الاثنين، 18 مايو 2020

حكومة الموت والحبس.. وشعب بلكونة الكوبري

حكومة الموت والحبس.. وشعب بلكونة الكوبري


تقول المحامية الحقوقية سيدة قنديل إنها تحاول أن تعرف ماهي تلك الجماعة المحظورة من النيابة فلا تعرف، وتضيف: أن الاخوان المسلمين جماعة محظورة، و٦ أبريل جماعة محظورة، واليسار ....
علي أبو هميلة                                                   تصرالحكومة المصرية على نشر المشاهد المؤلمة لنا   في كل الأوقات ولا تمل من تكرارها علينا، ثم يخرج  علينا أحد مسؤوليها ليقول لنا: "سنفعل ما نريد ولن ننظر للضحايا".
وهذا الأسبوع مليء بالمشاهد التي تدمي القلوب، ولكن بداية أتوقف عند تلك الصورة التي لفتت أنظار العالم لسيدة في السبعين من عمرها على بوابة سجن ٢ المشدد في انتظار أن تسمع خبرا عن ابنها المضرب عن الطعام منذ ٣٤ يوما!
كل يوم تخرج د.ليلى سويف أستاذ الرياضة البحتة في جامعة القاهرة من منزلها وتحمل محاليل وخطابا لتصل بها إلى السجن عسى أن يرق قلب الحاكم المستبد جنرال الدم والموت ويأمر زبانيته بدخول المحلول وتسليم خطاب لعلاء عبد الفتاح السجين بلا تهمة حتى الآن منذ مئتي يوم!
علاء عبد الفتاح واحد من شباب ثورة يناير وممن شاركوا في مظاهرات ٣٠ يونيو؛ ورغم أنه خرج قبل الاعتقال الاخير بعد قضاء خمس سنوات عقوبة التظاهر أمام مجلس الوزراء عام ٢٠١٢ فإنه الآن يقضي حبسا احتياطيا منذ ثمانية أشهر على ذمة الاتهام بالانضمام لجماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة!

ماهي الجماعة المحظورة؟

لا تسأل عن الجماعة المحظورة الآن فتلك الجماعة اتهم بها كل من يدخل السجن الآن ويتم اعتقاله!
سامح حنين صحفي يساري كان يعمل في جريدة البديل، وقبله هيثم حسن صحفي المصري اليوم، ومعهما معتز عبد الوهاب صاحب شركة إنتاج فني وشريك سامح، هؤلاء جميعا متهمون بالانضمام لجماعة محظورة؛ ورغم أن هيثم حسن عضو بحزب التجمع ووالداه من القيادات الناشطة بالحزب، وأن معتز عبد الوهاب لا ينتج سوى أفلام تسجيلية يخرجها سامح حنين بعد أن ترك مهنة الصحافة بعد إغلاق جريدة البديل منذ سنوات؛ فإن  المفاجأة كانت أن سامح حنين مسيحي، فهل هناك جماعة مسيحية محظورة؟
تقول المحامية الحقوقية سيدة قنديل إنها تحاول أن تعرف ماهي تلك الجماعة المحظورة من النيابة فلا تعرف، وتضيف أن الإخوان المسلمين جماعة محظورة، و٦ أبريل جماعة محظورة، واليسار جماعة محظورة، وكل الشعب المصري أصبح جماعة محظورة فيما عدا مؤيدي السيسي! فأية جماعة ينتمي إليها كل هؤلاء عندما يفاجئنا النظام بالقبض عليهم يوميا بهذه التهمة؟
وتصبح التهمة مأساة إذا كان النظام يقصد بها جماعة الإخوان المسلمين، لأنه في هذه الحالة يقول إن معظم الشعب المصري بكل طوائفه إخوان وبالتالي فمن حقهم الحكم في أية فرصة ديمقراطية! 
وعي الحكومة ووعي الشعب: 
ومن كارثة الاعتقال إلى الخطر الأكبر الذي يواجه الشعب، وهو الإهمال الكبير التي تتعامل به حكومة النظام مع مرض كورونا وتلك الخسائر الكبيرة في الأطقم الطبية لمستشفيات كثيرة في مصر، فخلال الشهر الماضي فقدت مصر ١٢ طبيبا و٨ من فرق التمريض واثنين من الصيادلة، وأكثر من ٢٠٠ إصابة بين الأطباء، ويتوالى إغلاق المستشفيات من الزهراء الجامعي إلى منشية البكري إلى قصر العيني الفرنساوي وهكذا تفقد مصر صفها الأول في مقاومة الجائحة.
فقدان الأطباء يعكس حجم الإصابات الحقيقية في مصر رغم محاولات الحكومة تحجيم أعداد الإصابات، وإصدار قرارات بعدم إجراء مسحات لأي مصابين، حتى للفرق الطبية، لأن مصر تجري عدد مسحات أقل من دول كثيرة في العالم.  
 الحكومة شرعت خلال الأيام الماضية في محاولات بائسة لتقليل عدد الاصابات المعلنة؛ فالحكومة التي أصدرت من قبل قرارات كثيرة دعمت فكره مناعة القطيع تحاول الأن أن تصل لمرحلة الانفتاح الكامل ورفع الحظر تحت شعار ان الاقتصاد لا يحتمل ذلك واذا سألت هل كان في مصر حظرا منذ بداية الوباء؟ والإجابة أنه لم يتم فرض حظر حقيقي منذ ٣ فبراير تاريخ أول إصابة حتى الآن؛ 
 فأي رفع للحظر تتحدث عنه الحكومة؟ لكن تلك الحكومة أعلنت على لسان كل من رئيس الوزراء ووزيرة الصحة أن ارتفاع عدد الاصابات نتيجة عدم وعي الشعب! 
ورغم أن مصر لا تعرف عددا حقيقيا للإصابات لعدم وجود تحليل مسحات حتى للمخالطين فإن وعي الشعب هو السبب!
 فهل هو وعي الشعب أم إهمال الحكومة المعتمد وعدم اهتمامها بالشعب هو السبب؟ 
كل دول العالم تحاول يوميا أن تصل إلى مؤشرات عن المرض وتدرس هذه المؤشرات وتضع قرارات حفاظا على صحة شعبها فالحكام موظفون لدى الشعب ويقومون بخدمته. أما في مصر فلا أحد في هذه الحكومة يعرف عدد الإصابات الحقيقي ولا يدرس مؤشرات ولا يصدر قرارا، ومنذ ان ألقت المسؤولية على وعي الشعب فإنه حتى بيان وزيرة الصحة التليفزيوني أصبح ورقيا! 

حال الشعب كحال سكان كوبري الملك سلمان! 

أما الشعب المصري فقد تمادى مع حكومته جدا وصدق أرقامها من أول الأزمة واعتمد نظريتها في التهوين من الوباء حتى فوجئوا بالموت في كل مكان. 
هكذا يصحو شعبنا دائما بعدما تنفجر المشكلة والآن هم لا يعرفون أين مصيرهم؟
هذا الحال يذكرنا بمحور الملك سلمان الرابط بين الطريق الدائري بالجيزة وصولا إلى المحور في ميدان لبنان الذي حاز تندرا إعلاميا محليا وعالميا، إذ نشر أحد السكان صورة للكوبري الذي يخترق شارعا في الجيزة وهو لا يبعد عن شرفات المنزل بأكثر من ٣٠ سم!
 والسؤال هل لم يعرف السكان بهذا الكوبري سوى عشية تلك الليلة الرمضانية، وهل تم صب الخرسانات في الليلة السابقة للتصوير؟ الأكيد لا، فلماذا إذن حدثت الضجة في تلك الليلة وما تلاها؟ لأننا نتعامل جميعا مع المصائب التي تأتينا من الحكومة بهذه الطريقة! 
صمت حتى تنفجر المشكلة في وجوهنا جميعا ونقع في نتائجها الكارثية؛ هكذا كان تعامل الشعب مع جائحة كورونا منذ بدايتها وحتى الوضع الذي وصلنا إليه منذ أيام قليلة بعدم وجود أماكن في مستشفيات العزل للمرض. 
كان رد الحكومة على اعتراض سكان كوبري الشرفات أو محور سلمان بنفس المنهج "وعي الشعب"! وقال وزير النقل: إن محور الملك سلمان مشروع قومي ولن ننظر إلى بيت أو بيتين ثم إنها عمارات مخالفة والعيب على الشعب غير الواعي الذي بني على أرض ليس مصرحا بالبناء عليها!
رغم أن كامل يكذب كما يكذب كل من يقترب من هذا النظام فالعمارات غير مخالفة ولها تصاريح وكل المرافق فيها، وعددها ليس منزلا أو منزلين كما قال بل أكثر من مئة عمارة؛ فإن أخطر ما في مقولة الوزير هي تلك الاستهانة بالشعب وحياته ومستقبل أولاده
 وتلك هي وجهة نظر حاكم مصر ونظامه في المصريين هم لا يعتبرونه موجودا لذا فليس مهما أن تقع على رأسه المصائب. 
أما من يقع على عاتقهم إيجاد بديل مناسب لهذا النظام. وأقصد هنا ما تبقى من القوى السياسية بعد موقعة ٣ يوليو ٢٠١٣ وما تبقى منهم خارج السجون سواء كانوا طليعة أو نخبة أو مثقفين أو ثوارا فهم الآن يخوضون معارك طاحنة بين بعضهم البعض حول مسلسل الاختيار وهل الإمام ابن تيمية كان صاحب فتاوي صحيحه أم هو مفتي القتل!
يخوضون معارك حول المنسي وهشام عشماوي وحول من سبق في خذلان الثورة. أو معارك حول جمال عبد الناصر وسيد قطب من فيهم الجاني ومن المجني عليه. هم مستمرون في معارك جانبية يفتتون فيها قواهم وكل هذا في صالح استمرار هذا النظام الذي يجيد اعتقالهم وإهمالهم حتى الموت. فمتى يهب الفقراء لنذهب إلى مصر جديدة بلا خلافات سياسية وأطماع وخيبة نخبة وطليعة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق