقد كان الاستعمار حريصاً على صنع طبقة خاصة من المثقفين، عمل كرومر على إعدادها، ووعدها بأن تتسلم قيادة الأمة بعد خروج الإنجليز، ووفى لها، وكان أبرزها: لطفي السيد" [عقبات في طريق النهضة، ص 59].
ويقول –أيضاً-: "إن حزب الأمة الذي أنشأه لطفي السيد كان بإجماع الآراء صناعة بريطانية أراد بها اللورد كرومر أن يواجه الحركة الوطنية بجموع من الإقطاعيين والثراة والأعيان (الذين وصفهم بأنهم أصحاب المصالح الحقيقية) وقد كان هدف حزب الأمة والجريدة بقيادة الفيلسوف الأكبر لطفي السيد تقنين الاستعمار والعمل على شرعية الاحتلال والدعوة إلى المهادنة مع الغاصب، وتقبل كل ما يسمح به دون مطالبته بشيء" .."رجال اختلف فيهم الرأي ، ص 7"
***
هذا هو الأستاذ لطفي السيد .. فهل علمتم كيف يكون التلميذ والمعجب محمد حسنين هيكل..
لقد كان اختيار محمد حسنين هيكل لأحمد لطفي السيد اختيارا مقصودا وهو يحمل رسائل مجهولة إلى جهات مختصة..
رسائل تقول : أفكارهم أفكاري ومبادئهم مبادئي و أنا ما زلت على العهد..
نعم.. اختيار أحمد لطفي السيد هو اختيار غريب وشاذ وناب ومقصود..
و إن كان يمثل اتجاها أصليا في الثورة كلها.. فقد كان أحمد لطفي السيد هو الذي وقع اختيار الضباط الأحرار عليه ليشغل مكان اللواء محمد نجيب كرئيس للجمهورية بعد أن قرروا عزل الأخير.. وأرسلوا إليه من يعرض عليه المنصب.. ارسلوا واحد آخر من العائلة غير الكريمة وهو ابن أخته الشيوعي لطفي واكد ( من الضباط الأحرار).
 لكن لطفي السيد كان قد تجاوز الثمانين.. فنصحهم بأن يكون عبد الناصر هو رئيس الجمهورية..
الاختيار مقصود وشاذ في البداية والنهاية..
والثورة كلها امتداد لفكر الرجل الشاذ غير المؤمن.
***
كانت كل الحكومات قبل الثورة ترفض فصل السودان عن مصر.. وترفض أي استفتاء لتقرير المصير فهو لا يجوز إلا إذا جاز إجراء مثل هذا الاستفتاء لأهل أسيوط أو الإسكندرية للانفصال عن مصر..
كان رأي هيكل ومن معه أيامها أنهم لا يؤمنون بحق ا"الفتح" وأنه لا بد أن يمنح للسودان حق تقرير المصير..
ترى هل يؤمن بحق "فتح" الرجل الأبيض لأمريكا واستراليا؟
وهل يؤمن بحق "فتح" اليهود لفلسطين؟..
وهل يحق لأجزاء العراق الآن أن تنفصل..
بل لماذا لا يحق للوجهين البحري والقبلي في مصر أن ينفصلا بحق تقرير المصير؟ ألم يوحدهما مينا بالقهر منذ بضعة آلاف عام؟!..
كانت المؤامرة تسير في خطها المرسوم.. وكان قادتنا هم الذين ينفذونها..
نعم.. كان الأغبياء الحمقى يضعون الأسس لسابقة خطيرة تمخض عنها أيامها انفصال السودان عن مصر وسيتمخض عنها اليوم وغدا انفصال الجنوب ثم دارفور ثم الشرق.. أما بعد غد فسوق يطول التفكك مصر..
كان حق تقرير المصير كلمة حق يراد بها باطل..
وكان الإخوان المسلمون ككل المصريين والسودانيين يرفضون أي مساومة على تقسيم الأمة..
ممارسات الهمج الهامج الذين قاموا بثورة 23 يوليو روعت الشعب السوداني ومكنت أعداء الأمة وعلى رأسهم الإنجليز من تحذير الشعب السوداني من أنه لو استمر في الوحدة مع مصر فسيعامله العسكر بالطريقة التي يعاملون بها الشعب المصري..
وكان هناك صمام أمان هو محمد نجيب..
كان لمحمد نجيب – بغض النظر عن جدارته – شعبية هائلة في السودان، وكانت أمه سودانية وكان قد عاش في السودان ردحا طويلا من عمره..
وافقت الثورة على استفتاء لتقرير المصير..
وعزلت محمد نجيب..
وانفصلت السودان عن مصر..
***
لكن هيكل يأتي الآن.. وبدلا من أن يقول أخطأنا في كذا وكذا.. و أنه لو لم نفعل كذا وكذا لما انفصلت السودان عن مصر.. ولقد كان انفصال السودان عن مصر هو الحلقة الثانية في مؤامرة تفتيت السودان.
لن أسرد هنا، اعترافات الضباط الأحرار بمختلف اتجاهاتهم ومشاربهم من أن عزل محمد نجيب كان المسمار الأخير في نعش الوحدة.. كلهم تقريبا و أولهم خالد محيي الدين و أحمد حمروش..
لن أسرد ذلك.. ولكنني أنقل صفحات من كتاب محمد نجيب: "كنت رئيسا لمصر":
وعندما دخل عبد الحكيم عامر وحسن إبراهيم. ليبلغاني يوم 14 نوفمبر، بقرار إعفائي من رئاسة الجمهورية، قلت لهما في وضوح !
- بصراحة أنا لن أستقيل. .
فسأل عبد الحكيم عامر :
- لماذا؟. .
قلت :
- حتى لا ينسب إلى يوما أنني كنت السبب في انفصال مصر عن السودان.
وفى الحقيقة. . أنا تحملت كل ما جرى لي بعد تمكن عبد الناصر من السلطة، بعد أزمة مارس، حتى لا تؤثر استقالتي على نتيجة الاستفتاء حول الوحدة مع مصر، في السودان. . خاصة أن الحزب الوطني الاتحادي الذي كان يؤيد لاتحاد، والوحدة مع مصر، قد فاز في الانتخابات.
لكن. . عبد الناصر ورجاله في مجلس الثورة لم يكن ليشغلهم في ذلك الوقت موضوع السودان. . كان كل ما يهمهم هو كيف يمكن إزاحتي والتخلص منى. ولست هنا أعطى لنفسي أهمية في ارتباط السودان بي. . بحيث ينفصل عن مصر، إذا أنا تركت الحكم. . لكنني اقرر حقيقة يعرفها الجميع في البلدين. مازالوا. . فأنا جزء من السودان والسودان جزء منى. . وبيني وبين شعبه زعمائه علاقات دم وصداقة وارتباط قوى. . كما أن السودانيين بطبيعتهم لا يميلون إلى الديكتاتورية. . ويصرون على ممارسة حقوقهم السياسية مهما كلفهم لأمر. . وهذا ما جعلهم يشعرون بالخطر على أنفسهم وعلى بلادهم بعد أن نشبت واشتعلت أزمة مارس في مصر، وأحسوا أن هناك حاجزا من الديكتاتورية يقف حائلا بين الوحدة مع مصر. و لأنني كنت أقف مع الديمقراطية كانوا ! يقفون معي. .
ولأن عبد الناصر كان يتجه بالبلاد إلى الديكتاتورية كانوا يخشون الوحدة مع مصر.
لذلك. . .
كان قرار تنحيتي عن رئاسة الجمهورية هو في نفس الوقت قرار انفصال السودان عن مصر. !
***
يقول اللواء جمال حماد
- لو بقي محمد نجيب رئيسا لمصر لما انفصلت السودان عنها على الإطلاق بل إن السبب الرئيسي للانفصال هو عزل محمد نجيب حيث شعر السودانيون بالخطر وقالوا : إذا كان المصريون فعلوا ذلك مع رئيسهم وقائد ثورتهم فما بالهم بنا ؟!!.
ويذكر أحمد حمروش أن حب السودانيين لمحمد نجيب كان وراء عدم محاكمته لكن عزله أغلق الباب نهائيا أمام احتمالات الوحدة(شهود ثورة يوليو-طارق حبيب-مركز الأهرام للترجمة والنشر) ويقول محسن محمد أن عزل نجيب كان السبب الأول في انفصال السودان عن مصر..
ويقول نجيب محفوظ:
لا يوجد أحد من جيلي إلا وشعر بصدمة شديدة بسبب انفصال السودان، ذلك أننا عشنا كما عاشت أجيال سبقتنا ولدينا إيمان راسخ بأن السودان جزء من مصر، وأنهما لا يتجزآن، وطالما هتفنا لوحدة وادي النيل، وضاعف من الصدمة معرفتنا برغبة الشعب السوداني في الوحدة إذا استمر محمد نجيب في الحكم، ولكن عندما تمت إزاحة نجيب طلبوا الحصول على الاستقلال من مصر.
نجيب محفوظ يتذكر- رجاء النقاش- مركز الأهرام للترجمة والنشر-ص195
***
نقول:
- لو لم تنفصل السودان عن مصر ما انفصل الجنوب عن السودان وما كانت دارفور مهددة بالانفصال..
كان ذلك معروفا منذ أيامها.. . واذا انفصل السودان عن مصر فإن انفصال جنوب السودان عن شماله يصبح مسألة وقت.. وقد نبه لذلك محمد نور الدين الميرغني وهو ضابط بسلاح السواري في الجيش المصري، من زمان. ولكن أحدا لم يسمع.
***
كانت حربا على الإسلام والعروبة.. بل وعلى القومية والوطنية ..
حرب كان فصلها الثاني منذ نيف وخمسين عاما والآن يأتي موعد الفصل الأخير..
فيالقرنين الماضيين وخاصة الخمسين عاما الأخيرة انتشرت جماعات التنصير بشكل مذهل.. ومع ذلك لم ينجحوا إلا في تنصير 16% من أهل الجنوب مقابل 17% للمسلمين والباقي من الوثنيين.. وتشير تقارير نشرتها "مفكرة الإسلام" إلى أن المحصلة النهائية التى تسعى لها المؤسسة التنصيرية فى السودان هي طمس كل معالم الإسلام والعربية على مستوى التشريع والدولة، ومستوى الهيئات والمؤسسات الاجتماعية، ومستوى قطاعات الشعب والأفراد، إنها تطمح فعلاً (لسودان جديد).
وأوضحت التقارير:"هذا السودان الجديد هو مطلب الحركة الشعبية لتحرير السودان الذي تردده دائمًا في بياناتها الرسمية، وهو أيضًا مطلب الحزب الشيوعي الذي من أجل تكوينه تحالف مع حركة التمرد، ولو أصبح بأيديهم سلطة فلن يتأخروا أبدًا في فرضه وتحقيق أمل "جون قرنق" في طرد العرب المسلمين من السودان كما طُردوا قديمًا من الأندلس".
إنهم يقومون بعمليات التنصير الشرسة لكيلا ينتشر الإسلام إلى القرن الأفريقي وأسلمة حوض منابع النيل
***
كانت حربا على الإسلام وقد اتخذت فيها مصر الموقف الخاطئ والمخزي معا..
تماما كما يحدث الآن..
في الأعوام الأخيرة كلها كانت مصر معول هدم ضد السودان.. فيها مكاتب المنشقين السودانيين الخونة.. وفيها إسرائيل وأمريكا..
في الأعوام الأخيرة؟.. بل منذ قامت الثورة المشئومة أو العورة كما كان يسميها محمد نجيب..
الآن تفعل مصر في غزة ما فعلته في السودان عام 1954..
ومصر التي تقبل وجود إسرائيل النووية شمالها ترفض وجود إمارة إسلامية (يقصدون غزة) وقد رفضت قبل ذلك وجود إقليم السودان المسلم جنوبها ..
الآن تمد مصر إسرائيل بالبترول وتمنع عن غزة الطعام وتفجر ما تجده من سلاح شحيح في المخابئ خوفا من وصوله إلى المجاهدين في غزة..
***
مصر التي شجعت حركة الانفصال في جنوب السودان بالسلاح هي التي تحارب انفصال غزة عن إسرائيل..
نعم..
فهذه معلومة لم يروها لنا هيكل..
كانت مصر أول من شجع أهل الجنوب الوثنيين نكاية في أهل الشمال المسلمين الذين تعاطفوا مع محمد نجيب ومع الإخوان المسلمين.
ولنطالع ما جاء في كتاب خطير عنوانه: " اللعبة الكبرى: المشرق العربي والأطماع الدولية - هنري لورانس- ترجمة د عبد الحكيم الأربد- إصدار الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان" .. ففي صفحة 157 يأتي بالنص:
" واستقال ( الرئيس محمد نجيب) من رئاسة الجمهورية يوم 25فبراير .كان الجيش منقسما على نفسه. (...) وخطب عبد الناصر في المتمردين ولكنه لم يفلح في إقناعهم فاستسلم بدوره يوم 27أما نجيب فقد أعيد إلى السلطة .واستقبل الناس النبأ بمظاهرات فرح جبارة لعب فيها الإخوان المسلمون دورا كبيرا. (...) ..
وفي تلك الأثناء كان عبد الناصر يعمل على استعادة سيطرته على الجيش (...) واستسلم نجيب (...) وفي نوفمبر 54 نحي عن السلطة دون تعيين رئيس جديد ووضع تحت الإقامة الجبرية . (...)
كان لكل هذا نتائج هامة على السودان . فقد كان نجيب فيه ذا شعبية كبرى خاصة وأن له فيه أقارب أما عبد الناصر وجماعته فلم تكن لهم فيه شعبية بالمرة لذلك أدى سقوط نجيب بالسودان إلى التخلي عن الاندماج مع مصر والى اتجاه نحو الاستقلال . وحاول عبد الناصر وأنصاره لفترة إيقاف هذا التطور بل وشجعوا ثورة في جنوب السودان المسيحي الوثني ضد الشمال المسلم . وعمقت هذه العملية التعارض بين جزأي السودان وهو ما كانت له عواقب وخيمة على مستقبل السودان .
***
هل تعلمون يا قراء أنه بالإضافة إلى إسرائيل فإن هناك دولا عربية كانت وما زالت تسلح الانفصاليين في شتى أرجاء السودان.. منذ 1954 وحتى الآن.
***
الأقلام الخائنة التي انبرت لترحب بالقبض على البشير لن تفلح أبدا في إقناعنا بأنها تدافع عن حقوق الإنسان.. فالحقيقة جلية وواضحة.. إنها تدافع عن حقوق الشيطان..
***
أما مصر.. فسوف تدفع الثمن خرابا لا يمكن تصوره..
إن الدولة الجديدة في الجنوب وكذلك دارفور المتوقعة ستكون محميات إسرائيلية تمنع الماء عنا فهي دول لم توقع معنا اتفاقيات حول المياه ومن حقهم أن يعيدوا التقسيم من جديد.
بواسطة حكامنا تربعت إسرائيل على ضفاف الفرات..
وبواسطة حكامنا ستستولي إسرائيل على منابع النيل..
يخربون بيوتنا بأيدينا ..
أما أنتم يا أهل دارفور.. يا من يمكنكم وقف الكارثة.. يا حفظة القرآن.. خذوا على أيدي رؤوس الفتنة.. طاردوهم حيث ثقفوا..
امنعوهم..
واجهوهم..
وإلا.. فقد كفرتم بعد إيمانكم..
***
محسن نبيل يسرق مقالا وينشره في "المصريون"

يوم 7-3 وجدت نفسي مدينا لـصحيفة "المصريون" الإليكترونية بمفارقة تبعث على الضحك أكثر مما تؤدي إلى الازدراء أو الضيق
صباح هذا اليوم بضحكة عريضة..
كان أحد القراء قد نبأني أن المدعو محسن نبيل قد اقتبس من أحد مقالاتي اقتباسا غليظا.. فقد نقله بالحرف..
قلت لنفسي-باسما- لعله لم ينل التدريب الكافي في صحيفة حكومية تجعله أكثر احترافا لكي لا يكتشف بهذه البساطة والسرعة..!!
في قراءتي بسبب اتساع الساحة وكثرة المنشور لا أقرأ إلا أسماء أعرفها- ومع ذلك تستغرق قراءة الصحف أكثر من ثلاث ساعات كل يوم-..
لم أكن قد سمعت باسم الصحافي المقتبس:" الأستاذ محسن نبيل".. وعنوان المقال :"دفاع عن أبو هريرة" بل لعلي كذبت ظني في البداية خاصة بسبب الخطأ النحوي في العنوان حيث أنه رفع المكسور دون علامات التنصيص التي كانت تبيح له الرفع.
لم أصدق على الفور.. ظننت أن الأمر ليس سوى استشهاد طويل أو رجوع لنفس المصدر..
ورجعت إلى المقال لأجده كما قال القارئ.. اقتباس غليظ..
ورابط المقال في "المصريون" هو:
http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=61066
نعم..اقتباس غليظ.. فالمقال نشر في أحد أعداد المختار الإسلامي كما أنه موجود على موقعي منذ أكثر من عامين بعنوان: " الفاتحة لعادل حسين-لماذا يكرهوننا- أي دين هذا- عمروخالد إبراهيم عيسى أبو هريرة" وهذا هو رابطه
http://www.mohamadabbas.net/Ma2al/Ta7ya.htm
والمقال لم يكن مخصصا للحديث عن الصحابي الجليل رضي الله عنه.. وإنما جاء في حاشية فرعية بعد المقال الأصلي في سياق ردي على الأستاذ إبراهيم عيسى فنشرته تحت عنوان فرعي: "إبراهيم عيسى" حيث دعوت الله أن يغفر له جهله بقيمة الصحابي جليل سيدنا أبو هريرة وجرأته عليه، ويردد أقوال المستشرقين والشيعة عنه، ويشكك في إمكانية قدرته على رواية أكثر من خمسة آلاف حديث عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه. ورحت أفند مطاعن الأستاذ إبراهيم عيسى حيث كتبت بالحرف:
.. وفي هذا الصدد فإنني أنشر مقالا للدكتور محمد عبده يماني يتناول فيه الأمر كله، والمقال أهم من أن يُختصر:

أبو هريرة: أمانة الرواية وصدقها

ثم جاء المقال الذي اقتبسه الأستاذ محسن نبيل والذي لم يغير فيه سوى العنوان..
المقال ليس لي كما ظن بعض القراء قبل ذلك.. ويرجع ذلك إلى أن عشرات -وربما مئات - من المواقع الإليكترونية قد نشرته بعد حذف الجزء الخاص بالأستاذ إبراهيم عيسى والذي يحتوي على اسم كاتب المقال وهو الدكتور محمد عبده يماني الباحث المشهور جدا والحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة (كورنيل) في الولايات المتحدة الأمريكية ثم حصل على دبلوم عالٍ في إدارة الجامعات من جامعة وستنكس. ثم عاد إلى بلاده ليتدرج في المناصب حتى وصل إلى درجة أستاذ بكلية العلوم جامعة الرياض ثم وكيلاً لوزارة المعارف للشؤون الفنية..ثم وكيلاً لجامعة الملك عبدالعزيز ثم مديراً لنفس الجامعة ثم عيّن وزيراً للإعلام ورئيسا لمجلس إدارة اثنتي عشرة مؤسسة وشركة تُعنى بمجالات الثقافة والنشر والصحة والعلوم والتعليم والتنمية والاستثمار، بعضها محلية وأكثرها عربية وعالمية.. وله أكثر من خمسة وثلاثين مؤلفاً مطبوعاً، بعضها باللغة الإنجليزية، تناول من خلالها مواضيع علمية ودينية وثقافية مختلفة.. وقد حصل على عشرات الأوسمة من مختلف دول العالم..
المهم أن دراسته عن سيدنا أبي هريرة كان نتيجة بحث مضن لمؤسسة عريقة.. لكن محسن نبيل نسب هذا كله لنفسه .. وهذا ما أضحكني.. ذلك أن البحث الذي تمخض عن المقال مضن وواسع ومتشعب قامت به هيئة أكاديمية كبرى ولو أن الأستاذ محسن هو الذي قام به لاستغرق عمره كله ربما دون أن ينجزه..
لقد استعمل ضمير المتكلم الذي استعمله الدكتور يماني.. فبدا الأمر مضحكا للغاية.. كانت السرقة ساذجة وغبية.. كمحاولات بيع الترام أو تأجير الهرم!..
كان عليه أن يسرق- مادام ذلك محتما- من كاتب غير مشهور أو من موقع غير مطروق..
ضحكت ..لأنني أظن أن الأستاذ محسن لم يقرأ المقال أصلا..
لقد ترددت كثيرا في الكتابة عن هذه السرقة.. فأنا مشفق جدا على محسن نبيل.. وقد فكرت في تجاهل الأمر كله.. لكنني رجعت إلى الحق فمن الأمانة ألا أشارك في الصمت على السرقة أيا كان إشفاقي على مرتكبها..
ومرة أخرى أنبه الكتاب اللصوص أن المقال للدكتور محمد عبده يماني.. وهو أشهر من أن يسرق أحد منه مقالا.. فليبحثوا عن مطمعهم في مكان آخر!!.. ويا ليتهم يبتعدون أيضا عن موقعي!!


***
***
***
حاشية "1"
المستقبل المظلم

أظن أن الرئيس مبارك – الذي أعارضه حتى نخاع عظامي- سوف يبدو ديمقراطيا جدا مقارنة بمن يأتي بعده.. تتطلع عيناى إلى المستقبل الغائم فأرى فيه حيوانات مفترسة ووحوشا ضارية ودماء مسفوكة وأعراضا مذبوحة ودينا مجروحا ووطنا يباع قطعة قطعة.. وسوف يبدو جحيم المستقبل إزاء جحيم الحاضر نعيما.
***
حاشية "2"
الديانة: علماني

الإسلام شرف ينبغي ألا يحظى به إلا من يفخر بالانتماء إليه ويشرف به .. كما أن الأمر يترتب عليه واجبات وحقوق وحلال وحرام.. ونحن كمسلمين لن يفيدنا في شيء انتماء من لا يؤمنون بالإسلام إلينا.. فليكتب في أوراقهم ما يشاءون من ديانات حتى لو كتبوا:" عبد للشيطان"!.. فذلك سينقي صفوفنا من دنسهم.. ثم أن لهم بعد ذلك أن يتزوجوا كما يشاءون وأن يمنعوا التعدد ويبحوا الزنا كما يشاءون ويورثوا كما يشاءون طبقا لدينهم العلماني النجس .. وبعيدا عن محاولاتهم المجرمة لتنصير الإسلام وتطويعه لشرائع الصليبيين والصهاينة والكفر.
نعم .. الإسلام قيمة أعلى من أي قيمة.. والشهادة أعلى من كل شهادة .. ولولا تكريم الله سبحانه وتعالى للإنسان لطالبنا بعقد امتحان من يجتازه فقط هو الذي يظفر بشهادة أنه مسلم.. لكنه سبحانه جعل الإنسان شهيدا على نفسه دون شهود.. معطيا إمكانيات الحياة بالتساوي للكافر والمؤمن.. ولأنه جل وعلا.. علم أن الإنسان لا يعيش دون هواء أو ماء أو نار.. فقد جعل ملكها مشاعا بين الناس برهم وفاجرهم مؤمنهم وكافرهم ( تخيلوا لو أن من حق مباحث أمن الدولة أو الحكومة أو الموساد أو السي آي إيه منح الهواء أو منعه!).. سبحانه.. لم يكتف بأن يرزق الكافر بشربة ماء.. بل زرقه ونعمه.. فإذا اشتد غضبه.. بارك له في رزقه.. ثم أنه بعد ذلك وقبله ترك الحبل على غاربه لمن شاء أن يموت شهيدا في سبيل الإسلام ولمن شاء أن يموت قتيلا لهدم الإسلام من الداخل ولم يمنح الأولين سلطة شق قلوب الآخرين.. سبحانه.. رحمن.. رحموت..


***
حاشية "3"
حسن البنا

هل يجوز أن يكتب الدكتور يوسف القرضاوي كتابا عن ألمظ وعبده الحامولي؟!..
أو أن يقوم الدكتور محمد عمارة بكتابة قصة عن بديعة مصابني؟!..
أو أن يخرج المستشار طارق البشري فيلما عن شارع كلوت بيك..؟!
أو أن يكتب عبد الوهاب المسيري كتابا عن التنجيم وقراءة الطالع؟!
إن كان كل ذلك جائزا فسوف يمكن حينها أن نتقبل قيام وحيد حامد بإخراج فيلم عن الإمام الشهيد حسن البنا..!!
***

حاشية "4"
يوسف القرضاوي: كم أحبه!

أكد الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين، أنه يؤيد إيران، باعتبارها دولة إسلامية، ويرفض توجيه أى ضربات عسكرية إليها، وكذلك يرفض نشر مذهبها فى البلاد الإسلامية السنّية.
***

حاشية "5"
أبو حنيفة !

هل كانت زوجة الإمام أبي حنيفة غير محجبة؟!
هل كان لها (قصة ضخمة جدا في مقدمة رأسها كأسنام البخت)؟..
في مسلسل تليفزيوني تبدو الأمور كذلك..
دعنا من مدى إيمانهم أو كفرهم..
نتكلم عن إتقانهم لأبجديات الفن التي تحتم على من يتصدى لمثل هذا العمل أن يلم بطبائع العصر وتقاليده..
لو أن هذا حدث في مسلسل غربي لسقط المسلسل على الفور..ولسقط المسئولون عنه بسبب الجهل والاستهتار..
أما في بلادنا فهم ساقطون منذ البداية..
ساقطون حتى لو التمسوا المعاذير بأن الأمن هو الذي أمرهم أن تكون لزوجة الإمام الأعظم: "قصة"!!
***

حاشية "6"
الكفر ملة واحدة..

ما حدث منذ خمسة وخمسين عاما في مصر يحدث في البحرين الآن.. فقد بدأت الدوائر العلمانية تتهم القضاة الشرعيين بمراودة طالبات الطلاق عن أنفسهن.. وبقية الطوفان أو"تسونامي" آتية..
***

حاشية"7"
الإعلام المصري

أقسم بالله غير حانث أن حجم الاستفزاز والإسفاف سيكون أقل لو أسندنا الإعلام المصري إلى إسرائيليين.. وأن الإسرائيليين سعيا نحو النجاح المهني والمادي لن يصلوا أبدا إلى المستنقع الذي انغرس فيه إعلامنا.. ثم أنهم لم يكونوا ليثيروا مشاعر العداء ضد نظام الحكم كما يثيره إعلامنا .. قد يندهش البعض لهذا القسم.. ولهؤلاء أوجه سؤالي: هل كان يمكن أن تكون خسائر الصحف القومية 13 مليار جنيه لو تولى تحريرها الإسرائيليون ؟ وهل كان يمكن حينها أن تهبط شعبية النظام إلى هذا الحضيض.
أسندوا الإعلام إلى إسرائيل رحمة بالمنطق.. اغتصبوا الأمة لكن ليس تحت شعار أنكم تستشهدون في سبيلها.
بنفس المنطق الذي أسندنا به جمع القمامة إلى شركات إيطالية وفرنسية.. أسندوا الإعلام إلى إسرائيل.
***

حاشية"8"
حسن نصر الله وليبرمان ونعم الباز

تمزق قلبي وأنا أقرأ ما نقلته صحيفة القدس العربي من أقوال الصحف الإسرائيلية حيث نقلت عن البروفيسور ايال زيسر "الخبير في شؤون الشرق الاوسط" في صحيفة إسرائيل اليوم في 13/04/2009 مفاجأته المذهلة.. ففي الأيام السابقة كان الإعلام المصري كله مجندا للهجوم على افيغدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد وإظهاره كالرجل الشرير للشرق الأوسط ومن يشكل الخطر الحقيقي على امن مصر وسلامة المنطقة، ولكن فجأة انقلب الأمر.. ورفع اسم ليبرمان ووضع مكانه السيد حسن نصر الله.
يواصل البروفيسور ايال زيسر حديثه فيقول: نصر الله وجد نفسه على بؤرة استهداف القاهرة، ولكن من يتصرف كجهة ضعيفة وعديمة الثقة بالنفس في هذه المواجهة هم بالذات المصريون. وفي هذه الاثناء فان الرابحين الوحيدين من الصراع الجديد الذي يمزق العالم العربي إلى إرب هم الايرانيون، الذين يواصلون الضحك كل الطريق نحو استمرار تطوير برامجهم النووية.
ولكن الأمر لم يقتصر على أن يحل السيد حسن نصر الله مكان ليبرمان.. بل وجد من كبار كتابنا من يبرئ ليبرمان ويصمنا نحن بالجريمة..
ألم أقل لكم أسندوا إعلامنا إلى الإسرائيليين..
هل كان يمكن لو أن رئيس تحرير المصري اليوم كان إسرائيليا أن تنشر يوم 8-4-2009 مقالا للكاتبة: "نعم الباز" تبكي فيه الدموع دما لضياع مجهودها في الكتابة طيلة خمسة وأربعين عاما منذ بدأت الكتابة عام 1960(الحقيقة أنها خمسون عاما وليس خمسة وأربعين) حاولت فيها تعميق الانتماء للوطن.. لكن مجهودها كله انهار .. ولم يكن انهيار مجهودها من أجل هزيمة 67 ولا من أجل تضييع نصرنا الهائل عام 73 ولا بسبب انسحابنا من الصف العربي ولا بسبب تركنا لإسرائيل لتنفرد بالعرب دولة بعد دولة ولا بسبب تخلينا عن فلسطين والسودان ولبنان ولا بسبب ضياع القدس ولا بسبب الفساد ولا بسبب خسائر الصحافة وفسادها والشللية فيها وتعيين الجهلة رؤساء تحرير والمرتزقة كبار كتاب.. ولا بسبب التعذيب ولا بسبب التزوير ولا بسبب امتهان القضاء وتدمير النقابات.. ولا بسبب تدمير روح الأمة ولا بسبب مائة ألف معتقل ولا بسبب أن المحكوم عليهم بالإعدام في قضايا سياسية في عهد مبارك وحده يفوق من تم إعدامهم في التاريخ المصري كله.. .. ولا بسبب.. ولا بسبب.. ولا بسبب.. ولا بسبب.. ولا بسبب.. ولا بسبب.. ولا بسبب.. ولا بسبب..... لم يكن انهيار مجهودها بسبب هذا كله.. وإنما بسبب قيام أهل قرية الشورانية مركز المراغة محافظة سوهاج من مسيحيين ومسلمين بطرد خمس أسر مارقة من البهائيين منها..( ترى هل حزنت لطرد الفلسطينيين من وطنهم- وتذكروا أن قبلة البهائيين في إسرائيل) .. ولقد وصل غضبها إلى حد أنها قالت بالحرف:
" أقول لكم الحقيقة إن ليبرمان محق فى الاستهانة بنا! محق فى التهديد بنسف السد العالي وإغراقنا!"..
ليبرمان محق؟!..
هل تعلمون يا قراء ماذا يحدث لو نفذ ليبرمان تهديده بنسف السد العالي..
يجيبنا على هذا السؤال اللواء دكتور مهندس محمد الحسيني إسماعيل( وقد نبهت القراء قبل ذلك إلى كتبه بالغة القيمة وإلى موقعه على الشبكة الإليكترونية..
www.truth-4u.com
يقول الدكتور محمد الحسيني:
والآن لنبين الحقائق التالية لجهابزة المتكلمين عن ضرب السد العالي بالقنابل النووية .. فعند ضرب السد العالي سوف ينهار جزء كبير من جسم السد ، وبالتالي سوف ينخفض منسوب قمة السد عن 196 مترا ..!!! فمثلا إذا انهار جسم السد بمقدار 50 مترا فقط .. فسوف يكون منسوب أعلى نقطة في جسم السد المنهار ( 196 – 50 = 146 ) مترا فقط ، بينما منسوب قاع قناة مفيض توشكى 178 مترا ..!!! أي أعلى من جسم السد المنهار بأكثر من 30 مترا .. وبالتالي فإن مياه بحيرة ناصر سوف تعبر جسم السد المنهار إلى وادي النيل مباشرة ومنه إلى المدن المصرية .. ولن تدخل قطرة مياه واحدة قناة توشكى على الإطلاق لأن منسوب قاعها سوف يكون أعلى من منسوب جسم السد المنهار ..!!! وسوف تكون النتيجة المتوقعة إبادة 30 % من سكان شعب مصر بشكل مباشر نتيجة اكتساح مياه بحيرة ناصر للمدن المصرية ..!!! هذا عدا مياه النيل نفسها التي سوف تحمل كوارث التلوث الإشعاعي .. وما تؤدي إليه من أمراض مهلكة وسرطانات ..!!! أفيقوا يا سادة .. نحو نواجه كوارث متتابعة .. ويعود الفضل إليها .. إلى أنظمتنا الحاكمة الخائنة لنفسها .. قبل أن تكون خائنة لشعوبها ..!!!
انتهي كلام الدكتور محمد الحسيني إسماعيل..
وانتهت كلمات نعم الباز التي قالت أن ليبرمان محق في إبادة شعبنا انتقاما لأسر خمسة مارقة كافرة.. انتهت كلماتها بعد أن خاب أملها في خمسة وأربعين عاما من تثقيف الناس..
خمسة وأربعون عاما..
خمسة وأربعون عاما- بل خمسون- وأنت وأمثالك تشوهون وعي الأمة..
خمسة وأربعون عاما- بل خمسون- وأمثالك هم الذين يسمح لهم بالكتابة..
وأمثالنا يحاصرون..ويصادرون..
ونعم الباز تقول أننا نستحق ليبرمان..
لماذا نندهش إذن للحضيض الذي وصلنا إليه وللمستنقع الذي نغرق فيه..
خمسة وأربعون عاما- بل خمسون- ..
أريد أن أبكي!!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق