إعلان الحرب العالمية على هاني السباعي
مقال كتبه الدكتور محمد عباس في عام 2005 عن الشيخ الفاضل هاني السباعي ، بعد صدور قرار من مجلس الأمن بإدراج اسمه في لوائح الإرهابيين.
نشر من قبل مركز Maqreze في 09/28/2009
الجزء الثاني
[بقلم: د. محمد عباس](www.mohamadabbas.net)
بسم الله الرحمن الرحيم
هل لاحظتم وضوح الفكرة وصفاء الرؤية والقدرة على توصيلها للمستمع و إقناعه بها..يواصل الدكتور هاني السباعي:
ومثلنا مثل الغرب كقول العرب "رمتني بدائها وأنسلت" فكما هو معلوم تاريخنا أن أول من أدخل كلمة الإرهاب في قاموس عالمنا الإسلامي الوادع الهادي هم العصابات اليهودية في فلسطين المحتلة و ذلك بشهادة "باتريك سيل" وهو ليس من بنى جلدتنا.
ثم يغوص في كتب الفلسفة والتاريخ ليخرج لنا بتعريف الإرهاب في اللغة العربية : ورد في لسان العرب في مادة "رهب" (رهب بالكسر، يرهب رهبة ورهباً، بالضم، ورهباً أي خاف ورهب الشيء رهباً ورهبه:خافة و الاسم الرهب و الرهبى ،والرهبوت، و الرهبونى، ورجل رهبوت يقال: رهبوت خير من رحموت ، أي لأن ترهب خير من أن ترحم . وترهب غيره إذا توعده ،وأنشد الأزهري العجاج يصف عيراً وأتته تعطيه رهباها إذا ترهبا على إضمار الكشح بولا زغربا رهباها الذي ترهبه ، كما يقال :هالك وهلك إذا ترهبا :إذا توعدا .
وقال الليث : الراهب جزم لغة في الرهب .
قال: الرهباء أسم من الرهب نقول الرهباء من الله و الرغباء إليه.
وفى حديث الدعاء رغبة ورهبة إليك .الرهبة :الخوف و الفزع جمع بين الرغبة و الرهبة.
وفى حديث رضاع الكبير : فبقيت سنة بها رهبته .
وقال أبن الأثير : هكذا جاء في رواية، أي من أجل رهبته وهو منصوب على المفعول له .
وأرهبه رهبة : أي أخافه وفزعه واسترهبه :استرعى رهبته حتى رهبه الناس،وبذلك فسرقوله عز وجل (واس ترهبوهم و جاءوا بسحر عظيم) أي أرهبوهم (لسان العرب لأبى الفضل أبن منظور/ دار صادر / بيروت /ط3/مج أول /مادة رهب /ص436 وص437).
هكذا نجد أن "الإرهارب" في اللغة العربية يدور حول هذه المعاني : الخوف و الفزع و الرعب و التهديد. وكلها تصب في معنى واحد وسنرجع إلى هذه المرادفات عند حديثنا عن الإرهاب في المنظور الشرعي.أما الآن فنستعرض تعريف الإرهاب في القاموس الغربي و تعريفات ساسة و قادة و مفكري المنظومة الغربية وتعليقنا على تلكم التعريفات
تعريف الإرهاب في اللغة الإنجليزية:
جاء في قاموس أكسفورد:
Terroe /1. Extreme Fear.2a Terrifying Person Or thing.2b Collogue formidable or trouble some Person or thing EsP.a child. 3. Organized intimidation. Terrorism (Latinterreo frighten).Terrorist: Person using esp. organized violence against agovernment)
نلاحظ أن تعريف الإرهاب طبقاً لنص قاموس أكسفورد يتفق -إلي حد كبير - والتعريف الوارد في لسان العرب لابن منظور في موضوع الخوف و الفزع و التهديد، وإن كان التعريف العربي لم يحدد الجهة التي تمارس الإرهاب أو من يمارس ضدها.. وقد ورد تحديد الجهة في القرآن الكريم ( ترهبون به عد الله وعدوكم ) وفى السنة (نصرت بالرعب). فالتعريف العام لكلمة"رهب" في اللغة العربية لم يحدد الجهة الممارسة ولا الممارس ضدها الإرهاب أما القرآن الكريم فقد ذكر أن إدخال الرعب و الفزع في القلوب الكفار مكر محمود يثاب المسلم عليه و كذلك قول رسول الله ص "نصرت بالرعب" أي نصره الله على الكفار بإدخال الرعب و الخوف في قلوبهم إذن السنة النبوية قد حددت الممارسة ضدها الإرهاب وهذا ما سنفصله في القسم الشرعي. أما مصطلح الإرهاب في اللغة الإنجليزية. فقد حدد قاموس أكسفورد آنف الذكر الجهة الممارسة للإرهاب وكذا الجهة الممارسة ضدها إذن فقد ذكر أن هذا الإرهاب- أي الخوف أو العنف أو الفزع- قد يمارسه شخص أو منظمة ضد الحكومة أو ضد الأفراد أو الأطفال.وفى قاموس أكسفورد تعريف آخر للإرهاب (على أنه حكم عن طريق التهديد كما وجهه و نفذه الحزب الموجود في السلطة في فرنسا إبان ثورة 1789 -1794 ) ونلاحظ أن هذا التعريف قاصر على الجهة الممارسة للإرهاب وهى الحكومة أو الحزب الموجود في حكومة فرنسا نظراُ لاقترافه القمع وتصفية المعارضين وقتل و تدمير المدنيين في تلكم الحقبة فنجد أن التعريف قد تأثر بهذه الحالة فأقتصر علي الجهة الممارسة للإرهاب و لم يبين الدافع أو الباعث على ذلك كما أنه لم يذكر الجهة الممارس ضدها الإرهاب طبقاً لهذا التعريف.غير أن التعريف اللاحق و الذي نقلنا جزءا منه قد تدارك هذا القصور و ذكر أشياء لم يذكرها في التعريف الحالي، فقد تكلم عن كلام عام قد ينطبق على فرنسا أو غيرها وبين الجهة الممارسة للإرهاب وسواء الحكومة أو الأفراد أو المنظمات كما ذكر الجبهة الممارس ضدها الإرهاب (الأفراد / الأطفال ) وننبه على أن تعرف أكسفورد السابق ركز على (إرهاب الأفراد و الأحزاب و المنظمات ) ولم يركز علي الإرهاب الحكومة ضد الأحزاب أو المدنيين طبقاً لمصطلح المنظومة الغربية.
ونلخص من ذلك بنتيجة مفادها أن التعريفين السابقين لمصطلح الإرهاب- كما ذكرهما قاموس أكسفورد- تعريفان قاصران للأسباب التالية:
أ- قصر التعريف على دولة مثل فرنسا كأنموذج للصورة القمعية، رغم البون الزمني الواسع وتغير الظرف التاريخي عن إرهاب الحكومة ضد الإفراد.
ب- عندما تدارك النقص السابق أغفل قاموس أكسفورد المنظمات.
ج- عندما تدارك النقص السابق أغفل القاموس في تعريفه إرهاب الحكومة ضد الأفراد
د- لم يذكر التعريف آنف الذكر الباعث على إرهاب المنظمات أو الأفراد ضد الحكومة ،بمعنى هل يمارس الإرهاب بغرض ديني أو سياسي أو اقتصادي أو نتيجة ظلم أو استقلال ذاتي ..إلخ.
صفوة القول: أن تعريف أكسفورد غير جامع كما أنه تعريف مضطرب وقد يكون وليد ظرف سياسي، خاصة بع استقرار الحكومة ووجود بعض المنظمات أو الحركات التي تطالب بحكم ذاتي أو مستقل عن الحكومة مثل الجيش الجمهوري لذلك لاغرو إن قلنا إن تعريف أكسفورد أشبه بحالة خاصة أو تعريف محلى رغم عموم بعض الألفاظ التي صيغ بها.
ينتقل الدكتور هاني السباعي بعد ذلك إلى تعريف الإرهاب لدى بعض الهيئات و الحكومات وبعض الساسة ومفكري المنظومة الغربية:
فقد سجل شيمد في المطبعة الأولى من كتاب الإرهاب السياسي مائة وتسعة تعريفات من وضع علماء متنوعين من جميع العلوم الاجتماعية بما في ذلك علماء القانون . ويحاول شميد أن يمزج المائة وتسعة تعريفا ليخرج بنتيجة يصفها لنا هاني السباعي بأنه وصل إلى تعريف مهلهل كالثوب المرقع من عدة خرق أو كقوالب طوب مرصوصة لا تفي بالغرض الذي جمعت من أجله!! .
تعريف الإرهاب في اللغة الإنجليزية:
جاء في قاموس أكسفورد:
Terroe /1. Extreme Fear.2a Terrifying Person Or thing.2b Collogue formidable or trouble some Person or thing EsP.a child. 3. Organized intimidation. Terrorism (Latinterreo frighten).Terrorist: Person using esp. organized violence against agovernment)
نلاحظ أن تعريف الإرهاب طبقاً لنص قاموس أكسفورد يتفق -إلي حد كبير - والتعريف الوارد في لسان العرب لابن منظور في موضوع الخوف و الفزع و التهديد، وإن كان التعريف العربي لم يحدد الجهة التي تمارس الإرهاب أو من يمارس ضدها.. وقد ورد تحديد الجهة في القرآن الكريم ( ترهبون به عد الله وعدوكم ) وفى السنة (نصرت بالرعب). فالتعريف العام لكلمة"رهب" في اللغة العربية لم يحدد الجهة الممارسة ولا الممارس ضدها الإرهاب أما القرآن الكريم فقد ذكر أن إدخال الرعب و الفزع في القلوب الكفار مكر محمود يثاب المسلم عليه و كذلك قول رسول الله ص "نصرت بالرعب" أي نصره الله على الكفار بإدخال الرعب و الخوف في قلوبهم إذن السنة النبوية قد حددت الممارسة ضدها الإرهاب وهذا ما سنفصله في القسم الشرعي. أما مصطلح الإرهاب في اللغة الإنجليزية. فقد حدد قاموس أكسفورد آنف الذكر الجهة الممارسة للإرهاب وكذا الجهة الممارسة ضدها إذن فقد ذكر أن هذا الإرهاب- أي الخوف أو العنف أو الفزع- قد يمارسه شخص أو منظمة ضد الحكومة أو ضد الأفراد أو الأطفال.وفى قاموس أكسفورد تعريف آخر للإرهاب (على أنه حكم عن طريق التهديد كما وجهه و نفذه الحزب الموجود في السلطة في فرنسا إبان ثورة 1789 -1794 ) ونلاحظ أن هذا التعريف قاصر على الجهة الممارسة للإرهاب وهى الحكومة أو الحزب الموجود في حكومة فرنسا نظراُ لاقترافه القمع وتصفية المعارضين وقتل و تدمير المدنيين في تلكم الحقبة فنجد أن التعريف قد تأثر بهذه الحالة فأقتصر علي الجهة الممارسة للإرهاب و لم يبين الدافع أو الباعث على ذلك كما أنه لم يذكر الجهة الممارس ضدها الإرهاب طبقاً لهذا التعريف.غير أن التعريف اللاحق و الذي نقلنا جزءا منه قد تدارك هذا القصور و ذكر أشياء لم يذكرها في التعريف الحالي، فقد تكلم عن كلام عام قد ينطبق على فرنسا أو غيرها وبين الجهة الممارسة للإرهاب وسواء الحكومة أو الأفراد أو المنظمات كما ذكر الجبهة الممارس ضدها الإرهاب (الأفراد / الأطفال ) وننبه على أن تعرف أكسفورد السابق ركز على (إرهاب الأفراد و الأحزاب و المنظمات ) ولم يركز علي الإرهاب الحكومة ضد الأحزاب أو المدنيين طبقاً لمصطلح المنظومة الغربية.
ونلخص من ذلك بنتيجة مفادها أن التعريفين السابقين لمصطلح الإرهاب- كما ذكرهما قاموس أكسفورد- تعريفان قاصران للأسباب التالية:
أ- قصر التعريف على دولة مثل فرنسا كأنموذج للصورة القمعية، رغم البون الزمني الواسع وتغير الظرف التاريخي عن إرهاب الحكومة ضد الإفراد.
ب- عندما تدارك النقص السابق أغفل قاموس أكسفورد المنظمات.
ج- عندما تدارك النقص السابق أغفل القاموس في تعريفه إرهاب الحكومة ضد الأفراد
د- لم يذكر التعريف آنف الذكر الباعث على إرهاب المنظمات أو الأفراد ضد الحكومة ،بمعنى هل يمارس الإرهاب بغرض ديني أو سياسي أو اقتصادي أو نتيجة ظلم أو استقلال ذاتي ..إلخ.
صفوة القول: أن تعريف أكسفورد غير جامع كما أنه تعريف مضطرب وقد يكون وليد ظرف سياسي، خاصة بع استقرار الحكومة ووجود بعض المنظمات أو الحركات التي تطالب بحكم ذاتي أو مستقل عن الحكومة مثل الجيش الجمهوري لذلك لاغرو إن قلنا إن تعريف أكسفورد أشبه بحالة خاصة أو تعريف محلى رغم عموم بعض الألفاظ التي صيغ بها.
ينتقل الدكتور هاني السباعي بعد ذلك إلى تعريف الإرهاب لدى بعض الهيئات و الحكومات وبعض الساسة ومفكري المنظومة الغربية:
فقد سجل شيمد في المطبعة الأولى من كتاب الإرهاب السياسي مائة وتسعة تعريفات من وضع علماء متنوعين من جميع العلوم الاجتماعية بما في ذلك علماء القانون . ويحاول شميد أن يمزج المائة وتسعة تعريفا ليخرج بنتيجة يصفها لنا هاني السباعي بأنه وصل إلى تعريف مهلهل كالثوب المرقع من عدة خرق أو كقوالب طوب مرصوصة لا تفي بالغرض الذي جمعت من أجله!! .
لقد خلط شميد بين التعرف والأسلوب و الباعث.فلم يستطيع أن يخرج لنا بتعريف جامع مانع لمعنى الإرهاب، بل أنه تكلم وشرح بواعث وأهداف الإرهاب و طرق استخدامه وتكلم عن المقاصد و الوسائل ، ولم يعرف مصطلح الإرهاب تعريفاً محدداً.
بل إنني أنبه القارئ هنا إلى دقة الدكتور هاني السباعي وتمحيصه وكشفه للمتناقضات، وانظر مثلا إلى قوله: نلاحظ الاضطراب و التناقض في تعريف شميد فعندما يقول: (الإرهاب هو أسلوب من أساليب الصراع الذي تقع فيه الضحايا الجزافية كهدف عنف فعال ) يقول بعدها ( مما يشكل أساسا لانتقائها من أجل التضحية) فمرة يقول (الجزافية) ومرة يقول (لانتقائها فهل تقع هذه الضحايا - طبقاً لتعريف شميد بطرقة عشوائية أم بطريقة مقصودة ومنتقاة بعناية؟! وتفسيرنا لهذا التناقض الذي وقع فيه شميد أنه خليط بين مصطلح (الفوضى) و مصطلح الإرهاب فلا هو عرف لنا الفوضى ولا حدد لنا معنى الإرهاب الجزافي لا يتفق و المنظومة الإسلامية.لأن الإسلام له منطلقات مغايرة و متباينة للمفهوم الغربي للإرهاب كما سنذكره إن شاء الله.
ثم ما يلبث السباعي حتى يدعم فكره النظري بأمثلة من الواقع فيطرح حادثة اغتيال المجاهد يحيى عياش في 5/1/1996 م عن طريق تفجير هاتفه النقال كما قيل وقتئذ هلل الإسرائيليون حكومة وشعباً لمقتل العدو رقم واحد علي حد تعبيرهم لإسرائيل وقد أجري معهد " داحاف" استطلاعاً للرأي أكد فيه ترحيب غالبية الشعب الإسرائيلي لمقتل يحيى عياش وهكذا يؤكد الاستطلاع المذكور خطأ واضطراب تعريف "شميد" للإرهاب فهل اعتبر غالبية اليهود اغتيال يحيى عياش عملا غير سوى؟. على العكس تماماً فقد فرح المراقبون الموالون لإسرائيل و اليهود و الفرحة كانت أكبر لدى الجمهور اليهودي. وهناك أمثلة كثيرة لإثبات خطأ و اضطراب تعريف شميد للإرهاب .
يتطرق السباعي بعد ذلك إلى تعريف "جيكنز" للإرهاب فيناقشه وينقده، ثم ينتقل إلى تعريف وكالة الاستخبارات المركزية ثم إلى تعريف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي ثم إلى تعريف وزارة العدل الأمريكية ثم إلى تعريف الجيش الأمريكي ثم إلى تعريف ثم إلى تعريف وزارة الخارجية الأمريكية ثم إلى تعريف فريق المهمات الخاصة التابع لنائب الرئيس الأمريكي للإرهاب.
يستند هاني السباعي إلى عشرات المراجع ثم يخلص إلى نتيجالأمريكية، التعريفات السابقة لو وضعناها كلها في تعريف واحد لصارت مضطربة وقاصرة.فهذه التعريفات غير موضوعية وتعبر عن وجهة نظر الحكومة الأمريكية ، بمعنى أن كل عمل ضد الإدارة الأمريكية فهو إرهاب ! أما إرهاب الحكومة فقد أغفلته التعريفات السابقة مجتمعة.
نعم.. فكر راق وعميق..
وليبتعد السفلة الذين صدعوا رؤوسنا عبر قرون أنهم يختلفون معنا في الرأي لكنهم مستعدون للموت دفاعا عن حريتنا في التعبير عنه، لأن هاني السباعي سيكشف لنا في أبحاث أخرى أنهم كانوا أحرص على إخراسنا ولو بقتلنا من جلاوزة السلطان.
ليبتعدوا فالأمر ليس أمر اختلاف أو اتفاق في الفكر فهذا بديهي وطبيعي.. حتى لو وصل إلى التناقض.. الأمر ليس ذلك.. الأمر هو الإصرار على عدم السماح لهاني السباعي ومن مثله بالحديث أصلا.. لأنهم لو تحدثوا سيقنعون الناس.. لذلك كان لزاما على الطاغوت أن يحاصرهم ويلوثهم ويشوههم مستدعيا قضاة النار ليحكموا عليهم بما شاء حتى يتمكن الطاغوت من منع اتصالهم بالناس.
يطل علينا من وقت لآخر بعض كراكيب الشيوعية وبقايا خردة الفكر اليساري وحثالة من شعارات بائدة لهيكل عظمي يسمى القومية العربية، يطلون عبر الفضائيات يحدثون ضجيجاً وعجيجاً يدافعون عن استسلامهم وانبطاحهم باسم "الواقعية" و "الرضا بالأمر الواقع الذي فرضه الاستكبار العالمي وفرضوه هم على أنفسهم، ويريدون أن تسلّم الأمة بالمكتوب الذي كتبه تتار العصر- الأمريكان -
لم يكتفوا بهذه المصيبة التي حلت على الأمة بسبب قيادتهم لأزمتها على طول الليالي... بل إنهم يعيبون على شباب المجاهدين الذين يدافعون عن عقيدتهم، وعن عرض أمتهم؛ بالتهور، والتخلف واللا واقعية والإرهاب!
وإذا قيل لهم إن هذا هو الطريق الذي سيحرر الأمة، يقولون؛ لقد جربناه من قبل في الستينات والسبعينات ولم نفلح ولم نحقق شيئاً... فهم مناضلون بالمعاش!
إنها قسمة ضيزى أن نقارن بين الثرى والثريا... قسمة ضيزى أن نقارن بين من خرج مقاتلاً لإعلاء كلمة الله... وبين من خرج مقاتلاً لإعلاء قيمة أرض أو حزب أو زعيم؟!
كيف نقارن بين من ارتهن مصيره بأعداء الأمة سواء تحت راية شرقية أو غربية... وبين من كانت حياته ومماته ونسكه وصلاته وجهاده وصيامه وقيامه لله رب العالمين؟!
كيف نقارن هؤلاء بأولئك الشباب الذين خرجوا تحت راية الإسلام فقط... لم تدنس أفكارهم بطحالب الشيوعية السامة ولا بأحقاد المادية الغربية النكدة... رايتهم واضحة لا لون فيها إلا لون الإسلام؟!
ثم يصل هاني السباعي إلى لب المسألة، إلى جوهر ما يعتبره العالم الغربي إرهابا، إذ أن ما يقصده الغرب ليس هو الإرهاب حقا، لأن الغرب هو الذي يمارس الإرهاب، ولا مناص من مواجهته مهما تأجلت المواجهة، بل إنني أستعمل نفس كلمة الرئيس الفرنسي ضدنا، فات أوان إنهاء الصراع دون عقاب. نعم.. سوف يعاقب أبناؤنا و أحفادنا الغرب عقابا يتناسب مع جرائمه معنا وطغيانه علينا..
لب المسألة ليس الإرهاب إذن و إنما ذلك العامل الغامض عند الغرب، العامل الذي جمع المصري والماليزي والليبي والاندونيسي والتونسي والصيني والمغربي والطاجيكي والجزائري والباكستاني وأهل الحجاز واليمن وأهل الشام وفلسطين وسنغافورة والصومال وتريندات وأهل ما وراء النهر... من الذي جمع كل هذه الخلائق في هذا الجهاد العظيم ضد أعداء الأمة... رغم تشرذم حكوماتهم وتناحر وتآمر رؤسائهم! اجتمعوا جميعاً تحت راية القرآن...
وهذا ما لم تفهمه أو تريد ألا تفهمه قوى الشر في العالم.
نعم..
هل تريدون التعريف الصليبي الصهيوني للإرهاب في كلمة واحدة..
التعريف الذين لا يجرءون رغم طغيانهم وذلنا على الاعتراف به..
التعريف الذي لن يرضوا عنا إلا إذا هجرناه وتبرأنا منه..
هل تريدون هذا التعريف؟..
إنه..
إنه..
إنا القرآن..!!
والبعرة هنا هي جل المثقفين الطافحين كالبثور والقيح المقزز على جسد الأمة، أما البعير فهو المخابرات الصليبية والصهيونية.
لم يتراجع هاني السباعي أمام الأصنام كبر حجمها أو صغر.
لم يتراجع مثلا أمام رفاعة الطهطاوي وتمجيد اليساريين له، إنه ينشر كتابا عنه بعنوان : " دور رفاعة الطهطاوي في تخريب الهوية الإسلامية".. وفيه يقدم بطاقة تعريف بشخصية الطهطاوي، ثم يستعرض أهم مؤلفات الطهطاوي وترجماته إلى أن يصل إلى معاصرته للثورة الفرنسية
وتأثره بها وبآراء الفلاسفة الفرنسيين ومنهم "سان سيمون" وبشعارات الثورة الفرنسية وقيامه بتعريب المغرب و تغريب المعرب!! لصالح الغزو الثقافي الغربي ولصالح إحياء نعرات الجاهلية وإحلال ولاء الوطن محل الدين والعقيدة وتمجيد تاريخ الفراعنة ثم يخلص الدكتور هاني السباعي إلى أن له: " رفاعة رافع الطهطاوي أوقل إن شئت (رفاعة بك) السبق والريادة في إدخال العلمنة بما تعنيه هذه الكلمة من تهميش الإسلام، وإقصائه عن إدارة شئون المسلمين. لقد استخدم الطهطاوي منهج التلفيق بغية إضفاء الشرعية الإسلامية على أفكاره المستوردة من فرنسا حيث كان يستشهد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وشواهد من الشعر العربي القديم والاستدلال ببعض المذاهب الفكرية. لكنه قد أبعد النجعة باستدلالاته التي كانت في غير مواضعها!!
بل إنني أنبه القارئ هنا إلى دقة الدكتور هاني السباعي وتمحيصه وكشفه للمتناقضات، وانظر مثلا إلى قوله: نلاحظ الاضطراب و التناقض في تعريف شميد فعندما يقول: (الإرهاب هو أسلوب من أساليب الصراع الذي تقع فيه الضحايا الجزافية كهدف عنف فعال ) يقول بعدها ( مما يشكل أساسا لانتقائها من أجل التضحية) فمرة يقول (الجزافية) ومرة يقول (لانتقائها فهل تقع هذه الضحايا - طبقاً لتعريف شميد بطرقة عشوائية أم بطريقة مقصودة ومنتقاة بعناية؟! وتفسيرنا لهذا التناقض الذي وقع فيه شميد أنه خليط بين مصطلح (الفوضى) و مصطلح الإرهاب فلا هو عرف لنا الفوضى ولا حدد لنا معنى الإرهاب الجزافي لا يتفق و المنظومة الإسلامية.لأن الإسلام له منطلقات مغايرة و متباينة للمفهوم الغربي للإرهاب كما سنذكره إن شاء الله.
ثم ما يلبث السباعي حتى يدعم فكره النظري بأمثلة من الواقع فيطرح حادثة اغتيال المجاهد يحيى عياش في 5/1/1996 م عن طريق تفجير هاتفه النقال كما قيل وقتئذ هلل الإسرائيليون حكومة وشعباً لمقتل العدو رقم واحد علي حد تعبيرهم لإسرائيل وقد أجري معهد " داحاف" استطلاعاً للرأي أكد فيه ترحيب غالبية الشعب الإسرائيلي لمقتل يحيى عياش وهكذا يؤكد الاستطلاع المذكور خطأ واضطراب تعريف "شميد" للإرهاب فهل اعتبر غالبية اليهود اغتيال يحيى عياش عملا غير سوى؟. على العكس تماماً فقد فرح المراقبون الموالون لإسرائيل و اليهود و الفرحة كانت أكبر لدى الجمهور اليهودي. وهناك أمثلة كثيرة لإثبات خطأ و اضطراب تعريف شميد للإرهاب .
يتطرق السباعي بعد ذلك إلى تعريف "جيكنز" للإرهاب فيناقشه وينقده، ثم ينتقل إلى تعريف وكالة الاستخبارات المركزية ثم إلى تعريف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي ثم إلى تعريف وزارة العدل الأمريكية ثم إلى تعريف الجيش الأمريكي ثم إلى تعريف ثم إلى تعريف وزارة الخارجية الأمريكية ثم إلى تعريف فريق المهمات الخاصة التابع لنائب الرئيس الأمريكي للإرهاب.
يستند هاني السباعي إلى عشرات المراجع ثم يخلص إلى نتيجالأمريكية، التعريفات السابقة لو وضعناها كلها في تعريف واحد لصارت مضطربة وقاصرة.فهذه التعريفات غير موضوعية وتعبر عن وجهة نظر الحكومة الأمريكية ، بمعنى أن كل عمل ضد الإدارة الأمريكية فهو إرهاب ! أما إرهاب الحكومة فقد أغفلته التعريفات السابقة مجتمعة.
***
لقد تعمدت إيراد هذا البحث بنوع من التفصيل لأبرز نوع الفكر الراقي الذي يتميز به الدكتور هاني السباعي.. وباقي البحث قيم جدا خاصة التأصيل الشرعي و أدعو القراء إلى مطالعته على موقعه على الشبكة العنكبوتية.نعم.. فكر راق وعميق..
وليبتعد السفلة الذين صدعوا رؤوسنا عبر قرون أنهم يختلفون معنا في الرأي لكنهم مستعدون للموت دفاعا عن حريتنا في التعبير عنه، لأن هاني السباعي سيكشف لنا في أبحاث أخرى أنهم كانوا أحرص على إخراسنا ولو بقتلنا من جلاوزة السلطان.
ليبتعدوا فالأمر ليس أمر اختلاف أو اتفاق في الفكر فهذا بديهي وطبيعي.. حتى لو وصل إلى التناقض.. الأمر ليس ذلك.. الأمر هو الإصرار على عدم السماح لهاني السباعي ومن مثله بالحديث أصلا.. لأنهم لو تحدثوا سيقنعون الناس.. لذلك كان لزاما على الطاغوت أن يحاصرهم ويلوثهم ويشوههم مستدعيا قضاة النار ليحكموا عليهم بما شاء حتى يتمكن الطاغوت من منع اتصالهم بالناس.
***
انظر إليه مثلا وهو يفضح بعضهم في مقالة بعنوان: "فرسان بالنهار... دعّار بالليل" يقول فيها:يطل علينا من وقت لآخر بعض كراكيب الشيوعية وبقايا خردة الفكر اليساري وحثالة من شعارات بائدة لهيكل عظمي يسمى القومية العربية، يطلون عبر الفضائيات يحدثون ضجيجاً وعجيجاً يدافعون عن استسلامهم وانبطاحهم باسم "الواقعية" و "الرضا بالأمر الواقع الذي فرضه الاستكبار العالمي وفرضوه هم على أنفسهم، ويريدون أن تسلّم الأمة بالمكتوب الذي كتبه تتار العصر- الأمريكان -
لم يكتفوا بهذه المصيبة التي حلت على الأمة بسبب قيادتهم لأزمتها على طول الليالي... بل إنهم يعيبون على شباب المجاهدين الذين يدافعون عن عقيدتهم، وعن عرض أمتهم؛ بالتهور، والتخلف واللا واقعية والإرهاب!
وإذا قيل لهم إن هذا هو الطريق الذي سيحرر الأمة، يقولون؛ لقد جربناه من قبل في الستينات والسبعينات ولم نفلح ولم نحقق شيئاً... فهم مناضلون بالمعاش!
إنها قسمة ضيزى أن نقارن بين الثرى والثريا... قسمة ضيزى أن نقارن بين من خرج مقاتلاً لإعلاء كلمة الله... وبين من خرج مقاتلاً لإعلاء قيمة أرض أو حزب أو زعيم؟!
كيف نقارن بين من ارتهن مصيره بأعداء الأمة سواء تحت راية شرقية أو غربية... وبين من كانت حياته ومماته ونسكه وصلاته وجهاده وصيامه وقيامه لله رب العالمين؟!
كيف نقارن هؤلاء بأولئك الشباب الذين خرجوا تحت راية الإسلام فقط... لم تدنس أفكارهم بطحالب الشيوعية السامة ولا بأحقاد المادية الغربية النكدة... رايتهم واضحة لا لون فيها إلا لون الإسلام؟!
ثم يصل هاني السباعي إلى لب المسألة، إلى جوهر ما يعتبره العالم الغربي إرهابا، إذ أن ما يقصده الغرب ليس هو الإرهاب حقا، لأن الغرب هو الذي يمارس الإرهاب، ولا مناص من مواجهته مهما تأجلت المواجهة، بل إنني أستعمل نفس كلمة الرئيس الفرنسي ضدنا، فات أوان إنهاء الصراع دون عقاب. نعم.. سوف يعاقب أبناؤنا و أحفادنا الغرب عقابا يتناسب مع جرائمه معنا وطغيانه علينا..
لب المسألة ليس الإرهاب إذن و إنما ذلك العامل الغامض عند الغرب، العامل الذي جمع المصري والماليزي والليبي والاندونيسي والتونسي والصيني والمغربي والطاجيكي والجزائري والباكستاني وأهل الحجاز واليمن وأهل الشام وفلسطين وسنغافورة والصومال وتريندات وأهل ما وراء النهر... من الذي جمع كل هذه الخلائق في هذا الجهاد العظيم ضد أعداء الأمة... رغم تشرذم حكوماتهم وتناحر وتآمر رؤسائهم! اجتمعوا جميعاً تحت راية القرآن...
وهذا ما لم تفهمه أو تريد ألا تفهمه قوى الشر في العالم.
نعم..
هل تريدون التعريف الصليبي الصهيوني للإرهاب في كلمة واحدة..
التعريف الذين لا يجرءون رغم طغيانهم وذلنا على الاعتراف به..
التعريف الذي لن يرضوا عنا إلا إذا هجرناه وتبرأنا منه..
هل تريدون هذا التعريف؟..
إنه..
إنه..
إنا القرآن..!!
***
البعرة تدل على البعير..والبعرة هنا هي جل المثقفين الطافحين كالبثور والقيح المقزز على جسد الأمة، أما البعير فهو المخابرات الصليبية والصهيونية.
لم يتراجع هاني السباعي أمام الأصنام كبر حجمها أو صغر.
لم يتراجع مثلا أمام رفاعة الطهطاوي وتمجيد اليساريين له، إنه ينشر كتابا عنه بعنوان : " دور رفاعة الطهطاوي في تخريب الهوية الإسلامية".. وفيه يقدم بطاقة تعريف بشخصية الطهطاوي، ثم يستعرض أهم مؤلفات الطهطاوي وترجماته إلى أن يصل إلى معاصرته للثورة الفرنسية
وتأثره بها وبآراء الفلاسفة الفرنسيين ومنهم "سان سيمون" وبشعارات الثورة الفرنسية وقيامه بتعريب المغرب و تغريب المعرب!! لصالح الغزو الثقافي الغربي ولصالح إحياء نعرات الجاهلية وإحلال ولاء الوطن محل الدين والعقيدة وتمجيد تاريخ الفراعنة ثم يخلص الدكتور هاني السباعي إلى أن له: " رفاعة رافع الطهطاوي أوقل إن شئت (رفاعة بك) السبق والريادة في إدخال العلمنة بما تعنيه هذه الكلمة من تهميش الإسلام، وإقصائه عن إدارة شئون المسلمين. لقد استخدم الطهطاوي منهج التلفيق بغية إضفاء الشرعية الإسلامية على أفكاره المستوردة من فرنسا حيث كان يستشهد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وشواهد من الشعر العربي القديم والاستدلال ببعض المذاهب الفكرية. لكنه قد أبعد النجعة باستدلالاته التي كانت في غير مواضعها!!
وفي نهاية هذا التطواف نخلص إلى الأفكار الأساسية التي نادى بها الطهطاوي:
أولاً: التأكيد على فكرة أن الدولة الغربية اللادينية هي الأنموذج الأمثل لكي ينهض العالم الإسلامي.
ثانيا:ً تأكيده على أن الشريعة الإسلامية لا تمنع العمل بقوانين وضعية!!
ثانياً: إحياء النعرات الفرعونية والتأكيد على فكرة القومية المصرية.
ثالثاً: التأكيد على ولاء الوطن قبل ولاء الدين والعقيدة.
رابعاً: تأكيده على أن سفور المرأة لا يدل على انحطاط المجتمع.
خامساً: التأكيد على أن اختلاط الرجال بالنساء على الطريقة الغربية لا ينافي الدين والأخلاق.
سادساً: تأكيده على أن فنون الرقص والغناء والتمثيل عمل ممدوح من قبيل الأعمال الرياضية.
سابعاً: تثبيت فكرة أن الكتابة بالعامية المصرية أسرع وصولاً للجماهير.
إنه يواجه طه حسين غير هياب ولا وجل..
ففي مقال بعنوان "العلمانيون وثورة الزنج" يبدأ المقال بقوله:
كان لطه حسين السبق في إبراز أحداث النشاز في التاريخ الإسلامي ؛ ففي سنة 1946 نشر مقالة في مجلة (الكاتب المصري) بعنوان (ثورتان) حث فيها طه حسين الأدباء والمثقفين العرب على استلهام ثورة الزنج كما استلهم الأوربيون ثورة (سبارتكوز) بغية الوصول إلى العدالة المنشودة على حد زعمه ومن ثم فقد فتح طه حسين شهية العلمانيين وخاصة الماركسيين والشيوعيين ومن يسمون أنفسهم اليسار الإسلامي!، وأرباب المدرسة الاعتزالية للنيل من الإسلام بحجة البحث والإبداع وإيصال الماضي بالحاضر!
انظر مثلا إلى بحثه: " زنادقة الأدب والفكر" حيث يكتب:
لقد ابتلي هذا العصر بوجود مجموعة من الزنادقة الذين خرجوا من رحم المنظومات المعادية للإسلام وللأسف الشديد فإنهم منتشرون في كثير من المناحي الحياتية ولهم صوت مسموع في وسائل الإعلام والأخطر من ذلك كله أنهم يعملون في مجال تشكيل العقول وغسيل أمخاخ أجيال كاملة من المسلمين عبر مناصبهم في مجال التربية والتعليم على كافة مستوياته.. من أمثال طه حسين الملقب بعميد الأدب العربي ظلماً وزوراً.. ونجيب محفوظ صاحب رواية أولاد حارتنا التي نال بسبب جائزة نوبل المشبوهة!! ومحمد أركون المولود عام 1928 في منطقة القبائل بالجزائر.. وعزيز العظمة وهو سوري لا يؤمن بأي دين.. ومحمد بنيس من مدينة فاس ولد عام 1948.. وبلند الحيدري ولد في بغداد عام 1926م وهو ملحد زنديق.. أدونيس: واسمه الحقيقي على أحمد سعيد أسبر ولد بقرية قصابين بسوريا عام 1930م. اختار لنفسه اسم أدونيس وهي رمز لإله الخصب عند اليونان قديماً .. ومعتقده القديم مذهب النصيرية ثم صار شيوعياً ثم تأمرك وصار لا دينيا ومن كبار الزنادقة.. أسس مجلة مواقف عام 1968م ..
ويخلص الدكتور هاني السباعي إلى أن الزندقة الجديدة قد خرجت من رحم الزندقة القديمة، فنفس الأهداف والمنطلقات التي انطلق منها الزنادقة الأوائل كابن عبد القدوس وبشار بن برد وابن الريوندي وعيسى الوراق والشمغاني والحلاج والسهروردي.. كذلك سار على نفس الدرب الزنادقة الجدد من طه حسين وحسن حنفي ومحمد أركون وجابر عصفور وشحرو وعادل ضاهر ومالك شبل وغيرهم من زنادقة العصر الحديث.. وإن كان الزنادقة الأوائل كانوا ينشرون كلامهم وأشعارهم بطرق خفية ويحتاج السلطان إلى إعمال أدلة ثبوت جريمة الزندقة كالإقرار من المنسوب إليه الشعر أو الكتاب أو شهادة الشهود وغير ذلك من أدلة وقرائن ولذلك كانوا يفلتون كثيراً نظراً لدقة أدلة الثبوت ضد هؤلاء الزنادقة قديماً.. لكن الآن حدث ولا حرج فالزنادقة يرتعون في أرض المسلمين وينتهكون عرض الإسلام ولا رقيب عليهم لأنهم بكل بساطة هم الحاكمون المتنفذون! وهم علية القوم! وسدنة الدساتير والقوانين التي تحمي مصالحهم وأفكارهم الهدامة!! ولا أكون مبالغاً إن قلت: هذا عصرهم الذهبي.. لم لا وشريعة الإسلام قد غابت عن الحكم منذ أكثر من قرنين تقريباً. وخلاصة القول في الزنادقة الأوائل وزنادقة العصر الحديث.. أنهم تواصوا جميعاً على هدم الإسلام وتدمير معتقدات المسلمين والطعن في كل ما هو معلوم من الدين بالضرورة.. لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة في عقيدة الإسلام إلا اتخذوها غرضاً للطعن وإثارة الشبهات.. تارة من طرف خفي وتارة كفاحاً.. حرب ضروس على الإسلام وأهله من قبل ثلة من العلمانيين اللادينيين المتآمرين الذين انسلخوا عن دينهم وعن هوية أمتهم ورغم ذلك وبكل تبجح يزعم هؤلاء الزنادقة أنهم مسلمون ويفهمون الإسلام أكثر من الصحابة الكرام بل ومن رسول الإسلام ذاته. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
إنه يواجه شيخ الأزهر لا يخشى في الله صولة جلاد ولا غدر لواء ولا لومة لائم..
ويعود هاني السباعي إلى البدايات، فبعد وفاة الشيخ جاد الحق في 15 مارس 1996 تم تعيين الدكتور سيد طنطاوي شيخاً للأزهر في 27 مارس 1996 رغم أنه كان في ذيل قائمة تضم أكثر من أربعين عالماً أزهرياً إذ تم تصعيده إلى رأس القائمة بقدرة قادر! طبعاً بقدرة تقارير أمن الدولة التي أثبتت أن الشيخ طنطاوي لا يرد يد لامس وخاصة يد رئاسة الدولة!! ومن عجائب المقارنات الأزهرية: أن هناك تشابهاً بين شيخ الأزهر عبد الرحمن تاج [1954 – 1958] والشيخ طنطاوي... فالشيخ عبد الرحمن تاج يضرب به مثل العالم الذي يكون أداة في أيدي النظام،؛ مثل العالم الذي باع آخرته بدنياه... فهو الذي أصدر فتواه الشهيرة بأحقية الدولة في التجريد من شرف المواطنة - سحب الجنسية - وكان يقصد اللواء محمد نجيب أول رئيس جمهوري لمصر بعد النظام الملكي!! لكن شهادة حق: فإن الشيخ عبد الرحمن تاج يعتبر قطرة في محيط فساد شيخ الأزهر الحالي... حيث فاق أقرانه وأتى بفتاوى وأقاويل وأحكام لم يأت بها الأوائل!! فالشيخ طنطاوي يفصل الفتاوى حسب المقياس الرسمي للدولة!!
وهذه عينة من فتاوى وسلوكيات شيخ الأزهر طنطاوي:
أفتى طنطاوي بجواز التحاق الفتيات إلى الكليات العسكرية والالتحاق بالجيش!!
أفتى بجواز تحويل الرجل إلى أنثى بشرط الضرورة الطبية.
أفتى بأن تطبيق الشريعة الإسلامية يحتاج إلى وقت طويل يصل فيها الجميع إلى القناعة.
بارك توصيات مؤتمر المرأة في بكين وقال إن مطالب مؤتمر بكين الخاصة بالمساواة بين الرجل والمرأة لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية!!
أيد طنطاوي الدولة في إغلاق بيوت الله وخاصة الزوايا والمساجد الصغيرة التي كان يتردد عليها بعض أفراد الجماعات الإسلامية.
أيد قرار رئيس الجمهورية بإحالة أعضاء الجماعات الإسلامية إلى المحاكم العسكرية!!
لم يطالب الدولة مرة - ذراً للرماد - أن تلغي قانون الطوارئ... كما لم يطالب الدولة صراحة بتطبيق الشريعة الإسلامية وقت أن كان مفتياً إلى أن صار شيخاً للأزهر!!
أما أهم فتاواه، فهي:
إباحته للربا وهي الخاصة بشهادات الاستثمار وصناديق التوفير حيث أفتى بأن المعاملات فيها جائزة شرعاً.
وفي حرب الخليج 1990 كان بوق النظام الرسمي... وقد كان في صف الكويت والسعودية حسب الدور المرسوم له من الدولة!! بل إنه ذهب بنفسه إلى السعودية لزيارة القوات المصرية في حفر الباطن!! وأيد الاستعانة بقوات أجنبية وقال بجواز ذلك شرعاً!!
نقل الشيخ صادق العدوي من خطابة مسجد الجامع الأزهر إلى مسجد النور بالعباسية ليتولى الخطابة مكانه نظراً لشعبية الشيخ العدوي المتزايدة وكثرة انتقاده للدولة.
أعلن أنه على استعداد لزيارة فلسطين إذا دعاه ياسر عرفات رغم علمه بأنه لزام عليه أن يحصل على تأشيرة من الكيان - إسرائيل -
وافق على منع كبار علماء الأزهر من الخطابة إلا بتصريح من وزارة الأوقاف.
منع إعادة طبع فتاوى الشيخ جاد الحق لأن بعضها لا يتفق مع فتاواه.
تسبب في قطع أرزاق نحو ألفي داعية أزهري من جبهة علماء الأزهر من إدارة الوعظ والإرشاد بمنعهم من ارتقاء المنابر وقصر ذلك على موظفي وزارة الأوقاف.
كان دائم التردد على أندية "اللوينز" بمصر الجديدة وغيرها، وهي أندية مشبوهة تديرها شبكات يهودية بهدف السيطرة على العالم والقضاء على الأديان وإشاعة الفوضى الأخلاقية وتسخير الشباب للتجسس على بلادهم... ذكرت جبهة علماء الأزهر التي أسست في 1946م أن هناك فتوى صادرة من الأزهر في مايو 1985 تحرم على المسلمين الانتساب تلك الأندية؛ أندية "اللوينز" و "الروتاري".
أفتى بأن الفلسطينين الذين يقومون بتفجير أنفسهم ضد أهداف مدنية إسرائيلية ليسوا شهداء... ردت عليه جبهة علماء الأزهر تحت عنوان "تبرئة وبيان" اعتبرت فيه منفذي العمليات الإستشهادية في فلسطين أنهم أفضل الشهداء، وجواز قيام الفلسطينيين بتفجير أنفسهم، لأن إسرائيل دار حرب وجميع أهلها أهل حرب ولا حرمة ولا عصمة لدمهم.
وافق على قرار وزير التعليم بمنع دخول المحجبات المدارس إلا بعد موافقة ولي الأمر.
أفتى الشيخ نبوي محمد العش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر بتحريم التعامل مع مجلس الحكم العراقي لأنه مجلس غير شرعي وأسسه الاحتلال وأن من يتعامل معه يخالف شرع الله.
زار ديفيد ولش السفير الأمريكي بالقاهرة شيخ الأزهر معترضاً على الفتوى. ثم في 29 أغسطس 2003 أصدر طنطاوي قراراً بإيقاف الشيخ العش عن العمل ونقله إلى منطقة نائية في أطراف الدلتا بمصر. ولم يكتف الشيخ بذلك بل أعلن أن الأزهر مؤسسة مصرية وليس مؤهلاً للفتوى.
أصدر قراراً بإقالة الشيخ أبي الحسن رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر بسبب تصريح له بأنه لا يجوز مد يد العون للعدوان الأمريكي على العراق ودعا إلى الجهاد ضد هذا العدوان.
أحال عالمين ضريرين - هما الدكتور إبراهيم خليفة رئيس قسم التفسير بكلية أصول الدين، والدكتور حسن محرم أستاذ العقيدة بنفس الكلية - إلى التحقيق بتهمة توزيع منشورات تسئ إلى مقام الإمام الأكبر شيخ الأزهر!!
استصدر قراراً من محافظ القاهرة يحمل رقم رقم 318 لسنة 1998م بحل جبهة علماء الأزهر وتعيين إدراة موالية له.
التقى حاخام إسرائيل الأكبر "مائير"، ومن قبله سفير إسرائيل في مصر.
تحت مسمى تطوير الأزهر؛ أيد القانون الذي يقلص سنوات الثانوي الأزهري من أربع إلى ثلاث سنوات.
أحال الدكتور إبراهيم الخولي والدكتور محمود حماية إلى التحقيق وكذلك الدكتور يحيى إسماعيل الذي غادر مصر إلى إحدى الدول العربية الذي لاحقه شيخ الأزهر قضائياً... كل ذلك بسبب معارضتهم لفتاواه الضالة!
قال أن المرأة تصلح أن تكون رئيسة للجمهورية وأنها تتمتع بالولاية العامة التي تؤهلها لشغل المنصب.
فتوى صك غفران لوزير الداخلية الفرنسي "نيكولاس سركوزي" ورئيسه "شيراك"؛ من حقهم سن قانون بحظر الحجاب!! افعلوا ما شئتم بالمسلمين فقد غفر لكم شيخ الأزهر!! أما مسلمات فرنسا فإما أن يخلعن الحجاب ويدخلن في دين الملك... فأهل فرنسا أدرى بشعابها! وإما أن يرحلن عن فرنسا أو يشربن من نهر السين أو البحر المتوسط!
نعم يناصر السباعي الدكتور أيمن الظواهري رضي الله عنه فيتحدث عن حسن دماثة خلقه ومرجعيته الشرعية والعلمية ونبوغه الدراسي والمهني.. إنه من أشد الناس حياء رغم علو كعبه في اللغة والبيان والشعر والأدب إلا أنه لا يرفع عينيه لمتحدثه ولا يتكلم إلا بأحسن الألفاظ ويحترم الصغير والكبير وهذا متواتر عنه ولا حاجة للاستدلال عليه.. ويتحدث السباعي عن طفولته كطفل محب للقراءة، متابع لأعمال الكبار، يعيش بين الكتب ولا يبرح مكتبة أجداه العظام.. لا غرو إذن أن يتأثر هذا الشاب بهزيمة حزيران 1967 ويحمل هم هذه الأمة لأن هذا ناموس الكبار وإلا لما وصل الظواهري إلى هذه المنزلة الرفيعة..
"لقد تأثر الظواهري في مقتبل الشباب ورغم حداثة سنه بهذه الهزيمة النكراء التي حلت بالأمة على يد الزعيم الملهم عبد الناصر!! أثرت فيه هذه الهزيمة وعلم أن العار الذي لحق بهذه الأمة هو من تفريطها في حق دينها، ومن جراء تسلط هذه الأصنام التي تعبد من دون الله!! انطلق من باب الفطرة الطاهرة ينهل من معين هذا الدين القويم.. انطلق وقد علم معالم الطريق من سيد قطب رحمه الله..
لم يكن الظواهري منطلقاً من الإحباط واليأس.. ليس هذا صحيحاً كما يظن بعض البكائين على قميص عبد الناصر!! وهذا ما لم يتسطع فهمه الكاتب الملاكي! كيف فتى في مثل هذا السن أن تؤثر فيه هذه الحوادث الجسام؟! لم يعرف هذا الكاتب أن الكبار يولدون كباراً.. "
ويرد السباعي الشبهات التي أثارها البعض عن الدكتور أيمن الظواهري بقوة وحسم فينسف الشبهات نسفا لا بقاء لها بعده إلا عند المرجفين.
لقد سقطت قيم كان العرب يعتزون بها بعد حرب الخليج الثانية التي كانت نذير شؤم على كل الشرفاء في العالم.. وضاقت الدنيا على كارلوس بما رحبت.. تخلت عنه سوريا كعادتها دائماً كما فعلت مع عبد الله أوجلان فيما بعد حتى وقع بأمر الأمريكان في كينيا في أفريقيا حيث إن السودان لا تبعد عنها كثيراً!! وأبعد الرجل إلى اليمن التي لم ترحب باستقباله.. ومنها إلى السودان التي دخلها على حين علم من أهلها وليس على حين غفلة كما زعم النظام في وقتها!! ليتعرض لمؤامرة خسيسة يفضحها هاني السباعي.. فقد وصل الرجل إلى السودان ، وعاش في زاوية النسيان راضياً بالكفاف وأوجاع الملاريا والبعوض الضال.. باكياً على أطلال الكفاح المسلح وتحرير فلسطين الأسيرة وهلم جراً.. غير أن الرجل الذي دوخ الدنيا كان قدره مع جبهة الإنقاذ بقيادة الشيخ الدكتور حسن الترابي أو ما يسمى بالمشروع الإسلامي في السودان البعيد أصلاً عن الأنموذج الإسلامي الحقيقي.. هذه المؤامرة بدأت خيوطها منذ أن وطئت أقدام كارلوس إلى السودان يوم أن تخلى عنه الرفيق والصديق في سوريا واليمن وليبيا سدنة المد الثوري الأحمر البائد!!
وفي أغسطس سنة 1994م تم خطف كارلوس، العائذ بأهل السودان واللاجئ لما يسمى بحكومة إسلامية.. وتم تسليمه إلى فرنسا.. باسم الدين حلل الشيخ حسن الترابي صفقة الخزي والعار التي تمت بين المخابرات السودانية ومخابرات الفرنسيس!! باسم الدين ومصلحة الأمن القومي الضائع تم تسليم كارلوس بكل سهولة! بثمن بخس بيعت المروءة وبيع مجد الأجداد التليد: من حق الجوار وإغاثة الملهوف.
الحركات الإسلامية المجاهدة تندد بالجريمة:
إلا أننا هنا يجب أن نتوقف أمام ملمح شديد النبل في هاني السباعي.. ملمح من الصعب جدا إن لم يكن من المستحيل أن تجده عند غير مسلم.. إنه لا يناصر كارلوس لأنه مسلم.. بل:
ونحن نؤكد حتى ولو لم يكن كارلوس مسلماً فلا يجوز تسليمه وهذا ما تعتقده الحركات الإسلامية.. فلسنا أقل مروءة من أصحاب حلف الفضول الذين أثنى عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يغيثون الملهوف ويعينون المظلوم ويأخذون على يد الظالم في الجاهلية!!
الملمح الآخر النبيل تلمحه في تقريظ السباعي لنلسون مانديلا:
" أما نلسون مانديلا.. الشيخ الشاب.. والمناضل النبيل.. خرج من السجن وقد فقد 27 عاماً من عمره.. دخل شاباً يقاوم نظام الفصل العنصري في بلده جنوب أفريقيا.. خرج شاباً رغم شيخوخته وبنفس حماس الماضي.. لم يكتب استرحاماً لطاغية ولم يؤلف مراجعات فكرية أو طروحات انهزامية على شاكلة مراجعات القيادات التاريخية المنتكسة في العالم الإسلامي.. لم يتبرأ من مقاومته لحكومة بلاده العنصرية.. لم يكتب صك عفران وشهادة لجبار من جبابرة الأرض كما في صك الغفران الذي منحه كبير القيادة التاريخية للجماعة الإسلامية بمصر لصاحب كامب ديفيد!!
ظل مانديلا مثل نظيره كارلوس نصيراً للضعفاء.. لم تتغير مبادئه حتى وهو رئيس لبلاده! يضرب الفارس النبيل (مانديلا) أروع المثل في العزة والإباء وهو يقف أمام طاغية العصر جورج بوش: لن أقابله إذا جاء جنوب أفريقيا.. لأنه رجل مارق يرأس نظاماً مارقاً كذب على العالم واحتل العراق يختلق الأكاذيب.. ثم وفى مانديلا بوعده ولم يقابل بوش عندما زار بلاده.. مع العلم أن هناك طابوراً كبيراً من رؤساء العرب والعالم الإسلامي في قائمة الإنتظار حتى ينالوا بركة لقاء أمير المؤمنين (جورج بوش)!!
نعم .. مانديلا.. لقد أخجلتنا في كل مواقفك المشرفة.. يوم أن كنت تدافع عن أفغانستان في الوقت الذي رحب بالعدوان الأمريكي شماريخ العرب!!
***
ليس ما يهمني أن يكون هاني السباعي قد اجتهد فأخطأ أم اجتهد فأصاب.. لكن يقيني أن الرجل صادق فيما يقول و أنه يبذل جهدا هائلا في ظروف مستحيلة، و أن هذا الجهد كله فكري.. فلماذا تريد كلاب السلطة اصطياده؟!.. و إنه في جهده هذا لا يبالي مهما ازداد أعداؤه، إنه يكتب عن المملكة العربية السعودية مثلا: "مملكة القش ؛ السعودية" فيقول: سأل سائل عن رياح التغيير القادمة على المملكة العربية السعودية؛ تلك الرياح أشبه بريح السموم التي تلفح الوجوه أو ريح الصبا التي تقلع الخيام وتكفئ القدور!! هذا النظام العاقر قد طال عليه الأمد فقست قلوب حكامه فصارت كالحجارة أو شد قسوة.. طبعاً قسوة في التعامل مع الشعوب! ورحمة ومودة واستسلام وانبطاح لأعداء الأمة من أمريكان ومن سبح بحمدهم! (...) لقد نخر السوس في أعواد القش، وكاد النفط الأسود أن يحرق أكواخ الحطب الهزيلة التي ظن سكانها أنهم يعيشون في قصور من الرخام وبيوتات من المرمر والحجر الصوان.. لكنهم سيكتشفون أنهم سحروا أعين الناس وسرعان ما تذهب الغشاوة ويظهر للعيان: أن الرخام والمرمر والحجر الصوان ما هي إلا أعواد من الحطب والقش المتهالك.
كما يكتب عن حكام الكويت مقارنا بينهم وبين أمراء الطوائف في الأندلس: منبر التوحيد والجهاد منهاج السنة مقالات آل صباح في الكويت... وآل عباد في الأندلس فيقول آل الصباح فقد تربوا على أعين الاستعمار ورضعوا ألبان الخزي والبلادة من أسيادهم الأنجلوأمريكان... فلا خير فيهم فهي سلالة وضع بذرتها الإنجليز قديما واقتطف ثمرتها الأمريكان حديثاً... وإلا ماذا عسانا أن نفسر هذا الموقف قبيل العدوان على العراق: عندما ترفض تركيا العلمانية المعادية للعرب والإسلام دخول 60 ألف جندي أمريكي لأراضيها وفي نفس الوقت نرى شماريخ آل الصباح يرحبون ويقولون هل من مزيد!!
المشكلة في ذهنية آل صباح الذين يحكمون المحمية الكويتية؛ توهمهم أن طائر "الزرزور" وهو في حجم العصفور نسرٌ عظيم وشاهينٌ كاسر!!
وتصداقا لذلك نختم بما ذكره صفي الدين الحلي الذي استوحى آل الصباح ألوان علمهم من شعره إذ يقول في نفس القصيدة:
إن الزرازيرَ لما قامَ قائمُها *** توهمتْ أنها صارتْ شواهينا
***
قد نختلف أو نتفق مع هاني السباعي لكنني أعترف أنني شديد الإعجاب بجهد الرجل ونشاطه المتنوع..
إنه يهاجم أنظمة دول كمصر والسعودية والكويت وفي نفس الوقت لا ينسى أن يتقصى موضوعات شائكة قد يكون لها رد فعل مباشر عليه وهو اللاجئ الهارب المطارد، فمثله ينشد السلامة لكن هاني السباعي ينشد الحقيقة، إنه يكتب على سبيل المثال: " هل كان للأقباط دور تاريخي في مقاومة المحتل".. فيكشف الزيف ويمحق الكذب ويدع الحقائق عارية فاضحة دامغة و إن استاء أقوام منها.. و إن ألبوا عليه كلاب الصيد.
يكتب عن اعتقاد بعض رجال الكنيسة المصرية أن ظهرهم محمي وأن وراءهم الغرب المسيحي وعلى رأسهم أمريكا؛ هذا الاعتقاد قد أدى إلى افتعال أحداث والمبالغة فيها بغية التزلف للغرب المعادي للإسلام كحادثة الكشح عام 2000م، وحادثة القس المشلوح بدير المحرق بأسيوط؛ صاحب الصور الخليعة عام 2001م، ثم حادثة السيدة وفاء قسطنين عام 2004م التي أسلمت وأجبرت على العودة إلى الكنيسة مما يتصادم مع النظام العام في مصر هو الإسلام.. ومن ثم الضغط على الحكومة بزعم أن الأقباط في مصر مضطهدون من قبل المسلمين وأن الحكومة تشجعهم.
يتحدث السباعي عن تمرد الأقباط المسلح تاريخياً وعن نقضهم عقد الذمة منذ الفتح الإسلامي سنة 20هـ ، رغم تعامل ولاة المسلمين معهم بكل تسامح، فكانوا يتظاهرون ويعلنون العصيان المسلح على الدولة ويقتلون عمال الحكومة ويتصلون بدولة الروم ثم يتصدى الحكام لهم بإرسال من يطالبهم بفض العصيان في مقابل العفو عنهم إلا أنهم في الغالب يتعنتون ويصرون على التمرد بزعم أن دولة الروم قد تساعدهم غير أن حساباتهم كانت على الدوام خاطئة فسرعان ما ينتصر عليهم جيش المسلمين ثم يعفو عنهم الخليفة أو الوالي ويجددون له الولاء والطاعة والالتزام بنود عقد الذمة المنصوص عليه في اتفاقيتي بابليون الأولى (الخاصة بأهل مصر قبل فتح الإسكندرية)سنة 20هـ وبابليون الثانية (الخاصة بأهل الإسكندرية) سنة 20هـ أيضاً، لكنهم يعودون مرة أخرى لعصيانهم متذرعين بأحداث لا تتناسب وحجم عصيانهم المسلح..
يكشف هاني السباعي جزءا من تزوير الحقيقة التي يقوم به نصارى من أجل تجميل الصورة فيكشف أن عيسى الغواص الحقيقي كان مسلماً. ويستشهد بقول ابن شداد: "ومن نوادر هذه الواقعة ومحاسنها أن عواماً مسلماً كان يقال له عيسى، وكان يدخل إلى البلد بالكتب والنفقات على وسطه ليلاً، على غرة من العدو. وكان يغوص ويخرج منم الجانب الآخر من مراكب العدو، وكان ذات ليلة شد على وسطه ثلاثة أكياس. فيها ألف دينار وكتب للعسكر، وعام في البحر فجرى عليه من أهلكه، وأبطأ خبره عنا وكانت عادته أنه إذا دخل البلد طار طير عرّفنا بوصوله فأبطأ الطير فاستشعر الناس هلاكه، ولما كان بعد أيام بينما الناس على طرف البحر في البلد وإذا البحر قد قذف إليهم ميتاً غريقاً فافتقدوه فوجدوه عيسى العوام، ووجوا على وسطه الذهب وشمع الكتب وكان الذهب نفقة للمجاهدين، فما رؤى من أدى الأمانة في حال حياته وقد أداها بعد وفاته إلا هذا الرجل.
ثم يفضح خيانات المعلم يعقوب مقررا أنه لم يكن استثناء شاذا، و أنه لم يكن وحده، فقد كان معه المعلم يعقوب حنا القبطي ـ وملطي ـ وجرجس الجوهري ـوأنطوان الملقب بأبي طاقية ـ وبرتيلمي الملقب بفرط الرومان، ونصر الله النصراني ترجمان قائمقام بلياز، وميخائيل الصباغ غيرهم من زعماء النصارى الذين كانوا يعملون مع المحتل الفرنسي لمصر. حيث استغل نصارى مصر احتلال نابليون لمصر فتقربوا إليه واستعان بهم ليكونوا عيون جيشه حيث كانوا يرشدونهم على بيوت أمراء المماليك ورجال المقاومة الذين كانوا يجاهدون الفرنسيس، وكل ذلك ثابت لدى الجبرتي في عجائب الآثار ونقولا الترك في (أخبار الفرنساوية وما وقع من أحداث في الديار المصرية)، إذ يؤكد المؤرخان المعاصران للحملة الفرنسية أن نابليون استقدم معه جماعة من نصارى الشام الكاثوليك كتراجمة بالإضافة إلى استعانته بنصارى مصر (الأرثوذكس) وقد ذكر الجبرتي المعلم يعقوب القبطي الذي كان يجمع المال من الأهالي لمصلحة الفرنسيس.. بل إن المعلم يعقوب وصل به الأمر أن كون فرقة من الأقباط لمعاونة المحتل إذ يقول الجبرتي: "ومنها أن يعقوب القبطي لما تظاهر مع الفرنساوية وجعلوه ساري عسكر القبطة جمع شبان القبط وحلق لحاهم وزياهم بزي مشابه لعسكر الفرنساوية (..) وصيرهم ساري عسكره وعزوته وجمعهم من أقصى الصعيد، وهدم الأماكن المجاورة لحارة النصارى التي يقاربها".ا خلف الجامع الأحمر، وبنى له قلعة وسورها بسور عظيم وأبراج وباب كبير" بل إنهم كانوا يقطعون الأشجار والنخيل من جميع البساتين كما تفعل قوات الاحتلال في فلسطين والعراق، ولم يتورعوا في هدم المدافن والمقابر وتسويتها بالأرض خوفاً من تترس المحاربين حسب وصف الجبرتي.. حتى قال "وبثوا الأعوان وحبسهم وضربهم، فدهى الناس بهذه النازلة التي لم يصابوا بمثلها ولا ما يقاربها" .. بل كان زعيمهم (برتيلمي) الذي تلقبه العامة بفرط الرومان لشدة احمرار وجهه؛ كان يشرف بنفسه على تعذيب المجاهدين وهو الذي قام بحرق المجاهد سليمان الحلبي قاتل كليبر، وكان هذا البرتيلمي يسير في موكب وحاشية ويتعمد إهانة علماء المسلمين ويضيق عليهم في الطرقات محتمياً في أسياده الفرنسيس تماماً مثل ما يحدث في العراق اليوم من خلال الجواسيس الذين يعملون مع الاحتلال الأمريكي الذين يرشدون قوات الاحتلال على بيوت المقاومين.
ويورد الدكتور هاني السباعي نص عريضة زعماء الأقباط إلى الجنرال مينو التي يستعدونه فيها على المسلمين.
ثم يضيف أنه لم يثبت تاريخياً أن النصارى قاوموا الاحتلال الفرنسي وأن حكاية اختراع بطولات وهمية مثل أن بعض الأقباط في ثورة القاهرة الثانية كان يمد الثوار بالمال واللوازم خاصة في منطقة بولاق أثناء حصار كليبر لأهالي بولاق.. فهذه شهادة الجبرتي :" وأما أكابر القبط مثل جرجس الجوهري، وفلتيوس، وملطي فإنهم طلبوا الأمان من المتكلمين من المسلمين لكونهم انحصروا في دورهم وفي وسطهم وخافوا على نهب دورهم إذا خرجوا فارين، فأرسلوا إليهم الأمان" إذن ما دورهم في مقاومة الاحتلال الفرنسي إلا الفزع الهلع وطلب الأمان ثم صاروا العين الحارسة لمصالح الاحتلال.. بل إن زعيمهم المعلم يعقوب حنا كان شغله الشاغل هو حرب زعيم المجاهدين في منطقة بولاق حسن بك الجداوي؟ لماذا؟ لأن حسن بك الجداوي كان يطلب من الأغنياء مساعدة المجاهدين لشراء أسلحة وبارود وذخائر ومؤن وكل مستلزمات المقاومة فكان من يدفع منهم مالاً كان لصيانة نفسه وخوفه من انتقام المقاومين الذين كانوا متترسين في منطقة بولاق بالقاهرة وضواحيها لذلك قال الجبرتي في عجائبه: "وأما المعلم يعقوب فإنه كرنك في داره بالدرب الواسع جهة الرويعي واستعد استعداداً كبيراً بالسلاح والعسكر المحاربين وتحصن بقلعته التي كان شيدها بعد الواقعة الأولى، فكان معظم حرب حسن بك الجداوي معه"..هكذا استعد المعلم يعقوب لزعيم المجاهدين المسلمين وليس لجيش الاحتلال الفرنسي!
ويستطرد السباعي ليتساءل: لماذا شارك الأقباط في ثورة 1919م؟ ناعيا كتابا من المسلمين؛ جلهم للأسف الشديد ينطلق من منطلقات لا علاقة لها بالمنظومة الإسلامية لذلك نجدهم يرهقون أنفسهم في نبش التاريخ لعل وعسى يعثرون على حكاية أو قصة تثبت أن الأقباط كان لهم دور في مقاومة المحتلين، لذلك نجدهم يضخمون بعض الأحداث الفردية وتسليط الضوء عليها لتحسين دور الأقباط في حركة التاريخ المصري المقاوم للاحتلال.. لذلك يهتمون بثورة 1919م ومشاركة الأقباط فيها رغم أن الأقباط ما شاركوا فيها إلا ليأسهم من الإنجليز الذين كانوا ينظرون إليهم بعين الإزدراء؛ فالاحتلال الإنجليزي يدين بالولاء للكنيسة الإنجيلية التي لا تعترف بها الكنيسة الأرثوذكسية في مصر ولا حتى الكاثوليكية في روما، وهذا ما حدث من قبل مع نابليون وحملته العدوانية على مصر إذ تقرب الأقباط إليه واستخدمهم جيداً لكنه كان ينظر إليه أيضاً بعين الازدراء فنابليون وإن كان لا دينيا فقد كانت لديه بقايا المعتقد الكاثوليكي مع الاعتزاز بتفوق الرجل الأبيض! فلا غرو إذن أن يشارك الأقباط في ثورة 1919م لأنهم علموا بالتجهيزات التي يقوم بها المسلمون للثورة ويعلمون أن جماهير غفيرة من كل فئات الشعب ستشارك وأن انطلاقة الثورة ستكون من جامع الأزهر فكان لابد من المشاركة بأمر بعض زعمائهم (على طريقة حساب المكسب والخسارة) لأنه لو نجحت هذه الثورة لكان من حقهم أن يشاركوا في الحكم بقوة وهم مطمئنون أن الدولة المصرية الحديثة التي وضع لبناتها محمد علي باشا قد غيبت الشريعة الإسلامية ومن ثم فلا حكم إلا بالقانون الوضعي السائد في ذلك الوقت.. وينطبق هذا على مشاركتهم في بعض الحروب لأن التجنيد كان إجبارياً بحكم مفهوم المواطنة ولا مناص أمام شبابهم إلا الالتحاق بالجيش لتفادي العقوبة العسكرية التي ستحل بهم.
ثم يستعرض السباعي دور النصارى التخريبي في العلمنة والتغريب و إلغاء التحاكم إلى الشريعة
ثم يستعرض تفصيلا دورهم في إشعال الفتنة الطائفية وخاصة حادثة كان شاهدا عليها وهي حادثة الزاوية الحمراء بالقاهرة 1981م: حيث شهدت هذه المنطقة (الزاوية الحمراء) أحداثاً دامية إذ بدأ الأقباط بالاعتداء وقام المسلمون بالرد عليهم وملخصها كالتي: بدأ الصراع على قطعة أرض فضاء لا عمران فيها فقام أهل الحي بإقامة سور عليها وجعلوها مكاناً للصلاة وتعليم الأطفال القرآن الكريم، وكان هناك قبطي اسمه كمال عياد يملك مدفعاً آلياً يطلق عليه في مصر (رشاش بورسعيدي) وكان منزله أمام هذا المكان الذي أصبح مسجداً فيما بعد (مسجد النذير) فنزل وأطلق عدة أعيرة نارية على الأطفال الذين يدرسون في ذلك الوقت فقتل وجرح عدداً منهم وفر هارباً .. فلما علم أهل الحي بما حدث ورأوا الدماء ملطخة بحصير المسجد هاجوا وماجوا وطفقوا يتتبعون بيوتات الأقباط.. وقد ذهبت أنا شخصياً إلى مسجد النذير وكان حي الزاوية الحمراء أشبه بساحة معركة عسكرية؛ البيوت محترقة، ومكتوب عليها وعلى المحلات شعارات من كل طرف، قوات الأمن منتشرة في كل مكان، صلينا هناك وبتنا في المسجد رغم أنه كان عبارة عن مكان محاط بسور وأرض مغطاة بالحصير للصلاة، وكان الناس يتوافدون من كل حدب وصوب بدافع حماية المسجد خاصة بعد علمهم أن النصارى قتلوا المسلمين في الزاوية الحمراء فهبوا للدفاع عنهم.. وشهادة للتاريخ فإن الذين ردوا عدوان الأقباط في الزاوية الحمراء كانوا من عوام الناس الذين لا تربطهم أية علاقات بالجماعات الإسلامية رغم قوة الجماعات الإسلامية في ذلك الوقت لكن بسطاء الناس الذين كانوا يجلسون على المقاهي ويدخنون الشيشة والنرجيلة هم الذين قاموا برد الاعتداء وخاصة لما سمعوا أن الأقباط يقتلون المسلمين ثم امتدت الأحداث إلى منطقة الوايلي بالقاهرة وكادت أن تعم القاهرة .. واستغل الأقباط في الداخل والخارج هذه الأحداث وصاروا يشنعون على المسلمين بالأكاذيب رغم أنهم هم الذين بادروا بالاعتداء، وقلبوا الحقائق وزعموا أن المسلمين هم الذين بدأوا قتال النصارى وهم الذين يحرقون بيوتهم.. ولا زلت أذكر هذه الأحداث ونحن نستمع لشهادات الناس إذ تبين لنا أن الكنائس الكبرى بها سراديب وأخاديد ومكدسة بالأسلحة والذخائر... وهناك أماكن خاصة في الكنائس للتدريب على استعمال الأسلحة الخفيفة والتدريب على الكاراتيه والكونغفو.. وأن بعض القساوسة يتقنون استخدام الخناجر بصفة خاصة وقد اقتحم بعض المسلمين في الزاوية الحمراء منزل أحد القساوسة الذي كان مختبئاً وراء دولاب الملابس.. إذ صاح فيهم فجأة وأشهر خنجره وكان ماهراً في رياضة الكاراتيه إلا أنهم تمكنوا من شحركته. .. وهنا اتهم المسلمون الدولة بتشجيع الأقباط على استعمال السلاح في الوقت الذي تحرمه على المسلمين!!
***
هذا هو الإرهابي هاني السباعي..!!
وهذا هو نتاجه الفكري.. ولست أدري كيف يجد وقتا بعد كل هذا يتسلل فيه بعيدا عن أعين المخابرات الإنجليزية والأمريكية والإسرائيلية والمصرية بالطبع، يمارس فيه إرهابه.
***
من سمات هاني السباعي أيضا أنه رجاع للحق حين يخطئ، ففي مقاله عن الأقباط كان قد تورط في نقل أرقام خاطئة عن عدد الأقباط ( الطريف أنه ردد الرقم الذي قاله حسني مبارك مجاملة لكارتر) ويبدو أن أحدهم قد صحح له الرقم فلم يستنكف أن ينشر التصحيح في عنوان المقال.
بيد أن واقعة أخرى أكثر دلالة على رجوعه إلى الحق مهما سبب له من حرج.
إن مستندات الواقعة ليست في يدي، لذلك سأتناولها باختصار شديد ( اختفت الأصول مع سرقة مكتبي منذ عامين، ومما سرق جهازا كمبيوتر كانا يحتويان على أرشيفي الخاص- بالمناسبة.. تعودت منذ أعوام طويلة أن تتم سرقة منزلي أو مكتبي مرة في السنة.. لكن اللص لم يأت في العام الماضي – 2005- و أوجه سؤالي للأمن: عسى أن يكون المانع خيرا!.)
أحد أصدقاء الدكتور هاني السباعي كتب كتابا عن الدكتور أيمن الظواهري، وكان قد طلب من الدكتور هاني السباعي أن يكتب مقدمة للكتاب، فكتبها، لكنه فوجئ عند نشر الكتاب بظلم شديد للدكتور أيمن الظواهري فما كان منه إلا أن أصدر بيانا يوضح فيه الحقيقة رغم ما فيها من حرج مع صديقه الحميم، ومع القراء أيضا، فقد كان مضطرا للتصريح بأنه سمع الكتاب في الهاتف، وعلى خلفية هذا السماع كتب المقدمة، لكنه بعد نشر الكتاب فوجئ بما فيه لذلك فإنه يقرر أنه كتب المقدمة دون أن يقرأ الكتاب. ( أعتمد على الذاكرة في هذه الواقعة)..
***
بلغت الشجاعة بهاني السباعي أن يكتب مقالات من نوع: تسريح الجيوش العربية ضرورة شعبية.. ويصرخ: كيف تنام العين ملء جفونها على نيران وحمم تصب على العجائز والأرامل والنساء والولدان في العراق.. كيف تنام العين ملء جفونها وبغداد التاريخ والحضارة وفردوس العرب والمسلمين يستأصل أهلها وتهدم مساجدها وتحبس مآذنها وتمزق مصاحفها.. وكيف تكتحل العين بنوم وبلد أبي الأنبياء يدنس ترابها.. فلم تنم أعين الشرفاء في بقاع الأرض خرجوا في تظاهرات عارمة مزمجرة منددة بالعدوان الغاشم الظالم على العراق وتاريخه.. لكن الجيوش العربية نائمة في سبات عميق نوم أصحاب القبور!! ..
***
لطالما تساءلت في غضب: لماذا لا يثور الناس.. متى يثورون..
لماذا لم يثوروا من أجل دينهم و أمتهم و أنفسهم..
ويجيبني هاني السباعي في مقال راح يناقش فيه الرهان الخاسر على قيام الشعوب العربية بثورة ويبحث عن الأسباب:
يتساءل الناس أين ثورة الجماهير التي كنا نراهن عليها إذا ما دخلت جحافل العدوان الأنجلو أمريكي للعراق؟ أين هذه الجماهير المزمجرة لم لم تحطم القيود وتكسر الأغلال وتنقذ العراق؟ لم لم تتحرك هذه الجماهير وبغداد تسقط أمام أعيننا جميعاً؟! أين شعارات الجماهير وصرخاتهم التي كانت تقول: الجهاد الجهاد.. لن نسكت.. لن نركع .. لن ترضى.. لن وألف لن! فمن قبل لم تفعل هذه الجماهير شيئاً للمسجد الأقصى الأسير على رغم قداسته فهل كان يرجى منها فعل شيء لإنقاذ مسجد أبي حنيفة في العراق؟!!
أمر محير ومفتت للأكباد بحق.. هل ماتت الأمة؟
لماذا صرنا إلى هذا الحضيض ؟
ما السر في هذا الخذلان الذي صار سمة هذه الشعوب العربية والإسلامية؟
أمة تصفق لجلاديها وتخرج في تظاهرة كروية بصورة مخزية وهم يلوحون بأعلامهم الخائبة لانتصار فريقهم المغوار!! أكثر مما تخرج في تظاهرة تندد بالعدوان على إخوانهم في فلسطين والعراق؟!
ويصرخ هاني السباعي:
أين الخلل إذن ؟!
هل العيب في الشعب أو في هذه القيادات أو في كليهما معاً..
***
***
يخيل إلى أحيانا أن هاني السباعي يلوم نفسه لأنه لم يكن ألف رجل.. إنه يصحح المفاهيم ويسرد الحقائق ويدحض الأكاذيب ويكتب ويناظر ويخطب ويؤبن الشهداء ويفضح الظلمة وينشر عن المعتقلين ويحذر من تدهور صحة المرضى ويهتك أستار الجلادين وينشر الأخبار ويؤكد وينفي ويدير مركزا للتاريخ ويؤلف الكتب ويكتب للصحف ويظهر على شاشات الفضائيات ويخطب لصلاة الجمعة ويشترك في الندوات والمؤتمرات والتظاهرات داخل لندن فقط.. فطبقا لقرارات مجلس الأمن ليس من حقه مغادرتها كما أنه ليس من حقه أن يقرض أو يقترض ( إذا ثبت أن أي واحد حتى زوجته أعطته قرشا واحدا يحكم عليها بالسجن. ) ولا من حقه أن يكون له حساب في البنك ولا بطاقات ائتمان.. لأي حالة أشبه ما تكون بالإعدام المدني.. ومع ذلك.. وفي هذه الظروف والأحوال يخيل إلى أنه يلوم نفسه لأنه لم يكن ألف رجل..
***
لا يقتصر الدكتور هاني السباعي على ذلك، فهو يكتب في التفسير وفي الحديث وفي السيرة وفي الفقه وفي التاريخ وفي الأدب، بل ويقرض الشعر أيضا.
إنه يكتب في مواضيع لا يهتم بها إلا صفوة الصفوة.. فمن ذا الذي يتصور أنه وسط ذلك الحصار والرعب والانتظار اليومي لما هو أقسى من جوانتانامو.. بل لمن يهددون أسرى جوانتانامو بهم.. ينتظر كل يوم الترحيل إلى سجون مباحث أمن الدولة في مصر.. وبالرغم من ذلك يكتب عن خليفة بن خياط ومنهجه في كتابة التاريخ..!! ويجري بحثا عميقا يضعه فيه كمصدر من مصادر السيرة النبوية قبل تاريخ الإسلام للذهبي والكامل لابن الأثير.. ويدفع عنه ما أثير حوله مقررا أنه قد ظلم حياً وميتاً فقد ابتلي بالمعتزلة الذين أتعبوه كثيراً وناصبوه العداء في عصر الخليفة المأمون وحسده أقرانه لسعة علمه وثقة الناس به. وظلم ميتاً حيث لم يأخذ مكان الصدارة في التاريخ الإسلامي ولم يهتم به الباحثون الاهتمام اللائق كمحدث ومؤرخ من كبار مؤرخي الإسلام.
يا إلهي..
يا لهؤلاء المجاهدين من أمثال هاني السباعي..
يتعرضون من العالم لهذا الظلم كله.. ويهاجمون الظلم هذا الهجوم كله حتى لو حاق بالكفار وحتى لو كان في أضابير التاريخ..
***
يتبع الحكام العرب مذهب بوش ورامسيفيلد فيواجههم و ينشر بحثا فقهيا عن حكم إمامة المرأة للرجال في الصلاة، فيفضح ما يراد بهذه الأمة، ثم يلتفت إلى مصر، إلى وزير الأوقاف الذي أزعجه أذان المساجد ولم تزعجه أجراس الكنائس ولا ضجيج الحانات والأفراح والمواكب فأصدر قرارا بتوحيد الأذان لينبري له فارسنا المغوار كاتبا: فتوى توحيد الآذان من كتشنر الإنجليزي إلى وولش الأمريكي: " التساؤل المتبادر إلى الذهن لماذا أثار وزير الأوقاف هذه الحملة (توحيد الآذان) في هذه الأيام الحوالك والأمة بهذا الضعف؟! هل هذه دعوى مبرأة؟ أليست لها علاقة بالأجندة الأمريكية من تجفيف منابع التدين وتغيير مناهج التعليم.. والحملة المسعورة على ما يسمى بمحاربة الإرهاب أعني مكافحة الإسلام؟! أم أنها بحق فتوى باطلة يراد بها باطل؟! .
ثم ما تلبث أحداث التعذيب أن تلهب ضميره فيكتب رسالة إلى "عبد المأمور": يحار المرء عندما يشاهد أشاوس الأمن وهم يضربون المتظاهرين بوحشية! هل هم بحق من أبناء جلدتنا؟! هل لهم أحاسيس ومشاعر مثلنا؟! هل يحملون هموم هذه الأمة؟! وعن أية قضية يدافعون؟! فإذا كان المتظاهرون من طلاب ورجال فكر وثقافة وكافة طوائف الشعب يتظاهرون من أجل قضية نبيلة - وهي قضية فلسطين - فأية قضية تلك التي تحرك هؤلاء الجنود الذين يقمعون هذه التظاهرات؟! هؤلاء العبيد! و عبيد العبيد من رجال الأمن وجلاوزته ومن جيوش الخزي والعار؛ أصحاب المدافع المتصدئة والنياشين والأنواط المزيفة... حذار! حذار! لقد تمخض الزلزال... فلن ترحمكم الجماهير المزمجرة لأنكم لم ترحموها!
وقديماَ قيل: "من لم يرحم لا يرحم"!
وقبل أن يستريح من الألم قلبه يتذكر الأسرى فيكتب:
"أنقذوا الأسرى قبل فوات الأوان..إن الذي يحدث في أفغانستان الآن جريمة ضد المسلمين بصفة خاصة وضد الإنسانية بصفة عامة.. وإننا نتساءل ما دور هذه المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الأسير وحالات الحرب، مثل منظمة الصليب الأحمر والمنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان؟ لماذا لا تحرك ساكناً؟! ألأن الضحية مسلمون؟! أم لأن المعتدي هي أمريكا؟! أم لكليهما معاً؟! لماذا تنفرد أمريكا بسجن الأسرى الأفغان العرب وغير العرب؟ لماذا لا تتدخل المنظمات التي تعنى بحقوق الأسير وتطالب بوقف هذه المهزلة الأمريكية؟ كيف يسكت العالم عن هذه الجريمة البشعة التي يتعرض لها الأسرى الأفغان العرب وغير العرب سواء في المجزرة البشعة في قلعة جانجي في مزار شريف التي تمت بكل خسة وخساسة أم في هذا القتل المتعمد لهؤلاء الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ مع تخريب للبيوت وتدمير لكل شيء!!
هل تبحث عن هاني السباعي.. ؟..
إبحث عنه حيث يحب الله أن يراه.. هناك ستجده..
ابحث عنه عند مظلوم ستجده يساعده في رفع الظلم..
ابحث عنه عند مسجون ظلما..
ابحث عنه عند مخطوف غدرا..
ابحث عنه عند خائن يواجهه..
وعند كاذب يكذبه..
وعند صادق يؤيده..
وعند مزور يفضحه..
ابحث عنه عندما تشم رائحة شعر يحترق..
فلقد حرقوا له لحيته بالنار..
هل قلت حلقوها.. أم قلت حرقوها..
حلقوها.. حرقوها.. حلقوها.. حرقوها. حرقوها .. حلقوها..حلقوها.. حرقوها.. لا فرق بين الكلمتين سوى الجلد المشوي بعد الحلاقة بالنار.. هل تخيلت نفسك أبدا والنار تشتعل في وجهك.. تحرق وجهك.. تأكل وجهك.. ورائحة هذا اللحم المشوي.. قد تكون رائحة لحم الوجه المحترق بوقود اللحية.. وقد تكون حلمة الثدي التي أطفأ الجلاد فيها سيجارته المشتعلة.. هل سمعت الصوت.. صوت اللحم يطفئ النار والنار تحرق اللحم أم جربت الجلد بالسياط على وجه احترق جلده.. أم جربت ألا تكون أذرعة السوط خيوطا من المطاط بل أسلاكا مجدولة من النحاس والصلب مع قطع موضوعة كي تنهش اللحم نهشا.. هل جربت نهش اللحم النيئ أم جربت نهش اللحم المشوي هل علقوك؟ هل التعليق مؤلم؟ فماذا إن كان التعليق من رسغ مكسور... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه..
هذا هو هاني السباعي المتهم بالإرهاب..
أي رجل هو..
هذا الذي ينشر الوعي بين المسلمين على حساب قوته..
هل قلت على حساب قوته؟..
عذرا..
فلم يعد له قوت..
منعوا عته كل راتب وكل معونة وحتى الدواء منعوه.. وتفضلوا عليه بالسماح لزوجته و أطفاله بالإنفاق عليه للمأكل والملبس والمشرب وليس أكثر.. ممنوع حتى أن يعطوه ثمن تذكرة للمترو.. وأي واحد في هذا العالم يحاول مساعدته سيسجن!!
هذا هو هاني السباعي الذي ينشر الوعي بين الأمة بقوت زوجته و أبنائه فيبارك الله له فيما يعطي وليكون أكثر تأثيرا ومصداقية من صحف عربية تقدر ميزانيتها بالملايين وخسائرها بالمليارات ( راجع خسائر الأهرام على سبيل المثال).
***
هاني السباعي أفضل من يحلل خطابات القاعدة، يتلوه في ذلك عبد الباري عطوان، ومع ذلك فقد استبعدت قناة الجزيرة الأول تماما واستبعدت الثاني جزئيا، ولا ريب عندي أن هذا يتم بتدبير أمريكي، إن أمريكا لا تريد تفسير الشيخ أسامة بن لادن ولا شرحه، إنما تريد تشويهه والكذب عليه، وفي هذه الحالة فإن هاني السباعي هو آخر من يناسب الاحتياجات الأمريكية، وسوف نتناول الآن كيف فسر هاني السباعي أحد بيانات شيخ المجاهدين تحت عنوان " قراءة في خطاب الشيخ أسامة بن لادن للشعب الأمريكي": مما لا شك فيه أن ظهور الشيخ أسامة عيدٌ على عيد الفطر المنتظر لدى أتباعه ومحبيه في العالم الإسلامي. لقد صام المسلمون رمضانين، وها هم أولاء يفطرون على أحلى وأشهى وجبة فطور (حديث الشيخ أسامة). وإذا كان لا بد لنا من تعليق على حديث زعيم تنظيم قاعدة الجهاد فإننا سنتنناوله على النحو التالي:
أولاً: من الناحية الشكلية:
(1) ظهر الشيخ أسامة بزيه العربي وبعباءة ذهبية اللون يقف خلف طاولة أشبه بمنصة يلقي بيانه المرتقب في الوقت المناسب الذي اختاره بعناية بعد أن أشاع المرجفون في العالم بأن بوش عشية الانتخابات الأمريكية سيعرض الشيخ أسامة في قفص كما فعل تيمور لنك مع السلطان العثماني بايزيد الملقب بالصاعقة!! فكان ظهور الشيخ أسامة رسالة فرح وحزن في آن واحد؛ رسالة فرح وحبور لدى أحبابه وكل المستضعفين في العالم ورسالة غم وحزن ونذير شؤم على الحكومة الأمريكية ومبغضيه في العالم.
(2) نلاحظ أنه لم يرتد سترته العسكرية مثلما كان يفعل من قبل وفي ذلك إشارة إلى استقراره وشعوره بالطمأنينة مع تشتيت أنظار المخابرات الأمريكية ومن يتعاون معها؛ هل هو موجود في أفغانستان أم في باكستان أم بين القبائل الأفغانية والباكستانية أم أنه على حدود الصين أم في دولة أخرى!! وهي رسالة تيئيس وإغاظة للحكومة الأمريكية وحلفائها ولسان حاله يقول: لا تتعبوا أنفسكم في البحث عني فأنا ها هنا حيث أتمتع بحماية الله لي. وهي رسالة قوية إلى الشعب الأمريكية أن حكومته التي صرفت المليارات للقبض عليه فشلت.. وكأنه يقول لهم بلسان الشرع (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم). كما أنها رسالة للشعب الأمريكي ضد وسائل إعلامه المسيسة التي رسمت صورة نمطية له بأنه رجل شرير يختبئ في كهوف أفغانستان.. فها هو ذا يبين لهم أنه متابع لكل صغيرة وكبيرة للمجتمع الأمريكي وأنه معهم حتى في انتخابات الرئاسة حامية الوطيس أي أن إعلامهم يضللهم مثل حكومتهم المركزية!!
***
إنني أستعرض مقتطفات من هنا وهناك لكي يدرك القارئ في النهاية لماذا اعتبر مجلس الأمن هاني السباعي إرهابيا.. هل لأنه يمسك السلاح أم لأنه يمسك القلم.. هل لأنه يفجر آليات العدو ومنشآته أم لأنه يفجر أكاذيبه ومفترياته..
ليس الوقت وقت هذر..
والقلب المجروح لا يستطيع أن يضحك..
ولكن الطرفة معبرة بدرجة يصعب تجاهلها في هذا الظرف..
إذ يذكر أن الشيخ إمام، وهو مغن كفيف مشهور جدا خاصة في السبعينيات، حيث غنى أغاني معارضة قوية كان معظمها من تأليف أحمد فؤاد نجم، وذات ليلة كان يغني ويعزف على العود في حفلة خاصة، وكان يدخن مع أصحابه الحشيش.. وصرخ الصبي الذي تركوه في الخارج:
- البوليس يا مولانا..
فصرخ الشيخ إمام على الفور:
- ارموا العود من الشباك..
كان الشيخ إمام قد أدرك أن البوليس إنما جاء لا ليضبط الحشيش بل ليضبط الأغنية، لذلك طلب منهم أن يتخلصوا من العود لا من الحشيش..
***
نعم تجريدة مجلس الأمن على هاني السباعي ليست بسبب الإرهاب بل بسبب ما يكتب، بسبب إصراره على إعلان الحقيقة.
إنه يرفض على سبيل المثال مسخرة التوبة في مباحث أمن الدولة ومهزلة تراجعات"الجماعة الإسلامية".. إنه لا يهادن ولا يداهن ولا يجامل، إنه يهاجم من ينحرف عن جادة الطريق أيا كان موقعه، ويواجه قادتهم لأن تراجعاتهم تتخذ أساساً لتوجيه سهام الاتهام إلى الإسلام العريض وليس إلى جماعة بعينها. فالمنتقدون يتخذون تنازلات هذه الجماعة ومراجعاتها وانهيارها الفكري... للقول إن هذا الإسلام الرافض هيمنة الحكام والأميركيين غير صالح. هذه المراجعات وُلدت في بيئة غير صالحة. وُلدت في بيئة السجون التي لا تُفرز إلا سلخاً مشبوهاً. وهذا السلخ المشبوه سمّوه بعد ذلك المراجعات الفكرية لـ"الجماعة الإسلامية". لماذا لا يُفرجون عن قادة "الجماعة" ليكونوا في مناخ خصب وليصلوا إلى الأفكار التي وصلوا إليها أو إلى أفكار أخرى غير التي وصلوا إليها، لنستطيع أن نعلم أن هناك حرّية رأي واختيار...
***
إنني أزدري كثيرا أولئك الذين يشفعون دفاعهم عن مجاهد بتعداد أوجه الخلاف بينهم وبينه، يفعلون ذلك قربانا للطاغوت.. يفعلون ذلك خشية اتهامهم بالإرهاب مثله.. وبدلا من أن يجاهروا بأن الإرهابيين هم الذين يتهمونه بالإرهاب إذا بهم يأخذون اتهامه بالإرهاب كقضية مسلمة.. ثم يبدءون البحث عن مسوغات الرأفة والرحمة لا العدل..
لا..
أنا أبحث عن العدل..
والعدل أن يحاصر محاصروه وأن ينكل بمضطهديه و أن يقتل من يريدون قتله..
لكنني هنا مرغما.. ولسبب آخر تماما.. أقول أنني مع هاني السباعي في نفس الخندق.. لكن هناك تمايزا في الرؤى ولولا أناس أحبهم أخشى أن يفهم أنني أؤيد رأي هاني السباعي فيهم لما كتبت هذه الفقرة. من هؤلاء الناس الدكتور يوسف القرضاوي والإخوان المسلمون ( والحب لا يعني تأييدا أعمى ولا صكا بدون شروط).
يتمايز موقفي معه أيضا فيما يتعلق بالشيعة.. وبرغم أنني أدرك خطورة الانحراف العقدي عند بعض الشيعة إلا أنني لا أعمم هذا الموقف على عامتهم.. ( هل يمكن مثلا أن نعتبر شيخ الأزهر السني ممثلا لهاني السباعي السني؟ أم أنهما على طرفي نقيض) لا أنكر أنني غاضب أشد الغضب من خيانتهم للأمة في العراق ولكن ذلك لم يجرمني ألا أعدل. ولقد كنت أتمنى أن تصهر نار المقاومة الخلافات الموروثة ومدركا أن الصحوة تؤتي أكلها في القضاء على الانحرافات ( لا حظ مثلا تنصل الصوفية في مصر مما كانوا يفخرون به منذ أعوام ) كنت أتمني ذلك لكن قادتهم قادوهم إلى عار الدنيا وخزي الآخرة.
***
أزعم أنني شعرت بجزء ضئيل جدا من إحساس الحصار الذي يحس به هاني السباعي أيام ما عرف بأزمة الوليمة.. كان الطاغوت قد حاصرني حصارا أليما، أغلقت الشعب، وكان الاعتقال متوقعا في كل لحظة، وكنت غاضبا وراغبا في مواصلة الجهاد في سبيل الله وكانت الطرق موصدة في وجهي ( صودرت صحيفة الحقيقة لأنها نشرت لي مقالا رغم أنها شوهته كي لا تغضب الأمن..)
وكنت أدعو ربي: يا رب.. لقد قلت وقولك الحق:
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97) النساء
فأي بلد من بلاد الدنيا تسعني كي أدافع عن دينك..
بلادي لا تسعني.. فأي بلاد الله تحتملني..
هل أذهب إلى السعودية..
إن الطاغوت هناك لا يقل عن هنا..
هل أذهب إلى أوروبا..
هل أذهب إلى الهند؟..
إلى الباكستان أو أفغانستان..
وضاقت بي الدنيا بما رحبت..
ورحت أقرأ الظلال:
إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. . قالوا:فيم كنتم ? قالوا:كنا مستضعفين في الأرض. قالوا:ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ? فأولئك مأواهم جهنم, وساءت مصيرا. إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان, لا يستطيعون حيلة, ولا يهتدون سبيلا. فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم, وكان الله عفوا غفورًا. .
لقد كان هذا النص يواجه حالة واقعة في الجزيرة العربية - في مكة وغيرها - بعد هجرة رسول الله [ ص ] وقيام الدولة المسلمة. فقد كان هناك مسلمون لم يهاجروا. حبستهم أموالهم ومصالحهم - حيث لم يكن المشركون يدعون مهاجرا يحمل معه شيئا من ماله - أو حبسهم إشفاقهم وخوفهم من مشاق الهجرة - حيث لم يكن المشركون يدعون مسلما يهاجر حتى يمنعوه ويرصدوا له في الطريق. . وجماعة حبسهم عجزهم الحقيقي, من الشيوخ والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة للهرب ولا يجدون سبيلا للهجرة
وقد اشتد أذى المشركين لهؤلاء الباقين من أفراد المسلمين ; بعد عجزهم عن إدراك الرسول [ ص ] وصاحبه, ومنعهما من الهجرة. وبعد قيام الدولة المسلمة. وبعد تعرض الدولة المسلمة لتجارة قريش في بدر, وانتصار المسلمين ذلك الانتصار الحاسم. فأخذ المشركون يسومون هذه البقية المتخلفة ألوانا من العذاب والنكال, ويفتنونهم عن دينهم في غيظ شديد.
وقد فتن بعضهم عن دينهم فعلا ; واضطر بعضهم إلى إظهار الكفر تقية, ومشاركة المشركين عبادتهم. . وكانت هذه التقية جائزة لهم يوم أن لم تكن لهم دولة يهاجرون إليها - متى استطاعوا - فأما بعد قيام الدولة, ووجود دار الإسلام فإن الخضوع للفتنة, أو الالتجاء للتقية, وفي الوسع الهجرة والجهر بالإسلام, والحياة في دار الإسلام. . أمر غير مقبول. (...)..
كنا مستضعفين. يستضعفنا الأقوياء. كنا أذلاء في الأرض لا نملك من أمرنا شيئا.
وعلى كل ما في هذا الرد من مهانة تدعو إلى الزراية ; وتنفر كل نفس من أن يكون هذا موقفها في لحظة الاحتضار, بعد أن يكون هذا موقفها طوال الحياة. . فإن الملائكة لا يتركون هؤلاء المستضعفين الظالمي أنفسهم. بل يجبهونهم بالحقيقة الواقعة ; ويؤنبونهم على عدم المحاولة , والفرصة قائمة:
قالوا:ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟!..
إنه لم يكن العجز الحقيقي هو الذي يحملهم - إذن - على قبول الذل والهوان والاستضعاف , والفتنة عن الإيمان . . إنما كان هناك شيء آخر . . حرصهم على أموالهم ومصالحهم وأنفسهم يمسكهم في دار الكفر , وهناك دار الإسلام . ويمسكهم في الضيق وهناك أرض الله الواسعة . والهجرة إليها مستطاعة ; مع احتمال الآلام والتضحيات .
وهنا ينهي المشهد المؤثر , بذكر النهاية المخيفة:
فأولئك مأواهم جهنم , وساءت مصيرًا . .
ثم يستثني من لا حيلة لهم في البقاء في دار الكفر ; والتعرض للفتنة في الدين ; والحرمان من الحياة في دار الإسلام من الشيوخ الضعاف , والنساء والأطفال ; فيعلقهم بالرجاء في عفو الله ومغفرته ورحمته ..
ثم ما لبثت أحداث سبتمبر أن جاءت.. و رغم إدراكي لخطورة العواقب فقد أيقنت بالبشارة.. لقد قال الله وقوله الحق: "قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا.." .. وقول الله قانون تنفذه السماوات والأرض طوعا أو كرها.. والله قد من على عباده المؤمنين بأرض يمكن أن يهاجروا إليها .. و أمريكا تحاول منع المشيئة.. إذن .. ستنكسر أمريكا..
على أي حال شعرت أيامها بقسوة الحصار..
وهو حصار لا يمكن أن يقارن بما يعانيه هاني السباعي.. بل إن حصار هاني السباعي لا يمكن أن يقارن بحصار تيسير علوني.. كما أن حصار تيسير علوني لا يمكن أن يقارن بحصار سامي الحاج في جوانتانامو.. بل إن حصار أسرى جوانتانامو لا يقارن بحصار مباحث أمن الدولة في مصر..
على أي حال جعلني هذا الحصار أتساءل في دهشة وفي ألم:
- ألا توجد في بلد من بلاد المسلمين نخوة تكفي لإجارة هؤلاء المجاهدين؟؟..
- ألا توجد نخوة؟..
- هل انعدمت الشهامة والإغاثة والشرف؟.. لقد كان الكافر يجير المسلم والمسلم يجير الكافر وما من ناقض..
وكنت وما زلت واثقا أن الصبح قريب..
***
الصبح قريب بجهاد المجاهدين القابضين على الجمر..
الصبح قريب..
إن جميع خطط الصليبيين واليهود ستفشل عندما يواجهها إيمان كإيمان الشيخ أسامة بن لادن أو الشيخ أيمن الظواهري..
أو هاني السباعي..
لن يفشل خطط الغرب ضدنا إلا الإيمان والجهاد.. فمثل هذين العنصرين غريبان على الغرب.. لم يضعهما في حسابه.. ولا يمكن لآلياته الجهنمية أن تستمر في وجودهما.. الأمر أشبه بجهاز للكمبيوتر يستطيع أن يفعل كل ما يطلب منه طالما عمل في الجو المهيأ له.. فإذا ما سكبت عليه الماء أو أشعلت تحته النار فسد كل عمله..لأنه لم يصمم للعمل في وجود هذين العنصرين..
لن يفشل خطط الغرب تجاهنا إلا الإيمان والجهاد بكل أنواعه..
نعم .. ذلك يقلب المعادلة كلها
***
بقي هناك الكثير كنت أود كتابته عن هاني السباعي.. ولكن طال المقال .. ومع إدراكي أنني حتى لو أكتب ضعف ما كتبت لما أوفيت الموضوع حقه..
كنت أريد أن أكتب عن الدكتور محمد الغنام..وياسر السري..
كنت أريد أن أكتب عن تيسير علوني وعن سامي الحاج..
كنت أريد أن أكتب عن رجل هو أمه أشعر بالخزي والعار لعجزي عن مناصرته فمثله لا يصلح له فقرة ولا مقال..
الشيخ عمر عبد الرحمن يحتاج من شيوخ الأزهر – لا شيخه- موقفا كموقف البابا شنودة تجاه النصارى المعتقلين..
وسيكون الفرق أن الشيخ عمر من كبار المجاهدين أما من ناصرهم البابا فمن صغار الفاسقين..
لقد نزفت كل كبريائي وكرامتي و أنا أقرأ على مقع إحدى الساحات استغاثة من الشيخ يقول فيها:
أيها الأخوة الأجلاء ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :-
فإن واجب النصرة عليكم أكيد ، أن تنصروا أي مسلم أسر عند الكفار وأعداء الإسلام .. فواجب النصرة أمر حسمه الدين .. ألم يتحرك جيش إسلامي تعداده سبعون ألفا من بغداد بمجرد سماع صرخة امرأة على بعد آلاف الأميال في بلاد الأتراك ( عمورية ) ؟! وذهب هذا الجيش لينصر هذه المرأة ؛ ولم يكن إجابته على صرختها كلاما أو كتابة إنما كان جيشا يدك حصون الأعداء .. أليس الحكم الشرعي أنه إذا أسر مسلم أصبح الجهاد فرض عين على الأمة الإسلامية بأسرها لإنقاذه ؟ أليس كلام الفقهاء ينص على أنه إذا أسر مسلم بالمشرق وجب على أهل المغرب المشاركة في فك أسره وأصبح إنقاذه واجبا على جميع المسلمين ؟
والشيخ يناديكم صباحا ومساءا .. وا إسلاماه ! وا إسلاماه! فلا يجد داعيا ولا مجيبا ! فواجب المسلمين في كل أنحاء العالم فك أسر الشيخ وتخليصه من سجنه وأن هذا الأمر دين في أعناقكم وأمانة في رقابكم فعليكم أن توفوا الدين وتؤدوا الأمانة وإلا فالأمة الإسلامية لآثمة كلها ! فكيف يكون الحال إذا ما كان الشيخ من علماء المسلمين ؟ إن الأمر ليشتد قوة وعزما وإن الدين يكون ألزم والإثم أعظم .
أيها الأخوة الأجلاء .. أيها المسلمون في جميع أنحاء العالم ..
إن الحكومة الأمريكية رأت في سجني ووجودي في قبضتها الفرصة السانحة فهي تغتنمها أشد اغتنام لتمريغ عزة المسلم في التراب والنيل من عزة المسلم وكرامته ، فهم لذلك يحاصرونني .. ليس الحصار المادي فحسب ، إنهم يحاصرونني حصارا معنوياً أيضا ، حيث يمنعون عني المترجم والقارئ والراديو والمسجل .. فلا أسمع أخبارا من الداخل أو الخارج ، وهم يحاصرونني في السجن الانفرادي فيمنع أحد يتكلم العربية أن يأتي إلي فأظل طول اليوم والشهر والسنة لا أكلم أحدا ولا يكلمني أحد .. ولولا تلاوة القرآن لمسني كثير من الأمراض النفسية والعقلية .. وكذلك من أنواع الحصار أنهم يسلطون علي ( كاميرا ) ليلا ونهارا لما في ذلك من كشف العورة عند الغسل وعند قضاء الحاجة، ولا يكتفون بذلك .. بل يخصصون مراقبة مستمرة عليّ من الضباط ، ويستغلون فقد بصري في تحقيق مآربهم الخسيسة .. فهم يفتشونني تفتيشا ذاتيا فأخلع ملابسي كما ولدتني أمي وينظرون في عورتي من القبل والدبر .. وعلى أي شيء يفتشون ؟؟ على المخدرات أو المتفجرات ونحو ذلك ويحدث ذلك قبل كل زيارة وبعدها وهذا يسيء إلي ويجعلني أود أن تنشق الأرض ولا يفعلون معي ذلك ..
ولكنها كما قلت الفرصة التي يغتنمونها ويمرغون بها كرامة المسلم وعزته في الأرض ، وهم يمنعونني من صلاة الجمعة والجماعة والأعياد وأي اتصال بالمسلمين .. كل ذلك يحرمونني منه ، ويقدمون المبررات الكاذبة ويختلقون المعاذير الباطلة ، وهم يسيئون معاملتي أشد الإساءة .. ويهملون في شؤوني الشخصية كالحلق وقص الأظافر بالشهور ، كذلك يحملونني غسل ملابسي الداخلية حيث أنا الذي أمر الصابون عليها وأنا أدعكها وأنا أنشرها وإني لأجد صعوبة في مثل هذا ثم إني لأشعر بخطورة الموقف فهم لا محالة قاتلي .. إنهم لا محالة يقتلونني لا سيما وأنا بمعزل عن العالم كله ، لا يرى أحد ما يصنعون بي في طعامي أو شرابي ونحو ذلك وقد يتخذون أسلوب القتل البطيء معي .. فقد يضعون السم في الطعام أو الدواء أو الحقن .. وقد يعطونني دواءاً خطيرا فاسداً .. أو قد يعطونني قدراً من المخدرات قاتلاً أو محدثاً جنوناً .. خصوصاً وأنا أشم روائح غريبة وكريهة منبعثة من جهة الطابق الذي فوقي مصحوباً بها ( وش ) مستمر كصوت المكيف القديم الفاسد ومعه خبط وقرع وضوضاء
وطرق كصوت القنابل يستمر للساعات ليلاً ونهارا .. وهم سيختلقون عندها المعاذير الكاذبة والأسباب الباطلة فلا تصدقوا ما يقولون .. إنهم يجيدون الكذب وقد يختلقون إساءة خلقية ويستخرجون لها الصور .. فكل ذلك ينتظر منهم .. وأمريكا تعمل على تصفية العلماء القائلين للحق في كل مكان .. فقد أوحت إلى زبانيتها في ( السعودية ) فسجنوا الشيخ (سفر الحوالي ) والشيخ ( سلمان العودة ) وكل المتكلمين بالحق ، كذلك صنعت مصر ..
وجاءت التقارير القرآنية عن هؤلاء اليهود والنصارى ولكننا ننسى أو نتناسى ؛
قال الله تعالى { ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا }
{ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم }
{ كيف وإن يظهروا عليكم لا رقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون }
{ لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولائك هم المعتدون }
{ إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداءً ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون }
إن هؤلاء هم الذين يحاربون أي صحوة إسلامية في العالم كله ويعملون على إشاعة الزنا والربا وسائر أنواع الفساد في الأرض كلها ..
أيها الأخوة ..
إنهم إن قتلوني - ولا محالة هم فاعلوه - فشيعوا جنازتي وابعثوا بجثتي إلى أهلي لكن لا تنسوا دمي ولا تضيعوه بل اثأروا لي منهم أشد الثأر وأعنفه وتذكروا أخا لكم قال كلمة الحق وقتل في سبيل الله..
تلك بعض كلمات أقولها هي وصيتي لكم؛
سدد الله خطاكم وبارك عملكم.. حماكم الله.. حفظكم الله.. رعاكم الله، مكن الله لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم / عمر عبد الرحمن
قلت لنفسي – محاولا تقليل وزري- أن هذا الأسلوب شبيه بمبالغات بعض الشيعة في أحداث استشهاد سيدي وحبيبي ومولاي ومهجتي الإمام الحسين..
كنت أشو نفسي و أخدعها.. لكن هذه الاستغاثة سرعان ما تأكدت من موقع موثوق به – هو موقع شهود- نشر تصريحات زوجة الشيخ الدكتور عمر عبد الرحمن إذ قالت زوجي يعاني ظروفا غير إنسانية في سجنه الأميركي حيث حكمت عليه الولايات المتحدة بالسجن مدى الحياة بدعوى التورط في تفجيرات نيويورك عام 1993.. قالت إن زوجها حالته الصحية تتدهور يوماً بعد يوم نتيجة أمراض مزمنة يعانيها مع عدم وجود إشراف صحي وطبي مناسب في سجنه الأميركي.
وكشفت في مقابلة نشرها موقع "شهود" الإخباري أن زوجها موجود في الحبس الانفرادي بعدما نقل أخيراً من المركز الطبي "روشستر مينيسوتا" إلى سجن على أعلى درجات الحراسة والأمن في كولورادو ومنه إلى سجن "سبرنج فيلد" وغير مسموح له بالزيارة نهائياً.
ومن جهته؛ أكد حسن مهندس الكمبيوتر والإحصاء, 24 عاما, نجل عبدالرحمن سوء الحالة الصحية لوالده ومعاناته من أمراض الشيخوخة.
وقال إن والده لا يعاني من فقدان الذاكرة وإن كانت حالته النفسية سيئة جدًا نظرًا للعزلة التامة المفروضة عليه وبخاصة عقب أحداث 11 سبتمبر، كما أن مرض السكر الذي يعاني منه وصل إلى حالة متأخرة بلغت درجة فقدانه لحساسية أطرافه في أصابع يده فلم يعد يستطيع القراءة أو الكتابة بطريقة (برايل) وهي المخصصة للمكفوفين وضعاف البصر كما كان يفعل من قبل بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم ومعاناته من أزمة صدرية حادة فضلاً عن انخفاض وزنه حوالي 80 رطلا مما يجعله يشعر دائماً بحالة من الضعف العام تعتريه.
وتحدثت عائشة عن زيارتها الوحيدة لزوجها في السجن الأميركي فقالت: "الأحوال في السجن سيئة ومتردية للغاية, وتسلط على الشيخ الضرير الكاميرات بالصوت والصورة طوال الـ24 ساعة يوميًا، كما يقوم زوجها بغسل ملابسه الداخلية".
وقالت: "لا يوجد معه من يقوم بإحضار الأشياء أو ترتيبها ووضعها في المكان الصحيح وليس معه من يكلمه أو يتكلم إليه طوال الليل والنهار وليس معه من يأنس إليه من الناس بحيث لا يوجد معه لا قريب مسلم ولا من يتكلم العربية ويبقى على ذلك طوال الليل والنهار".
وأكدت السيدة عائشة وجود تفرقة عنصرية في السجن من حيث المعاملة وقالت: "فإذا ما نادى أي سجين ضباط الحراسة أسرعوا له أما زوجي فيظل يطرق الباب لساعات ولا أحد يريد أن يقضي له ما يحتاج إليه".
وأكدت أن زوجها لم يصل الجمعة ولا الجماعة "منذ أن أتى إلى السجن الأميركي, رغم مزاعمهم عن حرية العقيدة والعبادة".
وأضافت أن "الأميركيين يصنفون زوجها ضمن المجانين، وحينما سألهم عن سبب ذلك أخبروه بأنه لا يوجد مكان غير هذا وذلك لإصابته بالأمراض النفسية، وهو العالم الأزهري الذي حصل على شهادة الدكتوراه في التفسير وعلوم القرآن بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى والذي دَرَسَ ودرَّس الإسلام قرابة أربعين عامًا".
وقالت إن زيارتها لزوجها كانت مسجلة بالصوت والصورة, مشيرة إلى أن الحراس أخبروهم "أننا لا نستطيع مصافحته بل وإن الزيارة بالكامل ستكون مسجلة بالصوت والصورة فأدخلونا من باب ودخل عبد الرحمن من باب آخر وقسموا الحجرة إلى نصفين بطاولة تجعل المسافة بيننا وبينه لا تقل عن مترين فلا تستطيع محادثته إلا بأن ترفع صوتك ليسمعك كل من يحيط بك من الحراس وغيرهم ممن أتوا بهم لمتابعة هذه الزيارة".
وعن القضايا السياسية التي اتهم فيها عبد الرحمن قالت السيدة عائشة: "لقد اتهمته سلطات الأمن خطأ في غمرة أحداث اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات وما تبعها من أحداث أسيوط لأنه قد أفتى بحل دم الرئيس السادات.. وقدم للمحاكمة العسكرية العليا في القضية رقم 7/1981م عسكرية عليا.. وتأكد للمحكمة العسكرية أنه لا صلة له بواقعة الاغتيال وأن اتهامه غير صحيح وقضت ببراءته ثم عادت سلطات الأمن إلى اتهامه خطأ مرة أخرى فنسبت إليه أنه أمير "الجماعة الإسلامية" وقدم للمحاكمة في القضية رقم 462/1982م أمن دولة طوارئ.. وثبت للمحكمة مرة أخرى أنه لا صلة له "بالجماعة الإسلامية" ولا تنظيم "الجهاد"، ولم يساهم بأي قول أو فعل في الأحداث التي اتهم أعضاء هاتين الجماعتين بارتكابها.
وأضافت أنه بعد سنوات طويلة من براءة الدكتور عمر في القضيتين المذكورتين خطب الجمعة في مسجد البلدة (مسجد الشهداء) وتجمع الناس حوله أثناء خروجه من المسجد يسلمون عليه، فاتهمته سلطات الأمن بأنه قاد مظاهرة أمام المسجد وقدم للمحاكمة، وتأكد لمحكمة الطوارئ التي نظرت الدعوة أن التهمة غير صحيحة وقضت ببراءته، وهكذا قد برئت ساحة الشيخ من كل اتهام بممارسة العنف أو المشاركة فيه على أرض مصر.
وأوضحت: "سافر عبد الرحمن إلى أميركا لممارسة نشاطه الدعوى واتخذ مقراً له مسجد الفاروق في حي بروكلين وكان طبيعياً أن يلتف الناس حوله ويؤمهم في صلاتهم، لكن اللوبي الصهيوني في نيويورك لم يرض عن نشاطه فلفقوا له اتهاماً هو وغيره من الشباب الملتف حوله بنسف مركز التجارة ومبنى الأمم المتحدة واتهامات أخرى ملفقة قضت بعقوبة السجن مدى الحياة".
وعن آخر رسالة كتبها عمر عبد الرحمن قالت: "تحدث فيها عن حصاره ماديا ومعنويا داخل السجن, فلا يسمع أخباراً من الداخل والخارج فهم يحاصرونه في السجن الانفرادي فيُمنع أي أحد يتكلم العربية أن يأتي إليّه فيظل طوال اليوم والشهر والسنة لا يكلم أحدا ولا يكلمه أحد ولولا قراءة القرآن لمسه كثير من الأمراض النفسية والعقلية".
ويقول عبد الرحمن في رسالته: "أنا بمعزل عن العالم كله لا يرى أحد ما يضعون في طعامي أو شرابي ونحو ذلك وقد يتخذون أسلوب القتل البطيء معي.
فقد يضعون السم في الطعام أو الدواء أو الحقن.. وقد يعطونني دواء خطيراً فاسداً.
أو قد يعطونني قدراً من المخدرات قاتلاً أو محدثاً جنوناً.. خصوصاً أنا أشم روائح غريبة وكريهة منبعثة من جهة الطابق الذي فوقي مصحوباً بها "وش" مستمر كصوت المكيف القديم الفاسد ومعه خبط وقرع وضوضاء وطرق كصوت القنابل يستمر للساعات ليلاً ونهاراً.. وهم سيختلقون عندها المعاذير الكاذبة والأسباب الباطلة فلا تصدقوا ما يقولون.. إنهم يجيدون الكذب وقد يختلقون إساءة خلقية ويستخرجون لها الصور".
وكشفت عن عدة محاولات للإفراج عن زوجها بالتماس قدّم إلى الرئيس الأميركي "جورج بوش" والتماس آخر إلى وزير العدل الأميركي "جون اشكروفت" والتماس إلى المسؤولين في مصر.
لا يهون عليّ أن أقول تعلموا من البابا شنودة..
يتمزق قلبي..
و أستجير فهل من مجير..
أولاً: التأكيد على فكرة أن الدولة الغربية اللادينية هي الأنموذج الأمثل لكي ينهض العالم الإسلامي.
ثانيا:ً تأكيده على أن الشريعة الإسلامية لا تمنع العمل بقوانين وضعية!!
ثانياً: إحياء النعرات الفرعونية والتأكيد على فكرة القومية المصرية.
ثالثاً: التأكيد على ولاء الوطن قبل ولاء الدين والعقيدة.
رابعاً: تأكيده على أن سفور المرأة لا يدل على انحطاط المجتمع.
خامساً: التأكيد على أن اختلاط الرجال بالنساء على الطريقة الغربية لا ينافي الدين والأخلاق.
سادساً: تأكيده على أن فنون الرقص والغناء والتمثيل عمل ممدوح من قبيل الأعمال الرياضية.
سابعاً: تثبيت فكرة أن الكتابة بالعامية المصرية أسرع وصولاً للجماهير.
***
لا ينكص هاني السباعي عن المواجهة مهما كانت ضخامة الصنمإنه يواجه طه حسين غير هياب ولا وجل..
ففي مقال بعنوان "العلمانيون وثورة الزنج" يبدأ المقال بقوله:
كان لطه حسين السبق في إبراز أحداث النشاز في التاريخ الإسلامي ؛ ففي سنة 1946 نشر مقالة في مجلة (الكاتب المصري) بعنوان (ثورتان) حث فيها طه حسين الأدباء والمثقفين العرب على استلهام ثورة الزنج كما استلهم الأوربيون ثورة (سبارتكوز) بغية الوصول إلى العدالة المنشودة على حد زعمه ومن ثم فقد فتح طه حسين شهية العلمانيين وخاصة الماركسيين والشيوعيين ومن يسمون أنفسهم اليسار الإسلامي!، وأرباب المدرسة الاعتزالية للنيل من الإسلام بحجة البحث والإبداع وإيصال الماضي بالحاضر!
***
لا يخاف هاني السباعي من حجم الأصنام..انظر مثلا إلى بحثه: " زنادقة الأدب والفكر" حيث يكتب:
لقد ابتلي هذا العصر بوجود مجموعة من الزنادقة الذين خرجوا من رحم المنظومات المعادية للإسلام وللأسف الشديد فإنهم منتشرون في كثير من المناحي الحياتية ولهم صوت مسموع في وسائل الإعلام والأخطر من ذلك كله أنهم يعملون في مجال تشكيل العقول وغسيل أمخاخ أجيال كاملة من المسلمين عبر مناصبهم في مجال التربية والتعليم على كافة مستوياته.. من أمثال طه حسين الملقب بعميد الأدب العربي ظلماً وزوراً.. ونجيب محفوظ صاحب رواية أولاد حارتنا التي نال بسبب جائزة نوبل المشبوهة!! ومحمد أركون المولود عام 1928 في منطقة القبائل بالجزائر.. وعزيز العظمة وهو سوري لا يؤمن بأي دين.. ومحمد بنيس من مدينة فاس ولد عام 1948.. وبلند الحيدري ولد في بغداد عام 1926م وهو ملحد زنديق.. أدونيس: واسمه الحقيقي على أحمد سعيد أسبر ولد بقرية قصابين بسوريا عام 1930م. اختار لنفسه اسم أدونيس وهي رمز لإله الخصب عند اليونان قديماً .. ومعتقده القديم مذهب النصيرية ثم صار شيوعياً ثم تأمرك وصار لا دينيا ومن كبار الزنادقة.. أسس مجلة مواقف عام 1968م ..
ويخلص الدكتور هاني السباعي إلى أن الزندقة الجديدة قد خرجت من رحم الزندقة القديمة، فنفس الأهداف والمنطلقات التي انطلق منها الزنادقة الأوائل كابن عبد القدوس وبشار بن برد وابن الريوندي وعيسى الوراق والشمغاني والحلاج والسهروردي.. كذلك سار على نفس الدرب الزنادقة الجدد من طه حسين وحسن حنفي ومحمد أركون وجابر عصفور وشحرو وعادل ضاهر ومالك شبل وغيرهم من زنادقة العصر الحديث.. وإن كان الزنادقة الأوائل كانوا ينشرون كلامهم وأشعارهم بطرق خفية ويحتاج السلطان إلى إعمال أدلة ثبوت جريمة الزندقة كالإقرار من المنسوب إليه الشعر أو الكتاب أو شهادة الشهود وغير ذلك من أدلة وقرائن ولذلك كانوا يفلتون كثيراً نظراً لدقة أدلة الثبوت ضد هؤلاء الزنادقة قديماً.. لكن الآن حدث ولا حرج فالزنادقة يرتعون في أرض المسلمين وينتهكون عرض الإسلام ولا رقيب عليهم لأنهم بكل بساطة هم الحاكمون المتنفذون! وهم علية القوم! وسدنة الدساتير والقوانين التي تحمي مصالحهم وأفكارهم الهدامة!! ولا أكون مبالغاً إن قلت: هذا عصرهم الذهبي.. لم لا وشريعة الإسلام قد غابت عن الحكم منذ أكثر من قرنين تقريباً. وخلاصة القول في الزنادقة الأوائل وزنادقة العصر الحديث.. أنهم تواصوا جميعاً على هدم الإسلام وتدمير معتقدات المسلمين والطعن في كل ما هو معلوم من الدين بالضرورة.. لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة في عقيدة الإسلام إلا اتخذوها غرضاً للطعن وإثارة الشبهات.. تارة من طرف خفي وتارة كفاحاً.. حرب ضروس على الإسلام وأهله من قبل ثلة من العلمانيين اللادينيين المتآمرين الذين انسلخوا عن دينهم وعن هوية أمتهم ورغم ذلك وبكل تبجح يزعم هؤلاء الزنادقة أنهم مسلمون ويفهمون الإسلام أكثر من الصحابة الكرام بل ومن رسول الإسلام ذاته. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
***
لا يتراجع هاني السباعي مهما كانت خطورة المواجهة..إنه يواجه شيخ الأزهر لا يخشى في الله صولة جلاد ولا غدر لواء ولا لومة لائم..
ويعود هاني السباعي إلى البدايات، فبعد وفاة الشيخ جاد الحق في 15 مارس 1996 تم تعيين الدكتور سيد طنطاوي شيخاً للأزهر في 27 مارس 1996 رغم أنه كان في ذيل قائمة تضم أكثر من أربعين عالماً أزهرياً إذ تم تصعيده إلى رأس القائمة بقدرة قادر! طبعاً بقدرة تقارير أمن الدولة التي أثبتت أن الشيخ طنطاوي لا يرد يد لامس وخاصة يد رئاسة الدولة!! ومن عجائب المقارنات الأزهرية: أن هناك تشابهاً بين شيخ الأزهر عبد الرحمن تاج [1954 – 1958] والشيخ طنطاوي... فالشيخ عبد الرحمن تاج يضرب به مثل العالم الذي يكون أداة في أيدي النظام،؛ مثل العالم الذي باع آخرته بدنياه... فهو الذي أصدر فتواه الشهيرة بأحقية الدولة في التجريد من شرف المواطنة - سحب الجنسية - وكان يقصد اللواء محمد نجيب أول رئيس جمهوري لمصر بعد النظام الملكي!! لكن شهادة حق: فإن الشيخ عبد الرحمن تاج يعتبر قطرة في محيط فساد شيخ الأزهر الحالي... حيث فاق أقرانه وأتى بفتاوى وأقاويل وأحكام لم يأت بها الأوائل!! فالشيخ طنطاوي يفصل الفتاوى حسب المقياس الرسمي للدولة!!
وهذه عينة من فتاوى وسلوكيات شيخ الأزهر طنطاوي:
أفتى طنطاوي بجواز التحاق الفتيات إلى الكليات العسكرية والالتحاق بالجيش!!
أفتى بجواز تحويل الرجل إلى أنثى بشرط الضرورة الطبية.
أفتى بأن تطبيق الشريعة الإسلامية يحتاج إلى وقت طويل يصل فيها الجميع إلى القناعة.
بارك توصيات مؤتمر المرأة في بكين وقال إن مطالب مؤتمر بكين الخاصة بالمساواة بين الرجل والمرأة لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية!!
أيد طنطاوي الدولة في إغلاق بيوت الله وخاصة الزوايا والمساجد الصغيرة التي كان يتردد عليها بعض أفراد الجماعات الإسلامية.
أيد قرار رئيس الجمهورية بإحالة أعضاء الجماعات الإسلامية إلى المحاكم العسكرية!!
لم يطالب الدولة مرة - ذراً للرماد - أن تلغي قانون الطوارئ... كما لم يطالب الدولة صراحة بتطبيق الشريعة الإسلامية وقت أن كان مفتياً إلى أن صار شيخاً للأزهر!!
أما أهم فتاواه، فهي:
إباحته للربا وهي الخاصة بشهادات الاستثمار وصناديق التوفير حيث أفتى بأن المعاملات فيها جائزة شرعاً.
وفي حرب الخليج 1990 كان بوق النظام الرسمي... وقد كان في صف الكويت والسعودية حسب الدور المرسوم له من الدولة!! بل إنه ذهب بنفسه إلى السعودية لزيارة القوات المصرية في حفر الباطن!! وأيد الاستعانة بقوات أجنبية وقال بجواز ذلك شرعاً!!
نقل الشيخ صادق العدوي من خطابة مسجد الجامع الأزهر إلى مسجد النور بالعباسية ليتولى الخطابة مكانه نظراً لشعبية الشيخ العدوي المتزايدة وكثرة انتقاده للدولة.
أعلن أنه على استعداد لزيارة فلسطين إذا دعاه ياسر عرفات رغم علمه بأنه لزام عليه أن يحصل على تأشيرة من الكيان - إسرائيل -
وافق على منع كبار علماء الأزهر من الخطابة إلا بتصريح من وزارة الأوقاف.
منع إعادة طبع فتاوى الشيخ جاد الحق لأن بعضها لا يتفق مع فتاواه.
تسبب في قطع أرزاق نحو ألفي داعية أزهري من جبهة علماء الأزهر من إدارة الوعظ والإرشاد بمنعهم من ارتقاء المنابر وقصر ذلك على موظفي وزارة الأوقاف.
كان دائم التردد على أندية "اللوينز" بمصر الجديدة وغيرها، وهي أندية مشبوهة تديرها شبكات يهودية بهدف السيطرة على العالم والقضاء على الأديان وإشاعة الفوضى الأخلاقية وتسخير الشباب للتجسس على بلادهم... ذكرت جبهة علماء الأزهر التي أسست في 1946م أن هناك فتوى صادرة من الأزهر في مايو 1985 تحرم على المسلمين الانتساب تلك الأندية؛ أندية "اللوينز" و "الروتاري".
أفتى بأن الفلسطينين الذين يقومون بتفجير أنفسهم ضد أهداف مدنية إسرائيلية ليسوا شهداء... ردت عليه جبهة علماء الأزهر تحت عنوان "تبرئة وبيان" اعتبرت فيه منفذي العمليات الإستشهادية في فلسطين أنهم أفضل الشهداء، وجواز قيام الفلسطينيين بتفجير أنفسهم، لأن إسرائيل دار حرب وجميع أهلها أهل حرب ولا حرمة ولا عصمة لدمهم.
وافق على قرار وزير التعليم بمنع دخول المحجبات المدارس إلا بعد موافقة ولي الأمر.
أفتى الشيخ نبوي محمد العش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر بتحريم التعامل مع مجلس الحكم العراقي لأنه مجلس غير شرعي وأسسه الاحتلال وأن من يتعامل معه يخالف شرع الله.
زار ديفيد ولش السفير الأمريكي بالقاهرة شيخ الأزهر معترضاً على الفتوى. ثم في 29 أغسطس 2003 أصدر طنطاوي قراراً بإيقاف الشيخ العش عن العمل ونقله إلى منطقة نائية في أطراف الدلتا بمصر. ولم يكتف الشيخ بذلك بل أعلن أن الأزهر مؤسسة مصرية وليس مؤهلاً للفتوى.
أصدر قراراً بإقالة الشيخ أبي الحسن رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر بسبب تصريح له بأنه لا يجوز مد يد العون للعدوان الأمريكي على العراق ودعا إلى الجهاد ضد هذا العدوان.
أحال عالمين ضريرين - هما الدكتور إبراهيم خليفة رئيس قسم التفسير بكلية أصول الدين، والدكتور حسن محرم أستاذ العقيدة بنفس الكلية - إلى التحقيق بتهمة توزيع منشورات تسئ إلى مقام الإمام الأكبر شيخ الأزهر!!
استصدر قراراً من محافظ القاهرة يحمل رقم رقم 318 لسنة 1998م بحل جبهة علماء الأزهر وتعيين إدراة موالية له.
التقى حاخام إسرائيل الأكبر "مائير"، ومن قبله سفير إسرائيل في مصر.
تحت مسمى تطوير الأزهر؛ أيد القانون الذي يقلص سنوات الثانوي الأزهري من أربع إلى ثلاث سنوات.
أحال الدكتور إبراهيم الخولي والدكتور محمود حماية إلى التحقيق وكذلك الدكتور يحيى إسماعيل الذي غادر مصر إلى إحدى الدول العربية الذي لاحقه شيخ الأزهر قضائياً... كل ذلك بسبب معارضتهم لفتاواه الضالة!
قال أن المرأة تصلح أن تكون رئيسة للجمهورية وأنها تتمتع بالولاية العامة التي تؤهلها لشغل المنصب.
فتوى صك غفران لوزير الداخلية الفرنسي "نيكولاس سركوزي" ورئيسه "شيراك"؛ من حقهم سن قانون بحظر الحجاب!! افعلوا ما شئتم بالمسلمين فقد غفر لكم شيخ الأزهر!! أما مسلمات فرنسا فإما أن يخلعن الحجاب ويدخلن في دين الملك... فأهل فرنسا أدرى بشعابها! وإما أن يرحلن عن فرنسا أو يشربن من نهر السين أو البحر المتوسط!
***
يصرخ هاني السباعي: هل يجرؤ شيخ الأزهر أن يعلن اعتكافه في المسجد الأزهر مثلاً أو حتى في بيته احتجاجاً على تسليم السيدة وفاء قسطنطين التي أسلمت إلى الكنيسة وإجبارها على الردة؟! هل يستطيع شيخ الأزهر أن يشهر في وجه رئيس الدولة آية سورة الممتحنة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ).. وهل يستطيع شيخ الأزهر أن يعلن الاعتكاف ولو على سبيل التجربة احتجاجاً على اعتقال 60 ألف مسلم يقبعون في سجون النظام المستبد منذ عشرين سنة؟ هل يعتكف شيخ الأزهر مرة واحد مطالباً رئيسه الذي عينه بمساواة الأغلبية في كافة الحقوق التي يحصل عليها الأقباط ويحرم منها غالب الشعب المصري المسلم؟
***
ويبلغ النبل منتهاه بهاني السباعي.. وهو محاصر مضطهد مطارد بلا أمن ولا أمان لكن يملؤه الإيمان فيناصر ضميرا للأمة وسيد من سادات المجاهدين المطاردين الذين أغناهم الإيمان عن الأنام..نعم يناصر السباعي الدكتور أيمن الظواهري رضي الله عنه فيتحدث عن حسن دماثة خلقه ومرجعيته الشرعية والعلمية ونبوغه الدراسي والمهني.. إنه من أشد الناس حياء رغم علو كعبه في اللغة والبيان والشعر والأدب إلا أنه لا يرفع عينيه لمتحدثه ولا يتكلم إلا بأحسن الألفاظ ويحترم الصغير والكبير وهذا متواتر عنه ولا حاجة للاستدلال عليه.. ويتحدث السباعي عن طفولته كطفل محب للقراءة، متابع لأعمال الكبار، يعيش بين الكتب ولا يبرح مكتبة أجداه العظام.. لا غرو إذن أن يتأثر هذا الشاب بهزيمة حزيران 1967 ويحمل هم هذه الأمة لأن هذا ناموس الكبار وإلا لما وصل الظواهري إلى هذه المنزلة الرفيعة..
"لقد تأثر الظواهري في مقتبل الشباب ورغم حداثة سنه بهذه الهزيمة النكراء التي حلت بالأمة على يد الزعيم الملهم عبد الناصر!! أثرت فيه هذه الهزيمة وعلم أن العار الذي لحق بهذه الأمة هو من تفريطها في حق دينها، ومن جراء تسلط هذه الأصنام التي تعبد من دون الله!! انطلق من باب الفطرة الطاهرة ينهل من معين هذا الدين القويم.. انطلق وقد علم معالم الطريق من سيد قطب رحمه الله..
لم يكن الظواهري منطلقاً من الإحباط واليأس.. ليس هذا صحيحاً كما يظن بعض البكائين على قميص عبد الناصر!! وهذا ما لم يتسطع فهمه الكاتب الملاكي! كيف فتى في مثل هذا السن أن تؤثر فيه هذه الحوادث الجسام؟! لم يعرف هذا الكاتب أن الكبار يولدون كباراً.. "
ويرد السباعي الشبهات التي أثارها البعض عن الدكتور أيمن الظواهري بقوة وحسم فينسف الشبهات نسفا لا بقاء لها بعده إلا عند المرجفين.
***
بل إن موقف الدكتور هاني السباعي النبيل ضد الظلم لا يقتصر على إخوته في العقيدة.. إنه يدافع – على سبيل المثال عن كارلوس ومانديلا وحتى عن عبد الله أوجلان فيكتب في صحيفة القدس العربي 27 /7/2003 مقالا بعنوان" كارلوس .. مانديلا.. سلام وتحية" و ينعي في هذا المقال تخاذل العرب وانعدام وفائهم حتى أن المروءة والوفاء في الجاهلية عند بني يعرب وقحطان.. كانت موجودة بينما انعدمت عند خلف من بعدهم خلف ضيعوا المروءة والوفاء ولم تبق لهم شيم ولا خلق يعتزون بها يورثونها للأجيال!! .. إنه يشعر بالخجل أمام (أليتش راميريز سانشيز) الملقب بـ كارلوس ويريد أن يظهر له أن هناك بوناً شاسعاً بين سلف هذه الأمة وبين خلفها الضائع في مهب الأمم!!لقد سقطت قيم كان العرب يعتزون بها بعد حرب الخليج الثانية التي كانت نذير شؤم على كل الشرفاء في العالم.. وضاقت الدنيا على كارلوس بما رحبت.. تخلت عنه سوريا كعادتها دائماً كما فعلت مع عبد الله أوجلان فيما بعد حتى وقع بأمر الأمريكان في كينيا في أفريقيا حيث إن السودان لا تبعد عنها كثيراً!! وأبعد الرجل إلى اليمن التي لم ترحب باستقباله.. ومنها إلى السودان التي دخلها على حين علم من أهلها وليس على حين غفلة كما زعم النظام في وقتها!! ليتعرض لمؤامرة خسيسة يفضحها هاني السباعي.. فقد وصل الرجل إلى السودان ، وعاش في زاوية النسيان راضياً بالكفاف وأوجاع الملاريا والبعوض الضال.. باكياً على أطلال الكفاح المسلح وتحرير فلسطين الأسيرة وهلم جراً.. غير أن الرجل الذي دوخ الدنيا كان قدره مع جبهة الإنقاذ بقيادة الشيخ الدكتور حسن الترابي أو ما يسمى بالمشروع الإسلامي في السودان البعيد أصلاً عن الأنموذج الإسلامي الحقيقي.. هذه المؤامرة بدأت خيوطها منذ أن وطئت أقدام كارلوس إلى السودان يوم أن تخلى عنه الرفيق والصديق في سوريا واليمن وليبيا سدنة المد الثوري الأحمر البائد!!
وفي أغسطس سنة 1994م تم خطف كارلوس، العائذ بأهل السودان واللاجئ لما يسمى بحكومة إسلامية.. وتم تسليمه إلى فرنسا.. باسم الدين حلل الشيخ حسن الترابي صفقة الخزي والعار التي تمت بين المخابرات السودانية ومخابرات الفرنسيس!! باسم الدين ومصلحة الأمن القومي الضائع تم تسليم كارلوس بكل سهولة! بثمن بخس بيعت المروءة وبيع مجد الأجداد التليد: من حق الجوار وإغاثة الملهوف.
الحركات الإسلامية المجاهدة تندد بالجريمة:
إلا أننا هنا يجب أن نتوقف أمام ملمح شديد النبل في هاني السباعي.. ملمح من الصعب جدا إن لم يكن من المستحيل أن تجده عند غير مسلم.. إنه لا يناصر كارلوس لأنه مسلم.. بل:
ونحن نؤكد حتى ولو لم يكن كارلوس مسلماً فلا يجوز تسليمه وهذا ما تعتقده الحركات الإسلامية.. فلسنا أقل مروءة من أصحاب حلف الفضول الذين أثنى عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا يغيثون الملهوف ويعينون المظلوم ويأخذون على يد الظالم في الجاهلية!!
الملمح الآخر النبيل تلمحه في تقريظ السباعي لنلسون مانديلا:
" أما نلسون مانديلا.. الشيخ الشاب.. والمناضل النبيل.. خرج من السجن وقد فقد 27 عاماً من عمره.. دخل شاباً يقاوم نظام الفصل العنصري في بلده جنوب أفريقيا.. خرج شاباً رغم شيخوخته وبنفس حماس الماضي.. لم يكتب استرحاماً لطاغية ولم يؤلف مراجعات فكرية أو طروحات انهزامية على شاكلة مراجعات القيادات التاريخية المنتكسة في العالم الإسلامي.. لم يتبرأ من مقاومته لحكومة بلاده العنصرية.. لم يكتب صك عفران وشهادة لجبار من جبابرة الأرض كما في صك الغفران الذي منحه كبير القيادة التاريخية للجماعة الإسلامية بمصر لصاحب كامب ديفيد!!
ظل مانديلا مثل نظيره كارلوس نصيراً للضعفاء.. لم تتغير مبادئه حتى وهو رئيس لبلاده! يضرب الفارس النبيل (مانديلا) أروع المثل في العزة والإباء وهو يقف أمام طاغية العصر جورج بوش: لن أقابله إذا جاء جنوب أفريقيا.. لأنه رجل مارق يرأس نظاماً مارقاً كذب على العالم واحتل العراق يختلق الأكاذيب.. ثم وفى مانديلا بوعده ولم يقابل بوش عندما زار بلاده.. مع العلم أن هناك طابوراً كبيراً من رؤساء العرب والعالم الإسلامي في قائمة الإنتظار حتى ينالوا بركة لقاء أمير المؤمنين (جورج بوش)!!
نعم .. مانديلا.. لقد أخجلتنا في كل مواقفك المشرفة.. يوم أن كنت تدافع عن أفغانستان في الوقت الذي رحب بالعدوان الأمريكي شماريخ العرب!!
***
ليس ما يهمني أن يكون هاني السباعي قد اجتهد فأخطأ أم اجتهد فأصاب.. لكن يقيني أن الرجل صادق فيما يقول و أنه يبذل جهدا هائلا في ظروف مستحيلة، و أن هذا الجهد كله فكري.. فلماذا تريد كلاب السلطة اصطياده؟!.. و إنه في جهده هذا لا يبالي مهما ازداد أعداؤه، إنه يكتب عن المملكة العربية السعودية مثلا: "مملكة القش ؛ السعودية" فيقول: سأل سائل عن رياح التغيير القادمة على المملكة العربية السعودية؛ تلك الرياح أشبه بريح السموم التي تلفح الوجوه أو ريح الصبا التي تقلع الخيام وتكفئ القدور!! هذا النظام العاقر قد طال عليه الأمد فقست قلوب حكامه فصارت كالحجارة أو شد قسوة.. طبعاً قسوة في التعامل مع الشعوب! ورحمة ومودة واستسلام وانبطاح لأعداء الأمة من أمريكان ومن سبح بحمدهم! (...) لقد نخر السوس في أعواد القش، وكاد النفط الأسود أن يحرق أكواخ الحطب الهزيلة التي ظن سكانها أنهم يعيشون في قصور من الرخام وبيوتات من المرمر والحجر الصوان.. لكنهم سيكتشفون أنهم سحروا أعين الناس وسرعان ما تذهب الغشاوة ويظهر للعيان: أن الرخام والمرمر والحجر الصوان ما هي إلا أعواد من الحطب والقش المتهالك.
كما يكتب عن حكام الكويت مقارنا بينهم وبين أمراء الطوائف في الأندلس: منبر التوحيد والجهاد منهاج السنة مقالات آل صباح في الكويت... وآل عباد في الأندلس فيقول آل الصباح فقد تربوا على أعين الاستعمار ورضعوا ألبان الخزي والبلادة من أسيادهم الأنجلوأمريكان... فلا خير فيهم فهي سلالة وضع بذرتها الإنجليز قديما واقتطف ثمرتها الأمريكان حديثاً... وإلا ماذا عسانا أن نفسر هذا الموقف قبيل العدوان على العراق: عندما ترفض تركيا العلمانية المعادية للعرب والإسلام دخول 60 ألف جندي أمريكي لأراضيها وفي نفس الوقت نرى شماريخ آل الصباح يرحبون ويقولون هل من مزيد!!
المشكلة في ذهنية آل صباح الذين يحكمون المحمية الكويتية؛ توهمهم أن طائر "الزرزور" وهو في حجم العصفور نسرٌ عظيم وشاهينٌ كاسر!!
وتصداقا لذلك نختم بما ذكره صفي الدين الحلي الذي استوحى آل الصباح ألوان علمهم من شعره إذ يقول في نفس القصيدة:
إن الزرازيرَ لما قامَ قائمُها *** توهمتْ أنها صارتْ شواهينا
***
قد نختلف أو نتفق مع هاني السباعي لكنني أعترف أنني شديد الإعجاب بجهد الرجل ونشاطه المتنوع..
إنه يهاجم أنظمة دول كمصر والسعودية والكويت وفي نفس الوقت لا ينسى أن يتقصى موضوعات شائكة قد يكون لها رد فعل مباشر عليه وهو اللاجئ الهارب المطارد، فمثله ينشد السلامة لكن هاني السباعي ينشد الحقيقة، إنه يكتب على سبيل المثال: " هل كان للأقباط دور تاريخي في مقاومة المحتل".. فيكشف الزيف ويمحق الكذب ويدع الحقائق عارية فاضحة دامغة و إن استاء أقوام منها.. و إن ألبوا عليه كلاب الصيد.
يكتب عن اعتقاد بعض رجال الكنيسة المصرية أن ظهرهم محمي وأن وراءهم الغرب المسيحي وعلى رأسهم أمريكا؛ هذا الاعتقاد قد أدى إلى افتعال أحداث والمبالغة فيها بغية التزلف للغرب المعادي للإسلام كحادثة الكشح عام 2000م، وحادثة القس المشلوح بدير المحرق بأسيوط؛ صاحب الصور الخليعة عام 2001م، ثم حادثة السيدة وفاء قسطنين عام 2004م التي أسلمت وأجبرت على العودة إلى الكنيسة مما يتصادم مع النظام العام في مصر هو الإسلام.. ومن ثم الضغط على الحكومة بزعم أن الأقباط في مصر مضطهدون من قبل المسلمين وأن الحكومة تشجعهم.
يتحدث السباعي عن تمرد الأقباط المسلح تاريخياً وعن نقضهم عقد الذمة منذ الفتح الإسلامي سنة 20هـ ، رغم تعامل ولاة المسلمين معهم بكل تسامح، فكانوا يتظاهرون ويعلنون العصيان المسلح على الدولة ويقتلون عمال الحكومة ويتصلون بدولة الروم ثم يتصدى الحكام لهم بإرسال من يطالبهم بفض العصيان في مقابل العفو عنهم إلا أنهم في الغالب يتعنتون ويصرون على التمرد بزعم أن دولة الروم قد تساعدهم غير أن حساباتهم كانت على الدوام خاطئة فسرعان ما ينتصر عليهم جيش المسلمين ثم يعفو عنهم الخليفة أو الوالي ويجددون له الولاء والطاعة والالتزام بنود عقد الذمة المنصوص عليه في اتفاقيتي بابليون الأولى (الخاصة بأهل مصر قبل فتح الإسكندرية)سنة 20هـ وبابليون الثانية (الخاصة بأهل الإسكندرية) سنة 20هـ أيضاً، لكنهم يعودون مرة أخرى لعصيانهم متذرعين بأحداث لا تتناسب وحجم عصيانهم المسلح..
يكشف هاني السباعي جزءا من تزوير الحقيقة التي يقوم به نصارى من أجل تجميل الصورة فيكشف أن عيسى الغواص الحقيقي كان مسلماً. ويستشهد بقول ابن شداد: "ومن نوادر هذه الواقعة ومحاسنها أن عواماً مسلماً كان يقال له عيسى، وكان يدخل إلى البلد بالكتب والنفقات على وسطه ليلاً، على غرة من العدو. وكان يغوص ويخرج منم الجانب الآخر من مراكب العدو، وكان ذات ليلة شد على وسطه ثلاثة أكياس. فيها ألف دينار وكتب للعسكر، وعام في البحر فجرى عليه من أهلكه، وأبطأ خبره عنا وكانت عادته أنه إذا دخل البلد طار طير عرّفنا بوصوله فأبطأ الطير فاستشعر الناس هلاكه، ولما كان بعد أيام بينما الناس على طرف البحر في البلد وإذا البحر قد قذف إليهم ميتاً غريقاً فافتقدوه فوجدوه عيسى العوام، ووجوا على وسطه الذهب وشمع الكتب وكان الذهب نفقة للمجاهدين، فما رؤى من أدى الأمانة في حال حياته وقد أداها بعد وفاته إلا هذا الرجل.
ثم يفضح خيانات المعلم يعقوب مقررا أنه لم يكن استثناء شاذا، و أنه لم يكن وحده، فقد كان معه المعلم يعقوب حنا القبطي ـ وملطي ـ وجرجس الجوهري ـوأنطوان الملقب بأبي طاقية ـ وبرتيلمي الملقب بفرط الرومان، ونصر الله النصراني ترجمان قائمقام بلياز، وميخائيل الصباغ غيرهم من زعماء النصارى الذين كانوا يعملون مع المحتل الفرنسي لمصر. حيث استغل نصارى مصر احتلال نابليون لمصر فتقربوا إليه واستعان بهم ليكونوا عيون جيشه حيث كانوا يرشدونهم على بيوت أمراء المماليك ورجال المقاومة الذين كانوا يجاهدون الفرنسيس، وكل ذلك ثابت لدى الجبرتي في عجائب الآثار ونقولا الترك في (أخبار الفرنساوية وما وقع من أحداث في الديار المصرية)، إذ يؤكد المؤرخان المعاصران للحملة الفرنسية أن نابليون استقدم معه جماعة من نصارى الشام الكاثوليك كتراجمة بالإضافة إلى استعانته بنصارى مصر (الأرثوذكس) وقد ذكر الجبرتي المعلم يعقوب القبطي الذي كان يجمع المال من الأهالي لمصلحة الفرنسيس.. بل إن المعلم يعقوب وصل به الأمر أن كون فرقة من الأقباط لمعاونة المحتل إذ يقول الجبرتي: "ومنها أن يعقوب القبطي لما تظاهر مع الفرنساوية وجعلوه ساري عسكر القبطة جمع شبان القبط وحلق لحاهم وزياهم بزي مشابه لعسكر الفرنساوية (..) وصيرهم ساري عسكره وعزوته وجمعهم من أقصى الصعيد، وهدم الأماكن المجاورة لحارة النصارى التي يقاربها".ا خلف الجامع الأحمر، وبنى له قلعة وسورها بسور عظيم وأبراج وباب كبير" بل إنهم كانوا يقطعون الأشجار والنخيل من جميع البساتين كما تفعل قوات الاحتلال في فلسطين والعراق، ولم يتورعوا في هدم المدافن والمقابر وتسويتها بالأرض خوفاً من تترس المحاربين حسب وصف الجبرتي.. حتى قال "وبثوا الأعوان وحبسهم وضربهم، فدهى الناس بهذه النازلة التي لم يصابوا بمثلها ولا ما يقاربها" .. بل كان زعيمهم (برتيلمي) الذي تلقبه العامة بفرط الرومان لشدة احمرار وجهه؛ كان يشرف بنفسه على تعذيب المجاهدين وهو الذي قام بحرق المجاهد سليمان الحلبي قاتل كليبر، وكان هذا البرتيلمي يسير في موكب وحاشية ويتعمد إهانة علماء المسلمين ويضيق عليهم في الطرقات محتمياً في أسياده الفرنسيس تماماً مثل ما يحدث في العراق اليوم من خلال الجواسيس الذين يعملون مع الاحتلال الأمريكي الذين يرشدون قوات الاحتلال على بيوت المقاومين.
ويورد الدكتور هاني السباعي نص عريضة زعماء الأقباط إلى الجنرال مينو التي يستعدونه فيها على المسلمين.
ثم يضيف أنه لم يثبت تاريخياً أن النصارى قاوموا الاحتلال الفرنسي وأن حكاية اختراع بطولات وهمية مثل أن بعض الأقباط في ثورة القاهرة الثانية كان يمد الثوار بالمال واللوازم خاصة في منطقة بولاق أثناء حصار كليبر لأهالي بولاق.. فهذه شهادة الجبرتي :" وأما أكابر القبط مثل جرجس الجوهري، وفلتيوس، وملطي فإنهم طلبوا الأمان من المتكلمين من المسلمين لكونهم انحصروا في دورهم وفي وسطهم وخافوا على نهب دورهم إذا خرجوا فارين، فأرسلوا إليهم الأمان" إذن ما دورهم في مقاومة الاحتلال الفرنسي إلا الفزع الهلع وطلب الأمان ثم صاروا العين الحارسة لمصالح الاحتلال.. بل إن زعيمهم المعلم يعقوب حنا كان شغله الشاغل هو حرب زعيم المجاهدين في منطقة بولاق حسن بك الجداوي؟ لماذا؟ لأن حسن بك الجداوي كان يطلب من الأغنياء مساعدة المجاهدين لشراء أسلحة وبارود وذخائر ومؤن وكل مستلزمات المقاومة فكان من يدفع منهم مالاً كان لصيانة نفسه وخوفه من انتقام المقاومين الذين كانوا متترسين في منطقة بولاق بالقاهرة وضواحيها لذلك قال الجبرتي في عجائبه: "وأما المعلم يعقوب فإنه كرنك في داره بالدرب الواسع جهة الرويعي واستعد استعداداً كبيراً بالسلاح والعسكر المحاربين وتحصن بقلعته التي كان شيدها بعد الواقعة الأولى، فكان معظم حرب حسن بك الجداوي معه"..هكذا استعد المعلم يعقوب لزعيم المجاهدين المسلمين وليس لجيش الاحتلال الفرنسي!
ويستطرد السباعي ليتساءل: لماذا شارك الأقباط في ثورة 1919م؟ ناعيا كتابا من المسلمين؛ جلهم للأسف الشديد ينطلق من منطلقات لا علاقة لها بالمنظومة الإسلامية لذلك نجدهم يرهقون أنفسهم في نبش التاريخ لعل وعسى يعثرون على حكاية أو قصة تثبت أن الأقباط كان لهم دور في مقاومة المحتلين، لذلك نجدهم يضخمون بعض الأحداث الفردية وتسليط الضوء عليها لتحسين دور الأقباط في حركة التاريخ المصري المقاوم للاحتلال.. لذلك يهتمون بثورة 1919م ومشاركة الأقباط فيها رغم أن الأقباط ما شاركوا فيها إلا ليأسهم من الإنجليز الذين كانوا ينظرون إليهم بعين الإزدراء؛ فالاحتلال الإنجليزي يدين بالولاء للكنيسة الإنجيلية التي لا تعترف بها الكنيسة الأرثوذكسية في مصر ولا حتى الكاثوليكية في روما، وهذا ما حدث من قبل مع نابليون وحملته العدوانية على مصر إذ تقرب الأقباط إليه واستخدمهم جيداً لكنه كان ينظر إليه أيضاً بعين الازدراء فنابليون وإن كان لا دينيا فقد كانت لديه بقايا المعتقد الكاثوليكي مع الاعتزاز بتفوق الرجل الأبيض! فلا غرو إذن أن يشارك الأقباط في ثورة 1919م لأنهم علموا بالتجهيزات التي يقوم بها المسلمون للثورة ويعلمون أن جماهير غفيرة من كل فئات الشعب ستشارك وأن انطلاقة الثورة ستكون من جامع الأزهر فكان لابد من المشاركة بأمر بعض زعمائهم (على طريقة حساب المكسب والخسارة) لأنه لو نجحت هذه الثورة لكان من حقهم أن يشاركوا في الحكم بقوة وهم مطمئنون أن الدولة المصرية الحديثة التي وضع لبناتها محمد علي باشا قد غيبت الشريعة الإسلامية ومن ثم فلا حكم إلا بالقانون الوضعي السائد في ذلك الوقت.. وينطبق هذا على مشاركتهم في بعض الحروب لأن التجنيد كان إجبارياً بحكم مفهوم المواطنة ولا مناص أمام شبابهم إلا الالتحاق بالجيش لتفادي العقوبة العسكرية التي ستحل بهم.
ثم يستعرض السباعي دور النصارى التخريبي في العلمنة والتغريب و إلغاء التحاكم إلى الشريعة
ثم يستعرض تفصيلا دورهم في إشعال الفتنة الطائفية وخاصة حادثة كان شاهدا عليها وهي حادثة الزاوية الحمراء بالقاهرة 1981م: حيث شهدت هذه المنطقة (الزاوية الحمراء) أحداثاً دامية إذ بدأ الأقباط بالاعتداء وقام المسلمون بالرد عليهم وملخصها كالتي: بدأ الصراع على قطعة أرض فضاء لا عمران فيها فقام أهل الحي بإقامة سور عليها وجعلوها مكاناً للصلاة وتعليم الأطفال القرآن الكريم، وكان هناك قبطي اسمه كمال عياد يملك مدفعاً آلياً يطلق عليه في مصر (رشاش بورسعيدي) وكان منزله أمام هذا المكان الذي أصبح مسجداً فيما بعد (مسجد النذير) فنزل وأطلق عدة أعيرة نارية على الأطفال الذين يدرسون في ذلك الوقت فقتل وجرح عدداً منهم وفر هارباً .. فلما علم أهل الحي بما حدث ورأوا الدماء ملطخة بحصير المسجد هاجوا وماجوا وطفقوا يتتبعون بيوتات الأقباط.. وقد ذهبت أنا شخصياً إلى مسجد النذير وكان حي الزاوية الحمراء أشبه بساحة معركة عسكرية؛ البيوت محترقة، ومكتوب عليها وعلى المحلات شعارات من كل طرف، قوات الأمن منتشرة في كل مكان، صلينا هناك وبتنا في المسجد رغم أنه كان عبارة عن مكان محاط بسور وأرض مغطاة بالحصير للصلاة، وكان الناس يتوافدون من كل حدب وصوب بدافع حماية المسجد خاصة بعد علمهم أن النصارى قتلوا المسلمين في الزاوية الحمراء فهبوا للدفاع عنهم.. وشهادة للتاريخ فإن الذين ردوا عدوان الأقباط في الزاوية الحمراء كانوا من عوام الناس الذين لا تربطهم أية علاقات بالجماعات الإسلامية رغم قوة الجماعات الإسلامية في ذلك الوقت لكن بسطاء الناس الذين كانوا يجلسون على المقاهي ويدخنون الشيشة والنرجيلة هم الذين قاموا برد الاعتداء وخاصة لما سمعوا أن الأقباط يقتلون المسلمين ثم امتدت الأحداث إلى منطقة الوايلي بالقاهرة وكادت أن تعم القاهرة .. واستغل الأقباط في الداخل والخارج هذه الأحداث وصاروا يشنعون على المسلمين بالأكاذيب رغم أنهم هم الذين بادروا بالاعتداء، وقلبوا الحقائق وزعموا أن المسلمين هم الذين بدأوا قتال النصارى وهم الذين يحرقون بيوتهم.. ولا زلت أذكر هذه الأحداث ونحن نستمع لشهادات الناس إذ تبين لنا أن الكنائس الكبرى بها سراديب وأخاديد ومكدسة بالأسلحة والذخائر... وهناك أماكن خاصة في الكنائس للتدريب على استعمال الأسلحة الخفيفة والتدريب على الكاراتيه والكونغفو.. وأن بعض القساوسة يتقنون استخدام الخناجر بصفة خاصة وقد اقتحم بعض المسلمين في الزاوية الحمراء منزل أحد القساوسة الذي كان مختبئاً وراء دولاب الملابس.. إذ صاح فيهم فجأة وأشهر خنجره وكان ماهراً في رياضة الكاراتيه إلا أنهم تمكنوا من شحركته. .. وهنا اتهم المسلمون الدولة بتشجيع الأقباط على استعمال السلاح في الوقت الذي تحرمه على المسلمين!!
***
هذا هو الإرهابي هاني السباعي..!!
وهذا هو نتاجه الفكري.. ولست أدري كيف يجد وقتا بعد كل هذا يتسلل فيه بعيدا عن أعين المخابرات الإنجليزية والأمريكية والإسرائيلية والمصرية بالطبع، يمارس فيه إرهابه.
***
من سمات هاني السباعي أيضا أنه رجاع للحق حين يخطئ، ففي مقاله عن الأقباط كان قد تورط في نقل أرقام خاطئة عن عدد الأقباط ( الطريف أنه ردد الرقم الذي قاله حسني مبارك مجاملة لكارتر) ويبدو أن أحدهم قد صحح له الرقم فلم يستنكف أن ينشر التصحيح في عنوان المقال.
بيد أن واقعة أخرى أكثر دلالة على رجوعه إلى الحق مهما سبب له من حرج.
إن مستندات الواقعة ليست في يدي، لذلك سأتناولها باختصار شديد ( اختفت الأصول مع سرقة مكتبي منذ عامين، ومما سرق جهازا كمبيوتر كانا يحتويان على أرشيفي الخاص- بالمناسبة.. تعودت منذ أعوام طويلة أن تتم سرقة منزلي أو مكتبي مرة في السنة.. لكن اللص لم يأت في العام الماضي – 2005- و أوجه سؤالي للأمن: عسى أن يكون المانع خيرا!.)
أحد أصدقاء الدكتور هاني السباعي كتب كتابا عن الدكتور أيمن الظواهري، وكان قد طلب من الدكتور هاني السباعي أن يكتب مقدمة للكتاب، فكتبها، لكنه فوجئ عند نشر الكتاب بظلم شديد للدكتور أيمن الظواهري فما كان منه إلا أن أصدر بيانا يوضح فيه الحقيقة رغم ما فيها من حرج مع صديقه الحميم، ومع القراء أيضا، فقد كان مضطرا للتصريح بأنه سمع الكتاب في الهاتف، وعلى خلفية هذا السماع كتب المقدمة، لكنه بعد نشر الكتاب فوجئ بما فيه لذلك فإنه يقرر أنه كتب المقدمة دون أن يقرأ الكتاب. ( أعتمد على الذاكرة في هذه الواقعة)..
***
بلغت الشجاعة بهاني السباعي أن يكتب مقالات من نوع: تسريح الجيوش العربية ضرورة شعبية.. ويصرخ: كيف تنام العين ملء جفونها على نيران وحمم تصب على العجائز والأرامل والنساء والولدان في العراق.. كيف تنام العين ملء جفونها وبغداد التاريخ والحضارة وفردوس العرب والمسلمين يستأصل أهلها وتهدم مساجدها وتحبس مآذنها وتمزق مصاحفها.. وكيف تكتحل العين بنوم وبلد أبي الأنبياء يدنس ترابها.. فلم تنم أعين الشرفاء في بقاع الأرض خرجوا في تظاهرات عارمة مزمجرة منددة بالعدوان الغاشم الظالم على العراق وتاريخه.. لكن الجيوش العربية نائمة في سبات عميق نوم أصحاب القبور!! ..
***
لطالما تساءلت في غضب: لماذا لا يثور الناس.. متى يثورون..
لماذا لم يثوروا من أجل دينهم و أمتهم و أنفسهم..
ويجيبني هاني السباعي في مقال راح يناقش فيه الرهان الخاسر على قيام الشعوب العربية بثورة ويبحث عن الأسباب:
يتساءل الناس أين ثورة الجماهير التي كنا نراهن عليها إذا ما دخلت جحافل العدوان الأنجلو أمريكي للعراق؟ أين هذه الجماهير المزمجرة لم لم تحطم القيود وتكسر الأغلال وتنقذ العراق؟ لم لم تتحرك هذه الجماهير وبغداد تسقط أمام أعيننا جميعاً؟! أين شعارات الجماهير وصرخاتهم التي كانت تقول: الجهاد الجهاد.. لن نسكت.. لن نركع .. لن ترضى.. لن وألف لن! فمن قبل لم تفعل هذه الجماهير شيئاً للمسجد الأقصى الأسير على رغم قداسته فهل كان يرجى منها فعل شيء لإنقاذ مسجد أبي حنيفة في العراق؟!!
أمر محير ومفتت للأكباد بحق.. هل ماتت الأمة؟
لماذا صرنا إلى هذا الحضيض ؟
ما السر في هذا الخذلان الذي صار سمة هذه الشعوب العربية والإسلامية؟
أمة تصفق لجلاديها وتخرج في تظاهرة كروية بصورة مخزية وهم يلوحون بأعلامهم الخائبة لانتصار فريقهم المغوار!! أكثر مما تخرج في تظاهرة تندد بالعدوان على إخوانهم في فلسطين والعراق؟!
ويصرخ هاني السباعي:
أين الخلل إذن ؟!
هل العيب في الشعب أو في هذه القيادات أو في كليهما معاً..
***
***
يخيل إلى أحيانا أن هاني السباعي يلوم نفسه لأنه لم يكن ألف رجل.. إنه يصحح المفاهيم ويسرد الحقائق ويدحض الأكاذيب ويكتب ويناظر ويخطب ويؤبن الشهداء ويفضح الظلمة وينشر عن المعتقلين ويحذر من تدهور صحة المرضى ويهتك أستار الجلادين وينشر الأخبار ويؤكد وينفي ويدير مركزا للتاريخ ويؤلف الكتب ويكتب للصحف ويظهر على شاشات الفضائيات ويخطب لصلاة الجمعة ويشترك في الندوات والمؤتمرات والتظاهرات داخل لندن فقط.. فطبقا لقرارات مجلس الأمن ليس من حقه مغادرتها كما أنه ليس من حقه أن يقرض أو يقترض ( إذا ثبت أن أي واحد حتى زوجته أعطته قرشا واحدا يحكم عليها بالسجن. ) ولا من حقه أن يكون له حساب في البنك ولا بطاقات ائتمان.. لأي حالة أشبه ما تكون بالإعدام المدني.. ومع ذلك.. وفي هذه الظروف والأحوال يخيل إلى أنه يلوم نفسه لأنه لم يكن ألف رجل..
***
لا يقتصر الدكتور هاني السباعي على ذلك، فهو يكتب في التفسير وفي الحديث وفي السيرة وفي الفقه وفي التاريخ وفي الأدب، بل ويقرض الشعر أيضا.
إنه يكتب في مواضيع لا يهتم بها إلا صفوة الصفوة.. فمن ذا الذي يتصور أنه وسط ذلك الحصار والرعب والانتظار اليومي لما هو أقسى من جوانتانامو.. بل لمن يهددون أسرى جوانتانامو بهم.. ينتظر كل يوم الترحيل إلى سجون مباحث أمن الدولة في مصر.. وبالرغم من ذلك يكتب عن خليفة بن خياط ومنهجه في كتابة التاريخ..!! ويجري بحثا عميقا يضعه فيه كمصدر من مصادر السيرة النبوية قبل تاريخ الإسلام للذهبي والكامل لابن الأثير.. ويدفع عنه ما أثير حوله مقررا أنه قد ظلم حياً وميتاً فقد ابتلي بالمعتزلة الذين أتعبوه كثيراً وناصبوه العداء في عصر الخليفة المأمون وحسده أقرانه لسعة علمه وثقة الناس به. وظلم ميتاً حيث لم يأخذ مكان الصدارة في التاريخ الإسلامي ولم يهتم به الباحثون الاهتمام اللائق كمحدث ومؤرخ من كبار مؤرخي الإسلام.
يا إلهي..
يا لهؤلاء المجاهدين من أمثال هاني السباعي..
يتعرضون من العالم لهذا الظلم كله.. ويهاجمون الظلم هذا الهجوم كله حتى لو حاق بالكفار وحتى لو كان في أضابير التاريخ..
***
يتبع الحكام العرب مذهب بوش ورامسيفيلد فيواجههم و ينشر بحثا فقهيا عن حكم إمامة المرأة للرجال في الصلاة، فيفضح ما يراد بهذه الأمة، ثم يلتفت إلى مصر، إلى وزير الأوقاف الذي أزعجه أذان المساجد ولم تزعجه أجراس الكنائس ولا ضجيج الحانات والأفراح والمواكب فأصدر قرارا بتوحيد الأذان لينبري له فارسنا المغوار كاتبا: فتوى توحيد الآذان من كتشنر الإنجليزي إلى وولش الأمريكي: " التساؤل المتبادر إلى الذهن لماذا أثار وزير الأوقاف هذه الحملة (توحيد الآذان) في هذه الأيام الحوالك والأمة بهذا الضعف؟! هل هذه دعوى مبرأة؟ أليست لها علاقة بالأجندة الأمريكية من تجفيف منابع التدين وتغيير مناهج التعليم.. والحملة المسعورة على ما يسمى بمحاربة الإرهاب أعني مكافحة الإسلام؟! أم أنها بحق فتوى باطلة يراد بها باطل؟! .
ثم ما تلبث أحداث التعذيب أن تلهب ضميره فيكتب رسالة إلى "عبد المأمور": يحار المرء عندما يشاهد أشاوس الأمن وهم يضربون المتظاهرين بوحشية! هل هم بحق من أبناء جلدتنا؟! هل لهم أحاسيس ومشاعر مثلنا؟! هل يحملون هموم هذه الأمة؟! وعن أية قضية يدافعون؟! فإذا كان المتظاهرون من طلاب ورجال فكر وثقافة وكافة طوائف الشعب يتظاهرون من أجل قضية نبيلة - وهي قضية فلسطين - فأية قضية تلك التي تحرك هؤلاء الجنود الذين يقمعون هذه التظاهرات؟! هؤلاء العبيد! و عبيد العبيد من رجال الأمن وجلاوزته ومن جيوش الخزي والعار؛ أصحاب المدافع المتصدئة والنياشين والأنواط المزيفة... حذار! حذار! لقد تمخض الزلزال... فلن ترحمكم الجماهير المزمجرة لأنكم لم ترحموها!
وقديماَ قيل: "من لم يرحم لا يرحم"!
وقبل أن يستريح من الألم قلبه يتذكر الأسرى فيكتب:
"أنقذوا الأسرى قبل فوات الأوان..إن الذي يحدث في أفغانستان الآن جريمة ضد المسلمين بصفة خاصة وضد الإنسانية بصفة عامة.. وإننا نتساءل ما دور هذه المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الأسير وحالات الحرب، مثل منظمة الصليب الأحمر والمنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان؟ لماذا لا تحرك ساكناً؟! ألأن الضحية مسلمون؟! أم لأن المعتدي هي أمريكا؟! أم لكليهما معاً؟! لماذا تنفرد أمريكا بسجن الأسرى الأفغان العرب وغير العرب؟ لماذا لا تتدخل المنظمات التي تعنى بحقوق الأسير وتطالب بوقف هذه المهزلة الأمريكية؟ كيف يسكت العالم عن هذه الجريمة البشعة التي يتعرض لها الأسرى الأفغان العرب وغير العرب سواء في المجزرة البشعة في قلعة جانجي في مزار شريف التي تمت بكل خسة وخساسة أم في هذا القتل المتعمد لهؤلاء الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ مع تخريب للبيوت وتدمير لكل شيء!!
هل تبحث عن هاني السباعي.. ؟..
إبحث عنه حيث يحب الله أن يراه.. هناك ستجده..
ابحث عنه عند مظلوم ستجده يساعده في رفع الظلم..
ابحث عنه عند مسجون ظلما..
ابحث عنه عند مخطوف غدرا..
ابحث عنه عند خائن يواجهه..
وعند كاذب يكذبه..
وعند صادق يؤيده..
وعند مزور يفضحه..
ابحث عنه عندما تشم رائحة شعر يحترق..
فلقد حرقوا له لحيته بالنار..
هل قلت حلقوها.. أم قلت حرقوها..
حلقوها.. حرقوها.. حلقوها.. حرقوها. حرقوها .. حلقوها..حلقوها.. حرقوها.. لا فرق بين الكلمتين سوى الجلد المشوي بعد الحلاقة بالنار.. هل تخيلت نفسك أبدا والنار تشتعل في وجهك.. تحرق وجهك.. تأكل وجهك.. ورائحة هذا اللحم المشوي.. قد تكون رائحة لحم الوجه المحترق بوقود اللحية.. وقد تكون حلمة الثدي التي أطفأ الجلاد فيها سيجارته المشتعلة.. هل سمعت الصوت.. صوت اللحم يطفئ النار والنار تحرق اللحم أم جربت الجلد بالسياط على وجه احترق جلده.. أم جربت ألا تكون أذرعة السوط خيوطا من المطاط بل أسلاكا مجدولة من النحاس والصلب مع قطع موضوعة كي تنهش اللحم نهشا.. هل جربت نهش اللحم النيئ أم جربت نهش اللحم المشوي هل علقوك؟ هل التعليق مؤلم؟ فماذا إن كان التعليق من رسغ مكسور... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه..
هذا هو هاني السباعي المتهم بالإرهاب..
أي رجل هو..
هذا الذي ينشر الوعي بين المسلمين على حساب قوته..
هل قلت على حساب قوته؟..
عذرا..
فلم يعد له قوت..
منعوا عته كل راتب وكل معونة وحتى الدواء منعوه.. وتفضلوا عليه بالسماح لزوجته و أطفاله بالإنفاق عليه للمأكل والملبس والمشرب وليس أكثر.. ممنوع حتى أن يعطوه ثمن تذكرة للمترو.. وأي واحد في هذا العالم يحاول مساعدته سيسجن!!
هذا هو هاني السباعي الذي ينشر الوعي بين الأمة بقوت زوجته و أبنائه فيبارك الله له فيما يعطي وليكون أكثر تأثيرا ومصداقية من صحف عربية تقدر ميزانيتها بالملايين وخسائرها بالمليارات ( راجع خسائر الأهرام على سبيل المثال).
***
هاني السباعي أفضل من يحلل خطابات القاعدة، يتلوه في ذلك عبد الباري عطوان، ومع ذلك فقد استبعدت قناة الجزيرة الأول تماما واستبعدت الثاني جزئيا، ولا ريب عندي أن هذا يتم بتدبير أمريكي، إن أمريكا لا تريد تفسير الشيخ أسامة بن لادن ولا شرحه، إنما تريد تشويهه والكذب عليه، وفي هذه الحالة فإن هاني السباعي هو آخر من يناسب الاحتياجات الأمريكية، وسوف نتناول الآن كيف فسر هاني السباعي أحد بيانات شيخ المجاهدين تحت عنوان " قراءة في خطاب الشيخ أسامة بن لادن للشعب الأمريكي": مما لا شك فيه أن ظهور الشيخ أسامة عيدٌ على عيد الفطر المنتظر لدى أتباعه ومحبيه في العالم الإسلامي. لقد صام المسلمون رمضانين، وها هم أولاء يفطرون على أحلى وأشهى وجبة فطور (حديث الشيخ أسامة). وإذا كان لا بد لنا من تعليق على حديث زعيم تنظيم قاعدة الجهاد فإننا سنتنناوله على النحو التالي:
أولاً: من الناحية الشكلية:
(1) ظهر الشيخ أسامة بزيه العربي وبعباءة ذهبية اللون يقف خلف طاولة أشبه بمنصة يلقي بيانه المرتقب في الوقت المناسب الذي اختاره بعناية بعد أن أشاع المرجفون في العالم بأن بوش عشية الانتخابات الأمريكية سيعرض الشيخ أسامة في قفص كما فعل تيمور لنك مع السلطان العثماني بايزيد الملقب بالصاعقة!! فكان ظهور الشيخ أسامة رسالة فرح وحزن في آن واحد؛ رسالة فرح وحبور لدى أحبابه وكل المستضعفين في العالم ورسالة غم وحزن ونذير شؤم على الحكومة الأمريكية ومبغضيه في العالم.
(2) نلاحظ أنه لم يرتد سترته العسكرية مثلما كان يفعل من قبل وفي ذلك إشارة إلى استقراره وشعوره بالطمأنينة مع تشتيت أنظار المخابرات الأمريكية ومن يتعاون معها؛ هل هو موجود في أفغانستان أم في باكستان أم بين القبائل الأفغانية والباكستانية أم أنه على حدود الصين أم في دولة أخرى!! وهي رسالة تيئيس وإغاظة للحكومة الأمريكية وحلفائها ولسان حاله يقول: لا تتعبوا أنفسكم في البحث عني فأنا ها هنا حيث أتمتع بحماية الله لي. وهي رسالة قوية إلى الشعب الأمريكية أن حكومته التي صرفت المليارات للقبض عليه فشلت.. وكأنه يقول لهم بلسان الشرع (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم). كما أنها رسالة للشعب الأمريكي ضد وسائل إعلامه المسيسة التي رسمت صورة نمطية له بأنه رجل شرير يختبئ في كهوف أفغانستان.. فها هو ذا يبين لهم أنه متابع لكل صغيرة وكبيرة للمجتمع الأمريكي وأنه معهم حتى في انتخابات الرئاسة حامية الوطيس أي أن إعلامهم يضللهم مثل حكومتهم المركزية!!
***
إنني أستعرض مقتطفات من هنا وهناك لكي يدرك القارئ في النهاية لماذا اعتبر مجلس الأمن هاني السباعي إرهابيا.. هل لأنه يمسك السلاح أم لأنه يمسك القلم.. هل لأنه يفجر آليات العدو ومنشآته أم لأنه يفجر أكاذيبه ومفترياته..
ليس الوقت وقت هذر..
والقلب المجروح لا يستطيع أن يضحك..
ولكن الطرفة معبرة بدرجة يصعب تجاهلها في هذا الظرف..
إذ يذكر أن الشيخ إمام، وهو مغن كفيف مشهور جدا خاصة في السبعينيات، حيث غنى أغاني معارضة قوية كان معظمها من تأليف أحمد فؤاد نجم، وذات ليلة كان يغني ويعزف على العود في حفلة خاصة، وكان يدخن مع أصحابه الحشيش.. وصرخ الصبي الذي تركوه في الخارج:
- البوليس يا مولانا..
فصرخ الشيخ إمام على الفور:
- ارموا العود من الشباك..
كان الشيخ إمام قد أدرك أن البوليس إنما جاء لا ليضبط الحشيش بل ليضبط الأغنية، لذلك طلب منهم أن يتخلصوا من العود لا من الحشيش..
***
نعم تجريدة مجلس الأمن على هاني السباعي ليست بسبب الإرهاب بل بسبب ما يكتب، بسبب إصراره على إعلان الحقيقة.
إنه يرفض على سبيل المثال مسخرة التوبة في مباحث أمن الدولة ومهزلة تراجعات"الجماعة الإسلامية".. إنه لا يهادن ولا يداهن ولا يجامل، إنه يهاجم من ينحرف عن جادة الطريق أيا كان موقعه، ويواجه قادتهم لأن تراجعاتهم تتخذ أساساً لتوجيه سهام الاتهام إلى الإسلام العريض وليس إلى جماعة بعينها. فالمنتقدون يتخذون تنازلات هذه الجماعة ومراجعاتها وانهيارها الفكري... للقول إن هذا الإسلام الرافض هيمنة الحكام والأميركيين غير صالح. هذه المراجعات وُلدت في بيئة غير صالحة. وُلدت في بيئة السجون التي لا تُفرز إلا سلخاً مشبوهاً. وهذا السلخ المشبوه سمّوه بعد ذلك المراجعات الفكرية لـ"الجماعة الإسلامية". لماذا لا يُفرجون عن قادة "الجماعة" ليكونوا في مناخ خصب وليصلوا إلى الأفكار التي وصلوا إليها أو إلى أفكار أخرى غير التي وصلوا إليها، لنستطيع أن نعلم أن هناك حرّية رأي واختيار...
***
إنني أزدري كثيرا أولئك الذين يشفعون دفاعهم عن مجاهد بتعداد أوجه الخلاف بينهم وبينه، يفعلون ذلك قربانا للطاغوت.. يفعلون ذلك خشية اتهامهم بالإرهاب مثله.. وبدلا من أن يجاهروا بأن الإرهابيين هم الذين يتهمونه بالإرهاب إذا بهم يأخذون اتهامه بالإرهاب كقضية مسلمة.. ثم يبدءون البحث عن مسوغات الرأفة والرحمة لا العدل..
لا..
أنا أبحث عن العدل..
والعدل أن يحاصر محاصروه وأن ينكل بمضطهديه و أن يقتل من يريدون قتله..
لكنني هنا مرغما.. ولسبب آخر تماما.. أقول أنني مع هاني السباعي في نفس الخندق.. لكن هناك تمايزا في الرؤى ولولا أناس أحبهم أخشى أن يفهم أنني أؤيد رأي هاني السباعي فيهم لما كتبت هذه الفقرة. من هؤلاء الناس الدكتور يوسف القرضاوي والإخوان المسلمون ( والحب لا يعني تأييدا أعمى ولا صكا بدون شروط).
يتمايز موقفي معه أيضا فيما يتعلق بالشيعة.. وبرغم أنني أدرك خطورة الانحراف العقدي عند بعض الشيعة إلا أنني لا أعمم هذا الموقف على عامتهم.. ( هل يمكن مثلا أن نعتبر شيخ الأزهر السني ممثلا لهاني السباعي السني؟ أم أنهما على طرفي نقيض) لا أنكر أنني غاضب أشد الغضب من خيانتهم للأمة في العراق ولكن ذلك لم يجرمني ألا أعدل. ولقد كنت أتمنى أن تصهر نار المقاومة الخلافات الموروثة ومدركا أن الصحوة تؤتي أكلها في القضاء على الانحرافات ( لا حظ مثلا تنصل الصوفية في مصر مما كانوا يفخرون به منذ أعوام ) كنت أتمني ذلك لكن قادتهم قادوهم إلى عار الدنيا وخزي الآخرة.
***
أزعم أنني شعرت بجزء ضئيل جدا من إحساس الحصار الذي يحس به هاني السباعي أيام ما عرف بأزمة الوليمة.. كان الطاغوت قد حاصرني حصارا أليما، أغلقت الشعب، وكان الاعتقال متوقعا في كل لحظة، وكنت غاضبا وراغبا في مواصلة الجهاد في سبيل الله وكانت الطرق موصدة في وجهي ( صودرت صحيفة الحقيقة لأنها نشرت لي مقالا رغم أنها شوهته كي لا تغضب الأمن..)
وكنت أدعو ربي: يا رب.. لقد قلت وقولك الحق:
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97) النساء
فأي بلد من بلاد الدنيا تسعني كي أدافع عن دينك..
بلادي لا تسعني.. فأي بلاد الله تحتملني..
هل أذهب إلى السعودية..
إن الطاغوت هناك لا يقل عن هنا..
هل أذهب إلى أوروبا..
هل أذهب إلى الهند؟..
إلى الباكستان أو أفغانستان..
وضاقت بي الدنيا بما رحبت..
ورحت أقرأ الظلال:
إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. . قالوا:فيم كنتم ? قالوا:كنا مستضعفين في الأرض. قالوا:ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ? فأولئك مأواهم جهنم, وساءت مصيرا. إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان, لا يستطيعون حيلة, ولا يهتدون سبيلا. فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم, وكان الله عفوا غفورًا. .
لقد كان هذا النص يواجه حالة واقعة في الجزيرة العربية - في مكة وغيرها - بعد هجرة رسول الله [ ص ] وقيام الدولة المسلمة. فقد كان هناك مسلمون لم يهاجروا. حبستهم أموالهم ومصالحهم - حيث لم يكن المشركون يدعون مهاجرا يحمل معه شيئا من ماله - أو حبسهم إشفاقهم وخوفهم من مشاق الهجرة - حيث لم يكن المشركون يدعون مسلما يهاجر حتى يمنعوه ويرصدوا له في الطريق. . وجماعة حبسهم عجزهم الحقيقي, من الشيوخ والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة للهرب ولا يجدون سبيلا للهجرة
وقد اشتد أذى المشركين لهؤلاء الباقين من أفراد المسلمين ; بعد عجزهم عن إدراك الرسول [ ص ] وصاحبه, ومنعهما من الهجرة. وبعد قيام الدولة المسلمة. وبعد تعرض الدولة المسلمة لتجارة قريش في بدر, وانتصار المسلمين ذلك الانتصار الحاسم. فأخذ المشركون يسومون هذه البقية المتخلفة ألوانا من العذاب والنكال, ويفتنونهم عن دينهم في غيظ شديد.
وقد فتن بعضهم عن دينهم فعلا ; واضطر بعضهم إلى إظهار الكفر تقية, ومشاركة المشركين عبادتهم. . وكانت هذه التقية جائزة لهم يوم أن لم تكن لهم دولة يهاجرون إليها - متى استطاعوا - فأما بعد قيام الدولة, ووجود دار الإسلام فإن الخضوع للفتنة, أو الالتجاء للتقية, وفي الوسع الهجرة والجهر بالإسلام, والحياة في دار الإسلام. . أمر غير مقبول. (...)..
كنا مستضعفين. يستضعفنا الأقوياء. كنا أذلاء في الأرض لا نملك من أمرنا شيئا.
وعلى كل ما في هذا الرد من مهانة تدعو إلى الزراية ; وتنفر كل نفس من أن يكون هذا موقفها في لحظة الاحتضار, بعد أن يكون هذا موقفها طوال الحياة. . فإن الملائكة لا يتركون هؤلاء المستضعفين الظالمي أنفسهم. بل يجبهونهم بالحقيقة الواقعة ; ويؤنبونهم على عدم المحاولة , والفرصة قائمة:
قالوا:ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟!..
إنه لم يكن العجز الحقيقي هو الذي يحملهم - إذن - على قبول الذل والهوان والاستضعاف , والفتنة عن الإيمان . . إنما كان هناك شيء آخر . . حرصهم على أموالهم ومصالحهم وأنفسهم يمسكهم في دار الكفر , وهناك دار الإسلام . ويمسكهم في الضيق وهناك أرض الله الواسعة . والهجرة إليها مستطاعة ; مع احتمال الآلام والتضحيات .
وهنا ينهي المشهد المؤثر , بذكر النهاية المخيفة:
فأولئك مأواهم جهنم , وساءت مصيرًا . .
ثم يستثني من لا حيلة لهم في البقاء في دار الكفر ; والتعرض للفتنة في الدين ; والحرمان من الحياة في دار الإسلام من الشيوخ الضعاف , والنساء والأطفال ; فيعلقهم بالرجاء في عفو الله ومغفرته ورحمته ..
ثم ما لبثت أحداث سبتمبر أن جاءت.. و رغم إدراكي لخطورة العواقب فقد أيقنت بالبشارة.. لقد قال الله وقوله الحق: "قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا.." .. وقول الله قانون تنفذه السماوات والأرض طوعا أو كرها.. والله قد من على عباده المؤمنين بأرض يمكن أن يهاجروا إليها .. و أمريكا تحاول منع المشيئة.. إذن .. ستنكسر أمريكا..
على أي حال شعرت أيامها بقسوة الحصار..
وهو حصار لا يمكن أن يقارن بما يعانيه هاني السباعي.. بل إن حصار هاني السباعي لا يمكن أن يقارن بحصار تيسير علوني.. كما أن حصار تيسير علوني لا يمكن أن يقارن بحصار سامي الحاج في جوانتانامو.. بل إن حصار أسرى جوانتانامو لا يقارن بحصار مباحث أمن الدولة في مصر..
على أي حال جعلني هذا الحصار أتساءل في دهشة وفي ألم:
- ألا توجد في بلد من بلاد المسلمين نخوة تكفي لإجارة هؤلاء المجاهدين؟؟..
- ألا توجد نخوة؟..
- هل انعدمت الشهامة والإغاثة والشرف؟.. لقد كان الكافر يجير المسلم والمسلم يجير الكافر وما من ناقض..
وكنت وما زلت واثقا أن الصبح قريب..
***
الصبح قريب بجهاد المجاهدين القابضين على الجمر..
الصبح قريب..
إن جميع خطط الصليبيين واليهود ستفشل عندما يواجهها إيمان كإيمان الشيخ أسامة بن لادن أو الشيخ أيمن الظواهري..
أو هاني السباعي..
لن يفشل خطط الغرب ضدنا إلا الإيمان والجهاد.. فمثل هذين العنصرين غريبان على الغرب.. لم يضعهما في حسابه.. ولا يمكن لآلياته الجهنمية أن تستمر في وجودهما.. الأمر أشبه بجهاز للكمبيوتر يستطيع أن يفعل كل ما يطلب منه طالما عمل في الجو المهيأ له.. فإذا ما سكبت عليه الماء أو أشعلت تحته النار فسد كل عمله..لأنه لم يصمم للعمل في وجود هذين العنصرين..
لن يفشل خطط الغرب تجاهنا إلا الإيمان والجهاد بكل أنواعه..
نعم .. ذلك يقلب المعادلة كلها
***
بقي هناك الكثير كنت أود كتابته عن هاني السباعي.. ولكن طال المقال .. ومع إدراكي أنني حتى لو أكتب ضعف ما كتبت لما أوفيت الموضوع حقه..
كنت أريد أن أكتب عن الدكتور محمد الغنام..وياسر السري..
كنت أريد أن أكتب عن تيسير علوني وعن سامي الحاج..
كنت أريد أن أكتب عن رجل هو أمه أشعر بالخزي والعار لعجزي عن مناصرته فمثله لا يصلح له فقرة ولا مقال..
الشيخ عمر عبد الرحمن يحتاج من شيوخ الأزهر – لا شيخه- موقفا كموقف البابا شنودة تجاه النصارى المعتقلين..
وسيكون الفرق أن الشيخ عمر من كبار المجاهدين أما من ناصرهم البابا فمن صغار الفاسقين..
لقد نزفت كل كبريائي وكرامتي و أنا أقرأ على مقع إحدى الساحات استغاثة من الشيخ يقول فيها:
أيها الأخوة الأجلاء ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :-
فإن واجب النصرة عليكم أكيد ، أن تنصروا أي مسلم أسر عند الكفار وأعداء الإسلام .. فواجب النصرة أمر حسمه الدين .. ألم يتحرك جيش إسلامي تعداده سبعون ألفا من بغداد بمجرد سماع صرخة امرأة على بعد آلاف الأميال في بلاد الأتراك ( عمورية ) ؟! وذهب هذا الجيش لينصر هذه المرأة ؛ ولم يكن إجابته على صرختها كلاما أو كتابة إنما كان جيشا يدك حصون الأعداء .. أليس الحكم الشرعي أنه إذا أسر مسلم أصبح الجهاد فرض عين على الأمة الإسلامية بأسرها لإنقاذه ؟ أليس كلام الفقهاء ينص على أنه إذا أسر مسلم بالمشرق وجب على أهل المغرب المشاركة في فك أسره وأصبح إنقاذه واجبا على جميع المسلمين ؟
والشيخ يناديكم صباحا ومساءا .. وا إسلاماه ! وا إسلاماه! فلا يجد داعيا ولا مجيبا ! فواجب المسلمين في كل أنحاء العالم فك أسر الشيخ وتخليصه من سجنه وأن هذا الأمر دين في أعناقكم وأمانة في رقابكم فعليكم أن توفوا الدين وتؤدوا الأمانة وإلا فالأمة الإسلامية لآثمة كلها ! فكيف يكون الحال إذا ما كان الشيخ من علماء المسلمين ؟ إن الأمر ليشتد قوة وعزما وإن الدين يكون ألزم والإثم أعظم .
أيها الأخوة الأجلاء .. أيها المسلمون في جميع أنحاء العالم ..
إن الحكومة الأمريكية رأت في سجني ووجودي في قبضتها الفرصة السانحة فهي تغتنمها أشد اغتنام لتمريغ عزة المسلم في التراب والنيل من عزة المسلم وكرامته ، فهم لذلك يحاصرونني .. ليس الحصار المادي فحسب ، إنهم يحاصرونني حصارا معنوياً أيضا ، حيث يمنعون عني المترجم والقارئ والراديو والمسجل .. فلا أسمع أخبارا من الداخل أو الخارج ، وهم يحاصرونني في السجن الانفرادي فيمنع أحد يتكلم العربية أن يأتي إلي فأظل طول اليوم والشهر والسنة لا أكلم أحدا ولا يكلمني أحد .. ولولا تلاوة القرآن لمسني كثير من الأمراض النفسية والعقلية .. وكذلك من أنواع الحصار أنهم يسلطون علي ( كاميرا ) ليلا ونهارا لما في ذلك من كشف العورة عند الغسل وعند قضاء الحاجة، ولا يكتفون بذلك .. بل يخصصون مراقبة مستمرة عليّ من الضباط ، ويستغلون فقد بصري في تحقيق مآربهم الخسيسة .. فهم يفتشونني تفتيشا ذاتيا فأخلع ملابسي كما ولدتني أمي وينظرون في عورتي من القبل والدبر .. وعلى أي شيء يفتشون ؟؟ على المخدرات أو المتفجرات ونحو ذلك ويحدث ذلك قبل كل زيارة وبعدها وهذا يسيء إلي ويجعلني أود أن تنشق الأرض ولا يفعلون معي ذلك ..
ولكنها كما قلت الفرصة التي يغتنمونها ويمرغون بها كرامة المسلم وعزته في الأرض ، وهم يمنعونني من صلاة الجمعة والجماعة والأعياد وأي اتصال بالمسلمين .. كل ذلك يحرمونني منه ، ويقدمون المبررات الكاذبة ويختلقون المعاذير الباطلة ، وهم يسيئون معاملتي أشد الإساءة .. ويهملون في شؤوني الشخصية كالحلق وقص الأظافر بالشهور ، كذلك يحملونني غسل ملابسي الداخلية حيث أنا الذي أمر الصابون عليها وأنا أدعكها وأنا أنشرها وإني لأجد صعوبة في مثل هذا ثم إني لأشعر بخطورة الموقف فهم لا محالة قاتلي .. إنهم لا محالة يقتلونني لا سيما وأنا بمعزل عن العالم كله ، لا يرى أحد ما يصنعون بي في طعامي أو شرابي ونحو ذلك وقد يتخذون أسلوب القتل البطيء معي .. فقد يضعون السم في الطعام أو الدواء أو الحقن .. وقد يعطونني دواءاً خطيرا فاسداً .. أو قد يعطونني قدراً من المخدرات قاتلاً أو محدثاً جنوناً .. خصوصاً وأنا أشم روائح غريبة وكريهة منبعثة من جهة الطابق الذي فوقي مصحوباً بها ( وش ) مستمر كصوت المكيف القديم الفاسد ومعه خبط وقرع وضوضاء
وطرق كصوت القنابل يستمر للساعات ليلاً ونهارا .. وهم سيختلقون عندها المعاذير الكاذبة والأسباب الباطلة فلا تصدقوا ما يقولون .. إنهم يجيدون الكذب وقد يختلقون إساءة خلقية ويستخرجون لها الصور .. فكل ذلك ينتظر منهم .. وأمريكا تعمل على تصفية العلماء القائلين للحق في كل مكان .. فقد أوحت إلى زبانيتها في ( السعودية ) فسجنوا الشيخ (سفر الحوالي ) والشيخ ( سلمان العودة ) وكل المتكلمين بالحق ، كذلك صنعت مصر ..
وجاءت التقارير القرآنية عن هؤلاء اليهود والنصارى ولكننا ننسى أو نتناسى ؛
قال الله تعالى { ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا }
{ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم }
{ كيف وإن يظهروا عليكم لا رقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون }
{ لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولائك هم المعتدون }
{ إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداءً ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون }
إن هؤلاء هم الذين يحاربون أي صحوة إسلامية في العالم كله ويعملون على إشاعة الزنا والربا وسائر أنواع الفساد في الأرض كلها ..
أيها الأخوة ..
إنهم إن قتلوني - ولا محالة هم فاعلوه - فشيعوا جنازتي وابعثوا بجثتي إلى أهلي لكن لا تنسوا دمي ولا تضيعوه بل اثأروا لي منهم أشد الثأر وأعنفه وتذكروا أخا لكم قال كلمة الحق وقتل في سبيل الله..
تلك بعض كلمات أقولها هي وصيتي لكم؛
سدد الله خطاكم وبارك عملكم.. حماكم الله.. حفظكم الله.. رعاكم الله، مكن الله لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم / عمر عبد الرحمن
***
للوهلة الأولي بادرت بتكذيب ما أقرأ..قلت لنفسي – محاولا تقليل وزري- أن هذا الأسلوب شبيه بمبالغات بعض الشيعة في أحداث استشهاد سيدي وحبيبي ومولاي ومهجتي الإمام الحسين..
كنت أشو نفسي و أخدعها.. لكن هذه الاستغاثة سرعان ما تأكدت من موقع موثوق به – هو موقع شهود- نشر تصريحات زوجة الشيخ الدكتور عمر عبد الرحمن إذ قالت زوجي يعاني ظروفا غير إنسانية في سجنه الأميركي حيث حكمت عليه الولايات المتحدة بالسجن مدى الحياة بدعوى التورط في تفجيرات نيويورك عام 1993.. قالت إن زوجها حالته الصحية تتدهور يوماً بعد يوم نتيجة أمراض مزمنة يعانيها مع عدم وجود إشراف صحي وطبي مناسب في سجنه الأميركي.
وكشفت في مقابلة نشرها موقع "شهود" الإخباري أن زوجها موجود في الحبس الانفرادي بعدما نقل أخيراً من المركز الطبي "روشستر مينيسوتا" إلى سجن على أعلى درجات الحراسة والأمن في كولورادو ومنه إلى سجن "سبرنج فيلد" وغير مسموح له بالزيارة نهائياً.
ومن جهته؛ أكد حسن مهندس الكمبيوتر والإحصاء, 24 عاما, نجل عبدالرحمن سوء الحالة الصحية لوالده ومعاناته من أمراض الشيخوخة.
وقال إن والده لا يعاني من فقدان الذاكرة وإن كانت حالته النفسية سيئة جدًا نظرًا للعزلة التامة المفروضة عليه وبخاصة عقب أحداث 11 سبتمبر، كما أن مرض السكر الذي يعاني منه وصل إلى حالة متأخرة بلغت درجة فقدانه لحساسية أطرافه في أصابع يده فلم يعد يستطيع القراءة أو الكتابة بطريقة (برايل) وهي المخصصة للمكفوفين وضعاف البصر كما كان يفعل من قبل بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم ومعاناته من أزمة صدرية حادة فضلاً عن انخفاض وزنه حوالي 80 رطلا مما يجعله يشعر دائماً بحالة من الضعف العام تعتريه.
وتحدثت عائشة عن زيارتها الوحيدة لزوجها في السجن الأميركي فقالت: "الأحوال في السجن سيئة ومتردية للغاية, وتسلط على الشيخ الضرير الكاميرات بالصوت والصورة طوال الـ24 ساعة يوميًا، كما يقوم زوجها بغسل ملابسه الداخلية".
وقالت: "لا يوجد معه من يقوم بإحضار الأشياء أو ترتيبها ووضعها في المكان الصحيح وليس معه من يكلمه أو يتكلم إليه طوال الليل والنهار وليس معه من يأنس إليه من الناس بحيث لا يوجد معه لا قريب مسلم ولا من يتكلم العربية ويبقى على ذلك طوال الليل والنهار".
وأكدت السيدة عائشة وجود تفرقة عنصرية في السجن من حيث المعاملة وقالت: "فإذا ما نادى أي سجين ضباط الحراسة أسرعوا له أما زوجي فيظل يطرق الباب لساعات ولا أحد يريد أن يقضي له ما يحتاج إليه".
وأكدت أن زوجها لم يصل الجمعة ولا الجماعة "منذ أن أتى إلى السجن الأميركي, رغم مزاعمهم عن حرية العقيدة والعبادة".
وأضافت أن "الأميركيين يصنفون زوجها ضمن المجانين، وحينما سألهم عن سبب ذلك أخبروه بأنه لا يوجد مكان غير هذا وذلك لإصابته بالأمراض النفسية، وهو العالم الأزهري الذي حصل على شهادة الدكتوراه في التفسير وعلوم القرآن بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى والذي دَرَسَ ودرَّس الإسلام قرابة أربعين عامًا".
وقالت إن زيارتها لزوجها كانت مسجلة بالصوت والصورة, مشيرة إلى أن الحراس أخبروهم "أننا لا نستطيع مصافحته بل وإن الزيارة بالكامل ستكون مسجلة بالصوت والصورة فأدخلونا من باب ودخل عبد الرحمن من باب آخر وقسموا الحجرة إلى نصفين بطاولة تجعل المسافة بيننا وبينه لا تقل عن مترين فلا تستطيع محادثته إلا بأن ترفع صوتك ليسمعك كل من يحيط بك من الحراس وغيرهم ممن أتوا بهم لمتابعة هذه الزيارة".
وعن القضايا السياسية التي اتهم فيها عبد الرحمن قالت السيدة عائشة: "لقد اتهمته سلطات الأمن خطأ في غمرة أحداث اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات وما تبعها من أحداث أسيوط لأنه قد أفتى بحل دم الرئيس السادات.. وقدم للمحاكمة العسكرية العليا في القضية رقم 7/1981م عسكرية عليا.. وتأكد للمحكمة العسكرية أنه لا صلة له بواقعة الاغتيال وأن اتهامه غير صحيح وقضت ببراءته ثم عادت سلطات الأمن إلى اتهامه خطأ مرة أخرى فنسبت إليه أنه أمير "الجماعة الإسلامية" وقدم للمحاكمة في القضية رقم 462/1982م أمن دولة طوارئ.. وثبت للمحكمة مرة أخرى أنه لا صلة له "بالجماعة الإسلامية" ولا تنظيم "الجهاد"، ولم يساهم بأي قول أو فعل في الأحداث التي اتهم أعضاء هاتين الجماعتين بارتكابها.
وأضافت أنه بعد سنوات طويلة من براءة الدكتور عمر في القضيتين المذكورتين خطب الجمعة في مسجد البلدة (مسجد الشهداء) وتجمع الناس حوله أثناء خروجه من المسجد يسلمون عليه، فاتهمته سلطات الأمن بأنه قاد مظاهرة أمام المسجد وقدم للمحاكمة، وتأكد لمحكمة الطوارئ التي نظرت الدعوة أن التهمة غير صحيحة وقضت ببراءته، وهكذا قد برئت ساحة الشيخ من كل اتهام بممارسة العنف أو المشاركة فيه على أرض مصر.
وأوضحت: "سافر عبد الرحمن إلى أميركا لممارسة نشاطه الدعوى واتخذ مقراً له مسجد الفاروق في حي بروكلين وكان طبيعياً أن يلتف الناس حوله ويؤمهم في صلاتهم، لكن اللوبي الصهيوني في نيويورك لم يرض عن نشاطه فلفقوا له اتهاماً هو وغيره من الشباب الملتف حوله بنسف مركز التجارة ومبنى الأمم المتحدة واتهامات أخرى ملفقة قضت بعقوبة السجن مدى الحياة".
وعن آخر رسالة كتبها عمر عبد الرحمن قالت: "تحدث فيها عن حصاره ماديا ومعنويا داخل السجن, فلا يسمع أخباراً من الداخل والخارج فهم يحاصرونه في السجن الانفرادي فيُمنع أي أحد يتكلم العربية أن يأتي إليّه فيظل طوال اليوم والشهر والسنة لا يكلم أحدا ولا يكلمه أحد ولولا قراءة القرآن لمسه كثير من الأمراض النفسية والعقلية".
ويقول عبد الرحمن في رسالته: "أنا بمعزل عن العالم كله لا يرى أحد ما يضعون في طعامي أو شرابي ونحو ذلك وقد يتخذون أسلوب القتل البطيء معي.
فقد يضعون السم في الطعام أو الدواء أو الحقن.. وقد يعطونني دواء خطيراً فاسداً.
أو قد يعطونني قدراً من المخدرات قاتلاً أو محدثاً جنوناً.. خصوصاً أنا أشم روائح غريبة وكريهة منبعثة من جهة الطابق الذي فوقي مصحوباً بها "وش" مستمر كصوت المكيف القديم الفاسد ومعه خبط وقرع وضوضاء وطرق كصوت القنابل يستمر للساعات ليلاً ونهاراً.. وهم سيختلقون عندها المعاذير الكاذبة والأسباب الباطلة فلا تصدقوا ما يقولون.. إنهم يجيدون الكذب وقد يختلقون إساءة خلقية ويستخرجون لها الصور".
وكشفت عن عدة محاولات للإفراج عن زوجها بالتماس قدّم إلى الرئيس الأميركي "جورج بوش" والتماس آخر إلى وزير العدل الأميركي "جون اشكروفت" والتماس إلى المسؤولين في مصر.
***
يا شيوخ الأزهر – لا يا شيخه- أما من نصرة..أما من بيان أما من إجارة.. أما من اعتصام أما من إضراب..لا يهون عليّ أن أقول تعلموا من البابا شنودة..
يتمزق قلبي..
و أستجير فهل من مجير..
ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق